ابوجبيهه


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ابوجبيهه
ابوجبيهه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشيخ "مصطفى الأمين".. محاولة لاستحضار الرأسمالية الوطنية

اذهب الى الأسفل

الشيخ "مصطفى الأمين".. محاولة لاستحضار الرأسمالية الوطنية Empty الشيخ "مصطفى الأمين".. محاولة لاستحضار الرأسمالية الوطنية

مُساهمة من طرف محمود منصور محمد علي 6th سبتمبر 2014, 08:08

الشيخ "مصطفى الأمين".. محاولة لاستحضار الرأسمالية الوطنية 162507



09-05-2014 11:47 PM
الخرطوم – زهرة عكاشة 

رحلة كفاح طويلة خاضها (الشيخ مصطفى الأمين) ليصبح من أبرز الشخصيات الرأسمالية الوطنية، وربما الرقم واحد في عالم المال والتجارة بالسودان، في مرحلة ما قبل الاستقلال وما بعدها بكثير، وهو إلى ذلك شخصية وطنية شاركت بصور مختلفة في دعم حركة الاستقلال، وفي دعم وتطوير التعليم الأهلي حتى تتسع سوحه لأبناء البلاد عامة وفقرائه بشكل خاص.

علامة بارزة

شهدت المتمة في 1889م مولد الشيخ مصطفى الأمين، الذي نشأ بـ (البلو) مقر قبيلة الجعليين، ويرجع أصله إلى فرع الحمداب من جده المك محمد (مك الجعليين) وينتمي أيضاً لجعليي المسلماب من جده المك (بشير ود عقيد) آخر مك للجعليين، ترعرع في حوش خاله (عوض الكريم أبو نخيلة) الذي أصيب في موقعة أبوطليح 1885م، تزوج بنت عمه (ستنا) وأنجب منها (أدريس)، وبعد أن توفاها تزوج بأختها التومة فأنجب منها بنتين وثلاثة أولاد هم آمنة وعلوية ونصر وعثمان ومصطفى، ثم تزوج زينب وأنجب منها خمس بنات وولدين هم البشير والأمين فايزة وكوثر وحليمة وصفية ونجوى.

لم يتلق الشيخ مصطفى الأمين أي تعليم نظامي، عمل بالزراعة وتربية الماشية في المحمدابية بالمتمة في 1908م، خرج منها وهو لا يملك سوى (عشرين قرشاً) وملابسه التي عليه، وذلك بحسب عبدالله محمد، شقيق زوجته الأخيرة، الذي أضاف "الشيخ مصطفى لم يتعلم في المدارس وبالرغم من ذلك اعتمد على نفسه في إنشاء إمبراطوريته الكبيرة هذه، فهو إنسان عصامي وعرف بالاعتداد بنفسه". 

بداية من الصفر

عمل الشيخ مصطفى الأمين في مقتبل عمره بائعاً للبروش والصفائح والجوالين الفارغة، ثم عامل دريسة بالسكة حديد فتعلم الانضباط والمثابرة، واتجه بعد ذلك إلى التجارة فتاجر بالمنتجات المحلية ما بين أبوحمد وحلفا، ثم سافر إلى منطقة شركيلا بولاية كردفان وامتلك فيها محلاً متواضعاً لبيع القرض والجلود وعسل النحل وغيرها من البضائع البسيطة، وما إن ينجح فى جمع اليسير من المال حتى يعود ليخسره مرة أخرى، قال عبدالله "بعد عمله في السكة الحديد ثم بيع المنتجات البسيطة فكر في تغيير مساره التجاري، فأصبح يشتري الفول من كردفان ويبيعه لأصحاب المعاصر ثم تطور في العمل واشترى قشارة وأصبح يشتري الفول من المزارع ويبيعه مقشوراً، فتطورت تجارته وأصبح لديه العديد من القشارات في كل من (حلفا والغبشة).

تصدير الزيت

وفي عام 1924م انتقل إلى الخرطوم وبعد فترة قرر تغيير مسار عمله من الخرطوم، فهاجر إلى شرق كردفان وعمل بالزراعة المطرية فزرع مخمس في منطقة الحريزية التي تقع بين الغبشة وود عشانا، لكنه لم يستمر في هذا النشاط طويلاً فغير في 1925 لتجارة الحبوب الزيتية (الفول السوداني والسمسم) بكل من (أم روابة وشركيلا والغبشة)، ولما كان المحصول في ذلك العام وفيراً وامتلأت شوارع أم روابة بتلال الذرة صدرها لمصر حيث تغربل وتشحن من هناك إلى أوروبا، ومضى عبدالله في حديثه "وبعد أن فتحها الله على الشيخ وسع من تجارته وأسس مصنعاً للزيت ببورتسودان واصبح يصدره للخارج وهو من أوائل السودانيين الذين عملوا في تصدير منتجاتنا الزيتية للدول الأخرى لاسيما أوروبا".

معاصر بدائية ثم كهروميكانيكية

ثم توسع الشيخ مصطفى الأمين في نشاط الصادر، فمضى يصدر السمسم إلى فنزويلا في ذاك الزمان البعيد، ثم غير نشاطه مرة أخرى واتجه نحو الصناعة، فكان أول من واكب ومارس الصناعة في أطوارها الأولى البدائية إلى الطور الآلي الحديث، وفي 1930 أنشأ معصرة في شركيلا ثم الغبشة. وأصبح يمتلك أكثر من مائة عصارة بدائية في تلك المناطق وما جاورهما، ثم أدخل المعاصر الهيدرولكية الألمانية في الغبشة التي طورها إلى المعاصر الكهروميكانيكية الإنجليزية في عام 1958م بمدينة بورتسودان لتبدأ رحلة الانفتاح للعالمية، وبذلك يعتبر الشيخ مصطفى الأمين سفير الاقتصاد السوداني.

الباقير أضخم المصانع

وفي 1976 استقدم أحدث تقنيات استخلاص الزيوت في العالم عن طريق المذيبات العضوية البلجيكية، فكانت سابقة في تاريخ السودان، وفي 1980 كان أول من صدر الفول السوداني النقاوة لأمريكا وشيد في نفس العام أكبر مجمع صناعي خدمي متكامل في الشرق الأوسط وأفريقيا تحمل اسم (أبا المعتصم) في مساحة قدرها 78 فداناً بالباقير، ويتكون من (13) وحدة إنتاجية متكاملة تشمل الصابون بأنواعه المختلفة، بالإضافة إلى القشارات معاصر الزيوت، بالإضافة إلى صناعة الكرتون والصفيح والبلاستك، فضلاً عن إنشاء محطة كهرباء قائمة بذاتها، وبناء سكن متكامل للخبراء الأجانب والمهندسين والعاملين، حيث استجلب عدداً من الخبراء الأجانب للعمل بالمجمع وتدريب المهندسين والعمال الذين ساهموا في المشروعات القومية. وقال عبد الله "بعد أن كبر أبناؤه أصبحوا اليد اليمنى التي يعتمد عليها في تنفيذ مخططاته فاعتمد على ابنه الأمين في تنفيذ مصانع الباقير التي أصبحت أضخم المجموعات الصناعية فهو أول من صدر زغب القطن للمصانع الحربية المصرية، وأصبحت ألمانيا بفضله أكبر مشترٍ للأمباز والزيت، فتأسس له فيها نفوذ كبير، وهذا ما جعله يردد فخراً أن أعماله تمتد من الغبشة إلى هامبورغ".

زراعة مطرية

وفي 1984م أنشاء الشيخ مصطفى الأمين أكبر مشروع زراعي مطري في البلاد بعد مشروع الجزيرة في مساحة (نصف مليون) فدان جنوب النيل الأزرق والقضارف خصصها لزراعة (الذرة، السمسم، وزهرة الشمس)، ولما توسعت زراعته وصناعته فكر في إنشاء أسطول نقل بري متكامل ليمكنه من نقل منتجاته الزراعية والصناعية، وبذلك ربط الإنتاج الزراعي بالصناعي في نسق واحد لتفعيله، وتصدر قائمة المصدرين فكان المصدر الأول والوحيد للزيوت إلى مصر من (1964 – 1974)م.

بنوك ومصارف

غير أن الرجل كان يعد أكبر مصدري الحبوب الزيتية ومنتجاتها، فقد ساهم الشيخ مصطفى الأمين في بناء العديد من المؤسسات التجارية والاقتصادية وساهم في تأسيس المصارف الوطنية، فكان قد ساهم في تأسيس البنك التجاري الذي أصبح البنك العالمي للاستثمار ثم البنك السوداني الفرنسي والبنك السعودي السوداني.

كما ساهم في العديد من الشركات الوطنية نسبة لقوة شخصيته ورسوخ أقدامه وسط فئة التجار، وتبوأ تبعاً لذلك العديد من المناصب المرموقة، فكان زعيماً لتجار الجملة ورئيساً للتمويل بالخرطوم، ونال عضوية أول غرفة تجارية ضمت في عضويتها كبار التجار الأجانب والسودانيين في فترة ما قبل الاستقلال.

الخرطوم الأهلية

في 1944م أسس مدرسة الخرطوم الأهلية والمحال التجارية الملتصقة بالمدرسة من الخارج كاستثمارات تعينها على الاستمرار، مع عدد من التجار آنذاك، لتعليم أبناء الفقراء والمساكين من الشعب، التي أعلن لاحقا في العام 1972م تبعيتها لوزارة التربية والتعليم التي غيرت اسمها إلى مدرسة الشيخ مصطفى الأمين وحولتها إلى مدرسة نموذجية في 1997م، ويتم القبول لها من جميع أنحاء السودان، حكى عبدالله قصة إنشاء هذه المدرسة، فقال: "نبعت فكرة المدرسة عندما منحت الحكومة الإنجليزية الخواجه كمبوني قطعة الأرض التي أسس عليها مدارس كمبوني والكنيسة التي تتبع لها، وكان حينها يعمل تاجراً في زريبة العيش في المنطقه التي بنى عليها مدرسة الخرطوم الأهلية فيما بعد، وكان يباع فيها العيش والفحم والحطب، فجمع الشيخ مصطفى الأمين تجار السوق العربي الذي كان على رأسهم وأعطاهم الفكرة، وقال لهم (طالما أعطى الأنجليز الخواجة هذه القطعة، وبنى عليها مدرسة وكنيسة، نحن أبناء البلد أولى يعطونا قطعة نبني عليها مدرسة ومسجد)، وبالفعل ذهبوا إلى الحكومة الإنجليزية التي مانعت في بادئ الأمر، لكنها وافقت بعد ذلك خوفا من الشعب السوداني ومنحتهم هذه المساحة التي بُنيت عليها المدرسة والمسجد".

الغبشة ودندرو

لكن الأمر عند الشيخ مصطفى الأمين لم ينته عند هذا الحد، فأسس العديد من المدارس والمساجد في كل من المتمة مسقط رأسه بالإضافة إلى الغبشة والنيل الأزرق (مركز صحي ومسجد ومدرسة بجبال الأنقسنا)، وبورتسودان بحكم تواجده وعمله فيها وأنشأ فيها محلات تجارية أوقفها للمساهمة في استمرار المدارس ودعم المساجد، قال عبدالله "رغم ثراء الشيخ مصطفى الأمين إلا أن ذلك لم يُنسه أهله، ولا المناطق التي بدأ منها مشواره، فقد كان - عليه الرحمة - باراً بهم، سخي العطاء، كثير الإحسان، بنى لهم المدارس والمساجد، وكان يساعده في إدارة ماله وأعماله تلك أبناؤه إدريس وبشير ومصطفى، وبإيعاذ من أبيه بنى بشير مدرسة ومسجد في جبال الأنقسنا في منطقة (دندرو) جنوب النيل الأزرق، بالإضافه إلى إدارة المشاريع الزراعية التي كان يزرع مساحات ضخمة في منطقة البطانة وجنوب وشمال القضارف، ويترك جزءاً من إنتاجها للمساكين وساكني القرى والحلال التي تقع حول هذه المشاريع تأكل منها من غير مقابل".

تكريم وأوسمة

كرمت الحكومات المتعاقبة الشيخ مصطفى الأمين، ونال العديد من الأوسمة والأنواط كوسام التعليم ووسام ابن السودان البار، فضلاً عن كسوة الشرف، وفي 1984م كرمته جامعة الخرطوم لدوره الكبير في تطوير التعليم والاقتصاد، فمنحته درجة الماجستير الفخري في الآداب.

العمل الوطني

قومياً نشط في العمل الوطني فشارك في استقلال السودان، فقد كان عضواً في جمعية اللواء الأبيض وكان عضواً بحزب الأمة والساعد الأيمن للإمام عبدالرحمن المهدي، لكنه لم يكن أنصارياً بل كان من مريدي الطريقة الإدريسية.

في 1952م كان ضمن وفد السودان لمصر لمقابلة الرئيس محمد نجيب إبان ثورة يوليو، وفي 1954م شارك أيضاً ضمن الوفد السوداني لبريطانيا بصحبة الإمام عبدالرحمن المهدي واعتقل في نفس العام دفاعاً عن الاستقلال في أحداث مارس. 

اعتداد بالنفس

اتخذ الشيخ المنهج العصامي، فبنى نفسه بنفسه، إذ كان عصامياً، ويُحكى أنه عندما كان لا يملك سوى ملابسه التي عليه، فكان - عليه الرحمة - يذهب إلى قطيته ويخلع ملابسه ويلتف بثوب ويغسل ثيابه ويتركها لتجف حتى الصباح. وقال عبدالله "إن الشيخ مصطفى عصامياً بنى نفسه بنفسه، حتى أنه لا يطلب (سفة تمباك) من أي شخص، فقد كان شديد الاعتداد بنفسه". 

أوصى الشيخ أن يدفن فى أحب مكان إليه، وهو مدرسة الخرطوم الأهلية (الشيخ مصطفى الأمين- حالياً)، التي شارك في بنائها في قلب الخرطوم ليتعلم فيها أبناء الفقراء والمعدمين بالمجان، وقال في وصيته قبل أن توافيه المنية في 1988م، إن الفاتحة التي سيقرأها على قبره تلاميذ المدرسة الأبرياء هي أقرب لله من فاتحة الآخرين.

اليوم التالي
محمود منصور محمد علي
محمود منصور محمد علي
مشرف المنتدى العام و مصحح لغوي
مشرف المنتدى العام و  مصحح لغوي


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى