ابوجبيهه


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ابوجبيهه
ابوجبيهه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

+6
غريق كمبال
زهيرحسن السيد
طارق كمبال
nashi
محمد هاشم
أزهرى الحاج البشير
10 مشترك

اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 28th يناير 2010, 15:54

محاكمة القاتلة الحسناء

أرجو قراءة الموضوع رغم طوله فالقصة رائعة والقاضي والقضية أروع إنه الطيب العباسي الشاعر بن الشاعر بن الشاعر الفحول
أزهري

(القصة الواقعية للمحاكمة التي عرفت "بقضية لقيطة" وجرت برئاسة القاضي والشاعر الطيب محمد سعيد العباسي)
بقلم: أسعد الطيب العباسي
عندما أذن الزمان لشهر يونيو ليبدأ دورته في العام 1957م وفي مساء من مساءا ته المثيرة والشمس تلتحم مع غروبها النحاسي الآفل, تسورت نبيلة إبنة العاشرة حائط الملجأ ورمت بنفسها خارجه، هي لحظةُ كانت تخطط لها منذ أمد بعيد, فلم تكن نبيلة مسرورة بوجودها في هذا الملجأ القذر وكم كرهت تلك الغلظة التي كانت تبدو على وجه تلك المشرفة, ولم تحب حماقات ومشاكسات أولئك الأطفال اللقطاء الذين كان يضمهم الملجأ معها. بدأت نبيلة تركض مبتعدة عن الملجأ الذي بدا لها فى احمرار الأفق كنقطة سوداء تتباعد حتى تلاشت تماماً.
أخذت نبيلة تجوب بأقدامها الصغيرة شوارع مدينة القضارف دون هدف, فقد كان هدفها الوحيد هو الهروب من جحيم ذلك الملجأ, وعندما أخذ التعب منها كل مأخذ وأطبقت شفاهها الجافة على لهاتها اليابسة بفعل العطش وأحست بالجوع يهجم على معدتها طرقت أول باب صادفته وما أن فتح الباب حتى سقطت نبيلة عل مدخله, وأفاقت من إغماءتها وهي على فرش لم تعهده من قبل كأن حواشيه من المخمل الأرجواني, وبجوارها سيدة تنظر إليها في حنو وتحنان.. من أنت؟, ومن أين جئت يا ابنتي؟, لم تحاول نبيلة الكذب وردت عليها قائلة: هربت مساء أمس من الملجأ ولا أود الرجوع إلى ذلك المكان الذي كرهته. ورغم أن السيدة أدركت أن نبيلة لقيطة غير أنها عادت وسألتها عن عائلتها, فردت عليها نبيلة قائلة: قالت لي المشرفة على الملجأ أن أبي إنفصل عن والدتي وهاجر إلى مصر ولم يعد, وأن والدتي توفيت عندما كانت تضعني , وعندما لم يجدوا لي أهلا أتوا بي لأتربى في هذا الملجأ,هكذا رووا لى حكايتى. ثم بكت, فهدأت السيدة من روعها وهي تقول لها حسناَ يا ابنتي إني امرأة وحيدة أعيش بهذا المنزل بعد أن هجرني زوجي ولم أرزق بأبناء وأتكسب بصناعة الخبز من خلال هذا المخبز البلدي الذي شيدته بذلك الركن من المنزل وأريد أن أتخذك إبنة لي لتساعديني في العمل وتعيشي معي .فرقص قلب نبيلة فرحاً وبعد أن استعادت طاقتها بقليل من المأكل والمشرب بدأت عملها بمساعدة السيدة سكينة صاحبة المنزل وأبدت جدة ومثابرة في العمل واستطاعت أن تكسب ثقة سيدتها وعطفها في وقت وجيز, وتعرفت نبيلة على زبائن سيدتها في الحي وتفتحت عيناها على نوع جديد من الحياة ألفته بسرعة وأحبته بعمق. غير أن ما كان يقلقها ويؤذي مشاعرها أن صبية وصبايا الحي يتفادونها ولا يقبلون اللعب معها أو مسامرتها, فرغم أن نبيلة عرفت بابنة الحاجة سكينة إلا أن خبر هروبها من الملجأ وحقيقة أنها ابنة سفاح ذاع في الحي وانتشر.
مرت أربعة أعوام ونبيلة تنعم بوجودها مع الحاجة سكينة, غير أن طارئاً قد حدث فقلب حياتها رأسا على عقب, ففي صباح باكر سمعت نبيلة طرقا على الباب أفزعها, ففي مثل هذا الوقت لا يأتي الزبائن, فتوجست خيفة فربما علمت إدارة الملجأ بوجودها هنا وأتوا لانتزاعها فأسرعت ورمت بنفسها بين أحضان الحاجة سكينة فكم أحبتها ووجدت فيها حنان الأم الذي افتقدته فأخذت سيدتها تطمئنها وتعدها بأن لا قوة في الأرض تستطيع أن تنتزعها من هذا المنزل, واتجهت سكينة صوب الباب وفتحته وهي تستعد بكل ما تمتلكه من التحدي لمواجهة أي أمر يتهددها أو يتهدد إبنتها نبيلة, فإذا بها وجها لوجه أمام زوجها الذي هجرها, فقد عاد الحبيب الغائب وكأن شيئاَ لم يكن وبراءة الأطفال في عينيه, وكم أحبت سكينة هذا الغائب ولم تتغير مشاعره نحوه ف وجوده أو في غيابه وكم تمنت أن تقضي كل عمرها معه فنظرت إليه كأنما تنظر الى أجمل هدية يمكن أن تقدمها لها السماء وعندما التقت الاعين التقت على ذلك الود القديم وصارت سكينة كتلة من مشاعر الود والصفح والغفران, غير أن هذا اللقاء كان كفيلاً بأن يعيد نبيلة إلى الشارع حيث أتت, إذ لم يقبل عثمان وهو يعود إلى زوجته وجود لقيطة في منزله. فغادرت نبيلة المنزل وهي تحمل متاعها القليل وذكريات أجمل أربع سنوات في عمرها كله كان ختامها دمع تقاطر على خدها ليختلط بدموع سكينة في ساعة وداع أليمة, ومن ثم بدأت ملامح أخرى أكثر قسوة تتشكل على دروب نبيلة وعندما عادت نبيلة الى الشارع وهي لا تدري ماذا يخبأ لها القدر وماذا تفعل بها الأيام تأملت حياتها الماضية وأرهقها التفكير أين تذهب؟ وماذا تعمل؟, فغشيتها فكرة في جوف خاطر مباغت لماذا لا تجرب حظها في المدينة الجديدة (حلفا) التي أقيمت حديثاً على أرض البطانة أرض الجمال والشعر وهناك عملت خادمة بالمنازل وعاملة بمصنع السكر وفي المزارع وبائعة في سوق الخضار, وهكذا سارت بها الحياة وتقاذفتها الطرقات ولاقت من صنوف العذاب ما لاقت في هذه المدينة وكانت قد قدمت إليها وهي تمني النفس باستشراف مستقبل أفضل غير أنها لم تبارح القاع في معاناة متصلة الى أن كبرت وأضحت حسناء المدينة شابة فاتنة دعجاء العينين فارعة القوام ذهبية اللون فاحمه الشعر متكورة الصدر. لم تكن نبيلة منتبهة لهبة الجمال الذي وهبه لها الله إلا عندما أحست أن أعناق الرجال والشباب تشرأب إليها وأعينهم ترنوا إليها بنهم شديد, وكانت تعلم جيداً أن جميعهم ذئاب بيد أنها الآن بحاجة إلى رجل يسعدها ويبث جذوة عاطفته ليشعل الضرام في مفاتنها, ويبعدها عن هذا الشقاء إلى شاطئ الأمان, أنها بحاجة إلى رجل تحتمي به ويحوطها بالعناية والطف والحنان الذي طالما افتقدته منذ أن سرق منها عثمان الحاجة سكينة ومنذ أن وضعتها من قبل والدتها وهي وليدة في لفافة على قارعة الطريق, وعندما اشتدت هذه الرؤى وألحت على خاطرها قفز إلى ذهنها ذلك الشاب الوسيم الوافد إلى حلفا من الشمال ليعمل في محلج القطن, تذكرت نظراته المليئة بالحب وكلماته التي تحمل في جوفها سحرا ومحبة, تذكرت كيف كان يلقي بالكلمات على مسامعها برقة متناهية ويقرأ لها أشعار الدوبيت الغزلية وينغمها بصوت عذب تذكرته وهو يقول لها:
غَنَّايـِكْ وَقَـفْ عِنْـدَ العِيـُونْ غَلَبَـنُّو
وُعَاقْدَاتْ حَاجْبِكْ آ الدَرْعَه الكَلاَمْ خَلَبَنُّو
مَا دَامْ عَقْـلِي شِلْتِي وَقَلْبِي مَـافِي لأَنُّو
عِنْدِكْ مِنْ زَمَانْ عَـادْ الوَصِـفْ كَيفِنُّو؟!
كان يأخذها الطرب لذلك مآخذاً بعيدة ولكنها كانت تبتعد عنه فى كل مرة. غير أنها الآن تحس أن حبا بدأ ينمو فى قلبها تجاهه ، فأخذت تحدث نفسها لماذا لا تكون زوجة لهشام, إنه شاب يمتاز بطلعته البهية ويعمل في وظيفة بالمحلج وله منزل متواضع ولكنه جميل بحي المصنع,وفوق ذلك فهو شاعر وهي تحب الشعراء وتعتبرهم كائنات أثيرية وكل ذلك كفيل بإنـهاء حالة التشرد التي تعاني منـها وبإرواء أنوثتـها المتفجرة ووجدانها الوثاب. وعند أول لقاء بينهما أخذ هشام يهذي بكلمات حبه وسحر قوافيه وأخذ يقول لها:
جُزَيعِي وعَدَم صَبرِي و زَلاَزْلِي وخَوفِي
مِن سَـــــرَاجَة الدَعَجَا الوَضـــــيبَا مِقَوفِي
الخَـــــلانِي مــــِن الغَــــيرَا كَِتــــِر عَوفِي
رَيـــــدْها وعِشقــــَها البَنَـا في مَدَايِن جَوفِي
فقالت له نبيلة: أتريد الزواج بي يا هشام أم أنك تريد أن تغويني؟, قال: أتزوجك. قالت: إني بائسة لا أهل لي. قال: أتزوجك. قالت: إني لقيطة وعشت حياة اللقيطات. قال: أتزوجك. فأحست نبيلة بحب عميق يضرب كيانها والتهبت مشاعرها وشبت الحرائق في قلبها. وعندها أحس هشام أنه يسيطر على الموقف سيطرة كاملة اقترح على نبيلة أن تترك العمل وتأتي لتعيش في منزله ريثما يرتب أمر زواجهما, فبدا لها الاقتراح مريبا فرفضته ولكنه أردف قائلا سيكون الزواج في غضون أسبوع أسافر خلاله للأهل بالشمال لأخطارهم بزواجي ولن أكون معك بالمنزل سأقضي فيه هذه الليلة و سأحزم حقائبي باكراً للسفر, سأكون بغرفتي وستكونين بالغرفة الأخرى الملحقة بالسكن...صدقته...ثم رافقته لمنزله وبدأ الزمان يقرأ صفحة أخرى من كتاب مأساة نبيلة. فلم يكن هشام إلا ذئبا بشريا وكاذبا أشرا يتلفع بسحر كلماته وبراقة وعوده وعن طريق ذلك استطاع أن يستميل فتاته في ليلته تلك وتمكن منها و أخذ يعاشرها معاشرة الأزواج, وكادت نبيلة أن تذعن لهذا الأمر الواقع فهي الآن تعيش مع من تحبه وتقضي معه أحلى الأيام والليالي, وقد استقر لها المأوى والمأكل والمشرب غير أنها كانت تنتفض بين الحين والآخر وتذكر هشام بوعوده المتكررة لها بالزواج , وعندما بدأت تلح عليه فى ذلك أسفر لها هشام عن وجهه الحقيقي وتوقف عن وعوده الكاذبة ورد عليها بحسم وعنف أن أهلي لن يقبلوا بأن أتزوج لقيطة ولن أقبل لنفسي بذلك, فإما أن نعيش كما نحن أو نفترق. صمتت نبيلة صمتاً حزيناً وعزمت على أمر وهو ألا تملكه جسدها بعد اليوم أبداً وصبر هشام على هذا الهجر طويلاً آملاً أن ترضخ فتاته بحسن المعاملة وحلو الحديث وأخذ يغرقها بالهدايا ولكن نبيلة ظلت على موقفها. وفي ذات ليلة عاد هشام وقد لعبت الخمر برأسه فرأى نبيلة نائمة فأخذ يتملى حسنها ويقول:
قَصَبَةْ مَنصَحْ الوَادي الســَــــحَابُو إِدَانَا
صِبْحَتْ نَاديَه مِن وَرَتـَــــــابَا لا سَيقَانَا
القَلَلْ صَبُرنَا ونَومْــــــــــــنَا زَاتُو أَبَانَا
وَجَدْتَها غَافْيه أَعْجَبْ نَومَا مِن صَحَيَانَا
وأيقظها وهو يتمتم بكل كلمات الحب الذي يكنه لها فأزاحته بيدها قائلة: ابتعد. ولكنه كان يحمل في تلك اللحظة أحاسيسا قوية تمنعه من الإبتعاد تماما فهجم عليها بضراوة واغتصبها بعنف ثم استسلم إلى نوم متوتر واستسلمت هي الى نحيب ودموع. وفي الصباح غادر هشام إلى عمله ومن بعده غادرت نبيلة المنزل وفي نفسها عزم بعدم العودة إليه مرة أخرى, وعندما عاد هشام ووجد المنزل خلوا من نبيلة جن جنونه واجتاحته وحدة موحشة فأخذ يزرع المنزل جيئة وذهابا هكذا إلى أن أتى الليل وأوغل ولم تعد نبيلة والدجى يحمل إليه كل أسباب الأرق ويترافق معه في سهر طويل وتباريح قاسية فقال:
بَعَد مَا اللَيلْ هِدَا وَسَكَتَنْ جَنَادْبُــو صــــــَرِيخِنْ
وَلَوَشْ نَجْمُو غَرَبْ وُبُومُو زَادْ فِـــــــي نَوِيحِنْ
عُيونْ الرَمَاد لَجَنْ وَزَاد الأَسَـــــــــى تَجْرِيحٍنْ
مِن وَينْ اَجِيبْ لَيهِنْ مَنَامْ طَولَ مَعَـاي تَبْرِيحِنْ
وفجأة فغر باب المنزل فاه عن القمر, جاءت نبيلة اضطرارا فلم يعد لها في ضفاف المأوى سوى هذا المنزل فأقبل عليها هشام فاتحاً ذراعيه ليحتضنها وتسبقه كلمات الاعتذار وتمتمات الحب ولكنها كانت منهكة فانزوت عنه إلى مقعد تهالكت عليه ولم تحدثه, أغاظه صمتها فقال لها لماذا تصمتين وأين كنت؟, فلم يسمع هشام ردا ولا جوابا, فقال وقد تملكه الإستياء: ردي يا فاجرة, فبصقت على وجهه, فهاج وتحول إلى كيان من الغضب وقال لها: أتبصقين على وجهي أيتها البغي المومس؟, أتبصقين على وجه سيدك أيتها اللقيطة الهاربة المتشردة؟, ورفع كفه وأخذ يضربها على وجهها ضربا مبرحا فهبت واقفة وهي تحاول الهروب من ضربات هشام بأنحاء الغرفة, وعندما رأت في وجهه إصرارا على العنف ورأت خنجره مسجيا على المنضدة التقطته واستلته من غمده بسرعة ووجهته بعنف إلى صدره حتى غاب فيه تماما فخر هشام ساقطا على أرض الغرفة مضرجا بدمائه وسرعان ما أسلم الروح, فجلست نبيلة إلى جوار الجثة وأخذت تجهش ببكاء مر ومن ثم قررت أن تسلم نفسها إلى السلطات وبخطوات واجفة ومرتعشة اتجهت إلى مركز بوليس حلفا الجديدة وأخبرتهم وهي تتهدج بما حدث, على إثر ذلك سارع البوليس إلى مكان الحادث ورفع الجثة وتحقق منها وتم فتح بلاغ جنائي بالرقم 95 لسنة 1968م تحت المادة 251 من قانون العقوبات السوداني القتل العمد ضد نبيلة توفيق صالح وتم إيداعها الحراسة القانونية وتمت مواراة الجثة بعد التشريح وبعد أمر القاضي المختص وكتابة التقرير الطبي بأسباب الوفاة الذي قرر وجود منفذ جرحي بسب آلة حادة بعمق عشر سنتيمترات وعرض ثلاث سنتمترات بالصدر اخترق القلب وسبب نزيفا حادا أدى إلى الوفاة. رفعت البصمات عن الخنجر وتم وضعه كمعروض فى إجراءات البلاغ واكتملت التحريات التي ضمت اعترافا قضائيا من القاتلة وأعد قاضي الإحالة مذكرته بعد أن اكتملت لديه التحقيقات ومن ثم أحال البلاغ إلى المحكمة الكبرى التي ترأسها آنذاك قاضي مدينة حلفا الجديدة المقيم الشاعر الطيب محمد سعيد العباسي وعضوية كل من القاضيين بشرى الأمين مضوي ومحمد صلح النور علي.
بدأت إجراءات المحاكمة وسط حضور جماهيري طاغي اكتظت به قاعة المحكمة وكان الحضور يزداد مع كل جلسة جديدة وأخذت المدينة تتحدث جهرا وهمسا بهذه القضية والكل يتكهن ويصدر حكمه, وما أكثر ما كان هناك من تباين بين آراء الناس حول هذه القضية التي تأرجحت مابين التعاطف مع نبيلة والقسوة عليها.. نبيلة كانت تبدو مطرقة وقليلة التوتر وهي داخل قفص الاتهام وبين الحين والآخر كانت تحاول حبس دموعها فتفشل فتنثال على محاجرها...هرع إلى الدفاع عن نبيلة عدد من المحامين على رأسهم محامي بور تسودان الشهير الهادي سليم. مع بداية الجلسة الأولى أمر رئيس المحكمة المتهمة بالوقوف وسألها:-
س:- اسمك؟
ج:- نبيلة توفيق صالح.
س:- عمرك؟
ج:- 21 عاما.
س:- جنسيتك؟
ج:- سودانية.
س:- ديانتك؟
ج:- مسلمة.
س:- مهنتك؟
ج:- عاملة.
س:- مكان سكنك؟
ج:- حي المصنع.
س:- أتجيدين القراءة والكتابة؟
ج:- لا.
ثم طلب منها رئيس المحكمة الجلوس فجلست وقد إزداد توترها وبلغ قمته عندما بدأ المتحري بسرد وقائع القضية والإجراءات التي قام باتخاذها والبينات التي جمعها حول الاتهام وأهمها إعتراف المتهمة القضائي الذي سرده وأقرت به المتهمة أمام المحكمة واختتم المتحري أقواله بقوله: إنه يقدم المتهمة لمحاكمتها عن جريمة القتل العمد تحت نص المادة 251 من قانون العقوبات. وبعد أن تمت مناقشة المتحري استمعت المحكمة لأقوال الدكتور محمد عبد الحميد موسى وهو الطبيب الذي أعد التقرير الطبي بسبب الوفاة ثم استمعت المحكمة إلى خبير البصمات الذي أكد وجود بصمات المتهمة على الخنجر الذي أستعمل فى القتل, ومن ثم طلب الإتهام قفل قضيته وتم رفع الجلسة لمدة عشر دقائق لإستجواب المتهمة.
عادت الحكمة للانعقاد بعد مضي عشرة دقائق من رفعها وفور انعقادها أمر رئيسها المتهمة بالوقوف وطلب منها أن توضح للمحكمة ماتريد أن توضحه حول القضية، فوقفت نبيلة ولم يخف الإنهاك الجسدي والنفسي جمالها الأخاذ وحسنها الطاغي وبدأ الكل يتهيأ لسماع أقوال نبيلة التي بدأت حبيبات العرق تبدو على جبينها وتسيل لتختلط مع دموعها وفجأة وقبل أن تبدأ بالكلام سقطت مغشيا عليها على أرض قفص الاتهام فسارع نحوها الحرس وأمر رئيس المحكمة بنقلها إلى المستشفى وحدد جلسة أخرى لاستجوابها.
في جلسة الاستجواب الجديدة التي انعقدت بعد مضي عشرة أيام من سابقتها بدت نبيلة أكثر إشراقاً وأقل توتراً وأطلت على المحكمة بقوامها الفارع وقدها المياس وأخذت توجه حديثها لرئيس المحكمة وهي تسرد قصة حياتها كاملة منذ أن كانت بالملجأ وحتى ارتكابها لجريمة القتل بكل تفاصيلها البشعة وكانت كلماتها البسيطة وعباراتها المؤثرة والصادقة والمعبرة وقصة حياتها المأساوية سببا كافيا جعل أكثر الحاضرين يتعاطفون معها ويعبرون عن هذا التعاطف بإيماءاتهم وآهاتهم تارة وبدموعهم وبكاءهم تارة أخرى, وكانت نبيلة قد سبحت في بحر الكلام واستعادت رباطة جأشها كأنما كانت تقول مرافعة تبكي فيها ماضيها وترثي حاضرها.
فيما بعد قام رئيس المحكمة القاضي والشاعر الطيب محمد سعيد العباسي بترجمة ما قالته المتهمة في استجوابها شعرا من خلال قصيدة ذاع صيتها وطارت بأجنحة الشهرة. قال في مقدمتها النثرية:-
نشأت بين أترابها لقيطة تتقاذفها الطرقات وعندما كبرت أصبحت حسناء المدينة, بادلها شاب وسيم الغرام وقضت معه أحلى الليالي فرأت فيه شاطئ الأمان ومع مر الأيام بدأ يشك في سلوكها بلا مبرر وأصبح يشتمها ويعيرها بأنها مومس بغي ويضربها فصممت على الانتقام منه ومن المجتمع في شخصه فطعنته في صدره بخنجر فمات...
وقد عقدت محكمة كبرى بحلفا الجديدة لمحاكمتها وكنت آنذاك رئيسا للمحكمة وبعد أن استمعنا لأقوال الشهود وقفت تلك الحسناء المتهمة وقالت مرافعتها دفاعاً عن نفسها بلغتها العامية فعربت المرافعة شعرا. قالت موجهة كلامها لرئيس المحكمة:-
مولايَ سامحني ولاتَعْتِبْ إذا ** ما خانني التعبيرُ يا مولايا
واغفِر إذا كَدَّرتُ ساحة عدلِنا ** بمقالٍ مشئؤمةٍ كصِبايا
ما ضَرَّ عالمنا إذا هو لم تكُن ** فيه قرابينٌ وفيه ضحايا
فَتَحْتُ عَينِي في الحَياةِ وَحيدَة** ما قادني فيها أبوايا
أنا لم أجد أمي تُهَدهِدُ مرقدي ** أو والدي حَمَلت يداهُ هدايا
أَنَا مَا لَعِبْتُ بِحُضْنِ أُمِي مَرةً ** ما شاهدت عيني أبي عينايا
عِشْتُ السِنِينَ طَويلةً وَعَرِيضَةً** في نَبعِ أحزانٍ وفيضِ رزايا
وشقيت من هجران أترابي وما** أحلاهمو من صبيةٍ وصبايا
في ملجأٍ قذِرٍ وأدتُ طُفولَتي ** وسكبتُ في الطُرُقاتِ نورَ صِبَايا
وُخُطَايَ في الأشواك ماعادتْ**على الدربِ العسيرِ كما عهدتُ خُطايا
دُنيايَ تشقيني وتكثِرُ لوعتي ** ماذا جنيتُ أنا على دُنيايا
حتى التقيتُ به وسيماً ساحِراً ** فجَعَلتُه دون الذئابِ حِمايا
قد كنتُ أهواهُ وتهوى عينه ** عيني وتعشقُ ثغره شَفتايا
هذا مُنى قلبي وكُنتُ غريرةً ** إن الأماني بعضهن منايا
بَعْضُ الرِجالِ وكان منهم ـ سيدي ـ ** تَخِذَ النساء موائداً وسبايا
قد كان يأتيني كَوَحَشٍ جائعٍ ** وينال مني الشيئ دون رضايا
وأنا على فمِهِ بَغيٌ مومِسٌ ** وأنا بناظِرِه نتاجُ خطايا
كلماته ظلت سعيراً في دمي ** نظراته أضحتْ مُدىً وشظايا
قد كان يسقيني الهوان وهذه ** صفعاته شهِدَتْ بها خدايا
حتى إذا حان القضاءُ ولم يعُد ** للصبرِ يا مولايَ أيُّ بقايا
أغمَدتُ خِنجَرَه بِصدرٍ طالما سَكِرتْ لِضَمةِ زندِهِ نهدايا
مولايَ سامحني ولاتَعْتِبْ إذا ** ما خانني التعبيرُ يا مولايا
واغفِر إذا كَدَّرتُ ساحة عدلِنا ** بمقالٍ مشئؤمةٍ كصِبايا
هذي هي الأقدارُ هل لي حِيلةٌ ** إن طاوعَتْ أقدارَهُنَّ يدايا
أنا لست ُ مُذنِبةً ولستُ بريئةً ** فاحكُم ونفِذ ما ترى مولايا

بعد استجواب المتهمة حررت المحكمة التهمة ووجهتها للمتهمة بالصياغة التالية: (تتهمك هذه المحكمة بأنك وفي تاريخ 14\7\1968م قمت بقتل المجني عليه هشام عبدا لحميد أحمد عمداً عن طريق طعنه بالخنجر المعروض بصدره وبذلك تكوني قد خالفت نص المادة 251 من قانون العقوبات السوداني), ما هو ردك على التهمة؟, مذنبة أم غير مذنبة؟.
نهض الأستاذ الهادي سليم المحامي متصدياً للرد على التهمة نيابة عن موكلته قائلاً: ( موكلتي غير مذنبة تحت نص المادة 251 من قانون العقوبات وأن قتلها للمجني عليه كان نتاجاً لمعركة مفاجئة وان إدانتها تبعاً لذلك يجب أن تكون القتل الجنائي وليس القتل العمد, كما تقرر المادة 253 من ذات القانون).
ثم طلب المحامي بالسماح له بتقديم شهود الدفاع فجاءت إلى منصة الشهادة السيدة عواطف عباس أحمد التي كانت تشرف على ملجأ الأيتام ومن بعدها السيدة سكينة أحمد إبراهيم و أدليتا بأقوالهما وأبانتا حقيقة ما عانته نبيلة في حياتها وأضاءتا جوانب شخصيتها ومن ثم جاء للشهادة كل من خضر الماحي إسماعيل أحد العمال بمصنع السكر حيث كانت تعمل نبيلة فيه لبعض الوقت, واستمعت المحكمة لشهادة أحمد إسماعيل عبد الكريم الذي زامل المجني عليه بمحلج القطن وأوضح هذا الشاهد ما كان يرويه له المجني عليه وكيف أنه تعذب في حبها وهواها حتى أنه كان يضطر أحياناً إلى اغتصابها.
قفلت قضية الدفاع وطلبت المحكمة من هيئتي الاتهام والدفاع بتقديم المرافعات النهائية في الجلسة التالية التي انتهى فيها الاتهام في مرافعته مطالباً بإدانة نبيلة تحت طائلة المادة 251 من قانون العقوبات السوداني وتوقيع أقصى العقوبة عليها وهي الإعدام شنقاً حتى الموت بينما طالب الدفاع في مرافعته بإدانة المتهمة بالقتل الجنائي لا العمد وأخذها لأقصى درجات الرأفة والرحمة. أصبح ملف القضية صالحاً للحكم فيه وحددت الحكمة جلسة 18\9\1968م موعداً للنطق بالحكم وكان هذا اليوم يوماً مشهوداً في تاريخ محاكم مدينة حلفا الجديدة, وأخذ الجمهور يتوافد إلى مباني المحكمة منذ السادسة صباحاً وعندما تم فتح قاعة المحكمة عن التاسعة صباحاً امتلأت عن آخرها في وقت وجيز ولم يجد البعض موقعه إلا تزاحماً على النوافذ فلا مكان لموضع قدم داخل القاعة, في العاشرة تماماً اعتلت هيئة المحكمة الكبرى منصة القاعة ووقف الحاضرون قبل أن يستوي القضاة على مقاعدهم وعندها طلب رئيس المحكمة من الحاضرين أن يتفضلوا بالجلوس وأن يلتزموا الهدوء, فساد القاعة صمت عميق إلا من تهدج الأنفاس وصوت الأوراق التي كان يقلبها رئيس المحكمة وبدأت نبيلة بقفص الاتهام يلفها الترقب والتوتر وبدأ رئيس المحكم في تلاوة حيثيات القرار.
بسم الله الرحمن الرحيم
محكمة حلفا الجديدة الكبرى
حيثيات الحكم في القضية رقم 95 لسنة 1968م
محاكمة المتهمة: نبيلة توفيق صالح
المادة: 251 عقوبات
هذه القضية التي نحن بصدد إصدار حكم فيها اليوم تنبئ عن جريمة قتل غير أن ما صاحبها من تفاصيل سابقة تفصح عن قضايا اجتماعية وأخلاقية خطيرة لا نود أن تسود مجتمعنا الذي يحمل قيما نبيلة وجبل على مكارم الأخلاق فالوقوع في براثن الزنا والرذيلة يجب أن يحارب, ففيهما مكامن كثيرة للخطر وأن دعم المؤسسات التربوية كالملاجئ وغيرها والاهتمام بها هو واجب أخلاقي يجب الأخذ به, وأن رفد قيمة التكافل الاجتماعي باعتباره موروثاً أخلاقيا وإنسانيا يجب الحفاظ عليه , نقول ذلك ونحن نعلم أن هنالك العديد من الجهات الأهلية والرسمية يقع عليها عبء صيانة تقاليد المجتمع وتنقية قيمه, على أننا نشير إلى ذلك باعتبار أن هذه القضية استحوذت اهتمام الرأي العام استحواذاً ملحوظاً ويجب ألا ننكر واجبنا القضائي الذي يهدف ضمن ما يهدف إلى ردع كل من تسول له نفسه مخالفة القانون بالعقوبة التي تعود به فرداً صالحاً للمجتمع و إذا ما وقعنا عقوبة استئصاليه كالإعدام فإن في ذلك عبرة وعظة للآخرين, قال تعالى ( ولكم في القصاص حيوة يا أولي الألباب), وبذلك نسير بطريق النجاح للحد من الجرائم الخطيرة كجرائم القتل .
نعود الآن إلى قضيتنا الماثلة وهي كقضية جنائية خلت من التعقيد فوقائعها واضحة ولكن لابد من تحليل هذه الوقائع تحليلا قانونيا سليما لنصل إلى القرار الصائب حولها, فقد انحصرت وقائع هذه القضية بأنه وبتاريخ 14\7\1968م حضرت المتهمة لمركز بوليس حلفا معترفة بارتكابها جريمة قتل في حق المجني عليه هشام عبد الحميد أحمد وبعد الإجراءات اللازمة التي اتخذها البوليس تحت إشراف القاضي المختص رفعت إلينا الأوراق من قاضي الإحالة ومن ثم بدأت إجراءات هذه المحاكمة وبعد الانتهاء من قضيتي الاتهام والدفاع توصلت المحكمة للحقائق التالية:
أولاً: إن المتهمة ودون سواها هي التي قامت بقتل المجني عليه وذلك ثابت باعترافها القضائي والذي أقرت به أمام هذه المحكمة مقروءا مع بقية الأدلة التي قدمها الاتهام.
ثانياً: المتهمة كانت تعلم أن الموت هو النتيجة الراجحة وليس المحتملة لفعلها إذ إن توجيه ضربة نافذة بآلة حادة إلى القلب كما أبان التقرير الطبي لابد أن تكون قاتلة .
ثالثاً: إن واقعة القتل في قضيتنا هذه حدثت في غرفة داخل منزل ليس فيه سوى القاتلة والمقتول, عليه فإن ما حدث يشهد عليه شخص وحيد وهي القاتلة ولم نجد شيئا يعارض روايتها للأحداث عليه سنأخذ بما جاء في أقوالها باعتبارها الشاهدة الوحيدة لما حدث في تلك الغرفة.
رابعاً: نقرر وبكل اطمئنان قيام الركن المادي لجريمة القتل العمد.
والآن يثور تساؤل آخر هل تستفيد المتهمة من أي من الاستثناءات الواردة بالمادة 249 من قانون العقوبات لتنزل بنوع جريمتها من القتل العمد إلى القتل الجنائي. دفع محامي الدفاع بالمعركة المفاجئة وهي إحدى الاستثناءات الواردة بالمادة المذكورة التي تنزل بدرجة القتل العمد إلى درجة القتل الجنائي, وقد بحثنا هذا الدفع على ضوء وقائع الجريمة فوجدنا أنه لا يمكن للمتهمة أن تستفيد من هذا الدفع ولا يمكن أن ينطبق عليها حسب وقائع الجريمة الثابتة, فهذا الاستثناء الذي ورد بالمادة 249 من قانون العقوبات يشترط لانطباقه عدم استغلال المتهم لظروف المعركة المفاجئة من حيث تناسب الأسلحة والسلوك غير العادي أو القاسي, فالمتهمة استغلت ظرفا غير متاح للمجني عليه الذي كان اعزلاً وان سلوكها كان قاسياً على النحو الذي أفصحت عنه الوقائع وقد رأينا ونحن نستبعد هذا الدفع أن ندرس ما تبقى من الاستثناءات الواردة في المادة المذكورة وقد استبعدنا كافة الاستثناءات الواردة لعدم انطباقها والجدير بالدراسة هما استثناءان مما ورد في المادة 249 وهما تجاوز حدود الدفاع الشرعي والاستفزاز الشديد المفاجئ, وبعد تمحيصنا للوقائع وضح لنا أن المتهمة لم تكن في حالة دفاع شرعي عن النفس وان ما سلكه المجني عليه تجاهها لا يرقى لدرجة التخوف على حياتها منه أو الأذى الجسيم, والآن نناقش استثناء الاستفزاز الشديد المفاجئ والذي يشترط لانطباقه إتحاد عنصري الشدة والمفاجئة وأن العبرة في الإثارة الفجائية ليس بنوع الموقف أو تفاصيله ولكن العبرة بالمشاعر التي يولدها الموقف والمشهد المحيط به في نفس المتهم وبتكاتف الظروف الكافية لجعل الشخص العادي يفقد توازنه وقدرته على ضبط أعصابه كما أن الاستفزازات السابقة تولد ما يسمى بالاستفزازات المتراكمة وهي التي تجعل المتهم في حالة غليان قابل للانفجار لدى أدنى استفزاز يمسه من الشخص الذي تسبب في ذلك التراكم. كما أن ليس على المتهم إثبات دفع الاستفزاز الشديد المفاجئ وراء مرحلة الشك المعقول بل يكفي أن تنشأ الظروف والملابسات والقرائن التي ترجح صحة روايته. وقد ثبت لنا أن المجني عليه في ليلة الحادث وجه إساءات بذيئة إلى المتهمة ألحقها بصفعات على وجهها مما نعده استفزازا شديدا و مفاجئا وفقا للقانون وما جرى عليه القضاء, هذا فضلا عن أن الاستفزاز كان متراكما عليه نقرر استفادة المتهمة من الاستثناء الأول الوارد في المادة 249 من قانون العقوبات وأن القتل قد حدث نتيجة لهذا الاستفزاز.
عليه نقرر إدانة المتهمة تحت المادة 253 من قانون العقوبات.
طلبت المحكمة من الاتهام والدفاع تقديم ما لديهم من أسباب مخففة للعقوبة, فاكتفى الاتهام بالقول بان المتهمة ارتكبت الجريمة بقسوة وفظاعة لذا تستحق اشد العقوبة المنصوص عليها تحت المادة 253 وهي السجن المؤبد بينما ذكر الدفاع أسبابه المخففة وهي خلو صحيفة المدانة من أي سوابق قضائية وصغر سنها وما واجهته من قسوة الحياة ومرارتها وسلوكها النبيل وهي تسلم نفسها للسلطات بعد الحادث مباشرة.
رفعت الجلسة للمداولة حول إصدار العقوبة المناسبة وعادت المحكمة للانعقاد في ذات اليوم وأصدرت حكمها بإجماع آراء أعضائها على المدانة نبيلة توفيق صالح بالسجن لمدة ثلاث سنوات من تاريخ دخولها الحراسة في 14\7\1968م.
استقبل أغلب الحاضرين الحكم بالتهليل والتكبير وصرخوا بحياة العدالة بينما خرج البعض غاضبا وغير راض على هذا الحكم واعتبره مخففا. وجدت نبيلة نفسها بين أحضان الحاجة سكينة قبل أن ينتزعها الحرس ويتوجه بها نحو السجن.
قضت نبيلة ما تبقى لها من عقوبة السجن بعد أن تم إلغاء ربع العقوبة بواسطة سلطات السجن لحسن سيرها وسلوكها, وعادت وهي تحاول الاندماج في المجتمع وقد صممت أن تعيش عيش الشريفات العفيفات ولكن ذات مساء وجدوا جثتها ملقي بها بجوار المصنع وفي جسدها أكثر من عشرة طعنات عنيفة.
إنتهى...
أسعد الطيب العباسي
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty وقيل في رثاء الأديب الأريب سليل المجد والشعر الطيب العباسي

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 28th يناير 2010, 16:05


الشـــعرُ ينـدبُ أَوْحـد الشعراء ويُفيــض دمعاً دافـهٌ بدمـاء
و( الضاد) قد فُـجِعَت وراح عويـلها متهدجاً ويـجوب كـل فـضاء
تبـــكي الحُماة الحافظين تراثها من شـر كل مكيدة وبــــلاء
تبكي ( النبيغ) العبــقري بحــرقةٍ وبمدمـع كالــديمة الوطـفاء
تبــكي الــذي صاغ القريض قلائــداً وأساوراً للمـجد والعليـاء
وأشـاد فيه بـكل ما يُرضي العُـلى ويـقر أعــين رادة النبــغاء
شـعرٌ تـحدّر كاللهـيب محرقــاً جمع الطـغام ومعـشر اللؤمـاء
شــعرٌ يفيـض من القريـحة عـذباً كفـيض غــوارب الدأمــاء
والنـاس لو كـان الوفاء شـعارهم لـبكوا علـيك بمدمع الثــكلاء

مـاذا يقـول الشعر في قيــثاره والنعي أخـرس ألـسن البُلـــغاء
قـصم الـردى ظهر الـبيان بضربـةٍٍ تركـت فحول الشعر في إغماء
(فالضاد) قد فـقدت بـشخصك أمـة لا شـاعراً أودى من الشــعراء
الشــاعرُ الـغريـد نورٌ خـالدٌ هيـهات يطــمسه دجـى الـبلواء
والــدهرُ يقــبس من لآلـيء فـكره ليـضيء كل دُجْـــنَةٍ ظلماء
وفـم الخلود يذيـعُ مـن ألحانـه ســحراً يـرّن بمـسـمع الجـوزاء
مجـدتُ فيــك خلائـقاً ومكارمــاً وتـواضـع العلـماء والحكـماء
أكبـرت فيـك شـاعراً قـاضياً عــدلاً دون الحـق كالصخرة الصماء
ولـو لــم أرَ الناس الــذين بلوتـهم يدلـون بالأحـكام دون حـياء
لحكـمت أن الشـعر بـعدك مــرتجٌ أبـداً على البـلغاء والفصـحاء
والمـرءُ فـي الدنــيا خيـالٌ عـابر مثـل الطيـوف بأعـينِ الهجعاء
والمــوت خاتــمة المـطاف بفضــلها القـبر يخـتم آخـر الأنـباء
جــاورت ربُــك راضــياً مســتبشراً فأكـرم جــيرة وثــواء
وتركـت آلآم الحــياة لأهــلها تطــغى بـهم وتَــضُجُّ بـالأرزاء
" أبا أسعد" .." أيـوب النبي " بـعصرنا ولأنت كهف مـصائب ورزاء
فاذهـب لربــك يا وفي مخـلفاً عشـاق شـعرك فـي لـظى البرحاء

أعزز عليك بـــأن أراك مجدلاً طي الـثرى فـي الحـفرة الظلــماء
ديــوان شــعرك بعد فقــدك سـلوةٌ للرفـقة الخلـصاء والأدبــاء
وأنــا الوفــي لـكل خــلٍ صادقٍ أسـقيه مـحض الـودّ دون ريـاء
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 28th يناير 2010, 16:12

كلمة رصينة وبليغة ومؤثرة قالها الاستاذ الدكتور الحبر يوسف نور الدائم نشرتها صحيفة آخر لحظة الغراء في عددها الصادر يوم أمس الثامن من اكتوبر 2008م تحت عنوان (في وداع الاستاذ الطيب محمد سعيد العباسي) وقد جاءت كما يلي:

<BLOCKQUOTE style="MARGIN: 10px">
في آخر يوم من شهر رمضان المبارك هوى نجم وقاد وذوى غصن رطيب وصمت صوت صداح ذلكم الأستاذ الطيب محمد سعيد العباسي سليل الدوحة الطيبيةالمتالقة. مضى القارح الأرن، والفارس المغوار، والشاعر الذي لا يشق له غبار.. مضى الأديب الأريب الذي ورث الفصاحة كابرا عن كابر.. الشاعر ابن الشاعر بن الشاعر وكيف لا يكون شاعرا وابوه محمد سعيد العباسي ذو اللسان المفتوق وجده محمد شريف صاحب الرائية التي طار ذكرها في الافاق وملأت الدنيا وشغلت الناس.
فالاستاذ الطيب محمد سعيد فرع وريف من دوحة وارفة مثمرة ورث الفضل من أسرة لها في الفضل ضرس قاطع وعرق ضارب وجذع غالب. أما الشعر فهو ابن جلدته علما وتجربة واما القانون فكم له فيه من صولات وجولات تنبيك عن ذكاء لماح وقريحة مشتعلة وعقل متمرس وحجة فالقة.
سمعت بمرضه الذي مضى فيه فهرعت الى مستشفى ساهرون والقلب واجف متوجس فحياني تحية أمق محب مع ما كان يعاني من شدة ورهق فهذا ابن اخيه يوسف ود نور الدائم ونفث كلمات انا بهامفاخر مكاثر(الحبر مابقصر)وكم قد قصرنا في حقه ولكنه الفضل المتوارث والحس المرهف والشعور الدقيق. لقد كان-رحمه الله واحسن اليه وتجاوز عن سيئاته - بي معجبا وكائن نوه بي في المجالس وآخرها جلسة في قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم حتى أثار حفيظةبعضهم وغيرة آخرين. كتب الي بتاريخ 16-6-2008م اي قبيل وفاته بقليل يسألني رأيي في قصيدة رائية من بحر البسيط سماها (اللحن الأخير) فأنا عنده الحبر الأعظم العالم الجليل الأديب الفذ والفقيه الذي لا نظير له ولا تعجب على هذه الصفات الجليلة التي اضفاها علي والبسنيها فان الحب يعمي ويصم ويحول بينك وبين النظر المو ضوعي الذي ينأى بك عن المبالغ والمغالاة.
بعث الي فقيدنا العظيم بقصيدتين اثنتين احداهما في رثاء السياسي البارع الشريف زين العابدين الهندي والأخرى (بهجة الروح) والتي سماها (اللحن الأخير) وكلاهما من بحر البسيط. الأولى دالية والثانية رائية، يقول في الأولى:
أودى الشريف الذي كنا نلوذ به
ان مسنا الضر في مال وفي ولد

ويقول في الاخرى:
أما الثمانون فلا اهلا بها ابدا
أحالني مرها قوسا بلا وترِ
للأستاذ محمد سعيد العباسي وابنه الطيب رحمهما الله تعالى، شعور غريب بمر الايام وكر الليالي الذي يسلم الإنسان الى الضعف وذهاب الشباب بكل ما له من بهجة ورونق وبهاء. وأذكرك ايها القارئ الكريم بنقد الاستاذ محمد سعيد العباسي للشريف الرضي حين قال:
من لي به والدار غير بعيدة
من داره والمال غير قليل
فقال الاستاذ محمد سعيد: (مالو بدور شنو؟ كان إقول :
من لي به والدار غير بعيدة من داره وعلي برد شبابي )
ولإن بكى الأستاذ محمد سعيد وشكى من السنين التي قصرت الخطى وتركنه يمشي الهوينى ظالعا متعسرا فقد بكى ابنه الاستاذ الطيب بكاءا مرا على شبابه الذي به يصول ويجول:
وكنت ذا صولة في كل معركة
سلي شبابي ينبيك عن خبري
ينبيك ان الشباب الغض يأخذ
من غيد الحسان هواهاأخذ مقتدر

ولست في حاجة أخي القارئ ان الفت نظرك الى تكرار كلمة الشباب وقد كررها في مواضع اخرى مما يدل على الحسرة التي تأكل واللهفة التي تمض كما انك لست في حاجة الى ان يشار اليك الى تفنن الشاعر في استعمال حرف الغين في كلمتي الغض والغيد ما اراك قد غاب عن الأثر القرآني الكريم في قوله (أخذ مقتدر) وقديما كان يقول استاذنا محمد محمد علي صاحب (الحان واشجان) انه يعرف مواضع السجدات في الشعر وذلك عندما وقف عند قول محمد سعيد العباسي:
عجموه فاستعصى فلما استيأسوا
نزعوه عن فوديه نزعا منكرا
فقال: هذا موضع سجدة!!
لقد مضى الشاعر الفحل والقانوني الضليع الاستاذ الطيب محمد سعيد العباسي ونسأل الله سبحانه وتعالى له المغفرة السابغة والرحمة الواسعة وان يجعل البركة في زوجه وذريته واهله وذويه وعارفي فضله وإنا لفراقه لمحزونون ولا حول ولا قوة الا بالله.
(إنا لله وإنا اليه راجعون)
</BLOCKQUOTE>


عدل سابقا من قبل أزهرى الحاج البشير في 1st أغسطس 2010, 09:18 عدل 1 مرات
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty وكم في الدنيا من الغلابة

مُساهمة من طرف محمد هاشم 29th يناير 2010, 01:10

الرائع أزهري
إبتداءً من السطر الأول وحتى نهاية الموضوع(محاكمة الحسناء) لم أستطيع ان ارفع عيني هن الأسطر ، فهذه القصة تأخذك إلى عالم من الدراما وبمزيج من الأحاسيس والأنفعالات نجد انفسنا قد عشنا تفاصيل هذه القصة فمعاناة (نبيلة)طوال حياتها القصيرة تعكس قسوة المجتمع ككل في عدم تقبله للقطاء وإعتبارهم شيء منبوذ لايجوز الإختلاط به تعتبر بذرة تزرع في نفوس كل اللقطاء بوادر الكراهية للمجتمع
والتصوير الذي صوره الشاعر الطيب محمد سعيد بلسان(نبيلة) هو قمة الإبداع
وأكثر إبداعاً من كل هذا هو سردك للوقائع بصورة سلسة
فلك التحية والشكر على هذا المجهود الرائع ونحن ننتظر المزيد
من الإبداع
محمد هاشم
محمد هاشم
نشط مميز
نشط مميز


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 30th يناير 2010, 07:59

شكرا إبني محمد هاشم ... والذي صاغ أحداث القضية هو أسعد الطيب العباسي الذي يوثق لوالده الراحل .... وعلى فكرة الطيب العباسي هو إبن عم الشيخ عبدالمجيد الأمير ... ومحمد سعيد أخي مسمى على العباسي والد الطيب وهي أسرة دينية عريقة وكلهم يقرضون الشعر ... وفوق ذلك فهم شعراء فحول.
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف nashi 30th يناير 2010, 14:09

الاسم ما قاله فيه الربع عمو عباسي ما نظم ليه قصيدة قصيدتين
رووووعة مليار في المية وتسلم
nashi
nashi
مشرف المنتدى الرياضى
مشرف المنتدى الرياضى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 30th يناير 2010, 16:51

تسلمي بنيتي العزيزة
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف طارق كمبال 30th يناير 2010, 16:56

من منا ينتقم او يثأر لتلك الفتاة
قصة عشنا معها شعور انساني جامح وسلوك اجرام جانح
تلتقي العاطفة بالعقل
نحي الحاجة سكينا وندين زوجهاونتقاسم مع الفتاة ألمها ولانجد ماننصف به الشاب القتيل غير انه ذئب
نصفق للقاضي لاحقاق الحق
واخيرا ندين اقتيالها

ابو الزهور اختيار موفق وقد نقلتنا الى لون جديد من الابداع
التحية عبركم الى ال العباسي
دمتم


عدل سابقا من قبل طارق كمبال في 30th يناير 2010, 19:38 عدل 1 مرات
طارق كمبال
طارق كمبال
مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
مشرف إجتماعيات أبوجبيهة


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 30th يناير 2010, 17:19

شكرا لك طارق أيها العميق
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف زهيرحسن السيد 30th يناير 2010, 18:50

كنت دائما امل من المواضيع الطويله ولكن هذا الموضوع مررت عليه مرتيين ..لم احس بالملل لحظة ...موضوع جدير بالتدريس عمنا ابوالزهور
مودتي...
زهيرحسن السيد
زهيرحسن السيد
مبدع مميز
مبدع مميز


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف غريق كمبال 30th يناير 2010, 18:57

شكرا ابوالزهور على طرح هذه القضيه 00هى قضيه تستحق منا نقاش عميق بعيد عن العواطف 00سبحان الله الاسبوع الماضى كنت فى زياره لزميل دزاسه لى ومررنا معه على دار الايتام (المايقوما)وسبحان الله هى تقع قرب مدارس ضياء الدين العباسى أى فى منطقه قريبه من مدارس العباسى 000رغم المجهود الكبير الذى بزل فى هذه الدار إلا انها تجسد معاناه حقيقيه لآلاف من الاطفال اللقطاء ؟؟؟لم أكن أتخيل بان فى السودان هذه الكميه من اللقطاء 00تركت هذه الزياره جرح غائر فى دواخلى من الاسى على هؤلاء00عشت ياابوالزهور واعجبت كثيرا بالحكم الذى اصدره العباسى انه طبق روح القانون وانه قاضى متمكن 00لى عوده إنشاء الله للجوانب الانسانيه والمجتمعيه التى تضمنتها هذه القضيه
غريق كمبال
غريق كمبال
مشرف المنتدى الاقتصادى
مشرف المنتدى الاقتصادى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty ابو الزهور ...

مُساهمة من طرف عثمان محمد يعقوب شاويش 31st يناير 2010, 09:41

أنت الرائع دائماً ... انا اتابع الموضوع ولم اشعر بنفسي ... ولم اصدق بإنتهاء صفحات الموضوع ... سعدت جداً بإصدار الحكم العادل ... وحزنت جداً لوجود مثل هذه الذئاب المتوحشة بين الأبرياء والضحايا الذين لاذنب لهم على الإطلاق ... بل والضحية كانت تدافع عن شرفها ...لو كنت قاضياً لكنت أصدرت الحكم : براءة بسبب الدفاع عن الشرف ... وإنتقام للغدر والوحشية ...شكراً لك أخي ابو الزهور على هذا العرض الرائع الممتاز ..ولك التحايا دائماً أيها النادر في هذا الزمان... محبتي ...
عثمان محمد يعقوب شاويش
عثمان محمد يعقوب شاويش
مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه
مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 31st يناير 2010, 10:20

شكرا أيها الأحباب ترددت كثيرا في إدراج هذه القصة لطول الموضوع ولكني
تشجعت لسبب أني قرأت هذه القصيدة في وقت بعيد أو على وجه الدقة قرأها عليّ الأخ فضل قبل أكثر من ثلاثين عاما وبالتحديد قبل سنة 1974 لأني قد ناقشتها مع عمي وأستاذي مولانا ضياء الدين العباسي أخ الطيب الأكبرعندما كنت أعمل معة منذ عام 74 وحتى عام 79
وحفظتها على الفور لأن ذلك المكان الوحيد الذي يمكن حفظ القصيدة فيه دون الخوف عليها من الضياع ... ولثقتي فيكم وشغفكم بكل الدرر الجميلة المخبوءة في الإرث الشعري السوداني الجميل والذي لم ينل حظه من الإنتشار

لك جميعا مني صادق الود وأرق التحايا ودمتم مصدر فخرنا
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty هذه الكلمة أوالرسالة لدكتور الحبر تستحق القراءة

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 31st يناير 2010, 10:33

كلمة رصينة وبليغة ومؤثرة قالها الاستاذ الدكتور الحبر يوسف نور الدائم نشرتها صحيفة آخر لحظة الغراء في عددها الصادر يوم أمس الثامن من اكتوبر 2008م تحت عنوان (في وداع الاستاذ الطيب محمد سعيد العباسي) وقد جاءت كما يلي:

<BLOCKQUOTE style="MARGIN: 10px">
<BLOCKQUOTE style="MARGIN: 10px">
في آخر يوم من شهر رمضان المبارك هوى نجم وقاد وذوى غصن رطيب وصمت صوت صداح ذلكم الأستاذ الطيب محمد سعيد العباسي سليل الدوحة الطيبيةالمتالقة. مضى القارح الأرن، والفارس المغوار، والشاعر الذي لا يشق له غبار.. مضى الأديب الأريب الذي ورث الفصاحة كابرا عن كابر.. الشاعر ابن الشاعر بن الشاعر وكيف لا يكون شاعرا وابوه محمد سعيد العباسي ذو اللسان المفتوق وجده محمد شريف صاحب الرائية التي طار ذكرها في الافاق وملأت الدنيا وشغلت الناس.
فالاستاذ الطيب محمد سعيد فرع وريف من دوحة وارفة مثمرة ورث الفضل من أسرة لها في الفضل ضرس قاطع وعرق ضارب وجذع غالب. أما الشعر فهو ابن جلدته علما وتجربة واما القانون فكم له فيه من صولات وجولات تنبيك عن ذكاء لماح وقريحة مشتعلة وعقل متمرس وحجة فالقة.
سمعت بمرضه الذي مضى فيه فهرعت الى مستشفى ساهرون والقلب واجف متوجس فحياني تحية أمق محب مع ما كان يعاني من شدة ورهق فهذا ابن اخيه يوسف ود نور الدائم ونفث كلمات انا بهامفاخر مكاثر(الحبر مابقصر)وكم قد قصرنا في حقه ولكنه الفضل المتوارث والحس المرهف والشعور الدقيق. لقد كان-رحمه الله واحسن اليه وتجاوز عن سيئاته - بي معجبا وكائن نوه بي في المجالس وآخرها جلسة في قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم حتى أثار حفيظةبعضهم وغيرة آخرين. كتب الي بتاريخ 16-6-2008م اي قبيل وفاته بقليل يسألني رأيي في قصيدة رائية من بحر البسيط سماها (اللحن الأخير) فأنا عنده الحبر الأعظم العالم الجليل الأديب الفذ والفقيه الذي لا نظير له ولا تعجب على هذه الصفات الجليلة التي اضفاها علي والبسنيها فان الحب يعمي ويصم ويحول بينك وبين النظر المو ضوعي الذي ينأى بك عن المبالغ والمغالاة.
بعث الي فقيدنا العظيم بقصيدتين اثنتين احداهما في رثاء السياسي البارع الشريف زين العابدين الهندي والأخرى (بهجة الروح) والتي سماها (اللحن الأخير) وكلاهما من بحر البسيط. الأولى دالية والثانية رائية، يقول في الأولى:
أودى الشريف الذي كنا نلوذ به
ان مسنا الضر في مال وفي ولد

ويقول في الاخرى:
أما الثمانون فلا اهلا بها ابدا
أحالني مرها قوسا بلا وترِ
للأستاذ محمد سعيد العباسي وابنه الطيب رحمهما الله تعالى، شعور غريب بمر الايام وكر الليالي الذي يسلم الإنسان الى الضعف وذهاب الشباب بكل ما له من بهجة ورونق وبهاء. وأذكرك ايها القارئ الكريم بنقد الاستاذ محمد سعيد العباسي للشريف الرضي حين قال:
من لي به والدار غير بعيدة
من داره والمال غير قليل
فقال الاستاذ محمد سعيد: (مالو بدور شنو؟ كان إقول :
من لي به والدار غير بعيدة من داره وعلي برد شبابي )
ولإن بكى الستاذ محمد سعيد وشكى من السنين التي قصرت الخطى وتركنه يمشي الهوينى ظالعا متعسرا فقد بكى ابنه الاستاذ الطيب بكاءا مرا على شبابه الذي به يصول ويجول:
وكنت ذا صولة في كل معركة
سلي شبابي ينبيك عن خبري
ينبيك ان الشباب الغض يأخذ
من غيد الحسان هواهاأخذ مقتدر
ولست في حاجة أخي القارئ ان الفت نظرك الى تكرار كلمة الشباب وقد كررها في مواضع اخرى مما يدل على الحسرة التي تأكل واللهفة التي تمض كما انك لست في حاجة الى ان يشار اليك الى تفنن الشاعر في استعمال حرف الغين في كلمتي الغض والغيد ما اراك قد غاب عن الأثر القرآني الكريم في قوله (أخذ مقتدر) وقديما كان يقول استاذنا محمد محمد علي صاحب (الحان واشجان) انه يعرف مواضع السجدات في الشعر وذلك عندما وقف عند قول محمد سعيد العباسي:
عجموه فاستعصى فلما استيأسوا
نزعوه عن فوديه نزعا منكرا
فقال: هذا موضع سجدة!!
لقد مضى الشاعر الفحل والقانوني الضليع الاستاذ الطيب محمد سعيد العباسي ونسأل الله سبحانه وتعالى له المغفرة السابغة والرحمة الواسعة وان يجعل البركة في زوجه وذريته واهله وذويه وعارفي فضله وإنا لفراقه لمحزونون ولا حول ولا قوة الا بالله.

(إنا لله وإنا اليه راجعون)
</BLOCKQUOTE></BLOCKQUOTE>


عدل سابقا من قبل أزهرى الحاج البشير في 1st أغسطس 2010, 09:22 عدل 1 مرات
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف طارق كمبال 31st يناير 2010, 13:09

اللهم ارحم العباسي واغفر ل ال العباسي
ومتع عالمنا الحبر نور الدائم
وشكرا كثيرا ايها المبدع
طارق كمبال
طارق كمبال
مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
مشرف إجتماعيات أبوجبيهة


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف عثمان موسى آدم 31st يناير 2010, 14:27

..وها انت تعيد تجربة الاحساس المرير بالتجارب الانسانية المفعمة بالحزن..بيد هذه قصة واقعية تحس بضربات قلب المظلومة المكلومة نبيلة وحبات العرق الباردة تؤكد مايعتمل بدواخلها شردت وعذبت وحرمت من معايشةالمجتمع وفقدت الحبيب بيدها قسرا((فى زمن الجاهلية الاولى))وكان يكثر اللقطاء ولكن هذه ماساة .. نشكرك ابو الزهورعلى هذا الاختيار الموفق ..
لقد قرأت كتاب لقيطة وانا فى اولى متوسطة..للكاتب محمد عبدالحليم..وقد بكيت على هذه القصة الدرامية المأساوية بحرقة وبعد ان شاهدت القصة مسلسل حتى لا يفسد متعة التشويق ومعايشة القصة فى ذاك الزمان1973م
وقد ابدع الذى اختار الموضوع ابو الزهور ابوالورود الودود وابدع الذى سرد المقال والذى ارخ ووثق وتجسيد الملحمة التراجيدية فى ابيات شعرية إنها لوحة جميلة رسمها الاب واطرها الابن..
كانت هناك مجلة القضاء الدورية بها قصص واقعية محزنة ..ولنا لقاء فى ذاك الاطار إنشاء الله..
ولكم ودى


عدل سابقا من قبل عثمان موسى آدم في 31st يناير 2010, 14:41 عدل 2 مرات

عثمان موسى آدم
نشط مميز
نشط مميز


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 31st يناير 2010, 14:34

نعم بالطبع أعادت هذه لقصة لذهني كتاب الرائع محمد عبدالحليم ...وروائعه الأخرى كشجرة اللبلاب ... ولكن يبقى قصته لقيطة أو ليلة غرام من الكتب المهمة ومن بعد شاهدت المسلسل والذي أبدعت فيه الممثلة زيزي البدراوي وهو من أوائل المسلسلات التي شاهدتها في حياتي وما زال يرن في أذني الحوار الذي يبدأ به المسلسل ... شكرا عثمان وشكرا لكم جميعا أحبتي ...
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف عوض السيد ابراهيم 31st يناير 2010, 16:32

قصه أليمه تحمل فى طيّاته حكما قاسيا لمن لا ذنب لهم.
بدت حيثيات القصه التى بطلتها نبيله اللقيطه ولكن أى ذنب جنت؟
كادت حياتها ان تتغير بعد عاشت طوال أربعه أعوام مع الحاجه سكينه الا ان زوجها الذى اتى بعد طول غياب لم يتوانى فى اعادتها للشارع مره أخرى.
حاولت سكينه ان تعيش شريفه وعفيفه الا أن ذلك الذئب الذى يدعى هشام أوقعها فى براثن خداعه بعد ان وعدها بالزواج.
هشام نموذج السئ للشباب الذين ينتهكون أعراض المحصنات وهكذا كانت نهايته.
القاضى رجل جرئ وأمين فيما راه من تخفيف الحكم على نبيله.
القصه فى مجملها مؤثره ومؤلمه.
أشكرك ابو الزهور على هذه المساهمه وهذه النقله وتسليط الضوء على هذه الشريحه من المجتمع
عوض السيد ابراهيم
عوض السيد ابراهيم
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف الفاتح محمد التوم 9th فبراير 2010, 04:11

كتبهاابوبكر يوسف أبراهيم ، في 30 سبتمبر 2008 الساعة: 02:43 ص وخبا نور فرقد أنار لنا بعد أن كان يتوقد ويهدي السبيل في عتمات الليل البهيم .. إلى جنات الله أبا أسعد
مزهر الشعر الخلوب أنت سرٌ في الغيوب ..!!
أنت نورٌ كان يهمي فـي دياجير الدروب
فكرك الجبار وحيٌ سال كاللحن الطروب
أنت فـذٌ عبـقريٌ جـاء بالسحر العجيب
أنت لحنٌ سرمديٌ جال في الكون الرحيب
عـشـت دنياك حراً منـشداً كالعندلـيب
أنت صيداح ؛ تغـنى فوق أغصان القلوب
تنشر الأنـغام.. نشراً لتكن سلوى.. كئيب
أنت نايٌ لحـزينٍ يتــسلى في الكروب
يمطر السلوان مـنه كسنا البدر الصبيب
تنـفث السحرَ كبرءٍ لجراحات .. الندوب
و العباسيات .. مشعل الفـكر الغضوب
وبها نـغمٌ عجـيب سـرى بين الشعوب
كحمـيّا قد تمـشت فـي سلـيمٍ بدبيـب
نجمك الوضَـاح مؤتلق لفَّـه ليل الغروب
فتـوارى قـبل حـينٍ وتقضَّى .. بالنحيب
وكأن الدهر يخشى منك - تحيا- كالرقيب
وذوى غصـنك فارعاً فتثـنى .. بالخطوب
نغمة العشاق أنت فـي ديـاجيرالـشحوب
واحـة الشـعر دهـتها سافـيات كالنكوب
صـوّحت فيها زهـورٌ وغدت نهب هبوب
إنما شــعرك وقدٌ يتـظلى .. كـالحروب
أستاذي الأزهري : المضحك المبكي في هذه القصــة التي أوردتها,,,, ويقيني أن من يقرأها سيكتشف الكثير المثير الخطر الذي يحيط من كل جانب بمجتمعنا السوداني الحبيب ,,, " اللقطــاء و التشرد "مسلسل قديم محزن مفجع في بلادنا, ووآدٍ يرتع في مشاربه ضعاف النفوس ومنزوعي الإنسانية و البركة ,,,حينها تضيع الهوية وتنحط القيم ويخيم البؤس على كل الأشياء ,,,,,بلا توقف ,,ولا هواده ,,, أما أستاذنا وشاعرنا العباسي " يرحمه الله" فهو قمة الأدب ومنبع النقـــاء ومثلً أعلى لكل القضاة,,, حدثني صديقي أمير ونحن في الشيخ الطيب أنه كان يجهش بالبكاء ويتلبسه الهم, قبل أن يدخل الى محاكمة أو جلسة أو مرافعة و يدعو الله ,ويهمهم ويدمدم كما الطفل الصغير,,رغم حنكته وبعد نظره و إلمامه بالقانون,,, يرحمك الله أيها الطيبي الطاهر النقي الورع ,, وكان الله في عون " اللقطاء" الذين لا ذنب لهم, ,, ,,دون إذن منهم, وجدوا أنفسهم هكذا,,, بلا دليل أو سبيل للعيش الكريم ,,,,,,,
أستاذي الأزهري لك التحية مع عميق مودتي ..
,,,,,

الفاتح محمد التوم
مشرف المنتدى السياسى
مشرف المنتدى السياسى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 9th فبراير 2010, 07:47

شكرا عوض السيد وشكرا الفاتح لكلماتكم المعبرة لقد قدمت الأسرة الطيبية نماذج رائعة للشعر السوداني وما زالت وإن كانت أسرة العباسي ورثت خلافة الشعر الطيبي دون منازع فلقد برز أيضا إبن عمهم الناصر قريب الله .... مروركم أثار فيّ الغبطة والسعادة.
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف عوض السيد ابراهيم 9th فبراير 2010, 08:06

ما زلنا ننتظر اختياراتك البديعه
عوض السيد ابراهيم
عوض السيد ابراهيم
مشرف المنتدى العام
مشرف المنتدى العام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 9th فبراير 2010, 08:18

إبشر أيها الكريم
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف الفاتح محمد التوم 28th يوليو 2010, 21:04

شذور مختلفة حول الأدب .....
المدن السودانية في شعر محمد سعيد العباسي 1- 3.....
بقلم :أسعد الطيب العباسي
( الأبيض _ عروس الرمال )

عروس الرمال هي مدينة الابيض لأن أرضها بيضاء رملية وأجمل ما تكون في أيام الخريف بعد نزول الأمطار فتخضر الأرض وتنبت بها الأعشاب ويكون لأشجارها خصوصاً التبلدي جمال وروعة. يقول العباسي في عصمائه عروس الرمال وذكرياته فيها : -
أرى النوى أكثرت وجدي وتذكاري وباعدت بين أوطاني وأوطاري
وألزمتني عن كره مصائرها هذا الترحل من دار الى دار
فارقت بالأمس فتياناً كانهمو في الجود إما تباروا خيل مضمار
كأنما أرضعتهم أمهاتهم غيظ العدو وبر الضيف والجار
أفدي الأبيض أفدي النازلين بها مثوى الأكارم أشياعي وأنصاري
شادوا بذكري ولولاهم لما عشقت هذي المحافل آدابي واشعاري
من كل ندب كريم الطبع ذي خلق سمح وليس بنمام ولا زاري
أوفي الأخلاء في الجلى يضاق بها ذرعاً وان هيج فهو الضيغم الضاري
شروا من الحمد ما يبقى وغيرهم باع الكرامة عن زهدٍ بدينار
لو كنت كإبن الحسين اليوم صغت لكم ما قد أفاء على بدر بن عمار
إن الذي قد كساكم من صنائعه ثوب الفضيلة عراكم عن العار
ثم ينزلق العباسي الى ذكريات حملت من العشق والغزل والوله فألبسها ثوباً شعرياً منمقاً ومموسقاً يطرب له الوجدان وتهتز له الأفئدة ففيه من صور التشبيه وإفصاح المباشرة الكثير والعجيب وهو يتحدث عن ليلى تلك السيدة المهذبة والأديبة التي التقاها بالأبيض حيث موطنها كما يقول في قصيدته وفي إحدى حواشيها يقول:-
هل من رسولٍ الى ليلى فيبلغها عني تحية إعظام وإكبار
لم أنسها إذ سعت نحوي تودعني أستودع الله منها خير مختار
في ليلة لم ينم إلا الخلي بها ألقت على الناس والدنيا بأستار
سعت إليّ وفي لألاء غرتها نور ذممت لديه الكوكب الساري
فيالها زورة جاد الحبيب بها وساعة تشترى منه بإعمار
ورد حبتنا به الجنات مؤتلقاً من صنع ربك لا من صنع آذار
وقد ظلمناه ان جئنا نشبهه بفارة المسك أو بالمندل الداري
يا قبلة ما أحيلاها بهمهمة فيها معاني ابن زيدون وبشار
فهل لليلاي ان تولى الجميل بها ولو كنغبة عصفور بمنقار
مُنىً قضينا ولم نظفر بها ولقد كانت ترى وهي مناقيد أشبار
************ ********** *************




الفاتح محمد التوم
مشرف المنتدى السياسى
مشرف المنتدى السياسى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

محاكمة الحسناء القاتلة  .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون Empty رد: محاكمة الحسناء القاتلة .. الطيب العباسي هدية الأدب للقانون

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 29th يوليو 2010, 08:38

ورد حبتنا به الجنات مؤتلقاً من صنع ربك لا من صنع آذار

لو كنت كإبن الحسين اليوم صغت لكم ما قد أفاء على بدر بن عمار

يا قبلة ما أحيلاها بهمهمة فيها معاني ابن زيدون وبشار


أصبتنا يا فاتح في مقتل .. فللشعر سطوتة وسحره الذي يهز الأعطاف ويأسر الوجدان .. ما أجمل وأعمق هذا الشعر ولقد إخترت الأبيات االثلاثة على عجل لأني مشغول وكنت أملك أن أعود لك بكل بيت في هذه الرائعة لذكرى قصيدة أخرى عصماء من عيون الشعر وهذا يدل على تملك العباسي لإرث الشعر العربي قديمه وحديثه بالرغم من ندرة الكتاب والنشر في زمانه ..
البيت الأول أعادتني للقصيدة الجميلة لأمير الشعراء شوقي :
آذار أقبل قم بنا يا صاحِ ... حيّا الربيع حديقة الأرواح وهي في وصف الربيع فما أجمل ذاك الورد التي أهدته المحبوبه لشاعرنا ليلا إن أرجعنا الأمر لععناه الحسي وهو أبعد من يدور بخيال الصنّاجة.
البيت الثاني أعادني لصبا المتنبئ ومدحه الذي خلّد فيه بدر بن عمار بن إسماعيلا :
في الخد إن عزم الخليط رحيلا * مطرٌ تزيد به الخدود محولا
وجمع في البيت الثالث كل معاني بشّار وإبن زيدون ..... كان الرجل ذو ثقافة شعرية عالية ولا غرو إن حُسب من أهم شعراء العصر الحديث على الإطلاق.

أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى