ابوجبيهه


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ابوجبيهه
ابوجبيهه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عادل حمودة والسودان.. والمهلّبية! -- مصطفى عبد العزيز البطل

اذهب الى الأسفل

عادل حمودة والسودان.. والمهلّبية! -- مصطفى عبد العزيز البطل Empty عادل حمودة والسودان.. والمهلّبية! -- مصطفى عبد العزيز البطل

مُساهمة من طرف nashi 8th سبتمبر 2010, 08:09

غربا باتجاه الشرق

عادل حمودة والسودان.. والمهلّبية!

مصطفى عبد العزيز البطل

mustafabatal@msn.com

___________

(1)

وفقاً للموسوعة الحرة العالمية "ويكيبيديا" فإن الصحافي والكاتب والمؤلف المصري عادل حمودة يعتبر (واحد من الأساتذة الكبار في الصحافة المصرية، حيث تربَّت على يديه عدة أجيال من الصحافيين المتميزين وصناع الصحف). وقد عمل عادل حمودة رئيساً لتحرير مجلة "روز اليوسف"، الشهيرة، ورئيساً لتحرير صحيفة "الفجر"، ورئيساً لتحرير صحيفة "صوت الأمة". كما انه حمل لعدة سنوات صفة "كاتب بصحيفة الأهرام"، وهي صفة رفيعة لا يحملها في مصر إلا صفوة متميزة من عتاة المثقفين. وللرجل عبر العقود الأربعة الماضيات، إسهامات صحافية باهرة تتحدث عن نفسها، تمتد على مدى البصر الصحافي والثقافي المصري والعربي. ويجمع عادل حمودة فى نشاطه الصحافى بين صنفين من أصناف الكتابة. الاول هو الكتابة السياسية والثقافية الجادة، اما الثانى فهو الكتابة الصحافية الفضائحية. ولا غرو ان كانت أهم واشهر واكثر مؤلفاته من الكتب توزيعاً هى كتبه المعنونة: " بنات العجمى"، "الحب على شاطئ سياسى"، "حكومات غرف النوم"، و "بنات مارينا"! ولأن للرجل غرام شديد بقصص النساء وحكايات ما بعد منتصف الليل فان الصحف التى يرأس تحريرها تحمل بصفة مستديمة زاوية شهيرة رائجة بعنوان "بورصة الأخبار"، تتضمن الكثير من فضائح واشاعات الوسط الفني المصري!

ومن الطبيعي أن تكون لشخصية مؤثرة وفاعلة في قواطع حيوية من مسارات الحياة الإعلامية، مثل عادل حمودة، مواقف خلافية حادة ومثيرة للجدل. فلا عجب إذن إن شهدت المحاكم القضائية في مواجهته قضايا خطيرة شهيرة، ملأت الدنيا وشغلت الناس، تولت كبرها رموز ساطعة في وزن شيخ الأزهر ومن هم في مقامه. ولا مشاحة - والحال كذلك - أن يكون لعادل حمودة خصومٌ أقوياء، يشدّدون عليه النكير ويكدّرون صفاء أيامه. من هؤلاء شعراء من ذوي العارضة. وعداوةُ الشعراء بئس المقتنى. فما بالك بأن يكون عدوك الشاعر أحمد فؤاد نجم، الذي استكثر على حمودة صفة "كاتب بالأهرام"، تساويه مع هيكل واحمد بهاء الدين واحسان عبدالقدوس وغيرهم من العمالقة. كتب نجم في هجاء حمودة واحدة من أشهر قصائده، وهي قصيدة "اليويو"، وقد جاء في بعض أبياتها: (يا واد يا يويو يا مبرراتي/ يا جبنة حادقة على فول حراتي/ يا واد يا يويو يا مهلبية/ فوق الصواني سايحة وطرية/ حسب الوظيفة انت وشطارتك/ لو خفّضوك ترفع حرارتك/ لو صعّدوك تقلب جيلاتي/ ليه النهارده بترش بدرة؟/ يا ابن الأبالسة يا ملطفاتي).

وفي الوجه الظاهر فإن نجم يعاتب في قصيدته عادل حمودة بسبب سلوكه الانتهازي المفترض ومواقفه السياسية اللامبدئية المتقلبة. ولكن العارفين بالعوالم السفلية للصحافة المصرية يقولون إن نجم كتب القصيدة في فورة غيظ وسورة غضب، رداً على قرار كان قد أصدره عادل حمودة، لسبب ما، وهو يمارس سلطاته كرئيس للتحرير، بوقف نشر حلقات كتبها أحمد فؤاد نجم، كانت "روز اليوسف" تنشرها تحت عنوان: "مذكرات الفاجومي". سبحان الله. وما علاقة ذلك بما نحن فيه؟! ألا قاتل الله الاستطراد وغواياته، التي ما تلبث أن تنحدر بنا الى مهاوي النميمة. ولكن هذا ، ان شاء الله، مقال جاد في صحيفة محترمة، وليس مجلس نميمة!

(2)

آخر ما أنشده غداة يومي هذا أن أضم اسمي الى قائمة السوادنة من المدمنين على إثارة الغبار وافتعال الشجار، بغايةٍ وبغير غاية، مع كل مصري يكتب حرفاً عن السودان بلداً وشعباً، وتاريخاً وثقافة. ولبعض أهل السودان حساسية مفرطة تجاه الكتابات المصرية التي تتناول بلادنا. ولذلك فإنه يكدرني غاية الكدر أن أجد نفسي، وأنا على مبعدة أشهر قلائل من نشر مقال كتبته أدفع فيه مغالاة الغالين وأصدّ تعديات العادين عن كاتب وباحث مصري صديق متخصص في الشؤون السودانية، أن أجد نفسي ممسكاً بتلابيب كاتب مصري آخر، هاتفاً في وجهه بأن يتركنا وشأننا، وأن يكف عن الكتابة عن السودان وشعبه وتاريخه وثقافته!

في نهاية يونيو الماضي 2010م صدر عن "دار الشروق" بالقاهرة كتاب (ثرثرة أخرى فوق النيل - رحلاتي إلى منابع النهر: اثيوبيا، يوغندا، السودان)، تأليف الأستاذ عادل حمودة. الموضوع الأساس لكتاب حمودة هو مياه النيل والصراع بين دول المنبع ودول المصب. وفي سبيل إنجاز هذا العمل قام المؤلف بزيارة بعض دول المنبع الإفريقية، وضمّن كتابه عدداً من المشاهدات والانطباعات التي سجلها أثناء زيارته لاثيوبيا ويوغندا والسودان. الى جانب ذلك فقد أورد المؤلف عدداً من المعلومات التاريخية، التى نقف عليها للمرة الأولى، بسبب انها لم ترد قط في أي مصدرٍ آخر، إذ لم يقل بها - قبل حمودة - إنسٌ ولا جان.

هل سمعت قط - أعزك الله - ان الرئيس جمال عبد الناصر كان قد قرر إعلان الحرب على السودان لإرغام الرئيس السوداني إبراهيم عبود على الرضوخ لقرار مصر بشأن بناء السد العالي، خاصة وأن الفريق عبود - بحسب حمودة - كان قد صرح في مبتدأ الأمر بأنه غير راضٍ على مشروع بناء السد العالي والآثار المترتبة على السودان من جراء تنفيذه؟! السيد/ حمودة يؤکد لنا في كتابه جدية عبد الناصر وعزمه الأكيد على خوض الحرب، ويفيدنا بأن حالة الاستعداد القصوى كان قد تم إعلانها في أوساط القوات المسلحة المصرية، وأن طوابير الناقلات العسكرية الناقلة للمدافع والمدرعات والمجنزرات العسكرية توجهت الى منطقة اسوان استعداداً للقتال. ولا تخالج حمودة ذرة شك في أن حكومة السودان ما كانت لتوقع اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه النيل في نوفمبر 1959م، لو لم تكن قد شعرت بقوة مصر العسكرية!!

ويُعلمنا حمودة، بكلماتٍ حواسم مثل حد السيف، أن حقوق مصر في النيل ليست منحة أو منة من أحد، ولا هي فضل أو فضلة، بل إنها حقوق أصيلة وراسخة. ويؤكد لنا أن ما تحصل عليه مصر حقٌ ثابت لها بمقتضى معاهدات وبروتوكولات يسندها القانون الدولي، وفي مقدمتها بروتوكول روما الموقع بين بريطانيا وإيطاليا في 1891م، ومذكرات التفاهم بين بريطانيا وإيطاليا لسنة 1935م التي تعترف بمقتضاها ايطاليا بحقوق مصر في مياه النيل الأبيض والنيل الأزرق، وصولاً الى اتفاقية الأمم المتحدة للاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية التي تؤمن بدورها حقوق مصر الثابتة في مياه النيل. ويريد حمودة من الحاضر في دول المنبع والمجرى أن يبلغ الغائب بأن الطبيعة لها سطوتها وجبروتها وإرادتها المستقلة، وانه لا توجد قوة في الأرض تستطيع أن تمنع اندفاع المياه من هضاب المنابع المرتفعة، مروراً بالمجاري المنبسطة، وصولاً الى المصب الطبيعي، وان من تسوّل له نفسه الوقوف امام هذا المد الطبيعي الرباني الذي لا يُحابي مصيره الغرق! ومع ذلك فإن حمودة لم ينسَ ان ينبّه حكومة بلاده لأن تظل متيقظة، وإلا تغفل عن مؤامرات أصحاب المصالح، وان تذكر دائماً أن مصر هبة النيل.

ويقدم عادل حمودة فى كتابه حقائق تاريخية بالغة الخطر (!!) فنحن نعرف على سبيل المثال للمرة الاولى ان بريطانيا ومصر جيٌّشتا حملة كتشنر باشا لاعادة فتح السودان عام 1898 بهدف حماية مجرى النيل وتحريره من قبضة " الهمج " من انصار المهدى الذين ربما كانوا يخططون للسيطرة على النيل ثم البحر الاحمر ويسعون الى قطع الطريق الى الهند!!

(3)

وللأستاذ عادل حمودة أن يكتب تاريخ بلده على الوجه الذي يشاء، وان يدافع عن حقوقها في مياه النيل كيفما اتفق. وما اكثر الكتب التي تقذف بها مطابع المحروسة الى المكتبات فما تطالع في وريقاتها غير الخربقات والطربقات، والتخاليط والأغاليط. ولكن قضيتنا مع حمودة تبدأ عندما يشرع الرجل في الكتابة عن السودان وتاريخه الحي الذي ما زالت شرايينه تنبض في جسد الوطن. خص الرجل بلادنا بفصلٍ كامل، هو الفصل الثاني عشر. وهذا الفصل قصيدة أولها كفر وآخرها كفر. وقد اختار لهذا الفصل عنواناً: ( بانت السودان على بعلها المصري). ولا أعرف توصيفاً للعلاقة بين مصر والسودان يفتقر الى الحساسية ويجنح الى السخف، مثل تصويرها وكأنها علاقة زوجية، تكون فيه مصر هي البعل ويكون السودان هو المبعول. والذي يعرف طبيعة المكونات النفسية والثقافات الاجتماعية السائدة في البلدين يصعب عليه للغاية أن يغض البصر عن المغزى المستتر أو يتجاوز شبهات الخبث في مثل هذا التوصيف. والعنوان مشتق من عبارة وردت في مذكرات الجنرال "غردون" جاء في ترجمتها العربية: (إن السودان امرأة بانت على بعلها المصري، فإذا أرادت أن تتزوجه ثانية فدعها تفعل ذلك ليكون لنا معها شأن آخر فيما بعد). ويزيد الأمر ضغثاً على إبالة انك لا تجد أية صلة تذكر بين معنى هذا العنوان ومدلوله من ناحية، وبين محتوى الفصل الثاني عشر ومضموناته من ناحية أخرى، الأمر الذي يستدعي التساؤل ويعمقه، ويمنحه مشروعيته.

غير أن أكثر ما قد يقلقك في متن الفصل الثاني عشر الذي خصصه المؤلف للسودان، هو حجم الجهالة الجهلاء والضلالة العمياء التي تشف عن كثير من الخبال الذي تقرأه فتذهل وتضرب كفاً بكف. ومما يثير الاستغراب حقاً صدور مثل هذه الهذر الهاذر عن مثقف لامع وصحافي رفيع يُعد من رموز الواجهات الإعلامية في بلده. وتأخذ بلبك الحيرة أن رجلاً يأنس في نفسه تأليف كتاب عن السودان، ثم يتبين من السطر الأول انه يفتقر الى المعلومات الأساسية الاولية، وتعوزه المعرفة بتاريخ مشهود ومعاش وقريب للغاية أوراقه وشخوصه وحادثاته متاحة بغير مال ولا جهد.

(4)

انظر، يا رعاك الله، وتأمل كيف يكتب الأستاذ عادل حمودة عن الرئيس السابق جعفر نميري وخلفيَّة قيادته لانقلاب عسكري في مايو 1969م. وتراه هنا يحكي بثقة الخبير ويروي بيقين العارف، ثم لا يقدم على ما يزعم أدلة ولا شواهد، وما حاجته الى الادلة والشواهد؟ يكفيه أن يكتب: (التقيت جعفر نميري واستمعت منه الى قصة استيلائه على السلطة)! وهذا ما سطره المثقف المصري الرفيع والمؤرخ الذي لا يُشق له غبار: (كان جعفر نميري قائداً لحامية جبيت في جنوب السودان، واستغل إجازته في الخرطوم كي يحصل على مرتبات ضباطه وجنوده المتأخرة شهوراً طويلة من قيادة الجيش في معسكر الشجرة، مقر قيادة القوات المسلحة. وعندما لم يجد من يستجب له هدد بانقلاب عسكري سرعان ما نفذه. وقد اختار نميري شهر مايو توقيتاً للانقلاب لأن درجة الحرارة الممزوجة بالرطوبة يصعب احتمالها، ويصعب مقاومة من يفعل شيئاً فيها، ولو سعى لقلب نظام الحكم)!! ما هذا الخطل؟ ما هذا العوار؟ أيجوز أن الاستهتار بالسودان وشعبه، والاستخفاف بأمانة الكتابة عن قضاياه قد بلغت عند البعض حداً لا يؤبه معه للتفرقة بين تاريخ بلد في حجم الهند، وحواديت الأطفال؟! هل تذكرك رواية حمودة البلهاء هذه، حول انقلاب مايو، بما يشاع في بعض الدول العربية عن "كسل السودانيين"؟! ففي هذه الرواية يبلغ الكسل بقيادات الدولة والجيش مبلغاً عجيباً، إذ يؤثر هؤلاء التضحية بالحكم ومقاليده جملةً واحدة، بدلاً من التحرك فى الصيف القائظ لمنع محاولة انقلابية! هذا رجل لا يعرف أن مدينة جبيت تقع في شرق السودان لا في جنوبه، ولم يقرأ سطراً واحداً عن دور الناصريين والقوميين العرب والشيوعيين وتنظيم الضباط الاحرار في التدبير لانقلاب مايو، ومع ذلك فإنه لا يتردد في التصدى لمهمة تنوير القارئ العربي، وربما الأجنبي، بكتابة فصول كاملة عن السودان. يا للبجاحة. يا للافتراء!

(5)

ويشرح المؤلف لقرائه الكيفية التي وطَّد بها جعفر نميري زعامته وثبّت أركان حكمه، فينبئنا أن الفضل في ذلك يعود الى قدراته الفذة في مهارات "المصارعة"، أي والله، المصارعة. اقرأ وازدد علماً، وفوق كل ذي علم عليم: (جعفر نميري هو الحاكم الوحيد في تاريخ السودان الذي زار كل أقاليمه المتنوعة المترامية. وقد نال مبايعة قبائله المختلفة بمصارعة زعمائها. وساعدته بنيته القوية على ذلك). ولا بد انك ستجد العذر لمن يكتب مثل هذه الخزعبلات عندما تكتشف انه لا يعرف شيئاً عن اتفاقية أديس أبابا التي منحت جنوبي السودان الحكم الذاتي الإقليمي عام 1972م ، فقد كتب هذا العبقري عن اتفاقية أديس أبابا انها منحت الحكم الذاتي لكل إقليم من أقاليم السودان في الشرق والغرب والشمال والجنوب! هل تصدق؟!

وإذا كنت ممن استغلقت عليهم أسباب تطبيق الرئيس نميري للشريعة الإسلامية، ثم فضه المباغت لتحالفه مع الإخوان المسلمين وإيداعهم السجون في العام 1985م فلا تقلق، وابشر، ففي الكتاب الخبر اليقين، وستضئ لك حقائق التاريخ بنور عادل حمودة. وفيما يلى ملخص الرواية التي تفسر لنا جوانب هامة من تاريخنا كما حررها الرجل: لم يشعر جعفر نميري بخطورة عدم قدرته على الإنجاب إلا بعد أن قبض مبلغ ثلاثة مليون دولار ثمناً لعملية تهجير يهود الفلاشا إلى إسرائيل عبر مطار الخرطوم. لماذا؟ لأن الثروة جعلته يفكر في من يرثها؟ وقد استغلت جماعة الإخوان المسلمين قلق النميري فكان ذلك مدخلها اليه. وقد أقنعه الإخوان المسلمون بأنه إذا طبق الشريعة الإسلامية فإنهم يحملون له البشرى بالإنجاب من فتاة صالحة سيختارونها له. وقد قبل الرئيس الاتفاق وأنفذ أحكام الشريعة في البلاد. ولكن النميري اكتشف مؤامرة الاخوان الدنيئة في الوقت المناسب. لقد كان مخطط الإسلامويين هو تزويج الرئيس بفتاة حامل جاهزة بالطفل الذي وعدوه به!! انتهت الرواية. ونسأل: هل هذه صفحات من تاريخ دولة، أم تراها قصة من قصص الف ليلة وليلة؟!

وإذا كنت من غواة "الشمار" الاجتماعى فخذ عن الفصل الثاني عشر المخصص للسودان في كتاب عادل حمودة هذا السر الخطير، وفحواه أن الرئيس السابق جعفر نميري كان قد تقدم قبل الانقلاب للزواج بفتاة من آل الإمام المهدي، هي حفيدة الإمام محمد أحمد المهدي الكبير. ولكن آل المهدي استكثروا عليه ذلك الشرف فرفضوه وردوه على أعقابه، وقال له والدها: (كيف أقبل أن أزوِّج ابنتي من زول بتاع اندايات)؟! وربما جاز للمؤرخين بعد ذلك الاستعانة بهذه المعلومة ذات المغزى في تحليل وتفسير أسباب كراهية جعفر نميري للمهدويين، وحقده المستكن عليهم، وعدوانه الوحشي عليهم في الجزيرة أبا عام 1970م!

(6)

وعن هشاشة البنيات التحتية فى السودان والتخلف الحضارى الضارب اطنابه حدثنا حمودة، ولا حرج. من احاديثه العجاب انه جلس لمدة اثنى عشر ساعة كاملة، منذ الثامنة مساء وحتى الثامنة صباحاً، فى مطار الخرطوم فى انتظار الطائرة التى ستعود به الى القاهرة. وعندما جاءت الطائرة غيّر الطيار رأيه وقرر ان يذهب الى جدة، بدلاً عن القاهرة، لان بعض السودانيين اقنعوه بأن لديهم اشغالاً هناك. واخيراً وجد حمودة طائرة وافق طيارها على الذهاب الى القاهرة فاستقلها، ولكن الطائرة قفلت عائدة مرة اخرى الى مطار الخرطوم لأن أحد الركاب اكتشف انه فقد محفظة نقوده فى المطار وطلب ان تعود الطائرة ادراجها حتى يبحث فى المطار عن محفظته الضائعة، فعاد الطيار! ولا عجب. فهذا - بحسب حمودة - بلد تسير فيه الامور بالبركة ويعيش الناس كيفما اتفق. وقد عاش صاحبنا فى السودان ردحاً من الزمان فرأى بعينيه ولم يحدثه احد. والمدهشات التى زعم انه خبرها كثيرة. من ذلك انك تجد فى السودان رجلاً مسلماً اسمه شنودة، وآخر مسيحى اسمه محمد. وثالث اسمه "التلفون ضرب"!

وجعبة عادل حمودة، العالم بأخبار السودان وأسراره مكتظة لا تفرغ، ومعينه لا ينضب. ورواياته الدرامية المتوالية التى يقدمها على سبيل تنوير القارئ العربى بالسودان واهله لا تنقضى، ولا ينقضى عجبها.

غير انه من واجبنا الا نجحد فضل حمودة علينا فى السودان، كونه نصحنا، نحن الغافلين، وفتح أعيننا على بعض ما كان قد غاب عن بالنا. من ذلك انه نبهنا الى الخطر الذى تشكله اثيوبيا على حاضر العلاقات السودانية المصرية ومستقبلها. ولاثيوبيا احقاد تاريخية على السودان واطماع خفية فى ترابه. وبحسب حمودةSad لا ينسى الاثيوبيون ما فعلته جيوش محمد على بهم عندما دخلت هرر واعلنت الخلافة الاسلامية هناك ونجحت فى تحويل قبائل بأكملها الى الاسلام. ومن يومها واثيوبيا تحارب مصر فى السودان بالدس والوقيعة بين البلدين واثارة الفتن بينهما). ويتبرع حمودة فينبهنا مشكوراً الى ان اثيوبيا درجت تاريخيا على استخدام العاهرات والخادمات فى التجسس على السودانيين لخدمة اغراض الامن القومى الاثيوبى والتآمر على مصر والسودان. ولعل من يستخدمون الخادمات والمربيات الاثيوبيات، من ابناء وطننا الغالى، يقرأون هذا ويتنبهون الى الخطر الداهم فيطردون الاثيوبيات البصّاصات من دورنا ومرافقنا حتى لا ينقلن أسرارنا الى العدو!

قال (واحد من الاساتذة الكبار فى الصحافة المصرية) قال. يا اخى روح جاتك نيلة!



عن صحيفة الاحداث - الاربعاء 08 سبتمبر 2010

nashi
nashi
مشرف المنتدى الرياضى
مشرف المنتدى الرياضى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى