مساوئ الإنفصال في نقاط

مساوئ الإنفصال في نقاط
يس محمد يس
مع القناعة التامة باحترام رأي المواطن الجنوبي في الاستفتاء القادم إلا أن هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ وطننا الحبيب ، ومن باب ألا هل بلغت ، تتطلب أن نبصر أخوتنا في الجنوب ببعض النقاط الغير مطروقة وآمل من أخوتنا الجنوبين في غمرة زهوهم بالإستفتاء وونتائجه المتوقعة أن يقرأوا معي المستقبل ويدرسوه بتأن ويتمعنوا في هذه النقاط قبل إتخاذهم قرار التصويت . ولاشك أن قرار التصويت للوحدة أو الإنفصال هو قرار فردي ويجب أن يكون كذلك ، لذا ويجب أن يتدبر كل فرد في الجنوب الواقع والمستقبل بعناية دون إملاءات من أحد ، خاصة مع علو صوت الإنفصاليين وخفوت صوت الوحدويين .
كل المنى أن يقيّم الجنوبيون مصالحهم في الوحدة والإنفصال كي يستبينوا النصح قبل ضحى الغد . ويتطلب ذلك وعي الفرد الجنوبي وقناعتة بما يمثله صوته سلباً وإيجاباً . نأمل أن يضع كل من له حق التصويت النقاط التالية في الحسبان قبل أن يتخذ قراره بالتصويت للوحدة أو الإنفصال :
1- الإنفصال سيحصر حرية تحرك الجنوبي والشمالي في رقعة محددة من الأرض لن يستطيع أن يبرحها إلى الجزء الآخر من الوطن إلا بالجواز والتأشيرة وتبعاً لذلك سوف يعيش الجنوبي في الجنوب فقط محصوراً في ولايات الجنوب والشمالي في الشمال فقط . الجنوبيون الآن أمام الإختيار بين بيت ذو غرفة واحدة فقط وبين بيت واسع فسيح متعدد الغرف ، وهل من مصلحة أحد أن يضيق واسعاً .

2- الجنوبيون يحكمون الجزء (الجنوب) حكماً مطلقاً ويشاركون في حكم الكل (السودان) بنسبة مقدرة تساوي أكثر من وزنهم الإحصائي . بالإنفصال سيكتفي الجنوبيون بالجزء ويتركون الكل ، فما الذي يضيرهم أن أخذوا أكثر من الجزء ، فالجنوب الآن يمثل دولة شبه مستقلة يحكمها الجنوبيون بأنفسهم دون تدخل من أحد إضافة إلى أن لهم في الشمال حق معلوم ، أي وضع أفضل من هذا؟ مع العلم بأن الجنوبيين يتولون الآن العديد من المناصب الدستورية الرفيعة في ولايات الشمال ويتمتعون كذلك بحق الفيتو على الكثير من القرارات .

3- مئات الآلاف من المواطنين الجنوبيين يعملون الآن في وظائف في الشمال خلافاً لكوتة الوظائف الجديدة البالغة (20%) والتي يجري التوظيف لها الآن ، فإذا حدث إنفصال سيفقد هؤلاء جميعاً وظائفهم بلا شك ويعودون للجنوب ، فهل في مقدور حكومة الجنوب أن توفر وظائف إضافية لهذا العدد الهائل من الموظفين المدنيين ، علماً بأن حكومة الجنوب قد أكملت تقريباً الهياكل الإدارية لمعظم الادارات الحكومية بالجنوب ، إذن فأين سيذهب هذا الجيش الجرار وكيف سيعيشون ألا يمثل هؤلاء مشكلة للمسؤولين الجنوبيين ؟ .

4- تقول الأخبار أن الجنوبيين يمتلكون عشرات الآلاف من المنازل والأراضي السكنية في العاصمة الخرطوم وحدها ولا ندري كيف سيتم الإتفاق بين الشريكين في التصرف فيها وأي ضرر سيلحق بمصالح هؤلاء جراء بيعها الإضطراري في وقت سيزيد فيه العرض ويفوق الطلب بمراحل .

5- هنالك مواطنين من الجنوب ولدوا وترعروا في الشمال وعاشوا حياتهم فيه وتشكلت شخصياتهم وصداقاتهم وإجتماعياتهم في مجتمعات الشمال التي أندمجوا فيها وتفاعلوا معها ولا يكادون يعرفون حياة دونها ، لمصلحة َمن ننزع هؤلاء من مجتمعاتهم الحالية قسراً ونحشرهم في مجتمعات جديدة عليهم كلياً ، هل في ذلك مصلحة لهم ؟ ألا يمثل ذلك إخراجاً للسمكة من الماء .

6- البترول الذي يرى الكثيرون بأنه السبب الرئيسي في تغليب الكثير من الجنوبيين لخيار الإنفصال لا محالة ناضب ولن يتعدى عمره الـ 10-15 عاماً حسب رأي معظم الخبراء يسبقها تناقص الإنتاج حتى ينضب تماماً بعدها وهذه المدة لا تمثل شيئاً في حياة الشعوب ، كما أنه ليس بالبترول وحده تعيش الدول . فالكمية التي ينتجها السودان حالياً ليست هي الكمية المغرية التي تستدعي تقطيع الوطن بأكمله من أجلها . فإذا إنفصل الجنوب فلابد للشمال الإستفادة من البنيات التحتية الموجودة على أرضه وسيحصل على مبلغ مجزي مقابل ذلك . ويجدر القول أن أكثر الحقول إنتاجية بالجنوب الآن هي حقول عدارييل التي تنتج خام بترودار وهو خام ثقيل متدني الجودة نتيجة للزوجته وحموضته المرتفعة ما أدى إلى تدني أسعاره مقارنة مع خامات الحقول الأخرى . والحقيقة الثابتة هي أنه حتى لو إنفصل الجنوب فإن الشمال المستقر إقتصادياً وسياسياً هو دعم لإستقرار الجنوب والعكس بالعكس .

7- سوف يحتاج الجنوب في حال الإنفصال إلى العديد من المواد والمنتجات الزراعية وغير الزراعية (ذرة ، سكر ، دقيق ، أسمنت ، مواد بناء وغيرها ) ستأتيه في حال الإنفصال غالباً من الشمال ولكن بالعملة الصعبة وسوف تتم معاملة مثل هذه البضائع معاملة الصادر وتفرض عليها رسوم الصادر وتباع بالأسعار العالمية لتصل إلى الجنوب بأسعار أعلى بكثير من أسعارها الآن .

8- ليس للجنوب إسهام يذكر في صادرات السودان الغير بترولية الحالية إذن سوف يعتمد إقتصاد الجنوب في حال الإنفصال على سلعة واحدة فقط هي النفط دون سواه ، والمعروف عن النفط بأنه سلعة غير مستقرة الأسعار تارة صعوداً وأخرى هبوطاً . فكيف تحيا دولة على سلعة واحدة معرضة لتقلبات السوق والمشاكل التي تعترض الملاحة ومخاطر أخرى لا حصر لها .

9- نظرة دول الجوار للوافد الجديد ستكون من منظور مصلحتها هي لا مصلحة الجنوب ، وبالتأكيد سوف تسعى بعض الدول بصورة غير مباشرة للمطالبة بتسديد فواتيرها القديمة على الجنوب إبان وجود الحركة في إراضيها في سنوات الحرب وستحاول إجبار الجنوب للخضوع لها سياسياً وإقتصادياً وسوف تسعى بكل الوسائل لإبعاد الجنوب من الشمال لتحقيق ما تصبو إليه .

10- في حال إنفصل الجنوب سيتفرغ الكثير من الجنوبيين للهم الداخلي والهم الداخلي يمثل كابوساً مزعجاً للجنوب خاصة مع تداخل البعد الجهوي والقبلي والصراع على السلطة خاصة مع فقدان العديد من الساسة الذين يشغلون مناصب دستورية مرموقة في الشمال لوظائفهم ما يقودهم للتمترس والضغط بواسطة قبائلهم . لذا ستكون الصراعات القبيلية هي عنوان المرحلة القادمة . ومع تفجر إي صراع في الجنوب سيعود النزوح إلى الشمال ولكن سيعتبر لجوءاً وليس نزوحاً وليس هذا من مصلحة الشمال .

11- عودة الحرب : هي أسوأ سيناريوهات ما بعد الإنفصال ، فعودة الحرب من جديد بين الشمال والجنوب ستكون كارثة على كلا الطرفين وسوف تعود معها مشاكل القتل العشوائي والفقر والمرض علاوة على ما تفرزه من نزوح ولجوء وتبديد للموارد .

12- الكوادر الشمالية في الجامعات الجنوبية ستترك فراغاً كبيراً علاوة على كوادر في مجالات أخرى لا حصر لها .

13- بالإنفصال الجميع خاسرون وبالوحدة الجميع رابحون .
مشاركة بجريدة الشاهد عدد الجمعة - سودانايل غداً

قطر عجيب البودى ما بجيب

نتمنى أن يكون الاستفتاء نزيها دون تدخل أي أحد سواء من الجنوب أو من الشمال أو من أفريقيا أو الغرب ليتركوا مطلق الحرية لأبناء الجنوب أن يقولوا كلمتهم .. دون ضغوط من أي أحد.

دايرين حتي جديد وقريض ...الحلوف ...والحمره ام خويتم


مالو يا زهير ونحن عاوزين لحدي نمولي والحشاش يملا شبكتو