ابوجبيهه


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ابوجبيهه
ابوجبيهه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قصة واقعية ...أعجبتني ...(4) ..

اذهب الى الأسفل

قصة واقعية ...أعجبتني ...(4) .. Empty قصة واقعية ...أعجبتني ...(4) ..

مُساهمة من طرف عثمان محمد يعقوب شاويش 30th يناير 2011, 14:53

:: مرارة الكلام الحلــــــو ::


قصة واقعية ...أعجبتني ...(4) .. 14a-na-35552


منذ الصبا لم أسمع كلمة شكر أو إطراء أو ثناء على شيء فعلته، كل من حولي على شاكلة واحدة، ولا أهتم بذلك ولم يذهب إليه تفكيري، وعودتني أسرتي وأقاربي على عدم الحوار المطول، وكان النقاش مع الآخرين من المكروهات إذا كانوا من الأقارب، أما مع الغرباء فهو من المحرمات، وكان ذلك هو الأسلوب الذي اعتدته حتى وأنا في الجامعة، فلا أجيب ولا أرد إلا بكلمة واحدة إما نعم وإما لا، ولا أحب أن أشارك برأي أو تعليق، حتى عندما جاءت خالتي تهمس في أذن أمي بأن عريسا يريد أن يتقدم لخطبتي وفاتحتني أمي في الأمر، قلت لها الرأي ما ترون، واعتبروا ذلك موافقة أو على الأقل عدم رفض، وتمت الخطبة وتوقفت مع نفسي كثيرا، ولعبت الظنون برأسي وأسقطت كل قدرة عندي على تقييم الأمر، وتملكني الخوف من هذا الشخص المجهول الذي سأنتقل إلى بيته ويشاركني حياتي وأشاركه حياته، والتساؤلات اكثر من أن تحصى عن طباعه ومشاعره وما يحب ويكره هل أستطيع أن أتفاهم معه ويتفاهم معي؟ وأنا لا خبرة لي بعالم الرجال، فكانت مخاوفي تملأ صدري وتكاد تعصف بي، إلى أن بدأوا يسمحون لي أو بالأحرى يسمحون له بالاقتراب مني، والجلوس معي في حضورهم طبعا، لكن ذلك لم يحرك ساكنا ولم يغير شيئا فقد كان أبي وأمي واخوتي في هذه اللقاءات يحملون مهمة واحدة وهي مراقبتنا وفرض القيود علينا، فلا يزيد الكلام على تبادل التحية عند قدومه وعند رحيله، ومن جانبي لا أنطق بكلمة واحدة، بينما كانت الفائدة أنني كنت افحص حركاته وسكناته وكلماته وأسلوبه وقد جذبني ذلك وبدأت انتظر قدومه لأسمع منه كلامه الذي لم اعتد مثله، وإن لم يكن موجها إليَّ، فهو مجامل لأقصى حد لا يفوت شيئا دون ان يثني عليه حتى لو كان لا يستحق الثناء او كان عاديا طبيعيا، مثل حذاء أخي الصغير، ونظارة أبي، وغطاء رأس أمي وسجادة الصالون وقطع الأثاث وغيرها.

عندما تم تحديد موعد عقد القران والزفاف خففت الأسرة من حصارها نسبيا وتركت لنا بعض الحرية المشروطة في الخروج لاختيار أثاث بيتنا، وهنا اقتربت منه أكثر وبدأت أكتشف ملامحه وملامح شخصيته، وفوجئت بأشياء سارة لم أتوقعها، بل لم أحلم بها فإذا به يسرع ليفتح لي باب السيارة وينحني ويشير إليًّ بأن أتفضل بالجلوس ويقدم المحارم الورقية لأنظف يدي خشية ان يكون لامسها بعض الغبار، ويعتذر عن التوقف المفاجئ الذي لا ذنب له فيه، كلماته كلها عذبة رقراقة تفيض حنانا ورقة وتشع حبا وعطفا وليناً، ترك لي اختيار كل شيء حتى ما يخصه من ملابس ومستلزمات، جعلني صاحبة القرار الأول والأخير فيها، ويمطرني بسيل من الثناء على حسن اختياري مؤكدا انه لولا وجودي معه ما استطاع ان يصل إلى هذا المستوى، رغم أن أناقته بادية وذوقه رفيع، لكنه يريد ان ينسب لي أفضالا وأفعالا حتى لو كانت غير حقيقية، استطاع أن يدغدغ مشاعري ويحرك أحاسيسي ويجعلني أقارن بينه وبين من تعاملت معهم من قبل وأعيد التقييم، وبالطبع كان يكسب دائما، وأجزم بأنه سحرني، وأوقعني في شباكه وجعلني أسيرة كلماته فعنده في كل مرة جديد وفي كل موقف إبداع.

تزوجنا وفي ليلة العرس منحني لقب جميلة الجميلات وراح يتغزل في عيني وفستاني الأبيض ويمدح تسريحة شعري، بل قال لي هامسا في أذني إن هذه الملابس والاكسسوارات تكتسب قيمتها مني لأنني أستخدمها وأزينها، لا هي التي تزينني، وسار زورق حياتنا، وهو يؤنب نفسه لأنه تأخر في الاقتران بي، لأنه يرى ان عمره الماضي كله ضائعا ولا قيمة له، تخيلوا أنه يكاد يقول شعرا في كل طعام أعده له، حتى البيض المسلوق حتى كوب الماء والعصير والشاي، ورغم أنني كنت احيانا كثيرة متأكدة من ان مجاملاته ومديحه غير حقيقية، او مختلقة إلا أنها كانت تسعدني، بل أدمنتها، فإذا نسي أن يفعلها أذكره بها، فيطلق لسانه بمعسول الكلام، ورحيق الأنغام وفي كل صباح فور الانتهاء من ترتيب وتنظيف المنزل اسرع إلى الهاتف لتأتيني أول كلمة تداعب أذني وهو يقول: صباح الخير يا عمري، اشتقت إليك يا حياتي، وعندما يعود آخر النهار ويتناول غداءه يجلس يذكرني بأيام الخطوبة الجميلة والذكريات، وكيف أنه كان يتعجل الأيام والليالي، ليخطفني فوق حصان ابيض ونفر إلى جزيرة بعيدة معزولة.
وجاءت صديقتي وزوجها في زيارة لنا، حينها راحت السكرة وجاءت الفكرة، وفوجئت بزوجي يوجه كلماته نفسها إليها إلا قليلا، حتى أنني اعتقدت أنه نسي ويريد أن يتكلم معي، وحاولت كثيرا مقاطعته وتحويل دفة الحديث وتغيير الموضوعات التي نتحدث فيها، لا أنكر أنني لأول مرة أشعر بالضيق والاستغراب مما حدث، فأنا متأكدة من أخلاق صديقتي، كما أنني متأكدة من أن زوجي يحبني وأحبه، لكن لا أجد تفسيرا لما حدث، وبدلا من الهواجس قررت أن أواجهه، بما يدور داخلي وأعبر له عن رفضي واستيائي من الطريقة التي تحدث بها مع صديقتي، وعندما فاتحته فوجئت به يضحك بشكل هستيري مستنكرا مجرد التفكير فيما حدث كونه لا يعدو ان يكون مجاملة، وما كانت هذه المجاملة إلا من أجلي، واستطاع أن يفلسف الموقف ويحوله لصالحه وان لم أقتنع بمبرراته لكنني ادعيت أنني قبلتها، لكن صديقتي حركت داخلي الغيظ ربما دون ان تقصد عندما اتصلت بي تشكرني على حسن الضيافة وأيضا على معاملة زوجي وحسن استقباله وراحت تعدد مميزاته ومرحه ومجاملاته التي يفتقدها كل الرجال هذه الأيام.
ودعاني زوجي لتناول الطعام خارج البيت، ولم أصدق أذني وأنا أسمعه وهو يغازل عاملة المطعم التي جاءت تقدم لنا قائمة الطعام، يداعبها ويترك لها أن تختار لنا وجبتين على مزاجها، ليس هذا فقط، بل راح يسمعها كل كلمات الغزل والثناء التي يقولها لي والتي قالها لصديقتي، وأيضا عندما شعرت بالغيظ، فوجئت به بنفس أسلوبه يخرج من الاتهام بريئا براءة الذئب من دم ابن يعقوب، ويدعي ان هذه مجرد عاملة بسيطة تحتاج إلى كلمات ترفع معنوياتها حتى لا تشعر انها خادمة، ثم يتساءل: كيف يمكن أن أضع نفسي في مقارنة معها، بينما الفارق بيننا مثل ما بين السماء والأرض، وانتهى الموقف ظاهريا لصالحه، لكن لم أستطع نسيان الموقف وهو يتكرر في مخيلتي، وتترد كلمات الغزل في أذني، وأتذكر ملامح وجهه وقسماته التي كانت لها مدلولاتها، وهذا تستطيع كل أنثى ان تعرف مغزاه، وما وراءه وتصل إلى تفسيره، وبدأت أتذكر أن كثيرا من هذه الكلمات كان يقولها لأمي وبالطبع لم يكن مقصده منها شيئا وإنما جعلني ذلك أصل إلى نتيجة واحدة وهي انه يردد هذه الكلمات بلا إحساس حقيقي، وبلا معنى ولا تعبر عما بداخله، حتى فقدت معناها عندي وأصبحت جوفاء بلا قيمة، وتوقفت عن الاتصال به، فلا أريد أن أسمعها مرة أخرى، بل كرهتها ولم اعد أطيق سماعها، بعدما تأكدت من أنها ليست من خصوصياتي، وليست لي وحدي وإنما هي مشاع لكل الناس، مستباحة متاحة لكل من هب ودب، ورغم أن النساء يشتكين من الخرس عند الأزواج ومن عدم تبادل الكلام معهن فإنني كنت على العكس أشكو كثرة كلام زوجي، وأعتبره قطعا من الطوب يرميني بها.

شعرت بآلام في اسناني ولم تفلح المسكنات في تخفيف الآلام، وطلبت منه أن يصطحبني إلى طبيب الأسنان، وأحضر لي ملابسي وحتى حذائي، وهو يردد ليتني كنت أنا إلا أنني لم اعد أصدق، وكعادته فتح لي باب السيارة وأجلسني، وعند العيادة أعاد الكرة وتوجهنا إلى العيادة وتقدم إلى الممرضة ليدفع ثمن الكشف، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل راح يبثها نفس كلمات الغزل ويثني على تسريحة شعرها وعلى نظامها في العمل وترتيب المواعيد، واهتمامها بوضع الورود في صالة الانتظار، كل ذلك وأنا أتألم وهو لا يشعر بي، حتى إذا ناديته، أشاح لي بيده، أو أشار اليًّ أن أتحمل وأن أصبر، والغريب انه كان يتحدث إلى الممرضة بنفس تعبيرات وجهه التي تنم عن إعجابه بها، لحظتها شعرت بالضيق أكثر من الألم الذي يطيح برأسي، ولم أعد أطيق سماع مبرراته التي حفظتها عن ظهر قلب، وكما توقعت تماما فقد حاول أن يقنعني انه كان يحاول استدراجها واستعطافها لتعجل بإدخالي للطبيب لأن المنتظرين كثيرون وخرج الامر من يدي وأنا أصفه بأنه مثل ذيل الكلب لا يستقيم أبدا، وخرج هو عن معسول الكلام والمجاملات والثناء مؤكدا أنني لا أستحق هذه النعمة وأنه كان يفعل ذلك لمجرد رفع روحي المعنوية، وطالبني بأن أقوم لأنظر في المرآة حتى أعرف حقيقة نفسي، ونسينا أننا لسنا وحدنا وأننا خارج البيت، وتبادلنا الشتائم والنقائص امام الحاضرين والحاضرات في العيادة، حتى نسيت آلامي وأوجاع أسناني وخرجت دون ان أدخل للطبيب، وخرج هو ورائي ولكن بعدما أشار بتحية الوداع للممرضة، ورفضت أن أستقل معه السيارة وعدت إلى بيت أبي.
الآن أنا مصرة على الطلاق، لكن كل من حولي من أسرتي وأقاربي ومعارفنا يعتبرونني مفترية لأنهم مخدوعون بكلامه المعسول، ولا يعرفون الحقيقة ويلومونني وأنا غير قادرة على إقناعهم فهو قادر على أن يدس السم في العسل
عثمان محمد يعقوب شاويش
عثمان محمد يعقوب شاويش
مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه
مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى