الملابس الذكيـــــة

الملابس الذكية
بقلم د. هيا إبراهيم الجوهر
إن الهدف الأساسي من الملابس ستر الجسم وحمايته من المؤثرات الخارجية من برد وحر وأشعة شمس, إضافة إلى أنها قد تستخدم للدلالة على الحالة الاقتصادية أو الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الشخص أو لمعرفة مهنته مثل كونه (شرطيا، رجل إطفاء، طبيبا، طباخا، وعديد من المهن التي يتميز المنتمون لها بزي محدد)، تعدى استخدامها إلى ما يفوق الخيال، حيث أصبحت الملابس توفر الدعم النفسي والمعنوي وترفه عن مرتديها، نشرت البي بي سي (BBC) خبرا تناقلته بعض وسائل الإعلام عن ملابس من تصميم (باربارا لاين) من جامعة كونكورديا في كندا، مزودة بمجسات دقيقة تستشعر حالة الشخص النفسية من خلال مراقبة التغيرات الفيسيولوجية عند مرتديها بما في ذلك درجة حرارة الجسم ودقات القلب وترسلها عبر هاتف ذكي إلى قاعدة بيانات على الإنترنت تقوم بتحليل المعلومات المرسلة بدقة وسرعة فائقة وعندما تتعرف المجسات المخفية وسط الثوب على حالة الشخص النفسية تشغل قطعة موسيقية للتخفيف من حالته، تختارها من لائحة يكون المستخدم قد أعدها مسبقا أو تمكنه من الاستماع إلى رسائل صوتية من الأهل أو الأصدقاء، كما تمت خياطة على أحد الكمين شاشة مسطحة تمكن المستخدم من إعادة تشغيل أي مقطع وعرض هذا الابتكار خلال مؤتمر الآداب والعلوم الإنسانية في مدينة مونتريال الكندية.
بعد أن كانت الملابس المكيفة من نسج الخيال العلمي أصبحت واقعا ملموسا بعد أن قامت شركة (كوتشوفوكو) وتعني باليابانية الملابس المكيفة بالهواء بتزويد القمصان والسترات بمروحتين صغيرتين تعملان ببطارية قابلة للشحن وبطاقة 50/1 من مكيف الهواء الصغير وتقوم هاتان المروحتان بتوزيع الهواء على أجزاء الجسم وخفض نسبة التعرق وتعد الآن تجارة رائجة في اليابان منذ نزولها للأسواق، أما في بريطانيا فقد سعوا للهدف نفسه ولكن بطريقة مغايرة، حيث طور الباحثون ملابس ذكية حساسة لتغير درجات الحرارة مصنوعة من نسيج يسمح بدخول الهواء للتبريد على مستخدميها وتوفير الانتعاش له ومنع دخول الهواء له في الطقس البارد مستمدين تلك الفكرة من الطبيعة وطريقة عمل أكواز الصنوبر الذي تستخدمه لتتفتح وتخرج بذورها.
ولم تقتصر الملابس الذكية على التبريد والترفيه فقط بل تعدته إلى العلاج ومساعدة المرضى وخصوصا كبار السن لمعرفة حالتهم الصحية ومتابعتهم باستخدام ملابس تقوم بقياس العلامات الحيوية مثل درجة حرارة الجسم ومعدل ضربات القلب وضغط الدم ومن ثم بثها إلى نهاية طرفية ثالثة مثل مراكز الرعاية الصحية الأولية لمتابعة المرضى في أماكن تواجدهم وتقديم المساعدة لهم، ومن القمصان إلى البنطلونات الهزازة التي تزيد من تدفق الدم من الساقين إلى القلب مباشرة مما يساعد على تخفيف آلام الذبحة الصدرية ويشجع الأوعية الدموية الجديدة والصغيرة على النمو حول الشرايين المسدودة لتغذية القلب وعملت دراسة على 30 مريضا وكانت النتائج مبشرة أنقذت نسبة كبيرة منهم من مضاعفات المرض.
يسعى أصحاب الشركات إلى جعل هذه المنتجات استهلاكية وفي متناول الجميع وتظهر بعض هذه المنتجات فعليا في الأسواق الرياضية، حيث تبيع شركة (Textronics) حمالة صدر تشعر بضربات قلب من يلبسها وترسل البيانات إلى جهاز يوضع في معصم اليد يمكن الشخص من مراقبة معدل نبضات قلبه خلال قيامه بالتمرين ومثل ذلك القميص المعروف باسم (Life Shirt) والذي تنتجه شركة (Vivometricx) ويكثر استخدامه لدى العسكريين وفرق الطوارئ لمراقبتهم في الميدان وعلاوة على نقل هذه الملابس الإشارات اللاسلكية فبإمكانها نقل الإشارات الصوتية وربما تكون قادرة في المستقبل على نقل الصور.
ولكن يجب أن لا نبالغ في الحلم فهناك بعض الابتكارات الثورية ولكنها غير مفيدة بدرجة كبيرة وقد تكون ضارة أو غير عملية مثل القمصان التي تباع بـ 30 دولارا وبإمكانها التعرف على الشبكات اللاسلكية (Wi Fi)، حيث تقوم بعمل مسح مستمر للمنطقة المحيطة بلابسها للتعرف على الشبكات في حال وجودها ومزودة بمؤشر يظهر قوة إرسال الشبكة، وعندما نقرأ أو نسمع ونشاهد هذه الابتكارات على أرض الواقع نتساءل أين نحن من ذلك كله؟