ابوجبيهه


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ابوجبيهه
ابوجبيهه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عروة وعفراء

اذهب الى الأسفل

عروة وعفراء Empty عروة وعفراء

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 11th مايو 2009, 09:30

كنت أقرأ قصيدة ميمة فى ديوان مالئ الدنيا وشاغل الناس ( المتنبئ ) أيام المرحلة الثانوية، فلفت نظرى بيت شعر فيها على ما أذكر إن لم تخنى الذاكرة:

فكأن سحابة وكفت بها * تبكى بعيني عروةبن حزام
فمن هذا عروة (البكَاى )
--------------------------------------------------------------------------------

عروة وعفراء

جمع الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه القرآن الكريم سنة 30 هـ/ 650 م، وشَهِدَتْ تلك السنةُ وفاةَ الشاعرِ الْمُتَيَّمِ: عُروة بن حِزام بن مُهاصِر بن مالك أحدَ بني حزام بن ضبة بن عبد بن كبير بن عذرة، وقد أحبَّ ابنةَ عَمِّهِ عَفراءَ بِنتَ عقال مُهاصِر بنِ مالك الضَّبّيّ؛ وقد اشتهَرَ بَنُوْ عُذْرَةَ بِشدَّةِ الْعِشْقِ والْعِفَّةِ فِيه؛ ويعتبر عروة أحد المتيمين الذين قتلهم الهوى، ولا يعرف له شعر إلا تشبيبه في عفراء بنت عمه. وقَدْ قِيْلَ لأَحَدِ العذريين: مَا بَالُ الرَّجُلِ مِنْكُم يَمُوْتُ في هَوَى امرَأَةٍ؟ فَأجابَ: لأنَّ فِينا جَمَالاً وَعِفَّةً.

طفولة عروة وعفراء

رُوي من حديث عروة بن حزام وعفراء بنت عقال: أن حزاماً بن مهاصر هلك وترك ابنه عروة صغيراً في حجر عمه عقال بن مهاصر. وكانت عفراء تِرباً لعروة، يلعبان جميعاً، ويكونان معاً، حتى ألف كل واحد منهما صاحبه إلفاً شديداً. وكان عقال يقول لعروة، لما يرى من إلفهما: أبشر، فإن عفراء امرأتك ، إن شاء الله. فكانا كذلك حتى بلغا سِنَّ الرُّشد، ولحقت عفراء بالنساء، ولحق عروة بالرجال، وحُجب بينهما، فثارت لوعة الحب والغرام في صدريهما جراء الفراق.


شكوى عروة

عصفت لوعة العشق، فأتى عروة بن حزام عمته هند بنت مهاصر، وشكا إليها ما به من حُب عفراء ، وقال لها: يا عمة، إني لأكلِّمُك وأنا منك مُستحٍ، ولكن لم أفعل هذا حتى ضقت ذرعاً بما أنا فيه، ثم أخبرها بحبه ومُعاناته، فذهبت عمته إلى أخيها فقالت له : يا أخي، قد أتيتك في حاجةٍ أحب أن تحسن فيها الردّ ، فإن الله يأجرك بصِلة رحمك فيما أسألك.
فقال لها: قولي، فلن تسألي حاجة إلا رددتك بها.
قالت: تُزوِّج عروة ابن أخيك بابنتك عفراء، فقال: ما عنه مذهب، ولا هو دون رجل يرغب فيه ، ولا بنا عنه رغبة، ولكنه ليس بذي مال، وليست عليه عجلة. فطابت نفس عروة، وسكن بعض السكون إلى حين.

كيد العواذل

كانت أمُّ عفراء سيئة الرأي بعروة بن حزام، وكانت تريد لابنتها زوجاً ذا مال ووفر، وكانت عفراء ذات كمال وجمال، فطلبت أمها مهراً مبالغا فيه، وليس في مقدور عروة أن يؤمنه، وحينذاك عروة عرف أن رجلاً من قومه ذا يسار ومال كثير بدأ يخطب عفراء، فأتى عمه، فقال: يا عمّ، قد عرفت حقي وقرابتي، وإني ولدك وربيت في حجرك، وقد بلغني أن رجلاً يخطب عفراء، فإن أسعفته بطلبته قتلتني، وسفكت دمي، فأنشدك الله ورحمي وحقي، فرَقَّ له وقال له : يا بُنَيّ، أنت مُعدَمٌ، وحالنا قريبة من حالك، ولست مُخرِجُها إلى سواك، وأمها قد أبت أن تزوجها إلا بمهر غال، فاضطرب واسترزق الله تعالى.
فجاء عروة إلى أمِّ عفراء فلاطفها وداراها، وطلب منها أن تسهّل أمور زواجهما، فأبت أمُّها الماكِرة أن تجيبه إلا بما تحتكمه هي من المهر، وبعد أن يسوق شطره إليها، فوعدها بذلك.


السفر في طلب المهر

يئس عروة من مساعدة امرأة عمه الماديّة، فجاء إلى عمه وامرأته فأخبرهما بعزمه على قَصْدِ ابن عمٍّ له موسِر كان مقيماً في اليمن، فصوَّباه ووعداه ألا يُحْدِثا حدثاً حتى يعود، فشكرهما ووثق بعهدهما، وصار في ليلة رحيله إلى عفراء، فجلس عندها هو وجواري الحي ، وكانوا يتحدثون بأسمار الغرام حتى أصبحوا ، ثم ودَّعها وودّع الحيّ، وشدَّ على راحلته، وصَحِبَه في طريقه فتيان من بني هلال بن عامر كانا يألفانه، وتابعوا المسير حتى قدموا على ابن عمه في اليمن، فوصله وكساه، وأعطاه مائة من الإبل، فانصرف عائدا بها إلى منازل قبيلته، وهو يعلل نفسه بالزواج من عفراء بنت عمه.

وصية عروة للهلاليين

بينما كان عروة ورفيقاه الهلاليان يجدّون المسير التفت إليها، وقال يخاطبهما، ويروي لهما قصته، وما يعانيه من لواعج العشق والغرام:

خـلـيـلـي مِـن عـلـيـا هـلال بـن عـامـرٍ
بـصـنـعـاء عـوجـاء الـيـوم وانـتـظـرانـي
ولا تـزهـدا فـي الـذخـر عـنـدي وأجْـمِــلا
فـإنـكـمـا بــي الـيــوم مُـبـتـلـيــانِ
ألِـمّـا عـلــى عـفــراء إنـكـمــا غــداً
بـوشـك الـنـوى والـبـيــن مـعـتـرفــانِ
أحـبُّ ابـنــة الـعــذري حُـبــاًّ وإنْ نــأَتْ
ودانـيـت فـيـهـا غـيــر مــا مُـتـدانــي
إذا قـلـتُ: لا، قـالا: بـلـى، ثــم أصـبـحــا
جـمـيـعـاً عـلـى الــرأي الــذي يـريــان
تـحـمـلـت مـن عـفـراء مـا لـيـس لـي بـه
ولا لـلـجــبــال الـراســيــات يـــدان
فـيـا ربِّ أنـت الْـمُـسـتـعـان عـلـى الـذي
تـحـمَّـلـت مِـن عـفــراء مُـنــذ زمــانِ
كـأن قـطــاة عـلـقــت بـجـنـاحِـهــا
عـلـى كـبـدي مــن شــدَّة الـخـفـقــانِ
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عروة وعفراء Empty بقية الموضوع .....

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 11th مايو 2009, 09:55

غدر العواذل

حينما غاب عروة في طلب المهر نزلَ في حيّ عفراء رجل ثريٌّ من أثرياء البلقاء الشامية ، فنحر الجزور ووهب وأطعم ، ورأى عفراء، وكان منزله قريباً من منزل أهلها، فأعجبته وخطبها إلى أبيها فرفض طلبه، فعدل الرجلُ الثريّ إلى أمّ عفراء، فوافق عندها قبولاً وجاءت إلى زوجها عقال، ولم تزل تهذر حتى قال لها زوجها: فإن عاد لي الرجل خاطباً أجبته، فوجهت إليه أن عُدْ إليه خاطباً، فأعاد الرجلُ القول في الخطبة، فأجابه أبوها وزوجه بعفراء، فقالت قبل أن يدخل بها:

يـا عُـرْوَ إنّ الـحـيَّ قـد نـقـضـوا
عـهـدَ الإلـه وحـاولـوا الـغــدرا

ثم رحلت مع زوجها إلى البلقاء في الشام، وأرشدت أمُّ عفراء والدَها إلى حيلة لتضليل عروة وخِداعه، فعمَد بناءً على طلبها إلى قبرٍ عتيق، فجدَّد وسوّاه، وسأل سكان الحي كتمان أمر زواج عفراء، وطلب منهم أن يقولوا لعروة: إنها ماتت وهذا قبرها .

عودة ورحيل


قال الرواة: عاد عروة، وأخبره عمه والقوم بموت عفراء الموهوم، فضاقت عليه الأرض بما رحبت، وتوجَّه إلى ابن عم له بالشام، وفي طريقه شاهد عفراء صدفةً، ووقف مندهشاً، ثم قال:

فــمــا هـــي إلا أن أراهـــا فُــجـــاءةً
فـأبْـهــت حـتّــى مــا أكــاد أُجــيــبُ
وأصـدفُ عـن رأيـي الــذي كـنــت أرتـئــي
وأنـسـى الـذي أزمـعــتُ حـيــن تـغـيــبُ
ويُـظـهـر قـلـبـي عـذرَهــا ويُـعـيـنـهــا
عَـلَـيَّ فـمـا لـي فــي الـفــؤاد نَـصِـيــبُ
وقـد عـلِـمـت نـفـسـي مـكـان شـفـائـهـا
قـريـبـاً، وهــل مــا لا يُـنــالُ قـريــبُ؟

وروى الرواةُ روايةً أُخرى فقالوا: عاد عروة بن حزام إلى مضارب قومه، فنعاها أبوها إليه، وذهب به إلى ذلك القبر، فمكث يختلف إليه أياماً وهو مضنىً هالك، حتى جاءته جارية من الحي فأخبرته الخبر، فتركهم، ورحل إلى البلقاء في الشام فقدمها، ونزل ضيفاً على زوج عفراء، ثم قال لجارية لهم: "هل لك في يد تولينيها ؟ قالت: نعم، قال: تدفعين خاتمي هذا إلى مولاتك. فقالت: سَوءة لك، أما تستحي لهذا القول ؟ فقال لها: ويحك! هي والله بنت عمي، فاطرحي هذا الخاتم في صبوحها، فإذا أنكرت عليك فقولي لها: اصطبح ضيفك قبلك، ولعله سقط منه. فرَقّت لحالهِ الأمَة، وفعلت ما أمرها به.
فلما شربت عفراء اللبن رأت الخاتم فعرفته، فشهقت، ثم قالت: اصدقيني عن الخبر، فصدقتها. فلما جاء زوجها قالت له: أتدري من ضيفك هذا ؟ قال: فلان بن فلان، فقالت: كلا والله يا هذا، بل هو عروة بن حزام ابن عمي، وقد كتم نفسه حياءً منك.

كشف الأسرار

دعا زوج عفراء عروة، وعاتبه على كتمانه نفسه إياه، وقال له: على الرحب والسعة، نشدتك الله إن رُمت هذا المكان أبداً، وخرج وتركه مع عفراء يتحدثان. وأوصى خادماً له بالاستماع عليهما، وإعادة ما تسمعه منهما عليه، فلما خلوا تشاكيا ما وجدا بعد الفراق، فطالت الشكوى، وهو يبكي أحرَّ بُكاء، وقال عروة والله لا أقيم بعد علمه بمكاني هذا، وإني عالم أني أرحل إلى منيتي. فبكت وبكى، وقال: لي أمور، ولا بدَّ لي من رجوعي إليها، فإن وجدت من نفسي قوّة على ذلك، وإلا رجعت إليكم وزرتكم، حتى يقضي الله من أمري ما يشاء. فزودوه وأكرموه وودّعوه وانصرف حزيناً.

الفراق القاتل

رحل عروة من مضارب زوج عفراء، وانتكس بعد صلاحه وتماثله، وأصابه غشيان وخفقان؛ فكان كلما أُغمي عليه أُلقِي على وجهه خِمار لعفراء زوّدته إياه؛ فيفيق، وبينما هو راحلٌ لقيه في الطريق ابن مكحول عراف اليمامة، وجلس عنده؛ وسأله عمّا به؛ وهل هو خبل أو جنون ؟ فقال له عروة: ألك علم بالأوجاع ؟. قال: نعم؛ فقال عروة:

ومـا بـي مـن خـبــل ولا بــي جـنــة
ولـكـن عـمــي يــا أُخــيّ كَــذوبُ
أقـول لـعــراف الـيـمـامــة: داونــي
فـإنــك إن داويـتـنــي لـطـبـيــبُ
وإنـي لـتـغـشـانـي لـذكـراكِ رعـشــةٌ
لـهـا بـيـن جـلـدي والـعـظـام دبـيـبُ


وفاة عروة بن حزام

قال الرواة: تابع عروة المسير في طريقه قاصدا ديار قومه، ولكنه مات قبل أن يصل إلى حيهم بثلاث ليال، ودُفِنَ في وادِي القرى قُرْبَ الْمَدِيْنَةِ الْمُنوَّرةِ؛ وقيل: بل وصل إلى خيمة أمه وعاش فترة ثم وافته المنية، وروي عن النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه قال: ولانَي عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ صدقات سعد هذيم ، وهم: بلي، وسلامان عذرة، وضبة بن الحارث، ووائل: بنو زيد، فلما قبضت الصدقة قسمتها في أهلها، وانصرفت، فإذا أنا ببيت منفرد عن الحي، فمِلتُ إليه، فإذا أنا بفتى راقد في فناء البيت، وإذا بعجوز وراءه في كسر البيت، فسلمت عليه، فرد علي بصوت ضعيف، فسألته: ما لك؟ فقال:
كـأن قـطـاة عـلـقـت بـجـنـاحـهـا
عـلـى كـبـدي مـن شـدة الـخـفـقـان

قال النعمان: ثم شهق شهقة خفيفة كانت نفسه فيها، فنظرتُ إلى وجهه فإذا هو قد قضى فقلت: أيتها العجوز، مَن هذا الفتى منك ؟ قالت: ابني، فقلت: إني أراه قد قضى. يا أماه ، من هو ؟فقالت: ولدي عروة بن حزام، فقال لها: ما بلغ به ما أرى؟ قالت: الحبُّ، والله ما سمعت له منذ سنة كلمة ولا أنّة إلا اليوم، فإنه أقبل عليّ ثم قال لَمَّا نَزلَ بهِ الْمَوْتُ:

مَـنْ كـانَ مِـنْ أَخَـواتِــيْ بـاكـيــاً أبــداً
فَـالـيَـوْمَ ؛ إِنِّـي أُرَاْنِـي الـيَـوْمَ مَـقْـبُـوْضَـاْ
يُـسْـمِّـعْـنَـنِـيْـهِ فـإنِّـيْ غـيـرُ سَـامـعِـهِ
إذا عَـلَـوْتُ رِقَــابَ الـقَــومِ مَـعْـرُوْضَــاْ

وقال الرواة: بلغ عفراء خبر وفاة عروة، فقالت ترثيه:

ألا أيـهـا الـرَّكـبُ الْـمُـخِـبُّـون وَيَـحْـكُـمْ
بـحــقٍّ نـعَـيْـتُــم عُــروةَ بــنَ حِــزامِ
فـلا تـهـنـأ الـفـتـيــان بـعــدك لــذة
ولا رجـعــوا مــن غـيـبــة بــســلامِ
وقـلْ لـلـحـبـالـى: لا تـرجَّـيْـنَ غـائـبـاً
ولا فــرحـــات بــعـــده بــغـــلامِ

ثم قامت إلى زوجها فقالت: يا هناء، قد مات ابن عمي فيَّ وبسببي، ولابدَّ لي من أن أندبه وأقيم مأتماً عليه. قال: افعلي. فما زالت تندبه وترثيه حتى توفيت.
ويقال في رواية أُخرى: إن عفراء عاشت حزينة على عروة حتى لَحِقَتْ سنةُ 50 هـ / 670 م ، وَبَلَغَ خَبَرُ عُروةَ و عَفراءَ الخليفةَ مُعاويَةَ بنَ أَبي سُفيانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما فَقالَ: "لَوْ عَلِمْتُ بِحَاْلِ هَذَيْنِ الْحُرَّيْنِ الْكَرِيْمَيْنِ لَجَمَعْتُ بَيْنَهُمَاْ".
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى