ابوجبيهه


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ابوجبيهه
ابوجبيهه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم Empty مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم

مُساهمة من طرف خدورة أم بشق 28th مايو 2011, 08:52

مهداه للابنة إحسان
للمنتدى سبق النشر ... لم تنشر في أي منتدى من قبل
مرثية بعد قرابة خمسين عاماً لطفلٍ اسمه حسن ........... الشاعر السوداني صلاح أحمد إبراهيم
مقدمة بقلم صلاح نفسه :-
قادتني أُمِّي في وقار وجلد ممسكة بسبحة تستعين بها على الصبر الجميل والسلوان ، يقيناً منها أنْ غير لائقٍ بها أن تُبدي أمام ربها إلاَّ الرِّضا والْحمدَ في هذا الامتحان، يعلم العلاَّمُ وحدُه، أَيَّ حجر عصرتْ به مهجتها،وأَيَّةَ نيرانٍ حاشتها في حشاها كي يبدو وجهها على مابدا عليه وكأنّه قُدَّ من صٌوان، تنزُّهاً منها أن تشي قسماتها بأقل امتعاضٍ أو ضعف لأن الله أخذ وليدها ذاك. همست لي بحنو شديد بمثلما فعلت مع أخواتي : تعال قبّل أخاك قبلة الوداع الأخير. في الغرفة الموصدة أبوابها ، غرفة الموت المعتمة، كان (حسن) مُسجّىً بطوله على السرير مغمضاً جفنيه كالنائم، جميلاً ونضراً بأكثر مما كان عليه حيّاً ، وعلى محياه سكينة مطلقة هي سكينة الموت.
انحنيتُ ألثم جبينه البارد في تؤدة وتساؤل داخلي. لم أُزد ولم أُطِلْ . ثم أخذوني عنه في الصمت المشبّع بالرهبة، بعدها أدرجوه الكفن وحملوه إلى أين لا أدري حيث دفن. هكذا انقلبت الفرحة ترحة والضوضاء الضاحكة همساً وخفوتا وبكاءً مكبوتا ....... كنتُ مختوناً أتمشى بلأي أجرُّ قدميّ جراً خطوة خطوة فالجرح جديد. عارياً إلا من قميص طويل أشدُّده بعيداً عن وسطي بأطراف أصابعي المخضوبة حناءً ، ورسغي الذي يتدلى منه (الجرتق الأحمر) متماشياً بالمسابح والقلائد التي على صدري ببطء شديد وحذر ، بجرحين طازجين أكبرهما وأكثرهما إيلاماً ذلك الذي في صميمي لا يبرأ قط ما حييت..!!!وحتى تركنا بيتنا ذاك في حي العباسية بأم درمان، ظل يستوقفني على جدار فيه ما بين حينٍ وحين أثرُ طيني أحدثته كرة قذف بها حسن على الجدار وكذلك مسحة بيده العالق بها بعض الطين....أثرٌ يذكرني دائماً به وبمراحنا ومزاحنا وعبثنا الطفولي نحن الاثنين كلما وقعت عليه العين ..بل مابرح ذلك الأثر الطيني منذ غادرنا ذلك البيت لاصقاً بجدار ذاكرتي لاينمحي .
اليوم خطر لي (حسن) بلا مناسبة، بكيت كما لم أبكِ عليه قط قرابة خمسين عاماً مرت عليّ بدون (حسن). بكيت وكأنه مات لتوه وبأحر مما فعلت آنذاك !!! فرأيتُ قبل أن ألحقَ به في زمان آت أن تعرف شيئاً عما كان عليه (حسن) خلال عُميره القصير وكيف مات (حسن) يوم ختاني ، لذا أمسكت بالقلم وكتبت هذه الانطباعات تأريخاً لحسن وتخليداً له.
بعد وفاته كبرتُ بدونه، وكثيراً ماكنت أتساءل ماذا كنا سنقوم به معاً إذا كان قد كبر معي وبجانبي ، وماذا سيكون عليه (حسن) إذا كبر ؟ ، فتزداد حسرتي عليه، ولكن أحمَدُ اللهَ على حكمته التي تجل عن الأفهام ولكل نفسٍ أجل لا يُقدَّم ولا يُؤخّر ...."
ولقد عَانيتُ ، عَانيتُ مِرَاراً ومَريرَا
مِثْلَمَا أنذرَنِي عَارِفُهَا طِفلاً غَريرا...
وَقتَ أن مَاتَ أَخِي ذَاكَ الصَّباحْ
أَتشهَّى الرِّحلةَ الكبرى إلى المجهول
بيَ توْقٌ وشوْقٌ واصْتِناتْ
فلعلّيَ سامعٌ صوْتاً ينادِي
مِن مكانٍ ما... خضيرٍ وندِي
صوتَ عصفورٍ رشيق الرّفرفات
ذهبيُّ الريشِ في مِفرقهِ تاجٌ أنيقٌ هُدهُدي
قافِزاً من فننٍ يصدحُ فيهِ لِفننْ
عَاتباً ما بينَ جَدٍّ ومِزاحْ
أخيراً أخيراً يا(صلاح) !!
بعدَ ما طالَ ارتقابي لك...
يوماً بعد يومٍ ، بعد يومٍ كل هذي السنوات
ماتغيرتَ كثيراً يا (صلاح)
كم تغيَّرتَ كثيرا...
مرحباً !!
*******
كاختفاء الشُّهبِ فجأةً
فجأةً
في خضم الظلمات الدَّامسة
مات حسنْ ..
حسن كان شقيقي وصديقي ورفيقَ اللعبِ
ماتَ دون الخامسة
ماتَ لم نعْدُ معاً للمدرسة
ماتَ أُميّاً (حسنْ)
*******
كانَ ما أحلاهُ ذاكَ الصَّبي
بإهابٍ بينَ أُمي وأبي
سُمرةُ البوصِ وكاكاوٌ تمَاهى بلبنْ
وبدنْ
فيه معنىً من شهيِّ الرُطبِ
وتزاويقِ مناقيشِ اليمنْ
ومشعّاً نيّراً .. كانَ (حسنْ)
كثُريّا انحبَسَ النّورُ بها في مُحْتقنْ
فاذا مرجحَةٌ بلُّورُها الصّافي انقدحْ
ببريقٍ
نَاشِراً في قلبها قوسَ قُزحْ
*******
أيُّ جَفنٍ لم تكنْ تلمعُ فيهِ الحَدَقاتْ
كُلَّما احْلوْلَى (حسن).......
ورؤوسٍ لم تكن تتبعُ مغناطيسَهُ بالتِفاتْ
أينما أبدعَ (حسن)
بينما الأُمَّاتُ يخشيْنَ عليهِ النازِلاتْ
فيُعَوّذْنَ بحَرَزٍ، وبخُورٍ، وصلاةٍ للنبي
ومع ذلك ماتْ
انغِماسُ الشُّهُبِ
فجاةً
في مِدادِ الظلماتْ
*******
ماتَ والأهلُ جميعَاً في فرحْ
بختاني ــ (حسن) لم يُختتنْ
ماتَ في يومٍ كَمَنْ
شبحُ الموتِ لهُ في الملعب
جرَّهُ من يدهِ ، نتلاً بدائياً وقِحْ
لم يُتِحْ لي منهُ إلاَّ حَسَوَاتْ
شعشعتني ثُمَّ أُهرِيقَ القدحْ
*******
وآهٍ ما أسعدَه ذاكَ الضُّحى
مُتَبَاهي ..مفتتنْ
بأخيهِ في الحَريرة...
والذريرة
وهلال الذََهب
ضاحِكاً ، مُستضْحِكاً ، عذباً لذيذَ التُرُهاتْ
جَزِلَ اليخضُور ، فِي أينَعَ مَا يَزهُو نباتْ
دائراً في الحَفلِ نَافورَة بهْجَة ...
ومَرحْ
بُرْعُماً باكَرَهُ الطَّلُّ مع أوَّلِ نَجْمَه
فاصطبحْ
واصطفانا بشذىً من أرَجِ الفِردوسِ
ينْداحُ غمامَاً فاغِماً ، صحَّى الخياشيم وفاتْ
ضاع من ذائقةِ الطِّيبِ بلا رُجعى...
ولكن حَدَسناه بتلك النَّفحَاتْ
فإذا الذّاكرةُ الجَوْعَى رئاتْ
تتضاغَى بأكفٍّ ضَارِعَاتْ
وعُيونٍ شَرِقاتٍ ، زائِغَاتْ
لهفتَا أيْنَ (حسن) ..؟
أيْنَ (حسن) .؟ أيْنَ (حسن) ؟
*******
بَغتةً غاضَتْ من الوَجْهِ الْحسَنْ
والثَّنَايَا ..البَسَمَات
أَنَّ من حُمّى حَرِيقاً صُهْدُهَا يَشوِي الْبَدنْ
خِرْقةً مَعْطُونَةً ، مُنْخَطِفَ اللَّون انطرَحْ
شَاخِصَاً نحْوي بتهْويمٍ كَمَنْ
تلَّه التَّخديرُ ، أو أثقَلَ جَفنيهِ الوَسَنْ
آيساً ..؟
أم تُرَى مُسْتنْجدَاً
بي......
والْمَنايِا أَنْشبتْ في لَحْمهِ بالمِخلَبِ
وبمنقارٍ كسَاجُور (سُليمانَ) حَدِيدِي
وأقلَّته جميعاً بجنَاحْ
لِبَعيدٍ ... فبعِيدٍ ..فبعيدِ
بمَ يُجدِي
وقتهَا إنْ يَدَهُ .. نادتْ يَدي
وهيَ تسْتجدي عصيَّ الْمَددِ
أوْ أجابت أمُّه عاجزةً : إنّي هُنا ياكَبدي ...
أو أهابتْ أختهُ جَازِعةً : إبقِ (حَسَن)
إبقِ (حَسَن)...إبقِ (حَسَن)
*******
كيْفَ يَبقى ؟ وتقضَّى العمر ، كلُّ العُمر .. إلاَّ بُرهَةً
هيَ تلكَ اللَحظاتْ
ناظِراً إليَّ بازورارِ الشمس عِندَ الْمغربِ
مالذي يَمْلك أنْ يورثنيهُ غيرَ تلكَ النظراتْ
غائمَاتٍ بوداع ، رُبَّما ، أو موْعِدِ
حِينَ سَاقوني منه.. و(حَسَنْ)
أسْبَلَ الْهُدبَ ، وأسرى في السُّباتِ الأبَدي
*******
قِيلَ لِي لا تُؤذِهِ يا ولَدي ببكاءٍ ، فحَسَن
راحَ للخُلد ملاكاً واستراحْ
من مُعاناةٍ ستبلوها كبيراً في غدِ
بين شكوى وحَزَنْ
حسنُ راح سَريعاً هَكَذَا ..(حسنْ)
فِديةً وزكاةً
وشفِيعَاً ... لكُم
لاَ تبكِيَنْ .. ياولدي .. لاَ تبكِيَنْ (حَسَنْ)
سَتُلاقِيهِ .... وإنْ طالَ الزَّمنْ !!!


عدل سابقا من قبل خدورة أم بشق في 28th مايو 2011, 16:41 عدل 5 مرات

خدورة أم بشق
مشرف منتدى الشعر
مشرف منتدى الشعر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم Empty رد: مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم

مُساهمة من طرف nashi 28th مايو 2011, 09:30

لا حول ولاقوة الا بالله
رحم الله حسن وصلاحاً رحمة واسعه
والهمنا الصبر
الجميل

بارك الله فيك عمي الفضل
ابكتني القصيده وابكاني حزن الشاعر بعد50 عام لم ينسه
حسن

*** بارك الله فيك عمي
nashi
nashi
مشرف المنتدى الرياضى
مشرف المنتدى الرياضى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم Empty رد: مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم

مُساهمة من طرف فيصل خليل حتيلة 28th مايو 2011, 09:46


ما انبل هذا االحزن يا صلاح

نص يضج بكم هائل من الفصاحة و يحكى قصة شاعر بكل أسف لم تنتهى يا استاذ فضل

لهما الرحمة

شكرا استاذنا
فيصل خليل حتيلة
فيصل خليل حتيلة
مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
مشرف إجتماعيات أبوجبيهة


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم Empty رد: مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم

مُساهمة من طرف خدورة أم بشق 28th مايو 2011, 11:05

هنالك بعض الأخطاء التي طبعتها خطاً فاتممت تصحيحها

خدورة أم بشق
مشرف منتدى الشعر
مشرف منتدى الشعر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم Empty رد: مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم

مُساهمة من طرف خدورة أم بشق 16th يوليو 2011, 09:43

حبيت اعيدها ثانية في ذكرى العزيز ود أب قرن

خدورة أم بشق
مشرف منتدى الشعر
مشرف منتدى الشعر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم Empty رد: مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم

مُساهمة من طرف فيصل خليل حتيلة 16th يوليو 2011, 13:51


ومع ذلك ماتْ

انغِماسُ الشُّهُبِ

فجاةً

في مِدادِ الظلماتْ


شكرا استاذنا الجليل


فيصل خليل حتيلة
فيصل خليل حتيلة
مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
مشرف إجتماعيات أبوجبيهة


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم Empty رد: مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم

مُساهمة من طرف nashi 22nd يوليو 2011, 15:33

قِيلَ لِي لا تُؤذِهِ يا ولَدي ببكاءٍ ، فحَسَن


راحَ للخُلد ملاكاً واستراحْ


من مُعاناةٍ ستبلوها كبيراً في غدِ


بين شكوى وحَزَنْ


حسنُ راح سَريعاً هَكَذَا ..(حسنْ)


فِديةً وزكاةً


وشفِيعَاً ... لكُم


لاَ تبكِيَنْ .. ياولدي .. لاَ تبكِيَنْ (حَسَنْ)


سَتُلاقِيهِ .... وإنْ طالَ الزَّمنْ !!!
****************
كيف يقال له لا تبكي اخاك
لماذا يتم اسكات " اهل الميت" وهل هذا صحيح
تفريغ الحزن عن طريق البكاء مريح
ولا رأي عمو فضل ايه؟
nashi
nashi
مشرف المنتدى الرياضى
مشرف المنتدى الرياضى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم Empty رد: مرثية بعد قرابة خمسين عاماً .زفلسفة الردى عند صلاح أحمد إبراهيم

مُساهمة من طرف خدورة أم بشق 23rd يوليو 2011, 06:30

الرسول عليه الصلاة والسلام لنا فيه أسوة حسنة كانت فقط تدمع عيناه ولا يبكي ولاينوح فذاك قضاء الله حين يسترد الوديعة وكذلك يحزن فالحزن إحساس ليس للإنسان فيه يد ... وجاء في الأثر يساأل الله ملائكة الموت : أقبضتم روح فلذة كبد عبدي فتقول الملائكة : نعم فيسألهم الله: وماذا قال عبدي فتقول الملائكة: حمدك واسترجع (إنا لله وإنا إليه راجعون) فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد

خدورة أم بشق
مشرف منتدى الشعر
مشرف منتدى الشعر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى