ابوجبيهه


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ابوجبيهه
ابوجبيهه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً

5 مشترك

اذهب الى الأسفل

وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً  Empty وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 19th ديسمبر 2010, 08:31

الأديب الشاعر / عالم عباس محمد نور


وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً

كانت تنامُ على وسائدِ شَوْكِهَا
والقهْرُ يوخِزُها
فتوقِظُها الهواجسُ
والكوابيسُ التي تطفُو كمثلِ الطفحِ في وجهٍ جميلْ
و مضَتْ تُكَتِّمُ في مَشِيمَةِ حُزْنِها الدَّامِي
جنيِنَاً أرّقَتْهُ الفاجعاتُ وأجْهضَتْهُ
وفي تصبُّرِهَا العنيدِ أتَتْ بهِ تَحْمِله
وانتبذَتْ به ركْنَاً قصيّا
مرّةً أخرَى، وثالثةً
وكان الخوفُ أنْ يصلوا
ولمّا ينقضي الليلُ الطويلْ
كدأْبِهَا انتظرَتْ فأثمرَتِ الْمَخاوفُ عن رجال (الأمن)
دسّوا في المشيمةِ
(ميكرفونا) هامِسَاً
وبَقَوْا هنالك راصدين وحاقدين يسجِّلون
حياتَهُ
حركاتِه
سكناتِهِ
والحزنَ والنبضَ الضَّئِيلْ
في حبْله السُرِيِّ أجْهِزةُ التنَصُّتِ
كالشرايين التي انتَشَرتْ
فَأضْحَتْ كالنَّواشِرِ فوق
ظهر المِعْصَمِ المَعْروقِ
في الجسد الهزيلْ
حتّى إذا مدَّتْ ذِراعاً أبيض للنيلِ
كان النيلُ في الرمقِ الأخيرِ
يُصَارعُ المَجْرَى
الذي
قد صار قَبْراً بالذي يجري
وليس الماءُ ما يجرِي
لهذا صار هذا النيلُ
قبراً أزْرق يتوسَّطُ المجرى فينتحبُ النّخيلْ
وتسلّلوا كالنّمْلِ فوق الرَّمْلِ
صار النيلُ يبصقُ ضفَّتَيْهِ تِقَيُّأً
في المقرن المجدور
والخرطومُ ترفلُ في تهتُّكِها الرخيصِ دعارة
وبَدَتْ لها سوْآتُها الكُبْرَى
وليس ثمّةَ
مِنْ حياءٍ ما يوارِي سَوْأَةَ الوطنِ القتيلْ
وتجسَّمتْ في الليل أشْبَاحٌ بدتْ فيهم ملامِحُنَا
فهم أشْباهُنَا
وحصادُ ما اكتسَبَتْ أيادينا
وهُمْ أوْزارُنا
فاحتْ نتانَتُهَا
فأغْرَتْ مِن ضواري الليل والآفات
من كل
النفايات التي يأتي بها ليلاً غُثَاءُ السَّيْلْ
ألا
مِنْ أيّ أْركانِ الظَّلام أَتَوْا
وكانوا أوّل الفجرِ الّذي لم نَنْسَ مقدِمَهُمْ
بدَوْا
مُتَجَمِّلين
على الوجوه براءةٌ
حتى ظنّنّاهم ملائكةً
وقدّيسين أطْهاراً
وما كَلّوا عن التسْبيحِ والترتيلْ
وأنْشدْنَا جميعاً خلفَهُم قُدّاسَ عيدِ المجدِ والبُشْرى
تُرَى ما بالُنا حَلّتْ عليهم
أو علينا لعنةٌ
صاروا وحوشاً واسْتبَاحوا لحْمَها
شربوُا دِماها قَبْلَ قُرْصِ الشمسِ تنْزِعُ
للأفولْ!
من أين جاءت هذه الديدانُ ناهشةً
لناخرِ عظْمِها أو ما تَبَقّى مِنْه
ما اكْتَنزَتْهُ يوم
اليُسر للعُسْر الذي يمتدُّ جيلاً بعد جيلْ
إرْثَاً من الأخلاقِ
والنُّبْلِ المُضَاعَفِ نسْجُهُ
وحلاوةِ الإيثارِ
نَجْدةَِ مُسْتَغيثِ الليل
والمُسْتصْرِخِ الملهوفِ
سِتْرِ نسائنا
وحمايةِ الجار البعيدْ
تبّاً لهُمْ
تبّاً لنا
من أيّ لعناتِ السماءِ وسخْطِها حَلّتْ بنا ؟
صار الفخارَ العارُ
صار العارُ غاراً
ثم أُبْدِلَتِ المَكارِمُ خِّسةً
أضحى التّنافسُ جُرْأةً
في هتكِ عِرْضِ الجارِ أقْربُ ما يكونُ
وأكْلُ مالَ السُحْتِ
مِن أفواهِ أطفالٍ تَهَاوَوْا في
المجاعات التي تمّتْ مُتاجَرَةٌ بها
مُتَسَوِّلٌ يَفْتَنُّ في إبرازِ عاهَتِهِ ليَسْتَجْدِي الفضولْ
أَ ذَا هُوَ الوطَنُ ؟
أم ذا هو الكَفَنُ ؟؟
جعلوك قبراً للنفايات التي يوماً
ستقْبُرُنا
وتُهْلِكُ نَسْلَنا وتنالُ مِنَّا
يا أيُّهَا الوطنُ الذي اغتالوكَ سِرّاً
يا أيها الوطنُ المُبَاعُ المُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّأً
من أيّ أصقاعِ الجحيم تلوحُ صاعقةُ العذابِ الهُونِ عاصفةً حُسُوما ؟
ليس فينا قومُ عادٍ
لا
وما كُنّا ثموداً
نحنُ لم نعْقِر النّاقةَ يا قومُ
ولا الوادي إرَمْ
لكنّما هيهاتَ أنْ يجدِي الندمْ!
أ ذا هو الوطنُ الذي في ساعةٍ
(كرري) يُقدِّمُ مَهْرَهُ الدّمويّ في رأْدِ الضُّحى
عشرةَ آلافٍ من الفرسان
يَنْشَقّون في ساحاتِ عُرْسِ المجد
نِيلاً أحمر في موْجِه
يَتَأَصّلُ الوطن الأصيلْ
أ ذا هو الوطنُ؟
أودتْ بهِ الإِحَنُ!
وهُوَ الذي كان (الخليفةُ) في المُصَلّى رابِضَا كالّليثِ
مُؤْتَزِراً وِشاحَ الصّبْرِ
والإيمانِ يَفْنَى صامِدَاً في الذَّوْدِ عنهُ
يمينُهُ ألقُ الفداءِ
وفي شمائِلِهِ الجَّسارةُ والشهادةْ!
إنْ كان ذا الوطنُ
فما هو الثمنُ ؟
أَ هُوَ الذي (دينارُ) وَطّنَ نفْسَهُ في الجانبِ الغربيِّ مِنْهُ
ليستعيدَ بمؤمنينَ تَدَرّعُوا
عزْماً وصبراً في البلاءِ
وأقْسَمُوا يردُوا المنونَ حياضَها
أو يدْرِكونَ الثّأْرَ لليومِ
الجليلْ
أم ذلك الوطنُ الذي (عثمانُ) في شَرْقِيِّهِ أسداً يُزَمْجِرُ فاتِكَاً فيَدُكّ صرحَ البَغْيِ
حِصْناً بعد حصنٍ، خلْفُهُ
" الله أكْبَرُ "
صرخةٌ تَعْلُو فيرْتدُّ الصّدَى حِمَمَاً تُدَمّرُ سطوةَ
البَاغي الدخيلْ
كأنْ لمْ يأْتِ للوطنِ المُبَاعِ سبيّةً
زمنٌ مِنَ التاريخِ كانتْ رايةٌ زرقاءُ خافقةً على
(سنّار)
خيلُ العِزِّ تركضُ في مرابعها
ومنْ فرسانها (بادي) بكلِّ شموخِهِ
و(شلوخِهِ)
وجسارةُ (الزاكي)
ونصرُ (عمارة الفونجِ) العريقِ
ومَكْرُماتِ الموتِ
في شرَفِ القَبيلْ
عجباً
ولكِنْ كيف هانَ وكيف هُنّا!
والأمسُ ذاك
فكيف كُنّا؟
إذاً هو الكفنُ؟
أم ذا هو الوطنُ ؟
في جوفه تتلاقحُ المِحَنُ!
وما هو الثمنُ؟
من قبلُ يا وطنَ الشّموخِ المُشْرَئِبِّ سماحةً
تنداحُ من كفّيك معجزةٌ
فتعتشبُ
الروابي معجزاتْ
هلاّ ابتكَرْتَ لنا كدأبِك عند بأْسِ اليأْسِ
معجزةً تطهّرُنا بها
وبها تُخَلِّصُ أرضَنا
من رجْسِها
حتى تصالحَنا السماءُ
وتزدَهِي الأرضُ المواتْ ؟
علّمتنا يا أيها الوطنُ الصباحْ
فنّ النّهوضِ من الجراحْ
تقشّعتْ ظلماتُ هذا اللّيلِ
اخْرِجْ كفَّكَ البيضاءَ يا وطني
وأسْكِرنَا بمعجزةٍ تعيدُ لنا
الحياةَ ويستفيقُ الروحُ في الجسد العليلْ
كانت تئنُ على وسائدِ شوكها والقهرُ يوخزُها
ويُقْعِدُها التوجُّسُ
هلْ ستُوْقِظُها طبولُ العِزّ بعدَ سُبَاتِها زمَناً
وما نامَتْ
وهاهِيَ ذِي تُجَددُ معجزاتٍ
طالَمَا عُرِفَتْ بِهَا دوماً
لِتَنْهَضَ من جديدْ


مارس/ ابريل 1985
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً  Empty رد: وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً

مُساهمة من طرف nashi 19th ديسمبر 2010, 08:46

كان النيلُ في الرمقِ الأخيرِ
يُصَارعُ المَجْرَى
الذي
قد صار قَبْراً بالذي يجري
وليس الماءُ ما يجرِي
لهذا صار هذا النيلُ
قبراً أزْرق يتوسَّطُ المجرى فينتحبُ النّخيلْ
وتسلّلوا كالنّمْلِ فوق الرَّمْلِ
صار النيلُ يبصقُ ضفَّتَيْهِ تِقَيُّأً
في المقرن المجدور


*****************************************
انتحب النخيل وسكان مجري النيل

لك الله يا وطني الجميل
اختيار رائع عمو ابوالزهور
تسلم
nashi
nashi
مشرف المنتدى الرياضى
مشرف المنتدى الرياضى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً  Empty رد: وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً

مُساهمة من طرف علي احمد علي شرف الدين 19th ديسمبر 2010, 10:56

واللة رغم أن هذه القصيدة كتبت في الثمانينيات ولكني أراها تجسد لواقعنا الحالي ..!
بربكك تأمل هذه المقاطع !!

أضحى التّنافسُ جُرْأةً
في هتكِ عِرْضِ الجارِ أقْربُ ما يكونُ
وأكْلُ مالَ السُحْتِ
مِن أفواهِ أطفالٍ تَهَاوَوْا في
المجاعات التي تمّتْ مُتاجَرَةٌ بها
مُتَسَوِّلٌ يَفْتَنُّ في إبرازِ عاهَتِهِ ليَسْتَجْدِي الفضولْ
أَ ذَا هُوَ الوطَنُ ؟
أم ذا هو الكَفَنُ ؟؟
جعلوك قبراً للنفايات التي يوماً
ستقْبُرُنا
وتُهْلِكُ نَسْلَنا وتنالُ مِنَّا
يا أيُّهَا الوطنُ الذي اغتالوكَ سِرّاً
يا أيها الوطنُ المُبَاعُ المُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّأً
الهم أصلح حال وطننا وجنبنا الفتن
شكراً أزهري إختيارك موفق
وفي إنتظار المزززززززززززيد
علي احمد علي شرف الدين
علي احمد علي شرف الدين
نشط مميز
نشط مميز


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً  Empty رد: وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً

مُساهمة من طرف غريق كمبال 19th ديسمبر 2010, 10:59

شكرا ابوالزهور على هذه الرائعه



انا سوداني
كــــــــــــل اجزائه لنا وطن اذ نباهي به ونفتتن
نتغنى بحسنه ابدا دونه لا يروقنا حسن
حيث كنا حدت بنا ذكر ملؤها الشوق كلنا شجن
نتملى جماله لنرى هل لترفيه عيشه ثمن
خير هذي الدماء نبذلها كالفدائي حين يمتحن
بسخاء بجرأة بقوى لا يني جهدها ولا تهن
تستــــهين الخطوب عن جلــــد تلك تنــهال وهي تتزن
أيها الناس نحن من نفر عمروا الارض حيث ما قطنوا
يذكر المجــــــد كلما ذكروا وهــــو يعتز حـــــين يقترن
حكمــوا العدل في الورى زمنا اترى هل يعود ذا الزمن
ردد الدهـــر حســـن سيرتهم ما بـــها حطــــة ولا درن
نزحوا لا ليظلموا احدا لا ولا لاضطهاد من امنوا
وكثيرون في صدورهم تتنزى الاحقاد والاحن
دوحة العرب اصلها كرم والى العرب تنسب الفطن
ايقظ الدهر بينهم فتنا ولكم افنت الورى الفتن
يا بلادا حوت ماثرنا كالفراديس فيضها منن
فجر النيل في اباطحها يكفل العيش وهي تحتضن
رقصت تلكم الرياض له وتثنت غصونها اللدن
وتغنى هزارها فرحا كعشوق حدا به الشجن
حفل الشيب والشباب معا وبتقديسه القمين عنوا
نحن بالروح للسودان فدا فلتدم انت ايها الوطن


غريق كمبال
غريق كمبال
مشرف المنتدى الاقتصادى
مشرف المنتدى الاقتصادى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً  Empty رد: وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً

مُساهمة من طرف محمد قادم نوية 19th ديسمبر 2010, 11:03

أزهرى الحاج البشير كتب:
الأديب الشاعر / عالم عباس محمد نور


وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً

كانت تنامُ على وسائدِ شَوْكِهَا
والقهْرُ يوخِزُها
فتوقِظُها الهواجسُ
والكوابيسُ التي تطفُو كمثلِ الطفحِ في وجهٍ جميلْ
و مضَتْ تُكَتِّمُ في مَشِيمَةِ حُزْنِها الدَّامِي
جنيِنَاً أرّقَتْهُ الفاجعاتُ وأجْهضَتْهُ
وفي تصبُّرِهَا العنيدِ أتَتْ بهِ تَحْمِله
وانتبذَتْ به ركْنَاً قصيّا
مرّةً أخرَى، وثالثةً
وكان الخوفُ أنْ يصلوا
ولمّا ينقضي الليلُ الطويلْ
كدأْبِهَا انتظرَتْ فأثمرَتِ الْمَخاوفُ عن رجال (الأمن)
دسّوا في المشيمةِ
(ميكرفونا) هامِسَاً
وبَقَوْا هنالك راصدين وحاقدين يسجِّلون
حياتَهُ
حركاتِه
سكناتِهِ
والحزنَ والنبضَ الضَّئِيلْ
في حبْله السُرِيِّ أجْهِزةُ التنَصُّتِ
كالشرايين التي انتَشَرتْ
فَأضْحَتْ كالنَّواشِرِ فوق
ظهر المِعْصَمِ المَعْروقِ
في الجسد الهزيلْ
حتّى إذا مدَّتْ ذِراعاً أبيض للنيلِ
كان النيلُ في الرمقِ الأخيرِ
يُصَارعُ المَجْرَى
الذي
قد صار قَبْراً بالذي يجري
وليس الماءُ ما يجرِي
لهذا صار هذا النيلُ
قبراً أزْرق يتوسَّطُ المجرى فينتحبُ النّخيلْ
وتسلّلوا كالنّمْلِ فوق الرَّمْلِ
صار النيلُ يبصقُ ضفَّتَيْهِ تِقَيُّأً
في المقرن المجدور
والخرطومُ ترفلُ في تهتُّكِها الرخيصِ دعارة
وبَدَتْ لها سوْآتُها الكُبْرَى
وليس ثمّةَ
مِنْ حياءٍ ما يوارِي سَوْأَةَ الوطنِ القتيلْ
وتجسَّمتْ في الليل أشْبَاحٌ بدتْ فيهم ملامِحُنَا
فهم أشْباهُنَا
وحصادُ ما اكتسَبَتْ أيادينا
وهُمْ أوْزارُنا
فاحتْ نتانَتُهَا
فأغْرَتْ مِن ضواري الليل والآفات
من كل
النفايات التي يأتي بها ليلاً غُثَاءُ السَّيْلْ
ألا
مِنْ أيّ أْركانِ الظَّلام أَتَوْا
وكانوا أوّل الفجرِ الّذي لم نَنْسَ مقدِمَهُمْ
بدَوْا
مُتَجَمِّلين
على الوجوه براءةٌ
حتى ظنّنّاهم ملائكةً
وقدّيسين أطْهاراً
وما كَلّوا عن التسْبيحِ والترتيلْ
وأنْشدْنَا جميعاً خلفَهُم قُدّاسَ عيدِ المجدِ والبُشْرى
تُرَى ما بالُنا حَلّتْ عليهم
أو علينا لعنةٌ
صاروا وحوشاً واسْتبَاحوا لحْمَها
شربوُا دِماها قَبْلَ قُرْصِ الشمسِ تنْزِعُ
للأفولْ!
من أين جاءت هذه الديدانُ ناهشةً
لناخرِ عظْمِها أو ما تَبَقّى مِنْه
ما اكْتَنزَتْهُ يوم
اليُسر للعُسْر الذي يمتدُّ جيلاً بعد جيلْ
إرْثَاً من الأخلاقِ
والنُّبْلِ المُضَاعَفِ نسْجُهُ
وحلاوةِ الإيثارِ
نَجْدةَِ مُسْتَغيثِ الليل
والمُسْتصْرِخِ الملهوفِ
سِتْرِ نسائنا
وحمايةِ الجار البعيدْ
تبّاً لهُمْ
تبّاً لنا
من أيّ لعناتِ السماءِ وسخْطِها حَلّتْ بنا ؟
صار الفخارَ العارُ
صار العارُ غاراً
ثم أُبْدِلَتِ المَكارِمُ خِّسةً
أضحى التّنافسُ جُرْأةً
في هتكِ عِرْضِ الجارِ أقْربُ ما يكونُ
وأكْلُ مالَ السُحْتِ
مِن أفواهِ أطفالٍ تَهَاوَوْا في
المجاعات التي تمّتْ مُتاجَرَةٌ بها
مُتَسَوِّلٌ يَفْتَنُّ في إبرازِ عاهَتِهِ ليَسْتَجْدِي الفضولْ
أَ ذَا هُوَ الوطَنُ ؟
أم ذا هو الكَفَنُ ؟؟
جعلوك قبراً للنفايات التي يوماً
ستقْبُرُنا
وتُهْلِكُ نَسْلَنا وتنالُ مِنَّا
يا أيُّهَا الوطنُ الذي اغتالوكَ سِرّاً
يا أيها الوطنُ المُبَاعُ المُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّأً
من أيّ أصقاعِ الجحيم تلوحُ صاعقةُ العذابِ الهُونِ عاصفةً حُسُوما ؟
ليس فينا قومُ عادٍ
لا
وما كُنّا ثموداً
نحنُ لم نعْقِر النّاقةَ يا قومُ
ولا الوادي إرَمْ
لكنّما هيهاتَ أنْ يجدِي الندمْ!
أ ذا هو الوطنُ الذي في ساعةٍ
(كرري) يُقدِّمُ مَهْرَهُ الدّمويّ في رأْدِ الضُّحى
عشرةَ آلافٍ من الفرسان
يَنْشَقّون في ساحاتِ عُرْسِ المجد
نِيلاً أحمر في موْجِه
يَتَأَصّلُ الوطن الأصيلْ
أ ذا هو الوطنُ؟
أودتْ بهِ الإِحَنُ!
وهُوَ الذي كان (الخليفةُ) في المُصَلّى رابِضَا كالّليثِ
مُؤْتَزِراً وِشاحَ الصّبْرِ
والإيمانِ يَفْنَى صامِدَاً في الذَّوْدِ عنهُ
يمينُهُ ألقُ الفداءِ
وفي شمائِلِهِ الجَّسارةُ والشهادةْ!
إنْ كان ذا الوطنُ
فما هو الثمنُ ؟
أَ هُوَ الذي (دينارُ) وَطّنَ نفْسَهُ في الجانبِ الغربيِّ مِنْهُ
ليستعيدَ بمؤمنينَ تَدَرّعُوا
عزْماً وصبراً في البلاءِ
وأقْسَمُوا يردُوا المنونَ حياضَها
أو يدْرِكونَ الثّأْرَ لليومِ
الجليلْ
أم ذلك الوطنُ الذي (عثمانُ) في شَرْقِيِّهِ أسداً يُزَمْجِرُ فاتِكَاً فيَدُكّ صرحَ البَغْيِ
حِصْناً بعد حصنٍ، خلْفُهُ
" الله أكْبَرُ "
صرخةٌ تَعْلُو فيرْتدُّ الصّدَى حِمَمَاً تُدَمّرُ سطوةَ
البَاغي الدخيلْ
كأنْ لمْ يأْتِ للوطنِ المُبَاعِ سبيّةً
زمنٌ مِنَ التاريخِ كانتْ رايةٌ زرقاءُ خافقةً على
(سنّار)
خيلُ العِزِّ تركضُ في مرابعها
ومنْ فرسانها (بادي) بكلِّ شموخِهِ
و(شلوخِهِ)
وجسارةُ (الزاكي)
ونصرُ (عمارة الفونجِ) العريقِ
ومَكْرُماتِ الموتِ
في شرَفِ القَبيلْ
عجباً
ولكِنْ كيف هانَ وكيف هُنّا!
والأمسُ ذاك
فكيف كُنّا؟
إذاً هو الكفنُ؟
أم ذا هو الوطنُ ؟
في جوفه تتلاقحُ المِحَنُ!
وما هو الثمنُ؟
من قبلُ يا وطنَ الشّموخِ المُشْرَئِبِّ سماحةً
تنداحُ من كفّيك معجزةٌ
فتعتشبُ
الروابي معجزاتْ
هلاّ ابتكَرْتَ لنا كدأبِك عند بأْسِ اليأْسِ
معجزةً تطهّرُنا بها
وبها تُخَلِّصُ أرضَنا
من رجْسِها
حتى تصالحَنا السماءُ
وتزدَهِي الأرضُ المواتْ ؟
علّمتنا يا أيها الوطنُ الصباحْ
فنّ النّهوضِ من الجراحْ
تقشّعتْ ظلماتُ هذا اللّيلِ
اخْرِجْ كفَّكَ البيضاءَ يا وطني
وأسْكِرنَا بمعجزةٍ تعيدُ لنا
الحياةَ ويستفيقُ الروحُ في الجسد العليلْ
كانت تئنُ على وسائدِ شوكها والقهرُ يوخزُها
ويُقْعِدُها التوجُّسُ
هلْ ستُوْقِظُها طبولُ العِزّ بعدَ سُبَاتِها زمَناً
وما نامَتْ
وهاهِيَ ذِي تُجَددُ معجزاتٍ
طالَمَا عُرِفَتْ بِهَا دوماً
لِتَنْهَضَ من جديدْ


مارس/ ابريل 1985

كلام صحي والله..ودا الواقع المعاش في السودان
محمد قادم نوية
محمد قادم نوية
مشرف منتدى الصوتيات
مشرف منتدى الصوتيات


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى