السودانيين " في مصر ضحايا التميز العنصري وسوء المعاملة والعنف الجسدي .
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
السودانيين " في مصر ضحايا التميز العنصري وسوء المعاملة والعنف الجسدي .
03-06-2015 :58 PM]
تحقيق صحفي :
محمد بحرالدين ادريس
كاتب سوداني مقيم بمصر
تفاقمت ظاهرة التمييز العنصري وعمليات الاتجار بالبشر والعنف الموجه ضد المهاجرين واللاجئين السودانيين وارتفاع حدتها خلال السنوات الأخيرة في جمهورية مصر العربية وأصبحت هذه الظاهرة تقض مضاجع العديد من المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية وتثير قلق منظمات المجتمع المدني و نشطاء حقوق الإنسان ، فقد أظهرت دراسة حديثة لاستطلاع الرأي قام بها مركز أفريقيا للسلام والتنمية الاجتماعية في ديسمبر كانون الثاني عام 2014 شملت عينة منتقاة من اللاجئين والمهاجرين "السودانيين" بأن ظاهرة التمييز العنصري ظاهرة مستفحلة ومتفشية في وسط المجتمع المصري ويعاني منها السواد الأعظم من "السودانيين " وبات اللاجئ والمهاجر السوداني في مصر وفقا لتقرير هيومن رايتس ووتش هدفاَ للعنصرية وسوء المعاملة والعنف وضحية للكراهية والابتزاز وأكثر عرضة لنشاطات عصابات الاتجار بالبشر .
ومنذ مطلع عام 2011 على وجه التحديد ازدادت وتيرة تدفق السودانيين إلي مصر بشكل غير مسبوق و يرجع عدد من المختصين والباحثين أسباب تزايد أعداد "السودانيين " بمصر إلي الحرب التي تدور رحاها منذ سنوات في السودان وتدني مستوي المعيشة وتباطؤ النشاط الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة في وسط الشباب وتفشي الفساد والجريمة فضلا عن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان و الحريات العامة ، وخلافا لما هو سائد في السابق بدأ حديثا الإعلاميين والمختصين المصريين في الشأن الأفريقي يدركون بأن وضع المهاجرين الأفارقة بشكل عام والسودانيين بشكل خاص لا يمكن فهمة أو تناوله بدون الرجوع إلى الجذور الأساسية للأزمة وهو قضية التميز العنصري والعداء المتنامي و الإقصاء الاجتماعي الممارس من المجتمع المصري ، هذا المجتمع الذي يصنف "السودانيين" بأنهم دخلاء ذو منزلة أدنى بصورة فطرية ضمن أنماط وقوالب مشوهة وخرافات وترهات راسخة في الجاهلية تركت بصماتها العميقة في الشارع المصري ، خلال فترة ما بين 2006 - 2012 أجريت الكثير من التحقيقات والتقارير الصحفية المصرية وتناول العديد من كتاب الرأي حول أوضاع السودانيين بمصر ولكن هذه المنشورات كانت تظهر اهتماما خاصا بقضايا رئيسة وخطوط عريضة مثل الوضع الاقتصادي والمعيشي والتسلل إلي إسرائيل وجذور الهجرة إلي مصر بينما قضية التمييز العنصري وتنامي الشعور المعادي تجاه "السودانيين" وهي قضية جوهرية تقع ضمن قضايا المسكوت عنها لم تأخذ نصيبها من النشر والنقاش ووضع الأصبع على الجرح الغائر في أعماق الفرد والمجتمع السوداني بمصر .
يصعب تحديد الأرقام الحقيقة للمهاجرين "السودانيين" بمصر بسبب انعدام الوضع القانوني لبعض المهاجرين ولكن طبقا لإحصاء صادر عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بمصر فأن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء "السودانيين" المعتمدين لديها حتى حزيران يونيو 2014 يبلغ (26000,400 ) لأجئ سوداني حيث يحتل المرتبة الثانية من إجمالي عدد اللاجئين البالغ 183 ألف لاجئ .
ويستند هذا التحقيق إلي دراسة ميدانية ومقابلات لأفراد وأسر من ضحايا التمييز والعنف تتراوح أعمارهم بين عشرين وخمسين عاما في القاهرة الكبرى والإسكندرية ، لقد رسم هذا التحقيق صورة مروعة وحوادث صادمة من العنف الجسدي والاغتصاب والاضطهاد وضرب بالحجارة والتعدي على الأموال وممارسة الإساءة اللفظي والاستغلال المادي وخطف الحقائب اليدوية والهواتف المحمولة أثناء المحادثة
.
أمرين كلاهما مُر :
يتمركز أغلب " السودانيين " في الأحياء الشعبية والمناطق العشوائية التي ترتفع فيها نسبة الأمية والبطالة وتنتشر الجريمة وتزداد معدلات الفقر وبنيتها التحتية وخدماتها ضعيفة حيث تنخفض الأجور نسبيا مقارنة بالأحياء الراقية ولكن ترتفع فيها الكراهية و الفوضى وتتضخم الشعور المعادي "للسودانيين " أكثر من الأحياء الراقية التي تعيش فيها جماعات من الطبقة الوسطي والنخب الاجتماعية المتعلمة حيث تنخفض مستوى التمييز العنصري الحاد ، ويعيش "السودانيين" في شقق متواضعة في مناخ ملائم لتأجيج مشاعر الكراهية والتذمر وفي جو يسيطر عليه الخوف والعزلة يمثلون كتلة بشرية غريبة لا تهضم في داخل الجسد المصري الذي ينضح فيه عدم الرضي والسخط والإحباط تجاه "السودانيين " على نحو خاص
ويقول لوي احمد 29 عاما ويعيش في منطقة عين شمس منذ فبراير شباط عام 2011م والحسرة تظهر في قصته نحن نعاني الأمرين أما السكن في الأحياء الراقية إذ تنخفض العنصرية ولكن ترتفع أجور الشقق أو العيش في الأحياء الشعبية حيث تنخفض أسعار الشقق وترتفع معدلات الجريمة وتفتقد للأمان و تنامي الشعور المعادي " للسودانيين " ، ويضيف احمد أنني اخترت الإقامة في منطقة عين شمس بسبب أوضاعي الاقتصادية ونعاني من نظرة المجتمع السلبي تجاهنا ونتعرض يوميا لأشكال من التمييز ، ويحكي لوي انه أصيب بجروح قطعية في بطنه و ذراعه الأيمن قبل عامين على يد شاب مصري ويروي لوي تفاصيل الحادث الذي تعرض له بالقول أثناء حديثي بالهاتف المحمول في منطقة ألف مسكن فوجئت بشاب يعترض طريقي و يحاول خطف هاتفي المحمول وعندما رفضت ذلك نشب بيننا مشادة كلامية استل خلالها الشاب مطواة كانت بحوزته وسدد لي ثلاثة طعنات محدثا إصابات نافذة في البطن وذراعي الأيمن دخلت على أثرها المستشفى ويقول لوي رغم كل هذا لا نجد سبيلا سوى الاستمرار في الإقامة بمصر لأنه لاجئ لدي المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وينتظر تسوية أوضاعه القانونية والحصول على وضع لاجئ معترف به من المفوضية .
نعيش في عزلة اجتماعية وأبنائي يتعرضون للضرب من أقرانهم :
نصر الدين عبد الله 38 عاماً يعيش وأسرته في حي المعادي منذ سنتين يقول انه تعرض خلالها لأشكال من العنف والتمييز والعزلة أما أبناءه الثلاث يخشون النزول إلي الشارع بسبب تعرضهم للضرب المبرح والسب والشتم والإساءة بالألفاظ مرارا وتكرارا من أفرانهم المصريين في الحي ويحكي نصر الدين ان ابنه الأكبر واسمه مأمون وعمره تسعة سنوات تم ضربه بالحجارة في رأسه مرتين من أبناء جيرانه فقد على أثره الكثير من الدماء وعندما ذهب إلي أولياء أمور الطفل الجاني للشكوى تعرض لسوء المعاملة وطرد وقال له والد الطفل ( اقفل الباب وراءك وما تجيش هنا ثاني من فضلك ) وفي أثناء حديثنا أصرت أم الفقرة زوجة نصر الدين ان تعد لنا واجب الضيافة ( كوب من الشاي ) وبعد ان خلصت من كرم ضيافتها بدأت وجهها تنتفض والدموع تنساب من عينيها فقد كانت في حاجة لمن يستمع إليها قالت أنها منذ إقامتها في الحي لم تتعرف على احد من جيرانها وينظروا إليها بالسخرية والكراهية وتعيش شعور بالغربة والعزلة والخوف من جيرانها وتضيف أم الفقراء نحن كبار نتفهم الأمر ولكن قلقنا وخوفنا الأعظم على أبناءنا ضحايا الاضطهاد والإساءة والظلم والتمييز والضرب لقد تصاعدت وتيرة الاعتداءات والضرب والمضايقات من زملائهم في المدرسة بشكل كبير مما يجعلنا في حالة قلق دائم ونشعر بالخوف على مصير أولادنا .
نسمع ألفاظ عنصرية في الشارع:
التميز العنصري يحاصرنا في كل الاتجاهات في الشارع ومكان العمل وفي الحارة وفي المؤسسات الحكومية ومخافر الشرطة ونتعرض يوميا في الشارع للاستفزاز والإساءة لفظية مثل - يا عبيط ، يا اسود ، يا شوكلاتة ، يا شيكة ، يا سمارة ،يا دلمة ، – هكذا عبر نادر عن معاناته مع العنصرية مضيفا ان المصرين ينظروا إلينا بنظرة عداء وكأناس أغبيا وبدائيين ومتخلفين وأصحاب جرائم العنف ومتعاطيّ الممنوعات وهي نظرة تتسم بالغباء والجهل وتحتوي على مشاهد من التمييز على أساس اللون والعرق بل هي تصور مشوه وزائف للحقائق التاريخية والثقافية لا تنطلي على احد
تعرضت للاغتصاب والعنف الجنسي:
تضاعفت حالات التحرش و الاعتداء الجنسي المسلط على الفتيات السودانيات في مصر خلال سنوات الأخيرة ويؤكد مركز دراسات السودان المعاصر في تقريره الصادر في يوليو تموز عام 2014 م تزايد حالات الاغتصاب وسط اللاجئات السودانيات مع انسداد السبل أمام التماس العدالة ، وطالب مركز دراسات السودان المعاصر ومركز القاهرة لحقوق الإنسان في سبتمبر أيلول عام 2014 السلطات المصرية باتخاذ إجراءات صارمة وفعالة لوضع حد لإفلات مرتكبي جرائم الاعتداء الجنسي ضد السودانيات من العقاب ، وهناك العديد من الفتيات اللاتي كنا بشكل ثابت ضحايا لجرائم الاغتصاب والعنف الجنسي ولكن يصعب كشفها أو إفصاح عنها إذ تعتبر مصارحة بحادثة الاغتصاب عند فتاة سودانية أكثر مواضيع حساسية ً بسبب أحساس بالخجل والخوف من العار لذلك تلجأ ضحايا الاغتصاب إلي الصمت وإبقاء الجريمة طي الكتمان إلا إننا تمكنا من الوصول إلي احد ضحايا الاغتصاب طلبت عدم كشف عن اسمها ونعزي ذلك لأسباب سالف الذكر
(س م ) فتاة سودانية 24عاما تعيش مع أسرتها في مدينة 6اكتوبر حوالي 32 كيلوا متر جنوب القاهرة قالت إنها تعرضت لجريمة اغتصاب وحشية على يد ثلاث مراهقين مصرين في احد شقق داخل المبني الذي تسكن فيها وتروي (س م ) بأنها أثناء نزولها من الطابق الخامس عبر السلم خرج شاب من باب شقة في الطابق الثالث مع سبق الإصرار والترصد وامسك من يدها ثم سحبها بسرعة داخل الشقة واستل مطواة كانت بحوزته وهددها بالقتل حال صراخها ووضع قطعة من القماش في فمها ثم ادخلها في غرفة حيث يجلس شابين أخرين داخل الغرفة فامسكا من يدها ثم قاما بدفعها نحو السرير تحت تهديد ، وتضيف )س م ) بعد ان احمرّ وجهها خجلا بأنها استسلمت لمغتصبيها أخيرا بسبب الخوف وضعف الحيلة ثم تناوب الشبان الثلاث باغتصابها لأكثر من ساعتين وكشفت الفتاة الضحية بأنها توجهت اليوم التالي إلي مخفر الشرطة لتسجيل البلاغ ولكن الرجال الشرطة تجاهلوا شكواها وتعرضت في المخفر للسخرية والمضايقات والضحك من بعض الرجال الشرطة وأشارت في ختام حديثها بأنها تعرف العديد من النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب وفضلن الصمت خوفا من الفضيحة والعار والقصاص من الجناة موضحاً ان هذه الظاهرة الواسعة الانتشار جعلت البنت السودانية التي تعيش في الأحياء الشعبية في حالة حذر وخوف وقلق دائم وغير قادرة على ممارسة حياتها بصورة طبيعية لا سيما في الأحياء الفقيرة ، حيث تشعر بأنها في بيئة تفتقد للأمان و عرضة للتحرش والاعتداء في أية لحظة
.
بسبب العنف والعنصرية وجو الإكراه في مصر هربت إلي إسرائيل ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن .
يقول ( الطاهر ) العائد للتو من إسرائيل هربا انه احد ضحايا مجزرة مصطفى محمود عام 2006 حيث تعرض للكسر في يده اليسرى و هرباً من جو الإكراه والتسلط والعنصرية وانسداد الحلول أمامه تسلل مع مجموعة أخرى من السودانيين إلي إسرائيل ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهى السفن لقد تعرضنا في إسرائيل لنوع أخر من التمييز والعنصرية وهي العنصرية الدينية والثقافية بسبب انتماءنا إلي الإسلام والثقافة العربية فأصبحنا عرضة للعداء والكراهية ، ومارست السلطات الإسرائيلية ضغوطات على اللاجئين السودانيين من خلال قانون سنه كنيست الإسرائيلي في 16 كانون الأول عام 2013 يقضي باحتجاز وحبس المهاجرين الأفارقة بشكل عام والسودانيين على نحو خاص لمدة عام دون تهمة أو تقديمهم للعدالة ، والي جانب تنامي الشعور المعادي للسودانيين في وسط المجتمع الإسرائيلي أجبر العديد من السودانيين العودة هربا إلى مصر وبحث عن سبل جديدة للهجرة الى أوربا منوها بأن أوضاع اللاجئين السودانيين في مصر تحولت من السيئ إلي أسوأ.
.
نعاني في العمل
رغم صعوبة إيجاده يحاول الكثير من السودانيين البحث عن عمل لتحسين ظروفهم المعيشية ودفع تكاليف السكن المرتفع نسبيا ويضطر السودانيين العمل بأجور منخفضة وبمشقة وجور في الأعمال العضلية وفي الغالب الخطرة مثل المناجم، والأعمال الكيميائية، والمصافي، ودباغة الجلود ، ومصانع الحديد والنحاس ، ورفع الأثقال ويقول محمود 28 عاما انه يعمل 12 ساعات في اليوم في مصنع لسبك المعادن براتب 1100 جنيه يواجه خلالها لأشكال من التمييز والعنصرية و الضغط الجسدي والنفسي وأضاف الطاهر بأن هذا المبلغ لا يكفي احتياجاته اليومية وأجور الشقة المرتفعة نسبياً ، أما النساء العاملات يعملن في البيوت و يمارسن أعمال الكنس والنظافة في ظل وضع يسود فيه الفوضى وينتشر التحرش والتمييز العنصري وتقول سامية 30 عاما متزوجة وأم لطفلين أنها تعمل في النظافة والكنس في احد الشقق في حي مصر الجديدة براتب ضئيل من تسعة صباحا حتى الرابعة مساءا وتتعرض أثناء عملها للضغط والشتم والتحرش والعنصرية من أرباب العمل وأبناءهم الصغار
العنصرية الخفية – ما يبدو خفيا هو واضح ببساطة .
صلاح عبدالعزيز ناشط سياسي سوداني عبر عن شعوره وتأسفه عن العنصرية التي تمارس ضد السودانيين بمصر وقال ان الشعور بالتمييز العنصري والكراهية والإحساس بعدم القبول من المجتمع المصري منتشر على نطاق واسع في أوساط المجتمع السوداني بمصر وهو إحساس يعيشه كل سوداني يوميا ويضيف صلاح بأن العنصرية الموجهة تجاه السودانيين لم تقتصر على الألفاظ النابية وأوصاف علنية أو لغة اللسان فحسب بل تتعدي ذلك ليصبح ممارسة العنصرية من خلال ما يعرف بالعنصرية الخجولة أو العنصرية الخفية وهي شكل من أشكال العنصرية تمارس بواسطة استخدام لغة الجسد ولغة الإشارة بدلا من لغة اللسان مثل حركات الجسدية وإيماءات اليدين وإصدار الأصوات و سعال ، لقد تحول أغلبية العنصريين المصرين إلي هذا النمط من العنصرية في السنوات الأخيرة ، ويوضح الأستاذ صلاح بأنه كل يوم في الشارع وفي المترو والأماكن العامة نسمع السعال من أشخاص يجلسون او يمرون من قربك وهي إشارة إلى سوء الهضم و وضع اليد في الأنف وحكه وهذا إشارة إلي القذارة أو ان يحك رأسه ، ويحكي صلاح ان والدته جاءت لزيارته في مصر قبل ثلاثة سنوات فسألني ما إذا كان المصريين مصابون بأمراض الرئة والصدر فوقفت عند هذا السؤال قليلا ثم قلت لها ان المصريين أكثر شعوب العالم تدخينا للسجائر والشيشة مما تسببت لهم السعال الدائم حفظا لمشاعرها ، هذه الحجة المسكينة لا تعرف كثيرا عن المصريين ولكنها عرفت بأن هنالك مرض عضال يسيطر عليهم ، مرض نفسي يصيب الشخص ويحوله إلي الكراهية ومعاداة أخيه الإنسان انه وباء العنصرية ، ان وضع اليد على الأنف او السعال في محيط تواجدك يعتبر ان صاحبه مارس العنصرية تجاهك وان ما يبدو خفيا لدي المصريين هو واضح ببساطة لدي الضحايا السودانيين .
العروبة والثقافة الواحدة والجيرة لم تستثنى السودانيين من عنصرية المجتمع .
يقع السودان ضمن ما يعرف بخريطة العالم العربي وتنتمي إلي منظومة جامعة الدول العربية وتسيطر الثقافة العربية مكانة مرموقة في السودان فضلا عن اللغة العربية التي تعتبر لغة رسمية في البلاد ووسيلة التخاطب والتواصل بين الشعوب السودانية ويلقن الفرد السوداني منذ نعومة أظافره بأنه ينتمي لهذه الأمة ويتربى على حب مصر وشعبه ، حيث يسمونها شقيقة بلادي الكبرى ’ ولكن عندما يبدأ رحلته الأولي ويطأ قدمه على ارض مصر سرعان ما يكتشف بأنه في وضع مغاير عسير الهضم و عرضة للحوادث العنصرية وسوء المعاملة وهدفا ثابتا للمضايقات الشرطة ويساوره الشكوك حول الكثير من ما تأصل في وجدانه عن مصر وشعبه هكذا بدأ الدكتور ابراهيم عبدالمولى استاذ علم الاجتماع في الجامعات حديثه عن ظاهرة الكراهية والتمييز العنصري الموجهة خصوصا ضد " السودانيين " ويقدم الدكتور عبدالمولي تفسيرين لشرح هذه الظاهرة الى جانب عوامل أخري تقف وراءها ، فبنسبة للتفسير الأول يقول بأن هناك عدم قبول وكراهية واسعة في مصر لذوي البشرة السوداء والسمراء و يصنف " السودانيين " ضمن هذه القائمة بسبب اختلاف لون بشرتهم عن سائر الشعوب العربية حيث يغلب الدم الأفريقي لدي السوداني أكثر من الدماء العربية , اما التفسير الثاني يتعلق بالعوامل التاريخية المتأصلة قي أذهان المصريين عن السودان وشعبه وخاصة ارث العهود الغابرة مثل غزو مصر للسودان وما تبعته من الممارسات هذا الإرث التاريخي عزز اعتقاد السائد لدى المصرين بأن السوداني منزلته ادني ويضيف د/عبدالمولى بعض العوامل الحديثة التي ساهمت في تأجيج الكراهية مثل مباراة الجزائر ومصر في 18 نوفمبر تشرين الأول 2009 في مدينة أم درمان السودانية التي حدثت فيها أعمال شغب وإضطرابات واسعة بين جمهور المنتخبين المتنافسين مما أدى إلي توتر دبلوماسي بين مصر والجزائر من جهة والسودان ومصر من جهة أخرى وأعتبر المصريين حينها ان السودان وشعبه انحازا الي جانب الجزائر فأصبح السودانيين في مصر هدفا للجمهور المتعصب في شوارع مصر وتعرض العديد منهم للاعتداءات الوحشية والضرب والإساءة وأعمال السرقة والتحرش بالنساء وإضافةً لوسائل الإعلام التي لعبت دور ليس بالقليل في تغذية العنصرية ، هذه العوامل ساهمت في زيادة العداء والكراهية الموجهة ضد السودانيين وحقنت المجتمع المصري بجرعات إضافية من العنصرية .
العزلة وصعوبة الاندماج في المجتمع
يقول الأستاذ حسن عيسي مدير مركز أفريقيا للسلام و التنمية الاجتماعبة ، ان احد الملامح المركزية وأكثر إثارة بنسبة للاجئين السودانيين البطء شديد في عملية الاندماج ففي الحقيقة أصبح السودانيين معزولين وسط المجتمع المصري رغم التاريخ الطويل للهجرة والتدفق في مصر ورغم اتفاقية الحريات الأربعة المبرمة بين مصر والسودان في4 أبريل نيسان 2004 والتي تتيح للجالية السودانية واللاجئين السودانيين المطالبة بحقوق متساوية مع المواطنين المصريين في مجال التجارة والإقامة والتنقل والعمل ولكن هذه الاتفاقية أصبحت حبر على ورق ويوضح الأستاذ حسن ان ظاهرة التمييز والعداء تجاه السودانيين ليست جديدة ولكن ارتفاع حدتها بهذه السرعة وبلوغها هذا المستوي أمر يثير القلق والخوف ليس لدى السودانيين فحسب بل حتى لدي الأفارقة المقيمين في مصر لقد ساهمت وسائل الأعلام في رسم صورة مشوهة مما زادت من حدة العنصرية وبلورة صورة قاتمة أكثر عداءا في عقلية الشخص المصري.
إسرائيل ليست بالامكان أفضل مما كان
يوضح الدكتور ايمن أبو طاقية خبير مختص في مجال الهجرة وحقوق الإنسان كيف ان اللاجئين السودانيين هربوا إلي إسرائيل بعد أحداث ميدان مصطفي محمود بوسط القاهرة في 29 / ديسمبر كانون الأول عام 2005 التي راح ضحيتها 27 قتيلا وجرح المئات من اللاجئين المعتصمين العزل على يد رجال الشرطة المصرية بصورة وحشية وعنصرية استخدمت فيها الهروات المطاطية وخراطيم المياه والطلقات النارية و الضرب بالعصي الكهربائية دون تمييز بين النساء والعجزة والأطفال ويؤكد الحكومة المصرية أنها تلقت إخطار من المفوضية السامية للاجئين بفض الاعتصام ، وقد عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عشية وقوع الأحداث في أول يناير قانون الثاني عام 2006 أن هذا الحادث المأساوي لا يمكن تبريره"، وأعرب عن أسفه الشديد بأن الوضع لم يحل بطريقة سلمية وعبر الحوار ، ويقول الدكتور أيمن بعد تلك الأحداث أصبح امام اللاجئين السودانيين خيارين لا ثالث لهما أما ان يعودوا أدراجهم إلي السودان والعيش تحت وطأة الحرب والفقر والجوع وعدم توفر مقومات الحياة أو التقبل بالمكوث في مصر في ظل أوضاع تسيطر عليها الإكراه والتمييز العنصري والعزلة الاجتماعية وتسلط وعدم وجود العمل و انسداد كافة البدائل والحلول طرأت فكرة الهجر إلي إسرائيل من بعض المهاجرين الأفارقة الاقتصاديين ثم طبعته بعض ذلك السودانيين البائسين بعد مخاض عسير فتسلل نسبة غالبة من ضحايا أحداث مصطفي محمود عبر الأسلاك الشائكة إلى إسرائيل تلبية لحاجات الاقتصادية وبحثا عن جو أكثر لبرالية والانفتاح ، ويضيف د / ايمن ان إسرائيل قد واجهت خلال فترة ما بين2006 – 2012 تدفقا غير مسبوق للمهاجرين الأفارقة عبر الحدود المصرية وكانت المهاجرين السودانيين في طليعة هذه الهجرة من المهاجرين السودانيين إلى إسرائيل هربا من جو الإكراه والتسلط في مصر وبحثا عن حياة أفضل ، وكان عدد المهاجرين السودانيين القادمين من السودان بدأ في تزايد فأصبح هناك مخاوف واسع الانتشار في وسط المتطرفين والمجتمع الإسرائيلي بأن السودانيين الذين يقطنون الأكواخ يشكلون أجساما غريبة بعيدا عن الثقافة اليهودية ودون ان ينصهروا في بوتقة المجتمع الإسرائيلي بسبب خلفيتهم الدينية والثقافية ( العربية والإسلام ) ، ويرصد د/ أيمن ان هذا الأمر ساهم في زيادة نشاط اليمين المتطرف المناهض للهجرة وبروز جيوب قادت المظاهرات المعادية للوجود السوداني الذي أصبح لاحقا هدفا خاصة للعداء والتمييز حيث بات ينظر إليه على انه أكثر مهاجرين الأفارقة تهديدا للهوية الإسرائيلية، وبضغط من الشارع واليمين المتطرف المناهض للهجرة أصدر كنيست الإسرائيلي قانونا في 16كانون الأول 2013 يقضي باحتجاز وحبس المتسللين الأفارقة بشكل عام والسودانيين على نحو خاص لمدة عام دون المسألة القانونية أو التماس للعدالة هذا القانون مارست الضغوطات الكبيرة على اللاجئين والمهاجرين السودانيين فضلا عن انتشار شعور المعادي للهجرة السودانية فقرر العديد من المهاجرين السودانيين في إسرائيل العودة إلي مصر لبحث عن طرق أخرى للهجرة إلي أوربا عبر البحر الأبيض المتوسط
.
إن المسؤولية الملقاة على عاتق الحكومة المصرية في تقديري العمل على مكافحة هذه الظاهرة باعتبارها ظاهرة كريهة لا تشبه الشعوب المتحضرة واتخاذ خطوت جادة لتلافي كل ما يتعلق بالعنصرية رغم صعوبتها من خلال إصدار قوانين يحق لضحايا العنصرية التماس العدالة وعلى وسائل الأعلام المصرية لعب دور كبير في حد من العنصرية وتلافي الصورة النمطية لدي الشخص المصري تجاه الفرد السوداني فلا يمكن إنكار دور الذي لعبته وسائل الإعلام المصرية في تعميق الهوى بين الشعبين السوداني ومصري وتكريس صورة نمطية قبيحة ومشوهة عن الإنسان السوداني ومساهمة بشكل خطير في ارتفاع حدة هذه الظاهرة وبلورة صورة قاتمة في عقلية المصريين تجاه الشخص السوداني .
afendytress@yahoo.com
تحقيق صحفي :
محمد بحرالدين ادريس
كاتب سوداني مقيم بمصر
تفاقمت ظاهرة التمييز العنصري وعمليات الاتجار بالبشر والعنف الموجه ضد المهاجرين واللاجئين السودانيين وارتفاع حدتها خلال السنوات الأخيرة في جمهورية مصر العربية وأصبحت هذه الظاهرة تقض مضاجع العديد من المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية وتثير قلق منظمات المجتمع المدني و نشطاء حقوق الإنسان ، فقد أظهرت دراسة حديثة لاستطلاع الرأي قام بها مركز أفريقيا للسلام والتنمية الاجتماعية في ديسمبر كانون الثاني عام 2014 شملت عينة منتقاة من اللاجئين والمهاجرين "السودانيين" بأن ظاهرة التمييز العنصري ظاهرة مستفحلة ومتفشية في وسط المجتمع المصري ويعاني منها السواد الأعظم من "السودانيين " وبات اللاجئ والمهاجر السوداني في مصر وفقا لتقرير هيومن رايتس ووتش هدفاَ للعنصرية وسوء المعاملة والعنف وضحية للكراهية والابتزاز وأكثر عرضة لنشاطات عصابات الاتجار بالبشر .
ومنذ مطلع عام 2011 على وجه التحديد ازدادت وتيرة تدفق السودانيين إلي مصر بشكل غير مسبوق و يرجع عدد من المختصين والباحثين أسباب تزايد أعداد "السودانيين " بمصر إلي الحرب التي تدور رحاها منذ سنوات في السودان وتدني مستوي المعيشة وتباطؤ النشاط الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة في وسط الشباب وتفشي الفساد والجريمة فضلا عن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان و الحريات العامة ، وخلافا لما هو سائد في السابق بدأ حديثا الإعلاميين والمختصين المصريين في الشأن الأفريقي يدركون بأن وضع المهاجرين الأفارقة بشكل عام والسودانيين بشكل خاص لا يمكن فهمة أو تناوله بدون الرجوع إلى الجذور الأساسية للأزمة وهو قضية التميز العنصري والعداء المتنامي و الإقصاء الاجتماعي الممارس من المجتمع المصري ، هذا المجتمع الذي يصنف "السودانيين" بأنهم دخلاء ذو منزلة أدنى بصورة فطرية ضمن أنماط وقوالب مشوهة وخرافات وترهات راسخة في الجاهلية تركت بصماتها العميقة في الشارع المصري ، خلال فترة ما بين 2006 - 2012 أجريت الكثير من التحقيقات والتقارير الصحفية المصرية وتناول العديد من كتاب الرأي حول أوضاع السودانيين بمصر ولكن هذه المنشورات كانت تظهر اهتماما خاصا بقضايا رئيسة وخطوط عريضة مثل الوضع الاقتصادي والمعيشي والتسلل إلي إسرائيل وجذور الهجرة إلي مصر بينما قضية التمييز العنصري وتنامي الشعور المعادي تجاه "السودانيين" وهي قضية جوهرية تقع ضمن قضايا المسكوت عنها لم تأخذ نصيبها من النشر والنقاش ووضع الأصبع على الجرح الغائر في أعماق الفرد والمجتمع السوداني بمصر .
يصعب تحديد الأرقام الحقيقة للمهاجرين "السودانيين" بمصر بسبب انعدام الوضع القانوني لبعض المهاجرين ولكن طبقا لإحصاء صادر عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بمصر فأن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء "السودانيين" المعتمدين لديها حتى حزيران يونيو 2014 يبلغ (26000,400 ) لأجئ سوداني حيث يحتل المرتبة الثانية من إجمالي عدد اللاجئين البالغ 183 ألف لاجئ .
ويستند هذا التحقيق إلي دراسة ميدانية ومقابلات لأفراد وأسر من ضحايا التمييز والعنف تتراوح أعمارهم بين عشرين وخمسين عاما في القاهرة الكبرى والإسكندرية ، لقد رسم هذا التحقيق صورة مروعة وحوادث صادمة من العنف الجسدي والاغتصاب والاضطهاد وضرب بالحجارة والتعدي على الأموال وممارسة الإساءة اللفظي والاستغلال المادي وخطف الحقائب اليدوية والهواتف المحمولة أثناء المحادثة
.
أمرين كلاهما مُر :
يتمركز أغلب " السودانيين " في الأحياء الشعبية والمناطق العشوائية التي ترتفع فيها نسبة الأمية والبطالة وتنتشر الجريمة وتزداد معدلات الفقر وبنيتها التحتية وخدماتها ضعيفة حيث تنخفض الأجور نسبيا مقارنة بالأحياء الراقية ولكن ترتفع فيها الكراهية و الفوضى وتتضخم الشعور المعادي "للسودانيين " أكثر من الأحياء الراقية التي تعيش فيها جماعات من الطبقة الوسطي والنخب الاجتماعية المتعلمة حيث تنخفض مستوى التمييز العنصري الحاد ، ويعيش "السودانيين" في شقق متواضعة في مناخ ملائم لتأجيج مشاعر الكراهية والتذمر وفي جو يسيطر عليه الخوف والعزلة يمثلون كتلة بشرية غريبة لا تهضم في داخل الجسد المصري الذي ينضح فيه عدم الرضي والسخط والإحباط تجاه "السودانيين " على نحو خاص
ويقول لوي احمد 29 عاما ويعيش في منطقة عين شمس منذ فبراير شباط عام 2011م والحسرة تظهر في قصته نحن نعاني الأمرين أما السكن في الأحياء الراقية إذ تنخفض العنصرية ولكن ترتفع أجور الشقق أو العيش في الأحياء الشعبية حيث تنخفض أسعار الشقق وترتفع معدلات الجريمة وتفتقد للأمان و تنامي الشعور المعادي " للسودانيين " ، ويضيف احمد أنني اخترت الإقامة في منطقة عين شمس بسبب أوضاعي الاقتصادية ونعاني من نظرة المجتمع السلبي تجاهنا ونتعرض يوميا لأشكال من التمييز ، ويحكي لوي انه أصيب بجروح قطعية في بطنه و ذراعه الأيمن قبل عامين على يد شاب مصري ويروي لوي تفاصيل الحادث الذي تعرض له بالقول أثناء حديثي بالهاتف المحمول في منطقة ألف مسكن فوجئت بشاب يعترض طريقي و يحاول خطف هاتفي المحمول وعندما رفضت ذلك نشب بيننا مشادة كلامية استل خلالها الشاب مطواة كانت بحوزته وسدد لي ثلاثة طعنات محدثا إصابات نافذة في البطن وذراعي الأيمن دخلت على أثرها المستشفى ويقول لوي رغم كل هذا لا نجد سبيلا سوى الاستمرار في الإقامة بمصر لأنه لاجئ لدي المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وينتظر تسوية أوضاعه القانونية والحصول على وضع لاجئ معترف به من المفوضية .
نعيش في عزلة اجتماعية وأبنائي يتعرضون للضرب من أقرانهم :
نصر الدين عبد الله 38 عاماً يعيش وأسرته في حي المعادي منذ سنتين يقول انه تعرض خلالها لأشكال من العنف والتمييز والعزلة أما أبناءه الثلاث يخشون النزول إلي الشارع بسبب تعرضهم للضرب المبرح والسب والشتم والإساءة بالألفاظ مرارا وتكرارا من أفرانهم المصريين في الحي ويحكي نصر الدين ان ابنه الأكبر واسمه مأمون وعمره تسعة سنوات تم ضربه بالحجارة في رأسه مرتين من أبناء جيرانه فقد على أثره الكثير من الدماء وعندما ذهب إلي أولياء أمور الطفل الجاني للشكوى تعرض لسوء المعاملة وطرد وقال له والد الطفل ( اقفل الباب وراءك وما تجيش هنا ثاني من فضلك ) وفي أثناء حديثنا أصرت أم الفقرة زوجة نصر الدين ان تعد لنا واجب الضيافة ( كوب من الشاي ) وبعد ان خلصت من كرم ضيافتها بدأت وجهها تنتفض والدموع تنساب من عينيها فقد كانت في حاجة لمن يستمع إليها قالت أنها منذ إقامتها في الحي لم تتعرف على احد من جيرانها وينظروا إليها بالسخرية والكراهية وتعيش شعور بالغربة والعزلة والخوف من جيرانها وتضيف أم الفقراء نحن كبار نتفهم الأمر ولكن قلقنا وخوفنا الأعظم على أبناءنا ضحايا الاضطهاد والإساءة والظلم والتمييز والضرب لقد تصاعدت وتيرة الاعتداءات والضرب والمضايقات من زملائهم في المدرسة بشكل كبير مما يجعلنا في حالة قلق دائم ونشعر بالخوف على مصير أولادنا .
نسمع ألفاظ عنصرية في الشارع:
التميز العنصري يحاصرنا في كل الاتجاهات في الشارع ومكان العمل وفي الحارة وفي المؤسسات الحكومية ومخافر الشرطة ونتعرض يوميا في الشارع للاستفزاز والإساءة لفظية مثل - يا عبيط ، يا اسود ، يا شوكلاتة ، يا شيكة ، يا سمارة ،يا دلمة ، – هكذا عبر نادر عن معاناته مع العنصرية مضيفا ان المصرين ينظروا إلينا بنظرة عداء وكأناس أغبيا وبدائيين ومتخلفين وأصحاب جرائم العنف ومتعاطيّ الممنوعات وهي نظرة تتسم بالغباء والجهل وتحتوي على مشاهد من التمييز على أساس اللون والعرق بل هي تصور مشوه وزائف للحقائق التاريخية والثقافية لا تنطلي على احد
تعرضت للاغتصاب والعنف الجنسي:
تضاعفت حالات التحرش و الاعتداء الجنسي المسلط على الفتيات السودانيات في مصر خلال سنوات الأخيرة ويؤكد مركز دراسات السودان المعاصر في تقريره الصادر في يوليو تموز عام 2014 م تزايد حالات الاغتصاب وسط اللاجئات السودانيات مع انسداد السبل أمام التماس العدالة ، وطالب مركز دراسات السودان المعاصر ومركز القاهرة لحقوق الإنسان في سبتمبر أيلول عام 2014 السلطات المصرية باتخاذ إجراءات صارمة وفعالة لوضع حد لإفلات مرتكبي جرائم الاعتداء الجنسي ضد السودانيات من العقاب ، وهناك العديد من الفتيات اللاتي كنا بشكل ثابت ضحايا لجرائم الاغتصاب والعنف الجنسي ولكن يصعب كشفها أو إفصاح عنها إذ تعتبر مصارحة بحادثة الاغتصاب عند فتاة سودانية أكثر مواضيع حساسية ً بسبب أحساس بالخجل والخوف من العار لذلك تلجأ ضحايا الاغتصاب إلي الصمت وإبقاء الجريمة طي الكتمان إلا إننا تمكنا من الوصول إلي احد ضحايا الاغتصاب طلبت عدم كشف عن اسمها ونعزي ذلك لأسباب سالف الذكر
(س م ) فتاة سودانية 24عاما تعيش مع أسرتها في مدينة 6اكتوبر حوالي 32 كيلوا متر جنوب القاهرة قالت إنها تعرضت لجريمة اغتصاب وحشية على يد ثلاث مراهقين مصرين في احد شقق داخل المبني الذي تسكن فيها وتروي (س م ) بأنها أثناء نزولها من الطابق الخامس عبر السلم خرج شاب من باب شقة في الطابق الثالث مع سبق الإصرار والترصد وامسك من يدها ثم سحبها بسرعة داخل الشقة واستل مطواة كانت بحوزته وهددها بالقتل حال صراخها ووضع قطعة من القماش في فمها ثم ادخلها في غرفة حيث يجلس شابين أخرين داخل الغرفة فامسكا من يدها ثم قاما بدفعها نحو السرير تحت تهديد ، وتضيف )س م ) بعد ان احمرّ وجهها خجلا بأنها استسلمت لمغتصبيها أخيرا بسبب الخوف وضعف الحيلة ثم تناوب الشبان الثلاث باغتصابها لأكثر من ساعتين وكشفت الفتاة الضحية بأنها توجهت اليوم التالي إلي مخفر الشرطة لتسجيل البلاغ ولكن الرجال الشرطة تجاهلوا شكواها وتعرضت في المخفر للسخرية والمضايقات والضحك من بعض الرجال الشرطة وأشارت في ختام حديثها بأنها تعرف العديد من النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب وفضلن الصمت خوفا من الفضيحة والعار والقصاص من الجناة موضحاً ان هذه الظاهرة الواسعة الانتشار جعلت البنت السودانية التي تعيش في الأحياء الشعبية في حالة حذر وخوف وقلق دائم وغير قادرة على ممارسة حياتها بصورة طبيعية لا سيما في الأحياء الفقيرة ، حيث تشعر بأنها في بيئة تفتقد للأمان و عرضة للتحرش والاعتداء في أية لحظة
.
بسبب العنف والعنصرية وجو الإكراه في مصر هربت إلي إسرائيل ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن .
يقول ( الطاهر ) العائد للتو من إسرائيل هربا انه احد ضحايا مجزرة مصطفى محمود عام 2006 حيث تعرض للكسر في يده اليسرى و هرباً من جو الإكراه والتسلط والعنصرية وانسداد الحلول أمامه تسلل مع مجموعة أخرى من السودانيين إلي إسرائيل ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهى السفن لقد تعرضنا في إسرائيل لنوع أخر من التمييز والعنصرية وهي العنصرية الدينية والثقافية بسبب انتماءنا إلي الإسلام والثقافة العربية فأصبحنا عرضة للعداء والكراهية ، ومارست السلطات الإسرائيلية ضغوطات على اللاجئين السودانيين من خلال قانون سنه كنيست الإسرائيلي في 16 كانون الأول عام 2013 يقضي باحتجاز وحبس المهاجرين الأفارقة بشكل عام والسودانيين على نحو خاص لمدة عام دون تهمة أو تقديمهم للعدالة ، والي جانب تنامي الشعور المعادي للسودانيين في وسط المجتمع الإسرائيلي أجبر العديد من السودانيين العودة هربا إلى مصر وبحث عن سبل جديدة للهجرة الى أوربا منوها بأن أوضاع اللاجئين السودانيين في مصر تحولت من السيئ إلي أسوأ.
.
نعاني في العمل
رغم صعوبة إيجاده يحاول الكثير من السودانيين البحث عن عمل لتحسين ظروفهم المعيشية ودفع تكاليف السكن المرتفع نسبيا ويضطر السودانيين العمل بأجور منخفضة وبمشقة وجور في الأعمال العضلية وفي الغالب الخطرة مثل المناجم، والأعمال الكيميائية، والمصافي، ودباغة الجلود ، ومصانع الحديد والنحاس ، ورفع الأثقال ويقول محمود 28 عاما انه يعمل 12 ساعات في اليوم في مصنع لسبك المعادن براتب 1100 جنيه يواجه خلالها لأشكال من التمييز والعنصرية و الضغط الجسدي والنفسي وأضاف الطاهر بأن هذا المبلغ لا يكفي احتياجاته اليومية وأجور الشقة المرتفعة نسبياً ، أما النساء العاملات يعملن في البيوت و يمارسن أعمال الكنس والنظافة في ظل وضع يسود فيه الفوضى وينتشر التحرش والتمييز العنصري وتقول سامية 30 عاما متزوجة وأم لطفلين أنها تعمل في النظافة والكنس في احد الشقق في حي مصر الجديدة براتب ضئيل من تسعة صباحا حتى الرابعة مساءا وتتعرض أثناء عملها للضغط والشتم والتحرش والعنصرية من أرباب العمل وأبناءهم الصغار
العنصرية الخفية – ما يبدو خفيا هو واضح ببساطة .
صلاح عبدالعزيز ناشط سياسي سوداني عبر عن شعوره وتأسفه عن العنصرية التي تمارس ضد السودانيين بمصر وقال ان الشعور بالتمييز العنصري والكراهية والإحساس بعدم القبول من المجتمع المصري منتشر على نطاق واسع في أوساط المجتمع السوداني بمصر وهو إحساس يعيشه كل سوداني يوميا ويضيف صلاح بأن العنصرية الموجهة تجاه السودانيين لم تقتصر على الألفاظ النابية وأوصاف علنية أو لغة اللسان فحسب بل تتعدي ذلك ليصبح ممارسة العنصرية من خلال ما يعرف بالعنصرية الخجولة أو العنصرية الخفية وهي شكل من أشكال العنصرية تمارس بواسطة استخدام لغة الجسد ولغة الإشارة بدلا من لغة اللسان مثل حركات الجسدية وإيماءات اليدين وإصدار الأصوات و سعال ، لقد تحول أغلبية العنصريين المصرين إلي هذا النمط من العنصرية في السنوات الأخيرة ، ويوضح الأستاذ صلاح بأنه كل يوم في الشارع وفي المترو والأماكن العامة نسمع السعال من أشخاص يجلسون او يمرون من قربك وهي إشارة إلى سوء الهضم و وضع اليد في الأنف وحكه وهذا إشارة إلي القذارة أو ان يحك رأسه ، ويحكي صلاح ان والدته جاءت لزيارته في مصر قبل ثلاثة سنوات فسألني ما إذا كان المصريين مصابون بأمراض الرئة والصدر فوقفت عند هذا السؤال قليلا ثم قلت لها ان المصريين أكثر شعوب العالم تدخينا للسجائر والشيشة مما تسببت لهم السعال الدائم حفظا لمشاعرها ، هذه الحجة المسكينة لا تعرف كثيرا عن المصريين ولكنها عرفت بأن هنالك مرض عضال يسيطر عليهم ، مرض نفسي يصيب الشخص ويحوله إلي الكراهية ومعاداة أخيه الإنسان انه وباء العنصرية ، ان وضع اليد على الأنف او السعال في محيط تواجدك يعتبر ان صاحبه مارس العنصرية تجاهك وان ما يبدو خفيا لدي المصريين هو واضح ببساطة لدي الضحايا السودانيين .
العروبة والثقافة الواحدة والجيرة لم تستثنى السودانيين من عنصرية المجتمع .
يقع السودان ضمن ما يعرف بخريطة العالم العربي وتنتمي إلي منظومة جامعة الدول العربية وتسيطر الثقافة العربية مكانة مرموقة في السودان فضلا عن اللغة العربية التي تعتبر لغة رسمية في البلاد ووسيلة التخاطب والتواصل بين الشعوب السودانية ويلقن الفرد السوداني منذ نعومة أظافره بأنه ينتمي لهذه الأمة ويتربى على حب مصر وشعبه ، حيث يسمونها شقيقة بلادي الكبرى ’ ولكن عندما يبدأ رحلته الأولي ويطأ قدمه على ارض مصر سرعان ما يكتشف بأنه في وضع مغاير عسير الهضم و عرضة للحوادث العنصرية وسوء المعاملة وهدفا ثابتا للمضايقات الشرطة ويساوره الشكوك حول الكثير من ما تأصل في وجدانه عن مصر وشعبه هكذا بدأ الدكتور ابراهيم عبدالمولى استاذ علم الاجتماع في الجامعات حديثه عن ظاهرة الكراهية والتمييز العنصري الموجهة خصوصا ضد " السودانيين " ويقدم الدكتور عبدالمولي تفسيرين لشرح هذه الظاهرة الى جانب عوامل أخري تقف وراءها ، فبنسبة للتفسير الأول يقول بأن هناك عدم قبول وكراهية واسعة في مصر لذوي البشرة السوداء والسمراء و يصنف " السودانيين " ضمن هذه القائمة بسبب اختلاف لون بشرتهم عن سائر الشعوب العربية حيث يغلب الدم الأفريقي لدي السوداني أكثر من الدماء العربية , اما التفسير الثاني يتعلق بالعوامل التاريخية المتأصلة قي أذهان المصريين عن السودان وشعبه وخاصة ارث العهود الغابرة مثل غزو مصر للسودان وما تبعته من الممارسات هذا الإرث التاريخي عزز اعتقاد السائد لدى المصرين بأن السوداني منزلته ادني ويضيف د/عبدالمولى بعض العوامل الحديثة التي ساهمت في تأجيج الكراهية مثل مباراة الجزائر ومصر في 18 نوفمبر تشرين الأول 2009 في مدينة أم درمان السودانية التي حدثت فيها أعمال شغب وإضطرابات واسعة بين جمهور المنتخبين المتنافسين مما أدى إلي توتر دبلوماسي بين مصر والجزائر من جهة والسودان ومصر من جهة أخرى وأعتبر المصريين حينها ان السودان وشعبه انحازا الي جانب الجزائر فأصبح السودانيين في مصر هدفا للجمهور المتعصب في شوارع مصر وتعرض العديد منهم للاعتداءات الوحشية والضرب والإساءة وأعمال السرقة والتحرش بالنساء وإضافةً لوسائل الإعلام التي لعبت دور ليس بالقليل في تغذية العنصرية ، هذه العوامل ساهمت في زيادة العداء والكراهية الموجهة ضد السودانيين وحقنت المجتمع المصري بجرعات إضافية من العنصرية .
العزلة وصعوبة الاندماج في المجتمع
يقول الأستاذ حسن عيسي مدير مركز أفريقيا للسلام و التنمية الاجتماعبة ، ان احد الملامح المركزية وأكثر إثارة بنسبة للاجئين السودانيين البطء شديد في عملية الاندماج ففي الحقيقة أصبح السودانيين معزولين وسط المجتمع المصري رغم التاريخ الطويل للهجرة والتدفق في مصر ورغم اتفاقية الحريات الأربعة المبرمة بين مصر والسودان في4 أبريل نيسان 2004 والتي تتيح للجالية السودانية واللاجئين السودانيين المطالبة بحقوق متساوية مع المواطنين المصريين في مجال التجارة والإقامة والتنقل والعمل ولكن هذه الاتفاقية أصبحت حبر على ورق ويوضح الأستاذ حسن ان ظاهرة التمييز والعداء تجاه السودانيين ليست جديدة ولكن ارتفاع حدتها بهذه السرعة وبلوغها هذا المستوي أمر يثير القلق والخوف ليس لدى السودانيين فحسب بل حتى لدي الأفارقة المقيمين في مصر لقد ساهمت وسائل الأعلام في رسم صورة مشوهة مما زادت من حدة العنصرية وبلورة صورة قاتمة أكثر عداءا في عقلية الشخص المصري.
إسرائيل ليست بالامكان أفضل مما كان
يوضح الدكتور ايمن أبو طاقية خبير مختص في مجال الهجرة وحقوق الإنسان كيف ان اللاجئين السودانيين هربوا إلي إسرائيل بعد أحداث ميدان مصطفي محمود بوسط القاهرة في 29 / ديسمبر كانون الأول عام 2005 التي راح ضحيتها 27 قتيلا وجرح المئات من اللاجئين المعتصمين العزل على يد رجال الشرطة المصرية بصورة وحشية وعنصرية استخدمت فيها الهروات المطاطية وخراطيم المياه والطلقات النارية و الضرب بالعصي الكهربائية دون تمييز بين النساء والعجزة والأطفال ويؤكد الحكومة المصرية أنها تلقت إخطار من المفوضية السامية للاجئين بفض الاعتصام ، وقد عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عشية وقوع الأحداث في أول يناير قانون الثاني عام 2006 أن هذا الحادث المأساوي لا يمكن تبريره"، وأعرب عن أسفه الشديد بأن الوضع لم يحل بطريقة سلمية وعبر الحوار ، ويقول الدكتور أيمن بعد تلك الأحداث أصبح امام اللاجئين السودانيين خيارين لا ثالث لهما أما ان يعودوا أدراجهم إلي السودان والعيش تحت وطأة الحرب والفقر والجوع وعدم توفر مقومات الحياة أو التقبل بالمكوث في مصر في ظل أوضاع تسيطر عليها الإكراه والتمييز العنصري والعزلة الاجتماعية وتسلط وعدم وجود العمل و انسداد كافة البدائل والحلول طرأت فكرة الهجر إلي إسرائيل من بعض المهاجرين الأفارقة الاقتصاديين ثم طبعته بعض ذلك السودانيين البائسين بعد مخاض عسير فتسلل نسبة غالبة من ضحايا أحداث مصطفي محمود عبر الأسلاك الشائكة إلى إسرائيل تلبية لحاجات الاقتصادية وبحثا عن جو أكثر لبرالية والانفتاح ، ويضيف د / ايمن ان إسرائيل قد واجهت خلال فترة ما بين2006 – 2012 تدفقا غير مسبوق للمهاجرين الأفارقة عبر الحدود المصرية وكانت المهاجرين السودانيين في طليعة هذه الهجرة من المهاجرين السودانيين إلى إسرائيل هربا من جو الإكراه والتسلط في مصر وبحثا عن حياة أفضل ، وكان عدد المهاجرين السودانيين القادمين من السودان بدأ في تزايد فأصبح هناك مخاوف واسع الانتشار في وسط المتطرفين والمجتمع الإسرائيلي بأن السودانيين الذين يقطنون الأكواخ يشكلون أجساما غريبة بعيدا عن الثقافة اليهودية ودون ان ينصهروا في بوتقة المجتمع الإسرائيلي بسبب خلفيتهم الدينية والثقافية ( العربية والإسلام ) ، ويرصد د/ أيمن ان هذا الأمر ساهم في زيادة نشاط اليمين المتطرف المناهض للهجرة وبروز جيوب قادت المظاهرات المعادية للوجود السوداني الذي أصبح لاحقا هدفا خاصة للعداء والتمييز حيث بات ينظر إليه على انه أكثر مهاجرين الأفارقة تهديدا للهوية الإسرائيلية، وبضغط من الشارع واليمين المتطرف المناهض للهجرة أصدر كنيست الإسرائيلي قانونا في 16كانون الأول 2013 يقضي باحتجاز وحبس المتسللين الأفارقة بشكل عام والسودانيين على نحو خاص لمدة عام دون المسألة القانونية أو التماس للعدالة هذا القانون مارست الضغوطات الكبيرة على اللاجئين والمهاجرين السودانيين فضلا عن انتشار شعور المعادي للهجرة السودانية فقرر العديد من المهاجرين السودانيين في إسرائيل العودة إلي مصر لبحث عن طرق أخرى للهجرة إلي أوربا عبر البحر الأبيض المتوسط
.
إن المسؤولية الملقاة على عاتق الحكومة المصرية في تقديري العمل على مكافحة هذه الظاهرة باعتبارها ظاهرة كريهة لا تشبه الشعوب المتحضرة واتخاذ خطوت جادة لتلافي كل ما يتعلق بالعنصرية رغم صعوبتها من خلال إصدار قوانين يحق لضحايا العنصرية التماس العدالة وعلى وسائل الأعلام المصرية لعب دور كبير في حد من العنصرية وتلافي الصورة النمطية لدي الشخص المصري تجاه الفرد السوداني فلا يمكن إنكار دور الذي لعبته وسائل الإعلام المصرية في تعميق الهوى بين الشعبين السوداني ومصري وتكريس صورة نمطية قبيحة ومشوهة عن الإنسان السوداني ومساهمة بشكل خطير في ارتفاع حدة هذه الظاهرة وبلورة صورة قاتمة في عقلية المصريين تجاه الشخص السوداني .
afendytress@yahoo.com
محمود منصور محمد علي- مشرف المنتدى العام و مصحح لغوي
رد: السودانيين " في مصر ضحايا التميز العنصري وسوء المعاملة والعنف الجسدي .
هذه حقيفة .. إزداد العدد جنوبيون وشماليون وكلهم محسوبين على السودان .. ومعظهم عاطلون وتقودهم الحاجة لإقتراف كثير من المخالفات ويعاملون معاملة سيئة وبالذات إذا وقع أحدهم في يد الشرطة ..
أزهرى الحاج البشير- مشرف عام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى