طنش تعش
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
طنش تعش
بقلم : د. صالح سليمان الرشيد
هناك قصص خيالية ولكنها تقدم لنا حكمة غالية على طبق من ذهب، من بين هذه القصص قصة لبطتين تسبحان في غدير ماء، والبطتان كانت تربطهما صداقة مع سلحفاة، وفي مرة من المرات نقص الماء في الغدير ولذا اتفقت البطتان على ترك الغدير والبحث عن مكان آخر به ماء وفير، استأذنت البطتان السلحفاة في الذهاب إلى مكان آخر، قالت لهما السلحفاة " أنتما تستطيعان العيش في أي مكان أما أنا فليس لي عن الماء بديلا خذوني معكما فأنا لن أستطيع العيش هنا". وافقت البطتان على طلب السلحفاة ولكن المشكلة كانت في نقل السلحفاة، اقترحت بطة منهما أن تأخذ عودا بينها وبين البطة الأخرى وتتعلق السلحفاة بفمها بوسط العود وتطير البطتان بالسلحفاة في الجو، وطلبت البطتان من السلحفاة ألا تنطق بشيء عندما تسمع الناس وهم يتكلمون عنهم، وبالفعل طارت البطتان بالسلحفاة وإذا بالناس يرون هذا المشهد ويتعجبون قائلون "يا للعجب، بطتان تحملان سلحفاة وتطيران بها" هنا لم تستطع السلحفاة أن تصمت كما طلبت منها البطتان وقالت بانزعاج "فقأ الله أعينكم أيها الناس" فسقطت السلحفاة وماتت في الحال. المقصد من القصة هو عدم الالتفات لكلام الناس في جميع الأحوال، الشاهد في حياتنا أن الناس يتكلمون وينتقدون ويتعجبون وفي أغلب الأحيان فإن كلامهم يضر أكثر مما يفيد، من منا لم يسمع انتقادات من الآخرين، ومن منا نجح في الحصول على رضا كل من يتعامل معهم؟! أحيانا نتشبث بالمثالية في التعامل مع الناس، نتأثر بكل ما يقولون فنجد أنفسنا ندور في دائرة مغلقة مليئة بمشاعر الإحباط والألم. وبما أن كلام الناس لا ينتهي فإن شعورنا بالإحباط يستمر بلا نهاية. إذن كيف يمكن التعامل مع هذه المشكلة التي ربما تشكل واحدة من أهم المشكلات التي يعانيها كثيرون في هذا العصر الذي يشهد تعقدا ملحوظا في العلاقات بين الناس ونشوء متغيرات جديدة جعلت تلك العلاقات لا تسير بنفس البساطة والسهولة التي كانت تتسم بها في الأمس، فاحتياجات الناس الآن من بعضهم بعضا تزداد بشكل مستمر، وتوقعاتهم أيضاً تزداد وفي ذات الوقت فإن مساحة التسامح في حياتنا تتضاءل رويداً رويداً، ليس هذا فقط بل إن التحامل على الآخرين لأسباب عدة جعلنا أكثر استعداداً للهجوم على الآخرين، وبالطبع أيضاً فإن زيادة حدة الضغوط على الناس أصابهم بالعشوائية في التعامل وإدارة العلاقات ومن ثم فإن حديثهم عن غيرهم أصبح لا يخلو من تجن وحسد ورغبة في تشويه صورة الآخرين. وتتفاقم المشكلة مع وجود رغبة لدى البعض في الوصول إلى المثالية وإرضاء الآخرين بأي شكل من الأشكال. المفتاح الأساسي للحل هو "التطنيش" و"التطنيش" يعني هنا عدم الاهتمام بما يقوله الآخرون أو عدم المبالاة بانتقادات الآخرين خاصة إذا كانت بالفعل انتقادات غير موضوعية أو تتدخل فيها أهواء شخصية. لإيجاد حل أبدي لهذه المشكلة، نحن مطالبون بتطنيش الاهتمام الزائد بآراء الآخرين والاهتمام بأقوالهم وأحكامهم وانتقاداتهم المتواصلة بحق ودون حق، ومطالبون بتطنيش المثالية التي تسيطر على توقعاتنا من أنفسنا أو من الآخرين، نحن مطالبون بتطنيش الحساسية الزائدة لدينا تجاه انتقادات وأفعال وأقوال الآخرين. وهنا يبرز سؤال كيف تحدث عملية التطنيش؟ والإجابة مفادها أن "التطنيش" هو عبارة عن نشاط ذهني تستبعد من خلاله التفكير في مواقف أو تصرفات أو أحداث لتحل محلها مواقف وأحداث واهتمامات أخرى، إذن مطلوب أن تشغل ذهنك بموضوع آخر أو تركز أكثر في الطريق الذي تسير فيه وأن تطرد وبشكل فوري أي خواطر ترجع بك إلى التفكير فيما يقوله الآخرون أو يقررونه. في البداية لن تتم هذه العملية بسهولة بل وفي الغالب ستفشل وسيجد الإنسان نفسه يسير بصفة تلقائية إلى الاهتمام بأقوال الآخرين أو انتقاداتهم ولكن مع مزيد من الإصرار وضبط النفس سيتمكن من غرس طبع جيد في نفسه، ولكن يجب الحذر بالطبع من أن يتضخم هذا الطبع ويتحول إلى الإهمال التام للناس وعدم الاكتراث بهم في جميع الأحوال، فليس هذا هو المقصد ولكن المقصد هو عدم الاكتراث بمشاعر الناس وتصرفاتهم وأقوالهم وانتقاداتهم غير الموضوعية وغير الملائمة تجاهنا. هناك داعم أساسي أيضاً في هذا الشأن وهو التركيز دائماً على ما يرضي الله وليس ما يرضي الناس، وهذا مقياس متاح ويسهل استخدامه، فأنت تفعل الفعل الذي يرضي الله في المقام الأول وليس الذي يرضي الناس وفي حياتنا فإن الحصول على رضا الله أسهل بكثير من الحصول على رضا الناس. عزيزي القارئ اجعل شعارك في الحياة "طنش تعش" .. وأخيرا لا تنس أنك أيضا حر في أن تطنش هذا المقال..!
أزهرى الحاج البشير- مشرف عام
رد: طنش تعش
نعم ابو الزهور انتقادات الناس كثيره ولا تنتهى والانشغال بها لا يشك يجر الى افتعال الخلافات بل احيانا الى العقد النفسيه وكما قلت علينا بارضاء الله قبل الناس وما اسهل ذلك
عوض السيد ابراهيم- مشرف المنتدى العام
رد: طنش تعش
نعم عم ازهري موضوعك كالعادة فعال وله فائدة كبيرة لنا واكيد حنجني منه الفائدة القصوي؛ اذا تكلمنا عن النقد نجد ان المشكلة ليست في النقد بحد ذاته وإنما المشكلة في الأسلوب الذي يمارس به فالناقد الذي لايحسن النقد يبتعد عنه الناس ويكرهونه على الرغم أنه يريد لهم الخير فنيات الناقد صادقه عادة ولكن أسلوبه في النقد غير صحيح أما إذا كان النقد بغرض التجريح وليس المقصود به الاصلاح فهو ليس بنقد إنما هو تشفي أو انتقام 0
( ولماذا نبعد كثيرا و نحن لدينا رسول الهدى الأعظم محمد – صلى الله عليه وسلم – فقد ضرب لنا أروع الأمثلة في سيرته العطرة مع أصحابه ومع نسائه ومع أطفاله وخدمه حتى أحبوه أكثر من حبهم لآبائهم وأقاربهم لالأنه لاينتقد أحدا ولكنه يحسن أسلوب النقد ذكر في مجلسه ذات مره أن أحد أصحابه لايقوم الليل فقال عليه الصلاة والسلام : نعم الرجل لوكان يقوم الليل ولما سمع الرجل مقولة الرسول العظيم أثرت مقولته في نفسه فلم يدع قيام الليل بعدها ساعة فالكلام اللين يلين الصخر والله سبحانه وتعالى قال : ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم با لتي هي أحسن)
على أي حال إذا اردت أن تنتقد أحدا فلا بد أن تبدأ بمحاسن المنقود أولا ثم تذكر ما تلاحظه عليه وليكن ذلك على غير مرأى من أحد فهناك فرق بين النصيحة والفضيحة فالنصيحة تكون سرا بينك وبين من تنصحه وهي أبلغ وأكثر تأثيرا في نفس المنقود أما الفضيحة فأنك تنقده على مرأى من الناس وهو لن يستجيب لنصحك بل سيعاديك وسوف يتمرد عليك ويخالف ما تأمره به لأنك شهرت به أمام الغير وأحرجته فما أحوجنااليوم إلى أن نتعلم كيف ننتقد الغير دون أن نجرح مشاعرهم أو نسبب لهم إحراجا يدفعهم إلى التمرد والعصيان *( إنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) والله الهادي إلى سواء السبيل
شكرا عمي علي المشاركة الثرة والشكر موصول لاخي عوض السيد بمداخلته العميقة
تحياتي
( ولماذا نبعد كثيرا و نحن لدينا رسول الهدى الأعظم محمد – صلى الله عليه وسلم – فقد ضرب لنا أروع الأمثلة في سيرته العطرة مع أصحابه ومع نسائه ومع أطفاله وخدمه حتى أحبوه أكثر من حبهم لآبائهم وأقاربهم لالأنه لاينتقد أحدا ولكنه يحسن أسلوب النقد ذكر في مجلسه ذات مره أن أحد أصحابه لايقوم الليل فقال عليه الصلاة والسلام : نعم الرجل لوكان يقوم الليل ولما سمع الرجل مقولة الرسول العظيم أثرت مقولته في نفسه فلم يدع قيام الليل بعدها ساعة فالكلام اللين يلين الصخر والله سبحانه وتعالى قال : ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم با لتي هي أحسن)
على أي حال إذا اردت أن تنتقد أحدا فلا بد أن تبدأ بمحاسن المنقود أولا ثم تذكر ما تلاحظه عليه وليكن ذلك على غير مرأى من أحد فهناك فرق بين النصيحة والفضيحة فالنصيحة تكون سرا بينك وبين من تنصحه وهي أبلغ وأكثر تأثيرا في نفس المنقود أما الفضيحة فأنك تنقده على مرأى من الناس وهو لن يستجيب لنصحك بل سيعاديك وسوف يتمرد عليك ويخالف ما تأمره به لأنك شهرت به أمام الغير وأحرجته فما أحوجنااليوم إلى أن نتعلم كيف ننتقد الغير دون أن نجرح مشاعرهم أو نسبب لهم إحراجا يدفعهم إلى التمرد والعصيان *( إنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) والله الهادي إلى سواء السبيل
شكرا عمي علي المشاركة الثرة والشكر موصول لاخي عوض السيد بمداخلته العميقة
تحياتي
محمد قادم نوية- مشرف منتدى الصوتيات
رد: طنش تعش
قال رجل للحسن البصري: إن قوماً يجالسونك ليجدوا بذلك إلى الوقيعة فيك سبيلاً (أي يتصيدون الأخطاء). فقال: هون عليك يا هذا، فإني أطمعت نفسي في الجنان فطمعت، وأطمعتها في النجاة من النار، فطمعت، وأطمعتها في السلامة من الناس فلم أجد إلى ذلك سبيلاً، فإن الناس لم يرضوا عن خالقهم ورازقهم فكيف يرضون عن مخلوق مثلهم؟
حيدر خليل- نشط مميز
رد: طنش تعش
الرائع أزهري : بصراحة , هذا الموضوع وعند قراءته تقفز مسألة حياتية ضروريةجداً وهي مسألة التصالح مع النفس (الذات) ؟؟؟
بصراحة نص هادئ ومريــح جداً ..تسلم تسلم,
بصراحة نص هادئ ومريــح جداً ..تسلم تسلم,
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
رد: طنش تعش
شكرا إبن أخي محمد توم لقد إجتهدت جدا في التعرف عليك دون مساعدة أحد ... وبعد لأي وجهد أرسل الله لي مداخلتك في ذكرياتكم في المحلج وفجأة تذكرت أخونا الرجل الخلوق محمد توم وخدمته لنا في إرسال الرسائل عز الخريف حيث لا خبر ولا أثر إلا عن طريقة ولقد إشتممت فوح أبيك العطر في حروفك الزاهية العبقه ولك أن تفخر بمحمد توم وله أيضا أن يفخر بك ......... أرجوا الله أن تتاح لنا فرصة لقائك قريبا ودمت عزيزا والتحايا العطره لإبيك الحبيب.
أزهرى الحاج البشير- مشرف عام
رد: طنش تعش
ما ذا أقول ؟؟؟ , كلماتك في الإشادة بالوالد أسكتت كل جملة حاولت أن تتبنى الرد لكني أقول ( لا يعرف الفضل إلا أهل الفضل ) و ( من لايشكر الناس لا يشكر الله ) وبصراحة الان الان أقول "ياعمنا أزهري لأني منذ دخولي المنتدى أفتش عن لقب شامل" ( لسنا صغاراً ) نحن نتذكرك وكنت أنت وكوكبة من أبناء الحباك مثل أعلى ولكن دون ان تحســوا بوجودنا, أنا و شباب من جيلي ,هم أعزاءجداً على قلبي /محمد سعيد/حيدر خليل أميرعبدالمجيد/حسن خليل/الواثق موسى/عوض السيد/ماجد الطيب/ عادل مدني/بيلو محمد صالح/الطاهر حارن/ ابراهيم الدخيري وكثيرون رائعون جداً .
لك التحية دومـــاً
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
رد: طنش تعش
صدقني أيها العزيز سعدت بك كثيرا وإزدادت سعادتي حينما علمت إنك إبن الراجل البشوش ، والله لا أحمل إلا كل ما هوطيب نحو أباك ولا أذكر إلا وجهه الضاحك المبتسم دائما وترحيبه الحار بكل من يلاقي ولا غرابة أن تكون إبنه فالصب تفضحه عيونه ولقد فضحتك كلماتك التي تحمل ريح والدك ... تحية له وتحية لك .... مع كل الحب.
أزهرى الحاج البشير- مشرف عام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى