مصطفى سيد احمد
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مصطفى سيد احمد
منقول من صحيفة اجراس الحرية
*التزمت بالأغاني التي تهم المواطن.. وليس بالتطبيل للأنظمة
* رفضت اعتلاء البرج العالي وجلست مع عامة الشعب
* عبر النقاش قدمنا عملاً ناضجاً لم نتقيد فيه (بميوعة) لجان النصوص
* المواطن يحتاج للأغنية التي تحرض على التغيير.. وأرخص مافي السودان هو ابن آدم
* المراهق لديه وعي بقضاياه أكثر من المغنيين الذين يفترض أن يبشروا بالتغيير
* هنالك صراع مصالح.. وأبناء الجيل الحالي أقدر على التعبير عن قضاياهم
* لا ينضج المسرح إلا في ظل الديمقراطية.. وكم من الأعمال أسقطت لأنها تسبب للسلطة عسر الهضم * أعتز بعلاقتي الإنسانية مع يحيى فضل الله وقاسم أبوزيد ومحمد محي الدين * تجاوزت لجنة النصوص وأجهزة الإعلام التي ظلت حكراً على فنانين بعينهم مرت علينا الذكرى الرابعة عشر لرحيل الفنان (مصطفي سيد أحمد)، ومازال البعض يلعن أيادي القدر التي قيل أنها (تفسد مسامات الرحيق)، ورغم أن حياته مليئة بالمغامرة سواء في صراعه/ نضاله مع من سماهم بالنمطيين، الذين يعتلفون الجاهز (الموسيقيين ولجنة النصوص)، فضلاً عن صراعه مع السلطة والمرض، إلا أن حياته لازمها الكثير من الغموض والملابسات، وهذا ما يجعلنا نفاجأ في كل عام بمعلومة جديدة حدثت في احدى محطاته (السودان، ليبيا، مصر، روسيا، الدوحة)، ففي الذكرى الثالثة عشر مثلاً أجرى ملف تعارف ثقافي تحقيقاً حول: حقائق وذكريات وآلام مصطفي بالدوحة، خرجنا بأن الدوحة هي من المحطات التي يجب التنقيب فيها، وخاصة بعد محاولة تخريب حفل الموردة، والجهات التي كانت تهدد مصطفي وطالبوه بأن يغني في احتفالات أعياد (الإنقاذ)! ولكنه رفض، وحينما كان مصطفي طريح الفراش بالمستشفي جاء أحدهم وصب عليه الماء البارد بعد أن زاد برودة التكييف، وغيرها من أحداث كاقتحام شقته وسرقة أعماله. وهنا يجب أن نؤكد إن غياب التوثيق، ومحاولة إخفاء الحقائق أو تزييفها من قبل البعض هو ماخلق الغموض. في هذه الذكرى نحن بصدد عرض ما جاء على لسان مصطفي سيد أحمد في حوار أجرته معه مجموعة بالدوحة، في يوم الجمعة 27/8/1993م، وقد جاء ذكر بعض أسماء من كانوا حضوراً في الحوار ومنهم (عزمي) وعليه نشكر الذين وثقوا لحياته عبر صوته، لنتعرف ماذا حدث له ولماذا حدث، عموماً هذا الحوار يكشف النقاب عن القضايا المسكوت عنها والمخفية في حياة مصطفي فإلى مضابطه:- * أنت لم تعد تهم الناس في مسألة الغناء فقط.. حدثنا عن الجانب الآخر والمعاناة الشخصية.. وكيف تم التعامل معها، أو التحايل عبر المدى الزمني على مثل هذه الأشياء؟ عندما كنت بالقاهرة أقمت بعض الحفلات للأخوة السودانيين، وبعض الأصدقاء والأخوة وقفوا معي وقفات مقدرة، والتفوا حولي في أي مكان ذهبت إليه، ويقفون موقف السودان بحسه الأصيل، حتى تكلفة العلاج هنا أُجريت معالجتها، الأستاذ محمد وردي قام بجهود مقدرة لحل بعض المعضلات المادية وكذلك الأمر مع الأخوة في السعودية، المسائل كما يقولون مستورة وتسير في اتزان وإن كانت هنالك بعض الضوائق والمعاناة فهي في هذا الزمن عامة تقريباً. ولا أريد سرد قائمة بالذين أوجه شكري وتقديري لهم، وحتى في السودان هنالك جهود بذلت في رحلتي الأولى للعلاج؛ كانت بقيادة الأستاذ يوسف الموصلي، والأخ أبوعركي، وشرحبيل أحمد، ومحمد ميرغني، والسمندل، ولا أمكن أنسى وقفتهم. * إذا معرفتك لم تجعلك تستطيع الدخول في باطن العمل الموسيقي وتحليله ومعرفة التراكيب بداخله.. باعتبار الأغنية عملاً موسيقياً وصوت المغني فيها آلة منفردة أو صولة.. فكيف إذاً تستطيع نقده؟ ستصبح ناقداً انطباعياً لاغير، فالنقد هو التقدير أو التقويم في اتساع رؤية، في ظروف الأمل وإبراز الأشياء الجميلة وتقويمها، والتنبيه للخلل الموجود بداخل العمل، ولذلك أرى أن المعهد كان يمكن أن يؤدي إلى التغيير، بتقسيم كل الوسط الفني من مسرح وموسيقى وغناء ونقد، ويمكن أن ينتج وعي، لأنه وببساطة يوجد تخلف، وإذا بحثنا عن أسبابه سيكتشف الناس أشياء غريبة قد تقلب كل الموازيين، وبالرغم من ثراء الأغنية كنص، وتقدمها على الوطن العربي، وبالرغم من خصوصيتها الجميلة لكن دائماً الهمم تصبط خوفاً من فكرة النقد الانطباعي، لأن المسألة أخذت شكل تكوينات (صراع مصالح)، وأنا لا أقول ذلك كعملية (طفح للمرارات)، ولكن مسألة الغناء هي قضيتي في الدنيا، وهو الدور المناط بي القيام به، وأتعامل فيه بأمانة، ولا أخشى من التسوية، وما يثبت صحة حديثي هي النصوص التي اختارها، إذا ذهبت بها للجنة النصوص فلن تختاره، وكل لجان النصوص التي مرت طوال الحقبة السودانية لايمكن أن تجيز (يلكز في الحمار.. نقرط للحمار)، (عم عبدالرحيم)، رغم أنها واقع في السودان، بدليل انحياز الناس لهذا العمل، وعلى مستوى المغنين نفس الذين انتقدوا تجربة طفل العالم الثالث داخل الصحف، وتجربة الحزن النبيل، وشريط وردي، هم نفس الفئة التي تشكل ثقل وضغط في القاهرة، ليوزعوا أعمالهم، ولذلك هنالك حديث كثير حول الأغنية السودانية وأخشى أن يؤخذ على مصطفي بانه مواقفه تتشكل بناء على المرارات، رغم أن المسألة غير ذلك، لأنها قضية التزمت بها التزام كامل، والتزمت فيها بالجانب الذي يهم المواطن وليس بالتطبيل للأنظمة أو للارتزاق، وتكمن صحة هذا الحديث في أن لدي أغنية واحدة فقط مسجلة في إذاعة امدرمان، ولكن الناس التفتت إلى ما أقدمه، لأنني قدمته بصدق كامل، لأن لدي رأي في كل ما يحدث. * تعامل مصطفى مع شعراء كثيرين بعكس فنانين ارتبطت أسماؤهم بأسماء شعراء أو شاعر بعينه،.. وبما أنك تعاملت مع عدد كبير من الشعراء وربما يكون بعضهم غير معروف.. نريد معرفة الكيفية التي تختار بها الشعراء؟ أولاً: الفكرة الأولى، أننا أبناء الجيل الحالي أقدر على التعبير عن قضايانا، وهذه إحدى الأشياء الأساسية التي جعلت كثير من الشعراء ينحازو باعتبارها قضيتهم، ويكون هنالك حوار ونقد تنتج عنه أعمال تعالج قضايا الناس، والشئ الثاني: أحب أن أنوه أنني تعاملت مع مايقارب الـ(47) شاعر، ولو لم يكن هنالك عناد في هذه المسألة تجاوزت حتى أجهزة الإعلام، وتجاوزنا اي مؤسسة تقليدية أدت لتحجيم الأغنية السودانية. ولنرى عدد الذين سقطوا من مثل هؤلاء الشعراء، وهم غير معروفين، ونصوصهم لاتجاز من لجان النصوص، كما أنهم لايجدون فرداً لديه كمية من العناد والإصرار الموجود عندي ففي وقت الفنان لا يضاء له الضوء الأخضر إلا من خلال أجهزة الإعلام ( الإذاعة والتلفزيون)، ولكن أنا قدمت غناء هؤلاء الشعراء، لأني أعرف أنه لايجاز، فأجهزة الإعلام كانت وقفاً على فنانين بعينهم، وأنا اقتحمت بهم حاجز الإذاعة والتلفزيون، وقدمت أعمالهم للناس مباشرة، وانحازو لها، وبالتالي أجهزة الإعلام أسقطت من يدها، وأصبحت أعمال هؤلاء الشعراء تقدم بالرغم من لجان النصوص. وأضاف مصطفى: نحن أقدر على التعبير عن زماننا وقضايانا؛ وبالتالي كنت أحس في كل النصوص التقليدية التي مرت بي بداياتي (بهوة زمنية)، بين الظرف المعاصر الذي أعيشه وبين ما يكتبه الشعراء التقليدين، رغم أنهم قدموا أعمالاً جميلة في فترة زمنية، ولا أنكرها، لكن ماهو معاصر يحتاج لإنسان معاصر وحاملاً لهواجسه، أوهواجس المعاصرة، ويكتب عنها، وهذا يتطلب معرفة بمسائل الشعر (بنياناً و معنى وصورة)، ولذلك بحثت عن النص، الذي يبحث عن قضايا الناس، ولم أحاول أن أكون في البرج العاجي، وعايشت الناس بكل مستوياتهم،(طلاب، عمال، موظفين، زملائي في المعهد، أو أي مواطن سوداني) جلست معهم باعتبار أن الروابط التي تجمعنا أساسية، ولديها قيمتها وقدرها عندي، وبالتالي الكثير من الذين أعتقدوا أنهم لن يتغنى لهم عمل ويسمعه الناس، أو يندثروا أو ينزوا في وقت ما وتموت فيه المقدرات، قد تلاقينا في محك أو مساحة للعمل، ومن خلال جلسات الاستماع جاءت عملية الاستكشاف المباشر لمعرفة همومهم وتفكيرهم وتعلمت منها كثير جداً وعبرها كسرت الحاجز التقليدي بين (النجم) والمواطن (العادي)، أنتجت أعمال وظهر شعراء في بداياتهم، وعملنا مع بعضنا وطورنا أنفسنا، إلا أن كتب عمل يؤدي الغرض المطلوب منه بمجرد سماعه لدي المستمع، وعندما نرجع لنعرف من كتب هذا العمل سنجده من الغبش أنفسهم، وبالتالي فهو ليس لامع أو متميز في أجهزة الاعلام أو غيرها. ويواصل مصطفى عن ذات الشعراء ويقول: أرى أنهم صادقين في مشاعرهم وأقدر على التعبير عن قضاياهم، ولذلك المسألة خاضعة لهذا الأساس رغم أنها مغامرة، ولكن يجب أن يسأل الشخص نفسه: (ماهو دوره، وماذا يريد أن يفعل؟)، الإبداع كثير، ووفقاً للمقولة المعروفة بأن الأبداع هو الخروج من المألوف، وبذلك إحتمال ان تكون الفنون الى الآن في مرحلة العصر الحجري، ولن يكون هنالك إبداع في الفن الممارس الملئ بالإرث، حتي تخرج عن حدوده المألوفة وتضيف رؤيتك، واذا قبلت بالأشياء السابقة المطروحة على علاتها، فقدت بذلك المبادرة ويصبح ثابت. وأي عمل به إبداع يفترض أن يكون فيه سبق، أو خروج عن الأشياء السابقة، وبالتالي المجموعة التي تمثلت في (حميد، القدّال، صلاح حاج سعيد، يحيّى فضل الله، قاسم أبوزيد، الصادق الرضي، عاطف خيري، أزهري محمد علي)، كانوا على احتكاك وتحاور مستمر معي، وقطعته الظروف التي شتت السودانيين في كل أصقاع الدنيا، لكن كان حوار أنتج كل مايحس به الناس، ولامسهم في مواجعهم، هؤلاء الشعراء ليس فيهم من أبوه خريج كلية غردون، حتى صلاح حاج سعيد الذي كتب (لاقيتو واقف منتظر) تغنى بها الطيب عبدالله، أعاد صياغ رؤيته لحاجته عبر ذلك الحوار والنقاش والاحتكاك، فضلاً عن العلاقات الإنسانية النظيفة بيننا كشعراء وأصدقاء. وعن العلاقة/ الحوار التي نشأت مابين مصطفى ويحيى فضل الله وآخرين يقول مصطفى: أول قصيدة غنيتها ليحي فضل الله هي: (ياضلنا)، ووجدت المقطع الأول مقنع ولحنته، المقطع الثاني حسيت بأن به ضعف، وذهبت معه في هذه القصيدة، ليعيد صياغة المقطع الأخير منها، في البداية أثارت هذه المسألة انتباه محمد محي الدين، وقاسم أبوزيد، ولم أكن أعرف أنهم شعراء، وذلك في المعهد وهم كانوا في قسم الدراما، وأنا في قسم الموسيقى، وباستغراب شديد قالوا لي وليحيى فضل الله: (تعالوا هنا نشوف الفنان البناقش في تفاصيل الشعر دة) كأنما هي مسألة غريبة، لأن الفكرة السائدة لدى الناس، أن الفنانين فيهم نسبة عالية من الجهالة، وفعلاً جلسنا وناقشنا المسألة وأسمعتهم (ياضلنا)، وأخبرتهم عن ضعف العمل الأخير ولماذا!! وبعدما كانوا مندهشين لدرجة أقرب بالتحرش بي، قال: محمد محي الدين، إلى يحيى فضل الله: (والله ماخلا ليك أي فرصة وليس لديك حل غير إعادة الصياغة) أما قاسم أبوزيد فقد أمن على هذه المسألة، ومن هنا تأسست علاقة بيني وبين قاسم أبو زيد ومحمد محي الدين ويحيّى فضل الله، ويحيى أعاد صياغة المقطع الأخير، واكتملت كأغنية، وأصبح بيننا حوار وعلاقة إنسانية أعتز بها تماما،ً وهم تسببوا في إنشاء علاقات بيني وبين الآخرين، وأصبحت أي قصيدة تكتب هي موضوع حوار، سواء كان كاتبها موجود أو غير موجود، ومن هنا تتسق الرؤيا وتتوسع، وبالتالي الشخص المقيم في داخلية المعهد، وغير معروف لدى أجهزة الإعلام، يفاجئ الناس بعمل يُقدم ويلمس وجدانهم، ويكون هذا العمل مقدم من مواطن بسيط، فالناس تعاملت بمسؤولية، وكفكرة، وحتى مسألة الخروج عن النصوص التقليدية التي تجيزها لجان النصوص، دار حولها كثير من النقاش، حول ضرورة تكسير هذه البنايات وتقديم عمل جميل وناضج لانتقيد فيه بـ(بميوعة) لجان النصوص دي كلمة غنائية، وهذه ليست غنائية، وهذا شعر غناء، وهذا شعر ليس بغناء)، والمسألة بها استلاب كبير للإبداع بتراثه لدرجة أنه أصبح هناك توجس وأصبح الشخص لايتناول عمل به الصيغة الملحمية، وهذا ماجعل أغنية (عم عبد الرحيم) ذات صدىً مدوي، في أذهان الناس، باعتبارها منحى جديد، ولكن هي خطة متكامله خرجت فيها (مابين زمناً متمنيهو) والأعمال المطولة خرجت (عم عبدالرحيم، شهيق، عمنا الحاج ود عجبنا)، وبعدها تلحنت (الضوء وجهجهة التساب) كاملة، وهي (25) ورقة فلسكاب، بغرض إذا استقام الحال لاحقاً وأصبح ممكناً أن نمارس عطائنا من داخل بلدنا أن يقدم كعمل غنائي مسرحي؛ عبارة عن ملحمة، وهذه الأشرطة في السودان ولم أستطع اخراجها لأنني خرجت في ظل بعض الظروف، وأستدرك قائلاً: هي أغاني ملحنة مثل (سيناريو البحث عن اليابسة) و(غناء العزلة ضد العزلة) وهناك مقدرات شعرية ضخمة جداً، أكبر من مقدرات المغنيين والملحنين، لأنه وفي وقت من الأوقات توقفت المسألة في أن الأغنية الخفيفة يرقص فيها الناس ويرددها الشارع في اليوم الثاني وكفى، وهذه ليست قضية الشارع؛ لأن الشارع محتاج إلى الاغنية التي تعوضه عن فشل برامج محو الأمية، وتعمل على توعيته بقضاياه، الشارع يحتاج لكشف الظروف التي يعيشها الناس، وتعريفه بواقعه، ويحتاج للتبشير بالتغيير والتحريض عليه، وهذا هو دور الفنون عبر التاريخ، ولكنها في أماكن أصبحت متكأ للخدر، فأرخص مافي السودان هو ابن آدم، وأفتكر أن ماهو سائد الآن بين الناس والمراهقون، أنهم لم ينخرطوا وراء أغاني الهيام والولع (اللزج) أصبحوا يتذوفوا وينفعلوا مع أعمال تجعل الفرد يندهش فكيف تحدث هذه الطفرة مع المراهق، وهذا مؤشر جيد فالمراهق لدينا نجد لديه الوعي بالقضايا أكثر من المراهقين لدى غيرنا، فالمراهق عندنا كمستمع لديه وعي بقضاياه وواقعه أكثر من كثير من المغنيين والذين يفترض أن يبشروا بالتغيير. وعن علاقة مصطفى سيد أحمد بالمسرح وبداياته معه يقول: علاقتي بالمسرح قديمة، قمت بجولة كبيرة في ظروف مختلفة، وفي وقت كنت أمثل وأكتب نص شعري وأرسم، ولكن في الفترة الأخيرة أصبحتُ منحازاً للغناء (التلحين والأداء)، وعندما كنت في معهد الموسيقى، كان قسم الدراما بيئة محببة لي، أكثر من قسم الموسيقى، لأن لدي نزعة الاطلاع (القراءة)، و(ناس) الموسيقى تجدهم يتمرنون على آلاتهم مع خواء ثقافي كبير جداً. أما (ناس) الدراما من صميم عملهم في الدراما قرأة النظريات والفلسفات أي كمية اطلاع ضخم، ومن خلال العلاقة التي نشأت بيني وبين يحيى فضل الله وقاسم أبو زيد ومحمد محي الدين، خلقت معهم علاقة وبدأت أتداول معهم الكتب، أصبحت أكثر بيئة مرتبط بها في ذاك الوقت واكتشفوا أن لدي رؤية في مجال الدراما، وعندما تكون لديهم بروفات يصروا على أن أحضرها، وكنت أحضر البروفة من المرة الاولى والثانية والثالثة وأقوم بتصحيح أحدهم اذا اخطأ في الـ( (Accentاو طريقة النطق واللهجات للمجموعات الثقافية، وهي مجموعة في السودان تدور القصة في منطقتها، واعرضها بإعتبار أن الجزيرة هي مكان لتلاقح كل الثقافات في السودان، وبالتالي كنت أستطيع التميز بين اللهجات والـ( (Accentللبطانة والشمالية وغرب السودان، وهذا ماكان ينقص بعض الناس، ولاحظوا أنني أحفظ كل الحوار، وفي وقت قد ظهرت موجة ظهور الفنان في السينما والمسرح وأصبحت مثل الموضة، فرضت ، ولكن من خلال علاقتي بها أشتغلت الأماكن الغنائية في أعمال الديبلوما في المعهد، وكنت أشتغل الأعمال الغنائية، وتوضع خلفية الى أن تم انتاج عمل مسرحية (ضو البيت) وقمت بكل العمل الغنائي فيها وتم عرضها. * يقال أن المسرح من الفنون الخطرة جداً نسبة لقدرته على تكوين الرأي العام أو تكوين الشعب.. والمسرح كان لهجة قوية لأنه يلامس قضايا الناس ولذلك المسرح لا ينضج إلا في ظل ظروف ديمقراطية؟ هذا حديث صحيح وإذا لم تتوفر هذه الظروف الديمقراطية لايمكن ممارسة المسرح، وهذا دليل لنتسأل: كم عدد المسرحيات التي خرجت أو قدمت من خلال المسرح القومي، وكم من الأعمال أسقطت لأنها تسبب للسلطة عسر الهضم، ولذلك الأغنية أكثر تداولاً حتى في الظروف التي لا تتوفر فيها الديمقراطية، والمسرحية يصعب تداولها كعمل مسرحي له متطلباته، وليس بقدر سهولة الأغنية، لأن هذه الأخيرة من خلال الكاسيت تدخل كل البيوت، ولكن المسرحية تتطلب وجود عدد الناس ومسرح واضاءة وديكور ونص وممثلين وغيرها. وأرجع مرة اخرى للعلاقة بيني وبين المسرح اشتغلت (الدنيا صفا انتباه) وحسب معرفتي هي مسرحية ناضجة حتى في شكل موسيقى تصويرية متابعة للأداء، وعلى مدى ثلاث ساعات هنالك متابعات بالعود، وحتى الحركة مرسومة بالعود وانا عايشت المسرحية جيداً، ولحنت اجزاءها الغنائية، وقمت بأدائها أثناء المسرحية. وأصبحت أتابع أي مشهد في المسرحية بالعود، وأوجد معادل بين الحدث الذي يدور في خشبة المسرح وأنا في الكواليس وأمامي المايك وبيدي العود، وأحاول أن أعبر عن الحدث والحركة، وبعد سبعة أيام أصبح عمل متكامل، وشعرت بارهاق نسبة للوضع الصحي واعتذرت للمسرحيين واخبرتهم بتعبي وارهاقي، و(تحية زروق) وبعض الأخوان الممثلين في المسرحية قالوا لا يمكن أن تذهب، وعندما قلت إن الغناء مسجل لديكم، قالوا (أصبح العود يذكرنا بما ننساه في العمل)، لأنه أصبح هنالك رابط بين الحركة ومابين ماتقدمه خلف المسرح. وتم الاتفاق على تسجيل متابعة العود والعمل الغنائي وتم ذلك، وبعدها لا أعرف اذا ما ضاع ككثير من الأشياء التي تضيع في السودان أم مازالوا يحتفظون به، ولذلك أرى أنه عمل متكامل وموسيقاه التصويرية سودانية خالصة وكذلك الغناء المصاحب على مدار الثلاث ساعات، ولن تجد دقيقتين تخلو من متابعة الموسيقى أو تجسيد لمشهد. أما مسرحية (أربعة رجال وحبل) لم اتمكن أن أقدم فيها عمل حي، ولكن قدمت فيها كل العمل الغنائي وهي من اخراج قاسم ابوزيد وتمثيل فرقة الموانئ البحرية. وهنالك فيلم اذاعي (أهلي الغبش) وهو الفيلم الذي أخذ منه ابوعركي أغنية (ديل أهلي الغبش)، وانا عملت في هذا الفيلم وكان ذلك في فترة نميري (وتم تحريف للعمل)، وهذا ماجعلني أخذ موقف (داخل الاذاعة) لأنه كان هنالك تبشير (بالحكم) وتنتهي المسرحية على ذلك، ولكن (ناس) الاذاعة، وبحركة خبيثة جداً، بعد إنتهاء العمل أدخلوا فكرة أن الثورة هي ثورة مايو، وبذلك حرف هذا العمل وقدمته على مدى شهر وهذه علاقتي بالمسرح.
*التزمت بالأغاني التي تهم المواطن.. وليس بالتطبيل للأنظمة
* رفضت اعتلاء البرج العالي وجلست مع عامة الشعب
* عبر النقاش قدمنا عملاً ناضجاً لم نتقيد فيه (بميوعة) لجان النصوص
* المواطن يحتاج للأغنية التي تحرض على التغيير.. وأرخص مافي السودان هو ابن آدم
* المراهق لديه وعي بقضاياه أكثر من المغنيين الذين يفترض أن يبشروا بالتغيير
* هنالك صراع مصالح.. وأبناء الجيل الحالي أقدر على التعبير عن قضاياهم
* لا ينضج المسرح إلا في ظل الديمقراطية.. وكم من الأعمال أسقطت لأنها تسبب للسلطة عسر الهضم * أعتز بعلاقتي الإنسانية مع يحيى فضل الله وقاسم أبوزيد ومحمد محي الدين * تجاوزت لجنة النصوص وأجهزة الإعلام التي ظلت حكراً على فنانين بعينهم مرت علينا الذكرى الرابعة عشر لرحيل الفنان (مصطفي سيد أحمد)، ومازال البعض يلعن أيادي القدر التي قيل أنها (تفسد مسامات الرحيق)، ورغم أن حياته مليئة بالمغامرة سواء في صراعه/ نضاله مع من سماهم بالنمطيين، الذين يعتلفون الجاهز (الموسيقيين ولجنة النصوص)، فضلاً عن صراعه مع السلطة والمرض، إلا أن حياته لازمها الكثير من الغموض والملابسات، وهذا ما يجعلنا نفاجأ في كل عام بمعلومة جديدة حدثت في احدى محطاته (السودان، ليبيا، مصر، روسيا، الدوحة)، ففي الذكرى الثالثة عشر مثلاً أجرى ملف تعارف ثقافي تحقيقاً حول: حقائق وذكريات وآلام مصطفي بالدوحة، خرجنا بأن الدوحة هي من المحطات التي يجب التنقيب فيها، وخاصة بعد محاولة تخريب حفل الموردة، والجهات التي كانت تهدد مصطفي وطالبوه بأن يغني في احتفالات أعياد (الإنقاذ)! ولكنه رفض، وحينما كان مصطفي طريح الفراش بالمستشفي جاء أحدهم وصب عليه الماء البارد بعد أن زاد برودة التكييف، وغيرها من أحداث كاقتحام شقته وسرقة أعماله. وهنا يجب أن نؤكد إن غياب التوثيق، ومحاولة إخفاء الحقائق أو تزييفها من قبل البعض هو ماخلق الغموض. في هذه الذكرى نحن بصدد عرض ما جاء على لسان مصطفي سيد أحمد في حوار أجرته معه مجموعة بالدوحة، في يوم الجمعة 27/8/1993م، وقد جاء ذكر بعض أسماء من كانوا حضوراً في الحوار ومنهم (عزمي) وعليه نشكر الذين وثقوا لحياته عبر صوته، لنتعرف ماذا حدث له ولماذا حدث، عموماً هذا الحوار يكشف النقاب عن القضايا المسكوت عنها والمخفية في حياة مصطفي فإلى مضابطه:- * أنت لم تعد تهم الناس في مسألة الغناء فقط.. حدثنا عن الجانب الآخر والمعاناة الشخصية.. وكيف تم التعامل معها، أو التحايل عبر المدى الزمني على مثل هذه الأشياء؟ عندما كنت بالقاهرة أقمت بعض الحفلات للأخوة السودانيين، وبعض الأصدقاء والأخوة وقفوا معي وقفات مقدرة، والتفوا حولي في أي مكان ذهبت إليه، ويقفون موقف السودان بحسه الأصيل، حتى تكلفة العلاج هنا أُجريت معالجتها، الأستاذ محمد وردي قام بجهود مقدرة لحل بعض المعضلات المادية وكذلك الأمر مع الأخوة في السعودية، المسائل كما يقولون مستورة وتسير في اتزان وإن كانت هنالك بعض الضوائق والمعاناة فهي في هذا الزمن عامة تقريباً. ولا أريد سرد قائمة بالذين أوجه شكري وتقديري لهم، وحتى في السودان هنالك جهود بذلت في رحلتي الأولى للعلاج؛ كانت بقيادة الأستاذ يوسف الموصلي، والأخ أبوعركي، وشرحبيل أحمد، ومحمد ميرغني، والسمندل، ولا أمكن أنسى وقفتهم. * إذا معرفتك لم تجعلك تستطيع الدخول في باطن العمل الموسيقي وتحليله ومعرفة التراكيب بداخله.. باعتبار الأغنية عملاً موسيقياً وصوت المغني فيها آلة منفردة أو صولة.. فكيف إذاً تستطيع نقده؟ ستصبح ناقداً انطباعياً لاغير، فالنقد هو التقدير أو التقويم في اتساع رؤية، في ظروف الأمل وإبراز الأشياء الجميلة وتقويمها، والتنبيه للخلل الموجود بداخل العمل، ولذلك أرى أن المعهد كان يمكن أن يؤدي إلى التغيير، بتقسيم كل الوسط الفني من مسرح وموسيقى وغناء ونقد، ويمكن أن ينتج وعي، لأنه وببساطة يوجد تخلف، وإذا بحثنا عن أسبابه سيكتشف الناس أشياء غريبة قد تقلب كل الموازيين، وبالرغم من ثراء الأغنية كنص، وتقدمها على الوطن العربي، وبالرغم من خصوصيتها الجميلة لكن دائماً الهمم تصبط خوفاً من فكرة النقد الانطباعي، لأن المسألة أخذت شكل تكوينات (صراع مصالح)، وأنا لا أقول ذلك كعملية (طفح للمرارات)، ولكن مسألة الغناء هي قضيتي في الدنيا، وهو الدور المناط بي القيام به، وأتعامل فيه بأمانة، ولا أخشى من التسوية، وما يثبت صحة حديثي هي النصوص التي اختارها، إذا ذهبت بها للجنة النصوص فلن تختاره، وكل لجان النصوص التي مرت طوال الحقبة السودانية لايمكن أن تجيز (يلكز في الحمار.. نقرط للحمار)، (عم عبدالرحيم)، رغم أنها واقع في السودان، بدليل انحياز الناس لهذا العمل، وعلى مستوى المغنين نفس الذين انتقدوا تجربة طفل العالم الثالث داخل الصحف، وتجربة الحزن النبيل، وشريط وردي، هم نفس الفئة التي تشكل ثقل وضغط في القاهرة، ليوزعوا أعمالهم، ولذلك هنالك حديث كثير حول الأغنية السودانية وأخشى أن يؤخذ على مصطفي بانه مواقفه تتشكل بناء على المرارات، رغم أن المسألة غير ذلك، لأنها قضية التزمت بها التزام كامل، والتزمت فيها بالجانب الذي يهم المواطن وليس بالتطبيل للأنظمة أو للارتزاق، وتكمن صحة هذا الحديث في أن لدي أغنية واحدة فقط مسجلة في إذاعة امدرمان، ولكن الناس التفتت إلى ما أقدمه، لأنني قدمته بصدق كامل، لأن لدي رأي في كل ما يحدث. * تعامل مصطفى مع شعراء كثيرين بعكس فنانين ارتبطت أسماؤهم بأسماء شعراء أو شاعر بعينه،.. وبما أنك تعاملت مع عدد كبير من الشعراء وربما يكون بعضهم غير معروف.. نريد معرفة الكيفية التي تختار بها الشعراء؟ أولاً: الفكرة الأولى، أننا أبناء الجيل الحالي أقدر على التعبير عن قضايانا، وهذه إحدى الأشياء الأساسية التي جعلت كثير من الشعراء ينحازو باعتبارها قضيتهم، ويكون هنالك حوار ونقد تنتج عنه أعمال تعالج قضايا الناس، والشئ الثاني: أحب أن أنوه أنني تعاملت مع مايقارب الـ(47) شاعر، ولو لم يكن هنالك عناد في هذه المسألة تجاوزت حتى أجهزة الإعلام، وتجاوزنا اي مؤسسة تقليدية أدت لتحجيم الأغنية السودانية. ولنرى عدد الذين سقطوا من مثل هؤلاء الشعراء، وهم غير معروفين، ونصوصهم لاتجاز من لجان النصوص، كما أنهم لايجدون فرداً لديه كمية من العناد والإصرار الموجود عندي ففي وقت الفنان لا يضاء له الضوء الأخضر إلا من خلال أجهزة الإعلام ( الإذاعة والتلفزيون)، ولكن أنا قدمت غناء هؤلاء الشعراء، لأني أعرف أنه لايجاز، فأجهزة الإعلام كانت وقفاً على فنانين بعينهم، وأنا اقتحمت بهم حاجز الإذاعة والتلفزيون، وقدمت أعمالهم للناس مباشرة، وانحازو لها، وبالتالي أجهزة الإعلام أسقطت من يدها، وأصبحت أعمال هؤلاء الشعراء تقدم بالرغم من لجان النصوص. وأضاف مصطفى: نحن أقدر على التعبير عن زماننا وقضايانا؛ وبالتالي كنت أحس في كل النصوص التقليدية التي مرت بي بداياتي (بهوة زمنية)، بين الظرف المعاصر الذي أعيشه وبين ما يكتبه الشعراء التقليدين، رغم أنهم قدموا أعمالاً جميلة في فترة زمنية، ولا أنكرها، لكن ماهو معاصر يحتاج لإنسان معاصر وحاملاً لهواجسه، أوهواجس المعاصرة، ويكتب عنها، وهذا يتطلب معرفة بمسائل الشعر (بنياناً و معنى وصورة)، ولذلك بحثت عن النص، الذي يبحث عن قضايا الناس، ولم أحاول أن أكون في البرج العاجي، وعايشت الناس بكل مستوياتهم،(طلاب، عمال، موظفين، زملائي في المعهد، أو أي مواطن سوداني) جلست معهم باعتبار أن الروابط التي تجمعنا أساسية، ولديها قيمتها وقدرها عندي، وبالتالي الكثير من الذين أعتقدوا أنهم لن يتغنى لهم عمل ويسمعه الناس، أو يندثروا أو ينزوا في وقت ما وتموت فيه المقدرات، قد تلاقينا في محك أو مساحة للعمل، ومن خلال جلسات الاستماع جاءت عملية الاستكشاف المباشر لمعرفة همومهم وتفكيرهم وتعلمت منها كثير جداً وعبرها كسرت الحاجز التقليدي بين (النجم) والمواطن (العادي)، أنتجت أعمال وظهر شعراء في بداياتهم، وعملنا مع بعضنا وطورنا أنفسنا، إلا أن كتب عمل يؤدي الغرض المطلوب منه بمجرد سماعه لدي المستمع، وعندما نرجع لنعرف من كتب هذا العمل سنجده من الغبش أنفسهم، وبالتالي فهو ليس لامع أو متميز في أجهزة الاعلام أو غيرها. ويواصل مصطفى عن ذات الشعراء ويقول: أرى أنهم صادقين في مشاعرهم وأقدر على التعبير عن قضاياهم، ولذلك المسألة خاضعة لهذا الأساس رغم أنها مغامرة، ولكن يجب أن يسأل الشخص نفسه: (ماهو دوره، وماذا يريد أن يفعل؟)، الإبداع كثير، ووفقاً للمقولة المعروفة بأن الأبداع هو الخروج من المألوف، وبذلك إحتمال ان تكون الفنون الى الآن في مرحلة العصر الحجري، ولن يكون هنالك إبداع في الفن الممارس الملئ بالإرث، حتي تخرج عن حدوده المألوفة وتضيف رؤيتك، واذا قبلت بالأشياء السابقة المطروحة على علاتها، فقدت بذلك المبادرة ويصبح ثابت. وأي عمل به إبداع يفترض أن يكون فيه سبق، أو خروج عن الأشياء السابقة، وبالتالي المجموعة التي تمثلت في (حميد، القدّال، صلاح حاج سعيد، يحيّى فضل الله، قاسم أبوزيد، الصادق الرضي، عاطف خيري، أزهري محمد علي)، كانوا على احتكاك وتحاور مستمر معي، وقطعته الظروف التي شتت السودانيين في كل أصقاع الدنيا، لكن كان حوار أنتج كل مايحس به الناس، ولامسهم في مواجعهم، هؤلاء الشعراء ليس فيهم من أبوه خريج كلية غردون، حتى صلاح حاج سعيد الذي كتب (لاقيتو واقف منتظر) تغنى بها الطيب عبدالله، أعاد صياغ رؤيته لحاجته عبر ذلك الحوار والنقاش والاحتكاك، فضلاً عن العلاقات الإنسانية النظيفة بيننا كشعراء وأصدقاء. وعن العلاقة/ الحوار التي نشأت مابين مصطفى ويحيى فضل الله وآخرين يقول مصطفى: أول قصيدة غنيتها ليحي فضل الله هي: (ياضلنا)، ووجدت المقطع الأول مقنع ولحنته، المقطع الثاني حسيت بأن به ضعف، وذهبت معه في هذه القصيدة، ليعيد صياغة المقطع الأخير منها، في البداية أثارت هذه المسألة انتباه محمد محي الدين، وقاسم أبوزيد، ولم أكن أعرف أنهم شعراء، وذلك في المعهد وهم كانوا في قسم الدراما، وأنا في قسم الموسيقى، وباستغراب شديد قالوا لي وليحيى فضل الله: (تعالوا هنا نشوف الفنان البناقش في تفاصيل الشعر دة) كأنما هي مسألة غريبة، لأن الفكرة السائدة لدى الناس، أن الفنانين فيهم نسبة عالية من الجهالة، وفعلاً جلسنا وناقشنا المسألة وأسمعتهم (ياضلنا)، وأخبرتهم عن ضعف العمل الأخير ولماذا!! وبعدما كانوا مندهشين لدرجة أقرب بالتحرش بي، قال: محمد محي الدين، إلى يحيى فضل الله: (والله ماخلا ليك أي فرصة وليس لديك حل غير إعادة الصياغة) أما قاسم أبوزيد فقد أمن على هذه المسألة، ومن هنا تأسست علاقة بيني وبين قاسم أبو زيد ومحمد محي الدين ويحيّى فضل الله، ويحيى أعاد صياغة المقطع الأخير، واكتملت كأغنية، وأصبح بيننا حوار وعلاقة إنسانية أعتز بها تماما،ً وهم تسببوا في إنشاء علاقات بيني وبين الآخرين، وأصبحت أي قصيدة تكتب هي موضوع حوار، سواء كان كاتبها موجود أو غير موجود، ومن هنا تتسق الرؤيا وتتوسع، وبالتالي الشخص المقيم في داخلية المعهد، وغير معروف لدى أجهزة الإعلام، يفاجئ الناس بعمل يُقدم ويلمس وجدانهم، ويكون هذا العمل مقدم من مواطن بسيط، فالناس تعاملت بمسؤولية، وكفكرة، وحتى مسألة الخروج عن النصوص التقليدية التي تجيزها لجان النصوص، دار حولها كثير من النقاش، حول ضرورة تكسير هذه البنايات وتقديم عمل جميل وناضج لانتقيد فيه بـ(بميوعة) لجان النصوص دي كلمة غنائية، وهذه ليست غنائية، وهذا شعر غناء، وهذا شعر ليس بغناء)، والمسألة بها استلاب كبير للإبداع بتراثه لدرجة أنه أصبح هناك توجس وأصبح الشخص لايتناول عمل به الصيغة الملحمية، وهذا ماجعل أغنية (عم عبد الرحيم) ذات صدىً مدوي، في أذهان الناس، باعتبارها منحى جديد، ولكن هي خطة متكامله خرجت فيها (مابين زمناً متمنيهو) والأعمال المطولة خرجت (عم عبدالرحيم، شهيق، عمنا الحاج ود عجبنا)، وبعدها تلحنت (الضوء وجهجهة التساب) كاملة، وهي (25) ورقة فلسكاب، بغرض إذا استقام الحال لاحقاً وأصبح ممكناً أن نمارس عطائنا من داخل بلدنا أن يقدم كعمل غنائي مسرحي؛ عبارة عن ملحمة، وهذه الأشرطة في السودان ولم أستطع اخراجها لأنني خرجت في ظل بعض الظروف، وأستدرك قائلاً: هي أغاني ملحنة مثل (سيناريو البحث عن اليابسة) و(غناء العزلة ضد العزلة) وهناك مقدرات شعرية ضخمة جداً، أكبر من مقدرات المغنيين والملحنين، لأنه وفي وقت من الأوقات توقفت المسألة في أن الأغنية الخفيفة يرقص فيها الناس ويرددها الشارع في اليوم الثاني وكفى، وهذه ليست قضية الشارع؛ لأن الشارع محتاج إلى الاغنية التي تعوضه عن فشل برامج محو الأمية، وتعمل على توعيته بقضاياه، الشارع يحتاج لكشف الظروف التي يعيشها الناس، وتعريفه بواقعه، ويحتاج للتبشير بالتغيير والتحريض عليه، وهذا هو دور الفنون عبر التاريخ، ولكنها في أماكن أصبحت متكأ للخدر، فأرخص مافي السودان هو ابن آدم، وأفتكر أن ماهو سائد الآن بين الناس والمراهقون، أنهم لم ينخرطوا وراء أغاني الهيام والولع (اللزج) أصبحوا يتذوفوا وينفعلوا مع أعمال تجعل الفرد يندهش فكيف تحدث هذه الطفرة مع المراهق، وهذا مؤشر جيد فالمراهق لدينا نجد لديه الوعي بالقضايا أكثر من المراهقين لدى غيرنا، فالمراهق عندنا كمستمع لديه وعي بقضاياه وواقعه أكثر من كثير من المغنيين والذين يفترض أن يبشروا بالتغيير. وعن علاقة مصطفى سيد أحمد بالمسرح وبداياته معه يقول: علاقتي بالمسرح قديمة، قمت بجولة كبيرة في ظروف مختلفة، وفي وقت كنت أمثل وأكتب نص شعري وأرسم، ولكن في الفترة الأخيرة أصبحتُ منحازاً للغناء (التلحين والأداء)، وعندما كنت في معهد الموسيقى، كان قسم الدراما بيئة محببة لي، أكثر من قسم الموسيقى، لأن لدي نزعة الاطلاع (القراءة)، و(ناس) الموسيقى تجدهم يتمرنون على آلاتهم مع خواء ثقافي كبير جداً. أما (ناس) الدراما من صميم عملهم في الدراما قرأة النظريات والفلسفات أي كمية اطلاع ضخم، ومن خلال العلاقة التي نشأت بيني وبين يحيى فضل الله وقاسم أبو زيد ومحمد محي الدين، خلقت معهم علاقة وبدأت أتداول معهم الكتب، أصبحت أكثر بيئة مرتبط بها في ذاك الوقت واكتشفوا أن لدي رؤية في مجال الدراما، وعندما تكون لديهم بروفات يصروا على أن أحضرها، وكنت أحضر البروفة من المرة الاولى والثانية والثالثة وأقوم بتصحيح أحدهم اذا اخطأ في الـ( (Accentاو طريقة النطق واللهجات للمجموعات الثقافية، وهي مجموعة في السودان تدور القصة في منطقتها، واعرضها بإعتبار أن الجزيرة هي مكان لتلاقح كل الثقافات في السودان، وبالتالي كنت أستطيع التميز بين اللهجات والـ( (Accentللبطانة والشمالية وغرب السودان، وهذا ماكان ينقص بعض الناس، ولاحظوا أنني أحفظ كل الحوار، وفي وقت قد ظهرت موجة ظهور الفنان في السينما والمسرح وأصبحت مثل الموضة، فرضت ، ولكن من خلال علاقتي بها أشتغلت الأماكن الغنائية في أعمال الديبلوما في المعهد، وكنت أشتغل الأعمال الغنائية، وتوضع خلفية الى أن تم انتاج عمل مسرحية (ضو البيت) وقمت بكل العمل الغنائي فيها وتم عرضها. * يقال أن المسرح من الفنون الخطرة جداً نسبة لقدرته على تكوين الرأي العام أو تكوين الشعب.. والمسرح كان لهجة قوية لأنه يلامس قضايا الناس ولذلك المسرح لا ينضج إلا في ظل ظروف ديمقراطية؟ هذا حديث صحيح وإذا لم تتوفر هذه الظروف الديمقراطية لايمكن ممارسة المسرح، وهذا دليل لنتسأل: كم عدد المسرحيات التي خرجت أو قدمت من خلال المسرح القومي، وكم من الأعمال أسقطت لأنها تسبب للسلطة عسر الهضم، ولذلك الأغنية أكثر تداولاً حتى في الظروف التي لا تتوفر فيها الديمقراطية، والمسرحية يصعب تداولها كعمل مسرحي له متطلباته، وليس بقدر سهولة الأغنية، لأن هذه الأخيرة من خلال الكاسيت تدخل كل البيوت، ولكن المسرحية تتطلب وجود عدد الناس ومسرح واضاءة وديكور ونص وممثلين وغيرها. وأرجع مرة اخرى للعلاقة بيني وبين المسرح اشتغلت (الدنيا صفا انتباه) وحسب معرفتي هي مسرحية ناضجة حتى في شكل موسيقى تصويرية متابعة للأداء، وعلى مدى ثلاث ساعات هنالك متابعات بالعود، وحتى الحركة مرسومة بالعود وانا عايشت المسرحية جيداً، ولحنت اجزاءها الغنائية، وقمت بأدائها أثناء المسرحية. وأصبحت أتابع أي مشهد في المسرحية بالعود، وأوجد معادل بين الحدث الذي يدور في خشبة المسرح وأنا في الكواليس وأمامي المايك وبيدي العود، وأحاول أن أعبر عن الحدث والحركة، وبعد سبعة أيام أصبح عمل متكامل، وشعرت بارهاق نسبة للوضع الصحي واعتذرت للمسرحيين واخبرتهم بتعبي وارهاقي، و(تحية زروق) وبعض الأخوان الممثلين في المسرحية قالوا لا يمكن أن تذهب، وعندما قلت إن الغناء مسجل لديكم، قالوا (أصبح العود يذكرنا بما ننساه في العمل)، لأنه أصبح هنالك رابط بين الحركة ومابين ماتقدمه خلف المسرح. وتم الاتفاق على تسجيل متابعة العود والعمل الغنائي وتم ذلك، وبعدها لا أعرف اذا ما ضاع ككثير من الأشياء التي تضيع في السودان أم مازالوا يحتفظون به، ولذلك أرى أنه عمل متكامل وموسيقاه التصويرية سودانية خالصة وكذلك الغناء المصاحب على مدار الثلاث ساعات، ولن تجد دقيقتين تخلو من متابعة الموسيقى أو تجسيد لمشهد. أما مسرحية (أربعة رجال وحبل) لم اتمكن أن أقدم فيها عمل حي، ولكن قدمت فيها كل العمل الغنائي وهي من اخراج قاسم ابوزيد وتمثيل فرقة الموانئ البحرية. وهنالك فيلم اذاعي (أهلي الغبش) وهو الفيلم الذي أخذ منه ابوعركي أغنية (ديل أهلي الغبش)، وانا عملت في هذا الفيلم وكان ذلك في فترة نميري (وتم تحريف للعمل)، وهذا ماجعلني أخذ موقف (داخل الاذاعة) لأنه كان هنالك تبشير (بالحكم) وتنتهي المسرحية على ذلك، ولكن (ناس) الاذاعة، وبحركة خبيثة جداً، بعد إنتهاء العمل أدخلوا فكرة أن الثورة هي ثورة مايو، وبذلك حرف هذا العمل وقدمته على مدى شهر وهذه علاقتي بالمسرح.
فيصل خليل حتيلة- مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
رد: مصطفى سيد احمد
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه يا نخلة السلفاب .. ليتني وجدت وقتا للحديث عنه .. لا أريده حديثا غير موثق ولا يفيه حقه ... أوعدكم وكلي ألم ولكني حتما سأأتي وأعود لذكريات أبوجبيهة عبر ذلك المنتدى الذى أشتكى هجري له
شكرا مووونج
شكرا مووونج
أزهرى الحاج البشير- مشرف عام
رد: مصطفى سيد احمد
العيش حسرة مرة في الجوانح والروح
الم وعذاب في عصب الخاصر المجروح
وشلالات حزن تبكي وتنوح
اااه يا زمن ما الكل بروح.
عناقا : لك العشق ايها المسافر في دمي
الم وعذاب في عصب الخاصر المجروح
وشلالات حزن تبكي وتنوح
اااه يا زمن ما الكل بروح.
عناقا : لك العشق ايها المسافر في دمي
طارق كمبال- مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
رد: مصطفى سيد احمد
لا غيبتك كانت مرضية
ولا فوتك كانت مبلوعة
ما أصدق هذه العبارة ولا نقول إلا ما يرضي الله
إنّا لله وإنّا إليه راجعون
ولا فوتك كانت مبلوعة
ما أصدق هذه العبارة ولا نقول إلا ما يرضي الله
إنّا لله وإنّا إليه راجعون
أزهرى الحاج البشير- مشرف عام
رد: مصطفى سيد احمد
اللهم ارحمه رحمة واسعة فقد تشرفت بلقاءه في الدوحة عدة مرات بصحبة صديقه الوفي الصحفي اسامه احد موسى الذي انتقل هو الاخر الي الرفيق الاعلى العام الماضي وقد شاركت جموع غفيرة من محبيه في حمل جثمانه بعد صلينا عليه في مسجد مطار الدوحه قبل نقله للخرطوم فله الرحمة والمغفرة
الفاتح حسن ابوساره- مشرف تاريخ ابوجبيهه
الرحيل المر
لعلك تذكر يا فاتح أخواننا بدرالدين الأمير وعبدالمنعم الفكي ومدني النخلي الذي صالحة مصطفي قبل رحيله المر ببضعة أشهر ... وعلى أذكر أيضا عديل مصطفى دكتور مسعود ... وآخر حفل له حفل الإستقلال الذي غنى فيه عزة في فندق الواحه ورحل بعده مصطفى بأيام معدودة في الأربعاء من مساء 17 يناير 1996 .... سبحان الله كنت في الأسكندرية على مرمى حجر من داره في الإبراهيمية ... كانت ليلة حزينه عقبها صباح كئيب.
أزهرى الحاج البشير- مشرف عام
مواضيع مماثلة
» بين سجن وبيت اشباح __ مصطفى سيد احمد
» الحاجة ست الجيل والدة الراحل المقيم مصطفى سيد احمد
» دمعات على قبر النغم الخالد مصطفى سيد احمد وذكرى الرحيل
» هل مات قلبك مصطفى سند
» احمد كوكو احمد .. غيابك طال قرب تعال
» الحاجة ست الجيل والدة الراحل المقيم مصطفى سيد احمد
» دمعات على قبر النغم الخالد مصطفى سيد احمد وذكرى الرحيل
» هل مات قلبك مصطفى سند
» احمد كوكو احمد .. غيابك طال قرب تعال
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى