فضيحة جديدة لامريكا
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
فضيحة جديدة لامريكا
تهريب أطفال هايتي يتزايد في ظل الفوضى التي خلفتها كارثة الزلزال (رويترز-أرشيف)
اعتقلت الشرطة في هايتي عشرة أميركيين ضبطوا أثناء محاولتهم نقل 33 طفلا إلى خارج هايتي فيما يشتبه بأنه برنامج تبن غير قانوني.
ووضع المعتقلون العشر وهم خمسة رجال وخمس نساء في الحجز في العاصمة بور أو برنس بعد اعتقالهم الليلة الماضية.
وهناك مخاوف من أن يحاول المهربون استغلال الفوضى والاضطراب بعد الزلزال الذي وقع في هايتي في 12 يناير/كانون الثاني للقيام بعمليات تبن غير مشروعة.
ونفى أحد المعتقلين التهم وقال إنه زعيم جمعية خيرية مركزها في إيداهو واسمها "نيو لايف تشيلدرنز ريفيوجي" مؤكدا عدم ارتكابه أي شيء خطأ.
واعتقل العشرة في مالاباس وهي المعبر الحدودي الرئيسي لهايتي مع جمهورية الدومينكان بعد أن قامت الشرطة الهايتية بعملية تفتيش روتينية لسيارتهم.
وقالت السلطات إن الأميركيين لم يكن لديهم وثائق تثبت أنهم أجازوا تبني الأطفال والذين تتراوح أعمارهم بين شهرين و12 عاما من خلال أي سفارة ولم تكن بحوزتهم أوراق تظهر أن الزلزال جعل هؤلاء الأطفال يتامى.
وقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية في هايتي إن هذا غير قانوني تماما ولا يمكن مغادرة أي طفل من هايتي دون إذن سليم وهؤلاء الأشخاص لم يكن لديهم هذا الإذن
منقول ( الجزيرة نت)
طارق كمبال- مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
رد: فضيحة جديدة لامريكا
وطبعاً هاؤلاء النخاسة ياتون خلف ستار المساعدات الانسانية و ها هم يفتتضح امرهم
حسبنا الله ونعم الوكيل
حسبنا الله ونعم الوكيل
محمد كمبال- نشط ثلاثة نجوم
رد: فضيحة جديدة لامريكا
في موسوعته الضخمة حول تاريخ العالم أورد المؤرخ البريطاني
المشهور"أرنولد توينبي" بالتحليل ظهور ثم أفول 21 حضارة في التاريخ الإنساني، فكل حضارة مرت بمراحل النشوء والارتقاء ثم المراوحة ثم البدء بالسقوط والانحلال، فهل هناك قانون طبيعي واجتماعي عام وصارم في هذا الموضوع؟ وهل يمكن أن تفلت حضارة من الحضارات من هذا المصير المحتوم؟ وهل هناك شيء حتمي في الأمر؟ أو لنطرح هذا السؤال بصيغة أخرى: هل سيجري للحضارة الغربية الحالية ما جرى للحضارات السابقة؟ وهل ستندثر مثلها؟ هناك خلاف بين المفكرين في هذا الصدد، فبينما يرى " شبجنلر" أن الأزمة التي تعيشها الحضارة الغربية ستقودها إلى الفناء والزوال، وسجل رأيه هذا في كتابه المعروف (أفول الغرب)، نرى مفكرين آخرين، مثل: " فوكوياما" يرى غير ذلك، حيث يرى أن الحضارة الغربية هي أقصى ما يمكن للإنسان أن يبلغه والذروة التي لا ذروة بعدها، أي كأن التاريخ سيتجمد وسيفقد قابليته في التغيير المستمر وفي التجديد، وستبقى الحضارة الغربية بسماتها الرئيسة الحالية إلى الأبد، وهذا يذكرنا بالفلسفة الماركسية حول الأدوار التاريخية المفروضة على البشرية كقدر لا مناص له منه ولا فكاك كما زعمت، وكيف أن ماركس كان يرى بأن المرحلة الشيوعية الأخيرة هي آخر المراحل التي ستصل إليها البشرية، وأن هذه المرحلة ستبقى بسماتها الرئيسة إلى الأبد، وأن كل ما يحدث من تقدم في الحضارة سينحصر في التقدم العلمي وفي تقدم الصراع الإنساني مع الطبيعة لاكتشاف المزيد من قوانينها والاستفادة منها، وهناك مفكرون عديدون اعترفوا بوجود أزمة شديدة في الحضارة الغربية، ولكنهم يرون أن الحضارة الغربية تملك قابلية إصلاح نفسها والتغلب على أزماتها دون أن تدع هذه الأزمات تقضي عليها.
ذكرنا هذا المدخل الموجز إلى الموضوع الأصلي الذي نتناوله هنا، وهو مصير الإمبراطورية الأمريكية، فنحن نرى أن هناك إشارات عديدة إلى أن الإمبراطورية الأمريكية التي خطت خطواتها الأولى بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي دخلت إلى مرحلة الانحلال بسرعة لم يشهدها من قبل سقوط أي امبراطورية من الامبراطوريات السابقة، والظاهر أن سمة السرعة في عصرنا الحالي لا تدع أي مجال لإمبراطوريات طويلة العمر، فبينما نرى أن الامبراطورية الرومانية استمرت ما يقارب ألف عام والامبراطورية العثمانية ما يزيد على ستة قرون نجد أن الامبراطورية البريطانية لم تدم إلا مئة وخمسين عاماً تقريباً، بينما استغرقت مرحلة التدهور فقط في الامبراطورية العثمانية أكثر من مئة وخمسين عاماً، والتسارع الشديد الذي هو سمة عصرنا الحالي لن يسمح بدوام الامبراطورية الأمريكية قرناً واحداً، بل ربما تنهار هذه الامبراطورية بعد أقل من نصف قرن.
وقد يحسب بعضهم أن ما نقوله يرجع إلى موقفنا العدائي من هذه الامبراطورية وتمنياتنا لها بالزوال، أي قد يحسبون أن العامل النفسي هو الكامن وراء هذا التوقع وليس التحليل الموضوعي للأمور وللتوازنات الدولية.
والأمر ليس كذلك، فما نقوله يستند إلى معطيات ملموسة لا شك فيها وإن كان من الممكن الاختلاف في تقدير قيمتها ومدى تأثيرها في المستقبل القريب والبعيد، ولكنها معطيات لا تخفى أمام ناظر أي محلل موضوعي يشاهد العالم من منظور واسع وشامل.
لنسجل هنا أهم هذه المعطيات:
1- تصاعد العجز في الميزانية الأمريكية:
عندما قام الرئيس بوش بتخفيض بعض الضرائب لإنعاش الاقتصاد الأمريكي، ثم بزيادة النفقات العسكرية نتيجة تورطه في الحرب مع العراق والمقاومة الشعبية الكبيرة التي لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية تتوقعها زاد العجز السنوي في الميزانية الأمريكية عن 450 مليار دولار، وهو عجز قياسي لم تشهده الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن ونزيف الحرب مستمر بل في تصاعد، وقد دلت الإحصائيات أن الولايات المتحدة الأمريكية تنفق ما يقارب 4 مليار دولار شهرياً لتمويل حربها في العراق، ولا يستطيع الرئيس بوش القيام بفرض ضرائب جديدة؛ لأنه مقبل على انتخابات الرئاسة ولا يريد إثارة غضب الشارع ضده في هذه الأيام الحرجة بالنسبة إليه.
إن الميزانية المالية التي ستكمل في نهاية هذا الشهر (شهر أيلول 2004م) أظهرت خلال 11 شهراً عجزاً مقداره 436،9 مليار دولار، لذا فالعجز السنوي سيزيد عن 450 مليار دولار، وبلغت مصاريف الخزانة الأمريكية 2،11 تريليون دولار، أي بزيادة 5،9% عن السنة الماضية، ولو استمر الأمر على هذا المنوال سنتين متتاليتين فستظهر أزمة اقتصادية حقيقية في الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تبلغ واردات الخزانة الأمريكية 1،67 تريليون دولار( زادت الواردات بنسبة 5،2% عن السنة الماضية، ومع ذلك لم تحل هذه الزيادة دون حدوث العجز المذكور) وكان مقدار العجز في الميزانية في السنة الماضية 400،5 مليار دولار أي زاد العجز بنسبة تزيد عن 9% عن السنة الماضية.
وقد فاق عجز الميزانية هذه السنة توقعات جميع المحللين الاقتصاديين؛ لأنهم توقعوا أن هذا العجز سيبلغ 422 مليار دولار، ولكن مصاريف الحرب في العراق زادت بشكل غير متوقع وغير محسوب نتيجة زيادة المقاومة العراقية، وأشار (المرشح الديمقراطي) جون كيري في إحدى خطبه الانتخابية بأن هذا العجز يشير إلى فشل السياسة الاقتصادية التي يتبعها بوش، وإلى أن التقليل الجزئي للضرائب خدم طبقة الأغنياء ولم يخدم الطبقة الوسطى من الشعب الأمريكي.
2- زيادة ديون الولايات المتحدة الأمريكية:
نظرا للموقف الخاص للدولار في العالم وكونه الوحدة الرئيسة في التبادل التجاري العالمي وفي دفع الديون ويشكل الاحتياطي في معظم خزائن دول العالم، فقد أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن (3-4)أضعاف الناتج القومي الأمريكي من الدولارات. إن كل دولار يعد سند دين على الولايات المتحدة الأمريكية، ويستطيع صاحبه أن يشتري به بضاعة منها، ولكن سلع الولايات المتحدة الأمريكية لا تكفي أبداً لمواجهة الكم الهائل من الدولارات الموجودة في العالم.
إن البنوك خارج الولايات المتحدة الأمريكية تملك مئات المليارات من الدولارات ومن السندات التي أصدرتها الخزانة الأمريكية، فاليابان وحدها تملك 750 مليار دولار، أما مجموع الدولارات والسندات الأمريكية الموجودة لدى الصين وهونج كونج وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان فيبلغ (1،1) تريليون دولار( التريليون يساوي مليون x مليون)، وديون الولايات المتحدة لدول آسيا في تصاعد مستمر، وهذا الكم الهائل من الدولارات الموجودة في دول آسيا هو الذي حال – بمقياس كبير- دون تدهور قيمة الدولار الأمريكي تدهوراً كبيراً. كما لا ننسى أن مجموع الودائع لرؤوس الأموال العربية في البنوك الخارجية - وأكثره في الولايات المتحدة الأمريكية بالدرجة الأولى ثم في البنوك الأوروبية- يبلغ ( 250 – 300) مليار دولار، ولو قام العرب( النائمون حالياً والمشلولون فكرياً وروحياً) بسحب ودائعهم هذه أو تحويلها إلى عملة أخرى ( كاليورو مثلاً) وتحول التجار العرب والمسلمون من التعامل بالدولار في صفقاتهم التجارية إلى عملة أخرى لأحدثوا هزة في الاقتصاد الأمريكي، لقد كانت خطوة إيران في بيع نفطه باليورو وليس بالدولار خطوة مهمة جداً، ولا ندري متى ستخطو الدول العربية مثل هذه الخطوة وتحول ودائعها وكذلك خزينتها من العملات الصعبة في بنوكها المركزية من الدولار إلى اليورو، مع أن موقف الولايات المتحدة من هذه الدول موقف عدائي صريح، أما لو قامت دول آسيا بتحويل ولو نصف ما لديها من الدولار إلى اليورو أو إلى الين الياباني لانهار الاقتصاد الأمريكي بشكل مريع، وليس هذا الاحتمال ببعيد في ساحة السياسة الدولية المنفتحة على الدوام لجميع الاحتمالات، فليس من المستبعد مثلاً قيام الصين الشعبية بمثل هذه الخطوة وهي في وضع تنافسي – وأحياناً عدائي- مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يمكن لأحد أن يقطع بعدم تنبه الدول العربية والإسلامية وشعوبها ورجال الفكر والاقتصاد ورجال الأعمال فيها إلى مقاطعة الدولار والسلع الأمريكية في السنوات القادمة. أي ليس هناك من يضمن عدم انهيار الاقتصاد الأمريكي وفيه كل هذه الثغرات الكبيرة، أو يضمن سلامة هذا الاقتصاد في السنوات المقبلة.
3- الفجوة العلمية والتكنولوجية والاقتصادية بدأت تقل بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول عديدة:
لا يخفى على أي مراقب التقدم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي الكبير الذي يجري في دول عديدة لها وزن كبير في العالم، مثل: الصين والهند والبرازيل مما يؤدي باستمرار إلى تقليل الفجوة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الساحات.فالمحللون الاقتصاديون يذكرون بأن التقدم الذي يسجله الصين حالياً إن استمر على المنوال نفسه فسيملك الصين بعد 25 سنة فقط اقتصاداً أقوى من الاقتصاد الأمريكي، أما الهند ( الذي تجاوز عدد سكانه المليار ومئة مليون) فسيصل إلى مستوى الاقتصاد الأمريكي في عام 2050م والتقدم العلمي الذي تشهده الهند، ولا سيما في علوم الفيزياء والرياضيات وعلوم الحاسبات أصبح معروفاً للجميع،علماً بأن مجموع نفوس الصين والهند يبلغ 40% من نفوس العالم، لذا فمن المنتظر أن يلعب هذان البلدان – مع التقدم العلمي والاقتصادي السريع الجاري فيهما- دوراً كبيراً في السياسة الدولية ويشكلا قوة رئيسة تفقد الولايات المتحدة الأمريكية ميزة كونها القطب الوحيد في السياسة الدولية، وسيكون هذا في صالح العالم إذ يجلب إلى العالم نوعاً من التوازن الدولي المفقود حالياً.
ولما كانت الهيمنة السياسية مرتبطة لحد كبير بالهيمنة الاقتصادية، وكانت الدلائل كلها تشير إلى أن الولايات المتحدة ستفقد الكثير من هيمنتها الاقتصادية في ظرف عقود قليلة لذا لن تكون عملتها هي العملة الدولية الرئيسة في التجارة الدولية وفي احتياطي البنوك المركزية وفي تسديد الديون بين الدول، بل ستكون إحدى هذه العملات فقط، وفقدان الدولار لميزته الحيوية الحالية سيؤدي إلى انهيار قيمة الدولار، وسيؤدي هذا إلى أزمة كبيرة في الاقتصاد الأمريكي.
4- الخاصية الديموغرافية ( السكانية ) في الولايات المتحدة الأمريكية:
ستؤدي الخاصية الديموغرافية في الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقليل قوتها وهيمنتها العسكرية في المستقبل القريب نوعاً ما.
من المعلوم أن أنصار (الرئيس الحالي) بوش هم من المسيحيين البيض المتعصبين والموالين لإسرائيل، ولهم موقف عدائي من المرأة ومن المهاجرين من أنصار الأديان الأخرى، ولكن الإحصائيات والأرقام الرسمية الأمريكية تشير إلى أن نصف سكان الولايات المتحدة الأمريكية عام 2050م سيكون مؤلفاً من الأمريكيين المكسيكيين( أي الأمريكيين من أصل مكسيكي) والأمريكيين الأفريقيين والأمريكيين الآسيويين، ومثل هذه التركيبة السكانية سيؤدي دون ريب إلى لجم السياسة التوسعية وسياسة الهيمنة والاعتداء التي تنتهجها الولايات المتحدة حالياً، إذ سيكون لهؤلاء الأمريكيين المنحدرين من أصول مكسيكية وأفريقية وآسيوية صوت أعلى وتأثير أقوى في سياسة وفي إدارة الدولة هناك من صوتهم وتأثيرهم الحالي الضعيف نوعاً ما.
لقد ذكر البروفيسور جيفري د. ساش prof.Jeffrey D. Sachs (الأستاذ في جامعة هارفارد منذ عشرين عاماً) أن الامبراطورية الأمريكية في طريقها إلى الأفول والزوال، وأن خسارة بوش في الانتخابات القادمة سيؤدي إلى انهدام الحكم الإمبراطوري الأمريكي، وأضاف قائلاً:
" لقد كان باستطاعة الولايات المتحدة الأمريكية استخدام قوتها في صالح البشرية. لقد أظهرت الدراسة التي أجرتها منظمة الصحة الدولية أن جزءاً من المبالغ الضخمة التي تنفقها الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة تورطها في الحرب في العراق يكفي للسيطرة على العديد من الأمراض القاتلة في العالم كالحمى والسل).
كما قامت مجلة FORUM التركية ( وهي مجلة يصدرها اتحاد غرف التجارة والبورصة في تركيا ) بترجمة كاملة لمقالة هذا الأستاذ الجامعي الأمريكي، حيث نقرأ في هذه المقالة كيف أن الولايات المتحدة الأمريكية ( التي يبلغ إيرادها القومي 11 تريليون دولار) خصصت 450 مليار دولار سنوياً لنفقاتها العسكرية، وهذا المبلغ يساوي مجموع النفقات العسكرية لجميع دول العالم الأخرى.
المشهور"أرنولد توينبي" بالتحليل ظهور ثم أفول 21 حضارة في التاريخ الإنساني، فكل حضارة مرت بمراحل النشوء والارتقاء ثم المراوحة ثم البدء بالسقوط والانحلال، فهل هناك قانون طبيعي واجتماعي عام وصارم في هذا الموضوع؟ وهل يمكن أن تفلت حضارة من الحضارات من هذا المصير المحتوم؟ وهل هناك شيء حتمي في الأمر؟ أو لنطرح هذا السؤال بصيغة أخرى: هل سيجري للحضارة الغربية الحالية ما جرى للحضارات السابقة؟ وهل ستندثر مثلها؟ هناك خلاف بين المفكرين في هذا الصدد، فبينما يرى " شبجنلر" أن الأزمة التي تعيشها الحضارة الغربية ستقودها إلى الفناء والزوال، وسجل رأيه هذا في كتابه المعروف (أفول الغرب)، نرى مفكرين آخرين، مثل: " فوكوياما" يرى غير ذلك، حيث يرى أن الحضارة الغربية هي أقصى ما يمكن للإنسان أن يبلغه والذروة التي لا ذروة بعدها، أي كأن التاريخ سيتجمد وسيفقد قابليته في التغيير المستمر وفي التجديد، وستبقى الحضارة الغربية بسماتها الرئيسة الحالية إلى الأبد، وهذا يذكرنا بالفلسفة الماركسية حول الأدوار التاريخية المفروضة على البشرية كقدر لا مناص له منه ولا فكاك كما زعمت، وكيف أن ماركس كان يرى بأن المرحلة الشيوعية الأخيرة هي آخر المراحل التي ستصل إليها البشرية، وأن هذه المرحلة ستبقى بسماتها الرئيسة إلى الأبد، وأن كل ما يحدث من تقدم في الحضارة سينحصر في التقدم العلمي وفي تقدم الصراع الإنساني مع الطبيعة لاكتشاف المزيد من قوانينها والاستفادة منها، وهناك مفكرون عديدون اعترفوا بوجود أزمة شديدة في الحضارة الغربية، ولكنهم يرون أن الحضارة الغربية تملك قابلية إصلاح نفسها والتغلب على أزماتها دون أن تدع هذه الأزمات تقضي عليها.
ذكرنا هذا المدخل الموجز إلى الموضوع الأصلي الذي نتناوله هنا، وهو مصير الإمبراطورية الأمريكية، فنحن نرى أن هناك إشارات عديدة إلى أن الإمبراطورية الأمريكية التي خطت خطواتها الأولى بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي دخلت إلى مرحلة الانحلال بسرعة لم يشهدها من قبل سقوط أي امبراطورية من الامبراطوريات السابقة، والظاهر أن سمة السرعة في عصرنا الحالي لا تدع أي مجال لإمبراطوريات طويلة العمر، فبينما نرى أن الامبراطورية الرومانية استمرت ما يقارب ألف عام والامبراطورية العثمانية ما يزيد على ستة قرون نجد أن الامبراطورية البريطانية لم تدم إلا مئة وخمسين عاماً تقريباً، بينما استغرقت مرحلة التدهور فقط في الامبراطورية العثمانية أكثر من مئة وخمسين عاماً، والتسارع الشديد الذي هو سمة عصرنا الحالي لن يسمح بدوام الامبراطورية الأمريكية قرناً واحداً، بل ربما تنهار هذه الامبراطورية بعد أقل من نصف قرن.
وقد يحسب بعضهم أن ما نقوله يرجع إلى موقفنا العدائي من هذه الامبراطورية وتمنياتنا لها بالزوال، أي قد يحسبون أن العامل النفسي هو الكامن وراء هذا التوقع وليس التحليل الموضوعي للأمور وللتوازنات الدولية.
والأمر ليس كذلك، فما نقوله يستند إلى معطيات ملموسة لا شك فيها وإن كان من الممكن الاختلاف في تقدير قيمتها ومدى تأثيرها في المستقبل القريب والبعيد، ولكنها معطيات لا تخفى أمام ناظر أي محلل موضوعي يشاهد العالم من منظور واسع وشامل.
لنسجل هنا أهم هذه المعطيات:
1- تصاعد العجز في الميزانية الأمريكية:
عندما قام الرئيس بوش بتخفيض بعض الضرائب لإنعاش الاقتصاد الأمريكي، ثم بزيادة النفقات العسكرية نتيجة تورطه في الحرب مع العراق والمقاومة الشعبية الكبيرة التي لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية تتوقعها زاد العجز السنوي في الميزانية الأمريكية عن 450 مليار دولار، وهو عجز قياسي لم تشهده الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن ونزيف الحرب مستمر بل في تصاعد، وقد دلت الإحصائيات أن الولايات المتحدة الأمريكية تنفق ما يقارب 4 مليار دولار شهرياً لتمويل حربها في العراق، ولا يستطيع الرئيس بوش القيام بفرض ضرائب جديدة؛ لأنه مقبل على انتخابات الرئاسة ولا يريد إثارة غضب الشارع ضده في هذه الأيام الحرجة بالنسبة إليه.
إن الميزانية المالية التي ستكمل في نهاية هذا الشهر (شهر أيلول 2004م) أظهرت خلال 11 شهراً عجزاً مقداره 436،9 مليار دولار، لذا فالعجز السنوي سيزيد عن 450 مليار دولار، وبلغت مصاريف الخزانة الأمريكية 2،11 تريليون دولار، أي بزيادة 5،9% عن السنة الماضية، ولو استمر الأمر على هذا المنوال سنتين متتاليتين فستظهر أزمة اقتصادية حقيقية في الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تبلغ واردات الخزانة الأمريكية 1،67 تريليون دولار( زادت الواردات بنسبة 5،2% عن السنة الماضية، ومع ذلك لم تحل هذه الزيادة دون حدوث العجز المذكور) وكان مقدار العجز في الميزانية في السنة الماضية 400،5 مليار دولار أي زاد العجز بنسبة تزيد عن 9% عن السنة الماضية.
وقد فاق عجز الميزانية هذه السنة توقعات جميع المحللين الاقتصاديين؛ لأنهم توقعوا أن هذا العجز سيبلغ 422 مليار دولار، ولكن مصاريف الحرب في العراق زادت بشكل غير متوقع وغير محسوب نتيجة زيادة المقاومة العراقية، وأشار (المرشح الديمقراطي) جون كيري في إحدى خطبه الانتخابية بأن هذا العجز يشير إلى فشل السياسة الاقتصادية التي يتبعها بوش، وإلى أن التقليل الجزئي للضرائب خدم طبقة الأغنياء ولم يخدم الطبقة الوسطى من الشعب الأمريكي.
2- زيادة ديون الولايات المتحدة الأمريكية:
نظرا للموقف الخاص للدولار في العالم وكونه الوحدة الرئيسة في التبادل التجاري العالمي وفي دفع الديون ويشكل الاحتياطي في معظم خزائن دول العالم، فقد أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن (3-4)أضعاف الناتج القومي الأمريكي من الدولارات. إن كل دولار يعد سند دين على الولايات المتحدة الأمريكية، ويستطيع صاحبه أن يشتري به بضاعة منها، ولكن سلع الولايات المتحدة الأمريكية لا تكفي أبداً لمواجهة الكم الهائل من الدولارات الموجودة في العالم.
إن البنوك خارج الولايات المتحدة الأمريكية تملك مئات المليارات من الدولارات ومن السندات التي أصدرتها الخزانة الأمريكية، فاليابان وحدها تملك 750 مليار دولار، أما مجموع الدولارات والسندات الأمريكية الموجودة لدى الصين وهونج كونج وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان فيبلغ (1،1) تريليون دولار( التريليون يساوي مليون x مليون)، وديون الولايات المتحدة لدول آسيا في تصاعد مستمر، وهذا الكم الهائل من الدولارات الموجودة في دول آسيا هو الذي حال – بمقياس كبير- دون تدهور قيمة الدولار الأمريكي تدهوراً كبيراً. كما لا ننسى أن مجموع الودائع لرؤوس الأموال العربية في البنوك الخارجية - وأكثره في الولايات المتحدة الأمريكية بالدرجة الأولى ثم في البنوك الأوروبية- يبلغ ( 250 – 300) مليار دولار، ولو قام العرب( النائمون حالياً والمشلولون فكرياً وروحياً) بسحب ودائعهم هذه أو تحويلها إلى عملة أخرى ( كاليورو مثلاً) وتحول التجار العرب والمسلمون من التعامل بالدولار في صفقاتهم التجارية إلى عملة أخرى لأحدثوا هزة في الاقتصاد الأمريكي، لقد كانت خطوة إيران في بيع نفطه باليورو وليس بالدولار خطوة مهمة جداً، ولا ندري متى ستخطو الدول العربية مثل هذه الخطوة وتحول ودائعها وكذلك خزينتها من العملات الصعبة في بنوكها المركزية من الدولار إلى اليورو، مع أن موقف الولايات المتحدة من هذه الدول موقف عدائي صريح، أما لو قامت دول آسيا بتحويل ولو نصف ما لديها من الدولار إلى اليورو أو إلى الين الياباني لانهار الاقتصاد الأمريكي بشكل مريع، وليس هذا الاحتمال ببعيد في ساحة السياسة الدولية المنفتحة على الدوام لجميع الاحتمالات، فليس من المستبعد مثلاً قيام الصين الشعبية بمثل هذه الخطوة وهي في وضع تنافسي – وأحياناً عدائي- مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يمكن لأحد أن يقطع بعدم تنبه الدول العربية والإسلامية وشعوبها ورجال الفكر والاقتصاد ورجال الأعمال فيها إلى مقاطعة الدولار والسلع الأمريكية في السنوات القادمة. أي ليس هناك من يضمن عدم انهيار الاقتصاد الأمريكي وفيه كل هذه الثغرات الكبيرة، أو يضمن سلامة هذا الاقتصاد في السنوات المقبلة.
3- الفجوة العلمية والتكنولوجية والاقتصادية بدأت تقل بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول عديدة:
لا يخفى على أي مراقب التقدم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي الكبير الذي يجري في دول عديدة لها وزن كبير في العالم، مثل: الصين والهند والبرازيل مما يؤدي باستمرار إلى تقليل الفجوة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الساحات.فالمحللون الاقتصاديون يذكرون بأن التقدم الذي يسجله الصين حالياً إن استمر على المنوال نفسه فسيملك الصين بعد 25 سنة فقط اقتصاداً أقوى من الاقتصاد الأمريكي، أما الهند ( الذي تجاوز عدد سكانه المليار ومئة مليون) فسيصل إلى مستوى الاقتصاد الأمريكي في عام 2050م والتقدم العلمي الذي تشهده الهند، ولا سيما في علوم الفيزياء والرياضيات وعلوم الحاسبات أصبح معروفاً للجميع،علماً بأن مجموع نفوس الصين والهند يبلغ 40% من نفوس العالم، لذا فمن المنتظر أن يلعب هذان البلدان – مع التقدم العلمي والاقتصادي السريع الجاري فيهما- دوراً كبيراً في السياسة الدولية ويشكلا قوة رئيسة تفقد الولايات المتحدة الأمريكية ميزة كونها القطب الوحيد في السياسة الدولية، وسيكون هذا في صالح العالم إذ يجلب إلى العالم نوعاً من التوازن الدولي المفقود حالياً.
ولما كانت الهيمنة السياسية مرتبطة لحد كبير بالهيمنة الاقتصادية، وكانت الدلائل كلها تشير إلى أن الولايات المتحدة ستفقد الكثير من هيمنتها الاقتصادية في ظرف عقود قليلة لذا لن تكون عملتها هي العملة الدولية الرئيسة في التجارة الدولية وفي احتياطي البنوك المركزية وفي تسديد الديون بين الدول، بل ستكون إحدى هذه العملات فقط، وفقدان الدولار لميزته الحيوية الحالية سيؤدي إلى انهيار قيمة الدولار، وسيؤدي هذا إلى أزمة كبيرة في الاقتصاد الأمريكي.
4- الخاصية الديموغرافية ( السكانية ) في الولايات المتحدة الأمريكية:
ستؤدي الخاصية الديموغرافية في الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقليل قوتها وهيمنتها العسكرية في المستقبل القريب نوعاً ما.
من المعلوم أن أنصار (الرئيس الحالي) بوش هم من المسيحيين البيض المتعصبين والموالين لإسرائيل، ولهم موقف عدائي من المرأة ومن المهاجرين من أنصار الأديان الأخرى، ولكن الإحصائيات والأرقام الرسمية الأمريكية تشير إلى أن نصف سكان الولايات المتحدة الأمريكية عام 2050م سيكون مؤلفاً من الأمريكيين المكسيكيين( أي الأمريكيين من أصل مكسيكي) والأمريكيين الأفريقيين والأمريكيين الآسيويين، ومثل هذه التركيبة السكانية سيؤدي دون ريب إلى لجم السياسة التوسعية وسياسة الهيمنة والاعتداء التي تنتهجها الولايات المتحدة حالياً، إذ سيكون لهؤلاء الأمريكيين المنحدرين من أصول مكسيكية وأفريقية وآسيوية صوت أعلى وتأثير أقوى في سياسة وفي إدارة الدولة هناك من صوتهم وتأثيرهم الحالي الضعيف نوعاً ما.
لقد ذكر البروفيسور جيفري د. ساش prof.Jeffrey D. Sachs (الأستاذ في جامعة هارفارد منذ عشرين عاماً) أن الامبراطورية الأمريكية في طريقها إلى الأفول والزوال، وأن خسارة بوش في الانتخابات القادمة سيؤدي إلى انهدام الحكم الإمبراطوري الأمريكي، وأضاف قائلاً:
" لقد كان باستطاعة الولايات المتحدة الأمريكية استخدام قوتها في صالح البشرية. لقد أظهرت الدراسة التي أجرتها منظمة الصحة الدولية أن جزءاً من المبالغ الضخمة التي تنفقها الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة تورطها في الحرب في العراق يكفي للسيطرة على العديد من الأمراض القاتلة في العالم كالحمى والسل).
كما قامت مجلة FORUM التركية ( وهي مجلة يصدرها اتحاد غرف التجارة والبورصة في تركيا ) بترجمة كاملة لمقالة هذا الأستاذ الجامعي الأمريكي، حيث نقرأ في هذه المقالة كيف أن الولايات المتحدة الأمريكية ( التي يبلغ إيرادها القومي 11 تريليون دولار) خصصت 450 مليار دولار سنوياً لنفقاتها العسكرية، وهذا المبلغ يساوي مجموع النفقات العسكرية لجميع دول العالم الأخرى.
moneertom- نشط مميز
رد: فضيحة جديدة لامريكا
المنير
الموضوع يحتاج للقراءة المتأنية سنخلد له هذا المساء.
الموضوع يحتاج للقراءة المتأنية سنخلد له هذا المساء.
أزهرى الحاج البشير- مشرف عام
مواضيع مماثلة
» على ذمة موقع فضيحة قناة الجزيرة
» ما دار في زيارة باقان أموم لامريكا حول أنفصال جنوب السودان
» حين يمشي العار عاريا لا تحصل فضيحة
» فضيحة أكذوبة هجليج في الدوائر العالمية
» فضيحة مدير حج بولاية سنار
» ما دار في زيارة باقان أموم لامريكا حول أنفصال جنوب السودان
» حين يمشي العار عاريا لا تحصل فضيحة
» فضيحة أكذوبة هجليج في الدوائر العالمية
» فضيحة مدير حج بولاية سنار
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى