أسمع الكلام و نم مبكرا

أسمعوا كلامي وناموا - جعفر عباس(منقول)


من أسوأ ما ابتليت به المجتمعات الخليجية، ليس الطيش في قيادة السيارات، فمن يمارسون هذا الضرب من الطيش قلة سيأتي عليها الدور لـ"تعقل".. وليس إدمان الكبسة أو المكبوس (ففي كل بلد عربي أكلة شعبية أو أكثر لا تقل ضررا بالصحة عن التدخين)، بل السهر.. ومنذ أن قدمت الى الخليج وأنا اتعرض للتهكم لأنني من انصار النوم المبكر: دياية (دجاجة) أنت.. تنام الساعة عشرة؟ (مع ان الدجاج ينام في السادسة مساء).. أمر عادي في منطقة الخليج ان يكون جميع أفراد البيت في حالة يقظة تامة في منتصف الليل.. يا جماعة العيال هؤلاء عندهم مدارس غدا!! ما عليك ناموا بعد الظهر..
عادي ينامون في الواحدة صباحا.. كيف يكون عادي ان ينام طفل في الصف الثاني الابتدائي بعد منتصف الليل، ليصحو بعد أقل من خمس ساعات ليذهب الى المدرسة ويستوعب الحروف الشمسية ونواقض الوضوء ونشيد "وطني حبيبي"، وجدول 3؟
بالنسبة إلي لا متعة تعادل النوم.. أعني النوم ليلا، ولكن مشكلتي هي ان النوم لا يبادلني حبا بحب.. اطفئ الأنوار وألزم من حولي بالهدوء (بإرغامهم على النوم المبكر) وأظل أتقلب لساعة او ساعتين.. ولا أنام نهارا إلا في حالات استثنائية.. ولا أشرب السوائل بعد الثامنة مساء كي لا اضطر الى قطع النوم ومغادرة السرير.. أحرص على ان احصل على ست ساعات على الأقل من النوم المتواصل.. ولهذا لا تجدني أتثاءب في موقع العمل، ولم يحدث قط ان أحسست بالنعاس أثناء ساعات العمل ما لم أكن قد حرمت نفسي من النوم في الليلة الفائتة لسبب قاهر واضطراري.. ولي بنت لا يمكن ان تجدها يقظى بعد السابعة والنصف مساء حتى لو كان سلاح المدفعية يجري مناورات بالذخيرة الحية في الصالة الواقعة أمام غرفة نومها.. ومنذ ان كان عمرها خمس سنوات تغادر السرير في الرابعة صباحا.. وبالتالي لم يحدث قط ان فاتها "باص" المدرسة أو أضاعت ربع ساعة وهي تفتش عن "المقلمة".
وقد حسم الطب منذ أكثر من نصف قرن مسألة ان النوم العميق ليلا ضروري لراحة الدماغ وإعداده لمهام إضافية، وأنه يقوي أنظمة المناعة في الجسم ويوفر بالتالي الوقاية ضد أمراض تتفاقم بالإجهاد والأرق والسهر.. لا عليكم ما قاله الشاعر الجاهل:
لا تنم واغتنم ملذة يوم ××× إن تحت التراب نوما طويلا
نعم نومة تحت التراب طويلة، ولكنها قد تكون غير مريحة خاصة إذا كنت تسهر لأسباب غير الونسة واللهو البريء.. ومن أجمل المأثورات التي أعلقها "حلقا/ قرطا" في أذني، مقولة إن من لا يرحم شبابه لا ترحمه شيخوخته.. نعم لسنوات نحس بالقوة والفتوة ونبدد طاقات الجسم في ما لا طائل وراءه.. وتمتد بنا الأيام وندخل منعطفات صعبة "نفتش" فيها عن النوم ولا نجده.. إنه نفس المنطق السليم بألا تطع هوى النفس بأن تأكل كل تشتهيه نفسك بنهم لأنك شاب وقوي رغم علمك انك ستدفع ثمن ذلك باهظا لاحقا.
أيها الآباء والأمهات ستدعون لي بطول العمر وسعادة الكبر لو صرتم قدوة لعيالكم في النوم المبكر أو صرتم مثلي ديكتاتوريين تفرضون على عيالكم النوم في ساعة محددة من اليوم.. ولا تزوجوا بناتكم لمن يعملون في الطب او الصحافة او المطارات لأنهم بطبيعة عملهم "سهرجية"!!

إسأل مجرب

نم مبكرا تصحو مبكرا ، وبورك لأمتى فى بكورها ... وين مع برشلونه والدورى الأوربى.