التجديد / مطارق التكفيروسنادين التخوين ....
صفحة 1 من اصل 1
التجديد / مطارق التكفيروسنادين التخوين ....
المستنير في كل الأزمان له دور فاعل في صياغة مشروع توعوي يمكن حتي أن يكون
صادما" ومخالفا" للمألوف .. ينهض به من خلاله بمجتمعه ويدفعه نحو الحق والإصلاح
وينهض به نحو الإرتقاء لركب الحضارة ,, والأكثر هو كشف جوانب العطب في مركبة سير هذا المجتمع.
هذا الدور المحوري يدفعه في المنطقة بين رحي السلطتين الدينية والسياسية
فكلاهما يؤطر لمجتمعه إطارا" من التقديس غير قابل للمساس والخروج عليه دينيا"
هو ضرب من الكفر و مفارقته سياسيا" هو خيانة عظمي. كللاهما نفسه من
زوال سلطانه بالإنغلاق وحجر الأفكار وخنق الأصوات المخالفة. هذه المجابهة هي
موغلة في القدم ,, منذ فجر التاريخ كل جديد يقابل بالمقاومة أو حتي الرفض خاصة
إذا كان موروثا" تقليديا" في المجتمع .. ورفض التغيير يستتبع معه رفض الآخرمما ينتج عنهاعواقب كارثية .. فأول جريمة في التاريخ كانت نتيجة عدم تقبل الآخروالتعايش معه ورفض المستحدث حين رفض قابيل الأوامر الربانية بالزواج ومن ثم قتل أخيه هابيل . والتاريخ يتوقف عند الفيلسوف الإيطالي برونو الذي تبني أفكار كوبرنيكس أن الأرض
ليست مركز الكون وإنما هي مجرد كوكب يدور حول الشمس مخالفا" بذلك عقيدة
الكنيسة القابضة علي مصائر الشعوب أيامها وثارت عليه الكنيسة وإتهمته بالهرطقة
وقطعت لسانه ثم في لحظة مجنونة من لحظات التاريخ العابثة أحرق امام الملأ عبرة للآخرين
سياسة الترهيب للمفكر وأدت كثير من الموجات الفكرية التي كان من الممكن أن تغير
مصير البشرية ,, فالسلطة الحاكمة دينيا" أو سياسيا" تهدف في كل العصور لإستخدام سلاحي
الترغيب والترهيب او الجزرة والعصا علي الطريقة الأمريكية .. هذا دفع العالم الايطالي
غاليلو غاللي بالانصياع لرأي المحكمة حين خففت حكمه الي السجن المؤبد مقابل
الإعتراف أمام الجماهير بالتراجع عن دورانية الأرض..
رغم أنه ردد هامسا" وهو خارج من المحكمة ,, مقولته الشهيرة جدا"
ومع ذلك فهي تدور ..
ومنذ حرق برنو تواصل حرق التجديد أو حتي التفكير بصوت عالي ,, نجيب محفوظ تم تكفيره
وطعنه متعصب وأصابه بعاهة في يده ..
والمثال الأشهر عن فرج فودة حين سأل القاضي القاتل
كيف عرفت أنه كافر,, إجابه من كتبه ,, فساله وهل قرات كتبه...
رد القاتل أنا لا أعرف القراءة ولا الكتابة
وهذه يقودنا الي منحي آخر ,, أن المفكر له سطوة علي العامة من الناس فهذا الشخص
بسماعه فتوي الغزالي بكفر فرج فودة .. هاجت مشاعره الدينية وأفكاره الفطيرة
وظن انه يخدم الاسلام بهذا ,, ولهذا فان التكفير أمر خطير ولعله أصبح من المعتاد أنه
كلما ظهر مفكر... ظهر له مكفر
وفتح باب التكفير وتقسيمه الي أقسام هو مدعاة لمزيد من العنف الديني ويتحول
الدين من رحمة للعالمين الي مفرخ للعنف ,, ولا يظن أحد أن الكفر يطال مفكر بعيد
عن الدين أو له أراء تستهدف العقيدة السوية ومقدساتها ,, فليس أعظم من محنة الإمام أبي حنيفة النعمان ..
أحد أئمة المذاهب الاربعة ,, حين كفر وإستتيب عدة مرات في حياته , وبل وصل
الحد بعالم جليل مثل سفيان الثوري ان يقول عنه حين موته (الحمد لله الذي أراح
المسلمين منه,, لقد كان ينقض عري الإسلام عروة ,, وماولد في الإسلام مولود اشام منه)
المعتزلة وإختلافهم مع الإمام أحمد بن حنبل كذلك ,, فلهم محنة عظيمة قطعت أصلهم
ولم يصل إلينا منهم سوي أخبار نكبتهم وبعض مبادئهم في حين انهم مثلوا طاقة
جديدة في الفكر الإسلامي وكانوا يقدمون العقل علي النقل في شرح الدين
كان من المفيد توصيل فكرهم وأخذ الصالح منه وطرح الفاسد
ونلاحظ أن السلطة هنا تقف ضد المفكر ,, حين حارب الخليفة المعتصم الإمام أحمد
والمؤسف أنه كان من أكثر الخلفاء جهلا" وفسادا" وبعدا عن العلم ..
فالسلطة دائما" تقف ضد المفكرين المناوئين لها وتعلي من قدر المؤيدين ..
*** *** ***
علي الجانب الآخر ظلت السياسة هي أكبر محرقة فكرية وأداة للقضاء ..
علي الخصوم وظل التخوين هو السيف الذي تقطع به رقاب إنتماءهم ويغتالهم معنويا"
أو حتي تصفيهم جسديا" ,, ولعل مأساة ابن رشد ,, او كما اسماها الخاتم عدلان ,, لعنة ابن رشد
حيث لم ياتي مفكر يحدث تغييرا" في الفكر الاسلامي بعده ,, ابن رشد هذا
الذي أفتي في قضايا فلسفية معلقة منذ أرسطو ,, نفي واحرقت كتبه
في فاجعة تاريخية ,, غير ان فكره إمتد عبر القرون ونهل منه الغرب ,, يقولون عنه
عنه (لئن كان الذي فسر الطبيعة هو أرسطو ,, فان الذي فسر أرسطو هو ابن رشد)
ماتعرض له من فواجع هو إقصاء سياسي ,, حين إنقلبت عليه السلطة ..
فالخلافات الفكرية معه جلبت له الخصومة من الحكام والفقهاء معا"
وتكاملت معها المكائد السياسية ,, حين تعهد الفقهاء للحاكم يومها بحمل العامة علي
مزيد من الضرائب باسم الدين مقابل نفي ابن رشد وحرق كتبه ,,وقد كان,,
ونذكر المقولة القديمة : (لايكرم نبي في زمانه) ونضيف قول المحجوب ..(ولا في وطنه)
وهذه علاقة أخري ثنائية الأضرار بين المفكر والسلطة ..
فالسلطة الظالمة تتخذ من الدين أولا" غطاء مشروعية لتبرير وجودها اللاشرعي وكذلك
مطية لسلب البلاد و خداع العباد بأن تتودد للعامة عن طريق وسيط ما , لعجزها عن
الوصول للمواطن بخدمة مصالحه وتحقيق أولوياته بالعيش الكريم وذلك
لأنه لاتجتمع مصلحتا الحاكم والمحكوم ,, هذا الأمر وضح جليا" في تلك الكراهية العميقة
التي بثها نظام الجبهة ابان حرب الجنوب ,, كغطاء لإغتصابه السلطة أولا"
وثانيا" مبررا" للحرب علي كل خارج عن إرادتهم ,, وثالثا" أن دخول البلاد في حرب
يجعل كل ميزانيتها هي للحرب يستحيل معه تبين السلب والنهب ,, كما يشكل
جرح نازف للعاطفة الدينية لاستجلاب المدد والعون لنصرة دين الله,,كما حدث فعل
و نذكر أيامها حين تعرض صور جون قرنق ,, كان يوصف بالعمالة والخيانة ..
جاء اليوم الذي هادنته وعرضت صوره والأغنية تردد : أهلا" أهلا" بيك ياحبيب
فديدن السلطة الظالمة هو هو في كل العصور.. دوما هو تخوين كل من يخالفها ...
*** *** ***
المفكر او اي مجدد في كل مجال يمكن ان يشكل مع السلطة اما عدو اذا خالفها
او ان يصبح معها وجهان لعملة واحدة ,, إما إيمان منه بها ,, أو وصولية دشنها وقنن لها
مفكر اخر هو ميكافيلي في كتابه الامير,حين وصف البراغماتية بقوله ان الغاية
تبرر الوسيلة ,,, خاصة اذا تم تدجين هذا المفكر فيصبح بوقا للنظام
فالمفكر ليس انقي من السياسي و سلاحه الفكري أقوي من بطش السلطة
لما له من تاثير مستدام علي الشعوب ,, في عهد نميري جمع حوله عدد هائل من التكنوقراط
الذين قننوا لإستمراره وإضفاء صبغة المشروعية عليه ,, ومنهم بالطبع الميكافيلي ,, شيخ حسن
حين وضع قوانين سبتمبر لقهر الشعب أولا" ,, ثم استخدمها لإقصاء خصمه سياسيا" محمود محمد طه
حين أعلن الأخير وقوفه ضدها ,, المؤسف أن الخلاف كان سياسيا" وروج له دينيا
وهنا يمكن القول أن كثيرا" مايكون هناك تحالف غير مقدس بين السياسي
ورجل الدين لتمرير أجندة محددة مخالفةلأصول الدين والسياسة نفسيهما ...
هذا التحالف يسوغ للانظمة المستبدة وجماعات الهوس الديني لتمديد جذورهما الفاسدة أكثر
الغريب أن هذه العلاقة يمكن أن تكون معكوس ة,, فغياب الحريات هو الآخر يمكن أن
يؤدي للهوس الديني ,, فالكبت هو إنسداد في مجري المجتمع يؤدي الي إحتقان
وضلال ثم إنفجار ,, من قتل وحرق ,, الخ ,, الخ ........
**** **** ****
لماذا تخاف السلطتين الدينية والسياسية من كل تجديد ؟ اذا كانت ماتقوم به
علي صواب فالمفكر يدعم الحاكم ويوضح أماكن الخلل ويبرز جوانب الأمل
هناك جمود رهيب في الفكر الاسلامي,,من الخير دائما" أن نستمع للآخر ونصححه أو ندعمه
بدل المسارعة لتكفيره واقصائه,,حتي وان كان علي خطا فالحراك الفكري له قيمة في حد ذاته
وهذا الجمود هو ما ادخل اوربا قديما في العصور المظلمة,وهذا مانمر به الان حسبما اظن
حين كانت هناك قبضة كنسية تقسم السلطة الي عليا مستمدة من الله ودنيا إختص بها الله الرهبان
وبهذا هيمنوا علي مصائر الشعوب بل وحتي الملوك ,, هناك الآن
من يسيطر علي معتقداتنا الدينية ويمنح صكوك الغفران ويكفر و يدخل للدين من يشاء
الرسول(ص) يقول : (ان الله يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)
الحضارة الاسلامية لم تزدهر الا بعد ان امتزجت مع الثقافات الأخري الفارسية
واليونانية والرومانية ونشطت حركة التراجم والتدوين ,, علوم النحو واللغة نفسها
لم تزدهر إلا علي يد الخليل الفراهيدي واضع علم العروض والنحو علي يد سيبويه الفارسي
والأطباء المسلمين الذين شغلوا العالم مثل الرازي وإبن سينا لم يكونوا عربا "
*** **** ****
الغرب الذي عاش تجربة الإضطهاد قوي عنده مفهوم المجتمع المدني الذي يحقق
التوافق بين المصالح العامة والخاصة ,, حتي أصبح أقوي من سلطة الدولة
كما حدث وأن إستقال نينكسون بعد فضيحة تصنت الحزب الجمهوري للديمقراطي فيما
عرف ب(ووتر قيت) وكاد يلحقه كلينتون ب(مونيكا قيت), لاتخشي المجتمعات هناك
الإنقلابات العسكرية وقوانين الطوارئ ,, بل ينطلق المفكربحرية فضاء الفكر
في القرن الماضي عارض سارتر الحكومة الفرنسية وحوكم إلا أن الرئيس الفرنسي
وقتها(بومبيدو) تدخل قائلا" : لايمكن الزج بالثقافة خلف السجون
*** **** ***
الاعتراف الثقافي بالاخر هو مدخل طبيعي للحوار معه وتدوير افكاره
في إطار ماينفع كل مجتمع والإنغلاق هو تضييع فرصة عظيمة لمحاولة التغيير
أذكر أني قرات قبل سنوات حوار للمستشرق الفرنسي جاك بيرك
قال في ما معناه أنه قضي عشرين عاما" في ترجمة القران الكريم للفرنسية وأنه سعد
انه في الاسبوع الأول بيعت آلاف النسخ في الجزائر لوحدها ,, وعرف أن هذه المرة الأولي
للجزائريين ليفهموا الكثير من حكم القران ,,لانهم لايعرفون العربية,
وقال أنه أرسل نسخة للأزهر وفوجئ بعدها بهجوم الصحافة عليه ورفضها للترجمة
والذي استغرب له ان معظم مناوئيه كانوا جاهلين باللغة الفرنسية
وهذا يؤكد أن رفض التغيير غالبا" يكون مصحوبا" بجهل تام عن مكنون
لماذا دوما نرفض التغيير؟؟ ونتخوف منه علي مستوي السلطة أو حتي علي مستوانا الفردي
يمكن أن نحول الأفكار - حتي وإن كانت مضادة – إلي فرصة إيجابية للتطور
المفكر الفرنسي الأشهر جان بول سارتر كان بحكم أصله اليهودي وبحكم فواجع
الهولوكست الالمانية ,, متعصبا لإسرائيل ضد فلسطين ,, مافعله جمهور المثقفين
هو مقاطعة افكاره ,, إلا هيكل ,, الذي قام بدعوته الي مصر والتقي بالمفكرين
لم يغير افكاره كلية ,, إلا أن هذه الخطوة الذكية جعلته يتيح الفرصة لكتاب عرب مدافعين عن فلسطين .
في منشورات فرنسية وصل بها صوت القضية الي بلدان لم تسمع الا الجانب اليهودي اعوام طويلة
*** *** ***
الحفاظ علي هوية دينية أو ثقافية أو لايعني التحجر عليها ,, بل هي أصل جذوره ثابتة
يتشرب ماء الثقافات والتغيير ويستطيع الوصول لعنان السماء ويطرح ثمرا" جديدا"
التجديد هو قراءة الإرث القديم بعيون عقلانية مواكبة للقضايا الراهنة
قهر المثقف هو قهر لجيل كامل ولامة من بعده
اذا كنا علي حق .. لماذا نخاف التجديد ؟؟ لماذا نخاف المفكر؟؟ إذا كان فكره سليما" مرحبا" به في إثراء الحياة واذا كان غير ذلك نواجهه بسلطة الفكر ..
ونبين خطاه ,, كما حدث أخيرا" مع مدعي مثل القمني ...
حين أثبت التفكير أن كلامه محض هراء وحتي شهادته مزورة
تقودني هذه الجزئية الي مقوله : لا اجتهاد مع النص
كيف لايكون هناك إجتهاد؟ النص هو الأحوج للإجتهاد لشرحه وبيان مدي صحته ..
ومطابقته والقياس عليه لأمور أكبر.
ملحوظة شخصية :
أولي :
الشريعة صالحة لكل زمان ومكان ..
نحن فقط لم نستطع فهمها وتطبيقها علي حياتنا ..
المجتمع المدني لايعني الدولة المدنية ...
ملحوظة ثانية :
الآخر هذا الذي يجب تقبله هو كل من لايطهضد ني أو يسرق قوتي أو يضع السكين علي عنقي
هو فقط يختلف عني فكري"ا أو فعليا" .. ويعترف بأحقيتي في الحياة والوطن ...
صادما" ومخالفا" للمألوف .. ينهض به من خلاله بمجتمعه ويدفعه نحو الحق والإصلاح
وينهض به نحو الإرتقاء لركب الحضارة ,, والأكثر هو كشف جوانب العطب في مركبة سير هذا المجتمع.
هذا الدور المحوري يدفعه في المنطقة بين رحي السلطتين الدينية والسياسية
فكلاهما يؤطر لمجتمعه إطارا" من التقديس غير قابل للمساس والخروج عليه دينيا"
هو ضرب من الكفر و مفارقته سياسيا" هو خيانة عظمي. كللاهما نفسه من
زوال سلطانه بالإنغلاق وحجر الأفكار وخنق الأصوات المخالفة. هذه المجابهة هي
موغلة في القدم ,, منذ فجر التاريخ كل جديد يقابل بالمقاومة أو حتي الرفض خاصة
إذا كان موروثا" تقليديا" في المجتمع .. ورفض التغيير يستتبع معه رفض الآخرمما ينتج عنهاعواقب كارثية .. فأول جريمة في التاريخ كانت نتيجة عدم تقبل الآخروالتعايش معه ورفض المستحدث حين رفض قابيل الأوامر الربانية بالزواج ومن ثم قتل أخيه هابيل . والتاريخ يتوقف عند الفيلسوف الإيطالي برونو الذي تبني أفكار كوبرنيكس أن الأرض
ليست مركز الكون وإنما هي مجرد كوكب يدور حول الشمس مخالفا" بذلك عقيدة
الكنيسة القابضة علي مصائر الشعوب أيامها وثارت عليه الكنيسة وإتهمته بالهرطقة
وقطعت لسانه ثم في لحظة مجنونة من لحظات التاريخ العابثة أحرق امام الملأ عبرة للآخرين
سياسة الترهيب للمفكر وأدت كثير من الموجات الفكرية التي كان من الممكن أن تغير
مصير البشرية ,, فالسلطة الحاكمة دينيا" أو سياسيا" تهدف في كل العصور لإستخدام سلاحي
الترغيب والترهيب او الجزرة والعصا علي الطريقة الأمريكية .. هذا دفع العالم الايطالي
غاليلو غاللي بالانصياع لرأي المحكمة حين خففت حكمه الي السجن المؤبد مقابل
الإعتراف أمام الجماهير بالتراجع عن دورانية الأرض..
رغم أنه ردد هامسا" وهو خارج من المحكمة ,, مقولته الشهيرة جدا"
ومع ذلك فهي تدور ..
ومنذ حرق برنو تواصل حرق التجديد أو حتي التفكير بصوت عالي ,, نجيب محفوظ تم تكفيره
وطعنه متعصب وأصابه بعاهة في يده ..
والمثال الأشهر عن فرج فودة حين سأل القاضي القاتل
كيف عرفت أنه كافر,, إجابه من كتبه ,, فساله وهل قرات كتبه...
رد القاتل أنا لا أعرف القراءة ولا الكتابة
وهذه يقودنا الي منحي آخر ,, أن المفكر له سطوة علي العامة من الناس فهذا الشخص
بسماعه فتوي الغزالي بكفر فرج فودة .. هاجت مشاعره الدينية وأفكاره الفطيرة
وظن انه يخدم الاسلام بهذا ,, ولهذا فان التكفير أمر خطير ولعله أصبح من المعتاد أنه
كلما ظهر مفكر... ظهر له مكفر
وفتح باب التكفير وتقسيمه الي أقسام هو مدعاة لمزيد من العنف الديني ويتحول
الدين من رحمة للعالمين الي مفرخ للعنف ,, ولا يظن أحد أن الكفر يطال مفكر بعيد
عن الدين أو له أراء تستهدف العقيدة السوية ومقدساتها ,, فليس أعظم من محنة الإمام أبي حنيفة النعمان ..
أحد أئمة المذاهب الاربعة ,, حين كفر وإستتيب عدة مرات في حياته , وبل وصل
الحد بعالم جليل مثل سفيان الثوري ان يقول عنه حين موته (الحمد لله الذي أراح
المسلمين منه,, لقد كان ينقض عري الإسلام عروة ,, وماولد في الإسلام مولود اشام منه)
المعتزلة وإختلافهم مع الإمام أحمد بن حنبل كذلك ,, فلهم محنة عظيمة قطعت أصلهم
ولم يصل إلينا منهم سوي أخبار نكبتهم وبعض مبادئهم في حين انهم مثلوا طاقة
جديدة في الفكر الإسلامي وكانوا يقدمون العقل علي النقل في شرح الدين
كان من المفيد توصيل فكرهم وأخذ الصالح منه وطرح الفاسد
ونلاحظ أن السلطة هنا تقف ضد المفكر ,, حين حارب الخليفة المعتصم الإمام أحمد
والمؤسف أنه كان من أكثر الخلفاء جهلا" وفسادا" وبعدا عن العلم ..
فالسلطة دائما" تقف ضد المفكرين المناوئين لها وتعلي من قدر المؤيدين ..
*** *** ***
علي الجانب الآخر ظلت السياسة هي أكبر محرقة فكرية وأداة للقضاء ..
علي الخصوم وظل التخوين هو السيف الذي تقطع به رقاب إنتماءهم ويغتالهم معنويا"
أو حتي تصفيهم جسديا" ,, ولعل مأساة ابن رشد ,, او كما اسماها الخاتم عدلان ,, لعنة ابن رشد
حيث لم ياتي مفكر يحدث تغييرا" في الفكر الاسلامي بعده ,, ابن رشد هذا
الذي أفتي في قضايا فلسفية معلقة منذ أرسطو ,, نفي واحرقت كتبه
في فاجعة تاريخية ,, غير ان فكره إمتد عبر القرون ونهل منه الغرب ,, يقولون عنه
عنه (لئن كان الذي فسر الطبيعة هو أرسطو ,, فان الذي فسر أرسطو هو ابن رشد)
ماتعرض له من فواجع هو إقصاء سياسي ,, حين إنقلبت عليه السلطة ..
فالخلافات الفكرية معه جلبت له الخصومة من الحكام والفقهاء معا"
وتكاملت معها المكائد السياسية ,, حين تعهد الفقهاء للحاكم يومها بحمل العامة علي
مزيد من الضرائب باسم الدين مقابل نفي ابن رشد وحرق كتبه ,,وقد كان,,
ونذكر المقولة القديمة : (لايكرم نبي في زمانه) ونضيف قول المحجوب ..(ولا في وطنه)
وهذه علاقة أخري ثنائية الأضرار بين المفكر والسلطة ..
فالسلطة الظالمة تتخذ من الدين أولا" غطاء مشروعية لتبرير وجودها اللاشرعي وكذلك
مطية لسلب البلاد و خداع العباد بأن تتودد للعامة عن طريق وسيط ما , لعجزها عن
الوصول للمواطن بخدمة مصالحه وتحقيق أولوياته بالعيش الكريم وذلك
لأنه لاتجتمع مصلحتا الحاكم والمحكوم ,, هذا الأمر وضح جليا" في تلك الكراهية العميقة
التي بثها نظام الجبهة ابان حرب الجنوب ,, كغطاء لإغتصابه السلطة أولا"
وثانيا" مبررا" للحرب علي كل خارج عن إرادتهم ,, وثالثا" أن دخول البلاد في حرب
يجعل كل ميزانيتها هي للحرب يستحيل معه تبين السلب والنهب ,, كما يشكل
جرح نازف للعاطفة الدينية لاستجلاب المدد والعون لنصرة دين الله,,كما حدث فعل
و نذكر أيامها حين تعرض صور جون قرنق ,, كان يوصف بالعمالة والخيانة ..
جاء اليوم الذي هادنته وعرضت صوره والأغنية تردد : أهلا" أهلا" بيك ياحبيب
فديدن السلطة الظالمة هو هو في كل العصور.. دوما هو تخوين كل من يخالفها ...
*** *** ***
المفكر او اي مجدد في كل مجال يمكن ان يشكل مع السلطة اما عدو اذا خالفها
او ان يصبح معها وجهان لعملة واحدة ,, إما إيمان منه بها ,, أو وصولية دشنها وقنن لها
مفكر اخر هو ميكافيلي في كتابه الامير,حين وصف البراغماتية بقوله ان الغاية
تبرر الوسيلة ,,, خاصة اذا تم تدجين هذا المفكر فيصبح بوقا للنظام
فالمفكر ليس انقي من السياسي و سلاحه الفكري أقوي من بطش السلطة
لما له من تاثير مستدام علي الشعوب ,, في عهد نميري جمع حوله عدد هائل من التكنوقراط
الذين قننوا لإستمراره وإضفاء صبغة المشروعية عليه ,, ومنهم بالطبع الميكافيلي ,, شيخ حسن
حين وضع قوانين سبتمبر لقهر الشعب أولا" ,, ثم استخدمها لإقصاء خصمه سياسيا" محمود محمد طه
حين أعلن الأخير وقوفه ضدها ,, المؤسف أن الخلاف كان سياسيا" وروج له دينيا
وهنا يمكن القول أن كثيرا" مايكون هناك تحالف غير مقدس بين السياسي
ورجل الدين لتمرير أجندة محددة مخالفةلأصول الدين والسياسة نفسيهما ...
هذا التحالف يسوغ للانظمة المستبدة وجماعات الهوس الديني لتمديد جذورهما الفاسدة أكثر
الغريب أن هذه العلاقة يمكن أن تكون معكوس ة,, فغياب الحريات هو الآخر يمكن أن
يؤدي للهوس الديني ,, فالكبت هو إنسداد في مجري المجتمع يؤدي الي إحتقان
وضلال ثم إنفجار ,, من قتل وحرق ,, الخ ,, الخ ........
**** **** ****
لماذا تخاف السلطتين الدينية والسياسية من كل تجديد ؟ اذا كانت ماتقوم به
علي صواب فالمفكر يدعم الحاكم ويوضح أماكن الخلل ويبرز جوانب الأمل
هناك جمود رهيب في الفكر الاسلامي,,من الخير دائما" أن نستمع للآخر ونصححه أو ندعمه
بدل المسارعة لتكفيره واقصائه,,حتي وان كان علي خطا فالحراك الفكري له قيمة في حد ذاته
وهذا الجمود هو ما ادخل اوربا قديما في العصور المظلمة,وهذا مانمر به الان حسبما اظن
حين كانت هناك قبضة كنسية تقسم السلطة الي عليا مستمدة من الله ودنيا إختص بها الله الرهبان
وبهذا هيمنوا علي مصائر الشعوب بل وحتي الملوك ,, هناك الآن
من يسيطر علي معتقداتنا الدينية ويمنح صكوك الغفران ويكفر و يدخل للدين من يشاء
الرسول(ص) يقول : (ان الله يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)
الحضارة الاسلامية لم تزدهر الا بعد ان امتزجت مع الثقافات الأخري الفارسية
واليونانية والرومانية ونشطت حركة التراجم والتدوين ,, علوم النحو واللغة نفسها
لم تزدهر إلا علي يد الخليل الفراهيدي واضع علم العروض والنحو علي يد سيبويه الفارسي
والأطباء المسلمين الذين شغلوا العالم مثل الرازي وإبن سينا لم يكونوا عربا "
*** **** ****
الغرب الذي عاش تجربة الإضطهاد قوي عنده مفهوم المجتمع المدني الذي يحقق
التوافق بين المصالح العامة والخاصة ,, حتي أصبح أقوي من سلطة الدولة
كما حدث وأن إستقال نينكسون بعد فضيحة تصنت الحزب الجمهوري للديمقراطي فيما
عرف ب(ووتر قيت) وكاد يلحقه كلينتون ب(مونيكا قيت), لاتخشي المجتمعات هناك
الإنقلابات العسكرية وقوانين الطوارئ ,, بل ينطلق المفكربحرية فضاء الفكر
في القرن الماضي عارض سارتر الحكومة الفرنسية وحوكم إلا أن الرئيس الفرنسي
وقتها(بومبيدو) تدخل قائلا" : لايمكن الزج بالثقافة خلف السجون
*** **** ***
الاعتراف الثقافي بالاخر هو مدخل طبيعي للحوار معه وتدوير افكاره
في إطار ماينفع كل مجتمع والإنغلاق هو تضييع فرصة عظيمة لمحاولة التغيير
أذكر أني قرات قبل سنوات حوار للمستشرق الفرنسي جاك بيرك
قال في ما معناه أنه قضي عشرين عاما" في ترجمة القران الكريم للفرنسية وأنه سعد
انه في الاسبوع الأول بيعت آلاف النسخ في الجزائر لوحدها ,, وعرف أن هذه المرة الأولي
للجزائريين ليفهموا الكثير من حكم القران ,,لانهم لايعرفون العربية,
وقال أنه أرسل نسخة للأزهر وفوجئ بعدها بهجوم الصحافة عليه ورفضها للترجمة
والذي استغرب له ان معظم مناوئيه كانوا جاهلين باللغة الفرنسية
وهذا يؤكد أن رفض التغيير غالبا" يكون مصحوبا" بجهل تام عن مكنون
لماذا دوما نرفض التغيير؟؟ ونتخوف منه علي مستوي السلطة أو حتي علي مستوانا الفردي
يمكن أن نحول الأفكار - حتي وإن كانت مضادة – إلي فرصة إيجابية للتطور
المفكر الفرنسي الأشهر جان بول سارتر كان بحكم أصله اليهودي وبحكم فواجع
الهولوكست الالمانية ,, متعصبا لإسرائيل ضد فلسطين ,, مافعله جمهور المثقفين
هو مقاطعة افكاره ,, إلا هيكل ,, الذي قام بدعوته الي مصر والتقي بالمفكرين
لم يغير افكاره كلية ,, إلا أن هذه الخطوة الذكية جعلته يتيح الفرصة لكتاب عرب مدافعين عن فلسطين .
في منشورات فرنسية وصل بها صوت القضية الي بلدان لم تسمع الا الجانب اليهودي اعوام طويلة
*** *** ***
الحفاظ علي هوية دينية أو ثقافية أو لايعني التحجر عليها ,, بل هي أصل جذوره ثابتة
يتشرب ماء الثقافات والتغيير ويستطيع الوصول لعنان السماء ويطرح ثمرا" جديدا"
التجديد هو قراءة الإرث القديم بعيون عقلانية مواكبة للقضايا الراهنة
قهر المثقف هو قهر لجيل كامل ولامة من بعده
اذا كنا علي حق .. لماذا نخاف التجديد ؟؟ لماذا نخاف المفكر؟؟ إذا كان فكره سليما" مرحبا" به في إثراء الحياة واذا كان غير ذلك نواجهه بسلطة الفكر ..
ونبين خطاه ,, كما حدث أخيرا" مع مدعي مثل القمني ...
حين أثبت التفكير أن كلامه محض هراء وحتي شهادته مزورة
تقودني هذه الجزئية الي مقوله : لا اجتهاد مع النص
كيف لايكون هناك إجتهاد؟ النص هو الأحوج للإجتهاد لشرحه وبيان مدي صحته ..
ومطابقته والقياس عليه لأمور أكبر.
ملحوظة شخصية :
أولي :
الشريعة صالحة لكل زمان ومكان ..
نحن فقط لم نستطع فهمها وتطبيقها علي حياتنا ..
المجتمع المدني لايعني الدولة المدنية ...
ملحوظة ثانية :
الآخر هذا الذي يجب تقبله هو كل من لايطهضد ني أو يسرق قوتي أو يضع السكين علي عنقي
هو فقط يختلف عني فكري"ا أو فعليا" .. ويعترف بأحقيتي في الحياة والوطن ...
الحاج عبدالرازق الحاج الب- نشط مميز
مواضيع مماثلة
» بشة يوافق علي التجديد للأزرق دون شرط ونزار يماطل
» مبروووووووووووك مجلس الهلال ينهي صفقة التجديد للرباعي
» مبروووووووووووك مجلس الهلال ينهي صفقة التجديد للرباعي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى