استراحــه (عرس السودان ..... محمد مفتاح الفيتوري)
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
استراحــه (عرس السودان ..... محمد مفتاح الفيتوري)
في زمن الغربة والإرتحال تأخذني منك وتعدو الظلال
وانت عشقي حيث لا عشق يا سودان إلا النسور الجبال
يا شرفة التاريخ
يا راية منسوجة
من شموخ النساء وكبرياء الرجال
لمن ترى أعزف أغنيتي ساعة لا مقياس إلا الكمال
إن لم تكن انت الكمال الذي يملأ كأسي ويفيض الجمال
يا شرفة التاريخ
يا راية منسوجة
من شموخ النساء وكبرياء الرجال
فداً لعينيك الدماء التي خطت على الأرض سطور النضال
داست على جلادها وهي في سجونه واستشهدت بجلال
يا شرفة التاريخ
يا راية منسوجة
من شموخ النساء وكبرياء الرجال
فداً لعيني طفلة غازلت دموعها حديقة بالخيال
شمسك في راحتها خضرة طرية من زهر البرتقال
والنيل ثوب أخضر ربما عاكسه الخصر قليلا فمال
يا شرفة التاريخ
يا راية منسوجة
من شموخ النساء وكبرياء الرجال
كان اسمها امدرمان
كان اسمها الثورة كان العرس عرس الشمال
كان جنوبيا هواها وكانت ساعة النصر من جبال الهلال
فدا لك العمر ولولا الأسى لقلت تفديك الليالي الطوال
فدا لك العمر
فدا لك العمر
فدا لك العمر
============================================================= فالتدم أنت ياسودان وطناً للجميــــع...وانت عشقي حيث لا عشق يا سودان إلا النسور الجبال
يا شرفة التاريخ
يا راية منسوجة
من شموخ النساء وكبرياء الرجال
لمن ترى أعزف أغنيتي ساعة لا مقياس إلا الكمال
إن لم تكن انت الكمال الذي يملأ كأسي ويفيض الجمال
يا شرفة التاريخ
يا راية منسوجة
من شموخ النساء وكبرياء الرجال
فداً لعينيك الدماء التي خطت على الأرض سطور النضال
داست على جلادها وهي في سجونه واستشهدت بجلال
يا شرفة التاريخ
يا راية منسوجة
من شموخ النساء وكبرياء الرجال
فداً لعيني طفلة غازلت دموعها حديقة بالخيال
شمسك في راحتها خضرة طرية من زهر البرتقال
والنيل ثوب أخضر ربما عاكسه الخصر قليلا فمال
يا شرفة التاريخ
يا راية منسوجة
من شموخ النساء وكبرياء الرجال
كان اسمها امدرمان
كان اسمها الثورة كان العرس عرس الشمال
كان جنوبيا هواها وكانت ساعة النصر من جبال الهلال
فدا لك العمر ولولا الأسى لقلت تفديك الليالي الطوال
فدا لك العمر
فدا لك العمر
فدا لك العمر
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
رحيل الفيتوري... "عاشق افريقيا"
"لقد صبغوا وجهك العربي...آه… يا وطني...لكأنك، والموت والضحكات الدميمة حولك، لم تتشح بالحضارة يوماً... ولم تلد الشمس والأنبياء" هكذا رثى "شاعر افريقيا والعروبة" الشاعر السوداني الكبير محمد الفيتوري عالمنا العربي قبل سنوات، ومساء الجمعة 24/ابريل /2015م ، غيّب الموت الفيتوري عن عمر ناهز 79 عاماً بعد معاناة مع المرض، والعالم العربي أسوأ مما كان عليه.
يُعتبر الفيتوري من روّاد الشعر الحديث حيث ارتبط شعره بنضال عدد من الدول الأفريقية ضد المستعمر، وألّف دواوين كثيرة منها "اغاني أفريقيا" في العام 1955 و"عاشق من أفريقيا" في العام 1964 و"اذكريني يا أفريقيا" في العام 1956، و"ثورة عمر المختار" في العام 1973، ولم تغب القضية الفلسطينية فكتب " يا وطنا يتفجر فيه العذاب ويهرم أطفاله الضائعون على طرقات الهزيمة...يا وطناً أثقلته الجريمة فتهالك تحت جراح الجريمة".
غنى له الفنان الراحل محمد وردي أغنية "عرس السودان" التي مجد فيها انتفاضة الشعب السوداني ضد نظام نميري.
ووصفت الرئاسة السودانية، في بيان صحافي، الفيتوري بأنه من أبرز روّاد الشعر العربي الحديث، وأول من حمل الهم الإفريقي في القصيدة العربية، "فأصبح صوت إفريقيا وشاعرها، حيث تجلى ذلك في دواوينه في حقبة النضال الإفريقي ضد الاستعمار، محرّضاً الشعوب الإفريقية على التحرّر والإنعتاق ومناهضة القيود والإستبداد".
وُلد الفيتوري في مدينة الجنينة في دارفور في العام 1936، ونشأ في مدينة الاسكندرية في مصر وحفظ القرآن وانتقل إلى القاهرة حيث تخرّج في كلية العلوم في الأزهر الشريف. وعمل محرراً في صحف مصرية وسودانية، وخبيراً إعلامياً في جامعة الدول العربية في ستينيات القرن الماضي. دُرّست بعض أعماله ضمن مناهج آداب اللغة العربية في مصر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
وأسقطت عنه الحكومة السودانية الجنسية وسحبت منه جواز سفره في العام 1974 بسبب معارضته لنظام جعفر النميري، فمنحه الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي جواز سفر ليبي، ما لبث أن سحبته السلطات الليبية بعد سقوط نظام القذافي، فغادر إلى المغرب حيث أقام هناك مع زوجته المغربية جنوبي الرباط حيث توفي.
وفي العام 2014، أعادت الحكومة السودانية له جنسيته ومنحته جواز سفر ديبلوماسي.
تقلّد الفيتوري "الوسام الذهبي للعلوم والفنون والآداب" في السودان، و"وسام الفاتح" في ليبيا، كما نال العديد من الأوسمة والجوائز في عدة دول عربية كالعراق ومصر والمغرب.
ويوارى الفيتوري الثرى بعد صلاة ظهر اليوم السبت في مقبرة الشهداء في الرباط.
("موقع السفير"، "سونا"، رويترز)
يُعتبر الفيتوري من روّاد الشعر الحديث حيث ارتبط شعره بنضال عدد من الدول الأفريقية ضد المستعمر، وألّف دواوين كثيرة منها "اغاني أفريقيا" في العام 1955 و"عاشق من أفريقيا" في العام 1964 و"اذكريني يا أفريقيا" في العام 1956، و"ثورة عمر المختار" في العام 1973، ولم تغب القضية الفلسطينية فكتب " يا وطنا يتفجر فيه العذاب ويهرم أطفاله الضائعون على طرقات الهزيمة...يا وطناً أثقلته الجريمة فتهالك تحت جراح الجريمة".
غنى له الفنان الراحل محمد وردي أغنية "عرس السودان" التي مجد فيها انتفاضة الشعب السوداني ضد نظام نميري.
ووصفت الرئاسة السودانية، في بيان صحافي، الفيتوري بأنه من أبرز روّاد الشعر العربي الحديث، وأول من حمل الهم الإفريقي في القصيدة العربية، "فأصبح صوت إفريقيا وشاعرها، حيث تجلى ذلك في دواوينه في حقبة النضال الإفريقي ضد الاستعمار، محرّضاً الشعوب الإفريقية على التحرّر والإنعتاق ومناهضة القيود والإستبداد".
وُلد الفيتوري في مدينة الجنينة في دارفور في العام 1936، ونشأ في مدينة الاسكندرية في مصر وحفظ القرآن وانتقل إلى القاهرة حيث تخرّج في كلية العلوم في الأزهر الشريف. وعمل محرراً في صحف مصرية وسودانية، وخبيراً إعلامياً في جامعة الدول العربية في ستينيات القرن الماضي. دُرّست بعض أعماله ضمن مناهج آداب اللغة العربية في مصر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
وأسقطت عنه الحكومة السودانية الجنسية وسحبت منه جواز سفره في العام 1974 بسبب معارضته لنظام جعفر النميري، فمنحه الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي جواز سفر ليبي، ما لبث أن سحبته السلطات الليبية بعد سقوط نظام القذافي، فغادر إلى المغرب حيث أقام هناك مع زوجته المغربية جنوبي الرباط حيث توفي.
وفي العام 2014، أعادت الحكومة السودانية له جنسيته ومنحته جواز سفر ديبلوماسي.
تقلّد الفيتوري "الوسام الذهبي للعلوم والفنون والآداب" في السودان، و"وسام الفاتح" في ليبيا، كما نال العديد من الأوسمة والجوائز في عدة دول عربية كالعراق ومصر والمغرب.
ويوارى الفيتوري الثرى بعد صلاة ظهر اليوم السبت في مقبرة الشهداء في الرباط.
("موقع السفير"، "سونا"، رويترز)
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
رد: استراحــه (عرس السودان ..... محمد مفتاح الفيتوري)
توفى الشاعر محمد مفتاح الفيتوري في المملكة المغربية بعد معاناة طويلة مع المرض عن عمر ناهز الـ85 عاما.
درس الفيتوري بكلية دار العلوم وعمل بصحف سودانية ومصرية، كما عمل خبيرا إعلاميا بجامعة الدول العربية في ستينيات القرن الماضي.
يعد الشاعر الفيتوي من أوائل من تغنو في العربية للقارة السمراء حيث احتفى بالبعد الإفريقي في شخصيته وشعره فكتب ديوانه "أغاني إفريقيا"، 1956 و"عاشق من إفريقيا"، 1964 وكذلك “اذكريني يا إفريقيا"، 1965 كما كتب مسرحية "أحزان إفريقيا".
يشار إلى أن الفيتوري يقيم منذ سنوات هو وأسرته الصغيرة في ضاحية "سيدي العابد" في جنوب الرباط.
درس الفيتوري بكلية دار العلوم وعمل بصحف سودانية ومصرية، كما عمل خبيرا إعلاميا بجامعة الدول العربية في ستينيات القرن الماضي.
يعد الشاعر الفيتوي من أوائل من تغنو في العربية للقارة السمراء حيث احتفى بالبعد الإفريقي في شخصيته وشعره فكتب ديوانه "أغاني إفريقيا"، 1956 و"عاشق من إفريقيا"، 1964 وكذلك “اذكريني يا إفريقيا"، 1965 كما كتب مسرحية "أحزان إفريقيا".
يشار إلى أن الفيتوري يقيم منذ سنوات هو وأسرته الصغيرة في ضاحية "سيدي العابد" في جنوب الرباط.
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
رحيل محمد الفيتوري.. شاعر القضايا الكبرى الذي تغنى بـ«أحزان أفريقيا»
الخرطوم ترقبت جثمانه.. لكنها استجابت لنداءات المغرب بتكريمه ودفنه بالرباط التي عاش فيها 30 عامًا......................
وجاء رحيل الفيتوري ليضاف إلى غيابات تواترت في السنوات الأخيرة، طالت عددا من كبار المشهد الشعري العربي الحديث، كان آخرهم الشاعر المصري الكبير عبد الرحمن الأبنودي، الذي رحل قبل أيام.
ويتفق النقاد والمتتبعون للمشهد الشعري العربي الحديث على أن الفيتوري «لم يكن شاعرا عاديا، بل كان شاعر القضايا الكبرى»، وأنه «غنى لأمه أفريقيا ولونها الأسود، كما غنى لشعب السودان من أجل الحرية من الأنظمة الديكتاتورية، بقصيدته الشهيرة «أصبح الصبح ولا السجن ولا السجان باق». وغنى لشعوب أفريقيا، التي ظهرت في عناوين دواوينه»، وكانت حياته سجلا لحياة المثقف العضوي المهموم بوطنه ونضالات قارته وقضايا أمته».
وأكدت الحكومة السودانية أنها كانت قد أعدت العدة لاستقبال جثمان فقيد البلاد وأمير شعراء حركة التحرر الأفريقي محمد مفتاح الفيتوري، الذي رحل، أول من أمس (الجمعة)، بمدينة الرباط المغربية، لمواراته الثرى في تراب بلاده، بيد أنها استجابت لرجاءات مغربية بتكريمه ودفنه في مقبرة الشهداء في الرباط المدينة التي عاش فيها أكثر من 30 عامًا.
وقال نجل الراحل (تاج الدين) في سرادق العزاء، إن أسرة الراحل ومحبيه وعشاق شعره، ورموز البلاد من أدباء وسياسيين سينظمون اليوم تشييعًا رمزيًا للراحل، ويصلون عليه صلاة الغائب، ثم ينظمون مهرجانًا لتأبينه، واستحضار مآثره وأشعاره، وأدواره التحررية وسيرته. ووري جثمان الراحل الثرى بمقبرة الشهداء بالعاصمة المغربية الرباط، أمس، بعدما وافته المنية بمستشفى زايد بالرباط عن عمر ناهز 85 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض.
من جهته، قال وزير الثقافة والإعلام السوداني، الطيب حسن بدوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن رئاسة الجمهورية تابعت إكمال ترتيبات وصول جثمان الفقيد الذي كان مؤملاً تشييعه ومواراته الثري في تراب وطنه، بيد أنها تلقت رجاءات من المملكة المغربية بأنها ترغب في تكريمه ودفنه في مقبرة الشهداء في المدينة التي أفنى فيها 30 عامًا من عمره. وأوضح الوزير في بيان حصلت عليه الصحيفة: «تقديرًا للرغبة العالية والرجاءات التي أتتنا من الشقيقة المغرب، بأن يكرم بدفنه في المدينة التي عاش فيها لأكثر من 30 عامًا، وامتدادًا لأدوار وعطاء فقيد البلاد التي تجاوزت الدائرة الوطنية والقطرية لبلادنا، فنثر عبير فكره وأدبه وشعره في كل رقاع أفريقيا ووطننا العربي».
وأضاف: «ظلت المملكة المغربية إحدى المحطات الأساسية في حياته، وحتى لحظة مماته، ونزولاً لهذه الرغبة، لن نتمكن من مواراته الثرى في السودان».
وفي سرادق العزاء، قال الرئيس السوداني الأسبق، عبد الرحمن سوار الذهب، لـ«الشرق الأوسط»، إن السودان والأمة العربية فقدت شخصية يصعب تعويضها في زماننا. وأضاف: «رحل الشاعر والأديب الملهم الفيتوري، الذي لم يفقده السودان ولا الأمة العربية وحدها، بل فقدته كل المجامع الأدبية، وركزت كل الفضائيات العربية على رحيل الفيتوري الذي هز المجتمعات الأدبية والثقافية في المنطقة».
ونوه سوار الذهب إلى دور أشعار الفيتوري في إلهاب الحماس ضد الاستبداد والاستعمار وطلب الحرية، وللتراث الشعري التحرري الكبير الذي تركه في الأدب العربي، بحرصه على تسجيل مواقف الإنسانية والأدبية التي مر بها السودان والبلاد العربية والأفريقية.
وقال إن رئاسة الجمهورية وجهت بضرورة نقل الجثمان للسودان ليشيع وفقًا لوصيته، التي حرص خلالها على دفنه في السودان بجوار قبر العلامة الأديب الراحل د. عبد الله الطيب.
وفي سؤال عن انتقادات للحكومة السودانية بالتقصير تجاه الراحل في حياته، قال سوار الذهب: «هذه أشياء تختلط بقضايا سياسية وما إليها، ومهما كانت التفاسير التي يمكن أن توصف بها الفترة الزمنية التي عاشها المرحوم متنقلاً من دولة إلى أخرى، لكنه كان في كل تلك البلاد يشعر أنه من أهلها، خصوصا مصر وليبيا والمغرب والسودان، موطنه ومولده، وفي رأيي أنه لم يقصر مع هذه البلاد التي عاش فيها».
ويعد الراحل محمد مفتاح الفيتوري من الشعراء الذين برزوا أيام حركات التحرر الوطني في أفريقيا والعالم، وكان معتزًا بالثورة الأفريقية وأنشد لها ولنضالها ضد الاستعمار، في عدة من دواوين الشعر، من بينها «أغاني أفريقيا»، و«عاشق من أفريقيا»، و«اذكريني يا أفريقيا»، إضافة إلى دواوين أخرى كثيرة، ويعتبر من أبرز رواد التفعيلة والحداثة في الشعر العربي، وتميزت أشعاره بمسحة صوفية.
ونحت الفيتوري اسمه ضمن قائمة أفضل الشعراء العرب المعاصرين، ملامسا البعد الإنساني في كتاباته، الشيء الذي منح شعره تميزا بين أقرانه ومنح إبداعاته إمكانية الخلود بين أكبر شعراء الإنسانية، وهو الذي كتب: «أيها السائق.. رفقًا بالخيول المتعبة.. قف فقد أدمى حديد السرج لحم الرقبة.. قف». كما كتب «لا تحفروا لي قبرًا.. سأرقد في كل شبر من الأرض.. أرقد كالماء في جسد النيل.. أرقد كالشمس فوق حقول بلادي.. مثلي أنا ليس يسكن قبرا».
وقال الشاعر المغربي محمد الصالحي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الفيتوري «يذكرنا بالبدايات الصعبة لشعر التفعيلة العربية»، وإن «ما جعل اسمه بارزا، في هذه المرحلة، هو انفراده بتيمة لم يزاحمه فيها أحد من مجايليه، هي تيمة أفريقيا، لذلك رأى فيه الكثيرون شاعرا أفريقيا يكتب بالعربية، كما حار النقد العربي في تناوله، بعد أن وجد النقاد أنفسهم أمام سؤال «هل الفيتوري شاعر أفريقي يكتب بالعربية أم شاعر عربي انحاز لقضايا أفريقيا؟».
واحتفظ الشاعر الراحل، الذي ووري الثرى، أمس، بعد صلاة الظهر، بـ«مقبرة الشهداء»، بالرباط، بعلاقة عشق مع المغرب، حيث عاش سنواته الأخيرة، فكان محل احتفاء وترحيب بين مسؤولي ومثقفي البلد، وذلك «اعتبارا لقيمته الرمزية، ومكانتها الأدبية كشاعر متميز، أغنى رصيد القصيدة العربية بعطاءات هي إضافاته الخاصة».
وترجمة لما احتفظ به المغاربة للشاعر السوداني الكبير من قيمة واعتبار، وهو يعيش بينهم، خصص له اتحاد كتاب المغرب، قبيل رحيله، تكريما لائقا، حضره الشاعر المحتفى به، رغم ظروفه الصحية الصعبة. وخلال هذا الاحتفاء، تحدث عدد من كتاب المغرب، ومن العرب، عن تجربة الفيتوري الإبداعية ومسيرته الشعرية، واتفقوا على أن الاحتفاء بالفيتوري هو «احتفاء بشاعر كبير، من شعراء هذه الأمة من الماء إلى الماء، بل شاعر قارة، انتمى إليها ورسَخت في دواخله حكايات وصور، مواقف ومبادئ».
ورأى الناقد نجيب العوفي أن الفيتوري «ينتمي إلى كورال الأسماء الشعرية (السياب، أمل دنقل، صلاح عبد الصبور، نازك الملائكة، خليل حاوي..)»، وأنه «صوت عربي دافئ طافح بأشواق وهموم أفريقيا، المتماوج بين الماء والماء»، وأنه «شاعر حداثي ملتزم، لم يأبه للدونكيشوتية التي كانت سائدة، آنذاك، فقط، لأنه اكتفى بارتداء أوجاعه».
أما الناقد والمترجم بنعيسى بوحمالة، فرأى أن شعرية الفيتوري فاجأته «مغايرتها الجذرية لزملائه فيما يخص الموضوع الشعري، خاصة في دواوينه الأفريقية التي دشّن بها مشواره الشعري».
ورأى الشاعر والناقد صلاح بوسريف أن الفيتوري «شاعر عاش في مرحلة مفصلية من تاريخ الشعر المعاصر، ليس من الرواد، وليس بعيدًا عنهم، شاعر خرج من الهامش ليعيش ويحيا في اللامكان»، مؤكدا على أنه «ليس من السهل أن تأتي من الهامش لتكون صوتا شعريا، وخصوصا في أوج التحولات والأعمدة التي ستتأسس عليها الشعرية العربية»، مبرزا أهمية الفيتوري الذي اعتبره واحدا «من الذين هذبوا اللغة العربية، وخرجوا بها من لغة حافظ إبراهيم وأحمد شوقي لتقول ذاتها، وليس أن تكون صوتا آخر، لأنه اختار أن يكتب حريته خارج نظام القصيدة التقليدية، والقصيدة القديمة».
أما الناقد سعيد بنكراد فقد اعتبر الفيتوري من «الأصوات التي كنا ننصت إليها، ونحن نناضل من أجل بناء دولة الفقراء»، مبرزا أنه «استنبت الوجدان الثقافي العربي في قارة أفريقيا، وأعادنا إليها».
ولد الشاعر الراحل بالجنينية، بولاية غرب دارفور الحالية بالسودان، في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 1936، وتلقى تعليمه في مدينة الإسكندرية بمصر وحفظ القرآن الكريم في مراحل تعليمه الأولى، ثم درس بالمعهد الديني، وانتقل إلى القاهرة، حيث تخرج من كلية العلوم بالأزهر الشريف، قبل أن يعمل محررًا للصفحات الأدبية في عدد من الصحف السودانية والمصرية، وخبيرًا للإعلام بجامعة الدول العربية في القاهرة، ما بين 1968 و1970، كما حصل على عدد من الجوائز، لعل أبرزها «الوسام الذهبي للعلوم والفنون والآداب» بالسودان.
واعتبر الراحل جزءا من الحركة الأدبية العربية المعاصرة، وأحد رواد حركة الشعر الحر في العالم العربي. كما ظلت أفريقيا مسرحا أساسيًا في شعره، فشكلت محنة الإنسان الأفريقي وصراعه ضد العبودية والاستعمار ونضاله التحرري أهم الموضوعات التي تناولتها قصائده، التي ضمنها دواوينه التي تتالت منذ 1955، خاصة «أغاني أفريقيا» (1955)، و«عاشق من أفريقيا» (1964)، و«اذكريني يا أفريقيا» (1965)، و«أحزان أفريقيا» (1966)، الشيء الذي جعل منه، بحسب عدد من المتتبعين، «صوتَ أفريقيا وشاعرها»، هو الذي كتب، في إحدى قصائده: «جبهة العبد ونعل السيد/ وأنين الأسود المضطهد/ تلك مأساة قرون غبرت/ لم أعد أقبلها لم أعد».
ولم تغب قضايا العروبة عن أشعار الفيتوري، خاصة قضية فلسطين، هو الذي كتب: «لقد صبغوا وجهك العربي/ آه... يا وطني/ لكأنك، والموت والضحكات الدميمة/ حولك، لم تتشح بالحضارة يوما/ ولم تلد الشمس والأنبياء».
كما كتب الراحل عن التوق إلى الحرية ومناهضة الاستبداد والاعتزاز بالوطن، منذ بداياته الشعرية، فكتب: «كل الطغاة دُمى/ ربما حسب الصنم، الدمية المستبدة/ وهو يعلق أوسمة الموت/ فوق صدور الرجال/ أنه بطل لا يزال». ويحسب للراحل أنه واصل الكتابة والنشر، عبر مسار إبداعي تواصل على أكثر من ستة عقود، انطلاقًا بديوان «أغاني أفريقيا»، الذي صدر عام 1955، انتهاء بـ«عريانا يرقص في الشمس»، الذي صدر عام 2005.
منقول " الشرق الوســــط ..............السبت - 6 رجب 1436 هـ - 25 أبريل 2015 مـ"
وجاء رحيل الفيتوري ليضاف إلى غيابات تواترت في السنوات الأخيرة، طالت عددا من كبار المشهد الشعري العربي الحديث، كان آخرهم الشاعر المصري الكبير عبد الرحمن الأبنودي، الذي رحل قبل أيام.
ويتفق النقاد والمتتبعون للمشهد الشعري العربي الحديث على أن الفيتوري «لم يكن شاعرا عاديا، بل كان شاعر القضايا الكبرى»، وأنه «غنى لأمه أفريقيا ولونها الأسود، كما غنى لشعب السودان من أجل الحرية من الأنظمة الديكتاتورية، بقصيدته الشهيرة «أصبح الصبح ولا السجن ولا السجان باق». وغنى لشعوب أفريقيا، التي ظهرت في عناوين دواوينه»، وكانت حياته سجلا لحياة المثقف العضوي المهموم بوطنه ونضالات قارته وقضايا أمته».
وأكدت الحكومة السودانية أنها كانت قد أعدت العدة لاستقبال جثمان فقيد البلاد وأمير شعراء حركة التحرر الأفريقي محمد مفتاح الفيتوري، الذي رحل، أول من أمس (الجمعة)، بمدينة الرباط المغربية، لمواراته الثرى في تراب بلاده، بيد أنها استجابت لرجاءات مغربية بتكريمه ودفنه في مقبرة الشهداء في الرباط المدينة التي عاش فيها أكثر من 30 عامًا.
وقال نجل الراحل (تاج الدين) في سرادق العزاء، إن أسرة الراحل ومحبيه وعشاق شعره، ورموز البلاد من أدباء وسياسيين سينظمون اليوم تشييعًا رمزيًا للراحل، ويصلون عليه صلاة الغائب، ثم ينظمون مهرجانًا لتأبينه، واستحضار مآثره وأشعاره، وأدواره التحررية وسيرته. ووري جثمان الراحل الثرى بمقبرة الشهداء بالعاصمة المغربية الرباط، أمس، بعدما وافته المنية بمستشفى زايد بالرباط عن عمر ناهز 85 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض.
من جهته، قال وزير الثقافة والإعلام السوداني، الطيب حسن بدوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن رئاسة الجمهورية تابعت إكمال ترتيبات وصول جثمان الفقيد الذي كان مؤملاً تشييعه ومواراته الثري في تراب وطنه، بيد أنها تلقت رجاءات من المملكة المغربية بأنها ترغب في تكريمه ودفنه في مقبرة الشهداء في المدينة التي أفنى فيها 30 عامًا من عمره. وأوضح الوزير في بيان حصلت عليه الصحيفة: «تقديرًا للرغبة العالية والرجاءات التي أتتنا من الشقيقة المغرب، بأن يكرم بدفنه في المدينة التي عاش فيها لأكثر من 30 عامًا، وامتدادًا لأدوار وعطاء فقيد البلاد التي تجاوزت الدائرة الوطنية والقطرية لبلادنا، فنثر عبير فكره وأدبه وشعره في كل رقاع أفريقيا ووطننا العربي».
وأضاف: «ظلت المملكة المغربية إحدى المحطات الأساسية في حياته، وحتى لحظة مماته، ونزولاً لهذه الرغبة، لن نتمكن من مواراته الثرى في السودان».
وفي سرادق العزاء، قال الرئيس السوداني الأسبق، عبد الرحمن سوار الذهب، لـ«الشرق الأوسط»، إن السودان والأمة العربية فقدت شخصية يصعب تعويضها في زماننا. وأضاف: «رحل الشاعر والأديب الملهم الفيتوري، الذي لم يفقده السودان ولا الأمة العربية وحدها، بل فقدته كل المجامع الأدبية، وركزت كل الفضائيات العربية على رحيل الفيتوري الذي هز المجتمعات الأدبية والثقافية في المنطقة».
ونوه سوار الذهب إلى دور أشعار الفيتوري في إلهاب الحماس ضد الاستبداد والاستعمار وطلب الحرية، وللتراث الشعري التحرري الكبير الذي تركه في الأدب العربي، بحرصه على تسجيل مواقف الإنسانية والأدبية التي مر بها السودان والبلاد العربية والأفريقية.
وقال إن رئاسة الجمهورية وجهت بضرورة نقل الجثمان للسودان ليشيع وفقًا لوصيته، التي حرص خلالها على دفنه في السودان بجوار قبر العلامة الأديب الراحل د. عبد الله الطيب.
وفي سؤال عن انتقادات للحكومة السودانية بالتقصير تجاه الراحل في حياته، قال سوار الذهب: «هذه أشياء تختلط بقضايا سياسية وما إليها، ومهما كانت التفاسير التي يمكن أن توصف بها الفترة الزمنية التي عاشها المرحوم متنقلاً من دولة إلى أخرى، لكنه كان في كل تلك البلاد يشعر أنه من أهلها، خصوصا مصر وليبيا والمغرب والسودان، موطنه ومولده، وفي رأيي أنه لم يقصر مع هذه البلاد التي عاش فيها».
ويعد الراحل محمد مفتاح الفيتوري من الشعراء الذين برزوا أيام حركات التحرر الوطني في أفريقيا والعالم، وكان معتزًا بالثورة الأفريقية وأنشد لها ولنضالها ضد الاستعمار، في عدة من دواوين الشعر، من بينها «أغاني أفريقيا»، و«عاشق من أفريقيا»، و«اذكريني يا أفريقيا»، إضافة إلى دواوين أخرى كثيرة، ويعتبر من أبرز رواد التفعيلة والحداثة في الشعر العربي، وتميزت أشعاره بمسحة صوفية.
ونحت الفيتوري اسمه ضمن قائمة أفضل الشعراء العرب المعاصرين، ملامسا البعد الإنساني في كتاباته، الشيء الذي منح شعره تميزا بين أقرانه ومنح إبداعاته إمكانية الخلود بين أكبر شعراء الإنسانية، وهو الذي كتب: «أيها السائق.. رفقًا بالخيول المتعبة.. قف فقد أدمى حديد السرج لحم الرقبة.. قف». كما كتب «لا تحفروا لي قبرًا.. سأرقد في كل شبر من الأرض.. أرقد كالماء في جسد النيل.. أرقد كالشمس فوق حقول بلادي.. مثلي أنا ليس يسكن قبرا».
وقال الشاعر المغربي محمد الصالحي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الفيتوري «يذكرنا بالبدايات الصعبة لشعر التفعيلة العربية»، وإن «ما جعل اسمه بارزا، في هذه المرحلة، هو انفراده بتيمة لم يزاحمه فيها أحد من مجايليه، هي تيمة أفريقيا، لذلك رأى فيه الكثيرون شاعرا أفريقيا يكتب بالعربية، كما حار النقد العربي في تناوله، بعد أن وجد النقاد أنفسهم أمام سؤال «هل الفيتوري شاعر أفريقي يكتب بالعربية أم شاعر عربي انحاز لقضايا أفريقيا؟».
واحتفظ الشاعر الراحل، الذي ووري الثرى، أمس، بعد صلاة الظهر، بـ«مقبرة الشهداء»، بالرباط، بعلاقة عشق مع المغرب، حيث عاش سنواته الأخيرة، فكان محل احتفاء وترحيب بين مسؤولي ومثقفي البلد، وذلك «اعتبارا لقيمته الرمزية، ومكانتها الأدبية كشاعر متميز، أغنى رصيد القصيدة العربية بعطاءات هي إضافاته الخاصة».
وترجمة لما احتفظ به المغاربة للشاعر السوداني الكبير من قيمة واعتبار، وهو يعيش بينهم، خصص له اتحاد كتاب المغرب، قبيل رحيله، تكريما لائقا، حضره الشاعر المحتفى به، رغم ظروفه الصحية الصعبة. وخلال هذا الاحتفاء، تحدث عدد من كتاب المغرب، ومن العرب، عن تجربة الفيتوري الإبداعية ومسيرته الشعرية، واتفقوا على أن الاحتفاء بالفيتوري هو «احتفاء بشاعر كبير، من شعراء هذه الأمة من الماء إلى الماء، بل شاعر قارة، انتمى إليها ورسَخت في دواخله حكايات وصور، مواقف ومبادئ».
ورأى الناقد نجيب العوفي أن الفيتوري «ينتمي إلى كورال الأسماء الشعرية (السياب، أمل دنقل، صلاح عبد الصبور، نازك الملائكة، خليل حاوي..)»، وأنه «صوت عربي دافئ طافح بأشواق وهموم أفريقيا، المتماوج بين الماء والماء»، وأنه «شاعر حداثي ملتزم، لم يأبه للدونكيشوتية التي كانت سائدة، آنذاك، فقط، لأنه اكتفى بارتداء أوجاعه».
أما الناقد والمترجم بنعيسى بوحمالة، فرأى أن شعرية الفيتوري فاجأته «مغايرتها الجذرية لزملائه فيما يخص الموضوع الشعري، خاصة في دواوينه الأفريقية التي دشّن بها مشواره الشعري».
ورأى الشاعر والناقد صلاح بوسريف أن الفيتوري «شاعر عاش في مرحلة مفصلية من تاريخ الشعر المعاصر، ليس من الرواد، وليس بعيدًا عنهم، شاعر خرج من الهامش ليعيش ويحيا في اللامكان»، مؤكدا على أنه «ليس من السهل أن تأتي من الهامش لتكون صوتا شعريا، وخصوصا في أوج التحولات والأعمدة التي ستتأسس عليها الشعرية العربية»، مبرزا أهمية الفيتوري الذي اعتبره واحدا «من الذين هذبوا اللغة العربية، وخرجوا بها من لغة حافظ إبراهيم وأحمد شوقي لتقول ذاتها، وليس أن تكون صوتا آخر، لأنه اختار أن يكتب حريته خارج نظام القصيدة التقليدية، والقصيدة القديمة».
أما الناقد سعيد بنكراد فقد اعتبر الفيتوري من «الأصوات التي كنا ننصت إليها، ونحن نناضل من أجل بناء دولة الفقراء»، مبرزا أنه «استنبت الوجدان الثقافي العربي في قارة أفريقيا، وأعادنا إليها».
ولد الشاعر الراحل بالجنينية، بولاية غرب دارفور الحالية بالسودان، في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 1936، وتلقى تعليمه في مدينة الإسكندرية بمصر وحفظ القرآن الكريم في مراحل تعليمه الأولى، ثم درس بالمعهد الديني، وانتقل إلى القاهرة، حيث تخرج من كلية العلوم بالأزهر الشريف، قبل أن يعمل محررًا للصفحات الأدبية في عدد من الصحف السودانية والمصرية، وخبيرًا للإعلام بجامعة الدول العربية في القاهرة، ما بين 1968 و1970، كما حصل على عدد من الجوائز، لعل أبرزها «الوسام الذهبي للعلوم والفنون والآداب» بالسودان.
واعتبر الراحل جزءا من الحركة الأدبية العربية المعاصرة، وأحد رواد حركة الشعر الحر في العالم العربي. كما ظلت أفريقيا مسرحا أساسيًا في شعره، فشكلت محنة الإنسان الأفريقي وصراعه ضد العبودية والاستعمار ونضاله التحرري أهم الموضوعات التي تناولتها قصائده، التي ضمنها دواوينه التي تتالت منذ 1955، خاصة «أغاني أفريقيا» (1955)، و«عاشق من أفريقيا» (1964)، و«اذكريني يا أفريقيا» (1965)، و«أحزان أفريقيا» (1966)، الشيء الذي جعل منه، بحسب عدد من المتتبعين، «صوتَ أفريقيا وشاعرها»، هو الذي كتب، في إحدى قصائده: «جبهة العبد ونعل السيد/ وأنين الأسود المضطهد/ تلك مأساة قرون غبرت/ لم أعد أقبلها لم أعد».
ولم تغب قضايا العروبة عن أشعار الفيتوري، خاصة قضية فلسطين، هو الذي كتب: «لقد صبغوا وجهك العربي/ آه... يا وطني/ لكأنك، والموت والضحكات الدميمة/ حولك، لم تتشح بالحضارة يوما/ ولم تلد الشمس والأنبياء».
كما كتب الراحل عن التوق إلى الحرية ومناهضة الاستبداد والاعتزاز بالوطن، منذ بداياته الشعرية، فكتب: «كل الطغاة دُمى/ ربما حسب الصنم، الدمية المستبدة/ وهو يعلق أوسمة الموت/ فوق صدور الرجال/ أنه بطل لا يزال». ويحسب للراحل أنه واصل الكتابة والنشر، عبر مسار إبداعي تواصل على أكثر من ستة عقود، انطلاقًا بديوان «أغاني أفريقيا»، الذي صدر عام 1955، انتهاء بـ«عريانا يرقص في الشمس»، الذي صدر عام 2005.
منقول " الشرق الوســــط ..............السبت - 6 رجب 1436 هـ - 25 أبريل 2015 مـ"
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
رحيل الدرويش المتجوّل ...................
عد أعوام من الصمت انزوى فيها الشاعر السوداني الكبير محمد الفيتوري، نهبا للمرض وضعف الذاكرة أنهى أمس رحلته الطويلة حيث وافته المنية في منزله بمدينة تمارة المغربية التي اختارها محطةً أخيرة طاب له المقام فيها بعد تجوال طويل في أنحاء العالم، ليحلق مع الشعراء الذين رثاهم ويمضي في سلام.
محمد الفيتوري
غرسوا الحب فلما أثمر الحب
أهدوه إلى الناس وهاموا
غرباء ومغنين
وأحلى أغانيهم على الأرض السلام
بدأ الفيتوري رحلته مع الشعر في مطلع خمسينات القرن الماضي حين ظهرت حركات النهوض التحرري في الوطن العربي وأمريكا اللاتينية، وانطلقت مجموعة من رواد “الشعر الحديث” بدر شاكر السياب – نازك الملائكة- عبد الوهاب البياتي- صلاح عبد الصبور – أدونيس – نزار قباني – خليل حاوي، تعبر عن أحلام ونضال الوطن العربي، فظهر بينهم صوت منفرد ليضيف بعدًا آخر للمشهد الشعري العربي، حيث راح الشاعر السوداني يستنهض – بحرارة – أفريقيا ويجسد همومها وقضاياها، ويصور في أشعاره محنة الإنسان الأفريقي وصراعه ضد العبودية والاستعمار وتوقه إلى التحرر، ويصبح هو “صوت أفريقيا” وشاعرها:
قلها, لا تجبن, لا تجبن
قلها في وجه البشرية
أنا زنجي وأبي زنجي الجد
وأمي زنجية
أنا أسود, لكني
حر أمتلك الحرية
أرضي أفريقية.
الفيتوري بين أفريقيا والعروبة
شُغل الشاعر بأفريقيا في دوواينه الأولى: “أغاني أفريقيا” 1955، و”عاشق من أفريقيا” 1964، و”اذكريني يا أفريقيا” 1965، و”أحزان أفريقيا” 1966، لكن شجون الوطن العربي لم تغب عن قصائده ليشكل الفيتوري مع عدد من المجايلين له في السوادن (محيي الدين فارس وتاج السر الحسن وجيلي عبد الرحمن) حالة فريدة من الانتماء للونين مختلفين وتاريخين يصعب المزج بينهما، النزعة الزنجية والولاء العربي.
تلك مأساة قرون غبـرت
لم أعد أقبلها لم أعــــد
كيف يستعبد أرضي أبيض
كيف يستعبد أمسي وغـدي
كيف يخبو عمري في سجنه
وجبال السجن من صنع يدي
أنا فلاح ولي الأرض التـي
شربت تربتها من جســدي
وأصبح الفيتوري صاحب حضور قوي في الساحة الأدبية العربية والأفريقية بقصائده التي تتغنى بالإنسانية والحرية والكرامة والعدالة والحب أيضًا، وأصدر لاحقا عددا من الدواوين، بينها “معزوفة درويش متجول”
(1971)، و”ثورة عمر المختار” (1975)، و”ابتسمي حتى تمر الخيل” (1975)، و”يأتي العاشقون إليك” (1989).
ولد الفيتوري في مدينة الجنينة بدارفور في 24 نوفمبر 1936، ونشأ في مدينة الإسكندرية في مصر، ودرس بكلية دار العلوم وعمل بصحف سودانية ومصرية، كما عمل خبيراً إعلاميًا بجامعة الدول العربية في ستينات القرن الماضي، وبسبب معارضته لنظام الحكم أسقطت حكومة جعفر نميري الجنسية عنه وسحبت جواز السفر السوداني منه في العام 1974، فغادر الفيتوري السودان فتبنته الجماهيرية الليبية ومنحته وثيقة سفر أيام حكم معمر القذافي، وعين ملحقا إعلاميا لليبيا في عدد من السفارات الليبية في المغرب، وروما، والقاهرة، وبيروت، والجامعة العربية.
وهكذا قضى حياته متجولا بين بلدان العربية، فأصبحت البلاد التي مر بها الشاعر ابن السودان ذو الأصول الليبية والمنشأ المصري، وطنا له أيضًا:
«عندما أكون في مصر أصبح مصريًا وفي ليبيا أكون ليبيًا، وهكذا… لذلك لم تكن قصيدتي «منفى»، فأنا دائمًا أشعر بالانتماء إلى كل أرض عربية أعيش عليها».
وفي لبنان – التي استقر فيها لفترة – جمعته علاقات وثيقة بنخبة من اللبنانيين، كان منهم الفنان الراحل منصور الرحباني. ورثى شاعرها بشارة الخوري أو الأخطل الصغير، بقصيدة «أنت في لبنان»:
أنت في لبنان…
والشعر له في ربى لبنان عرش ومقام
شاده الأخطل قصرًا عاليًا
يزلق الضوء عليه والغمام
وتبيت الشمس في ذروته
كلما داعب عينيها المنام
أنت في لبنان …
والخلد هنا
والرجال العبقريون أقاموا
حملوا الكون على أكتافهم
ورعوا غربته وهو غلام
وعندما كتب الفيتوري رثاءه الشهير في عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي السوداني الذي أعدمه النميري طلب الأخير من السلطات اللبنانية طرده من بيروت، فغادرها إلى دمشق ومنها جال في بلاد العالم .
وبعد سقوط القذافي سحبت منه السلطات الليبية جواز السفر الليبي، فأقام بالمغرب، وفي العام 2014، عادت الحكومة السودانية فمنحته جوازَ سفرٍ دبلوماسيًا.
وتشابهت تجربة الفيتوري إلى حد بعيد مع تجربة الروائي السوداني الطيب صالح، واحتل في قلوب السودانيين نفس المكانة، وقد قُدّر لكل منها أن يعبّر عن بلاده، ويصبح صوتها، رغم الابتعاد الجغرافي عنها، ومع ذلك فقد تسنى لهما اللقاء في ثمانينات القرن الماضي في مدينة أصيلة، وكان يُروى بين الأدباء أن السودان تعرف بأنها بلد الطيب صالح، والفيتوري.
الفيتوري مشاكسًا
وعُرف الفيتوري في لقاءاته بمواقفه التي تشي بنوع من تضخم الذات الشعرية لديه، حيث لم يسلم من هجومه أبناء جيله من الشعراء ولم يعترف بمواهبهم ومنهم عبدالوهاب البياتي ومحمود درويش، وظل يرى في نفسه أشعر الشعراء، ورغم كونه دبلوماسيًا إلا أنه أصر على أن يكتب في خانة المهنة في جواز سفره: شاعر.
وبين فترات التألق والفترات التي غاب فيها عن المشهد بسبب الإحباطات التي عانى منها أيضا أدباء وشعراء جيله في التسعينات خاصة، ظل الفيتوري يكتب شعره عن هموم الوطن العربي حتى آخر دوواوينه «عريانًا يرقص تحت الشمس» الصادر في بيروت العام 2005، والذي توقف بعده عن التدفق شعرًا وتمكّن منه المرض وانزوى في منزله في مدينة تمارة المغربية قرب الرباط حتى وافته المنية ليرقد – كما قال- فوق حقول البلاد:
سأرقد في كل شبر من الأرض
أرقد كالماء في جسد النيل
أرقد كالشمس فوق
حقول بلادي
مثلي أنا ليس يسكن قبرا.
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
لقاء مع حرم الفيتوري .......... اسيا محمد تــوم الطاهــر الكتيـــابي
07-11-2015 09:39 PM السبت 25/ رمضان 1436هـ صحيفة اليـــوم التـــــالي
كتبت الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم، الرائدة الإعلامية، والسياسية، بمجلة (صوت المرأة)، (أن آسيا مجموعة مواهب متعددة ومتفردة) عُرفت بالموهبة الفذَّة في التمثيل، ويُسجِّل لها تاريخ المسرح بأنها أول ممثلة سودانية تصعد على خشبة المسرح، كما مثلت مسرحية (البكَّاشين)، مع وحش الشاشة العربية فريد شوقي.
وقبل ذلك، فهي واحدة من رائدات التعليم قبل المدرسي، حيث افتتحت أول روضة بمدينة بحري في الستينيات، وتحديداً في العام 1967م، وهي روضة أم إيهاب، التي لا تزال تُخرِّج الأجيال.
الارتباط بالفيتوري
هذا جانب، أما الجانب الآخر من شخصيتها، فهي زوجة شاعرنا الكبير، محمد مفتاح الفيتوري - رحمه الله - التقيتها في هذه المساحة، التوثيقية، للتأكيد على أن وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة، تعرضنا في الحوار لمولدها ونشأتها، وزواجها من الشاعر الكبير الراحل الفيتوري، الذي أثمر إيهاب، وسولارا، كما كشفت أسراراً لأول مرة عن علاقتها بالفيتوري.
* لك اسمان ما هو سر الازدواجية في التسمية؟
اسمي الحقيقي بالكامل هو: آسيا محمد توم الطاهر الكتيابي، وهو اسمي المكتوب في شهادة ميلادي، وفي كل مستنداتي وأوراقي الثبوتية، والكتياب أهل والدي، الذين ينتمي إليهم الشاعر الكبير التجاني يوسف بشير، وهو ابن عمي، أما أهل والدتي فهم أهل الشيخ الجعلي والشيخ عمر موسى راجل الكريدة.
وتضيف: أما تسميتي بآسيا عبد الماجد، نسبة لأن عبد الماجد هو أبي الذي قام بتربيتي بعد انفصال والدي محمد توم عن والدتي بتول محمد أحمد الشيخ الجعلي، وهو والد أشقائي سعد الدين عبد الماجد والخضر عبد الماجد والمرحوم الباشمهندس محمود عبد الماجد، وشقيقاتي عفاف عبد الماجد، بالصندوق القومي للتأمين الاجتماعي، ونورا عبد الماجد رائدة الجمارك.
* أين وُلدت آسيا (أم إيهاب)؟
وُلدتُ بأم درمان حي ودنوباوي، غرب حي العمدة، وحوش أبوي الشيخ الجعلي الكبير بحي القلعة بأم درمان (حي مكي)، ومنها إلى كدباس بعد أن أتته الإشارة.
* على ذكر انفصال والدك ووالدتك، كم كان عمرك وقتها؟
لم يكن عمري وقتها أكثر من سنتين، كنت وحيدة أبي.. المشكلة التي أدت للانفصال والتي لم تكن بين والدي وشقيقه، فقد كان والدي من فناني الحقيبة واختلف مع شقيقه الذي احتج على أنه: "كيف يغني أخوه وكيف يمشي مع الصياع ويخرج على خط الأسرة الكتياب معروفين بحفظ القرآن وتعاليم الدين؟"، ولما طال الصراع، واشتد الخلاف بينهما، طلب عمي من والدي أن يطلق والدتي فوراً.
* هل كانت المشكلة فقط في رفض شقيق والدك للغناء؟
ليس هذا فقط، وإنما السبب أيضاً إحدى جارتنا واسمها (بت حاجي)، وكانت مشهورة بجبهتها الكبيرة، وحدث أن كانت حاضرة في حفلة كان والدي مع فناني الحقيبة يؤدون في وصلتهم الغنائية فدخلت للرقص، ومع دخلتها قامت المجموعة بتأليف مقطع صغير يشير إليها هجاء بقولهم: "بت حاجي جات من وين شوف الجبهة وقبل على الكرعين"، فغضبت وأتت إلى عمي حاج موسى (شقيق والدي) تشكو والدي إليه فما كان من عمي، إلا أن أتى والدي وضربه وتفاقم الصراع بينهما واحتد، ووصل إلى أن طلب منه تطليق والدتي ففعل ذلك مجبراً.
* لماذا نسبك لزوج أمك ولديك شهادات باسم آسيا محمد توم ؟
عند دخولي للمدرسة تم استخراج شهادة تسنين باسم آسيا عبد الماجد، بالرغم من أن لدي شهادة ميلاد أصلية باسم آسيا محمد توم، لكن لأن أبي عبد الماجد كان يقدرني جداً ويودني لأبعد درجة، ويحبني أكثر من أبنائه، لذلك كان حريصاً على أن أكون ابنته حقيقة، لذلك نسبني إليه.
* ألم تسبب لك ازدواجية التسمية أي إشكالية؟
لاحقاً عند زواجي اضطررنا لعمل إشهاد شرعي وتم تحويل الاسم لآسيا محمد توم الطاهر التجاني الاسم الحقيقي، أما آسيا عبد الماجد فهو اسم الشهرة
وتواصل آسيا محمد توم سردها وتقول: عند حملي الأول كنت مدمنة على مشاهدة الأفلام المصرية ومعجبة بالممثل إيهاب الأزهري، وإيهاب آخر نسيت اسمه، ومع ذلك كنت أتمنى أن أنجب بنتاً لأسميها (أضواء) على البرنامج الشهير بالتلفزيون على الهواء في أولى بداياته بعنوان: (تحت الأضواء) لحمدي بولاد، كنت أقوم بالتمثيل في بعض فقراته ومعي خورشيد ومحمود سراج.
المهم في الدايات سألتني محاسن عبد الفراج عن اسم المولود، فأجبتها: (كان ولد نسميهو إيهاب وكان بنت أسميها أضواء)، ولكن عندما حضر الفيتوري الذي كان بمدينة الجنينة، وقتها بدار مساليت مع السلطان عبد الرحمن بحر الدين بعد وضوعي بيومين، وأذكر أنه قد قدم معه للمستشفى الشاعر إسماعيل حسن رحمة الله عليه – سألني عن الاسم فإسماعيل حسن اقترح اسم طارق أو هشام لكن الفيتوري قال: نسميه تاج الدين لأنه كتب قصيدة السلطان تاج الدين إعجاباً بسيرته، لأنه بطل وشجاع، وسأنشر القصيدة بعد يومين.
وأجبته "أنا قلت إيهاب" فرد علي: "وأنا قلت تاج الدين"، فكان الاسمان، وعندما افتتحت روضة أم إيهاب في الستينيات، ولذلك قصة أم إيهاب وأنشأتها إرضاءً.
* الروضة خرجت أجيالاً ؟
نعم فقد كانت أول الرياض النموذجية في بحري كانت ثلاث رياض فقط بالخرطوم كلها أم إيهاب في بحري وفاطمة سعد الدين دار الأم الحنون وأسماء بنت الشمالية بالثورة وأولاد أولاد أول دفع هم الآن بالروضة.
* نعود لتسميتك بـ (آسيا) وللاسم قصة؟
نعم فقد كان والدي يقول لي أنا سميتك آسيا على أغنية الحقيبة: "نسيم الروض زورني في الماسية وجيب لي الطيب من جناين آسيا"، وكنت أرد عليه: أنا ما آسيا بتاعة الحقيبة أنا آسيا بنت مزاحم القالت: "رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ"، هذا طبعاً بعد أن كبرت وحانت لحظة زواجي فكان لابد لي أن أحضر والدي الحقيقي، ويكون شاهداً وموافقاً على زواجي.
* المعروف عنك أنكِ كنتِ أول ممثلة سودانية على خشبتيْ المسرح السوداني والمصري، فما حكايتك مع التمثيل ؟
نعم، فقد كنت أحب المسرح جداً وأقرأ المسرحيات والروايات التمثيلية كثيراً، وأركز فقط على ذات الجدية، وكنت طالبة تدخل المكتبة بكلية المعلمات بجانب مسؤليتي عن كل المدرسة في كل النواحي التي تخص الطالبات حتى أن معلماتي (أم سلمى سعيد ومدينة بابكر الغالي وسعاد إبراهيم عيسى) وبنات الشلالية (فاطمة سبيل وفهيمة سبيل ونور محمد الحسن)، كلهن معلماتي بالكلية أطلقن على اسم (الهيد قيل)، وبالمناسبة كن معلماتنا من الكتاب حتى الكلية.
* نرجع للتمثيل مرة أخرى؟
نعم مثلت: كليوباترا – أهل الكهف – سندريلا – ولاحقاً البكاشين مع فريد شوقي وتقريباً كل المسرح المصري، وكنت معجبة بتوفيق الحكيم ويوميات نائب في الأرياف وغيرها.
* أين التقيتِ بالفيتوري لأول مرة، وما هي قصة اللُقيا التي انتهت بالزواج ؟
في حفل تخرجنا من كليات المعلمات بأم درمان وكنت أقوم بدور (أم الدحشورة) مع مجموعة من الطالبات، وهي مسرحية تحارب العادات الضارة في المجتمع، وكنت أحب الرقص وأجيده، ومن خلال دوري في المسرحية كنت أحلق مع بساط الريح وأطوف بل مساحات السودان، وقد كتبت عني الأستاذة الجليلة الرائدة في الإعلام والصحافة والسياسة فاطمة أحمد إبراهيم في مجلة (صوت المرأة) أن آسيا مواهب متعددة ومتفردة، في مدرسة كرري الوسطى كنت منضمة لجمعية التمثيل بقيادة بثينة خالد شقيقة منصور خالد المسؤولة عن الجمعية.
* هذا يعني أن الفيتوري كان حاضراً، فبأي صفة؟
باعتباره رئيساً لمجلة الإذاعة، حضر مع مجموعة من الصحفيين لتغطية الاحتفال، وقد كان بصحبته الأستاذة: (منيرة صالح عبد القادر ومحمود وصفي والحويج ومحمد عرابي)، وقد كان من عادة الفيتوري عندما يذهب لحضور أي احتفال أن يصطحب معه كل أسرة تحرير المجلة فكل منهم يكتب عن المناسبة بزاوية تخصه.
* اعتقدت بأن ثمة تعارف مسبق بينكما، وعليه فقد حضر بناء على دعوتك خصيصاً؟
أبداً، فقد كنت طالبة بالداخلية لا أغادرها إلا في آخر الأسبوع.
* هل من الممكن القول بأن سر الإعجاب بك أتى من إعجابه بتمثيلك؟
لا أعرف إن كان أعجب بي أم بدوري في المسرحية أم بشجاعتي في التمثيل أم هي الأقدار أم القسمة.. على العموم الفيتوري يقول: (إنها الأقدار)، ولم أكن أطمع في زواج وقتها، فقط كنت أتطلع لأداء رسالتي في التمثيل وتحقيق ما أصبو إليه، ولكني أقول لك بأنني (كنت النجمة) في تلك الليلة، فقد كانت ليلة محضورة حضر فيها كل طلاب المدارس وأسرهم، وكل الذين يقطنون حول الكلية.....
اليوم التالي ....
كتبت الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم، الرائدة الإعلامية، والسياسية، بمجلة (صوت المرأة)، (أن آسيا مجموعة مواهب متعددة ومتفردة) عُرفت بالموهبة الفذَّة في التمثيل، ويُسجِّل لها تاريخ المسرح بأنها أول ممثلة سودانية تصعد على خشبة المسرح، كما مثلت مسرحية (البكَّاشين)، مع وحش الشاشة العربية فريد شوقي.
وقبل ذلك، فهي واحدة من رائدات التعليم قبل المدرسي، حيث افتتحت أول روضة بمدينة بحري في الستينيات، وتحديداً في العام 1967م، وهي روضة أم إيهاب، التي لا تزال تُخرِّج الأجيال.
الارتباط بالفيتوري
هذا جانب، أما الجانب الآخر من شخصيتها، فهي زوجة شاعرنا الكبير، محمد مفتاح الفيتوري - رحمه الله - التقيتها في هذه المساحة، التوثيقية، للتأكيد على أن وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة، تعرضنا في الحوار لمولدها ونشأتها، وزواجها من الشاعر الكبير الراحل الفيتوري، الذي أثمر إيهاب، وسولارا، كما كشفت أسراراً لأول مرة عن علاقتها بالفيتوري.
* لك اسمان ما هو سر الازدواجية في التسمية؟
اسمي الحقيقي بالكامل هو: آسيا محمد توم الطاهر الكتيابي، وهو اسمي المكتوب في شهادة ميلادي، وفي كل مستنداتي وأوراقي الثبوتية، والكتياب أهل والدي، الذين ينتمي إليهم الشاعر الكبير التجاني يوسف بشير، وهو ابن عمي، أما أهل والدتي فهم أهل الشيخ الجعلي والشيخ عمر موسى راجل الكريدة.
وتضيف: أما تسميتي بآسيا عبد الماجد، نسبة لأن عبد الماجد هو أبي الذي قام بتربيتي بعد انفصال والدي محمد توم عن والدتي بتول محمد أحمد الشيخ الجعلي، وهو والد أشقائي سعد الدين عبد الماجد والخضر عبد الماجد والمرحوم الباشمهندس محمود عبد الماجد، وشقيقاتي عفاف عبد الماجد، بالصندوق القومي للتأمين الاجتماعي، ونورا عبد الماجد رائدة الجمارك.
* أين وُلدت آسيا (أم إيهاب)؟
وُلدتُ بأم درمان حي ودنوباوي، غرب حي العمدة، وحوش أبوي الشيخ الجعلي الكبير بحي القلعة بأم درمان (حي مكي)، ومنها إلى كدباس بعد أن أتته الإشارة.
* على ذكر انفصال والدك ووالدتك، كم كان عمرك وقتها؟
لم يكن عمري وقتها أكثر من سنتين، كنت وحيدة أبي.. المشكلة التي أدت للانفصال والتي لم تكن بين والدي وشقيقه، فقد كان والدي من فناني الحقيبة واختلف مع شقيقه الذي احتج على أنه: "كيف يغني أخوه وكيف يمشي مع الصياع ويخرج على خط الأسرة الكتياب معروفين بحفظ القرآن وتعاليم الدين؟"، ولما طال الصراع، واشتد الخلاف بينهما، طلب عمي من والدي أن يطلق والدتي فوراً.
* هل كانت المشكلة فقط في رفض شقيق والدك للغناء؟
ليس هذا فقط، وإنما السبب أيضاً إحدى جارتنا واسمها (بت حاجي)، وكانت مشهورة بجبهتها الكبيرة، وحدث أن كانت حاضرة في حفلة كان والدي مع فناني الحقيبة يؤدون في وصلتهم الغنائية فدخلت للرقص، ومع دخلتها قامت المجموعة بتأليف مقطع صغير يشير إليها هجاء بقولهم: "بت حاجي جات من وين شوف الجبهة وقبل على الكرعين"، فغضبت وأتت إلى عمي حاج موسى (شقيق والدي) تشكو والدي إليه فما كان من عمي، إلا أن أتى والدي وضربه وتفاقم الصراع بينهما واحتد، ووصل إلى أن طلب منه تطليق والدتي ففعل ذلك مجبراً.
* لماذا نسبك لزوج أمك ولديك شهادات باسم آسيا محمد توم ؟
عند دخولي للمدرسة تم استخراج شهادة تسنين باسم آسيا عبد الماجد، بالرغم من أن لدي شهادة ميلاد أصلية باسم آسيا محمد توم، لكن لأن أبي عبد الماجد كان يقدرني جداً ويودني لأبعد درجة، ويحبني أكثر من أبنائه، لذلك كان حريصاً على أن أكون ابنته حقيقة، لذلك نسبني إليه.
* ألم تسبب لك ازدواجية التسمية أي إشكالية؟
لاحقاً عند زواجي اضطررنا لعمل إشهاد شرعي وتم تحويل الاسم لآسيا محمد توم الطاهر التجاني الاسم الحقيقي، أما آسيا عبد الماجد فهو اسم الشهرة
وتواصل آسيا محمد توم سردها وتقول: عند حملي الأول كنت مدمنة على مشاهدة الأفلام المصرية ومعجبة بالممثل إيهاب الأزهري، وإيهاب آخر نسيت اسمه، ومع ذلك كنت أتمنى أن أنجب بنتاً لأسميها (أضواء) على البرنامج الشهير بالتلفزيون على الهواء في أولى بداياته بعنوان: (تحت الأضواء) لحمدي بولاد، كنت أقوم بالتمثيل في بعض فقراته ومعي خورشيد ومحمود سراج.
المهم في الدايات سألتني محاسن عبد الفراج عن اسم المولود، فأجبتها: (كان ولد نسميهو إيهاب وكان بنت أسميها أضواء)، ولكن عندما حضر الفيتوري الذي كان بمدينة الجنينة، وقتها بدار مساليت مع السلطان عبد الرحمن بحر الدين بعد وضوعي بيومين، وأذكر أنه قد قدم معه للمستشفى الشاعر إسماعيل حسن رحمة الله عليه – سألني عن الاسم فإسماعيل حسن اقترح اسم طارق أو هشام لكن الفيتوري قال: نسميه تاج الدين لأنه كتب قصيدة السلطان تاج الدين إعجاباً بسيرته، لأنه بطل وشجاع، وسأنشر القصيدة بعد يومين.
وأجبته "أنا قلت إيهاب" فرد علي: "وأنا قلت تاج الدين"، فكان الاسمان، وعندما افتتحت روضة أم إيهاب في الستينيات، ولذلك قصة أم إيهاب وأنشأتها إرضاءً.
* الروضة خرجت أجيالاً ؟
نعم فقد كانت أول الرياض النموذجية في بحري كانت ثلاث رياض فقط بالخرطوم كلها أم إيهاب في بحري وفاطمة سعد الدين دار الأم الحنون وأسماء بنت الشمالية بالثورة وأولاد أولاد أول دفع هم الآن بالروضة.
* نعود لتسميتك بـ (آسيا) وللاسم قصة؟
نعم فقد كان والدي يقول لي أنا سميتك آسيا على أغنية الحقيبة: "نسيم الروض زورني في الماسية وجيب لي الطيب من جناين آسيا"، وكنت أرد عليه: أنا ما آسيا بتاعة الحقيبة أنا آسيا بنت مزاحم القالت: "رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ"، هذا طبعاً بعد أن كبرت وحانت لحظة زواجي فكان لابد لي أن أحضر والدي الحقيقي، ويكون شاهداً وموافقاً على زواجي.
* المعروف عنك أنكِ كنتِ أول ممثلة سودانية على خشبتيْ المسرح السوداني والمصري، فما حكايتك مع التمثيل ؟
نعم، فقد كنت أحب المسرح جداً وأقرأ المسرحيات والروايات التمثيلية كثيراً، وأركز فقط على ذات الجدية، وكنت طالبة تدخل المكتبة بكلية المعلمات بجانب مسؤليتي عن كل المدرسة في كل النواحي التي تخص الطالبات حتى أن معلماتي (أم سلمى سعيد ومدينة بابكر الغالي وسعاد إبراهيم عيسى) وبنات الشلالية (فاطمة سبيل وفهيمة سبيل ونور محمد الحسن)، كلهن معلماتي بالكلية أطلقن على اسم (الهيد قيل)، وبالمناسبة كن معلماتنا من الكتاب حتى الكلية.
* نرجع للتمثيل مرة أخرى؟
نعم مثلت: كليوباترا – أهل الكهف – سندريلا – ولاحقاً البكاشين مع فريد شوقي وتقريباً كل المسرح المصري، وكنت معجبة بتوفيق الحكيم ويوميات نائب في الأرياف وغيرها.
* أين التقيتِ بالفيتوري لأول مرة، وما هي قصة اللُقيا التي انتهت بالزواج ؟
في حفل تخرجنا من كليات المعلمات بأم درمان وكنت أقوم بدور (أم الدحشورة) مع مجموعة من الطالبات، وهي مسرحية تحارب العادات الضارة في المجتمع، وكنت أحب الرقص وأجيده، ومن خلال دوري في المسرحية كنت أحلق مع بساط الريح وأطوف بل مساحات السودان، وقد كتبت عني الأستاذة الجليلة الرائدة في الإعلام والصحافة والسياسة فاطمة أحمد إبراهيم في مجلة (صوت المرأة) أن آسيا مواهب متعددة ومتفردة، في مدرسة كرري الوسطى كنت منضمة لجمعية التمثيل بقيادة بثينة خالد شقيقة منصور خالد المسؤولة عن الجمعية.
* هذا يعني أن الفيتوري كان حاضراً، فبأي صفة؟
باعتباره رئيساً لمجلة الإذاعة، حضر مع مجموعة من الصحفيين لتغطية الاحتفال، وقد كان بصحبته الأستاذة: (منيرة صالح عبد القادر ومحمود وصفي والحويج ومحمد عرابي)، وقد كان من عادة الفيتوري عندما يذهب لحضور أي احتفال أن يصطحب معه كل أسرة تحرير المجلة فكل منهم يكتب عن المناسبة بزاوية تخصه.
* اعتقدت بأن ثمة تعارف مسبق بينكما، وعليه فقد حضر بناء على دعوتك خصيصاً؟
أبداً، فقد كنت طالبة بالداخلية لا أغادرها إلا في آخر الأسبوع.
* هل من الممكن القول بأن سر الإعجاب بك أتى من إعجابه بتمثيلك؟
لا أعرف إن كان أعجب بي أم بدوري في المسرحية أم بشجاعتي في التمثيل أم هي الأقدار أم القسمة.. على العموم الفيتوري يقول: (إنها الأقدار)، ولم أكن أطمع في زواج وقتها، فقط كنت أتطلع لأداء رسالتي في التمثيل وتحقيق ما أصبو إليه، ولكني أقول لك بأنني (كنت النجمة) في تلك الليلة، فقد كانت ليلة محضورة حضر فيها كل طلاب المدارس وأسرهم، وكل الذين يقطنون حول الكلية.....
اليوم التالي ....
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
رد: استراحــه (عرس السودان ..... محمد مفتاح الفيتوري)
شكرا شيخنا علي هذا البوست الحاوي والمهم ..
أزهرى الحاج البشير- مشرف عام
رد: استراحــه (عرس السودان ..... محمد مفتاح الفيتوري)
شيخنا الأزهري ...... شكراً لمرورك الزاهي الباهي في هذا الشهر الفضيل ..... نعم تعلمت منك شيخي بان مسألة التوثيق يجب أن تكون شاملة أوعلى الأقل شئ من كل شئ ..... كي نكوّن صورة واضحة لبعض من الأجيال الذين لم يتعرفوا على اسمه كاملاً ناهيك عن صوره المختلفة الحيــاتية الاخرى .... وهـــذا وجه من حياته ......تأمل سيدنا الشيخ
******************************************************************************************************
******************************************************************************************************
ان الفيتوري هو من جملة الاقران المجيدين في طلائع الحركة التجديدية أمثال السياب والبياتي وصلاح عبد الصبور وامل دنقل وغيرهم وسوف نتعرف عن وجه روحي من حياته : والده الشيخ مفتاح رجب الفيتوري وكان خليفة خلفاء الطريقة العروسية ، الشاذلية ، الاسمرية وهو صوفي ليبي عبر بوابة الشمال الافريقي ويبدو ان وطأة الاحتلال الايطالي قبيل الحرب العالمية الاولى كانت سببا مباشرا في هجرة والد الشاعر واسرته الى غربي السودان .
هو صاحب تجربة صوفية غنية فهو ابن لاب صوفي وهو خليفة خلفاء الطريقة الاسمرية الشاذلية وقد تعلق بالصوفية مبكرا منذ ان كان طفلا وهو يعبر عن ذلك خلال تصريح له ورد في تضاعيف جريدة القدس في 25/1/2003م حيث يقول ( ومنذ دب الوعي في وجداني وبدات ادرك معنى الكلمات التي كان يرددها والدي ليلا مع زواره من ادعية وترانيم دينية تعلقت بما اسمع وبدات افكر تفكيرا تفكيرا عميقا لدرجة اني تركت اقراني في اللعب وانا طفل لانضم الى رفاق ابي في فناء البيت مستمعا ومستمتعا بايات الذكر الحكيم والتواشيح الصوفية والاوراد والقصص الدينية ) .
بيد اننا نجد الفيتوري المتعلق بصوفيته يسخر هذه التجربة في خدمة النص الشعري بمعنى ان الفيتوري قد مزج بين التجربتين الصوفية والفنية ذلك لان التجربة الفنية تنتج وجودا يوازي الوجود المادي ويثريه بينما تكون التجربة الصوفية حالة الفناء التي ينعدم فيها الوجود المادي من بدايتها الى نهايتها .
فصوفية الشاعر ليست الانجذاب الى مجموعة من الافكار المشوشة والاحاسيس التجريدية اننا ازاء صوفية متمردة تخلق من الوجود كائنا جديدا بثوب يلامس احتياجات الواقع برؤية اعمق وقيم اعلى .
استخدم محمد الفيتوري الكثير من الرموز الدينية التي تختزنها الذاكرة الانسانية وفي محاولة الشاعر للبحث عن البديل ( المعادل النفسي نلمح حقيقة الشاعر المتشبت بأردان الماضي ذلك الماضي المتمثل بصورة الانسان الحر والمناضل الشريف والثائر الصلب تعويضا عن نقص حضاري وحلم مفقود وفي قصيدة عودة نبي التي كتبت في ذكر الشابي نقرأ :
وعدت يا شابي في ناظر الاعمى
وفي قلب الاصم
عدت نبيا كالنبيين
لو تدرك معاك عقول الوجود
أراد الفيتوري ان يرصد براعته للتعبير عن آلام القارة السوداء ليكون صوتها الثائر
سوف نتناول نموذج من قصائد الفيتوري وقد اخترت قصيدة " موت الملك سليمان "
لقد حاول الشاعر ان يقنع نصه كاملا بقصة نبي الله سليمان عليه سلام الذي ورث النبوة من أبيه داود عليه السلام يقول الله عز وجل ( وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا الطير وأوتينا من كل شيء ان هذا لهو الفضل المبين ).
يبدأ الشاعر نصه بالحديث عن التعب الذي كان يلاقيه الجن من العمل لسليمان عليه السلام مؤكدا لو ان الحراس اكتشفوا موت النبي لما عملوا :
لو ان الجسد الملقي على كرسيه
مال قليلا
لاستيقظت من نومها مدينة النحاس
واستغرق الحراس في البكاء والضحك
فزائر الموت الذي زار سليمان الملك
كان ثقيلا
وسليمان الملك
مات طويلا !
وهذا ما أورده القران الكريم جملة ونصا ( فلما خر تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين )
ولعل الربط القائم بين النصيين القراني والشعري يهدف الى اعادة تشكيل افاق اللغة من خلال عمليات تفجير هادئة او ما يسمى بالمهمة الهادفة للأدب فتبدو العلاقة القائمة بين نصيين هي علاقة امتصاص تفاعل الايجابي بين النصيين للغائب والحاضر وقد سعى الى انتاج نص ذي دلالات جديدة ولم يكن اسير حلقة للعقل التاريخي كما ورد في القران الكريم فالملك سليمان أضحى رمزا للملك الذي يمتلك ادوات القوة والسيطرة ولكن ذلك لا يمنع من وجود عدد من المتربصين الذين يرقبون زوال الحكم .
وترد اشارة اخرى في النص الشعري تتعانق مع النص القراني تتمثل بذكر الاعداد الكبيرة من العمال والحراس الذين يأتمرون بأمر سليمان وهذا ما ورد في القران الكريم ( ومن الشياطين من يغوصون له ويعلمون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين )
وفي نص شعري :
خمسون ألف مارد
ينتظرون الاذن بالمثول
تسعون ألف مارد
يرقب عرس الشمس بذهول
وترتبط بقصة الملك سليمان قصة اخرى على تماس معها هي قصة بلقيس رمز شرعية دلالية جديدة وهي ايمانا بأن الرموز الدينية الكبرى تمارس وظيفة في اطار ثقافة عامة وتنتج مدلولات أدبية جديدة وهي متقلبة كرمز لانها رمز شعري لحشد من خلاله الشاعر مواقف وتأثيرات نفسية .
وبلقيس عند الفيتوري تبدو عكس الموروث قرانيا اذ يصورها معذبة وحينها نتسائل عن سبب هذا العذاب ليس هناك سبب سوى احتضار الملك سليمان الذي استعار الشاعر عنه بلفظ شمس
والشمس في معارج اكتمالها متحجبة
تغسل جدران المدافن المذهبة
وعرس بلقيس الجميلة المعذبة
والمدن الكبرى
التي تسقط تحت عجلات المركبة
وبلقيس تحمل دلالة رمزية فهي الامة المنتشية المزهوة بفارسها وفجأة يسقط الفارس وتغيب الشمس فسليمان كان شمس الحكمة والعدل وبلقيس عذرية الامة التي تستباح بعد ان تفقد فارسها والحراس ينتظرون بشوق ساعة السقوط وبع ذلك يمتد السقوط ليشمل بقية المشهد .
يقول الشاعر : المدن الكبرى هي الحضارات المتألقة التي تشهد اندثارا وانهزاما أمام حضارة المركبة الحضارة الحديثة .
المعجم اللفظي :
لقد انطلق الشاعر في جل معالجاته من واقع مأزوم ومهزوم سيطر على الشاعر وبالتالي على معجمه اللغوي فكان معجمه تعبيرا عما يعانيه وكان استخدامه للغة سهلة والتي جاءت نتيجة لنزعة الشاعر الواقعية استحقاقا لمقتضيات الواقع وانغراسا في هموم الامة.
التراكيب :
التراكيب الدينية تشكل المساحة الاكبر استحضارات الشاعر فهو يستلهم مضامين بعض القصص لتعميق رؤية معاصرة يراها في الموضوع الذي يطرحه أو القضية التي يعالجها اذن هذا الاستحضار يلقي بها بتعزيز موقف من الرؤى والمفاهيم التي يطرحها في نصه .
ان الفيتوري شاعر استطاع ان يتبث وجوده من خلال ايمانه بقارته السوداء ومبادىء سار عليها وتوظيفه للرموز بطرقة قصصية مبدعة فمن خلال البحث عن قصائده استمتعت بقراءة عدد من قصائدة واحيانا تكون اقرب للنثر من الشعرلكن في طياتها تحمل رؤية وفكر شاعر عاش وعاصر الكثير من الاحداث والوقائع التي تجعله كفيلا ان يكون شاعرا يطبق ما يؤمن به
*************************************************************************************
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
"شعر الفيتوري .. الرؤية والتشكيل". ///دراسة من إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب
05-23-2014 02:04 AM
الهيئة المصرية العامة للكتاب تصدر كتاباً عن الشاعر السوداني محمد مفتاح الفيتوري حمل اسم "شعر الفيتوري .. الرؤية والتشكيل".
القاهرة – من هند عبد الحليم
صدر حديثاً كتاب "شعر الفيتوري .. الرؤية والتشكيل" عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، للدكتور عايدي علي جمعة أستاذ الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم، ويعد محمد الفيتوري من أهم الشعراء العرب في العصر الحديث من نواح عدة؛ منها غزارة الإنتاج وتعدد الرؤى الفنية والتجديد الشكلي والإيقاعي، حيث ارتبط شعره بإفريقيا وقضاياها من أجل الحرية والاستقلال، كما وارتبط بالواقع العربي وهمومه.
ويتناول الكتاب محورين، الأول: الرؤية التي تتناول تجربة التصوف في شعر الفيتوري حيث يتخذ من حركات المتصوفين ورقصاتهم وسيلة للاستبصارالروحي الذي تتعانق فيه روحه مع الذات الإلهية، كما جعل الذات الإلهية معشوقة له على الطريقة المتصوفة: ويخضر اسمك في شفتي/ كالنقش الفرعوني/ على قبر منسي.
وأخذت ظاهرتا الحزن والاغتراب مساحة كبيرة من شعره ونتج عنهما نزعة التأمل في الكون والحياة: دنيا لا يملكها من يملكها/ أغنى أهليها سادتها الفقراء.
والتزم الشاعر بقضايا إفريقيا لتظهر قضية "الزنوجة" واضحة في شعره منذ البداية: إفريقيا/ إفريقيا استيقظي/ استيقظي من حلمك الأسود/ قد طالما نمت ألم تسأمي؟/ ألم تملي قدم السيد؟
واهتم الفيتوري في مرحلة لاحقة بعد البدايات بقضايا الواقع العربي، حيث انتقد الحكام المستبدين الذين كانوا سبباً في هزيمة يونيو 1967، فكتب قصيدة "سقوط دبشليم" التي عرى من خلالها الفساد والتفسخ لدى الطبقة الحاكمة، لكنه أشاد بالزعماء المخلصين فكتب مخاطباً "بن بيلا" ورفاقه الذين كانوا لهيب الثورة الجزائرية: سبع سنين وأياديكم تطرق باب التاريخ/ تبني هرماً للحرية/ تبنيه بعظام الشهداء/ بإرادة مليون ضحية.
وكان للمرأة حضور قوي في شعر الفيتوري فهناك المرأة المحبوبة؛ فالحب عند الفيتوري أشواق نفس تعاني من الحرمان، وعلى الرغم من انتصاراتها في عالم الجسد، لكن ذلك لا يروي غلتها، لأنها تحتاج إلى قرين تألفه ويألفها، فهو يشعر بالظمأ القاتل للحب: بي ظمأ .. بي ظمأ قاتل/ فأين ينبوعك يا ساقي؟
وهناك المرأة المناضلة المناوئة للاستعمار؛ ففي قصيدته "رسالة إلى جميلة" التي تحولت إلى رمز الكفاح الوطني، لا يستنكف الفيتوري أن يطلب منها أن تهبه قوة الوجود من روحها.
أما المحور الثاني فيسلط الضوء على التشكيل واللغة في شعرالفيتوري، فقد وظف الفيتوري القيم الإيحائية والصوتية ليفرغ المدخر في الألفاظ، ويجعلها تشع بإيحاءات لا حدود لها: أصبح الصبح .. أنا خلفك يا صبح الحصاد/ ألف صبح قد نسجناه بأضواء العيون/ أيها القادم محمولاً على سمر الأيادي.
كما أن علاقة الفيتوري بالتراث قوية، حيث وجد رهن تصرفه تراثاً شديد الغنى متنوع المصادر، فأخذ يمتاح من ينابيعه السخية، فيقول مخاطباً جمال عبد الناصر: وكأنك تقاتل تحت لواء محمد/ في مجد الإسلام/ وليلة أن سقطت خيبر/ قبلت جبين علي مبتسماً.
ويكتب الفيتوري الشعر العمودي ويجيد فيه، إضافة إلى استيعابه القضايا العصرية حيث لا يقنع بالدوران في الفلك القديم، وينوع في بحوره، إذ يستخدم البحور ذوات التفعيلة الواحدة والبحور المركبة، ولا يكاد يخطيء فيهما.
يذكر أن الفيتوري ولد في بلدة "الجنينة" عاصمة جنوب دارفورغرب السودان عام 1930 لأب من رجال التصوف، ثم هاجرت اسرته إلى الإسكندرية حيث نشأ وترعرع.
وأصدر الفيتوري ديوانه الأول "أغاني إفريقيا" عام 1955 وكان ما يزال طالباً بكلية دار العلوم بالقاهرة، لكنه لم يصبرعلى الدراسة فتركها وعمل بالصحافة في جريدة الجمهورية، ثم عاد إلى السودان واشتغل بالعمل الصحفي، لينتقل إلى لبنان ويعمل بالصحافة مجدداً، وسافرلاحقاً إلى ليبيا وحصل على جنسيتها وتولى عدة مناصب دبلوماسية هناك.
ارم نيوز 05-23-2014 02:04 AM
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
واليك والى رواد المنتدى //في حضرة من أهوى عبثت بي الأشواق !!!!!//
شحبت روحي, صارت شفقا
شعت غيما و سنا
كالدرويش المتعلق في قدمي مولاه أنا
أتمرغ في شجني
أتوهج في بدني
غيري أعمى , مهما أصغى , لن يبصرني فأنا جسد
حجر شيء عبر الشارع جزر غرقى في قاع البحر
حريق في الزمن الضائع قنديل زيتي مبهوت في اقصى بيت
في بيروت أتالق حينا. ثم أرنق ثم أموت
***
و يحي...و أنا أتلعثم نحوك يا مولاي أجسد أحزاني
أتجرد فيك هل انت أنا؟
يدك الممدودة أم يدي المدودة؟
صوتك أم صوتي؟
تبكني أم ابكيك؟
***
في حضرة من أهوى عبثت بي الأشواق
حدقت بلا وجه و رقصت بلا ساق
و زحمت براياتي و طبولي في الآفاق
عشقي يفنى عشقي و فنائي استغراق
مملوكك.... لكنـي سلطان العشاق
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
مواضيع مماثلة
» المتنبئ .. محمد الفيتوري
» مقام في مقام العراق محمد الفيتوري
» على طلل السودان محمد المكي ورد دكتور خالد فرح
» دردشة مع أوائل الشهادة السودانية للعام 2013م
» مجلس الامن يتبنى بالاجماع قرارا يطالب السودان وجنوب السودان بوقف الاعمال العدائية في خلال ثمان واربعين ساعة ويهدد بفرض عقوبات على السودان وجنوب السودان
» مقام في مقام العراق محمد الفيتوري
» على طلل السودان محمد المكي ورد دكتور خالد فرح
» دردشة مع أوائل الشهادة السودانية للعام 2013م
» مجلس الامن يتبنى بالاجماع قرارا يطالب السودان وجنوب السودان بوقف الاعمال العدائية في خلال ثمان واربعين ساعة ويهدد بفرض عقوبات على السودان وجنوب السودان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى