من الصندوق طلع خازوق
صفحة 1 من اصل 1
من الصندوق طلع خازوق
بشفافية
من الصندوق طلع خازوق
حيدر المكاشفي
في عهد مضى قال شاعر الشعب لسان حال اوجاعه وهمومه محمد الحسن سالم حميد «أين هو الآن»، وهو يصف المآل المؤسف الذي انتهت إليه أوضاع البلاد بعد طول معاناة ومكابدة وامل وترقب لحالٍ أفضل فإذا به يُفجع بما هو أسوأ:
من الواسوق أبت تطلع
من الابرول أبت تطلع
من الأقلام أبت تطلع
من المدفع طلع خازوق
خوازيق البلد زادت
فما عساه يا ترى سيقول حميد اليوم بعد الانتخابات «المخوزقة» والمجوبكة التي جرت وانتهت على النحو الذي لم يرض عنه المشاركون فيها، دعك من المقاطعين لها فيما عدا من حملهم المدفع ذات سنة كبيسة إلى سدة السلطة، غير ان يزيدنا من الشعر بيتا يقول «من الصندوق طلع خازوق، خوازيق البلد زادت» ويظل حال البلد واقف وستقع محنة، وهل هناك محنة اكبر من الانفصال الوشيك والذي كانت اكبر مؤشراته تتجلى في ذلك الاصرار والعناد الذي وسم مواقف الاميركان والغربيين قبل الشريكين بإجراء الانتخابات بأي شكل وصورة في مواعيدها ليس حبا في التحول الديمقراطي وإنما تلهفا لموعد الاستفتاء على تقرير المصير الذي سيلي الانتخابات وسيكون مآله لا محالة تقسيم البلاد، فمن البداهة ان التحول الديمقراطي الحقيقي لن يتأتى إلا عبر ممارسة ديمقراطية وانتخابية صحيحة وكاملة ومكتملة، فالديمقراطية لا تتجزأ اللهم الا اذا اتخذت كغطاء لتجزئة البلاد خاصة في هذه المرحلة الحاسمة والحساسة من تاريخنا الوطني، ولو كانت الانتخابات الحالية التي تمت في اجواء المقاطعة والانسحاب من البعض وعدم الرضاء من البعض الآخر قد جرت في غير هذه المرحلة العصيبة لقلنا «شئ من الديمقراطية ولو قليل خير من لا شئ والعافية درجات» ولنحتسب ما حدث ونحسبه أولى الخطوات على طريق التحول الديمقراطي الطويل والشائك، وان ما لا يدرك جله لا يترك كله، ولكن ماذا يفيد ذلك وعلى اي شئ نحتسب، اذا كانت البلاد على بعد ثمانية اشهر فقط من جرف الانفصال الهار، ثم يُراد لها ان تساق إلى هذا المصير عبر انتخابات مطعون فيها وغير مرضي عنها من طيف واسع من الاحزاب السياسية التي هي لحمة اية عملية انتخابية تعددية وسداتها.
اننا لا نعجب مما يقوله كارتر وغرايشون ومن شايعهما من الاجانب عن هذه الانتخابات التي لا تهمهم لذاتها بقدر اهتمامهم بها كـ «سندة» لا بد من التوقف عندها قبل الوصول إلى محطة الاستفتاء التي هي محط انظارهم، يراقبون الانتخابات وينظرون إليها بطرف العين بينما عند الاستفتاء سيكون بصرهم يومئذ حديد لا يسمحون بأقل «خطأ فني» قد يفسرونه على انه لصالح الوحدة، ولكننا والله نعجب أيما عجب في حزبنا الوطني المؤتمر الوطني «هل هو معانا ام مع الخيانة» كما يقول الساخرون، وهل هو ايضا يريد انتخابات «مكلفتة» ومتعجلة للفراغ منها بأي شكل يضمن له اكتساحها للتفرغ ليوم الاستفتاء لانه يريد «التخلص» من الجنوب ولكن بحساباته ومصالحه هو لا مصالح عمرو الاجنبي لينفرد ويستمتع بحكم الشمال، بينما يريد كارتر وغرايشون ومن لف لفهما «تخليص» الجنوب، فانعقدت «المخالصة» بينهما باتفاق على الاوراق او توافق في الآراء لا فرق، بين من يريد التخلص ومن يريد التخليص، ودعونا من حكاية الحكومة القومية او ذات القاعدة العريضة فتلك دعوة اشبه بدعوة اللواء عمر محمد الطيب نائب نميري طيب الله ثراه لضابط الاستخبارات بالسفارة الاميركية للمشاركة معهم لانقاذ النظام من الانهيار، فهي حكاية تستحق ان يقال في حقها ما قاله الضابط الاميركي الكبير للمسؤول السوداني الرفيع «sorry the game is over» «معليش انتهت اللعبة» وكان ان انهار النظام، والآن سينهار البلد ولن تجديه دعوة متأخرة جدا من ان ينقسم إلى شطرين.
لقد كنا مثل حميد نظن ان الخوازيق لا تطلع إلا من صناديق الذخيرة ولكن يا للغرابة ها هي تطلع من صناديق الانتخابات، ولله في بلاده وخلقه شؤون.
من الصندوق طلع خازوق
حيدر المكاشفي
في عهد مضى قال شاعر الشعب لسان حال اوجاعه وهمومه محمد الحسن سالم حميد «أين هو الآن»، وهو يصف المآل المؤسف الذي انتهت إليه أوضاع البلاد بعد طول معاناة ومكابدة وامل وترقب لحالٍ أفضل فإذا به يُفجع بما هو أسوأ:
من الواسوق أبت تطلع
من الابرول أبت تطلع
من الأقلام أبت تطلع
من المدفع طلع خازوق
خوازيق البلد زادت
فما عساه يا ترى سيقول حميد اليوم بعد الانتخابات «المخوزقة» والمجوبكة التي جرت وانتهت على النحو الذي لم يرض عنه المشاركون فيها، دعك من المقاطعين لها فيما عدا من حملهم المدفع ذات سنة كبيسة إلى سدة السلطة، غير ان يزيدنا من الشعر بيتا يقول «من الصندوق طلع خازوق، خوازيق البلد زادت» ويظل حال البلد واقف وستقع محنة، وهل هناك محنة اكبر من الانفصال الوشيك والذي كانت اكبر مؤشراته تتجلى في ذلك الاصرار والعناد الذي وسم مواقف الاميركان والغربيين قبل الشريكين بإجراء الانتخابات بأي شكل وصورة في مواعيدها ليس حبا في التحول الديمقراطي وإنما تلهفا لموعد الاستفتاء على تقرير المصير الذي سيلي الانتخابات وسيكون مآله لا محالة تقسيم البلاد، فمن البداهة ان التحول الديمقراطي الحقيقي لن يتأتى إلا عبر ممارسة ديمقراطية وانتخابية صحيحة وكاملة ومكتملة، فالديمقراطية لا تتجزأ اللهم الا اذا اتخذت كغطاء لتجزئة البلاد خاصة في هذه المرحلة الحاسمة والحساسة من تاريخنا الوطني، ولو كانت الانتخابات الحالية التي تمت في اجواء المقاطعة والانسحاب من البعض وعدم الرضاء من البعض الآخر قد جرت في غير هذه المرحلة العصيبة لقلنا «شئ من الديمقراطية ولو قليل خير من لا شئ والعافية درجات» ولنحتسب ما حدث ونحسبه أولى الخطوات على طريق التحول الديمقراطي الطويل والشائك، وان ما لا يدرك جله لا يترك كله، ولكن ماذا يفيد ذلك وعلى اي شئ نحتسب، اذا كانت البلاد على بعد ثمانية اشهر فقط من جرف الانفصال الهار، ثم يُراد لها ان تساق إلى هذا المصير عبر انتخابات مطعون فيها وغير مرضي عنها من طيف واسع من الاحزاب السياسية التي هي لحمة اية عملية انتخابية تعددية وسداتها.
اننا لا نعجب مما يقوله كارتر وغرايشون ومن شايعهما من الاجانب عن هذه الانتخابات التي لا تهمهم لذاتها بقدر اهتمامهم بها كـ «سندة» لا بد من التوقف عندها قبل الوصول إلى محطة الاستفتاء التي هي محط انظارهم، يراقبون الانتخابات وينظرون إليها بطرف العين بينما عند الاستفتاء سيكون بصرهم يومئذ حديد لا يسمحون بأقل «خطأ فني» قد يفسرونه على انه لصالح الوحدة، ولكننا والله نعجب أيما عجب في حزبنا الوطني المؤتمر الوطني «هل هو معانا ام مع الخيانة» كما يقول الساخرون، وهل هو ايضا يريد انتخابات «مكلفتة» ومتعجلة للفراغ منها بأي شكل يضمن له اكتساحها للتفرغ ليوم الاستفتاء لانه يريد «التخلص» من الجنوب ولكن بحساباته ومصالحه هو لا مصالح عمرو الاجنبي لينفرد ويستمتع بحكم الشمال، بينما يريد كارتر وغرايشون ومن لف لفهما «تخليص» الجنوب، فانعقدت «المخالصة» بينهما باتفاق على الاوراق او توافق في الآراء لا فرق، بين من يريد التخلص ومن يريد التخليص، ودعونا من حكاية الحكومة القومية او ذات القاعدة العريضة فتلك دعوة اشبه بدعوة اللواء عمر محمد الطيب نائب نميري طيب الله ثراه لضابط الاستخبارات بالسفارة الاميركية للمشاركة معهم لانقاذ النظام من الانهيار، فهي حكاية تستحق ان يقال في حقها ما قاله الضابط الاميركي الكبير للمسؤول السوداني الرفيع «sorry the game is over» «معليش انتهت اللعبة» وكان ان انهار النظام، والآن سينهار البلد ولن تجديه دعوة متأخرة جدا من ان ينقسم إلى شطرين.
لقد كنا مثل حميد نظن ان الخوازيق لا تطلع إلا من صناديق الذخيرة ولكن يا للغرابة ها هي تطلع من صناديق الانتخابات، ولله في بلاده وخلقه شؤون.
مرتضى عبدالعظيم عبدالماجد- مشرف المنتدى العلمى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى