فوز .. الخاسر!!
صفحة 1 من اصل 1
فوز .. الخاسر!!
فوز .. الخاسر!!
د. عمر القراي
(أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون * لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون) صدق الله العظيم
لقد فاز المؤتمر الوطني بالانتخابات، وسينصب مرشحه، المواطن عمر البشير رئيساً لجمهورية السودان. وهكذا أثبت المؤتمر الوطني، للمجتمع الدولي، ان شعب السودان، بما فيه سكان دارفور، يحب البشير .. ولهذا لا يمكن ان يكون اتهام المحكمة الجنائية الدولية له، بجرائم الحرب في دارفور، وقتل عشرات الآلاف، وتشريد حوالي مليوني مواطن، وحرق حوالي 2000 قرية ، صحيحاً .. بدليل ان شعبه، قد صوّت له، وأختاره على غيره من المرشحين، وما كان يمكن ان يحدث ذلك، لو كان مسئولاً عن كل هذه الجرائم البشعة التي هزت الضمير الإنساني. والنتيجة السعيدة التي حصل عليها المؤتمر الوطني، لم تأت من فراغ ، وانما تم لها إعداد كبير، وتخطيط محكم، ما كان يمكن ان يتأتى، مهما كانت براعة اعضاء هذا الحزب، لو لم يكن يملك السلطة، وليس لديه ادنى وازع، من تسخير كافة مواردها، وامكاناتها، وقوانينها، لتحقيق الفوز بكل سبيل. ولعلنا لو نظرنا بعمق، الى ما فعله المؤتمر الوطني، حتى يضمن هذا الفوز، لرأينا كم من القيم الدينية، والاخلاقية، قد فارق، وكم من الغش قد مارس، وكم من الكذب قد أحترف، وكم من العهود قد خان، مما يجعل الفوز نفسه، في ميزان الحق والعدل، أكبر هزيمة، وأبلغ خسران .. فماذا فعل المؤتمر الوطني ليفوز بهذه الانتخابات؟ هذه بعض الأمور:
1-اتفق مع الحركة الشعبية على اتفاقية السلام الشامل، ووقعها في عام 2005م، ووعد بتطبيقها .. ولكنه رفض تطبيق روح الاتفاقية، وهو تعديل القوانين المقيدة للحريات، وحتى الاجزاء التي طبقها من الاتفاقية، تأخر فيها، وتماطل، وتلكأ.. وكان خلال هذه الفترة، يدبر للفوز في الانتخابات، فمنذ أن أخر الإحصاء السكاني، عن الموعد المحدد له، لمدة عامين، كان يعد للاحصاء المزور، بمسح مختلف المناطق، ومعرفة أماكن نفوذه، ليزيد اعداد السكان فيها .. ولما كان الغرض واضحاً وراء الاحصاء، لم يستطع واضعوه، أن يتجاوزوا المفارقات الفادحة، ولهذا جاء تعداد سكان هيا اكبر من بورتسودان!! وجاء عدد الجنوبيين في الشمال 520 ألف نسمة!! ولم يتم احصاء 524 قرية في جبال النوبة، ولم يُعطوا أي دائرة انتخابية، ووزعت الدوائر على اساس الاحصاء الخاطئ، فنالت 6 ولايات شمالية 50% من الدوائر أي 225 مقعد بينما حددت 96 مقعد فقط للولايات الجنوبية ال10!! وهناك مناطق كبيرة في دارفور، مثل شرق جبل مرة، لم تعط دوائر، وكانها خالية من السكان، وذلك لأنها اشتهرت بمعارضة الحكومة.
2- إعتمد المؤتمر الوطني على القوانين المقيدة للحريات، واجازها بالاغلبية في البرلمان، رغم اعتراض كل القوى السياسية عليها .. ثم قام باستعمالها قبل الانتخابات، ثم بكثافة أكثر، اثناء الحملات الانتخابية. فقد استعمل قانون الأمن الوطني، واعتقل الاستاذ عبد المنعم الجاك، الناشط في منظمات حقوق الإنسان، وقام بتعذيبه، ونشرت صور التعذيب الجسدي بالانترنت. وقبيل الانتخابات، تم اعتقال، وضرب ناشطين من حركة (قرفنا)، منهم عبد الله مهدي، الذي ذكر في مؤتمر صحفي، عقد باجراس الحرية، أنه عذّب، وضرب، وجرد من ملابسه، وتم تصويره عارياً، واجبر على التوقيع، بأنه أستلم مبلغ مليون جنيه، من ضابط في الأمن!! كما تم اعتقال بتول محمد صالح، التي ذكرت انه تم التحرش بها، وتهديدها، وارهابها، وسألها رجال الأمن إذا كانت عذراء!! وهؤلاء الشبان، لم يقوموا بمحاولة انقلاب، أو تخريب، ولا ضبط معهم سلاح، ولا متفجرات ، وكل جريمتهم انهم خاطبوا الجماهير في الاسواق، ودعوهم لعدم التصويت لمرشحي المؤتمر الوطني. كما استعمل المؤتمر الوطني المادة 127 من قانون الاجراءات الجنائية، والتي تعطي الوالي والمعتمد، الحق في تفريق أي تجمع، أو مسيرة، أو ندوة سياسية، واستعمال القوة في الغاء أي نشاط جماهيري. فقامت الشرطة بتوجيهات من الوالي بضرب المسيرة السلمية، التي قادها تجمع احزاب جوبا يوم الاثنين 7 و14 ديسمبر 2010م، والتي كانت تستهدف رفع مذكرة للمجلس الوطني، فتم ضربها بالغاز وبالهراوات، وتم اعتقال العشرات وتعرضوا للضرب والاهانة، كما وتم اعتقال الأمين العام للحركة الشعبية الاستاذ باقان أموم، ورئيس قطاع الشمال ورئيس الكتلة البرلمانية للحركة الاستاذ ياسر عرمان، وتم الاعتداء عليهم في مركز الشرطة، رغم ما لديهم من حصانة تمنع اعتقالهم. وقام عدد من الولاة في الاقاليم، بالغاء الليالي السياسية للاحزاب المعارضة .. ومنعت بعض الندوات بعد تصديقها من الشرطة، ومنعت مراكز ثقافية، من اقامة ندوات معينة وصودرت كتبها في ورش عمل في الاقاليم. واستعمل المؤتمر الوطني قانون النظام العام، للارهاب والتخويف، وتم جلد وحبس 143 ألف إمراة سودانية في عام 2008م، بسبب عدم لبسهن للزي الإسلامي!! واعتقلت بموجبه الصحفية لبنى للبسها البنطلون، وكانت فضيحة، تراجعت الحكومة عنها بسبب الرأي العام العالمي، ولكنها جلدت الشابة الجنوبية، المسيحية، سلفيا لنفس التهمة، وبعد أشهر من حادث لبنى!!
3- لم يستطع المؤتمر الوطني، تجاوز ما فعل في دارفور، ولم يقدر على احتواء نتائجه، خاصة بعد ان اصبحت مأساة دارفور، قضية دولية .. ولكنه سعى الى عقد اتفاقيات، كان يهدف بها الى ايقاف نشاط الحركات المسلحة، دون ان يحقق مطالبها .. وتم اتفاق ابوجا، بعد جولات، واصبح بموجبه السيد أركو مني مناوي مساعداً لرئيس الجمهورية، ولم ينفذ الاتفاق، ولم تعط لمناوي سلطة حقيقية، كما وعد، وقد عبر عن ذلك صراحة في اكثر من مناسبة. وقامت الحكومة بجولات من الحوار مع العدل والمساواة، فشلت جميعاً، لأن الحركات قد اتخذت عبرة بما جرى على مناوي، خاصة وان المؤتمر الوطني، قد اشتهر بنقض العقود، ونكران الوعود، وخيانة العهود. ولأن المؤتمر الوطني يعلم تماماً، بأن شعب دارفور يحمله مسئولية ما جرى لأهلها، من قتل، وتشريد، وفظائع، فقد حاول ان يعزل مجموعات كبيرة، ويركز الدوائر على من يظن انهم مؤيدين له .. ثم قام بتقسم الناس على اساس قبلي، وأعطى المناصب على هذا الاساس، حتى يقرب اليه بعض القبائل.. كما انه فتح دارفور للاجانب، واعطاهم الحواكير، وسجلهم للانتخابات، وتغاضى عن اعتداءاتهم على الأهالي، واغتصابهم للنساء، حتى يضمن الفوز في دارفور. كما استعمل القوانين الرادعة لمنع أي نشاط سياسي للاحزاب المناوئة له، بل قام بمنع المواطنين بالقوة، من حضور ندوات الحركة الشعبية لتحرير السودان. إن تمزيق اهالي دارفور الإثني المنظم، واثارة النعرات القبلية بينهم، بغرض تمكين المؤتمر الوطني، وشغل الناس عن جرائمه، بصراعاتهم الداخلية ، لهو أسوأ مما جرى اثناء الحروب الأهلية بدارفور.
4- إنشاء المفوضية القومية للانتخابات، كجهاز يبدو عليه القومية والمهنية، في حين انه في الحقيقة ذراع من أذرع المؤتمر الوطني، وضعت في يده كل الامكانيات، ليسوق العملية الانتخابية، لغرض واحد، هو فوز المؤتمر الوطني. وأول الخلل، هو ان تكوين المفوضية، حسب قانون الانتخابات، تم بتعيين مباشر من رئيس الجمهورية، دون اشراك المعارضة السياسية، أو الحركة الشعبية الشريك في حكومة الوحدة الوطنية. ولقد استلمت المفوضية مبالغ كبيرة، من برنامج الامم المتحدة الانمائي، لتقوم بتدريب المواطنين، على كافة مراحل الاتخابات، من خلال تفعيل المجتمع المدني، ولكنها -رغم صعوبة الاقتراع وغياب الانتخابات لعشرين عاماً- لم تفعل ذلك وصرفت المبالغ على شراء عربات (برادو)، ومكاتب فخمة، بل لم تستجب الا مؤخراً للمنظمات التي بادرت بهذا العمل، ولم تسهم فيه مالياً، كما فعلت منظمات دولية مثل مركز كارتر. واخفت المفوضية عن عمد مراكز التسجيل، وأعلنت عنها بعد يومين من بدئه في الانترنت .. وقامت بتحويل بعض المراكز، وجرى في التسجيل ما جرى من مفارقات، وتقدمت الاحزاب بشكوى للمفوضية بتفاصيلها، فلم تفعل شئ، وكأن واجبها هو تسهيل أي فساد يساعد على فوز المؤتمر الوطني. وحين فتح باب الطعون رفضت المفوضية قبول طعن ضد مرشح المؤتمر الوطني، وبعد إلحاح قبلته، وحولته للمحكمة، التي قامت بدورها برفضه . وحين بدأت الحملة الانتخابية، أصدرت المفوضية منشوراً يطالب الاحزاب، بأخذ إذن لنشاطها الانتخابي، من سلطات الولاية، التي تعلم ان القانون يعطيها الحق في ايقاف نشاطها .. ولما رفضت الاحزاب بمذكرة ضافية، عادت المفوضية لتقول ان منشورها غير ملزم. وحين طالبت الاحزاب بفرص متساوية في وسائل الاعلام، عجزت المفوضية ان تقف بجانب هذا الحق الواضح، وقبلت ان يكون الاعلام محتكراً للمؤتمر الوطني. وحتى تسهل التزوير، وقعت المفوضية عطاء طباعة بطاقات الاقتراع لمطبعة العملة مقابل 4 مليون دولار، ورفضت عطاء سولفينيا بمبلغ 800 ألف دولار!! وحين إقترح مركز كارتر تأجيل الانتخابات لعدة أيام، ليتم اكتمال الاعداد، رفضت المفوضية ذلك، وزعمت انها مستعدة .. ولكن انفضح امرها في اليوم الأول، واضطرت ان تعترف باخطاء، منها عدم وصول البطاقات للمراكز في الوقت المحدد في الخرطوم، دع عنك الأقاليم.
5-لقد صاحبت التسجيل عمليات تزوير واسعة النطاق .. فقد كان اعضاء المؤتمر الوطني، يأخذون اشعارات التسجيل، ويسجلون اسماء كل من يسجلون اسماءهم في دفاترهم الخاصة .. وكان كثير من المواطنون يعطوهم لها، بحسن نيّة ، ظناً منهم انهم من ضمن فريق المفوضية. كما ذكر بعض الموظفين، ان كشوفات باسماء المتوفين، قد أخذت من المعاشات، واستخرجت لهم اشعارات تسجيل. كما ضبطت حالات تسجيل اعداد من الاجانب، خاصة في ولاية كسلا والقضارف. وحالات لتسجيل صغار السن . وكانت المفوضية قد سمحت للقوات النظامية بالتسجيل في مكان العمل، ولم تمنعهم من التسجيل مرة أخرى، في مكان السكن. ولم يشترط التسجيل أي اوراق ثبوتية، الا في حالة الشك، وترك اللجان الشعبية، في الحي لتقرر أن المواطن يحق له التسجيل في المنطقة المعينة أم لا .. ومعظم اللجان الشعبية، في الاحياء، من عضوية المؤتمر الوطني، وقد استمرت في اعطاء بطاقات تسجيل، بعد قفل باب التسجيل، لمن يتفق على التصويت للمؤتمر الوطني، حتى ثلاثة ايام قبل الاقتراع!! ولقد تم تسجيل اعداد ، في عدة مناطق، تفوق عدد المواطنين بها .. ومن ذلك مثلاً الدائرة 14 في ريف كادقلي، حيث تم تسجيل حوالي 144 الف شخص، بينما اشارت سجلات الاحصاء السكاني، الى ان عدد السكان في المنطقة حوالي 49 الف شخص فقط!! ولقد قام تحالف الاحزاب بتسليم المفوضية مذكرة احتجاج على السجل الانتخابي، حصرت ما يزيد على العشرين مخالفة وتزوير، ولكن المفوضية لم تحقق في أي منها.
6- أما السجل الانتخابي للسودانيين بالخارج، فقد كان مليئاً بالمفارقات. فقد نص قانون الانتخابات في المادة 22 على مشاركتهم فقط في انتخابات رئيس الجمهورية، ولا يحق لهم المشاركة في انتخاب حكومة الجنوب و الانتخابات الولائية، والتشريعية. ولم تطرح المفوضية أي تفسير لهذه المادة، التي تميز المواطن السوداني المقيم في الخرطوم أو جوبا، على المواطن السوداني المقيم في جدة، أو لندن، أو نيويورك. واشترط القانون ان يكون للمغترب جواز سفر ساري المفعول، وشهادة إقامة سارية في البلد الذي يعيش فيه. ومعلوم ان كثير من السودانيين اضطرتهم ظروف الحروب، والاضطهاد السياسي للهجرة، وليس لديهم جوازات، أو انها قد انتهت، ولا يستطيعون تجديدها، وبعضهم لا يملك اثبات إقامة، لانه قد يكون في اثناء اجراء طويل للحصول عليها .. ولما كان هؤلاء، بطبيعة الحال، معارضون للحكومة، رأى المؤتمر الوطني ان يحرمهم من التصويت. ولقد تم تكليف السفارات، التي يسيطر عليها منسوبو المؤتمر الوطني، بالقيام باجراءات التسجيل، حيث تحول الدبلوماسيين، وموظفو السفارات، وبعض كوادر المؤتمر الوطني، الى لجان تسجيل، في مخالفة واضحة لقانون الانتخابات، الذي جاء فيه، عن أعضاء المفوضية، في المادة 6 (ب) ما يلي: (ان يكون من المشهود لهم بالاستقلالية والكفاءة وعدم الإنتماء الحزبي والتجرد). ولما كان القيام بعمل المفوضية، يقتضي نفس الحياد، الذي ينطبق على اعضائها، فإنه لا يجوز ان يكون السفير، أو نائبه، أوالقنصل، أو الوزير المفوض في السفارة، رئيساً للجنة الانتخابية .. ولكننا نقرأ (في اطار الاستعدادات للانتخابات التي تبدأ مطلع ابريل المقبل ، ترأس الاستاذ أحمد يوسف الوزير المفوض ورئيس اللجنة الانتخابية بقاعة الاجتماعات بسفارة السودان بالرياض الاجتماع التشاوري للجنة الانتخابات مع قيادات وممثلي الجاليات بالمملكة ظهر الخميس 22 أكتوبر 2009م بحضور سعادة القنصل محمد ابراهيم الباهي والملحق الثقافي أسامة محجوب وابراهيم منصور سوركتي المستشار العام للسفارة) (صحيفة الخرطوم العدد 7199 الأحد 25 أكتوبر 2009م). وحتى لا يستطيع السودانيين في اوربا وامريكا التسجيل، كانت مراكز التسجيل قليلة وبعيدة عن السودانيين، ففي اوربا كان المركز في بلجيكا، بينما اعداد السودانيين في فرنسا اضعاف عددهم في بلجيكا، وفي الولايات المتحدة الامريكية في مدينتين في الخمسين ولاية، التي يقطن السودانيين بمعظمها .. ولعل منطق المؤتمر الوطني، ان هؤلاء معارضين للسلطة، فلا داعي ان يصوتوا، ولو كانوا من الموالين للمؤتمر الوطني، لهرعوا الى السودان، ونالوا حظهم، في الثروة والسلطة ، في دولة التمكين.
7- لقد كانت خطة المؤتمر الوطني، هي ان يباعد بين القدرة التنافسية بينه وبين الاحزاب، فيستغل أموال الدولة، ويحرمها منها، حتى لا تستطيع القيام بحملات انتخابية ودعاية وملصقات مثله. وحتى يسهل المؤتمر الوطني على نفسه الفساد، وضع نصاً في قانون الانتخابات، في المادة 69، يمنع أي مرشح، أو حزب سياسي، من استعمال امكانات الدولة، أو موارد القطاع العام، في حملته الانتخابية، ولكنه لم يضع أي عقوبة في حالة عدم الالتزام بهذه المادة!! وقد شاهد المواطنون، كيف ان مرشحي المؤتمر الوطني، في جميع انحاء السودان من الولاة، والمعتمدين، وغيرهم، يستخدمون عربات الحكومة، واموال الدولة، في صرف بذخي على الدعاية الانتخابية، بغير رقيب ولا حسيب .. ودون ان يكون للاحزاب المنافسة، أي مقدرة مالية على المنافسة، خاصة وان الدولة لم تمنح هذه الاحزاب، أي قدر من المال، خلافاً لما جاء في المادة 67 التي تذكر تمويل الحملات الانتخابية، وتقرر في الفقرة (ج) (المساهمات المالية التي قد تقدمها الحكومة القومية وحكومة جنوب السودان وحكومات الولايات لكافة الاحزاب السياسية أو المرشحين بقدر متساو) . ولقد قامت حكومة الجنوب، باعطاء اموال للأحزاب المنافسة للحركة الشعبية، ولكن حكومة الشمال لم تفعل. ولما كان القانون يلزم المفوضية، بتحديد السقف المالي، الذي يجب الا يتجاوزه أي حزب في دعايته الانتخابية، فإنها قد تباطأت في إعلان ذلك، الى ان مر معظم وقت الحملة الانتخابية، ثم أعلنت ان السقف هو 17 مليون جنيه سوداني، وسخر منها الناس، لأن أي ندوة سياسية من آلاف الندوات التي اقامها المؤتمر الوطني، كلفت أكثر من ذلك، ولم تتدخل المفوضية.
8- ولقد حرص المؤتمر الوطني، على السيطرة التامة على وسائل الاعلام الرسمية (الإذاعة والتلفزيون)، منذ بدأ الارسال، وحتى ختامه. فكانت الرسالة الاعلامية، عبارة عن دعاية لانجازات النظام، دون ذكر سلبياته .. فيتم الحديث عن سد مروي، ولا يتم عن غرق المواطنين في الشمال بسبب السدود، وتعرض صور لنجاح مشروع سكر كنانة، ولا يتم حديث عن بيع مشروع الجزيرة!! وتعطى الفرصة لصغار مرشحي المؤتمر الوطني، في مختلف القرى والمدن، من بقاع السودان، ولا تعطى فرصة لرؤساء الاحزاب الكبيرة. وحين احتجت الاحزاب، على هذا الوضع، وافق التلفزيون على اعطاء مرشحي الرئاسة مدة 20 دقيقة، رفضها بعضهم، والذين وافقوا عليها، وسجلوها، لم تذاع الا بعد الساعة الحادية عشر مساء. ولم يكتف المؤتمر الوطني، بابعاد خصومه من وسائل الإعلام، بل خطط لاعطائهم فرصة محسوبة، تمكن من نقدهم ومواجهتهم، حتى يقلل من شانهم جميعاً، مما يزيد من اسهم مرشح المؤتمر الوطني. ولهذا الغرض جاء برنامج "منبر سونا"، الذي يقدمه بابكر حنين، أحد إعلامي المؤتمر الوطني .. ولكن المؤتمر الوطني خسر خسارة كبيرة، حين تمت صفعات كبيرة له، من السيد عبد العزيز خالد، مرشح حزب التحالف السوداني، والسيد مبارك الفاضل، مرشح حزب الأمة الإصلاح والتجديد، والسيد ياسر عرمان مرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان .. ولم يستطع بابكر حنين، ان يدفع عن حزبه، ووضح لمخططي المؤتمر الوطني، ان الاتجاه الأسلم هو منع الاحزاب من الاعلام.
9- لقد استعمل المؤتمر الوطني الإغراء، والرشاوي، وقدم خدمات في بعض الدوائر الجغرافية، منها خطط اسكانية، لاهل الدائرة، كما حدث في الدائرة 17 بحي الانقاذ، ببحري، والمرشح بها د. غازي صلاح الدين العتباني .. ولم يكتف المؤتمر الوطني بالرشاوي، والتزوير، والخداع ، بل جنح أيضاً الى الإرهاب .. فعلى الرغم من ما نصت عليه المادة 65 (3) من قانون الانتخابات، من منع أي شخص، من استعمال عبارات تشكل تحريض على الجرائم، المتعلقة بالطمأنينة العامة، أو العنف، أو عبارات الكراهية أو التمييز، فقد وظف المؤتمر الوطني صحيفة "الانتباهة"، وصاحبها الطيب مصطفى، لاثارة الكراهية، والتحريض على الإخوة الجنوبيين .. كما قام حزبه منبر السلام العادل، بتعليق ملصقات تثير الكراهية والعنصرية، وتحذر المواطنين من التصويت للحركة الشعبية، وتذكرهم بيوم الاثنين الأسود، الذي اثار أخوان الطيب فيه النعرة العنصرية، وقتلوا فيه المواطنين الجنوبيين بالخرطوم، حين عبرت مجموعة صغيرة منهم، عن غضبها لوفاة د. جون قرنق، وحصبت بعض السيارات بالحصى، واصابت بعض المواطنين بجروح. ولم يكتف المؤتمر الوطني بتهديد واساءات "الانتباهة"، وإنما سخر علماء السلطان، ممن يطيب لهم ان يسموا انفسهم علماء السودان، لاصدار الفتاوي بتكفير، كل خصوم المؤتمر الوطني، ومعارضيه .. فقد كفروا الحركة الشعبية، وكفروا الاستاذ ياسر عرمان، وكفروا د. الترابي رئيس حزب المؤتمر الشعبي، وكفروا السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، وطالبوا المواطنين بالتصويت لمرشح المؤتمر الوطني، باعتباره (القوي) (الأمين) تشبيهاً له بنبي الله موسى عليه السلام .
10- وحين قامت الانتخابات، شهد اليوم الأول، اضطراباً، وفساداً، وتزوير، واخطاء عديدة، من شأنها ان تؤثر على النتيجة .. فقد جاء (قالت المفوضية القومية للانتخابات انه بالامكان تأجيل الانتخابات في الدوائر التي لم تتمكن من معالجة الأخطاء الفنية فيها لمدة لا تتجاوز الشهرين واشارت الى اضافة ساعات الاقتراع للمراكز التي تأخر وصول المعدات فيها ... واقرت بحدوث اخطاء فنية تنحصر في بطاقات الاقتراع ورموز المرشحين فيما شهدت المفوضية طوال يوم أمس تقديم اعتراضات من القوى السياسية والمواطنين) (الرأي العام 12/4/2010م) وجاء أيضاً (أعلن ستة مرشحين مستقلين انسحابهم من انتخابات الدوائر في الخرطوم وامدرمان ... وطالب المنسحبون في مؤتمر صحفي أمس بالغاء الانتخابات في دوائرهم ووقف ما اسماه الهندي عزالدين بالمهزلة منوهاً الى تزوير صاحب السجل الانتخابي الذي اعطته المفوضية للمرشحين ... واضاف بتبديل بطاقات الاقتراع في كثير من المراكز بما فيها الدائرة المنافس فيها واكد الهندي ثبوت تزوير شهادات السكن لصالح منافسه مستشار الرئيس عبد الله مسار) (الاحداث 12/4/2010م). وقد جاء أيضاً (أعلن مرشح الرئاسة عن حزب المؤتمر الشعبي عبد الله دينق نيال عدم اعتراف حزبه بنتائج الانتخابات القائمة وقال في تصريح ان حزبه تلقى بلاغات بشأن عمليات التزوير والتلاعب في الاقتراع ... فيما طالبت احزاب المعارضة بمقاضاة المفوضية القومية للانتخابات ودمغتها بالفشل وسوء إدارة العملية الانتخابية بما يخدم اجندة المؤتمر الوطني ويعمل على فوز مرشحيه في الانتخابات وقطعت احزاب المؤتمر الشعبي والمؤتمر السوداني والتحالف السوداني برصدها لاكثر من مائة خرق وتجاوز صاحب عملية التصويت) (المصدر السابق). ومن الاخبار أيضاً (حذر مرشحون ووكلاء احزاب أمس من اجهاض العملية الديمقراطية الرابعة في البلاد في أعقاب كشفهم عمليات تزوير واسعة في عدد من المراكز بولاية الخرطوم ... وضبط وكلاء احزاب أمس 7 صناديق مشبوهه وكراتين مملوءة بالأوراق حاول منسوبي المؤتمر الوطني اخراجها من مركز الدائرة 39 ولائية و30 قومية بمنطقة جبرة بالخرطوم ووقفت الاحداث على احد الصناديق المضبوطة في حوزة الشرطة) (المصدر السابق). ومما تكرر وروده من المواطنين، ما يشبه الآتي (أثبتت تجربة عملية لصحيفة الاحداث ان الحبر السري للاقتراع يمكن التخلص منه بسهولة وخلال بضع دقائق واجرت الزميلة رحاب عبد الله المحاولة بغسل اصبعها بالماء فقط عقب اقتراعها وتخلصت منه ... وكانت المفوضية القومية للانتخابات قد أعلنت ان الحبر السري يبقى على سبابة المقترع طيلة أيام التصويت) (المصدر السابق).
لقد كان ينبغي لكل الاحزاب ان تقاطع خدعة الانتخابات، ولكنها ترددت في ذلك كثيراً، واستطاعت الحركة الشعبية، وحزب الأمة القومي، والحزب الشيوعي السوداني، وحزب الامة الإصلاح والتجديد، وهي تشكر على ذلك، ان تقاطع الانتخابات .. ولم يستطع الإتحادي الديمقراطي الأصل، وحزب المؤتمر الشعبي، وحزب التحالف السوداني المقاطعة .. ولكن الأحزاب التي شاركت، شهدت بما جرى من تزوير، ادى الى انسحاب بعض المرشحين المستقلين، مما يشكك في العملية الانتخابية برمتها، لهذا، فإن ما يمكن ان تفعله الأحزاب جميعاً الآن، وبصورة موحدة، هو:
1-ان ترفض الاعتراف بنتيجة الانتخابات، وما يترتب عليها، بعد تسجيل كل المفارقات التي صاحبتها، وتنشر ذلك على أوسع نطاق محلياً ودولياً .
2- أن ترفض المشاركة في الحكومة، سوى ان فازت، أو ان قام المؤتمر الوطني، باختيار ممثلين منها، لادعاء قومية الحكومة الجديدة.
ومهما يكن من أمر، فإن فوز المؤتمر الوطني، بعد كل ما فعل، لا يمكن ان يعتبر الإ خسارة ، لأنه فوز قام على الكذب، وهي خسارة تتعدى أمر الدنيا الفانية، والملك الزائل، الى الحياة الاخرى الخالدة.
د. عمر القراي
(أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون * لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون) صدق الله العظيم
لقد فاز المؤتمر الوطني بالانتخابات، وسينصب مرشحه، المواطن عمر البشير رئيساً لجمهورية السودان. وهكذا أثبت المؤتمر الوطني، للمجتمع الدولي، ان شعب السودان، بما فيه سكان دارفور، يحب البشير .. ولهذا لا يمكن ان يكون اتهام المحكمة الجنائية الدولية له، بجرائم الحرب في دارفور، وقتل عشرات الآلاف، وتشريد حوالي مليوني مواطن، وحرق حوالي 2000 قرية ، صحيحاً .. بدليل ان شعبه، قد صوّت له، وأختاره على غيره من المرشحين، وما كان يمكن ان يحدث ذلك، لو كان مسئولاً عن كل هذه الجرائم البشعة التي هزت الضمير الإنساني. والنتيجة السعيدة التي حصل عليها المؤتمر الوطني، لم تأت من فراغ ، وانما تم لها إعداد كبير، وتخطيط محكم، ما كان يمكن ان يتأتى، مهما كانت براعة اعضاء هذا الحزب، لو لم يكن يملك السلطة، وليس لديه ادنى وازع، من تسخير كافة مواردها، وامكاناتها، وقوانينها، لتحقيق الفوز بكل سبيل. ولعلنا لو نظرنا بعمق، الى ما فعله المؤتمر الوطني، حتى يضمن هذا الفوز، لرأينا كم من القيم الدينية، والاخلاقية، قد فارق، وكم من الغش قد مارس، وكم من الكذب قد أحترف، وكم من العهود قد خان، مما يجعل الفوز نفسه، في ميزان الحق والعدل، أكبر هزيمة، وأبلغ خسران .. فماذا فعل المؤتمر الوطني ليفوز بهذه الانتخابات؟ هذه بعض الأمور:
1-اتفق مع الحركة الشعبية على اتفاقية السلام الشامل، ووقعها في عام 2005م، ووعد بتطبيقها .. ولكنه رفض تطبيق روح الاتفاقية، وهو تعديل القوانين المقيدة للحريات، وحتى الاجزاء التي طبقها من الاتفاقية، تأخر فيها، وتماطل، وتلكأ.. وكان خلال هذه الفترة، يدبر للفوز في الانتخابات، فمنذ أن أخر الإحصاء السكاني، عن الموعد المحدد له، لمدة عامين، كان يعد للاحصاء المزور، بمسح مختلف المناطق، ومعرفة أماكن نفوذه، ليزيد اعداد السكان فيها .. ولما كان الغرض واضحاً وراء الاحصاء، لم يستطع واضعوه، أن يتجاوزوا المفارقات الفادحة، ولهذا جاء تعداد سكان هيا اكبر من بورتسودان!! وجاء عدد الجنوبيين في الشمال 520 ألف نسمة!! ولم يتم احصاء 524 قرية في جبال النوبة، ولم يُعطوا أي دائرة انتخابية، ووزعت الدوائر على اساس الاحصاء الخاطئ، فنالت 6 ولايات شمالية 50% من الدوائر أي 225 مقعد بينما حددت 96 مقعد فقط للولايات الجنوبية ال10!! وهناك مناطق كبيرة في دارفور، مثل شرق جبل مرة، لم تعط دوائر، وكانها خالية من السكان، وذلك لأنها اشتهرت بمعارضة الحكومة.
2- إعتمد المؤتمر الوطني على القوانين المقيدة للحريات، واجازها بالاغلبية في البرلمان، رغم اعتراض كل القوى السياسية عليها .. ثم قام باستعمالها قبل الانتخابات، ثم بكثافة أكثر، اثناء الحملات الانتخابية. فقد استعمل قانون الأمن الوطني، واعتقل الاستاذ عبد المنعم الجاك، الناشط في منظمات حقوق الإنسان، وقام بتعذيبه، ونشرت صور التعذيب الجسدي بالانترنت. وقبيل الانتخابات، تم اعتقال، وضرب ناشطين من حركة (قرفنا)، منهم عبد الله مهدي، الذي ذكر في مؤتمر صحفي، عقد باجراس الحرية، أنه عذّب، وضرب، وجرد من ملابسه، وتم تصويره عارياً، واجبر على التوقيع، بأنه أستلم مبلغ مليون جنيه، من ضابط في الأمن!! كما تم اعتقال بتول محمد صالح، التي ذكرت انه تم التحرش بها، وتهديدها، وارهابها، وسألها رجال الأمن إذا كانت عذراء!! وهؤلاء الشبان، لم يقوموا بمحاولة انقلاب، أو تخريب، ولا ضبط معهم سلاح، ولا متفجرات ، وكل جريمتهم انهم خاطبوا الجماهير في الاسواق، ودعوهم لعدم التصويت لمرشحي المؤتمر الوطني. كما استعمل المؤتمر الوطني المادة 127 من قانون الاجراءات الجنائية، والتي تعطي الوالي والمعتمد، الحق في تفريق أي تجمع، أو مسيرة، أو ندوة سياسية، واستعمال القوة في الغاء أي نشاط جماهيري. فقامت الشرطة بتوجيهات من الوالي بضرب المسيرة السلمية، التي قادها تجمع احزاب جوبا يوم الاثنين 7 و14 ديسمبر 2010م، والتي كانت تستهدف رفع مذكرة للمجلس الوطني، فتم ضربها بالغاز وبالهراوات، وتم اعتقال العشرات وتعرضوا للضرب والاهانة، كما وتم اعتقال الأمين العام للحركة الشعبية الاستاذ باقان أموم، ورئيس قطاع الشمال ورئيس الكتلة البرلمانية للحركة الاستاذ ياسر عرمان، وتم الاعتداء عليهم في مركز الشرطة، رغم ما لديهم من حصانة تمنع اعتقالهم. وقام عدد من الولاة في الاقاليم، بالغاء الليالي السياسية للاحزاب المعارضة .. ومنعت بعض الندوات بعد تصديقها من الشرطة، ومنعت مراكز ثقافية، من اقامة ندوات معينة وصودرت كتبها في ورش عمل في الاقاليم. واستعمل المؤتمر الوطني قانون النظام العام، للارهاب والتخويف، وتم جلد وحبس 143 ألف إمراة سودانية في عام 2008م، بسبب عدم لبسهن للزي الإسلامي!! واعتقلت بموجبه الصحفية لبنى للبسها البنطلون، وكانت فضيحة، تراجعت الحكومة عنها بسبب الرأي العام العالمي، ولكنها جلدت الشابة الجنوبية، المسيحية، سلفيا لنفس التهمة، وبعد أشهر من حادث لبنى!!
3- لم يستطع المؤتمر الوطني، تجاوز ما فعل في دارفور، ولم يقدر على احتواء نتائجه، خاصة بعد ان اصبحت مأساة دارفور، قضية دولية .. ولكنه سعى الى عقد اتفاقيات، كان يهدف بها الى ايقاف نشاط الحركات المسلحة، دون ان يحقق مطالبها .. وتم اتفاق ابوجا، بعد جولات، واصبح بموجبه السيد أركو مني مناوي مساعداً لرئيس الجمهورية، ولم ينفذ الاتفاق، ولم تعط لمناوي سلطة حقيقية، كما وعد، وقد عبر عن ذلك صراحة في اكثر من مناسبة. وقامت الحكومة بجولات من الحوار مع العدل والمساواة، فشلت جميعاً، لأن الحركات قد اتخذت عبرة بما جرى على مناوي، خاصة وان المؤتمر الوطني، قد اشتهر بنقض العقود، ونكران الوعود، وخيانة العهود. ولأن المؤتمر الوطني يعلم تماماً، بأن شعب دارفور يحمله مسئولية ما جرى لأهلها، من قتل، وتشريد، وفظائع، فقد حاول ان يعزل مجموعات كبيرة، ويركز الدوائر على من يظن انهم مؤيدين له .. ثم قام بتقسم الناس على اساس قبلي، وأعطى المناصب على هذا الاساس، حتى يقرب اليه بعض القبائل.. كما انه فتح دارفور للاجانب، واعطاهم الحواكير، وسجلهم للانتخابات، وتغاضى عن اعتداءاتهم على الأهالي، واغتصابهم للنساء، حتى يضمن الفوز في دارفور. كما استعمل القوانين الرادعة لمنع أي نشاط سياسي للاحزاب المناوئة له، بل قام بمنع المواطنين بالقوة، من حضور ندوات الحركة الشعبية لتحرير السودان. إن تمزيق اهالي دارفور الإثني المنظم، واثارة النعرات القبلية بينهم، بغرض تمكين المؤتمر الوطني، وشغل الناس عن جرائمه، بصراعاتهم الداخلية ، لهو أسوأ مما جرى اثناء الحروب الأهلية بدارفور.
4- إنشاء المفوضية القومية للانتخابات، كجهاز يبدو عليه القومية والمهنية، في حين انه في الحقيقة ذراع من أذرع المؤتمر الوطني، وضعت في يده كل الامكانيات، ليسوق العملية الانتخابية، لغرض واحد، هو فوز المؤتمر الوطني. وأول الخلل، هو ان تكوين المفوضية، حسب قانون الانتخابات، تم بتعيين مباشر من رئيس الجمهورية، دون اشراك المعارضة السياسية، أو الحركة الشعبية الشريك في حكومة الوحدة الوطنية. ولقد استلمت المفوضية مبالغ كبيرة، من برنامج الامم المتحدة الانمائي، لتقوم بتدريب المواطنين، على كافة مراحل الاتخابات، من خلال تفعيل المجتمع المدني، ولكنها -رغم صعوبة الاقتراع وغياب الانتخابات لعشرين عاماً- لم تفعل ذلك وصرفت المبالغ على شراء عربات (برادو)، ومكاتب فخمة، بل لم تستجب الا مؤخراً للمنظمات التي بادرت بهذا العمل، ولم تسهم فيه مالياً، كما فعلت منظمات دولية مثل مركز كارتر. واخفت المفوضية عن عمد مراكز التسجيل، وأعلنت عنها بعد يومين من بدئه في الانترنت .. وقامت بتحويل بعض المراكز، وجرى في التسجيل ما جرى من مفارقات، وتقدمت الاحزاب بشكوى للمفوضية بتفاصيلها، فلم تفعل شئ، وكأن واجبها هو تسهيل أي فساد يساعد على فوز المؤتمر الوطني. وحين فتح باب الطعون رفضت المفوضية قبول طعن ضد مرشح المؤتمر الوطني، وبعد إلحاح قبلته، وحولته للمحكمة، التي قامت بدورها برفضه . وحين بدأت الحملة الانتخابية، أصدرت المفوضية منشوراً يطالب الاحزاب، بأخذ إذن لنشاطها الانتخابي، من سلطات الولاية، التي تعلم ان القانون يعطيها الحق في ايقاف نشاطها .. ولما رفضت الاحزاب بمذكرة ضافية، عادت المفوضية لتقول ان منشورها غير ملزم. وحين طالبت الاحزاب بفرص متساوية في وسائل الاعلام، عجزت المفوضية ان تقف بجانب هذا الحق الواضح، وقبلت ان يكون الاعلام محتكراً للمؤتمر الوطني. وحتى تسهل التزوير، وقعت المفوضية عطاء طباعة بطاقات الاقتراع لمطبعة العملة مقابل 4 مليون دولار، ورفضت عطاء سولفينيا بمبلغ 800 ألف دولار!! وحين إقترح مركز كارتر تأجيل الانتخابات لعدة أيام، ليتم اكتمال الاعداد، رفضت المفوضية ذلك، وزعمت انها مستعدة .. ولكن انفضح امرها في اليوم الأول، واضطرت ان تعترف باخطاء، منها عدم وصول البطاقات للمراكز في الوقت المحدد في الخرطوم، دع عنك الأقاليم.
5-لقد صاحبت التسجيل عمليات تزوير واسعة النطاق .. فقد كان اعضاء المؤتمر الوطني، يأخذون اشعارات التسجيل، ويسجلون اسماء كل من يسجلون اسماءهم في دفاترهم الخاصة .. وكان كثير من المواطنون يعطوهم لها، بحسن نيّة ، ظناً منهم انهم من ضمن فريق المفوضية. كما ذكر بعض الموظفين، ان كشوفات باسماء المتوفين، قد أخذت من المعاشات، واستخرجت لهم اشعارات تسجيل. كما ضبطت حالات تسجيل اعداد من الاجانب، خاصة في ولاية كسلا والقضارف. وحالات لتسجيل صغار السن . وكانت المفوضية قد سمحت للقوات النظامية بالتسجيل في مكان العمل، ولم تمنعهم من التسجيل مرة أخرى، في مكان السكن. ولم يشترط التسجيل أي اوراق ثبوتية، الا في حالة الشك، وترك اللجان الشعبية، في الحي لتقرر أن المواطن يحق له التسجيل في المنطقة المعينة أم لا .. ومعظم اللجان الشعبية، في الاحياء، من عضوية المؤتمر الوطني، وقد استمرت في اعطاء بطاقات تسجيل، بعد قفل باب التسجيل، لمن يتفق على التصويت للمؤتمر الوطني، حتى ثلاثة ايام قبل الاقتراع!! ولقد تم تسجيل اعداد ، في عدة مناطق، تفوق عدد المواطنين بها .. ومن ذلك مثلاً الدائرة 14 في ريف كادقلي، حيث تم تسجيل حوالي 144 الف شخص، بينما اشارت سجلات الاحصاء السكاني، الى ان عدد السكان في المنطقة حوالي 49 الف شخص فقط!! ولقد قام تحالف الاحزاب بتسليم المفوضية مذكرة احتجاج على السجل الانتخابي، حصرت ما يزيد على العشرين مخالفة وتزوير، ولكن المفوضية لم تحقق في أي منها.
6- أما السجل الانتخابي للسودانيين بالخارج، فقد كان مليئاً بالمفارقات. فقد نص قانون الانتخابات في المادة 22 على مشاركتهم فقط في انتخابات رئيس الجمهورية، ولا يحق لهم المشاركة في انتخاب حكومة الجنوب و الانتخابات الولائية، والتشريعية. ولم تطرح المفوضية أي تفسير لهذه المادة، التي تميز المواطن السوداني المقيم في الخرطوم أو جوبا، على المواطن السوداني المقيم في جدة، أو لندن، أو نيويورك. واشترط القانون ان يكون للمغترب جواز سفر ساري المفعول، وشهادة إقامة سارية في البلد الذي يعيش فيه. ومعلوم ان كثير من السودانيين اضطرتهم ظروف الحروب، والاضطهاد السياسي للهجرة، وليس لديهم جوازات، أو انها قد انتهت، ولا يستطيعون تجديدها، وبعضهم لا يملك اثبات إقامة، لانه قد يكون في اثناء اجراء طويل للحصول عليها .. ولما كان هؤلاء، بطبيعة الحال، معارضون للحكومة، رأى المؤتمر الوطني ان يحرمهم من التصويت. ولقد تم تكليف السفارات، التي يسيطر عليها منسوبو المؤتمر الوطني، بالقيام باجراءات التسجيل، حيث تحول الدبلوماسيين، وموظفو السفارات، وبعض كوادر المؤتمر الوطني، الى لجان تسجيل، في مخالفة واضحة لقانون الانتخابات، الذي جاء فيه، عن أعضاء المفوضية، في المادة 6 (ب) ما يلي: (ان يكون من المشهود لهم بالاستقلالية والكفاءة وعدم الإنتماء الحزبي والتجرد). ولما كان القيام بعمل المفوضية، يقتضي نفس الحياد، الذي ينطبق على اعضائها، فإنه لا يجوز ان يكون السفير، أو نائبه، أوالقنصل، أو الوزير المفوض في السفارة، رئيساً للجنة الانتخابية .. ولكننا نقرأ (في اطار الاستعدادات للانتخابات التي تبدأ مطلع ابريل المقبل ، ترأس الاستاذ أحمد يوسف الوزير المفوض ورئيس اللجنة الانتخابية بقاعة الاجتماعات بسفارة السودان بالرياض الاجتماع التشاوري للجنة الانتخابات مع قيادات وممثلي الجاليات بالمملكة ظهر الخميس 22 أكتوبر 2009م بحضور سعادة القنصل محمد ابراهيم الباهي والملحق الثقافي أسامة محجوب وابراهيم منصور سوركتي المستشار العام للسفارة) (صحيفة الخرطوم العدد 7199 الأحد 25 أكتوبر 2009م). وحتى لا يستطيع السودانيين في اوربا وامريكا التسجيل، كانت مراكز التسجيل قليلة وبعيدة عن السودانيين، ففي اوربا كان المركز في بلجيكا، بينما اعداد السودانيين في فرنسا اضعاف عددهم في بلجيكا، وفي الولايات المتحدة الامريكية في مدينتين في الخمسين ولاية، التي يقطن السودانيين بمعظمها .. ولعل منطق المؤتمر الوطني، ان هؤلاء معارضين للسلطة، فلا داعي ان يصوتوا، ولو كانوا من الموالين للمؤتمر الوطني، لهرعوا الى السودان، ونالوا حظهم، في الثروة والسلطة ، في دولة التمكين.
7- لقد كانت خطة المؤتمر الوطني، هي ان يباعد بين القدرة التنافسية بينه وبين الاحزاب، فيستغل أموال الدولة، ويحرمها منها، حتى لا تستطيع القيام بحملات انتخابية ودعاية وملصقات مثله. وحتى يسهل المؤتمر الوطني على نفسه الفساد، وضع نصاً في قانون الانتخابات، في المادة 69، يمنع أي مرشح، أو حزب سياسي، من استعمال امكانات الدولة، أو موارد القطاع العام، في حملته الانتخابية، ولكنه لم يضع أي عقوبة في حالة عدم الالتزام بهذه المادة!! وقد شاهد المواطنون، كيف ان مرشحي المؤتمر الوطني، في جميع انحاء السودان من الولاة، والمعتمدين، وغيرهم، يستخدمون عربات الحكومة، واموال الدولة، في صرف بذخي على الدعاية الانتخابية، بغير رقيب ولا حسيب .. ودون ان يكون للاحزاب المنافسة، أي مقدرة مالية على المنافسة، خاصة وان الدولة لم تمنح هذه الاحزاب، أي قدر من المال، خلافاً لما جاء في المادة 67 التي تذكر تمويل الحملات الانتخابية، وتقرر في الفقرة (ج) (المساهمات المالية التي قد تقدمها الحكومة القومية وحكومة جنوب السودان وحكومات الولايات لكافة الاحزاب السياسية أو المرشحين بقدر متساو) . ولقد قامت حكومة الجنوب، باعطاء اموال للأحزاب المنافسة للحركة الشعبية، ولكن حكومة الشمال لم تفعل. ولما كان القانون يلزم المفوضية، بتحديد السقف المالي، الذي يجب الا يتجاوزه أي حزب في دعايته الانتخابية، فإنها قد تباطأت في إعلان ذلك، الى ان مر معظم وقت الحملة الانتخابية، ثم أعلنت ان السقف هو 17 مليون جنيه سوداني، وسخر منها الناس، لأن أي ندوة سياسية من آلاف الندوات التي اقامها المؤتمر الوطني، كلفت أكثر من ذلك، ولم تتدخل المفوضية.
8- ولقد حرص المؤتمر الوطني، على السيطرة التامة على وسائل الاعلام الرسمية (الإذاعة والتلفزيون)، منذ بدأ الارسال، وحتى ختامه. فكانت الرسالة الاعلامية، عبارة عن دعاية لانجازات النظام، دون ذكر سلبياته .. فيتم الحديث عن سد مروي، ولا يتم عن غرق المواطنين في الشمال بسبب السدود، وتعرض صور لنجاح مشروع سكر كنانة، ولا يتم حديث عن بيع مشروع الجزيرة!! وتعطى الفرصة لصغار مرشحي المؤتمر الوطني، في مختلف القرى والمدن، من بقاع السودان، ولا تعطى فرصة لرؤساء الاحزاب الكبيرة. وحين احتجت الاحزاب، على هذا الوضع، وافق التلفزيون على اعطاء مرشحي الرئاسة مدة 20 دقيقة، رفضها بعضهم، والذين وافقوا عليها، وسجلوها، لم تذاع الا بعد الساعة الحادية عشر مساء. ولم يكتف المؤتمر الوطني، بابعاد خصومه من وسائل الإعلام، بل خطط لاعطائهم فرصة محسوبة، تمكن من نقدهم ومواجهتهم، حتى يقلل من شانهم جميعاً، مما يزيد من اسهم مرشح المؤتمر الوطني. ولهذا الغرض جاء برنامج "منبر سونا"، الذي يقدمه بابكر حنين، أحد إعلامي المؤتمر الوطني .. ولكن المؤتمر الوطني خسر خسارة كبيرة، حين تمت صفعات كبيرة له، من السيد عبد العزيز خالد، مرشح حزب التحالف السوداني، والسيد مبارك الفاضل، مرشح حزب الأمة الإصلاح والتجديد، والسيد ياسر عرمان مرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان .. ولم يستطع بابكر حنين، ان يدفع عن حزبه، ووضح لمخططي المؤتمر الوطني، ان الاتجاه الأسلم هو منع الاحزاب من الاعلام.
9- لقد استعمل المؤتمر الوطني الإغراء، والرشاوي، وقدم خدمات في بعض الدوائر الجغرافية، منها خطط اسكانية، لاهل الدائرة، كما حدث في الدائرة 17 بحي الانقاذ، ببحري، والمرشح بها د. غازي صلاح الدين العتباني .. ولم يكتف المؤتمر الوطني بالرشاوي، والتزوير، والخداع ، بل جنح أيضاً الى الإرهاب .. فعلى الرغم من ما نصت عليه المادة 65 (3) من قانون الانتخابات، من منع أي شخص، من استعمال عبارات تشكل تحريض على الجرائم، المتعلقة بالطمأنينة العامة، أو العنف، أو عبارات الكراهية أو التمييز، فقد وظف المؤتمر الوطني صحيفة "الانتباهة"، وصاحبها الطيب مصطفى، لاثارة الكراهية، والتحريض على الإخوة الجنوبيين .. كما قام حزبه منبر السلام العادل، بتعليق ملصقات تثير الكراهية والعنصرية، وتحذر المواطنين من التصويت للحركة الشعبية، وتذكرهم بيوم الاثنين الأسود، الذي اثار أخوان الطيب فيه النعرة العنصرية، وقتلوا فيه المواطنين الجنوبيين بالخرطوم، حين عبرت مجموعة صغيرة منهم، عن غضبها لوفاة د. جون قرنق، وحصبت بعض السيارات بالحصى، واصابت بعض المواطنين بجروح. ولم يكتف المؤتمر الوطني بتهديد واساءات "الانتباهة"، وإنما سخر علماء السلطان، ممن يطيب لهم ان يسموا انفسهم علماء السودان، لاصدار الفتاوي بتكفير، كل خصوم المؤتمر الوطني، ومعارضيه .. فقد كفروا الحركة الشعبية، وكفروا الاستاذ ياسر عرمان، وكفروا د. الترابي رئيس حزب المؤتمر الشعبي، وكفروا السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، وطالبوا المواطنين بالتصويت لمرشح المؤتمر الوطني، باعتباره (القوي) (الأمين) تشبيهاً له بنبي الله موسى عليه السلام .
10- وحين قامت الانتخابات، شهد اليوم الأول، اضطراباً، وفساداً، وتزوير، واخطاء عديدة، من شأنها ان تؤثر على النتيجة .. فقد جاء (قالت المفوضية القومية للانتخابات انه بالامكان تأجيل الانتخابات في الدوائر التي لم تتمكن من معالجة الأخطاء الفنية فيها لمدة لا تتجاوز الشهرين واشارت الى اضافة ساعات الاقتراع للمراكز التي تأخر وصول المعدات فيها ... واقرت بحدوث اخطاء فنية تنحصر في بطاقات الاقتراع ورموز المرشحين فيما شهدت المفوضية طوال يوم أمس تقديم اعتراضات من القوى السياسية والمواطنين) (الرأي العام 12/4/2010م) وجاء أيضاً (أعلن ستة مرشحين مستقلين انسحابهم من انتخابات الدوائر في الخرطوم وامدرمان ... وطالب المنسحبون في مؤتمر صحفي أمس بالغاء الانتخابات في دوائرهم ووقف ما اسماه الهندي عزالدين بالمهزلة منوهاً الى تزوير صاحب السجل الانتخابي الذي اعطته المفوضية للمرشحين ... واضاف بتبديل بطاقات الاقتراع في كثير من المراكز بما فيها الدائرة المنافس فيها واكد الهندي ثبوت تزوير شهادات السكن لصالح منافسه مستشار الرئيس عبد الله مسار) (الاحداث 12/4/2010م). وقد جاء أيضاً (أعلن مرشح الرئاسة عن حزب المؤتمر الشعبي عبد الله دينق نيال عدم اعتراف حزبه بنتائج الانتخابات القائمة وقال في تصريح ان حزبه تلقى بلاغات بشأن عمليات التزوير والتلاعب في الاقتراع ... فيما طالبت احزاب المعارضة بمقاضاة المفوضية القومية للانتخابات ودمغتها بالفشل وسوء إدارة العملية الانتخابية بما يخدم اجندة المؤتمر الوطني ويعمل على فوز مرشحيه في الانتخابات وقطعت احزاب المؤتمر الشعبي والمؤتمر السوداني والتحالف السوداني برصدها لاكثر من مائة خرق وتجاوز صاحب عملية التصويت) (المصدر السابق). ومن الاخبار أيضاً (حذر مرشحون ووكلاء احزاب أمس من اجهاض العملية الديمقراطية الرابعة في البلاد في أعقاب كشفهم عمليات تزوير واسعة في عدد من المراكز بولاية الخرطوم ... وضبط وكلاء احزاب أمس 7 صناديق مشبوهه وكراتين مملوءة بالأوراق حاول منسوبي المؤتمر الوطني اخراجها من مركز الدائرة 39 ولائية و30 قومية بمنطقة جبرة بالخرطوم ووقفت الاحداث على احد الصناديق المضبوطة في حوزة الشرطة) (المصدر السابق). ومما تكرر وروده من المواطنين، ما يشبه الآتي (أثبتت تجربة عملية لصحيفة الاحداث ان الحبر السري للاقتراع يمكن التخلص منه بسهولة وخلال بضع دقائق واجرت الزميلة رحاب عبد الله المحاولة بغسل اصبعها بالماء فقط عقب اقتراعها وتخلصت منه ... وكانت المفوضية القومية للانتخابات قد أعلنت ان الحبر السري يبقى على سبابة المقترع طيلة أيام التصويت) (المصدر السابق).
لقد كان ينبغي لكل الاحزاب ان تقاطع خدعة الانتخابات، ولكنها ترددت في ذلك كثيراً، واستطاعت الحركة الشعبية، وحزب الأمة القومي، والحزب الشيوعي السوداني، وحزب الامة الإصلاح والتجديد، وهي تشكر على ذلك، ان تقاطع الانتخابات .. ولم يستطع الإتحادي الديمقراطي الأصل، وحزب المؤتمر الشعبي، وحزب التحالف السوداني المقاطعة .. ولكن الأحزاب التي شاركت، شهدت بما جرى من تزوير، ادى الى انسحاب بعض المرشحين المستقلين، مما يشكك في العملية الانتخابية برمتها، لهذا، فإن ما يمكن ان تفعله الأحزاب جميعاً الآن، وبصورة موحدة، هو:
1-ان ترفض الاعتراف بنتيجة الانتخابات، وما يترتب عليها، بعد تسجيل كل المفارقات التي صاحبتها، وتنشر ذلك على أوسع نطاق محلياً ودولياً .
2- أن ترفض المشاركة في الحكومة، سوى ان فازت، أو ان قام المؤتمر الوطني، باختيار ممثلين منها، لادعاء قومية الحكومة الجديدة.
ومهما يكن من أمر، فإن فوز المؤتمر الوطني، بعد كل ما فعل، لا يمكن ان يعتبر الإ خسارة ، لأنه فوز قام على الكذب، وهي خسارة تتعدى أمر الدنيا الفانية، والملك الزائل، الى الحياة الاخرى الخالدة.
مرتضى عبدالعظيم عبدالماجد- مشرف المنتدى العلمى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى