جَادَكَ الغَيْثُ إذا الغَيْثُ هَمَىً يَا زَمَانَ الْوصْلِ بالأَنْدَلُسِ

لقد كانت مناهج الأدب للغة العربية والانجليزية على السواء للمرحلة الثانوية في فترة الستينات ثرة على حالتيها من عمق المضمون وروعة السبك وجمال الوصف إذا ما أنزلت جميعها ضمن أطر العروض والبديع والمحسنات اللفظية وكل ضروب البلاغة وكل أنواع الأدب قديمه وحديثه، وبحق كانت فترة جميلة لاتغيب عن الذاكرة كلما جمعنا مجمع سمر مع رفاق الدراسة. والموشح الأندلسي غنيٌ بجمال الكلمة ودقتها ورقتها تماماً كأنسام غرناطة وجداولها وبساتينها فضلاً عن الموضوع ... والموشح الذي أنا بصدده للشاعر لسان الدين بن الخطيب وهو أحب الموشحات الأندلسية إلى نفسي فاترككم ولسان الدين:

من روائع الموشحات الأندلسية
لسان الدين بن الخطيب
*******************
جادك الغيث إذ الغيث همى
يا زمان الوصل بالأندلسِ
لم يكن وصْلُك إِلأ حُلُمًا
في الكرى أو خُلسة المختَلِسِ

إذ يقود الدّهرُ أَشتاتَ المُنى
ينقلُ الخطوَ على ما يرسمُ
زُمَراً بين فرُادى وثُنًى
مثل ما يدعو الوفودَ الموْسمُ
والحيا قد جلَّل الرّوض سنا
فثغور الزّهرِ فيه تبسـمُ

وروى النُّعمانُ عن ماءِ السّما
كيف يَروي مالِكٌ عن أنَسِ؟
فكساه الحُسن ثوبًا معلما
يزدهي منه بأبهى مَلبسِ

في ليالٍ كتَمَتْ سرَّ الهوى
بالدُّجى لولا شموس الغُرَر
مال نجمُ الكأس فيها وهوى
مستقيمَ السير سَعْدَ الأثرِ
وطَرٌ ما فيه من عيبٍ سوى
أنّه مرّ كلمْح البصّــرِ

حين لذ الأُنس شيئًا أو كما
هجم الصّبحُ هجوم الحرَسِ
غارت الشهْبُ بنا أو ربّما
أثّرت فينا عيون النرجسِ

أَيّ شيْءٍ لا مرئٍ قد خلُصا
فيكون الروّض قد مُكَّن فيهِ
تنهب الأَزهار فيه الفُرصا
أمنَت من مكره ما تتقيهِ
فإذا الماء تناجى والحصى
وخلا كلً خليلٍ بأخيه

تبصر الوردَ غيورًا بَرِما
يكتسي من غيظه ما يكتسي
وتَرى الآس لبيبا فهِما
يسرقُ السمْع بأذنيْ فَرَسِ

يا أُهيْل الحيّ من وادي الغضـا
وبقلبي سـكَن أَنتـم بـه
ضاق عن وجدي بكُم رحْبَ الفضا
لا أبالي ي شـرقـه من غربهِ
فأعيدوا عَهدَ أنسٍ قد مضـى
تُعتـقوا عـانيكمُ من كـرْبه

واتقوا الله وأَحيوا مغرمَا
يتلاشى نفسا في نَفَسِ
حبَس القلب عليكم كَرما
أفترضون عفاءَ الحبسِ؟

وبقلبي منـكمو مقتـربُ
بأحاديث المنى وهو بعيـد
قمرٌ أطلع منه المـغرب
شَقْوة المُغرى به وهو سعيد
قد تساوى محسنٌ أَو مذنبُ
في هواه بين وعْدٍ ووعيد

ساحر المقلة معسول اللّمى
جال في النّفس مجالَ النفَسِ
سـدّدَ السّهمَ وسمّى ورمى
ففـؤَادي نهبـة المفتـرسِ

افحمتنا يا استاذنا الجليل

شكرا يا ابو مصطفى و عشمنا فيك اكبر

تحياتى لأم مصطفى

جادك الغيث إذ الغيث همى
يا زمان الوصل بالأندلسِ
لم يكن وصْلُك إِلأ حُلُمًا
في الكرى أو خُلسة المختَلِسِ

في ليالٍ كتَمَتْ سرَّ الهوى
بالدُّجى لولا شموس الغُرَر
مال نجمُ الكأس فيها وهوى
مستقيمَ السير سَعْدَ الأثرِ

يا أُهيْل الحيّ من وادي الغضـا
وبقلبي سـكَن أَنتـم بـه
ضاق عن وجدي بكُم رحْبَ الفضا
لا أبالي ي شـرقـه من غربهِ

ساحر المقلة معسول اللّمى
جال في النّفس مجالَ النفَسِ
سـدّدَ السّهمَ وسمّى ورمى
ففـؤَادي نهبـة المفتـرسِ

كل هذه الروائع والدرر الجميلة تغنت بها سفيرة النجوم فيروز فطربت الدنيا لغنائها.