الدوحة تتذكر الطيب صالح الإنسان
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الدوحة تتذكر الطيب صالح الإنسان
عثمان كباشي-الدوحة
في أمسية تكاد تنطبق عليها تماما عبارات للطيب صالح في روايته الأشهر "موسم الهجرة إلى الشمال"، "في ليلة مثل هذه تحس بأنك تستطيع أن ترقى إلى السماء على سلم من الحبال"، التقى أصدقاء ومريدو الراحل الطيب صالح ليتذكروا أيامه في الدوحة التي أحبها فبادلته حبا بحب وودا بود، ويتذاكروا الجانب الأبرز في شخصيته وأريحيته وبساطته وتواضعه النبيل.
الطيب الإنسان المتواضع كان محور مداخلات المتحدثين الذين شاركوا بأوراق لم تستطع أن تغادر إنسانية الطيب رغم اختلاف مشارب معديها، تحدثوا عنه لأن الطيب صالح -بحسب رئيس قسم الإعلام بوزارة الثقافة والفنون والتراث القطرية الدكتور مرزوق بشير الذي ابتدر المداخلات وقدم بقية المشاركين في الندوة- "يحدثك عن كل شيء إلا عن نفسه، ولم يكن يعادي أو يحابي، قنوعا لدرجة البساطة، بسيطا في لباسه، ومتعففا في أحاديثه، وقنوعا في طلباته".
"
الروائي السوداني أمير تاج السر ابن شقيقة الطيب صالح أضاء جانبا مهما من شخصية خاله وهو الجانب المتعلق بعلاقة المودة التي ربطت بينه وبين أسرته الصغيرة وبأهل قريته النائية كرمكول شمالي السودان
"
شجرة وارفة
الروائي السوداني أمير تاج السر ابن شقيقة الطيب صالح أضاء جانبا مهما من شخصية خاله، وهو الجانب المتعلق بعلاقة المودة التي ربطت بينه وبين أسرته الصغيرة وبأهل قريته النائية كرمكول شمالي السودان "وكانت تلك واحدة من ميزات الطيب الكثيرة المتشعبة، شجرة وارفة تهب الظلال في كل وقت، ولكل مستظل، ونخلة عالية في وسط ذلك النخيل المغروس في ود حامد، تلك القرية الرمز التي حمل مجتمعها على ظهر موهبته، وسما بشخوصها إلى آفاق بعيدة".
وقد أكد الناقد القطري الدكتور حسن رشيد في مداخلته على ما سبقه به بقية المشاركين، متمنيا أن تُجسد أعمال الطيب صالح بأبعادها الإنسانية المتعددة في أعمال درامية.
طاقة الحب
الناقد السوداني ورئيس التحرير الأسبق لمجلة الدوحة الدكتور محمد إبراهيم الشوش انطلق في مداخلته بما سماها بطاقة الحب لدى الطيب صالح حيث يرى الأخير أن المحبة هي الشيء الوحيد القادر على حل مشاكل العالم.
وأكد أن معظم شخصيات رواياته تجسد ذلك التوجه مستشهدا بنص للراحل تحدث فيه بلسان الطاهر ودالرواس في رواية "مريود" يقول فيه "الحياة يا محيميد ما فيها غير حاجتين اثنتين.. الصداقة والمحبة.. لا مال ولا جاه.. ابن آدم إذا ترك الدنيا وعندو ثقة إنسان واحد يكون كسبان".
"
لم يكن الطيب صالح شخصا عاديا بل كان مؤثرا سيظل من تعرف عليه سواء كان ذلك عبر التواصل الإنساني أم عبر قراءة نتاجه الأدبي يذكر ذلك جيدا
أستاذ التربية الفنية بجامعة قطر الدكتور النور حمد
"
لم يكن الطيب صالح شخصا عاديا بل كان مؤثرا سيظل من تعرف عليه سواء كان ذلك عبر التواصل الإنساني أم عبر قراءة نتاجه الأدبي يذكر ذلك جيدا، بحسب أستاذ التربية الفنية في جامعة قطر الدكتور النور حمد.
فالطيب -والحديث ضمن مداخلة حمد في الندوة- أبدع نصوصا ذات طبقات غير عادية قابلة للتأويل ماضيا وحاضرا ومستقبلا، فقد دعا للتعايش الإنساني في بلده السودان وكأنه يقرأ واقعه الحالي بعينين مفتوحتين. وبحسب نص في رواية "ضوء البيت" "فإذا نحن بين عشية وضحاها لا ندري من نحن وما هو موضعنا في الزمان والمكان، وقد خيل إلينا يومها أن ما وقع وقع فجأةً. ثم تكشف لنا رويدا رويداً ونحن في ذلك الخضم المتلاطم بين الشك واليقين، أن ما حدث كان مثل سقف البيت حين يسقط. لا يكون قد سقط فجأة ولكنه يظل يسقط منذ أن يوضع في محله أول مرة".
جاء اللقاء الذي نظمته رابطة الإعلاميين السودانيين بقطر وعقد بالصالون الثقافي بحديقة البدع بالدوحة مساء الأحد، وأمه جمهور غفير من بينهم سفير السودان بقطر إبراهيم فقيري ضمن أيام الثقافة السودانية احتفالا بالدوحة عاصمة للثقافة العربية لعام 2010.
في أمسية تكاد تنطبق عليها تماما عبارات للطيب صالح في روايته الأشهر "موسم الهجرة إلى الشمال"، "في ليلة مثل هذه تحس بأنك تستطيع أن ترقى إلى السماء على سلم من الحبال"، التقى أصدقاء ومريدو الراحل الطيب صالح ليتذكروا أيامه في الدوحة التي أحبها فبادلته حبا بحب وودا بود، ويتذاكروا الجانب الأبرز في شخصيته وأريحيته وبساطته وتواضعه النبيل.
الطيب الإنسان المتواضع كان محور مداخلات المتحدثين الذين شاركوا بأوراق لم تستطع أن تغادر إنسانية الطيب رغم اختلاف مشارب معديها، تحدثوا عنه لأن الطيب صالح -بحسب رئيس قسم الإعلام بوزارة الثقافة والفنون والتراث القطرية الدكتور مرزوق بشير الذي ابتدر المداخلات وقدم بقية المشاركين في الندوة- "يحدثك عن كل شيء إلا عن نفسه، ولم يكن يعادي أو يحابي، قنوعا لدرجة البساطة، بسيطا في لباسه، ومتعففا في أحاديثه، وقنوعا في طلباته".
"
الروائي السوداني أمير تاج السر ابن شقيقة الطيب صالح أضاء جانبا مهما من شخصية خاله وهو الجانب المتعلق بعلاقة المودة التي ربطت بينه وبين أسرته الصغيرة وبأهل قريته النائية كرمكول شمالي السودان
"
شجرة وارفة
الروائي السوداني أمير تاج السر ابن شقيقة الطيب صالح أضاء جانبا مهما من شخصية خاله، وهو الجانب المتعلق بعلاقة المودة التي ربطت بينه وبين أسرته الصغيرة وبأهل قريته النائية كرمكول شمالي السودان "وكانت تلك واحدة من ميزات الطيب الكثيرة المتشعبة، شجرة وارفة تهب الظلال في كل وقت، ولكل مستظل، ونخلة عالية في وسط ذلك النخيل المغروس في ود حامد، تلك القرية الرمز التي حمل مجتمعها على ظهر موهبته، وسما بشخوصها إلى آفاق بعيدة".
وقد أكد الناقد القطري الدكتور حسن رشيد في مداخلته على ما سبقه به بقية المشاركين، متمنيا أن تُجسد أعمال الطيب صالح بأبعادها الإنسانية المتعددة في أعمال درامية.
طاقة الحب
الناقد السوداني ورئيس التحرير الأسبق لمجلة الدوحة الدكتور محمد إبراهيم الشوش انطلق في مداخلته بما سماها بطاقة الحب لدى الطيب صالح حيث يرى الأخير أن المحبة هي الشيء الوحيد القادر على حل مشاكل العالم.
وأكد أن معظم شخصيات رواياته تجسد ذلك التوجه مستشهدا بنص للراحل تحدث فيه بلسان الطاهر ودالرواس في رواية "مريود" يقول فيه "الحياة يا محيميد ما فيها غير حاجتين اثنتين.. الصداقة والمحبة.. لا مال ولا جاه.. ابن آدم إذا ترك الدنيا وعندو ثقة إنسان واحد يكون كسبان".
"
لم يكن الطيب صالح شخصا عاديا بل كان مؤثرا سيظل من تعرف عليه سواء كان ذلك عبر التواصل الإنساني أم عبر قراءة نتاجه الأدبي يذكر ذلك جيدا
أستاذ التربية الفنية بجامعة قطر الدكتور النور حمد
"
لم يكن الطيب صالح شخصا عاديا بل كان مؤثرا سيظل من تعرف عليه سواء كان ذلك عبر التواصل الإنساني أم عبر قراءة نتاجه الأدبي يذكر ذلك جيدا، بحسب أستاذ التربية الفنية في جامعة قطر الدكتور النور حمد.
فالطيب -والحديث ضمن مداخلة حمد في الندوة- أبدع نصوصا ذات طبقات غير عادية قابلة للتأويل ماضيا وحاضرا ومستقبلا، فقد دعا للتعايش الإنساني في بلده السودان وكأنه يقرأ واقعه الحالي بعينين مفتوحتين. وبحسب نص في رواية "ضوء البيت" "فإذا نحن بين عشية وضحاها لا ندري من نحن وما هو موضعنا في الزمان والمكان، وقد خيل إلينا يومها أن ما وقع وقع فجأةً. ثم تكشف لنا رويدا رويداً ونحن في ذلك الخضم المتلاطم بين الشك واليقين، أن ما حدث كان مثل سقف البيت حين يسقط. لا يكون قد سقط فجأة ولكنه يظل يسقط منذ أن يوضع في محله أول مرة".
جاء اللقاء الذي نظمته رابطة الإعلاميين السودانيين بقطر وعقد بالصالون الثقافي بحديقة البدع بالدوحة مساء الأحد، وأمه جمهور غفير من بينهم سفير السودان بقطر إبراهيم فقيري ضمن أيام الثقافة السودانية احتفالا بالدوحة عاصمة للثقافة العربية لعام 2010.
أزهرى الحاج البشير- مشرف عام
رد: الدوحة تتذكر الطيب صالح الإنسان
لم يكن الطيب صالح شخصا عاديا بل كان مؤثرا سيظل من تعرف عليه سواء كان ذلك عبر التواصل الإنساني أم عبر قراءة نتاجه الأدبي يذكر ذلك جيدا
أستاذ التربية الفنية بجامعة قطر الدكتور النور حمد
له الرحمة والمغفرة
nashi- مشرف المنتدى الرياضى
رد: الدوحة تتذكر الطيب صالح الإنسان
وقد خيل إلينا يومها أن ما وقع وقع فجأةً. ثم تكشف لنا رويدا رويداً ونحن في ذلك الخضم المتلاطم بين الشك واليقين، أن ما حدث كان مثل سقف البيت حين يسقط. لا يكون قد سقط فجأة ولكنه يظل يسقط منذ أن يوضع في محله أول مرة".
أزهرى الحاج البشير- مشرف عام
رد: الدوحة تتذكر الطيب صالح الإنسان
الله يرحم الأديب والراوى العالمى الطيب صالح فلا شك هو أحد الذين بيّضوا وجه السودان فى المحافل الدوليه
عوض السيد ابراهيم- مشرف المنتدى العام
خواطر دكتور محمد عبده يماني ..... معرفه حقيقية وود عميق للأديب الطيب صالح
ورحل الأديب الفذ والرجل الصادق الأديب والروائي الرائع والرجل الذي تعدت بصماته الأدب السوداني والعربي وأوصلت أصواتنا إلى العالم الغربي والشرقي حتى قلت يوماً وأنا أتحدث إلى مجموعة من الأدباء في فندق الدوشستر في لندن إن هذا الرجل حملنا قلمه وتخطى بنا الإطار العربي حتى قرأ له بعض الأدباء في الغرب بعضاً من إنتاجه الأصيل وخاصة (موسم الهجرة إلى الشمال). ولقد جلست إلى هذا الرجل الإنسان كثيراً وفرحت بخلقه وأدبه وقدرته على العطاء وعمقه حتى شعرت في وقت من الأوقات – وقلت هذا لمجموعة من الأدباء حضروا معنا – أن الطيب صالح كان يستحق لو أننا خدمناه وروجنا لعطائه لينال جائزة نوبل للآداب التي فاز بها أديبنا المبدع الأستاذ نجيب محفوظ، فكلاهما فارس هذا الفن، ولكن الطيب صالح لم يعبر عن الرواية السودانية كما فعل الأستاذ نجيب محفوظ في إبداعه في مجال القصة والرواية المصرية، ولكنه نقل صوراً عميقة وعبر عنها في لغة أدبية سامية ومعالجة روائية بديعة أعجب بها الناس كما أعجبوا بكتابات الروائي الكبير الأستاذ نجيب محفوظ ورفاقه. لكن أحداً لا ينكر أن الطيب صالح كان هو نافذة من هذه النوافذ الواسعة والمضيئة والتي أطل بها أدبنا فيما بيننا وبين بعضنا وفيما بيننا وبين الغرب، والطيب صالح الذي ولد في كرمكول على ضفاف النيل وكانت ثقافته قرآنية ثم صار حتى درس وتخرج في كلية العلوم بجامعة الخرطوم، وعاش جوانب من قسوة الاستعمار الإنجليزي وعنفه وكانت ميوله كما يقول عنه أساتذته ومعاصروه هي ميول أدبية جريئة، وكان يتابع بكل إصرار جهوده للتعبير عن مكنونات نفسه، وعمل بالقسم العربي بالإذاعة البريطانية، وكان قد عمل بالإذاعة السودانية والتحق بهيئة اليونسكو بباريس، ولست هنا في مجال استعراض لتاريخه ولكني أوافق على أن هذا الرجل الطيب صالح كان أمة أدب وأدب أمة وكاتباً عبّر عن الأمة بصدق ورحل إلى نهاية رحلة الشمال فغادر بعد أن أدى واجبه كاملاً واحترمه كل من تعامل معه. وقد شكرت للأخ الرئيس عمر البشير ورجالات السودان عنايتهم بتكريمه ونقله ليدفن حيث كان يتوق دائماً إلى مسقط رأسه، فجزاهم الله خير الجزاء.
وأحسب أن الطيب صالح بلا شك هامة من هامات أدبنا العربي ورجل مبدع حتى تم اختيار روايته (موسم الهجرة إلى الشمال) ضمن أفضل مائة عمل روائي في تاريخ الإنسانية، وكنا نستغرب ونحن نجلس إليه عدم اكتراثه بكل تلك الجوائز والمقولات فقد كان دائماً يعبر في تواضع (أنا لا أعتبر نفسي مهماً وأرجو أن لا تنظروا إلى هذا كتواضع ولكنها الحقيقة) وعندما أقول إن الطيب صالح كان نافذة مضيئة للأدب العربي على الغرب، قصدت أن نتذكر أن بعض إنتاجه وخاصة (موسم الهجرة إلى الشمال) قد ترجم إلى عشرين لغة وحتى أقدم أدباء في إسرائيل على ترجمة هذا العمل إلى اللغة العبرية وربما لا يعرف ذلك إلا قلة من الناس المتابعين لقضية انتشار الأدب العربي في العالم. وهو رجل كله خير وبركة ومن حسن حظه أن اختارت له أمه اسم الطيب فهم يتفاءلون هناك بأن هذا الاسم يعني أنه رجل بركة ووالده محمد صالح صحبه ابنه كمزارع، وقد أثّرت فيه حياته؛ حياة القرية وبيئتها، ونقل طيبته وأصالته عن أبيه.
رحم الله الطيب الإنسان فقد كان يملأ قلبه وعقله هاجس الأدب وحرص في مراحله الأولى على أن يصارع لدخول كلية الآداب ولم تساعده الظروف ولم يتمكن من ذلك ولكنه عبر عن هذه الرغبة بطرق أخرى، وعندما كنت ألتقي بالحبيب الطيب صالح في لندن أشعر بعدم راحته ولا رغبته في الاستقرار بها وأنه دوماً يحن ويتوق إلى ضفاف النيل، وكنت أشعر بارتباط هذا الإنسان ببلده ووطنه وهذا الوطن العربي الكبير، وكنت كلما أجلس إليه أفاجأ بكمية القراءة التي يقرأها وبحثه الدائب عن الإنتاج الجديد في الأدب والرواية، وقد ذكر لي أنه في بداياته كان يرتبط بالمسرح.
رحمه الله فقد خلف زينب وسارة وسميرة وكان الطيب قد تزوج من زوجته السيدة جولي وأنجب منها البنات.
ومن ظواهر بروزه المبكر أنه كتب قصته (نخلة على الجدول) ولم ينشرها ثم كتب (حفنه تمر) و(دومة ود حامد)، وكما يقول الأستاذ طلحة جبريل في حديثه عنه أن هذه كانت بمثابة الميلاد الحقيقي لأديب عالمي، ثم (عرس الزين) التي ظهرت عام 1966م. وفعلاً اتفق مع كل الذين نظروا إلى رواية موسم الهجرة إلى الشمال بأن البطل فيه ملامح الطيب وكأنه لجأ إلى صور حقيقية عبر فيها عن التيه الذي كان يعيش فيه.
ونحن هنا في السعودية كما يقول صفوة من الأدباء عن هذا الإنسان أنه كانت له عناية بالأدب والأدباء في السعودية وكان يأنس لهم وله بصمات ولقاءات جادة في الخليج في الاحتفالات الثقافية وقد ضحكت وأنا أقرأ تعابير الأخ الدكتور تركي الحمد وهو يشاغب كعادته ولكنه يقول الحق في أننا لا نكرم أدباءنا ولا مفكرينا إلا بعد أن يموتوا. وأكرر أن هذا الرجل كان ممن يستحق فعلاً أن ندفعه ونقدمه للعالم، ولا يزال في عالمنا العربي رجال يستحقون التكريم قبل فوات الأوان.
رحم الله الصديق الأديب الطيب صالح وتغمده برحمته وأسكنه فسيح جناته وأنا أشهد أنه كان رجلاً يحب الله ورسوله ويحترم الناس ويحترم الحوار، وقد كانت لقاءاتي في الأشهر الأخيرة معه في لندن والتي أدركت فيها جوانب مما يعانيه وكأنّ المنية قد أنشبت فيه أظفارها، ورغم معاناته فقد كان صابراً على مرضه ومحتسباً الأجر عند الله تعالى.
وختاماً فرحمك الله أيها الإنسان الطيب والأديب الطيب على كل ما قدمت من عمل طيب وأشهد أنك كنت أديباً صادقاً وروائياً فذاً، وأسال الله أن يخلفك خيراً في أهلك وبناتك وكل من تحب، وخالص تعازينا لأسرتك وبناتك زينب وسارة وسميرة، وعزاؤنا في كل ذلك أنها سُنة الله في عباده وأن كل إنسان إلى فناء وقد حدد ربنا هذا المنهج يوم علّمنا في الآية الكريمة «كل نفس ذائقة الموت»..
«إنا لله وإنا إليه راجعون».
•محمد عبده يمــاني ... وزير الإعلام السعودي الأسبق
وأحسب أن الطيب صالح بلا شك هامة من هامات أدبنا العربي ورجل مبدع حتى تم اختيار روايته (موسم الهجرة إلى الشمال) ضمن أفضل مائة عمل روائي في تاريخ الإنسانية، وكنا نستغرب ونحن نجلس إليه عدم اكتراثه بكل تلك الجوائز والمقولات فقد كان دائماً يعبر في تواضع (أنا لا أعتبر نفسي مهماً وأرجو أن لا تنظروا إلى هذا كتواضع ولكنها الحقيقة) وعندما أقول إن الطيب صالح كان نافذة مضيئة للأدب العربي على الغرب، قصدت أن نتذكر أن بعض إنتاجه وخاصة (موسم الهجرة إلى الشمال) قد ترجم إلى عشرين لغة وحتى أقدم أدباء في إسرائيل على ترجمة هذا العمل إلى اللغة العبرية وربما لا يعرف ذلك إلا قلة من الناس المتابعين لقضية انتشار الأدب العربي في العالم. وهو رجل كله خير وبركة ومن حسن حظه أن اختارت له أمه اسم الطيب فهم يتفاءلون هناك بأن هذا الاسم يعني أنه رجل بركة ووالده محمد صالح صحبه ابنه كمزارع، وقد أثّرت فيه حياته؛ حياة القرية وبيئتها، ونقل طيبته وأصالته عن أبيه.
رحم الله الطيب الإنسان فقد كان يملأ قلبه وعقله هاجس الأدب وحرص في مراحله الأولى على أن يصارع لدخول كلية الآداب ولم تساعده الظروف ولم يتمكن من ذلك ولكنه عبر عن هذه الرغبة بطرق أخرى، وعندما كنت ألتقي بالحبيب الطيب صالح في لندن أشعر بعدم راحته ولا رغبته في الاستقرار بها وأنه دوماً يحن ويتوق إلى ضفاف النيل، وكنت أشعر بارتباط هذا الإنسان ببلده ووطنه وهذا الوطن العربي الكبير، وكنت كلما أجلس إليه أفاجأ بكمية القراءة التي يقرأها وبحثه الدائب عن الإنتاج الجديد في الأدب والرواية، وقد ذكر لي أنه في بداياته كان يرتبط بالمسرح.
رحمه الله فقد خلف زينب وسارة وسميرة وكان الطيب قد تزوج من زوجته السيدة جولي وأنجب منها البنات.
ومن ظواهر بروزه المبكر أنه كتب قصته (نخلة على الجدول) ولم ينشرها ثم كتب (حفنه تمر) و(دومة ود حامد)، وكما يقول الأستاذ طلحة جبريل في حديثه عنه أن هذه كانت بمثابة الميلاد الحقيقي لأديب عالمي، ثم (عرس الزين) التي ظهرت عام 1966م. وفعلاً اتفق مع كل الذين نظروا إلى رواية موسم الهجرة إلى الشمال بأن البطل فيه ملامح الطيب وكأنه لجأ إلى صور حقيقية عبر فيها عن التيه الذي كان يعيش فيه.
ونحن هنا في السعودية كما يقول صفوة من الأدباء عن هذا الإنسان أنه كانت له عناية بالأدب والأدباء في السعودية وكان يأنس لهم وله بصمات ولقاءات جادة في الخليج في الاحتفالات الثقافية وقد ضحكت وأنا أقرأ تعابير الأخ الدكتور تركي الحمد وهو يشاغب كعادته ولكنه يقول الحق في أننا لا نكرم أدباءنا ولا مفكرينا إلا بعد أن يموتوا. وأكرر أن هذا الرجل كان ممن يستحق فعلاً أن ندفعه ونقدمه للعالم، ولا يزال في عالمنا العربي رجال يستحقون التكريم قبل فوات الأوان.
رحم الله الصديق الأديب الطيب صالح وتغمده برحمته وأسكنه فسيح جناته وأنا أشهد أنه كان رجلاً يحب الله ورسوله ويحترم الناس ويحترم الحوار، وقد كانت لقاءاتي في الأشهر الأخيرة معه في لندن والتي أدركت فيها جوانب مما يعانيه وكأنّ المنية قد أنشبت فيه أظفارها، ورغم معاناته فقد كان صابراً على مرضه ومحتسباً الأجر عند الله تعالى.
وختاماً فرحمك الله أيها الإنسان الطيب والأديب الطيب على كل ما قدمت من عمل طيب وأشهد أنك كنت أديباً صادقاً وروائياً فذاً، وأسال الله أن يخلفك خيراً في أهلك وبناتك وكل من تحب، وخالص تعازينا لأسرتك وبناتك زينب وسارة وسميرة، وعزاؤنا في كل ذلك أنها سُنة الله في عباده وأن كل إنسان إلى فناء وقد حدد ربنا هذا المنهج يوم علّمنا في الآية الكريمة «كل نفس ذائقة الموت»..
«إنا لله وإنا إليه راجعون».
•محمد عبده يمــاني ... وزير الإعلام السعودي الأسبق
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
رد: الدوحة تتذكر الطيب صالح الإنسان
شكرا فاتح على الألق المترف ونقلك هذه الإضافة المهمة.
أزهرى الحاج البشير- مشرف عام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى