الوعي
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الوعي
سأحاول (اذا اسعفني الزمن) في تناول هذا الموضوع مستفيدا في بحثي من بعض الكتب التي بحوزتي والشبكة العنكبوتية .
ود المحلج- مشرف المنتدى العام
رد: الوعي
الوعي كلمة تعبر عن حالة عقلية يكون فيها العقل بحالة إدراك وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجي عن طريق منافذ الوعي التي تتمثل عادة بحواس الإنسان الخمس. كما يمثل الوعي عند العديد من علماء علم النفس الحالة العقلية التي يتميز بها الإنسان بملكات المحاكمة المنطقية، الذاتية (الإحساس بالذات) (subjectivity)، والإدراك الذاتي (self-awareness)، والحالة الشعورية (sentience) والحكمة أو العقلانية (sentience) والقدرة على الإدراك الحسي (perception) للعلاقة بين الكيان الشخصي والمحيط الطبيعي له.
المصدر:من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
المصدر:من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
ود المحلج- مشرف المنتدى العام
في انفصال الوعي عن الواقع
في انفصال الوعي عن الواقع
تحياتي نقور على طرح هذا الموضوع الحيوي ، وإليك هذه المداخلة التي اقتبستها من راي نشر في إحدى الصحف العربية :
((في كافة مجالات الحياة هنالك علاقة بين الواقع والوعي، وعلى مدى تطابقهما يتوقف مدى وعي البشر النسبي لحقائق واقعهم، الأمر الذي يتيح فرصَ التعامل الصحيح مع هذه الحقائق ومعالجتها معالجة صائبة، بعيداً عن الـمبالغات الذاتية، سواء تلك القافزة أو الهابطة عن واقعها. وكقانون عام، تتأخر حركة الوعي عن مواكبة حركة الواقع، ذلك أن حركة الواقع هي مصدر الوعي وأسرع من حركته، لكن هنالك استثناء في حال تقدّم الوعي على واقعه أحياناً، وفي هذه الحالة تلد العبقرية والإزدهار والتطور، وعلى النقيض منها يقف التخلف الحاد في مواكبة الوعي للواقع ونتاج لذلك يولد الانفصال بينهما، الذي إن وقع في أي مجتمع فذلك نذير بمستقبل مظلم)).
تحياتي نقور على طرح هذا الموضوع الحيوي ، وإليك هذه المداخلة التي اقتبستها من راي نشر في إحدى الصحف العربية :
((في كافة مجالات الحياة هنالك علاقة بين الواقع والوعي، وعلى مدى تطابقهما يتوقف مدى وعي البشر النسبي لحقائق واقعهم، الأمر الذي يتيح فرصَ التعامل الصحيح مع هذه الحقائق ومعالجتها معالجة صائبة، بعيداً عن الـمبالغات الذاتية، سواء تلك القافزة أو الهابطة عن واقعها. وكقانون عام، تتأخر حركة الوعي عن مواكبة حركة الواقع، ذلك أن حركة الواقع هي مصدر الوعي وأسرع من حركته، لكن هنالك استثناء في حال تقدّم الوعي على واقعه أحياناً، وفي هذه الحالة تلد العبقرية والإزدهار والتطور، وعلى النقيض منها يقف التخلف الحاد في مواكبة الوعي للواقع ونتاج لذلك يولد الانفصال بينهما، الذي إن وقع في أي مجتمع فذلك نذير بمستقبل مظلم)).
اشرف بشرى إدريس- مبدع مميز
رد: الوعي
اشرف ازيك ..
طبعا مداخلتك دي جميلة جدا؛ ساحاول ايضا ما امكن ربط "الوعي" بالمعرفة والفكر
والواقع وغيره.
طبعا مداخلتك دي جميلة جدا؛ ساحاول ايضا ما امكن ربط "الوعي" بالمعرفة والفكر
والواقع وغيره.
وكقانون عام، تتأخر حركة الوعي عن مواكبة حركة الواقع
ود المحلج- مشرف المنتدى العام
التجانى ومعاوية ومصطفى
وكقانون عام، تتأخر حركة الوعي عن مواكبة حركة الواقع، ذلك أن حركة الواقع هي مصدر الوعي وأسرع من حركته، لكن هنالك استثناء في حال تقدّم الوعي على واقعه أحياناً، وفي هذه الحالة تلد العبقرية والإزدهار والتطور،
**************
من الذين سبقوا عصرهم فى زماننا وبلادنا ، ولعلهم أتسموا بالعبقرية ، شاعرنا الفذ التيجانى يوسف بشير والأديب معاوية نور والفنان مصطفى سيد أحمد ، هؤلاء السابقين زمانهم رحلوا مبكرا عن هذه الدنيا ، ولا أقول أبدا لو قدر لهم إن عاشوا طويلا ل .............، فلو تفتح عمل الشيطان.
**************
من الذين سبقوا عصرهم فى زماننا وبلادنا ، ولعلهم أتسموا بالعبقرية ، شاعرنا الفذ التيجانى يوسف بشير والأديب معاوية نور والفنان مصطفى سيد أحمد ، هؤلاء السابقين زمانهم رحلوا مبكرا عن هذه الدنيا ، ولا أقول أبدا لو قدر لهم إن عاشوا طويلا ل .............، فلو تفتح عمل الشيطان.
أزهرى الحاج البشير- مشرف عام
رد: الوعي
العزيز ابو الزهور:حقا انهم كذلك ؛ بالامس كنت علي نقاش مع بعض الاخوة عن هؤلا
والمناسبة مرور عشرون عام علي وفاة عبدالعزيز العميري (لو اعيش زول ليهو قيمة)
سأفرد له بوست (قريبا) اول امس كانت ليلة جميلة عن العميري رغم انني لم استطيع
اكمالها .. انهم حقا عباقرة
لك التحايا
والمناسبة مرور عشرون عام علي وفاة عبدالعزيز العميري (لو اعيش زول ليهو قيمة)
سأفرد له بوست (قريبا) اول امس كانت ليلة جميلة عن العميري رغم انني لم استطيع
اكمالها .. انهم حقا عباقرة
لك التحايا
ود المحلج- مشرف المنتدى العام
العميري ...قصة مكتوبة في الممشى العريض
وعلى ذكر العميري دعنا نعرج قليلاً عن موضوع البوست ، فليس بإمكاننا المرور هكذا كمرور الكرام في ذكرى رحيل فنان وشاعر وقامة سامقة من قامات الوطن يندر أن تتكرر ومدرسة فنية رائعة.
ولد العميري في مدينة الابيض عام1954م وتوفي عام1989م اثر انفجار القرحة و رحل عن دنيانا مبكرا.
كان هو صاحب فكرة محطة التلفزيون الاهلية وأحد مؤسسيها
من منا لايعرف العميري القائل:ـ
لو اعيش زول ليهو قيمة اسعد الناس بي وجودي
زي نضارة غصن طيب كل يوم يخضر عودي
وابقي زولا ليهو قيمة
ابقي دار لي كل لاجي اوحنان جوه الملاجئ
ابقي للاطفال حكاية حلوة من ضمن الاحاجي
كان إنساناً صاحب قضية يتمني ان يعيش لكي يسعد الآخرين ويلاحظ ذلك خلال شعره
كان يتحدث عن التفاؤل المعترف بالموت تفاؤل يعبر علي ان الحياة لاتتوقف كما ان الموت لايتوقف حين قال:ـ
اديني سمعك في الاخير
انا عمري مافاضل كتير
شالو مني الامنيات
الضايعة في الوهم الكبير
لسه فاضل ناس تعاشر
وناس تضوق طعم الهناء
بكره اجمل من ظروفنا
ولسه جايات المني
كان يعرف العميري كيف تكون السخرية عميقة ، له بصيرة نافذة تصور كيف تنسجم التناقضات، كان كتلة من النشاط والحيوية يملا المكان بظله المتمرد دوما علي الاصل.
بكاه سيف الجامعة باغنية يانديدي يقول سيف حين وصلني نبا وفاته فتشت عن اي شي له عندي فوجدت هذة القصيدة مهداة لي منه فقمت بتلحينها باسرع مايمكن وهي تقول:
يانديدي..يا نديدي
يازمان الاغنية الجاية وجديدي
اي صوت راجيهو صوتك
واي شريان فيك وريدي
الزمن قاسي الملامح
وانت نوارة قصيدي
و أول من تغني لعبدالعزيز العميري هو الفنان حمد الريح وكان العميري حينها عمره18عام وغناها حمد الريح كموال(رمية) وتقول الكلمات:ـ
الليلة توبي وارجعي
واتلاشي في ليل الضياع حزمات اسي
واسقي البلاد الما غشاها غنا الليالي
ولاضحك فيها المسا
لو كان يفيد حزنك دموع
كيفن عيونك تحبسا
الليلة توبي وعيشي بي امل السماح
مالغايب امكن مانساك
امكن مع الايام هناك ياداب يلملم في الجراح
وغني له الراحل مصطفي سيد احمد رائعته الممشي العريض :
مكتوبة في الممشي العريض
شيلة خطوتك للبنية
مرسومة بالخط العريض
في ذمة الحاضر وصية
شاهد التواريخ والسير والانتظار
ادوني من قبلك مناديل الوصول
وفردت اجنحة العشم
في ساحة الوطن البتول
وضحكت ماهماني شئ
وبكيت ماهماني شئ
عندك وقفت من المشي
وغرقت في ضوء النهار
الكانو بيتمنوك لو ترتاحي لحظة علي الدرب
حبوك حبو
قدر الحروف الحايمة في بطن الكتب
قدر الخيال ما مد ايدو علي السحب
كل خاطر كان بريدك
الاريدك كان رسول الدهشة في كل الديار
وانا زي عوائد الشعر
فارس شد خيل الكلمة ليك
مصلوب علي ظهر البداية
القالو آخرا بين يديك
وسرحت يامهون تهون عشان اجيك
كان اصل لي يوم حضورك
كنت بريدك ومشتهيك
وانكسر فيني الترجي
ونلت من سفري الخسار
بس داير اقولك يا أصيلة
لو تعب فينا التمني
وانهتك وتر المغني
لو تشدي علينا طاقات البشائر
تنهزم يوم التجني
واجيك لاهماني شي
عندك وقفت من المشي
وغرقت في ضوء النهار
ولد العميري في مدينة الابيض عام1954م وتوفي عام1989م اثر انفجار القرحة و رحل عن دنيانا مبكرا.
كان هو صاحب فكرة محطة التلفزيون الاهلية وأحد مؤسسيها
من منا لايعرف العميري القائل:ـ
لو اعيش زول ليهو قيمة اسعد الناس بي وجودي
زي نضارة غصن طيب كل يوم يخضر عودي
وابقي زولا ليهو قيمة
ابقي دار لي كل لاجي اوحنان جوه الملاجئ
ابقي للاطفال حكاية حلوة من ضمن الاحاجي
كان إنساناً صاحب قضية يتمني ان يعيش لكي يسعد الآخرين ويلاحظ ذلك خلال شعره
كان يتحدث عن التفاؤل المعترف بالموت تفاؤل يعبر علي ان الحياة لاتتوقف كما ان الموت لايتوقف حين قال:ـ
اديني سمعك في الاخير
انا عمري مافاضل كتير
شالو مني الامنيات
الضايعة في الوهم الكبير
لسه فاضل ناس تعاشر
وناس تضوق طعم الهناء
بكره اجمل من ظروفنا
ولسه جايات المني
كان يعرف العميري كيف تكون السخرية عميقة ، له بصيرة نافذة تصور كيف تنسجم التناقضات، كان كتلة من النشاط والحيوية يملا المكان بظله المتمرد دوما علي الاصل.
بكاه سيف الجامعة باغنية يانديدي يقول سيف حين وصلني نبا وفاته فتشت عن اي شي له عندي فوجدت هذة القصيدة مهداة لي منه فقمت بتلحينها باسرع مايمكن وهي تقول:
يانديدي..يا نديدي
يازمان الاغنية الجاية وجديدي
اي صوت راجيهو صوتك
واي شريان فيك وريدي
الزمن قاسي الملامح
وانت نوارة قصيدي
و أول من تغني لعبدالعزيز العميري هو الفنان حمد الريح وكان العميري حينها عمره18عام وغناها حمد الريح كموال(رمية) وتقول الكلمات:ـ
الليلة توبي وارجعي
واتلاشي في ليل الضياع حزمات اسي
واسقي البلاد الما غشاها غنا الليالي
ولاضحك فيها المسا
لو كان يفيد حزنك دموع
كيفن عيونك تحبسا
الليلة توبي وعيشي بي امل السماح
مالغايب امكن مانساك
امكن مع الايام هناك ياداب يلملم في الجراح
وغني له الراحل مصطفي سيد احمد رائعته الممشي العريض :
مكتوبة في الممشي العريض
شيلة خطوتك للبنية
مرسومة بالخط العريض
في ذمة الحاضر وصية
شاهد التواريخ والسير والانتظار
ادوني من قبلك مناديل الوصول
وفردت اجنحة العشم
في ساحة الوطن البتول
وضحكت ماهماني شئ
وبكيت ماهماني شئ
عندك وقفت من المشي
وغرقت في ضوء النهار
الكانو بيتمنوك لو ترتاحي لحظة علي الدرب
حبوك حبو
قدر الحروف الحايمة في بطن الكتب
قدر الخيال ما مد ايدو علي السحب
كل خاطر كان بريدك
الاريدك كان رسول الدهشة في كل الديار
وانا زي عوائد الشعر
فارس شد خيل الكلمة ليك
مصلوب علي ظهر البداية
القالو آخرا بين يديك
وسرحت يامهون تهون عشان اجيك
كان اصل لي يوم حضورك
كنت بريدك ومشتهيك
وانكسر فيني الترجي
ونلت من سفري الخسار
بس داير اقولك يا أصيلة
لو تعب فينا التمني
وانهتك وتر المغني
لو تشدي علينا طاقات البشائر
تنهزم يوم التجني
واجيك لاهماني شي
عندك وقفت من المشي
وغرقت في ضوء النهار
اشرف بشرى إدريس- مبدع مميز
رد: الوعي
شكرا كثيرا يا ابو الشوش علي المداخلة } كن علي وعد بأن تواصل في البوست
الموعود ؛ خالك صالح وعد بالمشاركة ايضا وهو من محبي العميري لدرجه كبيره
جدا ... اذكر حدثني عنه من سوبا الي الثورة العاشرة كان يتحدث بأسي عن فنه وتعدد
مواهبه ..
الموعود ؛ خالك صالح وعد بالمشاركة ايضا وهو من محبي العميري لدرجه كبيره
جدا ... اذكر حدثني عنه من سوبا الي الثورة العاشرة كان يتحدث بأسي عن فنه وتعدد
مواهبه ..
ود المحلج- مشرف المنتدى العام
رد: الوعي
هنا نفهم حضور تنوع أشكال الوعي لدى الناس الذين يعيشون معاً في واقع محدد تاريخياً.
فمن البشر الذين يعيشون عصر المركبات الفضائية يعتقد بالأرواح الخفية والسحر والأبراج ومنهم من حسم أمره وتجاوز هذا الاعتقاد وبنظره طبيعية - علمية.
كيف نفسر الواقعية التالية: أب يأخذ أبنه المريض نفسياً إلى المشعوذ ليخرج الجن الساكنة فيه وياتي دجال اخر في منطقة ريفي ابوجبيهة ويقول للمواطنيين ان غدا الدجال سوف يظهر ويعتقد الناس شعوزته ويدعي التبوة 0وهما يعيشان في عصر واحد وبحي واحدة.
إنها التجربة الكلية للإنسان والتي أفضت إلى استقلال الوعي عن الموضوع المفكر فيه.
مرة أخرى نتحدث عن التجربة كتجربة كلية الوعي أحد عناصرها، فالإنسان يعيش في العالم كتجربة والوعي هو تجربة أصلاً.
إنه وحدة العناصر البيولوجية والنفسية والعقلية والمعاشية والأخلاقية إلخ.
إن الوعي وقد صار تصورات ورؤى ونظريات وأيديولوجيات أخذ صيغة العالم الموضوعي بالعلاقة مع الإنسان وصار هذا العالم بدوره موضوعاً للتفكير، موضوعاً للتقويم، بل وانتج صراعات الوعي وتناقضاته.
صار فاعلاً أساسياً في الحياة الكلية، صار الوعي مُفَسراً ومفَسراً بآن معاً.
فمن البشر الذين يعيشون عصر المركبات الفضائية يعتقد بالأرواح الخفية والسحر والأبراج ومنهم من حسم أمره وتجاوز هذا الاعتقاد وبنظره طبيعية - علمية.
كيف نفسر الواقعية التالية: أب يأخذ أبنه المريض نفسياً إلى المشعوذ ليخرج الجن الساكنة فيه وياتي دجال اخر في منطقة ريفي ابوجبيهة ويقول للمواطنيين ان غدا الدجال سوف يظهر ويعتقد الناس شعوزته ويدعي التبوة 0وهما يعيشان في عصر واحد وبحي واحدة.
إنها التجربة الكلية للإنسان والتي أفضت إلى استقلال الوعي عن الموضوع المفكر فيه.
مرة أخرى نتحدث عن التجربة كتجربة كلية الوعي أحد عناصرها، فالإنسان يعيش في العالم كتجربة والوعي هو تجربة أصلاً.
إنه وحدة العناصر البيولوجية والنفسية والعقلية والمعاشية والأخلاقية إلخ.
إن الوعي وقد صار تصورات ورؤى ونظريات وأيديولوجيات أخذ صيغة العالم الموضوعي بالعلاقة مع الإنسان وصار هذا العالم بدوره موضوعاً للتفكير، موضوعاً للتقويم، بل وانتج صراعات الوعي وتناقضاته.
صار فاعلاً أساسياً في الحياة الكلية، صار الوعي مُفَسراً ومفَسراً بآن معاً.
محمد قادم نوية- مشرف منتدى الصوتيات
ما الوعي؟ - د. أحمد برقاوي
ليس سؤالنا: ما الوعي بسؤال جديد، إنه سؤال مشكلة لأن الإجابات عنه متنوعة ومختلفة وبخاصة حين يتفتق سؤال ما الوعي عن أسئلة أخرى من قبيل، ما أصل الوعي ما دوره في الحياة؟ ما الشروط التي تقف وراء تغيره؟ ما أشكاله؟ كيف نفهم التمايزات في الوعي؟.
سأخلع عني طريقة حشد القيل المتنوع حول الوعي فما قيل قد قيل وموجود في ثنايا الكتب.. أنطلق مباشرة من فهمي للوعي والذي قد أشارك فيه البعض أو أختلف وربما سبقني إليه البعض وربما لا، وفي كل الأحوال فإني أقدم وعيّ للوعي.
أقصد بالوعي جملة من التصورات والمعتقدات والرؤى التي تعين موقف الإنسان من الحياة وتحدد سلوكه.
ومفهوم الحياة الذي استخدم يشير إلى الجوانب المتعددة لوجود الإنسان. حياته الاجتماعية والسياسية والأخلاقية والجمالية والماورائية، الحياة بوصفها ظهور فاعلية البشر وسلوكهم هذه التصورات والمعتقدات والرؤى والتي تكون الوعي الإنساني أهم ما فيها أنها تظهر في الممارسة في ممارسة الحياة، في الحياة اليومية للبشر، في مواقف البشر من عالمهم المعيش.
الوعي بهذا المعنى فاعل حقيقي ومتحد بالوجود الاجتماعي والسؤال التقليدي عن نشأة الوعي لا يلغي هذه الحقيقة أن الوعي أصيل في السلوك الإنساني.
إن وضع المسألة في صورة سؤال أيهما أولى الوجود الاجتماعي أم الوعي هو عودة إلى الميتافزيقا.
أطروحتنا تقول: لا وجود للوجود الاجتماعي دون الوعي، ولا وجود للوعي دون الوجود الاجتماعي.
وطرح السؤال أيهما أولى من قبيل التقسيم التعسفي للوجود الاجتماعي ككلية.
وإن قلنا وجود اجتماعي فإنه يعني بالضرورة الوجود الكلي أي وجود الوعي وإن قلنا الوعي فإننا بالضرورة نتحدث عن وجود اجتماعي.
والبحث عن الأصل عودة لفكرة البداية التي لا تعني شيئاً ولا تمدنا بأي معرفة بالواقع ككلية.. فالإنسان موجود بوصفة كائناً واعياً، ولا شك أن وعيه سيرورة تاريخية، يتغير ويتطور في علاقة متبادلة بينه وبين تعين وجوده التاريخي الذي هو وحدة لا تنفصم بين الوعي والوجود، بل إن الوجود التاريخي كوجود كلي لا يسمح لنا بعملية عزل مصطنعة بين الوعي والوجود.
فالوعي تعين للوجود الإنساني التاريخي والوجود الإنساني التاريخي بدوره تعين للوعي.
فالإنسان إذاً ليس مشطوراً بين وجود ووعي، إنه موجود واعٍ. لنأخذ مثالاً على ذلك وجود الفلاح، سيقال إن للفلاح وعياً فلاحياً، إنه ليس فلاحاً أولاً ثم صار لديه وعي فلاحي، إنه وجود كلي.
عندما نقول: فلاح فإننا نتحدث عن كائن بشري متعين تاريخياً بعلاقته بالأرض عملاً وعقلاً. لكن الفلاح نفسه مفهوم يتعين تاريخياً فلاح عند إقطاعي فلاح رأسمالي، الفلاح وحدة كلية والفلاح الإقطاعي وحدة كلية والفلاح الرأسمالي وحدة كلية أي أن وجوده التاريخي هو وحدة عمله وعيه معاً.
إن الأولوية المنطقية للوجود دفعت البعض للحديث عن أولوية زمانية للوجود على الوعي مع أن الوجود هو دائماً وجود واعٍ. والوجود الإنساني الاجتماعي يتكون تاريخياً وبالتالي فالوعي هو الآخر يتكون تاريخياً.
فمجرد أن نقول الوعي يعني أننا فصلنا الوعي وجعلناه عالماً خاصاً، تماماً كما نعزل جزءاً من الجسد لمعرفته ومعرفة وظيفته، ولكنه يظل متحداً بالجسد ومرتبطاً بأجزائه الأخرى، إن العين التي لا ترى جيداً نحاول أن نساعدها على الرؤية عبر العلاج عبر العدسات إلخ.
الوعي هو عين الوجود الإنساني، الإنسان يرى العالم عبر وعيه الذي يتشكل في العالم نفسه إنه تعين السلوك الإنساني، موقف الإنسان من حياته بكل أبعادها.
هب أننا نتحدث عن وعي بدائي بالعالم إننا هنا نتحدث عن إنسان بدائي، بدائي في علاقته بالطبيعة
تفسير حوادثها، عن علاقات اجتماعية محددة، عن ممارسته للجنس، للفن، لحماية نفسه، عن بيئته، وهيئته، عن أدوات حربه وإنتاجه..... عن علاقته بالحيوانات، عن أوهامه. ....... إلخ.
قيل مثلاً إن الإنسان الأول ما كان يعرف أن الأولاد هم ثمرة العلاقة الجنسية، فالجنس بالنسبة له ممارسة للذة فقط وأن الأولاد هم ثمرة روح خفية تدخل إلى المرأة فتنجب، وبالتالي ليس هناك مفهوم للأب والسلالة.
ولقد مضى وقت طويل حتى انتقل من وعيه البدائي هذا إلى وعي آخر عبر الممارسة والمعرفة والتجربة اليومية.
وإذ نقول: إنسان بدائي فإنما نتحدث عن إنسان يعيش حياة بدائية ووعيه جزء لا يتجزأ من وجوده البدائي. إذاً لا ينفصل الوعي عن التجربة الإنسانية، بل قل إن الوعي حال من حالات تجربته.
وما تطور الوعي إلا تطور التجربة الكلية للإنسان. إن قولنا هذا لا يستفيد حل المشكلة علاقة بالوعي والواقع. فالقول بالترابط والتجربة الكلية لا ينفي أن الإنسان مذ راح يفكر أقام مسافة بينه وبين العالم المعيش.
هنا حاز الفكر على استقلاله النسبي فصار لدينا ذات وموضوع ذات تفكر بموضوع.
وراح الفكر ينشأ تصورات حول الموضوع وأصبح الفكر قادراً على إنتاج منظومات فكرية متجاوزة العلاقة المباشرة بالموضوع.
عبر الفكر صار للوعي استقلاله النسبي وصار فاعلاً في إعادة امتلاك الموضوع ومن هنا صارت اللغة عالماً مستقلاً بعد نشأتها، عبر اللغة صرنا نفكر داخل اللغة وبمعزل عن وجود الموضوع ذاته وأصبحت اللغة هي الوعي بالعالم دون العودة للعالم.
نشأت التصورات المتعددة حول العالم.
فالانتقال من الشر الواقعي إلى الشر كتصور هو انتقال من العلاقات السببية الواقعية - اليومية إلى العلاقات السببية كمبدأ مفسر.
الشر هو وعي كلي للشر الواقعي وإنه المفسر لوجود الشر الواقعي. تماماً الموت الذي يفسر للإنسان القديم وجود الموت.
إن وعي الشر ووعي الموت هو وعي لواقع الشر واقع الموت، ومتجاوز لواقع الشر والموت كتجربة واقعية.
هذا التجاوز ما كان ليكون لولا الفاعلية المستقلة للتفكير الذي بدوره أشاد أشكال الوعي المختلفة بالعالم.
وهكذا حاز الوعي بدورة على استقلاله وأصبح عالماً شبه معند لا يتغير ميكانيكياً بتغير الواقع الموضوعي.
من هنا نفهم حضور تنوع أشكال الوعي لدى الناس الذين يعيشون معاً في واقع محدد تاريخياً.
فمن البشر الذين يعيشون عصر المركبات الفضائية يعتقد بالأرواح الخفية والسحر والأبراج ومنهم من حسم أمره وتجاور هذا الاعتقاد وبنظره طبيعية - علمية.
كيف نفسر حضور الوعي العلمي والوعي ما قبل العلمي لدى سكان بناية في مدينة نيويورك أم دمشق؟ كيف نفسر الواقعية التالية: أب يأخذ أبنه المريض نفسياً إلى المشعوذ ليخرج الجن الساكنة فيه وأخر يأخذه إلى الطبيب، وهما يعيشان في عصر واحد وبحي واحدة.
إنها التجربة الكلية للإنسان والتي أفضت إلى استقلال الوعي عن الموضوع المفكر فيه.
مرة أخرى نتحدث عن التجربة كتجربة كلية الوعي أحد عناصرها، فالإنسان يعيش في العالم كتجربة والوعي هو تجربة أصلاً.
إنه وحدة العناصر البيولوجية والنفسية والعقلية والمعاشية والأخلاقية إلخ.
إن الوعي وقد صار تصورات ورؤى ونظريات وأيديولوجيات أخذ صيغة العالم الموضوعي بالعلاقة مع الإنسان وصار هذا العالم بدوره موضوعاً للتفكير، موضوعاً للتقويم، بل وانتج صراعات الوعي وتناقضاته.
صار فاعلاً أساسياً في الحياة الكلية، صار الوعي مُفَسراً ومفَسراً بآن معاً.
خذ ظاهرة الاستشهادي وحللها.
الاستشهاد شكل من وعي العالم، الاستشهاد ظاهرة واقعية: يقوم الإنسان بالتضحية بذاته لتحقيق هدف يحوز قيمة أكبر من ذاته.
السبب الواقعي للاستشهاد: الوطن محتل معتدى عليه ولا كرامة للإنسان في وطن ليس حراً من
لاغتصاب.
أو أن هناك فكرة لن تتحقق إلا بالتضحية من أجلها.
لكن هذا السبب الواقعي المفسر للاستشهاد ولا قيمة له دون الوعي الذي تكون لدى الاستشهادي، فلو أن هذا السبب الواقعي يفسر الاستشهاد لصار كل الناس في الوطن استشهاديين، وهذا غير حاصل، فوعي الاستشهادي شرط ضروري لواقعة الاستشهاد، إيمانه بالجهاد، أيمانه بالجنة، إيمانه بأن استشهاده أمر إلهي حاضر حضوراً عميقاً في وجدانه، وعيه يدفعه إلى الاستشهاد لكن الاستشهاد ما كان ليتحقق واقعياً دون شروط واقعية حولت وعيه إلى ممارسته. بهذا المعنى نفهم وحدة الوعي وشروطه تعينه، فالإنسان فاعلاً هو الإنسان الذي حوّل وعيه بالعالم إلى فاعلية.
لو قلنا إن الواقع هو الذي يخلق الوعي بمعنى أن الوعي هو انعكاس للواقع لما فهمنا إطلاقاً بنية الوعي، الواقع في علاقة متبادلة مع الوعي، الوعي هو وعي واقع، إذاً هو نشاط توجه إلى الواقع كذات فاعلة، وحين يصبح الوعي بنية ما فإن الواقع نفسه يصب في هذه البنية، إذ ذاك يصبح الواقع في الوعي من صناعة الوعي أي أن الواقع الموجود في الوعي ليس هو الواقع الموجود وجوداً موضوعياً، فلو كان الوجود - الواقع الموضوعي هو ذاته الموجود في الوعي لما كان هناك اختلاف في وعي البشر للواقع، ولأن وعينا الواقع هو ثمرة واقع محدد تاريخياً ووعي مسبق ووعي فاعل نعيش حالات تنوع الوعي.
( منقول من النت)
سأخلع عني طريقة حشد القيل المتنوع حول الوعي فما قيل قد قيل وموجود في ثنايا الكتب.. أنطلق مباشرة من فهمي للوعي والذي قد أشارك فيه البعض أو أختلف وربما سبقني إليه البعض وربما لا، وفي كل الأحوال فإني أقدم وعيّ للوعي.
أقصد بالوعي جملة من التصورات والمعتقدات والرؤى التي تعين موقف الإنسان من الحياة وتحدد سلوكه.
ومفهوم الحياة الذي استخدم يشير إلى الجوانب المتعددة لوجود الإنسان. حياته الاجتماعية والسياسية والأخلاقية والجمالية والماورائية، الحياة بوصفها ظهور فاعلية البشر وسلوكهم هذه التصورات والمعتقدات والرؤى والتي تكون الوعي الإنساني أهم ما فيها أنها تظهر في الممارسة في ممارسة الحياة، في الحياة اليومية للبشر، في مواقف البشر من عالمهم المعيش.
الوعي بهذا المعنى فاعل حقيقي ومتحد بالوجود الاجتماعي والسؤال التقليدي عن نشأة الوعي لا يلغي هذه الحقيقة أن الوعي أصيل في السلوك الإنساني.
إن وضع المسألة في صورة سؤال أيهما أولى الوجود الاجتماعي أم الوعي هو عودة إلى الميتافزيقا.
أطروحتنا تقول: لا وجود للوجود الاجتماعي دون الوعي، ولا وجود للوعي دون الوجود الاجتماعي.
وطرح السؤال أيهما أولى من قبيل التقسيم التعسفي للوجود الاجتماعي ككلية.
وإن قلنا وجود اجتماعي فإنه يعني بالضرورة الوجود الكلي أي وجود الوعي وإن قلنا الوعي فإننا بالضرورة نتحدث عن وجود اجتماعي.
والبحث عن الأصل عودة لفكرة البداية التي لا تعني شيئاً ولا تمدنا بأي معرفة بالواقع ككلية.. فالإنسان موجود بوصفة كائناً واعياً، ولا شك أن وعيه سيرورة تاريخية، يتغير ويتطور في علاقة متبادلة بينه وبين تعين وجوده التاريخي الذي هو وحدة لا تنفصم بين الوعي والوجود، بل إن الوجود التاريخي كوجود كلي لا يسمح لنا بعملية عزل مصطنعة بين الوعي والوجود.
فالوعي تعين للوجود الإنساني التاريخي والوجود الإنساني التاريخي بدوره تعين للوعي.
فالإنسان إذاً ليس مشطوراً بين وجود ووعي، إنه موجود واعٍ. لنأخذ مثالاً على ذلك وجود الفلاح، سيقال إن للفلاح وعياً فلاحياً، إنه ليس فلاحاً أولاً ثم صار لديه وعي فلاحي، إنه وجود كلي.
عندما نقول: فلاح فإننا نتحدث عن كائن بشري متعين تاريخياً بعلاقته بالأرض عملاً وعقلاً. لكن الفلاح نفسه مفهوم يتعين تاريخياً فلاح عند إقطاعي فلاح رأسمالي، الفلاح وحدة كلية والفلاح الإقطاعي وحدة كلية والفلاح الرأسمالي وحدة كلية أي أن وجوده التاريخي هو وحدة عمله وعيه معاً.
إن الأولوية المنطقية للوجود دفعت البعض للحديث عن أولوية زمانية للوجود على الوعي مع أن الوجود هو دائماً وجود واعٍ. والوجود الإنساني الاجتماعي يتكون تاريخياً وبالتالي فالوعي هو الآخر يتكون تاريخياً.
فمجرد أن نقول الوعي يعني أننا فصلنا الوعي وجعلناه عالماً خاصاً، تماماً كما نعزل جزءاً من الجسد لمعرفته ومعرفة وظيفته، ولكنه يظل متحداً بالجسد ومرتبطاً بأجزائه الأخرى، إن العين التي لا ترى جيداً نحاول أن نساعدها على الرؤية عبر العلاج عبر العدسات إلخ.
الوعي هو عين الوجود الإنساني، الإنسان يرى العالم عبر وعيه الذي يتشكل في العالم نفسه إنه تعين السلوك الإنساني، موقف الإنسان من حياته بكل أبعادها.
هب أننا نتحدث عن وعي بدائي بالعالم إننا هنا نتحدث عن إنسان بدائي، بدائي في علاقته بالطبيعة
تفسير حوادثها، عن علاقات اجتماعية محددة، عن ممارسته للجنس، للفن، لحماية نفسه، عن بيئته، وهيئته، عن أدوات حربه وإنتاجه..... عن علاقته بالحيوانات، عن أوهامه. ....... إلخ.
قيل مثلاً إن الإنسان الأول ما كان يعرف أن الأولاد هم ثمرة العلاقة الجنسية، فالجنس بالنسبة له ممارسة للذة فقط وأن الأولاد هم ثمرة روح خفية تدخل إلى المرأة فتنجب، وبالتالي ليس هناك مفهوم للأب والسلالة.
ولقد مضى وقت طويل حتى انتقل من وعيه البدائي هذا إلى وعي آخر عبر الممارسة والمعرفة والتجربة اليومية.
وإذ نقول: إنسان بدائي فإنما نتحدث عن إنسان يعيش حياة بدائية ووعيه جزء لا يتجزأ من وجوده البدائي. إذاً لا ينفصل الوعي عن التجربة الإنسانية، بل قل إن الوعي حال من حالات تجربته.
وما تطور الوعي إلا تطور التجربة الكلية للإنسان. إن قولنا هذا لا يستفيد حل المشكلة علاقة بالوعي والواقع. فالقول بالترابط والتجربة الكلية لا ينفي أن الإنسان مذ راح يفكر أقام مسافة بينه وبين العالم المعيش.
هنا حاز الفكر على استقلاله النسبي فصار لدينا ذات وموضوع ذات تفكر بموضوع.
وراح الفكر ينشأ تصورات حول الموضوع وأصبح الفكر قادراً على إنتاج منظومات فكرية متجاوزة العلاقة المباشرة بالموضوع.
عبر الفكر صار للوعي استقلاله النسبي وصار فاعلاً في إعادة امتلاك الموضوع ومن هنا صارت اللغة عالماً مستقلاً بعد نشأتها، عبر اللغة صرنا نفكر داخل اللغة وبمعزل عن وجود الموضوع ذاته وأصبحت اللغة هي الوعي بالعالم دون العودة للعالم.
نشأت التصورات المتعددة حول العالم.
فالانتقال من الشر الواقعي إلى الشر كتصور هو انتقال من العلاقات السببية الواقعية - اليومية إلى العلاقات السببية كمبدأ مفسر.
الشر هو وعي كلي للشر الواقعي وإنه المفسر لوجود الشر الواقعي. تماماً الموت الذي يفسر للإنسان القديم وجود الموت.
إن وعي الشر ووعي الموت هو وعي لواقع الشر واقع الموت، ومتجاوز لواقع الشر والموت كتجربة واقعية.
هذا التجاوز ما كان ليكون لولا الفاعلية المستقلة للتفكير الذي بدوره أشاد أشكال الوعي المختلفة بالعالم.
وهكذا حاز الوعي بدورة على استقلاله وأصبح عالماً شبه معند لا يتغير ميكانيكياً بتغير الواقع الموضوعي.
من هنا نفهم حضور تنوع أشكال الوعي لدى الناس الذين يعيشون معاً في واقع محدد تاريخياً.
فمن البشر الذين يعيشون عصر المركبات الفضائية يعتقد بالأرواح الخفية والسحر والأبراج ومنهم من حسم أمره وتجاور هذا الاعتقاد وبنظره طبيعية - علمية.
كيف نفسر حضور الوعي العلمي والوعي ما قبل العلمي لدى سكان بناية في مدينة نيويورك أم دمشق؟ كيف نفسر الواقعية التالية: أب يأخذ أبنه المريض نفسياً إلى المشعوذ ليخرج الجن الساكنة فيه وأخر يأخذه إلى الطبيب، وهما يعيشان في عصر واحد وبحي واحدة.
إنها التجربة الكلية للإنسان والتي أفضت إلى استقلال الوعي عن الموضوع المفكر فيه.
مرة أخرى نتحدث عن التجربة كتجربة كلية الوعي أحد عناصرها، فالإنسان يعيش في العالم كتجربة والوعي هو تجربة أصلاً.
إنه وحدة العناصر البيولوجية والنفسية والعقلية والمعاشية والأخلاقية إلخ.
إن الوعي وقد صار تصورات ورؤى ونظريات وأيديولوجيات أخذ صيغة العالم الموضوعي بالعلاقة مع الإنسان وصار هذا العالم بدوره موضوعاً للتفكير، موضوعاً للتقويم، بل وانتج صراعات الوعي وتناقضاته.
صار فاعلاً أساسياً في الحياة الكلية، صار الوعي مُفَسراً ومفَسراً بآن معاً.
خذ ظاهرة الاستشهادي وحللها.
الاستشهاد شكل من وعي العالم، الاستشهاد ظاهرة واقعية: يقوم الإنسان بالتضحية بذاته لتحقيق هدف يحوز قيمة أكبر من ذاته.
السبب الواقعي للاستشهاد: الوطن محتل معتدى عليه ولا كرامة للإنسان في وطن ليس حراً من
لاغتصاب.
أو أن هناك فكرة لن تتحقق إلا بالتضحية من أجلها.
لكن هذا السبب الواقعي المفسر للاستشهاد ولا قيمة له دون الوعي الذي تكون لدى الاستشهادي، فلو أن هذا السبب الواقعي يفسر الاستشهاد لصار كل الناس في الوطن استشهاديين، وهذا غير حاصل، فوعي الاستشهادي شرط ضروري لواقعة الاستشهاد، إيمانه بالجهاد، أيمانه بالجنة، إيمانه بأن استشهاده أمر إلهي حاضر حضوراً عميقاً في وجدانه، وعيه يدفعه إلى الاستشهاد لكن الاستشهاد ما كان ليتحقق واقعياً دون شروط واقعية حولت وعيه إلى ممارسته. بهذا المعنى نفهم وحدة الوعي وشروطه تعينه، فالإنسان فاعلاً هو الإنسان الذي حوّل وعيه بالعالم إلى فاعلية.
لو قلنا إن الواقع هو الذي يخلق الوعي بمعنى أن الوعي هو انعكاس للواقع لما فهمنا إطلاقاً بنية الوعي، الواقع في علاقة متبادلة مع الوعي، الوعي هو وعي واقع، إذاً هو نشاط توجه إلى الواقع كذات فاعلة، وحين يصبح الوعي بنية ما فإن الواقع نفسه يصب في هذه البنية، إذ ذاك يصبح الواقع في الوعي من صناعة الوعي أي أن الواقع الموجود في الوعي ليس هو الواقع الموجود وجوداً موضوعياً، فلو كان الوجود - الواقع الموضوعي هو ذاته الموجود في الوعي لما كان هناك اختلاف في وعي البشر للواقع، ولأن وعينا الواقع هو ثمرة واقع محدد تاريخياً ووعي مسبق ووعي فاعل نعيش حالات تنوع الوعي.
( منقول من النت)
ود المحلج- مشرف المنتدى العام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى