العهد الذهبي لمحلج ابوجبيهة

صناعة أقطان جبال النوبة :-
كان الهدف المباشر لادارة أقطان جبال النوبة من ادخال زراعة القطن المطرى فى منطقة الجبال فى سنة 1924 هو انتاج قطن مطرى بتكلفة زهيدة لدعم سياسة انتاج القطن فى السودان لتغذية مصانع النسيج البريطانية أما الاهداف الغير مباشرة فكانت تتمثل فى الآتى :-
- ايجاد محصول نقدى لمزارعين لا يتعاملون بالنقود الا فى اندر الحالات.
- ادخال أهلنا من العرب الرحل ضمن دائرة الانتاج وتشجيعهم على الاستقرار واحتراف زراعة القطن.
أى كان الهدف الكبير هو انتشال المنطقة من وهدة التخلف وادخالها الحياة الحديثة لتساهم مع باقى أنحاء القطر فى دفع عجلة الحياة الى الأمام.
وقد تم فى سنة 1927 انشاء أول ثلاثة محالج فى كل من كادوقلى / تلودى/ لقاوة وكانت تعمل بمحركات احتراق خارجى كان وقودها بذرة القطن نفسها التى بعد فرزها من القطن الشعرة يتم تعبئة الأخير فى بالات التصدير الى بريطانيا وتستخدم البذرة وقودا يحترق لادارة مكنات الحليج وقد تم تغيير المحركات الى محركات احتراق داخلى فى 1958. وفعلا بدأت المحالج لعب دورها الغير مباشر فى فك عزلة المنطقة وادخالها دائرة التنمية والتعايش والانسجام ولتصير محور الالتقاء وبوتقة الانصهار. وقد تم فى 1939 انشاء التفاتيش الزراعية تحت ادارة مدير المديرية بجنوب كردفان واستمر العمل حتى تم انشاء مؤسسة جبال النوبة الزراعية فى 1967 والتى أدخلت فى 1970 برنامج تحديث الزراعة التقليدية وادخل الجرار الزراعى(التركتر ) فى جبال النوبة وتم قبل ذلك اكمال المحالج الى تسعة حيث تم انشاء محالج كل من: كالوقى / الدلنج / أبوجبيهة / أمبرامبيطة / السميح / العباسية وشهدت منطقة جنوب كردفان نهضة زراعية وتم تحديث الاقتصاد الريفى وحدثت هجرات لأهلنا النوبة من سفوح الجبال الى الوديان وحدث استقرار جزئى لأهلنا الرحل ولا زال أهلنا الكبــار من البقارة يتحدثون لأجيالهم عن سنة (خمى)حيث ان كثيرين منهم ونتيجة للأموال التى جنوها من القطن أضافوا لقطعانهم من الأبقار الكثير بل ان كثير منهم كانوا فقراء من ناحية امتلاكهم للابقار أى لم يكن فى استطاعتهم أن يكونا سيارة( رحل) واستطاعوا بفضل زراعة القطن ان يصيروا من الرحل ويتركوا الاستقرار!! وهذا ما لاحظه بعض المسئولين الانجليز انه بدلا من ان تساعد زراعة القطن فى دفع الرحل نحو الزراعة والاستقرار فان بعضهم زرعوا القطن واشتروا بأموالهم منه المزيد من الأبقار واستمروا فى حياتهم فى الترحال !!
وكما قال الدكتور حامد البشير ابراهيم فى مرافعته( لصالح الحقيقة والعدالة والوحدة) والتى نشرها فى صحيفة السودانى تعتبر مؤسسة جبال النوبة بمحالجها الباعث الأول للنهضة الزراعية فى ذلك الجزء من الوطن وساهمت بفعالية فى تحديث الاقتصاديات الريفية وفى استقرار الرحل وفى هجرة المجموعات النوبية الى الوديان , وفى تمدد الاقتصاد النقدى وفى زيادة الاستهلاك ونمو المدن, وفتح الطرق وترابط المجتمعات وزيادة وتيرة التداخل والتودد الاثنى وغيرها من بواعث واشراقات التنمية والنهوض الريفى والمجتمعى.
ولكن .... نهاية مفجعة :-
فى 1991 نفضت الحكومة المركزية يدها عن زراعة القطن المطرى فى جبال النوبة وتمت تصفية مؤسسة جبال النوبة وكان ذلك أخطر قرار تم اتخاذه فى حق المنطقة وحق أهلها(وحتى الآن لم يجد له أحد تفسيرا غيرأنه كان قرارا سياسياً مقصودا) لأنه أنهى بذلك الدور الأساسى الذى لعبته تلك المحالج والمؤسسة فى تنمية المنطقة وربط نسيجها الاجتماعى ولكن الذين ينظرون دائما تحت أرجلهم قاموا بتصفية المؤسسة فصفوا الحياة والتعايش ...وعندما أدركوا خطر ما تم ارتكابه من جرم فى حق مواطن المنطقة وفى حق السودان يوافق مجلس الوزراء فى 25 أبريل 2004 على أمر تأسيس هيئة جبال النوبة تكفيرا عن خطأ استراتيجى ولكن هل تبقى شىء؟؟ هل واصلت في نفس الأهداف الأساسيه والخط المرسوم الذي تم من أجله إنشــاء المؤسسه الأصل ؟؟؟ لا و ألف لا ... تم إستبدال مؤسسة جبال النوبه الزراعيه بمسخ ..وتم التخلي من جميع منسوبيها من عمال وموظفين ومهندسين وخبراء زراعيين ومهره ...و لحقت بهم كل أصول مؤسسة جبال النوبه الزراعيه في جميع مدنها ومحالجها ..حتى مكاتبها ومنازلها تم توزيعهاإما للجيش كما تعلم أخي محمد في أبوجبيهه ...أو حولت كمكاتب للوزارات في بعض مدن الولايه ....وفي كادقلي مثلا خصصت للوزراء وموظفى الولاية وتبقت أطلال المحالج شاهدة على تاريخ للالفة والتعايش والانسجام ..........