سلفاكير يطلب من الجنوبيين مسامحة الشماليين .. عجبي

ولكن السؤال ..؟ هل نستطيع نحن مسامحتهم .... ياعم ازهري
على مافعلوه في البلاد والعباد .....

سلفاكير يعيش هذه الايام نشوه غريبه 0000وبحديثه هذا يعتقد انه فعل شى 000خليهم 000زى ما قالوا بيبن ليهم فى الربط

شكرا سوسو على المداخلة .... هذا بالطبع شأننا معهم ولكن ما يؤلمني حقا أن لا ينبري كاتب ليقول لسلفاكير أنت مخطئ إننا لم نقاتلكم أبدا بل أنتم دائما البادون وينزح أهلك شمالا حيث الأمان أكثر من جيرانكم وأكثر من اليوغنديون الذين إستلموا الدفة في مدينة جوبا نحن صرفنا على الحرب المفروضة علينا في الجنوب كلما ما نملك في الشمال ولم نتعدي عليكم كأفراد ابدا ولا ننسى يوم عثتم فسادا في الخرطوم يوم مقتل قرنق ولا يخفى عليكي أننا فقدنا أخونا سليمان سرالختم في تلك الأحداث المشئومة .. ماذا فعلنا لكم لتسامحونا .. إنظري أختي الكريمة لعيون باقان أموم .. هل رأيت الحقد يمشي على قدمين .. يكرهنا أكثر من الموت ومن حرصه على الحياة .. ثم ننتظر أن نبتلع الطعم ويتفضل علينا باقان وأتيم قرنق بالمسامحة .. لقد أهُنِا بالفعل .. نحن قدمنا لكم كل شئ لو دققتم في الأمر وغدا يتخلى عنكم الغرب كما تخلى عن الشاه ونميري وماركوس وبن على والقائمة تطول

نحن لا ننتظر السماح منكم ولكننا ننتظر تسريح بإحسان وشكرا غريق على المرور

هذا الطرح والنقاط السبعة المذكورة وردت بصيغ أخرى ضمن أطروحات منبر السلام العادل وظل الطيب مصطفى يرددها ويكررها في مقالاته ويطرحها في قالب بغيض مماأفرغ بعضها من المنطق ؟؟

نعود لموضوع البوست.. التسامح كقيمة إنسانية مطلوب من الجميع ؟؟؟ وعلينا أيضاً أن نطلب من الشماليين مسامحة الجنوبيين لكي نعيش بسلام كجارين أو تحت مظلة إتحاد بين دولتين والذي دعا له البشير !!!
لكن محاولة ان تلقي باللوم كله على الجنوب وأن لا نعترف بأن هناك ظلم وقع على الجنوب فتلك مصيبة ستجعلنا نفقد دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان ؟؟؟ ولولا الإعتراف بهذه المظالم لما كانت هناك نيفاشا ؟؟ قبل نيفاشا أقر الجميع بما فيهم المؤتمر الوطني بأن هناك ظلماً وقع على الجنوب ومن ثم جلسوا ووصلوا إلى حل؟؟
ومن وجهة نظري هناك ظلم وقع على جميع أطراف السودان(أو مايعرف بالهامش) وإلا لما كانت هناك مشكلة في دارفور والشرق ومشورة شعبية في النيل الأزرق وجنوب كردفان ؟؟
لا سبيل لحل مشاكلنا إلا بإعلاء قيم التسامح والإعتراف بان هناك مظالم حقيقية ومعاشة إلى يومنا هذا(صحة، تعليم،مياه شرب،طرق، ) ، وأظن قبل فترة كان هناك جدل في إحدى البوستات في هذا المنتدى يلوم الجنوبيون على عدم التسامح ونسيان الماضي على غرار ما حدث في جنوب أفريقياوأتعجب عندما تتم الدعوة إلى ذلك يلومهم البعض أيضاً.

شكرا أشرف أنا لا أروج للطيب مصطفى ولست بوقا له ولا ينتظر مني أن أكتب عنه وهو له صحيفة توزع مائة ألف نسخة يوميا ولكني أؤمن تماما أننا لم نخطئ في حق الجنوبيين ويشهد الله إنني لم أقرأ أيا من نقاطي في موضوع للطيب مصطفى ولكن لربما إختلط عليك الأمر لأني أوردت نقاطي في بوست رفعه الأخ منير .. وما زلت أشعر بالمكر والشطارة الزائدة عن اللزوم عندما طلب سلفا من الجنوبيين مسامحتنا في ما أقترفناه في حقهم .. لم نفعل بهؤلاء القوم إلا الخير وقاتلناهم حين قاتلونا ووجد لاجئيهم الملاذ في شمالنا الذي يرفضونه .. وتسوق لهم المعارضة نكاية بالحكومة وأتحدى أي معارض أن يذكر أننا قاتلناهم أو إزدريناهم ولكن مكر وخبث بعض أهل الشمال المعارض يريدون أن يلصقوا كل أوزار الدنيا بالنظام إن كان ذلك بحق أو بغير حق .... أرجوا يا أخي أن لا يعمي الناس كرهها للنظام عن الحقيقة وتلّبسونا تهمه نحن منها براء
لا نريد منهم مسامحه على وزر لم نقترفه إلا إذا عاوزين ليكم إبادة جماعية تفصلوها على مقاس الحكومة

ثقافة الإعتذار يدعونا لها ديننا وخلقنا إذا أخطأنا ولكنا لسنا ملزمين بتوزيعها مجانا لمن لم نخطئ في حقهم وبالمثل لا نريد مسامحة إلا على ذنب إقترفناه وتفضل المجني عليه بالمسامحة

رد: كيف تكون الوحدة ........ و هذا رأيهم
من طرف أزهرى الحاج البشير في الإثنين ديسمبر 06, 2010 4:26 pm
نسأل أن يعجـّل بالإنفصال لما فيه من الخير للجنوب والشمال على السواء وآن لنا أن نودع مشكل الجنوب وأن ينهض أبناء كل دولة ببناء وطنهم .. وما كان خيارنا للإنفصال إلا لأن أهل الجنوب رفضوا التسامح مثلثما تسامح السود في أمريكا مع جلاديهم والكبير مانديلا مع البيض في جنوب أفريقيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تحياتي الخال ازهري ..أعلاه كانت مداخلة لك ؟؟؟
1/ سامح السود البيض لأن هناك ظلماً وقع عليهم من جانب جلاديهم البيض وسامحوهم عليه؟؟ أليس كذلك ؟؟؟ وأنت كنت تطالب الجنوبيون بأن يحذو حذوهم.(لماذا وانت تقول الان ليس هناك ظلم وقع عليهم البتة؟؟؟؟)
2/ ولماذاسامح مانديلا وشعب جنوب أفريقيا نظام الأبارتايد؟؟؟ أيضاً لأن هناك ظلماً وقع عليهم؟؟؟

محاولة القول بأنه لم تكن هناك أخطاء ومظالم لن تجدي ولن تقنع أحد وإلا لما إنفصل الجنوب ؟؟؟
محاولة القول بأن الذين لا يحبون النظام يذكرون ذلك نكاية بالحكومة هذا قول يجافي الحقيقة ،بل أجزم أن اهل النظام والأشدهم غلواً ما كانو لينكروا أن هناك ظلماً وقع على الجنوب بمثلما ذكرت أنت وفصلت في تلك النقاط السبعة، وانا لم أقل أنك تروج للطيب مصطفى ولكن نقاطك تطابقت مع كل ما يطرحه وأرجع لارشيف مقالات الطيب مصطفى (أو فلنقل نفس الطرح متوافق مع رؤية الطيب مصطفي تجاه مشكلة الجنوب).
والرجل يدعو الآن لوحدة مع مصر ؟؟؟ وطالب بتغيير أسم السودان في إحدى مقالاته لأنه إرتبط باللون الأسود(بالله شوف ليك بجنس محن) وأظنه هنا كان متوافقاً مع وصال المهدي.

شكرا يا شباب على هذا الحوار كامل الدسم.

من وجهة نظرى لا يختلف اثنان على الظلم الذى تعرض له الاخوه فى جنوب السودان منذ الاستقلال يا ازهرى

و لكنى حتما لن ارمى باللوم على المؤتمر الوطنى فقط بل لكل الانظمة التى تعاقبت على ادرة البلد.

وفى المقابل اخى اشرف اختزال كل مصايب السودان فى مسألة جنوب البلاد تعتبر مصيبة اخرى.

تتعرض البلاد هذه الايام لاكبر مؤامرة سياسية يشهدها العالم فى الالفيه الثالثة اخى اشرف و دونك تصريح

الاميريكان فى جوبا قبيل عملية الاستفتاء عندما قال جون كيرى سوف ننتهى من مشكلة الجنوب و نتحرك الى

دارفور ايضا!ماذا فعل هؤلاى بجنوبنا الحبيب؟

سوف يكون مصير دارفور هو نفس مصير الجنوب يا اشرف.

اذا لماذا يعتزر الشماليون ؟ لقد تعرض اهلنا بالشمال لاكبر ظلم فى الدنيا من النخب الشمالية نفسها.

و لذلك انا ضد طرح الزج بالشماليين فى هذا الحوار لانهم لا حولة لهم ولا قوة فالافضل استخدام الحكومه او الحكومات

لان السودان تديرة نخب و مجموعات سياسية فى السابق و الآن تديره القبيلة يا اخوه.

تحياتى

تحياتي لك فيصل ..لم نختلف البتة في ماطرحته، وظللت أكتب دوماً وكنت دوماً مؤمناً بوحدة السودان ،لأني كنت على يقين بأن هناك مؤامرة لتقسيم السودان وأن دعاة الإنفصال والإنفصاليين في الشمال لا يدرون بأنهم يقدمون خدمة للمجتمع الدولي ما كان يتوقعها وتصب في أجندته لتقسيم السودان وهو ما تفضلت أنت يا فيصل بتوضيحه في مداخلتك ،وما زلت مؤمناً بتعايشنا وأرجو أن تصل حكومة المؤتمر الوطني والحركة لصيغة تعايش سلمي عقب الإنفصال المتوقع، وأرجع لكل مداخلاتي في المنتدي وفي كل البوستات التي كانت تناقش قضية الوحدة والإنفصال .وأتفق معك تماماً في عدم الزج بالشماليين والأفضل إستخدام الحكومة أوالحكومات لأننا لا نتحمل وزر ذلك ولكن البعض يحاول أن يختتطف إسم الشمال ويصور أن تلك هي رؤية الشماليين ومثال لذلك منبر الطيب مصطفى والغثاء الذي يكتب بإسم الشماليين زوراً وبهتاناً وأن تلك هي رؤية اللشمال.
،نعم للأسف السودان الآن تديره القبلية والعنصرية وذلك مؤشر خطير جداً لم يحدث في تاريخ السودان الحديث والقديم ربما قادنا ذلك لمألات ما حدث في لبنان وبعض البلدان الأفريقية التي مزقتها القبلية والتي يكرس لها منبر السلام العادل على شاكلة هؤلاء يشبهوننا وهؤلاء لا يشبهوننا وإسم السودان إرتبط باللون الأسود وهذه الترهات.

تحياتي الخال أزهري ..أنا لم أقل ذلك ولكن قلت هذا الطرح الذي تفضلت به مشابه لطرح الطيب مصطفى؟؟ وأرجو أن توضح لي أين الإختلاف.

شكرا اشرف على الايضاحات و كنت متابع كل حواراتك حول الوحده.

ابوالزهور روق المنقه شويه ياخ اشرف يقصد ان الاطروحات تنسجم مع تلك التى يدعو لها المدعو الطيب مصطفى

و الطيب معروف انه رجل انفصالى بالاضافة الى انه عنصرى لدرجة بعيده و هو من داعمى مثلث حمدى الشهير.

علينا اولا الاعتراف بالظلم الذى وقع على الاخوة الجنوبيين و لسنا مطالبين بالاعتزار فقط ان نعترف .

ثانيا مثلث حمدى لن يسلم منه حتى الشمالين يا ابو الزهور.

تحياتى

ول ابا صباح الخيرات

شكرا على المداخلة القيمة يا اخى ولكن!

هناك انطباع سائد لدى كثير من النخب السودانية تتلخص فى ان من اكبر معوقات التنمية و الاستقرار السياسى

هى الحرب فى جنوب السودان و التى كما زكرنا لها اسبابها الموضوعية جدا.

هل من حق الاخوة الجنوبين ان يطالبوا بحقوقهم بكل الطرق المشروعة كما هو الحال فى الشمال ام لا؟

لدينا نمازج كثير للدفاع عن الحقوق فى الشمال ( اكتوبر-ابريل ) و غيرها و التى تمخض عنها تغيير فى الانظمة

الديكتاتورية.

أليس من من العدل ان نصف الحرب فى جنوبنا بانها حرب عادله يا اخوة؟

مالكم كيف تحكمون يا جماعة!

تحياتى

مرحب ابو نوال

مؤكد ابو نوال هناك فرق بين الانتماء للوطن و الانتماء للانظمة و بالفعل كثيرا ما يخلط الناس بينهما.

انا شخصيا انتمى الى السودان و اتعاطى مع كل قضاياه انطلاقا من وطنيتى و حبى لترابه و لست من محترفى السياسه.

قضية جنوب السودان و دارفور و باقى المناطق من القضايا العادلة جدا يا ازهرى و لا يجب ان تخضع لاى معيار

غير عادل او كل الذى يجرى من المساومات السياسية البائسة.

الآن تعترف الحكومه بكل اجهزتها بعدالة هذه القضايا يا ازهرى و تسعى الى الجلوس للتفاوض مع كل من له قضية

اقصد الحكومه و الوسطاء.

علينا ان نعترف بهذه القضايا حتى يتثنى لنا وجود حلول مناسبة .

تحياتى

شكرا ابو نوال

لم ننادى بكل هذا استاذى ازهرى و اتفق معاك تماما ان السودان الآن يعانى من مشاكل كثيرة و اى محاولة

لتغيير النظام عبر الطرق الغير سلميه سوف ينتج عنه فوضى عارمه يصعب السيطرة عليها.

كنت فقط اقول اننا يجب ان نعترف بعدالة هذه القضايا يا ازهرى.

على فكرة دخول البترول فى الموازنه كان نغمة على الاقتصاد السودانى لان الدوله اهملت تماما الزراعة و الصناعه و قطاع

الخدمات الذى يدر اموالا كثيرة.

اما عن فساد السلطة ( راجع تقرير ديوان المراجع العام ) لتتاكد عن نسبة الاعتداء على المال العام.

تحياتى

ولكأنما د.عبدالوهاب الزين قد كان يقرأ حوارنا هذا ولخصه في هذه الأبيات في نصه الرائع "عناق الباباي والليمون"
:

وطني . . لو أذلوك.. وشاقوك
استباحوا طهارة الشمس فيك .. وخانوك
تتسامى بقلبك الرحب عنهم
تتعالى بكبرياء الجريح شموخاً
يستدر نزيف البطولات
من عروق الجنوب الحزين
من وريد الشمال من وهج الالتحام
في عناق الباباي والليمون

ويبقى أننا لم نختلف في أن هناك ظلماً وقع على الوطن بكامله ،هناك إذلال وقع على أبناءه ،هناك قضايا عادلة وحقيقية وإن تفاوتت الآراء حول كيفية التعبير عنها .....
ولكم تحياتي الخال أزهري ..فيصل..ول نوية على الحوار الجاد والشيق لقضايا الوطن الملحة والحقيقية وأظن أن هذا البوست أحدث حراكاً في المنتدى وإن إختلفنا يبقى الود ديدننا والذي لن يفسده الخلاف .
. النقاش موضوعي جداً يا ول نوية والله لا جاب شظايا ،وأعتذر لك وللخال أزهري إن بدا لكم ذلك

إنشراخات شجنة في وطن موبوء بالتمزق


ما زالت الذكرى هي التي تشدنا نحو البكاء المر يا الجمري، ونحو هذه الإنشراخات الشجنة التي تستعاد الآن فصولها وتفاصيلها.

أتذكر حينما كنت تشخص أمام لحن شجن، لتقول لي أسفا أن كل أغنية عالم مترع بالتفاصيل، الأسواق والناس، الشوارع، الأصدقاء الودودون، إهتلال الصباحات الضاحكة والمساءات الحبلى بالدفء والحميمية؛ أتذكرحينما كنت تنتصب فاتحا ذراعي اشواقك التائقة لمعانقة أغنية في مقهى ما، لأنها تعيد إليك ذكريات حبيبة عصفت بها الأيام أو صديق عصف بالآصرة؛ أتذكر حينما كنت تحدثنا بحنين تائق عن (الكلَّات) وايام عملك القاسية بالميناء وعن تلك الجلابية الوفية التي كانت تمتلئ بك بصبر رهيب رغم بلوغها أرازل العمر وانحسارها عن منكبيك، وعن صافرات السفن وابتهالات الحجيج ودموع الهاربية من جحيم الوطن وحسرات العائدين من أورات الغربة واحتراقاتها، والجمبري والنوارس، والناس، الناس يا الجمري عمال (الكلات) وجلالاتهم الملتاثة بأبدية العذاب وحميات الفقر والأحلام الشاردة والأماني القرمصيص: (نبي سلينا، سلينا/ رسول سلينا، سلينا/ التوب الغالي، قرمسيس/ الشاغل بالي، قرمسيس)؛ تلك الجلالات التي لكم اشتهيت لو سمعها كارل ماركس أو شدَّت إنتباه زوجة ستالين المتمردة تلك، ليكون موتها الفاجع ذاك من أجلهم لا من أجل الفقراء القوقازيين. والنادي والاصدقاء الحميمين، والكتشينة، واضواء المدينة التي كنت دوما تقول لي انها كانت تسهر من أجلك أنت دون سائر قاطنيها؛ أتذكر حينما كنت تشبه نفسك بـ (حنا مينا) حيث كنت تقول ما اللازقية إلا مدينتك التي تركتها كالمطلقة وما طرطوس إلا سواكن؟!

إنك لم تك مطلقا صائد همنجواي ذلك العجوز الذي كان يؤمن بالميتافيزيقيا والقوة اللا مرئية، وإلا لما تنازعتك الأمواه وتشظيت بين عذوبة النيل وملوحة البحر وروح تبكي محلقة في سماء المدينة محاولة شزرا إختطاف الدفء كما صقور الثغر السود تلك، وجسد يشكو إقتران العقوق وجور الحبيبة التي تغري الملايين من أمثالك بإضطجاعها الفاضح ذاك عند ملتقى النيلين ومقرنها ولا تستتر سوى بالطمي الذي يزيد من معدلات اشتهائك لها.

ألا يكفي أنك أدركت باكرا أن مياه البحر لا يقوى على تجرعها الظمآن فأتيت تقصد الرواء هنا في ملتقى السحنات والسلالات أو تنحاز للبحر رغم تراخيه عنك وكتمانه لشهادة انتماءك أو تنحاز له، وأنت تعلم أن الذي لا يقوى على البوح والإفصاح شخص لا يخدم قضيتك في شيء، ومن الذي ينحاز لكل ذلك الوجع المتمدد كما الحوت على قاع الوطن؟!

كلنا متعطش، وكلنا متشظي، وكلنا منشطر، وكلنا مبعثر ومشتت، وكلنا مشروع قصيدة حزينة تأبى أن تكتب على نهج الأقدمين أو على غرار (إلى حين اللقاء إليك منى تباريح وآهات كليمة).

كان عليك أن تنتظر إلى أن تخرج لك فينوس من عميق الموج، ولكن يا الجمري، من ذا الذي يستطيع أن يتصالح وانتظارات الموانئ؟َ!

غير أن البحر لا يجدي معه النحيب

البحر أخرس

البحر لا يجيب

لو أدركت ما قاله عاطف خيري (واجعني في البحر السكات)، لكنت امتطيت موجة عطوفة ولكنت وازيت البحر في صمتة الأدبية الخجولة تلك، رغم أن البحر هو الشاهد الحاسم في قضيتك، قضية وجودك، ولو قال بينة الوحيدة تلك لحسم النزاع لصالحك.

لماذا لم تكلفه بالحضور للمثول لدى محكمة دواخلك المنهوشة بالصراع كيما يدلي بإفادته الوحيدة عن تشظيك بين العذوبة وشواطئ الملح، حتما كان سيتراخى عنك ويجعلك نهبا للشكوك وحتما ستصفح عنه، ويا له من صفح خجول.

أنت لست بحارا، لأنك ببساطة مسكون بالأحلام وتقص أرخبيلاتك بإنتظارات الغد الآتي والأزمنة الجميلة التي لم تأت بعد، فالذي يقول (أجمل الايام هي التي لم نعشها بعد) ليس ببحار والذي عنده اللحظة الآنية عبارة عن (ويل) للتطهر ومن ثم العبور إلى الفراديس التي يمني بها نفسه ليس سوى طوباوي حالم عليه أن ينتظر على الرصيف إلى حين إشعار قريب.

البحر، الوطن، النيل..

البحر هو دموعك الإقليمية التي هي جزء اصيل من وطن يسكن فيك حزنا وبكاءا أبدي التنهدات، الوطن هو دائرة حزنك التي صارت غير مختصة بنظر تنازع الإختصاص في قضية ذلك النورس الذي ستعذب ويتعذب بعذوبة نهر النيل في آن، أما النيل فهو تلك البينة والدليل الخرافي الذي تحتشد فيه الحكاوي والتصورات وشبحيات الفرقة والشتات وهو الشيء الوحيد في وطني الذي لا يقوى أحد على تقسيمه أو فصله مهما كانت حُجِّية حق تقرير المصير.

إنك حتما سائر بدرب الآلام، حاملا صليب التساؤلات التي أكلت جسدك المنهوك، ماضيا صوب تلاشٍ خير منه رصاصة همنجواي وخليل حاوي وتردي ابوذكرى الف مرة ومرة، أنا أحترم فيك ذاك التشظي لأن الوطن يا الجمري لم يعد قادرا على إحتوائك، ولكن لم لا تكون أن قادر على احتوائه؟!؛ ربما كنت حينها أحترمك بقدسية أكبر.

أتنحاز للبحر يا الجمري؟!

أليس الوطن كله جدير بالإنحياز؟!

وكيف يستطيع (البحر) وحده إكمال تلك اللوحة التي هي أحوج ما تكون لك، اللوحة التي تحوي المشردين بكل أحزانهم العميقة وعقدهم والنيل ورمل الصحارى ودموع الحيارى وانكسارات التواريخ واصطلاءات ملايين الجموع التي نأى عنها (البحر) ليقف على بعد آلاف الأوجاع كمتفرج أخرس، وأنا صديقك (البحر) لمن تتركني، والقهوة ومعاتبة المدينة وشحاذيها ومهموميها القانعين وموهوميها البائسين وموهوبيها القانطين وكل التفاصيل التي لطالما غرقت أنت فيها وسودت بها صحائف العمر وأوراق الياسمين ووريقات الحناء وذاكرة الشم التي تجعلك تفر من وهم الحياة؟!

ليتها القهوة لم تك يوما جزءا من التفاصيل وليت لونها ما اندلق على صباحات الوطن وليتها الصباحات كلها اختزلت في صالون العم محمد حسن جزار وصالون حسن ابو الريش في (رومي البكري) تلك الأقاصي التي تغص بالجمال والطيبة والحنان، ليتني ما عرفت تلك العصفورة التي تهيض جناحها ولا تقوى على الترنيق على مسام الأغنيات، الأغنيات يا الجمري التي كانت تشد (ألق) إلى الزوال والتلاشي، (ألق) تلك الأمثولة الثقافية التي ولدناها بعد عسر مخاض كيما تروي ظمأ العطاشى في تلك الاقاصي ولتفتح ثقبا في العقول التي تعرضت لقذارات (تراكمات الماضي)، ثقبا من أجل أن يدخل نور للوعي، (ألق) التي كانت لا تنام كي لا تحلم بوطن يشكو الإلتهاب الرئوي الذي يمنعه الغناء.

كان علينا أن ندرك أن هذا الوطن مجهض للأحلام وأشباه الأحلام ومجلبة للوساوس والكآبات القاتلة، كان علينا أن نتمسك بالوصايا العشرة التي كانت أمي وأمك بل كل الأمهات- خشية التثكل- يعتقدن فيهن القداسة، الوصايا يا الجمري التي منها (لا..لا تجاريها المناير وأحذر أوراق السياسة) ومن ثم نرتمي برفق عنيف على أحضان هذا الوطن، ثم لا تسألني مطلقا عن مهيرة أو لمياء ملاسي أو مازن فتح الرحمن أو نتيجة الإستفتاء أو سلام دارفور أو حتى أنا..

فـ (ألق) هذه عانت واحتضرت وماتت بالقرب من النيل وسيان هذا الإحتضار ما إذا كان بالقرب من النيل أو على مرأى ومسمع من من حوريات البحر، (ألق) ماتت يا الجمري في وطن الإنكسارات والأحزان الوطنية الكبيرة.

بكيناها (ألق)، بكينها فيها الوطن وبكينا فيها أنفسنا، بكينا يا الجمري حتمية التواريخ في بلادنا التي حتى الآن لم تسفر عن تقاسم عادل للثروة والسلطة أو الحلم بسلام يكفل لنا حق الحياة دون عناء داخل جغرافيتنا، بكينا جدلية التاريخ وفكرة البعث وأحلام أوغسطينو لادو التي لا ترى في هذه الجغرافيا سوى وطن واحد متحد، رغم كل مزاعم التشرزم وبكينا الرتائن التي ماتت والطنابير التي لم تغن، وأخيرا بكينا زمان أفراحنا يا الجمري.

لكم تمنيت لو استطيع أن أسقط الفجيعة والأسى والحزن والليل والتحطم والضياع والتشتت من قواميس لغتي لتكون كتاباتي طاهرة وعفيفة غير ملوثة الرئتين، ويا ليتني كنت بحارا في ذلك..تداعبني موجات ذلك الحلم، الذي لطالما حلمناه وحملناه معا.

لكني دوما افجع فيك يا الجمري، ويركبني ليل الأحزان لتشظيك ذاك، خياري أنا هو هذا الوطن بكل مناخاته وتعدداته وتمزقاته الغير منتهية وتقرحاته التي صارت لا تحتمل التخمة والإمتلاء، أما أنت يا الجمري فدونك البحارة والبحر الذي ما عاد يحتمل ساحليه ودونك الرواويس صائدي الأسماك والنهر الذي بات يهرب من ضفتيه ويخشى أن يصحو يوما على حقيقة أن تتقطع أوصاله بالإستفتاء وحق تقرير المصير، ودونك كل هذا الوجع الأبدي- الخرافي المهيب فلك أن تختار.

لكني دوما افجع فيك يا الجمري، ويركبني ليل الأحزان لتشظيك ذاك، خياري أنا هو هذا الوطن بكل مناخاته وتعدداته وتمزقاته الغير منتهية وتقرحاته التي صارت لا تحتمل التخمة والإمتلاء، أما أنت يا الجمري فدونك البحارة والبحر الذي ما عاد يحتمل ساحليه ودونك الرواويس صائدي الأسماك والنهر الذي بات يهرب من ضفتيه ويخشى أن يصحو يوما على حقيقة أن تتقطع أوصاله بالإستفتاء وحق تقرير المصير، ودونك كل هذا الوجع الأبدي- الخرافي المهيب فلك أن تختار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أحتاجُ دوزنة وتراً جديداً
لا ُيضيف إلى النشيدِ سوا النشـــــاز
لغةً تُفتشُ عن أراضٍ خِصبةٍ
شمساً تُغير طعم فاكهةِ الشتاء
أحتاجُ مِدرسةً من الشعراءِ و الجوعى
لنُعلن سُخطنا أو ننتهي منا باغنيةٍ تذاع
بالشهداء
بالفقراء
بطفلنا الآتي
بكوم اللاجِئين
بالداعين في الصلوات
هتـــــتفنا ما سمعتم
ثم هاجرنا انصرفتم
يا بحراً تجاوز في سكونِهِ كل حد
يا بحر قم..حرِك تحرك
أو فعُد نحو ابتلائك فالنهايات القديمة لا تُحد
ألفُظ جحيمك
أو فغادر ساحليك إلى الأبد

مرة أخرى يا فيصل وكأن الجزء الأخير من المقال الرائع كان يستحضر رائعة عقد الجلاد" يا بحر قم حرّك تحرك"

تحياتي الفاتح ..أظنك تقصد ذاك القطار الذي كان يشق الغابة..والذي تغنت له بنت عجاج في" بلداً هيلي أنا:"

ناس من كل لون إتعمرت أنسابا
....القطر القبيل يمشي ويشق الغابة