قصـــــة أعجبتني .... (4)
صفحة 1 من اصل 1
قصـــــة أعجبتني .... (4)
:: الخادمة تكتب النهاية ::
نقلني زوجي من حياة إلى حياة، من طبقة إلى طبقة، وبدل كل التفاصيل فأنا فتاة نشأت في أسرة كبيرة العدد، أمي ربة منزل وأبي موظف بسيط في عمل حكومي يكد ويكدح من أجل تربية ثمانية من الأولاد والبنات، ثمانية في مراحل التعليم المختلفة واحتياجاتنا أكبر بكثير من إمكاناته المتواضعة لكنه جعلنا هدفاً أمام عينيه، يقاتل بشراسة من أجل تحقيقه وكان مثل أعرج يجري وراء سيارة يسابقها ورغم الفارق لم ييأس ولم يفقد الأمل ويكفي أن يوفر لنا أهم الاحتياجات وفي نهاية العام تأتي النتائج وننجح جميعا، كنت أشعر بالنقص فالفارق بيني وبين زميلاتي وزملائي في المدرسة ثم في الجامعة كبير لا أنعم بأساسيات ولا كماليات، لا أعرف الترفيه فعنواني في كل شيء هو الحرمان، وإن كنت غير ساخطة إلا أنني أتوق إلى الستر وتحقيق بعض ما تريده نفسي، فلا علاقة لنا بالطعام الطيب ولا الملابس الفاخرة والمصروف اليومي الذي يحصل عليه التلاميذ كان كأنه من المحرمات والفواكه تضل الطريق إلى بيتنا ولا فرق بين الصيف والشتاء وكلما تذكرت هذه الأحوال لا أصدق نفسي أننا كنا صابرين إلى هذا الحد وتحملنا فوق طاقة البشر سنوات مديدة حتى بدأ الكبار التخرج في الجامعة وإن كان ذلك لم يخفف المعاناة لكنه كان ثمرة كفاح أبي التي يجنيها بعد جهد جهيد.
سليل أسرة ثرية
مضت أيام وشهور وسنوات لا عدد لها حتى تخرج الجميع وحصلوا على مؤهلات عالية، وبذلك اكتمل قطاف كل الزهور والثمرات، لكن القدر شاء أن ينتقل أبي إلى جوار ربه قبل أن تقر عيناه بكل النتائج والنعم التي جاءت نتيجة عرقه وعمله وما قدمت يداه، اذ كانت هذه الشهادات الجامعية العالية هي المفتاح الذي فتح مغاليق السعادة والخير، فحصلنا على وظائف متميزة تدر علينا دخولا وعوائد مالية أعادت الأرواح إلى أجسادنا الميتة ووضعنا أقدامنا على أولى خطوات الأمل وتحقيق الأمنيات والوصول إلى المستحيلات أو التي كنا نراها كذلك.
تعرفت على زوجي من خلال عملي كان سليل أسرة ثرية ولا يعرف شظف العيش، أعجب بجمالي وشخصيتي فلا أحد ممن حولي يعرف عن حياتي السابقة ولا أقل القليل، استطعت أن أحافظ عليها سراً في صندوق مغلق، لا أتطرق إلى الحديث عنها أبداً، واكتفي بأن أعيش اللحظة لأنني أعرف طبائع الناس، فلو علموا الماضي لاعتبروه نقيصة ولتعاملوا معي بشكل مختلف يقلل من قدري ومن منزلتي عندهم، بل ربما يقللون من احترامهم رغم أن الفقر ليس عيباً ولا عارا ولا ذنبا اقترفته، وعاملني زملائي وزميلاتي في العمل على أنني من ذوي الأملاك والأموال لأنني أخت لسبعة من البنين والبنات كلهم في وظائف مرموقة ومواقع متميزة وكانت هذه مسوغات الاعتماد حتى عند زوجي وبجانب إعجابه بي، أحبني بقوة ولم يكن في أيامنا الخوالي على العروس ان تتحمل الكثير من مستلزمات الزواج، فقط بعض الملابس والقليل من المجوهرات، ومساهمة رمزية في الأثاث وكل هذا لم يكن ضمن حسابات زوجي واشتراطاته، فقد كنا في زمن لا يعرف غلاء المهور والمغالاة في الشبكة والكماليات وحتى في توافه الأمور وانتقلت الى بيته.
كما بدأت كلامي كانت هذه الزيجة نقلة نوعية ومكانية ونفسية ومالية حقيقية، فعلا تغيرت حياتي من النقيض إلى النقيض من الفقر إلى الغنى ومن الحاجة إلى الزيادة وصارت عندي ملابس للشتاء وملابس للصيف ونستعد لقضاء المصيف كل عام في مكان راق مختلف مع علية القوم والمشاهير ونجوم المجتمع ولدي سيارة خاصة بي بخلاف سيارة زوجي وخلعت جلد الفقر وتخلصت منه وارتديت زي الغنى والثراء واختلت فيه بخيلاء، كأنني ولدت فيه لم يكن غريبا عليَّ إذ كنت من قبل أعيشه بخيالي وأحلامي وأراه في صحوي ومنامي، وسارت حياتي هانئة هادئة مستقرة وزوجي يزداد حبه لي كل يوم ولا يعكر صفو حياتنا إلا المناوشات الزوجية والخلافات العادية، لكن النفس لا تشبع ولا تقف عن حد، فلا نهاية للطموحات أو الأطماع ودائما تقول هل من مزيد فإذا بي وأنا في هذا الوضع والترف، أجد انه لا يليق بي أن أقف في المطبخ أغسل الأطباق وأعد الطعام ولا يصح أن أكون في وضع أقل من صديقاتي ويجب ألا يتميزن عني ولو بأقل القليل.
طلبت من زوجي أن يأتيني بخادمة تتحمل أعباء البيت وتقوم بأعمال النظافة والغسيل وتعد الطعام والشراب، خاصة عند وجود ضيوف عندنا، ورفض زوجي ليس بسبب أجر الخادمة فهذا لا يمثل عبئا ماليا عليه وإنما يرى أنه لا يريد لأحد أن يشاركنا خصوصية حياتنا، ويقطع علينا خلوتنا والاهم انه لا يستمتع إلا بالطعام الذي أصنعه بيدي وبعد جدال طويل توصلنا إلى أن نأتي بخادمة تتولى أعمال النظافة والطبخ والغسيل وتبقى لي اللمسات الأخيرة وألا تكون مقيمة معنا بصفة دائمة، وبعد عدة أشهر لم أرتض هذا الوضع وقررت ان تكون الخادمة مقيمة وتتولى شؤون البيت كلها، خاصة أن عندي أعباء طفلين صغيرين وليست لدي طاقة للتعامل معهما وتلبية كل مطالبهما ورفضت الخادمة مبدأ الإقامة لأن لها زوجا وأطفالا وهم بحاجة لها، وقررنا أن نجلب خادمة آسيوية فهم اكثر طاعة، وعلى دراية بأعمال البيت والتربية، ولدينا غرفة خاصة لها والاهم من هذا أنها ستضيف اليًّ وجاهة اجتماعية وهي تسير خلفي تحمل متعلقاتي وتستجيب لمطالبي وهي تنحني أمامي.
خطوة مهمة
كان لي ما أردت وجاءت الخادمة التي غيرت وجه مسكننا، وقد أكثرت من التردد على النادي وهي معي لتعرف صديقاتي هذه الخطوة المهمة في حياتي واستطاعت أن تغير بلمساتها كل صغيرة وكبيرة وتلبي مطالبنا جميعاً في وقت واحد بالطبع كان لزوجي من اهتمامها النصيب الأكبر، حتى إنني بمشاعر وأحاسيس المرأة استشعرت اهتمامه بها وتحوله اليها، تفضحه النظرات المختلسة من وراء ظهري في وجودي ولا أدري ماذا يحدث في غيابي ومن الطبيعي أن يساورني الشك، وتلعب برأسي الظنون وأنا أراها تتزين وتهتم بنفسها أكثر مما افعل أنا، كانت حريصة على أن تتخلص من رائحة الطعام والمطبخ فور الانتهاء من إعداده، لا تظهر إلا في كامل زينتها، حتى لم تخف عليًّ النظرات والهمسات المتبادلة بينها وبين زوجي وقد أصبح أسير البيت أكثر من أي وقت مضى، يترك غرفة النوم ويتسلل منها خلسة بحجة الشراب، واستبدت بي الشكوك حتى كادت أن تقتلني إلى أن تأكدت من أن زوجي يعيش قصة حب مع الخادمة، بل وقعت المصيبة الأكبر انه يمارس معها الرذيلة في بيتي وفي غرفة نومي.
جرح كرامتي وحطم كبريائي لكن عزة نفسي تمنعني من أن أبوح بهذا السر ولا يمكنني أن أخبر به قريبا ولا صديقاً، فماذا أقول؟ زوجي يعشق الخادمة، إنني الخاسرة فلا يجوز أن أضع نفسي معها في مقارنة، فكرت في طردها وإنهاء الأمر لكن ذلك لن يرد إليَّ كرامتي السليبة، ولن يزيل آثار الصفعة التي وجهها إليَّ وإن كنت اعترف بأنني السبب فيها وأنا التي صنعت الأزمة، ولابد أن أبحث عن مخرج بنفسي، واكتفيت في هذا الوقت بتضييق الخناق عليهما، لا أدع لهما مجالا للخلوة حتى لاحظت الضيق والتذمر عليهما وعلى وجه زوجي خاصة، وركزت كل اهتمامي على الثأر والانتقام، نعم الثأر والانتقام ولن أتنازل عن حقي ولن أستسلم بسهولة.
حل مفاجئ
بينما بركان صدري في ثورة جاءني الحل بسهولة ويسر على طبق من ذهب، كان بالقرب مني يشرب الشاي وأنا أقلب صفحات مجلة بغير اهتمام أو تركيز وقعت عيناي على هذا الحل الذي لا أدعي أنه من بنات أفكاري وإنما جاءني هبة ونجدة فلم أضيع وقتا وفي الصباح بدأت التنفيذ وقمت من وراء ظهره بإنهاء التعاقد مع الخادمة وإعطائها كامل حقوقها وإنهاء اجراءات سفرها وخلال أيام اصطحبتها إلى المطار لتعود إلى بلدها وفي المساء أخبرته بالنبأ الذي وقع على رأسه كالصاعقة بأن السلطات قامت بترحيل الخادمة لأنه تبين أنها مصابة بالإيدز! كانت الكلمات كأنها مطرقة حديدية هويت بها على أم رأسه، تصبب عرقا ونحن في قلب الشتاء، ادعى انه يريد النوم ويشعر بالإرهاق من كثرة العمل في هذا اليوم وتوالت النتائج التي أثلجت صدري وشفي بها قلبي، فزوجي يعرف النتيجة فإذا كانت الخادمة مصابة بالإيدز فقطعا سيكون المرض القاتل قد انتقل اليه، ولا يجرؤ على البوح بهذا السر ولكن بدأ يظهر عليه القلق، قل نومه وطال ليله وانشغل فكره، نحل جسده وكاد ينقطع عن الطعام والشراب فعلا أراه أمام عيني يموت ببطء، عرضت عليه أن يذهب إلى الأطباء فرفض خشية الفضيحة.
وعندما اصبح بقايا إنسان وهيكل عظمي تقدمت الى محكمة الأسرة أطلب خلعه، اطلب خلع الخائن وأتخلص من الخيانة بعد أن شفيت غليلي ولان المحكمة لا تطالبني لا بسبب ولا بمستندات في طلب الخلع كان لي ما أردت، وصدر حكم لصالحي بخلعه.
ولكن في آخر نظرة بيننا على سلم باب المحكمة وضعت المسمار الأخير في نعشه وأخبرته بالحقيقة الكاملة التي ما زالت غائبة عنه أو غائبا عنها، بالكاد ابتسم ابتسامة «ضعيفة» ارتسمت على شفتيه دون أن ينطق بكلمة واحدة.
لا أدري إن كنت خاسرة ام كاسبة بعد هذه المعركة وإن كنت على خطأ أو صواب، أحيانا أشعر بالذنب وأحيانا أشعر بالارتياح.
نقلني زوجي من حياة إلى حياة، من طبقة إلى طبقة، وبدل كل التفاصيل فأنا فتاة نشأت في أسرة كبيرة العدد، أمي ربة منزل وأبي موظف بسيط في عمل حكومي يكد ويكدح من أجل تربية ثمانية من الأولاد والبنات، ثمانية في مراحل التعليم المختلفة واحتياجاتنا أكبر بكثير من إمكاناته المتواضعة لكنه جعلنا هدفاً أمام عينيه، يقاتل بشراسة من أجل تحقيقه وكان مثل أعرج يجري وراء سيارة يسابقها ورغم الفارق لم ييأس ولم يفقد الأمل ويكفي أن يوفر لنا أهم الاحتياجات وفي نهاية العام تأتي النتائج وننجح جميعا، كنت أشعر بالنقص فالفارق بيني وبين زميلاتي وزملائي في المدرسة ثم في الجامعة كبير لا أنعم بأساسيات ولا كماليات، لا أعرف الترفيه فعنواني في كل شيء هو الحرمان، وإن كنت غير ساخطة إلا أنني أتوق إلى الستر وتحقيق بعض ما تريده نفسي، فلا علاقة لنا بالطعام الطيب ولا الملابس الفاخرة والمصروف اليومي الذي يحصل عليه التلاميذ كان كأنه من المحرمات والفواكه تضل الطريق إلى بيتنا ولا فرق بين الصيف والشتاء وكلما تذكرت هذه الأحوال لا أصدق نفسي أننا كنا صابرين إلى هذا الحد وتحملنا فوق طاقة البشر سنوات مديدة حتى بدأ الكبار التخرج في الجامعة وإن كان ذلك لم يخفف المعاناة لكنه كان ثمرة كفاح أبي التي يجنيها بعد جهد جهيد.
سليل أسرة ثرية
مضت أيام وشهور وسنوات لا عدد لها حتى تخرج الجميع وحصلوا على مؤهلات عالية، وبذلك اكتمل قطاف كل الزهور والثمرات، لكن القدر شاء أن ينتقل أبي إلى جوار ربه قبل أن تقر عيناه بكل النتائج والنعم التي جاءت نتيجة عرقه وعمله وما قدمت يداه، اذ كانت هذه الشهادات الجامعية العالية هي المفتاح الذي فتح مغاليق السعادة والخير، فحصلنا على وظائف متميزة تدر علينا دخولا وعوائد مالية أعادت الأرواح إلى أجسادنا الميتة ووضعنا أقدامنا على أولى خطوات الأمل وتحقيق الأمنيات والوصول إلى المستحيلات أو التي كنا نراها كذلك.
تعرفت على زوجي من خلال عملي كان سليل أسرة ثرية ولا يعرف شظف العيش، أعجب بجمالي وشخصيتي فلا أحد ممن حولي يعرف عن حياتي السابقة ولا أقل القليل، استطعت أن أحافظ عليها سراً في صندوق مغلق، لا أتطرق إلى الحديث عنها أبداً، واكتفي بأن أعيش اللحظة لأنني أعرف طبائع الناس، فلو علموا الماضي لاعتبروه نقيصة ولتعاملوا معي بشكل مختلف يقلل من قدري ومن منزلتي عندهم، بل ربما يقللون من احترامهم رغم أن الفقر ليس عيباً ولا عارا ولا ذنبا اقترفته، وعاملني زملائي وزميلاتي في العمل على أنني من ذوي الأملاك والأموال لأنني أخت لسبعة من البنين والبنات كلهم في وظائف مرموقة ومواقع متميزة وكانت هذه مسوغات الاعتماد حتى عند زوجي وبجانب إعجابه بي، أحبني بقوة ولم يكن في أيامنا الخوالي على العروس ان تتحمل الكثير من مستلزمات الزواج، فقط بعض الملابس والقليل من المجوهرات، ومساهمة رمزية في الأثاث وكل هذا لم يكن ضمن حسابات زوجي واشتراطاته، فقد كنا في زمن لا يعرف غلاء المهور والمغالاة في الشبكة والكماليات وحتى في توافه الأمور وانتقلت الى بيته.
كما بدأت كلامي كانت هذه الزيجة نقلة نوعية ومكانية ونفسية ومالية حقيقية، فعلا تغيرت حياتي من النقيض إلى النقيض من الفقر إلى الغنى ومن الحاجة إلى الزيادة وصارت عندي ملابس للشتاء وملابس للصيف ونستعد لقضاء المصيف كل عام في مكان راق مختلف مع علية القوم والمشاهير ونجوم المجتمع ولدي سيارة خاصة بي بخلاف سيارة زوجي وخلعت جلد الفقر وتخلصت منه وارتديت زي الغنى والثراء واختلت فيه بخيلاء، كأنني ولدت فيه لم يكن غريبا عليَّ إذ كنت من قبل أعيشه بخيالي وأحلامي وأراه في صحوي ومنامي، وسارت حياتي هانئة هادئة مستقرة وزوجي يزداد حبه لي كل يوم ولا يعكر صفو حياتنا إلا المناوشات الزوجية والخلافات العادية، لكن النفس لا تشبع ولا تقف عن حد، فلا نهاية للطموحات أو الأطماع ودائما تقول هل من مزيد فإذا بي وأنا في هذا الوضع والترف، أجد انه لا يليق بي أن أقف في المطبخ أغسل الأطباق وأعد الطعام ولا يصح أن أكون في وضع أقل من صديقاتي ويجب ألا يتميزن عني ولو بأقل القليل.
طلبت من زوجي أن يأتيني بخادمة تتحمل أعباء البيت وتقوم بأعمال النظافة والغسيل وتعد الطعام والشراب، خاصة عند وجود ضيوف عندنا، ورفض زوجي ليس بسبب أجر الخادمة فهذا لا يمثل عبئا ماليا عليه وإنما يرى أنه لا يريد لأحد أن يشاركنا خصوصية حياتنا، ويقطع علينا خلوتنا والاهم انه لا يستمتع إلا بالطعام الذي أصنعه بيدي وبعد جدال طويل توصلنا إلى أن نأتي بخادمة تتولى أعمال النظافة والطبخ والغسيل وتبقى لي اللمسات الأخيرة وألا تكون مقيمة معنا بصفة دائمة، وبعد عدة أشهر لم أرتض هذا الوضع وقررت ان تكون الخادمة مقيمة وتتولى شؤون البيت كلها، خاصة أن عندي أعباء طفلين صغيرين وليست لدي طاقة للتعامل معهما وتلبية كل مطالبهما ورفضت الخادمة مبدأ الإقامة لأن لها زوجا وأطفالا وهم بحاجة لها، وقررنا أن نجلب خادمة آسيوية فهم اكثر طاعة، وعلى دراية بأعمال البيت والتربية، ولدينا غرفة خاصة لها والاهم من هذا أنها ستضيف اليًّ وجاهة اجتماعية وهي تسير خلفي تحمل متعلقاتي وتستجيب لمطالبي وهي تنحني أمامي.
خطوة مهمة
كان لي ما أردت وجاءت الخادمة التي غيرت وجه مسكننا، وقد أكثرت من التردد على النادي وهي معي لتعرف صديقاتي هذه الخطوة المهمة في حياتي واستطاعت أن تغير بلمساتها كل صغيرة وكبيرة وتلبي مطالبنا جميعاً في وقت واحد بالطبع كان لزوجي من اهتمامها النصيب الأكبر، حتى إنني بمشاعر وأحاسيس المرأة استشعرت اهتمامه بها وتحوله اليها، تفضحه النظرات المختلسة من وراء ظهري في وجودي ولا أدري ماذا يحدث في غيابي ومن الطبيعي أن يساورني الشك، وتلعب برأسي الظنون وأنا أراها تتزين وتهتم بنفسها أكثر مما افعل أنا، كانت حريصة على أن تتخلص من رائحة الطعام والمطبخ فور الانتهاء من إعداده، لا تظهر إلا في كامل زينتها، حتى لم تخف عليًّ النظرات والهمسات المتبادلة بينها وبين زوجي وقد أصبح أسير البيت أكثر من أي وقت مضى، يترك غرفة النوم ويتسلل منها خلسة بحجة الشراب، واستبدت بي الشكوك حتى كادت أن تقتلني إلى أن تأكدت من أن زوجي يعيش قصة حب مع الخادمة، بل وقعت المصيبة الأكبر انه يمارس معها الرذيلة في بيتي وفي غرفة نومي.
جرح كرامتي وحطم كبريائي لكن عزة نفسي تمنعني من أن أبوح بهذا السر ولا يمكنني أن أخبر به قريبا ولا صديقاً، فماذا أقول؟ زوجي يعشق الخادمة، إنني الخاسرة فلا يجوز أن أضع نفسي معها في مقارنة، فكرت في طردها وإنهاء الأمر لكن ذلك لن يرد إليَّ كرامتي السليبة، ولن يزيل آثار الصفعة التي وجهها إليَّ وإن كنت اعترف بأنني السبب فيها وأنا التي صنعت الأزمة، ولابد أن أبحث عن مخرج بنفسي، واكتفيت في هذا الوقت بتضييق الخناق عليهما، لا أدع لهما مجالا للخلوة حتى لاحظت الضيق والتذمر عليهما وعلى وجه زوجي خاصة، وركزت كل اهتمامي على الثأر والانتقام، نعم الثأر والانتقام ولن أتنازل عن حقي ولن أستسلم بسهولة.
حل مفاجئ
بينما بركان صدري في ثورة جاءني الحل بسهولة ويسر على طبق من ذهب، كان بالقرب مني يشرب الشاي وأنا أقلب صفحات مجلة بغير اهتمام أو تركيز وقعت عيناي على هذا الحل الذي لا أدعي أنه من بنات أفكاري وإنما جاءني هبة ونجدة فلم أضيع وقتا وفي الصباح بدأت التنفيذ وقمت من وراء ظهره بإنهاء التعاقد مع الخادمة وإعطائها كامل حقوقها وإنهاء اجراءات سفرها وخلال أيام اصطحبتها إلى المطار لتعود إلى بلدها وفي المساء أخبرته بالنبأ الذي وقع على رأسه كالصاعقة بأن السلطات قامت بترحيل الخادمة لأنه تبين أنها مصابة بالإيدز! كانت الكلمات كأنها مطرقة حديدية هويت بها على أم رأسه، تصبب عرقا ونحن في قلب الشتاء، ادعى انه يريد النوم ويشعر بالإرهاق من كثرة العمل في هذا اليوم وتوالت النتائج التي أثلجت صدري وشفي بها قلبي، فزوجي يعرف النتيجة فإذا كانت الخادمة مصابة بالإيدز فقطعا سيكون المرض القاتل قد انتقل اليه، ولا يجرؤ على البوح بهذا السر ولكن بدأ يظهر عليه القلق، قل نومه وطال ليله وانشغل فكره، نحل جسده وكاد ينقطع عن الطعام والشراب فعلا أراه أمام عيني يموت ببطء، عرضت عليه أن يذهب إلى الأطباء فرفض خشية الفضيحة.
وعندما اصبح بقايا إنسان وهيكل عظمي تقدمت الى محكمة الأسرة أطلب خلعه، اطلب خلع الخائن وأتخلص من الخيانة بعد أن شفيت غليلي ولان المحكمة لا تطالبني لا بسبب ولا بمستندات في طلب الخلع كان لي ما أردت، وصدر حكم لصالحي بخلعه.
ولكن في آخر نظرة بيننا على سلم باب المحكمة وضعت المسمار الأخير في نعشه وأخبرته بالحقيقة الكاملة التي ما زالت غائبة عنه أو غائبا عنها، بالكاد ابتسم ابتسامة «ضعيفة» ارتسمت على شفتيه دون أن ينطق بكلمة واحدة.
لا أدري إن كنت خاسرة ام كاسبة بعد هذه المعركة وإن كنت على خطأ أو صواب، أحيانا أشعر بالذنب وأحيانا أشعر بالارتياح.
عثمان محمد يعقوب شاويش- مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه
مواضيع مماثلة
» قصـــــة واقعية .....رقم (6)
» قصــــة أعجبتني ... (3)
» قصة واقعية ...أعجبتني ...(4) ..
» صورة أعجبتني
» كلمات أعجبتني
» قصــــة أعجبتني ... (3)
» قصة واقعية ...أعجبتني ...(4) ..
» صورة أعجبتني
» كلمات أعجبتني
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى