ابوجبيهه


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ابوجبيهه
ابوجبيهه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قصة فاطنه والسواق

+5
صباح حسن عبد الرحيم
اشرف بشرى إدريس
فيصل خليل حتيلة
غريق كمبال
محمد قادم نوية
9 مشترك

اذهب الى الأسفل

قصة فاطنه والسواق  Empty قصة فاطنه والسواق

مُساهمة من طرف محمد قادم نوية 15th فبراير 2011, 11:52

هذه القصة رواها لي صديق وقمت بصياغتها :
لئن كانت الحكايات تتناسل في هذه البلدة المسماة ( التكيه ) من رحم دماغ احد سائقي الشاحنات هنا و أسمه ( علي الحريف) , ظل يطوف بشاحنته ( zy ) أرجاء البلاد الشاسعة من مشرقها عند حدود الحبشة إلي مغربها عند تخوم أفريقيا الوسطي , فان الجميع حين أبصروه ذاك اليوم يجلس جلسته القديمة تحت شجرة ( الهشابة ) أمام دكان (حامد ول موسي و هو يحكي أخبار ( فاطنه البكمه) أحسوا بأنه لن يسرد عليهم جديدا كما
عودهم دائما حين أوبته من أسفاره الطويلة في طول البلاد و عرضها جالبا بضائع التجار من السمسم و الفول و الذرة .يجيء بخبر من قتلوا في الحرب الأهلية و معاركه مع صيد الخلاء و ساردا عليهم أحوال المناخ في النيل الأبيض و بحر الغزال , أخبار العربان في نواحي بيوضة و ( الزنج ) في بلاد النوبة .
كانت الحكايات و الأخبار تنثال من فمه عذبة مثل مياه ( نهر السوباط ) أو طعم فاكهة المانجو في (ابوجبيهة) و كان لحديثه إيقاع زخات المطر علي أسطح المنازل الخشبية ,يحكي و يحكي بينما أعينهم كالعهد بها نهمة لتفحص وارداته من العطور , ريش النعام , الصمغ العربي , طاقات القماش الدبلان و ثياب الكرب و غير ذاك من بضاعة اللهو , الدومينو و الكوشتينة و دمي الأطفال !
أطلت العربة المنهكة في ذاك اليوم برأسها من بين تلال الرمل فاخذ الأطفال البؤساء ذوي المسغبة و العروق التي لا تظل تنبض بالحياة كما ينبغي لشدة هول المجاعات في (التكيه) يرددون :
- علي الحريف جاء .. علي الحريف جاء
- أبو الزفت !
يعدون خلف الناقلة فيغيبون في أتون غبارها المتصاعد للحظات و هي تبطئ تارة و تسرع تارة لافظة أنفاسها الاخيرة عند ظل شجرة ( الهشابة ) و كأنه مثواها الأخير و تهرول نسوة كثيرات مزغردات من فرط فرحتهن بمقدم غائب آب علي ظهر ناقلة علي الحريف أو طلبا لبضاعة كن قد أوصينه بجلبها من تلك المدن البعيدة التي يختلف إليها في سفراته و بعض نسوة البلدة كن قد أتين للفرجة متلفعات بثياب أنعدم نظيرها في مثل هذه الأيام و كأنها قد حيكت في عصور سحيقة أول ما أكتشف الإنسان صناعة الغزل و النسيج !
في ذاك اليوم كان ( علي الحريف ) قد جاء معه بصبية تدعي ( فاطنه ) و كانت شعثاء , شاحبة و يبدو عليها الإعياء . حال أن ترجل عن شاحنته علي الأرض قال :
- فاطنه .. فاطنه جات معاي من أم روابة , أبوها كان صاحبي من ( أم كدادة) و كتلوهو المتمردين
في ( كاجو كأجي ) و أمها تشتغل ( فراشة ) في اسبتالية كبيرة في( الخرطوم ) .
فبداء الجمع يسألها عن حالها؟( فاطنه ) لكنها كانت لا تنطق و لا تنبس ببنت شفة , فقط تدير عيناها الواسعتين في أرجاء المكان و لا تتفوه بكلمة . يحكي (علي الحريف) فيقول :
- فاطنه بكماءمن يوم مامات أبوها!
ستذكر ( فاطنه ) بعد سنوات طويلة من الأن أن الناس كانوا دوما يسألونها :
-أنتي من وين ؟
- أهلك وين ؟
تذكر حين مات أبوها في الحرب ضد المتمردين في جنوب البلاد أنها كانت ما تزال غريرة و كانت حياة الأسرة
في ( اشلاقات ) الجيش التي عاشت فيها مع أمها و أبيها في ( الفاشر ) و ( الابيض ) و ( جوبا ) واحدة و متشابهة الي حد مدهش , لون طلاء الجدران , أسقف البيوت الوطيئة و المصنوعة من ( الزنك ) و الخشب و ( فلنكات ) السكة الحديد , أعمدة الهاتف , أتربة الشوارع المتسخة بروث البهائم و المخلفات المنزلية , حتى روائح الليل كانت هي , هي في الخرطوم و الفاشر و جوبا و الابيض , رائحة ( عصيدة الذرة ) باللبن تعد للعشاء و بهذا رسخ في ذهنها تلك الأيام أن روائح الوطن جميعها سواء و هي تذكر كيف قذفت بها و أمها عقب مصرع أبيها؛ جاءت عربة كبيرة كانت قادمة من ( كادلقي ) حيث كان سائقها يعمل في نقل المؤن و المعدات لجنود الحكومة في جنوب البلاد فأصطحهما معه في عربته (zy) و كانت الأمطار ما تزال تنهمر حين غاصت إطارات العربة في الوحل و نظر السائق ثم قال :
- وصلنا ام روابة
- و الأبيض ؟
- ماها بعيدة لكين ضلينا الطريق .
ترجلت المرأة و صغيرتها و كانت زخات المطر تفعل فعلها في جسديهما الناحلين , حدقا في الظلمة المنتشرة علي أرجاء المدينة الصغيرة و هما يبحثان عن مأوي , حين كان السائق و بضعة أنفار يحاولون انتشال جسد العربة الضخمة من وحل الطريق بلا جدوى .
حملت الأم صرة صغيرة بيمناها حوت جميع ملابسهما بينما بدت (فاطنه) في تنورة متهرئة كانوا قد منحوها إياها في احدي معسكرات النازحين و قد علقت بعنقها الصغير تميمة و كانت هنالك أثار طفح جلدي علي صدغيها و وجنتيها جراء وباء الحصبة الذي كان قد اجتاح معسكر النازحين بالقرب من بلدة ( كادوقلي ) و تذكر الأم كيف كانت فاطنه ترتجف من البرد و الجوع حين كانت تحملها بين ذراعيها و هي تحاول الهرب ناحية الشمال بعد مصرع زوجها في تلك الغارة التي شنها المتمردون علي معسكر لقوات الحكومة قبل أن يغيروا أيضا علي المدينة ذاتها من بعد ذلك . حين وصلا الي هناك أستوقفهما رجال الحكومة و قال لها الضابط :
- وين ماشين ؟
- قاصدين الأبيض و أبونا كتلوهو المتمردين .
ربما تصرمت سنوات كثيرة من بعد ذلك دون أن تتمكن الأم من الوصول الي هناك , الي الابيض حيث أباها و أمها كانا ما يزالان علي قيد الحياة ربما لان المقام قد طاب لها في ام روابة فعملت خادمة في منازل الأثرياء أولا ثم طاهية في مدرسة للبنات قبل أن ترحل للخرطوم مصطحبة صغيرتها فتموت من بعد ذلك هناك .
تمكن الرجال أخيرا من انتشال العربة التي أرتفع جسدها للأعلى كثيرا حتي تمكنت أخيرا من الزحف علي الطين و انزلقت في أرض صلبة بعض الشيء.
حين أضاء السائق المصابيح استعدادا للرحيل قال لها :
- يا خيتي كيف نخليك في بلد زي دا ما بتعرف ليك فيهو زول لازم اوديكي لأهلك في الابيض .
- خلني يومين تلاتة و بمش الابيض ماها بعيدة
رضخ لرغبتها بفعل الإلحاح وحده ثم داس علي مضخات الوقود مستشرفا صحراء كبيرة باتجاه الشرق تفضي إلي أم درمان
يحكي علي الحريف و جفنيه مثقلين بالنعاس و كانت الشمس قد تدلت لتوها في الأفق الغربي و كان البرد غارسا في شتاء غير عادي فقال لا مناص أذن من ( لحمة سوق الناقة ) فقام يلتمس أطراف سوق الناقة , رفع تلك الستارة المعمولة من خيش الجولات :
فرأي فتاة تجول-
حاملة أنية الشاي و القهوة فتدور بالأواني علي التجار في متاجرهم و الموظفين في مكاتبهم تبيعهم الشاي الذي تصنعه أمها و كانت حين تدلف الي تلك المتاجر و المكاتب تسمع و تري فتحكي و تحكي و أسماها كثيرون :
- فاطنه موضوع
جاء يوم فأحست الأم أن الدنيا ليست علي ما يرام و كما ينبغي همست لابنتها :
- يا بتي أكان صاحب الأمانة أخد أمانتو فتشي ناس جدك في الابيض تب ما تجيك عوجة
و حين ماتت كانت قد تركت لها كوخ عشوائي , أنية شاي متواضعة , طشت للحمام و غسل الملابس , ثياب بالية و خمسة و عشرون جنيها بيد أن نصيبها في أرث الهم و الفاجعة كان كبيرا .
بكت لكنه كان بكاء مكلوم لا يجد عزاءا عند أحد , طفقت تدور و تدور في الأسواق و الحارات بحثا عن ما يسد الرمق و هكذا حتي رشقها أحدهم بنظرة ثم ابتسامة ثم نفث سمه مرة واحدة في ظلام ( سوق الناقة ) حين لا تبصر إلا المتبطلين و مروجي البنقو و سائقي مركبات النقل يصيحون علي عرباتهم:
- فاطنه موضوع
أخذ الفضول علي الحريف وسأل هذه الفتاة وعندما روت له القصة عرفها بأنها فاطنه البكمه وعرفهابنفسه وعرفته لأن الزمن طال بهم ؛وقال لها :رايك شنو اوديك لأهلك؟ فأجابته بالنعم

فأصطحبها الي أهلها
-جاءت أمه و هو في رهط من الناس قدام دكان حامد ول موسي ثم قالت :
- و حياة سيدي الرسول ياعلي ولدي البت مقطوعة الطاري دي ما بتعرسها .. ما بتعرسها
وقف أمام الناس معلنا قراره الأخير ثم حكي عن أصل مختلق لفاطنه موضوع وقال ضمن ما قال :
- من يوم ما ماتت أمها و هي التقول بكماء !
حين تجمع الناس في (في بلدتها ) مصطفين للفرجة , كانوا قد رأوا ( علي الحريف) يمشي بين الناس و هو في ثياب العرس و يصيح :
- أبشروا بالخير
و كانت فاطنه بدرا لم يشهدوا بزوغه في من قبل .
***
تمشي بين الناس فيتهامسون :
-الله لا كسبك يا علي الحريف !
و يردد بعضهم ممن كان يزور ام درمان كثيرا فيلم بسوق الناقة و تلك الجهات
- زولك قايلنا مانا خابرين قصة البنية ..
ا
نتهت........
محمد قادم نوية
محمد قادم نوية
مشرف منتدى الصوتيات
مشرف منتدى الصوتيات


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قصة فاطنه والسواق  Empty رد: قصة فاطنه والسواق

مُساهمة من طرف غريق كمبال 15th فبراير 2011, 13:55

ابداع والله 000شكرا يا ول نويه القصه قمه فى الحبك القصصى وقمه فى السرد وانتقيت الكلمات بعنايه اعطت القصه بعد جمالى رهيب 000دمت
غريق كمبال
غريق كمبال
مشرف المنتدى الاقتصادى
مشرف المنتدى الاقتصادى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قصة فاطنه والسواق  Empty رد: قصة فاطنه والسواق

مُساهمة من طرف فيصل خليل حتيلة 15th فبراير 2011, 14:30


ما عرفتك ( اعترف الآن ) يا محمد اننى لا اعرفك.

انت جميل و رائع و حقك علينا يا محمد ( كنت تستحق من الجميع الاحترام و التقدير ) لك العتبى يا عزيزى.

قصة جميلة و الاجمل كما قال الزعيم ( محبوكة ) او ( مسبوكة ) على نار هادئة.

لك الجمال و لنا المتعة يا حبه.

زورنا فى الرياضى
فيصل خليل حتيلة
فيصل خليل حتيلة
مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
مشرف إجتماعيات أبوجبيهة


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قصة فاطنه والسواق  Empty رد: قصة فاطنه والسواق

مُساهمة من طرف اشرف بشرى إدريس 15th فبراير 2011, 14:44

((حتى روائح الليل كانت هي..هي في الخرطوم و الفاشر و جوبا و الابيض , رائحة ( عصيدة الذرة ) باللبن تعد للعشاء و بهذا رسخ في ذهنها تلك الأيام أن روائح الوطن جميعها سواء))

ول نوية تحياتي لك وإعجابي على هذا السفر الرائع ..ما أروع القصة وما أجمل السرد حين تكون أحداثها منسوجة من الواقعية(أعني أن القصة أحداثها حقيقية).
اشرف بشرى إدريس
اشرف بشرى إدريس
مبدع مميز
مبدع مميز


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قصة فاطنه والسواق  Empty رد: قصة فاطنه والسواق

مُساهمة من طرف صباح حسن عبد الرحيم 15th فبراير 2011, 20:03

رائعة والله رائعة ,,,,,,,,,,
الاخ محمد يديك العافية
القصة مكملة القول بالجد والسرد اجمل
كل التقدير كل الاحترام

صباح حسن عبد الرحيم
مبدع مميز
مبدع مميز


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قصة فاطنه والسواق  Empty رد: قصة فاطنه والسواق

مُساهمة من طرف عثمان محمد يعقوب شاويش 16th فبراير 2011, 14:35


ول نويه يا خطير ... بالجد قصة رائعة جداً ...وأعرف أنك قاص بالدرجة الأولي ... وأنت تحكي وتربط بين جميع مدن ومحافظات السودان بصفاء ونقاء وعفوية تامه ...وبدورنا نشكر السائق على الحريف وتمسكه بزواج فاطنه ، هكذا تكتبها دون تكلف ، وسلمت يمينك ...وربنا يحفظك لنا دوماً ...محبتي
عثمان محمد يعقوب شاويش
عثمان محمد يعقوب شاويش
مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه
مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قصة فاطنه والسواق  Empty رد: قصة فاطنه والسواق

مُساهمة من طرف محمد قادم نوية 16th فبراير 2011, 15:28

شكراً أحبتي علي مروركم الزاهي.. وهو الذي يدفعنا للأمام وأعدكم بأخري
محمد قادم نوية
محمد قادم نوية
مشرف منتدى الصوتيات
مشرف منتدى الصوتيات


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قصة فاطنه والسواق  Empty رد: قصة فاطنه والسواق

مُساهمة من طرف ندي هاشم 17th فبراير 2011, 11:19

ماهذا الإبداع ياود قادم!تصدق اعدت قراءتها اربعة مرات من شدة إعجابي بالسرد
اذا كانت الحكايات والاخبار تنثال من فم علي الحريف عذبه ؛فأن الكلمات تنثال من يراعك أكثر عذوبه
قصة جميلة وتحكي عن حادثة واقعية وسردتها بطريقة يصعب علي أي راوي تناولهاوسردها بهذه الروعة والجمال
لوسمحت تاني وتالت بمثل هذه القصص الرائعة؛انا بري إنوحقو تتجه للصحافة وكتابة القصة Laughing
تحياتي
ندي هاشم
ندي هاشم
نشط ثلاثة نجوم
نشط ثلاثة نجوم


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قصة فاطنه والسواق  Empty رد: قصة فاطنه والسواق

مُساهمة من طرف الفاتح محمد التوم 17th فبراير 2011, 15:29

يا ألله يا محمد
طبعتها وقرأتها بل تلوتها بصوت عال عدة مرات ... جميلة بكل معانيها ... ذات مغزى سامي وهادف ... موغلة في الإحساس بالآخر
**** بس الله يجازي ... الذين نفثوا السم في الظــلام ... واستغلو وحدتها أولئك المتبطلين ..
**** قيام "ودموعي ملأ المآقي ".... و تحية للمخلص الذي انتشلها من الوحل ...

الفاتح محمد التوم
مشرف المنتدى السياسى
مشرف المنتدى السياسى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قصة فاطنه والسواق  Empty رد: قصة فاطنه والسواق

مُساهمة من طرف ود النوبة 20th فبراير 2011, 14:00

الله عليك ياود قادم ...ماذا الإبداع ! القصة لمن تكون حقيقية وتجد الكلمات المتنقاه بكون طعمها خاص وتعطعي تشويق للقارئ وهذا بالظبط ماوجدته في قصة فاطنه دي ...كم انا معجب بسردك وروعتك يا أخي ؛ولا ننسي إالمامك الدقيق للأخطاء الإملائية والنحوية اعرفك جيدا مُجيد للغة العربية
بالله تاني واحده بنفس هذا السرد
تحياتي

ود النوبة
نشط ثلاثة نجوم
نشط ثلاثة نجوم


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى