قصـــة واقعيـــــة ... رقم (23) منقولة ...
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قصـــة واقعيـــــة ... رقم (23) منقولة ...
حبيب الأم:
منذ البداية اشترط أهلي أن نسكن في بيت منفصل، فوالدي يعتقد بأن أكثر المشاكل الزوجية تحدث بسبب تدخل الأهل في شؤون الزوجين، وقد طبق هذا المبدأ في أسرتنا حيث ترك لأخوتي حرية اختيار سكن مستقل مع أن بيتنا كبير ويسعهم جميعاً إذا رغبوا في البقاء فيه، إلا أنهم فضلوا الاستقلال بأسرهم لضمان بقاء المودة والتواصل بيننا. واحد منهم فقط هو الذي اختار البقاء معنا بموافقة ورضى زوجته لأنها ابنة عمنا وهي مرتبطة بنا ولا تفضل العيش وحدها. وقد حرصنا كل الحرص على عدم التدخل في شؤونهما كي تبقى العلاقة الطيبة مستمرة للنهاية.
تقدم لخطبتي شاب وسيم ومن عائلة طيبة معروفة. لم يكمل تعليمه الجامعي ولكنه يعمل بوظيفة جيدة ويحصل على راتب لا بأس به. وافق والدي على هذا الشاب ولكنه اشترط أن نعيش في سكن مستقل ليضمن نجاح العلاقة الزوجية واستمرارها. تردد أهله أمام هذا الشرط، لم يقتنعوا بوجهة نظر والدي، واعتبروها نوعاً من التهرب وعدم الموافقة لكنه اقنعهم بمنطقه وأنه طبق هذا المبدأ على أولاده. حاولوا معه ليقتنع بأن نسكن معهم بعد الزواج لأن ولدهم هو البكر ولا يحبون أن يبتعد عنهم ليسكن في بيت صغير مستأجر،خصوصاً انه قد تعود على السكن في بيت فخم كبير.
كان والدي مصمماً على موقفه وأخبرهم بصراحة بأن معظم الزيجات تفشل بسبب تدخلات الأهل في حياة الزوجين، فتأزم الموقف بين الطرفين حتى اعتقدت بأن هذا الزواج سيفشل منذ بدايته. بصراحة كنت متضايقة من موقف والدي المتشدد، اعتقدت بأنه سيكون السبب في ''طفشان'' هذا الشاب الممتاز. بصراحة أكثر كنت مقتنعة جداً بالسكن مع أهله، فهل يعقل أن اترك العيش في قصر فخم لأعيش في بيت صغير مستأجر؟
لم أستطع مواجهة أهلي بأفكاري حرجاً وخجلاً، فآثرت الصمت وأخذت أدعو ربي أن يتم هذا الزواج وأن يتنازل أحدهما لتسهيل الأمور بدلاً من تعقيدها. بعد أخذ ورد وافق أهله على شرط والدي وقاموا بتأجير شقة وفرشها بعد عقد القران مباشرة.
المواجهة بعد العسل
أيام من السعادة والفرح مرت عليّ حتى تم العرس، وانتقلت لمنزل الزوجية وأنا أحمل بقلبي أحلاماً كثيرة لحياة أسرية جميلة مع إنسان طيب ورائع. بعد انقضاء أسبوع واحد من أيام العسل والهناء ذهبنا إلى منزل أهله. فوجئت بموقف غريب لم أقدر على فهمه واستيعابه، فقد احتضنته أمه بقوة وصارت تبكي وتنتحب بشوق ولوعة وهي تردد قائلة: هذه الإنسانة تريد أن تحرمني من قرة عيني.. تريد أن تبعدك عني.. سامحها الله.. قلبها من حجر لا تشعر بقلب الأم وعذابها.
حاول زوجي تهدئتها وصار يقبل رأسها ويديها ليرضيها، وبقي في أحضانها لوقت طويل، أما أنا فكنت واقفة كالمشدوهة، لم تسلم عليّ وأسمعتني كل تلك الكلمات القاسية، وأنا لا زلت صغيرة لا أعرف كيف أتصرف وكيف أواجه مثل هذه المواقف الصعبة. لم يسبق لي أن شاهدت مثلها، فجميع إخوتي الذين تزوجوا قابلتهم أمي بوجه فرح بشوش وتعاملت مع زوجاتهم بلطف وحنان وكأنهن بناتها. فلماذا تتصرف أم زوجي معي بهذا الشكل الغريب؟ تمنيت لو استطيع البكاء، تمنيت لو استطيع الاتصال بأمي لأخبرها عما يحدث معي، أريد أن استشيرها.. ماذا أفعل؟ وكيف اتصرف؟ لماذا لم تعلمني هذه الأشياء؟ لماذا لم تخبرني بأنني قد أواجه مثل هذه الأمور؟
بقينا عندهم طوال اليوم، جسدي كله ينتفض وأنا في غاية التأثر لهذه المعاملة السيئة من قبل أم زوجي، وما أغاظني أكثر هو تصرف زوجي، فقد اهملني ونسيني تماماً وبقي بعيداً عني لا يحاول مجاملتي بكلمة واحدة ليخفف عني هذا الموقف الصعب.
عندما حل المساء وكنت متعبة للغاية طلبت منه أن نعود لبيتنا، فاستأذن أمه ولكنها عادت للبكاء من جديد، وصارت تتوسل إليه لنبقى عندهم ولو لليلة واحدة، فأطاع رغبتها ولم يستشرني فبقيت هناك وأنا في أسوأ وضع دون أن احضر معي ملابس النوم وما احتاجه من أشياء ومستلزمات.
كان يوماً تعيساً جداً بالنسبة لي، لم استطع نسيانه على الرغم من مجيء الأسوأ والأسوأ إلا أن البداية تكون دائماً هي الأصعب وتبقى محفورة في الذاكرة لا يمكن نسيانها بسهولة.
الرأي الحكيم
بعد أن عدنا إلى بيتنا في اليوم التالي اتصلت بوالدتي وحكيت لها بانفعال ما حدث معي بالأمس، استمعت إليّ بصبر طويل حتى افرغت كل شحناتي السلبية التي اصابتني بالتوتر، ثم بدأت تشرح لي بعض الأمور الصعبة التي قد تواجهها الفتاة بعد زواجها، واخبرتني بأن هناك نوعاً من الأمهات تكون متعلقة بولدها تعلقاً شديداً، وهي تشعر بأنها ستخسره إن تزوج، وأن زوجته هي المنافس الذي سيحرمها من ولدها، وأن التصرف الأفضل في هذه الحالة هو محاولة كسب محبة الأم واعطائها الثقة بأن حب الأم لا يتعارض مع حب الزوجة، وأن لكليهما مكانا في قلب الرجل إذا حدثت المودة بينهما.
حاولت أن أتقبل نصيحة أمي لأنها أقرب الناس إليّ وهي تفكر بمصلحتي وهي أكثر من يريد لي الخير. قررت أن أعود نفسي على حب تلك المرأة ومحاولة كسبها على الرغم من موقفها السيىء معي.
اشتريت لها هدية ثمينة وذهبت لزيارتها في اليوم التالي لمبيتنا عندها، فماذا كان موقفها؟ سلمت عليّ بمنتهى البرود، أخذت مني الهدية وألقتها جانباً بلا اهتمام ثم احتضنت ولدها وصارت تداعبه وكأنه طفل صغير.
قررت أن أصبر وأن أبذل جهدي لكسب رضا ومحبة أم زوجي، فكنت أرافق زوجي كل يوم تقريباً لزيارتها والبقاء عندهم لأوقات طويلة. كنت اضغط على أعصابي ضغطاً يفوق طاقتي لأتحمل هذه الأجواء المستفزة. كلمات ومواقف كثيرة حدثت أمامي وأنا ساكتة لا أرد ولا أدافع عن نفسي وأبقى مبتسمة طوال الوقت، كل هذا جعلها تعتقد بأني إنسانة ضعيفة الشخصية فأخذت تتمادى في انتقادي وتقريعي بلا سبب حتى أصبحت حالتي النفسية اسوأ ما يمكن، ولم أعد احتمل، خصوصاً أن موقف زوجي يزداد سلبية، فلا يحاول أبداً الدفاع عني، أو حتى تصبيري بكلمة واحدة، هل هذه هي الحياة الزوجية التي سأعيشها طوال عمري؟ إنه أمر فوق طاقتي، خصوصاً أننا مع الوقت صرنا نقضي معظم أيامنا عندهم، وقليلاً ما كنا نعود لبيتنا. كان زوجي سعيداً للغاية وهو يجلس إلى جانب والدته طوال الوقت يتحدثان، يضحكان، يتمتعان بالتعليقات والسوالف التي لا تنتهي، وعندما يتذكر بأنني موجودة في المكان ينظر إليّ ببرود شديد وكأنني شيء جامد، كرسي أو طاولة، لا احتاج إلى المشاعر أو الاهتمام أو لأي شيء آخر. أما والدته فإنها كلما وقعت عينها عليّ فإنها تطلق سهاماً من الحقد تحاول اخفاءها، وقد تتفضل أحياناً ببعض كلمات المجاملة الباردة التي لا تخرج من قلبها أبداً.
سياسة الأمر الواقع
عندما حان موعد الدفعة الثانية من الايجار أي بعد ستة أشهر من هذا الحال المتعب اقترحت الأم على ولدها ترك الشقة والعيش في منزلهم فلم اعترض لأننا في كل الأحوال نقضي أيامنا عندهم فما فائدة ذلك البيت إذن؟
سكت ولم اعترض لأن أمي كانت تصبرني دائماً ولأن بوادر الحمل ظهرت عليّ فاعتقدت بأن الأمور كلها ستتغير مع مجيء الحفيد الأول لهذه العائلة. عندما علمت أم زوجي بحملي لم تبارك لي على هذا الحدث السعيد وأغرقت ولدها بالأحضان ودموع الفرح وكأنه هو الوحيد الذي سينجب هذا الطفل ولست أنا سوى وعاء سينمو وسطه حفيدهم.
تراكمات كثيرة آلمتني بالاضافة للتغيرات الصحية التي رافقت الحمل فجعلتني أتمرد على هذا الوضع، ولأول مرة منذ زواجي أجدني اتصرف بعدوانية معهم. لم يتقبلوا هذا التغير في سلوكي فبدأت المشاحنات بيننا حتى انتهى الأمر بعودتي لمنزل أهلي. بقيت عندهم طوال فترة الحمل وأنا في وسط من الرعاية والاهتمام والحب، حتى تمنيت أن يحدث الطلاق فأتخلص من تلك الحياة الزوجية الفاشلة. وضعت مولودي وكان طفلاً ذكراً فجاء زوجي لرؤيتي مع أمه وصار يلمح برغبته في عودتي، ولكني تجاهلته وعدت لمنزل أهلي حتى أكملت فترة النفاس.
محاولات فاشلة
عاد هو وأمه لزيارتنا فرفضت ملاقاتهما فاستفزت أمه وهددت بالطلاق وراحت تصرخ بصوت مرتفع أمام والدتي. لأول مرة في حياتي أسمع صوت أمي يرتفع بهذا الشكل، خرجت مسرعة من غرفتي لأجد أمي تواجه تلك المرأة مواجهة صريحة قوية أخذت لي حقي منها، بقيت تلك المرأة ساكتة، مصدومة، لا تدري بم تجيب. ذلك الموقف شحنني بالقوة الكافية فوجدت نفسي أقف أمام زوجي بشخصيتي الحقيقية القوية، أخبرته بكل ما عانيته بسبب سلبيته، أخبرته بأنه طفل يتعلق بأحضان أمه ولا يعرف كيف يعطي لكل ذي حق حقه، فأنا زوجته وهي أمه، فيجب أن يعلم بأن لي حقوقاً في الاهتمام والحب والرعاية لا تقل عن التي يمنحها لوالدته. ثم توجهت لأم زوجي فأخبرتها بأنها إنسانة أنانية تحب نفسها فقط ولا تريد السعادة لولدها، أنها تفكر فقط بالاستحواذ عليه وجعله دمية بيدها.
أخرجت كل ما بداخلي وعدت لغرفتي وأنا في أفضل وضع نفسي وقد تخلصت من كل التراكمات التي كانت تدمرني. خرج زوجي وأمه من بيتنا وهما مصدومان بموقفنا فتوقعت أن يتم طلاقي خلال أيام قليلة، وانتظرت ذلك بفارغ الصبر لأتخلص من حياة زوجية فاشلة مئة بالمئة.
التسوية المرضية
مرت فترة طويلة دون أن اسمع أي خبر جديد. بعد خمسة أشهر من ولادتي جاء زوجي ووالده لمقابلة والدي والتحدث معه، فألقى والدي على أسماعهما محاضرة قيمة عن حقوق الزوجة وطريقة التعامل الصحيح معها. فاستمعا له واعترفا بخطئهما واستعدادهما لإصلاح الأمر، فاشترط والدي من جديد السكن المستقل وأخبر زوجي بأن له الحرية في زيارة والدته يومياً لوقت محدد على أن لا يجبر زوجته على مرافقته وأن لا يطيل البقاء عند أمه بحيث يؤثر ذلك على أسرته، وله الحق في أن يأخذ زوجته وولده في زيارة اسبوعية لأهله دون إجبارهم على المبيت عندهم، كما عليه تخصيص زيارة اسبوعية لأهلها وعدم منعها من زيارة أهلها متى شاءت، فالحقوق التي يأخذها لنفسه بزيارة أمه كل يوم تترتب عليها حقوق لزوجته في زيارة أهلها كلما شاءت.
تمت الموافقة على جميع شروط الوالد وعدت للعيش مع زوجي في مسكن مستقل، وقد بقيت بعض التوترات بيننا بسبب شروط والدي وبعض العناد والتعنت من قبلي ومن قبله حتى استقامت الأمور فانشغلنا بالأطفال ومسؤولياتهم عن متابعة أساليب العناد والتشرط، وتعودت أمه على هذا الأسلوب الجديد.
منذ البداية اشترط أهلي أن نسكن في بيت منفصل، فوالدي يعتقد بأن أكثر المشاكل الزوجية تحدث بسبب تدخل الأهل في شؤون الزوجين، وقد طبق هذا المبدأ في أسرتنا حيث ترك لأخوتي حرية اختيار سكن مستقل مع أن بيتنا كبير ويسعهم جميعاً إذا رغبوا في البقاء فيه، إلا أنهم فضلوا الاستقلال بأسرهم لضمان بقاء المودة والتواصل بيننا. واحد منهم فقط هو الذي اختار البقاء معنا بموافقة ورضى زوجته لأنها ابنة عمنا وهي مرتبطة بنا ولا تفضل العيش وحدها. وقد حرصنا كل الحرص على عدم التدخل في شؤونهما كي تبقى العلاقة الطيبة مستمرة للنهاية.
تقدم لخطبتي شاب وسيم ومن عائلة طيبة معروفة. لم يكمل تعليمه الجامعي ولكنه يعمل بوظيفة جيدة ويحصل على راتب لا بأس به. وافق والدي على هذا الشاب ولكنه اشترط أن نعيش في سكن مستقل ليضمن نجاح العلاقة الزوجية واستمرارها. تردد أهله أمام هذا الشرط، لم يقتنعوا بوجهة نظر والدي، واعتبروها نوعاً من التهرب وعدم الموافقة لكنه اقنعهم بمنطقه وأنه طبق هذا المبدأ على أولاده. حاولوا معه ليقتنع بأن نسكن معهم بعد الزواج لأن ولدهم هو البكر ولا يحبون أن يبتعد عنهم ليسكن في بيت صغير مستأجر،خصوصاً انه قد تعود على السكن في بيت فخم كبير.
كان والدي مصمماً على موقفه وأخبرهم بصراحة بأن معظم الزيجات تفشل بسبب تدخلات الأهل في حياة الزوجين، فتأزم الموقف بين الطرفين حتى اعتقدت بأن هذا الزواج سيفشل منذ بدايته. بصراحة كنت متضايقة من موقف والدي المتشدد، اعتقدت بأنه سيكون السبب في ''طفشان'' هذا الشاب الممتاز. بصراحة أكثر كنت مقتنعة جداً بالسكن مع أهله، فهل يعقل أن اترك العيش في قصر فخم لأعيش في بيت صغير مستأجر؟
لم أستطع مواجهة أهلي بأفكاري حرجاً وخجلاً، فآثرت الصمت وأخذت أدعو ربي أن يتم هذا الزواج وأن يتنازل أحدهما لتسهيل الأمور بدلاً من تعقيدها. بعد أخذ ورد وافق أهله على شرط والدي وقاموا بتأجير شقة وفرشها بعد عقد القران مباشرة.
المواجهة بعد العسل
أيام من السعادة والفرح مرت عليّ حتى تم العرس، وانتقلت لمنزل الزوجية وأنا أحمل بقلبي أحلاماً كثيرة لحياة أسرية جميلة مع إنسان طيب ورائع. بعد انقضاء أسبوع واحد من أيام العسل والهناء ذهبنا إلى منزل أهله. فوجئت بموقف غريب لم أقدر على فهمه واستيعابه، فقد احتضنته أمه بقوة وصارت تبكي وتنتحب بشوق ولوعة وهي تردد قائلة: هذه الإنسانة تريد أن تحرمني من قرة عيني.. تريد أن تبعدك عني.. سامحها الله.. قلبها من حجر لا تشعر بقلب الأم وعذابها.
حاول زوجي تهدئتها وصار يقبل رأسها ويديها ليرضيها، وبقي في أحضانها لوقت طويل، أما أنا فكنت واقفة كالمشدوهة، لم تسلم عليّ وأسمعتني كل تلك الكلمات القاسية، وأنا لا زلت صغيرة لا أعرف كيف أتصرف وكيف أواجه مثل هذه المواقف الصعبة. لم يسبق لي أن شاهدت مثلها، فجميع إخوتي الذين تزوجوا قابلتهم أمي بوجه فرح بشوش وتعاملت مع زوجاتهم بلطف وحنان وكأنهن بناتها. فلماذا تتصرف أم زوجي معي بهذا الشكل الغريب؟ تمنيت لو استطيع البكاء، تمنيت لو استطيع الاتصال بأمي لأخبرها عما يحدث معي، أريد أن استشيرها.. ماذا أفعل؟ وكيف اتصرف؟ لماذا لم تعلمني هذه الأشياء؟ لماذا لم تخبرني بأنني قد أواجه مثل هذه الأمور؟
بقينا عندهم طوال اليوم، جسدي كله ينتفض وأنا في غاية التأثر لهذه المعاملة السيئة من قبل أم زوجي، وما أغاظني أكثر هو تصرف زوجي، فقد اهملني ونسيني تماماً وبقي بعيداً عني لا يحاول مجاملتي بكلمة واحدة ليخفف عني هذا الموقف الصعب.
عندما حل المساء وكنت متعبة للغاية طلبت منه أن نعود لبيتنا، فاستأذن أمه ولكنها عادت للبكاء من جديد، وصارت تتوسل إليه لنبقى عندهم ولو لليلة واحدة، فأطاع رغبتها ولم يستشرني فبقيت هناك وأنا في أسوأ وضع دون أن احضر معي ملابس النوم وما احتاجه من أشياء ومستلزمات.
كان يوماً تعيساً جداً بالنسبة لي، لم استطع نسيانه على الرغم من مجيء الأسوأ والأسوأ إلا أن البداية تكون دائماً هي الأصعب وتبقى محفورة في الذاكرة لا يمكن نسيانها بسهولة.
الرأي الحكيم
بعد أن عدنا إلى بيتنا في اليوم التالي اتصلت بوالدتي وحكيت لها بانفعال ما حدث معي بالأمس، استمعت إليّ بصبر طويل حتى افرغت كل شحناتي السلبية التي اصابتني بالتوتر، ثم بدأت تشرح لي بعض الأمور الصعبة التي قد تواجهها الفتاة بعد زواجها، واخبرتني بأن هناك نوعاً من الأمهات تكون متعلقة بولدها تعلقاً شديداً، وهي تشعر بأنها ستخسره إن تزوج، وأن زوجته هي المنافس الذي سيحرمها من ولدها، وأن التصرف الأفضل في هذه الحالة هو محاولة كسب محبة الأم واعطائها الثقة بأن حب الأم لا يتعارض مع حب الزوجة، وأن لكليهما مكانا في قلب الرجل إذا حدثت المودة بينهما.
حاولت أن أتقبل نصيحة أمي لأنها أقرب الناس إليّ وهي تفكر بمصلحتي وهي أكثر من يريد لي الخير. قررت أن أعود نفسي على حب تلك المرأة ومحاولة كسبها على الرغم من موقفها السيىء معي.
اشتريت لها هدية ثمينة وذهبت لزيارتها في اليوم التالي لمبيتنا عندها، فماذا كان موقفها؟ سلمت عليّ بمنتهى البرود، أخذت مني الهدية وألقتها جانباً بلا اهتمام ثم احتضنت ولدها وصارت تداعبه وكأنه طفل صغير.
قررت أن أصبر وأن أبذل جهدي لكسب رضا ومحبة أم زوجي، فكنت أرافق زوجي كل يوم تقريباً لزيارتها والبقاء عندهم لأوقات طويلة. كنت اضغط على أعصابي ضغطاً يفوق طاقتي لأتحمل هذه الأجواء المستفزة. كلمات ومواقف كثيرة حدثت أمامي وأنا ساكتة لا أرد ولا أدافع عن نفسي وأبقى مبتسمة طوال الوقت، كل هذا جعلها تعتقد بأني إنسانة ضعيفة الشخصية فأخذت تتمادى في انتقادي وتقريعي بلا سبب حتى أصبحت حالتي النفسية اسوأ ما يمكن، ولم أعد احتمل، خصوصاً أن موقف زوجي يزداد سلبية، فلا يحاول أبداً الدفاع عني، أو حتى تصبيري بكلمة واحدة، هل هذه هي الحياة الزوجية التي سأعيشها طوال عمري؟ إنه أمر فوق طاقتي، خصوصاً أننا مع الوقت صرنا نقضي معظم أيامنا عندهم، وقليلاً ما كنا نعود لبيتنا. كان زوجي سعيداً للغاية وهو يجلس إلى جانب والدته طوال الوقت يتحدثان، يضحكان، يتمتعان بالتعليقات والسوالف التي لا تنتهي، وعندما يتذكر بأنني موجودة في المكان ينظر إليّ ببرود شديد وكأنني شيء جامد، كرسي أو طاولة، لا احتاج إلى المشاعر أو الاهتمام أو لأي شيء آخر. أما والدته فإنها كلما وقعت عينها عليّ فإنها تطلق سهاماً من الحقد تحاول اخفاءها، وقد تتفضل أحياناً ببعض كلمات المجاملة الباردة التي لا تخرج من قلبها أبداً.
سياسة الأمر الواقع
عندما حان موعد الدفعة الثانية من الايجار أي بعد ستة أشهر من هذا الحال المتعب اقترحت الأم على ولدها ترك الشقة والعيش في منزلهم فلم اعترض لأننا في كل الأحوال نقضي أيامنا عندهم فما فائدة ذلك البيت إذن؟
سكت ولم اعترض لأن أمي كانت تصبرني دائماً ولأن بوادر الحمل ظهرت عليّ فاعتقدت بأن الأمور كلها ستتغير مع مجيء الحفيد الأول لهذه العائلة. عندما علمت أم زوجي بحملي لم تبارك لي على هذا الحدث السعيد وأغرقت ولدها بالأحضان ودموع الفرح وكأنه هو الوحيد الذي سينجب هذا الطفل ولست أنا سوى وعاء سينمو وسطه حفيدهم.
تراكمات كثيرة آلمتني بالاضافة للتغيرات الصحية التي رافقت الحمل فجعلتني أتمرد على هذا الوضع، ولأول مرة منذ زواجي أجدني اتصرف بعدوانية معهم. لم يتقبلوا هذا التغير في سلوكي فبدأت المشاحنات بيننا حتى انتهى الأمر بعودتي لمنزل أهلي. بقيت عندهم طوال فترة الحمل وأنا في وسط من الرعاية والاهتمام والحب، حتى تمنيت أن يحدث الطلاق فأتخلص من تلك الحياة الزوجية الفاشلة. وضعت مولودي وكان طفلاً ذكراً فجاء زوجي لرؤيتي مع أمه وصار يلمح برغبته في عودتي، ولكني تجاهلته وعدت لمنزل أهلي حتى أكملت فترة النفاس.
محاولات فاشلة
عاد هو وأمه لزيارتنا فرفضت ملاقاتهما فاستفزت أمه وهددت بالطلاق وراحت تصرخ بصوت مرتفع أمام والدتي. لأول مرة في حياتي أسمع صوت أمي يرتفع بهذا الشكل، خرجت مسرعة من غرفتي لأجد أمي تواجه تلك المرأة مواجهة صريحة قوية أخذت لي حقي منها، بقيت تلك المرأة ساكتة، مصدومة، لا تدري بم تجيب. ذلك الموقف شحنني بالقوة الكافية فوجدت نفسي أقف أمام زوجي بشخصيتي الحقيقية القوية، أخبرته بكل ما عانيته بسبب سلبيته، أخبرته بأنه طفل يتعلق بأحضان أمه ولا يعرف كيف يعطي لكل ذي حق حقه، فأنا زوجته وهي أمه، فيجب أن يعلم بأن لي حقوقاً في الاهتمام والحب والرعاية لا تقل عن التي يمنحها لوالدته. ثم توجهت لأم زوجي فأخبرتها بأنها إنسانة أنانية تحب نفسها فقط ولا تريد السعادة لولدها، أنها تفكر فقط بالاستحواذ عليه وجعله دمية بيدها.
أخرجت كل ما بداخلي وعدت لغرفتي وأنا في أفضل وضع نفسي وقد تخلصت من كل التراكمات التي كانت تدمرني. خرج زوجي وأمه من بيتنا وهما مصدومان بموقفنا فتوقعت أن يتم طلاقي خلال أيام قليلة، وانتظرت ذلك بفارغ الصبر لأتخلص من حياة زوجية فاشلة مئة بالمئة.
التسوية المرضية
مرت فترة طويلة دون أن اسمع أي خبر جديد. بعد خمسة أشهر من ولادتي جاء زوجي ووالده لمقابلة والدي والتحدث معه، فألقى والدي على أسماعهما محاضرة قيمة عن حقوق الزوجة وطريقة التعامل الصحيح معها. فاستمعا له واعترفا بخطئهما واستعدادهما لإصلاح الأمر، فاشترط والدي من جديد السكن المستقل وأخبر زوجي بأن له الحرية في زيارة والدته يومياً لوقت محدد على أن لا يجبر زوجته على مرافقته وأن لا يطيل البقاء عند أمه بحيث يؤثر ذلك على أسرته، وله الحق في أن يأخذ زوجته وولده في زيارة اسبوعية لأهله دون إجبارهم على المبيت عندهم، كما عليه تخصيص زيارة اسبوعية لأهلها وعدم منعها من زيارة أهلها متى شاءت، فالحقوق التي يأخذها لنفسه بزيارة أمه كل يوم تترتب عليها حقوق لزوجته في زيارة أهلها كلما شاءت.
تمت الموافقة على جميع شروط الوالد وعدت للعيش مع زوجي في مسكن مستقل، وقد بقيت بعض التوترات بيننا بسبب شروط والدي وبعض العناد والتعنت من قبلي ومن قبله حتى استقامت الأمور فانشغلنا بالأطفال ومسؤولياتهم عن متابعة أساليب العناد والتشرط، وتعودت أمه على هذا الأسلوب الجديد.
عثمان محمد يعقوب شاويش- مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه
رد: قصـــة واقعيـــــة ... رقم (23) منقولة ...
ينصر دينك ياود شاويش..........
بجد قصة لها العيد من المواعظ والعبر
جزيت خير
بجد قصة لها العيد من المواعظ والعبر
جزيت خير
سومه العمدة- نشط مميز
رد: قصـــة واقعيـــــة ... رقم (23) منقولة ...
تسلمي سومة ...وشكراً على المرور .... إحترامي
عثمان محمد يعقوب شاويش- مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه
مواضيع مماثلة
» قصـــة واقعيـــــة ... رقم (22) منقولة ...
» قصـــة واقعيـــــة ... رقم (25) منقولة ...
» قصـــة واقعيـــــة ... رقم (24) منقولة ...
» قصـــة واقعيـــــة ..... رقم (8)
» قصـــة واقعيـــــة ..... رقم (20) منقوووولة
» قصـــة واقعيـــــة ... رقم (25) منقولة ...
» قصـــة واقعيـــــة ... رقم (24) منقولة ...
» قصـــة واقعيـــــة ..... رقم (8)
» قصـــة واقعيـــــة ..... رقم (20) منقوووولة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى