قصة دورة الأيام ...(29) واقعية ...منقولة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قصة دورة الأيام ...(29) واقعية ...منقولة
:: دورة الأياااام
::
أنجبت والدتي تسع بنات وكان والدي شاكراً لنعمة ربه لا يشكو ولا يتذمر، خصوصاً وان الخير كله جاء على مقدم البنات، فتوسعت تجارته من مجرد دكان بسيط إلى محال متعددة وبناية، بالإضافة للفيلا التي صرنا نسكن فيها بدلاً من البيت العربي القديم.
أنا البنت الرابعة في المجموعة وكنت اعتقد بأننا أسعد الناس وأحسنهم حظاً بما أنعم الله علينا من خير ونعمة وأسرة متماسكة يحب بعضها البعض، ولكن للأسف فإن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن كما يقولون، فقد تسرب البطر إلى نفس والدي.
فبعد أن بلغ الثانية والخمسين من العمر، أخذ يلمح بفكرة الزواج وأخذ يهدد والدتي بأنها ان لم تنجب له الولد فإنه سيتزوج من أخرى، شعرت المسكينة بحزن شديد، فالواقع هو إنها ليست المسؤولة عن إنجاب البنات، فهل بيدها قدرة التحكم في هذا الأمر؟ انه شيء بيد الله طبعاً ولا دخل لمخلوق فيه، ثم ألم يفكر بجميع النعم التي منحها الله له؟ لماذا كان يصر على الشيء الوحيد الذي حرم منه؟ ثم ألم يكن راضياً صابراً طوال تلك السنين وهو يردد بأن البنات نعمة وهن سيقدنه إلى الجنة؟ ماذا حدث له؟ لماذا تغيرت أفكاره عندما ازداد غناه؟ لماذا لم يفكر بكل ذلك إلا بعد أن وصل إلى هذا العمر؟ لقد زوج ثلاثة من بناته وأصبح له أحفاد، ألم يكن يعلم بأن الوالدة قد أصبحت في الثالثة والأربعين، وان صحتها لا تساعدها على الحمل من جديد؟ المسكينة، بقيت حائرة لا تدري ما تفعل، ولكنها في النهاية سلمت أمرها لله وقررت أن توقف موانع الحمل على الرغم من تحذير الأطباء لها لعدم الحمل لأنها مصابة بمرض السكر والضغط، وفي الحمل خطورة على صحتها.
قررت أن تعرض نفسها للخطر من أجل حماية بيتها، وزوجها من خطر الشريكة وما قد يسببه من تأثيرات مختلفة، فهي تعلم جيداً بأن الرجل لا يستطيع العدل في الزواج وإنها ستظلم هي وبناتها.
حملت والدتي وتحققت المعجزة فجاء الطفل الذكر الذي سيحقق للوالد حلمه ويكون له سنداً في شيبته ويحمل اسمه ويعتني بحلاله كما كان يقول.
فرحنا فرحاً شديداً على الرغم من تعلعل صحة الوالدة بشكل ملحوظ، ولكنها تجاوزت المرض واعتلال الصحة لان فرحتها كانت كبيرة بقدوم هذا الذكر العزيز وهي أكبر من كل الأوجاع والآلام، فهي معتقدة بأن هذا المخلوق الصغير سيثبت مكانتها لدى زوجها وسيدعم أركان الأسرة التي كانت في طريقها للتصدع والانكسار، فهي بالنهاية امرأة ولا تحب أن تشاركها في زوجها امرأة أخرى مهما كانت الظروف، عموماً، فقد سارت الأمور على أحسن حال لفترة من الزمن، كنت وقتها طالبة في بداية المرحلة الجامعية وقد أصبحت أقرب الناس لوالدتي بعد أن تزوجت شقيقاتي الثلاث الأكبر مني، للأسف فقد واجهت أصعب المواقف مع والدتي المسكينة عندما جاءنا خبر زواج الوالد فوقع علينا الأمر كالصاعقة، فماذا يريد أكثر مما منحه الله؟ لم يكن ينقصه سوى الابن الذكر وقد حصل عليه، فما هي حجته؟ وما هو المبرر لكل ما أقدم عليه؟ إنه أمر محير لم نستطع تفسيره أو فهمه أبداً.
الضربة الموجعة:
كانت مخاوف أمي في محلها عندما خشيت من عدم عدل والدي، فهو فعلاً نسينا بعد أن تزوج من أخرى، وقد عرفنا فيما بعد أن المرأة التي قد تزوجها هي مطلقة ولها خمسة أولاد وثلاث بنات، وقد خطبها عندما كانت صغيرة ولكن أهلها رفضوه بسبب فقره، فبقيت في خاطره طوال تلك السنين وعندما علم بأمر طلاقها تقدم لطلب يدها فوافقت بلا تردد لعلمها المسبق بأن أوضاعه المادية قد أصبحت ممتازة وإنها ستضمن العيش في بحبوحة بعد أن تخلى طليقها عن مسؤولية أبنائها لأنه مدمن مخدرات ومعدوم الحال تقريباً.
انشغل والدي بزوجته الثانية ونسينا تماماً، فلم يعد يأتي لزيارتنا فكانت والدتي تتعذب وتتألم قهراً وحسرة على هذا الوضع حتى حدثت لها جلطة في الدماغ فدخلت مرحلة الخطر ثم انتقلت إلى رحمة ربها بعيداً عن هذا العالم الذي لا عدل للإنسان فيه.
شعر والدي بوخز الضمير وأصبح مريضاً لفترة طويلة ترك بيته الثاني وبقي معنا وهو مهموم يفكر بنا وبأخينا الصغير الذي ولد ليتربى يتيم الأم، اقترح علينا بأن يحضر زوجته لتعيش معنا هي وأولادها، فرفضنا ذلك رفضاً قطعياً واتخذنا منها موقفاً عدائياً لأنها كانت السبب في موت أمنا، فبقي حائراً بين مسؤوليتنا ومسؤولية بيته الثاني، وقد كبر فعلياً خلال فترة بسيطة حتى غدى وكأنه أكبر من عمره الحقيقي، وقد أصيب بالضغط وبعض الأمراض الخفية التي صار يشتكي منها فلا يجد لها تفسيراً طبياً واضحاً.
اضطررت لترك الجامعة والبقاء في البيت للعناية بأخي الرضيع لأنني لم أكن أثق بالخادمات وما يمكن أن يفعلنه به بسبب الإهمال، لأنه كان يتعرض للمرض لفترات متقاربة.
اخترت أن أضحي بمستقبلي من أجل أخواتي أيضاً، فلابد من وجود أحد يتحمل مسؤولية الأسرة كي لا تضيع، وبالطبع فإن الدوام الطويل في الجامعة وما تتطلبه من مذاكرة وإعداد بحوث وتقارير لا يجعل لي مجالاً لتلك المسؤولية، فكان لابد لي من التضحية من أجل الجميع.
نهاية الرغبة:
يبدو أن والدي لم يسعد كثيراً بزواجه، فقد اغرق نفسه بمشاكل تلك المرأة وأولادها (الصيع) الذين تعودوا على خرق القانون بشتى الطرق، وكان عليه أن يتابع مشاكلهم في مراكز الشرطة، هذا لم يكن يحسب له حساباً، فهو من النوع المسالم الذي لا يحب حياة الفوضى والحماقات، فكان يتهرب من ذلك كله بالتواجد في بيتنا وإغلاق الهاتف باستمرار.
هذا الوضع أثر عليه في أعماله التي تركها بيد هذا وذاك دون مراقبة ومحاسبة، مما جعله يتعرض لبعض المشاكل المالية بسبب ما تعرض له من سرقات.
كما توقعت لم يطل عمر ذلك الزواج الفاشل سوى ثلاث سنوات، حيث طلق تلك المرأة وهو غير آسف، ولكن بعد أن تسبب له في تأثيرات صحية سيئة، بالإضافة لسوء أوضاعه المالية.
ليته تعلم من ذلك الدرس الذي مر به، ليته بقي إلى جانبنا يرعانا ويرعى ولده الصغير، ليته فكر بنا ولم يفكر بنفسه لما كان قد حصل ما حصل.
بعد أن عاد لعمله وتجارته وأشرف عليها بنفسه عاد له الاستقرار المادي السابق، عندها فكر من جديد بالزواج، فأختار إحدى الموظفات ممن يعملن معه فتزوجها، مخلوقة جديدة دخلت حياتنا بالإكراه وكان همها الوحيد هو المال، فهي شابة صغيرة لديها طموحات مادية جعلتها ترتبط برجل أكبر من والدها، فغرق معها في حياة جديدة لا تناسب عمره، وجرب أنماطاً مختلفة من المتع الغريبة، التي لم يكن يعرفها من قبل، فأنشغل وتركنا بلا أدنى إحساس بالمسؤولية، وكلما ألحينا عليه في الاتصال صرخ بنا: ماذا تريدون مني؟ كل ما تحتاجون إليه من مال يصلكم فماذا تريدون أكثر من ذلك؟ تصرفوا في حياتكم، أنتم لستم صغاراً.
العبء الثقيل:
لم يكن سهلاً علي أن أتحمل عبء هذه الأسرة الكبيرة لوحدي، لولا عناية ربي لضاع كل شيء، ولكن برحمة من الله ترتبت الأمور وسارت بمجراها الطبيعي حتى تخرجن أخواتي وتزوجن الواحدة تلو الأخرى، فكان والدي كضيف الشرف يأتي فقط عندما تتحدد المواعيد بالضبط كي لا يضيع دقيقة زائدة معنا.
خلا البيت الذي كان يعج بأهله وعلى الرغم من وسعه إلا انه أصبح ضيقاً موحشاً بالنسبة لي، فأخي الصغير قد أصبح في العاشرة من عمره وهو يخرج إلى المدرسة أو ليلعب مع أصدقائه فأبقى وحيدة في البيت فأشعر بوحشة حقيقية لا نهاية لها.
رفضت الزواج لأنني كنت أفكر بأخي، فلم أرد أن أتركه ليضيع بين البيوت فيتحول إلى إنسان مشرد تعيس، ألا يكفي إنه لم يجد الأم ولا الأب في حياته؟ هل أفكر بنفسي وأحرمه من مخلوق واحد يقف إلى جانبه حتى يعتمد على نفسه؟
أصبح لوالدي خمسة أولاد من زوجته الثالثة ولم أكن أعرف شيئاً عن أموره لأنه لم يكن يسأل عنا وكانت مسؤوليته الوحيدة نحونا هي إرسال المال وبعض الاحتياجات التي نطلبها منه.
بشكل مفاجئ جاءنا خبر وفاة الوالد، ولا ندري هل مات عن مرض أو غير ذلك، انتهت حياته على هذه الأرض وليس أمامه سوى الحساب العسير الذي سيلقاه في الآخرة بسبب تخليه عنا، سامحه الله، لقد غرته الدنيا وسلبت عقله فانجرف بتيارها بلا لحظة تفكير.
كنا نعتقد بأنه قد ترك أموالاً كثيرة بحسب ما كان معروفاً عن غناه، ولكنا فوجئنا بأنه مديون ولم يعد يملك سوى هذه الفيلا التي نسكن فيها أنا وأخي، وكما هو متوقع بيعت أملاكه لتسديد الديون، وتم بيع الفيلا لتقسيمها على الورثة.
لم يكن نصيبنا أنا وأخواتي وأخي منها سوى أقل من نصف الثمن، فتنازلت أخواتي عن حصصهن لنا فاشترينا بيتاً صغيراً يؤوينا أنا وأخي، وقد كنت مصرة على شراء البيت العربي القديم الذي ولدنا فيه وعشنا فيه أيام طفولتنا.
هكذا عدنا إلى الصفر الذي بدأنا منه بعد أن دارت بنا الأيام دورتها العجيبة، ولا أدري ما ستخبئه لنا في المستقبل البعيد أو القريب، فالله وحده العالم بخفايا الأمور.
::
أنجبت والدتي تسع بنات وكان والدي شاكراً لنعمة ربه لا يشكو ولا يتذمر، خصوصاً وان الخير كله جاء على مقدم البنات، فتوسعت تجارته من مجرد دكان بسيط إلى محال متعددة وبناية، بالإضافة للفيلا التي صرنا نسكن فيها بدلاً من البيت العربي القديم.
أنا البنت الرابعة في المجموعة وكنت اعتقد بأننا أسعد الناس وأحسنهم حظاً بما أنعم الله علينا من خير ونعمة وأسرة متماسكة يحب بعضها البعض، ولكن للأسف فإن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن كما يقولون، فقد تسرب البطر إلى نفس والدي.
فبعد أن بلغ الثانية والخمسين من العمر، أخذ يلمح بفكرة الزواج وأخذ يهدد والدتي بأنها ان لم تنجب له الولد فإنه سيتزوج من أخرى، شعرت المسكينة بحزن شديد، فالواقع هو إنها ليست المسؤولة عن إنجاب البنات، فهل بيدها قدرة التحكم في هذا الأمر؟ انه شيء بيد الله طبعاً ولا دخل لمخلوق فيه، ثم ألم يفكر بجميع النعم التي منحها الله له؟ لماذا كان يصر على الشيء الوحيد الذي حرم منه؟ ثم ألم يكن راضياً صابراً طوال تلك السنين وهو يردد بأن البنات نعمة وهن سيقدنه إلى الجنة؟ ماذا حدث له؟ لماذا تغيرت أفكاره عندما ازداد غناه؟ لماذا لم يفكر بكل ذلك إلا بعد أن وصل إلى هذا العمر؟ لقد زوج ثلاثة من بناته وأصبح له أحفاد، ألم يكن يعلم بأن الوالدة قد أصبحت في الثالثة والأربعين، وان صحتها لا تساعدها على الحمل من جديد؟ المسكينة، بقيت حائرة لا تدري ما تفعل، ولكنها في النهاية سلمت أمرها لله وقررت أن توقف موانع الحمل على الرغم من تحذير الأطباء لها لعدم الحمل لأنها مصابة بمرض السكر والضغط، وفي الحمل خطورة على صحتها.
قررت أن تعرض نفسها للخطر من أجل حماية بيتها، وزوجها من خطر الشريكة وما قد يسببه من تأثيرات مختلفة، فهي تعلم جيداً بأن الرجل لا يستطيع العدل في الزواج وإنها ستظلم هي وبناتها.
حملت والدتي وتحققت المعجزة فجاء الطفل الذكر الذي سيحقق للوالد حلمه ويكون له سنداً في شيبته ويحمل اسمه ويعتني بحلاله كما كان يقول.
فرحنا فرحاً شديداً على الرغم من تعلعل صحة الوالدة بشكل ملحوظ، ولكنها تجاوزت المرض واعتلال الصحة لان فرحتها كانت كبيرة بقدوم هذا الذكر العزيز وهي أكبر من كل الأوجاع والآلام، فهي معتقدة بأن هذا المخلوق الصغير سيثبت مكانتها لدى زوجها وسيدعم أركان الأسرة التي كانت في طريقها للتصدع والانكسار، فهي بالنهاية امرأة ولا تحب أن تشاركها في زوجها امرأة أخرى مهما كانت الظروف، عموماً، فقد سارت الأمور على أحسن حال لفترة من الزمن، كنت وقتها طالبة في بداية المرحلة الجامعية وقد أصبحت أقرب الناس لوالدتي بعد أن تزوجت شقيقاتي الثلاث الأكبر مني، للأسف فقد واجهت أصعب المواقف مع والدتي المسكينة عندما جاءنا خبر زواج الوالد فوقع علينا الأمر كالصاعقة، فماذا يريد أكثر مما منحه الله؟ لم يكن ينقصه سوى الابن الذكر وقد حصل عليه، فما هي حجته؟ وما هو المبرر لكل ما أقدم عليه؟ إنه أمر محير لم نستطع تفسيره أو فهمه أبداً.
الضربة الموجعة:
كانت مخاوف أمي في محلها عندما خشيت من عدم عدل والدي، فهو فعلاً نسينا بعد أن تزوج من أخرى، وقد عرفنا فيما بعد أن المرأة التي قد تزوجها هي مطلقة ولها خمسة أولاد وثلاث بنات، وقد خطبها عندما كانت صغيرة ولكن أهلها رفضوه بسبب فقره، فبقيت في خاطره طوال تلك السنين وعندما علم بأمر طلاقها تقدم لطلب يدها فوافقت بلا تردد لعلمها المسبق بأن أوضاعه المادية قد أصبحت ممتازة وإنها ستضمن العيش في بحبوحة بعد أن تخلى طليقها عن مسؤولية أبنائها لأنه مدمن مخدرات ومعدوم الحال تقريباً.
انشغل والدي بزوجته الثانية ونسينا تماماً، فلم يعد يأتي لزيارتنا فكانت والدتي تتعذب وتتألم قهراً وحسرة على هذا الوضع حتى حدثت لها جلطة في الدماغ فدخلت مرحلة الخطر ثم انتقلت إلى رحمة ربها بعيداً عن هذا العالم الذي لا عدل للإنسان فيه.
شعر والدي بوخز الضمير وأصبح مريضاً لفترة طويلة ترك بيته الثاني وبقي معنا وهو مهموم يفكر بنا وبأخينا الصغير الذي ولد ليتربى يتيم الأم، اقترح علينا بأن يحضر زوجته لتعيش معنا هي وأولادها، فرفضنا ذلك رفضاً قطعياً واتخذنا منها موقفاً عدائياً لأنها كانت السبب في موت أمنا، فبقي حائراً بين مسؤوليتنا ومسؤولية بيته الثاني، وقد كبر فعلياً خلال فترة بسيطة حتى غدى وكأنه أكبر من عمره الحقيقي، وقد أصيب بالضغط وبعض الأمراض الخفية التي صار يشتكي منها فلا يجد لها تفسيراً طبياً واضحاً.
اضطررت لترك الجامعة والبقاء في البيت للعناية بأخي الرضيع لأنني لم أكن أثق بالخادمات وما يمكن أن يفعلنه به بسبب الإهمال، لأنه كان يتعرض للمرض لفترات متقاربة.
اخترت أن أضحي بمستقبلي من أجل أخواتي أيضاً، فلابد من وجود أحد يتحمل مسؤولية الأسرة كي لا تضيع، وبالطبع فإن الدوام الطويل في الجامعة وما تتطلبه من مذاكرة وإعداد بحوث وتقارير لا يجعل لي مجالاً لتلك المسؤولية، فكان لابد لي من التضحية من أجل الجميع.
نهاية الرغبة:
يبدو أن والدي لم يسعد كثيراً بزواجه، فقد اغرق نفسه بمشاكل تلك المرأة وأولادها (الصيع) الذين تعودوا على خرق القانون بشتى الطرق، وكان عليه أن يتابع مشاكلهم في مراكز الشرطة، هذا لم يكن يحسب له حساباً، فهو من النوع المسالم الذي لا يحب حياة الفوضى والحماقات، فكان يتهرب من ذلك كله بالتواجد في بيتنا وإغلاق الهاتف باستمرار.
هذا الوضع أثر عليه في أعماله التي تركها بيد هذا وذاك دون مراقبة ومحاسبة، مما جعله يتعرض لبعض المشاكل المالية بسبب ما تعرض له من سرقات.
كما توقعت لم يطل عمر ذلك الزواج الفاشل سوى ثلاث سنوات، حيث طلق تلك المرأة وهو غير آسف، ولكن بعد أن تسبب له في تأثيرات صحية سيئة، بالإضافة لسوء أوضاعه المالية.
ليته تعلم من ذلك الدرس الذي مر به، ليته بقي إلى جانبنا يرعانا ويرعى ولده الصغير، ليته فكر بنا ولم يفكر بنفسه لما كان قد حصل ما حصل.
بعد أن عاد لعمله وتجارته وأشرف عليها بنفسه عاد له الاستقرار المادي السابق، عندها فكر من جديد بالزواج، فأختار إحدى الموظفات ممن يعملن معه فتزوجها، مخلوقة جديدة دخلت حياتنا بالإكراه وكان همها الوحيد هو المال، فهي شابة صغيرة لديها طموحات مادية جعلتها ترتبط برجل أكبر من والدها، فغرق معها في حياة جديدة لا تناسب عمره، وجرب أنماطاً مختلفة من المتع الغريبة، التي لم يكن يعرفها من قبل، فأنشغل وتركنا بلا أدنى إحساس بالمسؤولية، وكلما ألحينا عليه في الاتصال صرخ بنا: ماذا تريدون مني؟ كل ما تحتاجون إليه من مال يصلكم فماذا تريدون أكثر من ذلك؟ تصرفوا في حياتكم، أنتم لستم صغاراً.
العبء الثقيل:
لم يكن سهلاً علي أن أتحمل عبء هذه الأسرة الكبيرة لوحدي، لولا عناية ربي لضاع كل شيء، ولكن برحمة من الله ترتبت الأمور وسارت بمجراها الطبيعي حتى تخرجن أخواتي وتزوجن الواحدة تلو الأخرى، فكان والدي كضيف الشرف يأتي فقط عندما تتحدد المواعيد بالضبط كي لا يضيع دقيقة زائدة معنا.
خلا البيت الذي كان يعج بأهله وعلى الرغم من وسعه إلا انه أصبح ضيقاً موحشاً بالنسبة لي، فأخي الصغير قد أصبح في العاشرة من عمره وهو يخرج إلى المدرسة أو ليلعب مع أصدقائه فأبقى وحيدة في البيت فأشعر بوحشة حقيقية لا نهاية لها.
رفضت الزواج لأنني كنت أفكر بأخي، فلم أرد أن أتركه ليضيع بين البيوت فيتحول إلى إنسان مشرد تعيس، ألا يكفي إنه لم يجد الأم ولا الأب في حياته؟ هل أفكر بنفسي وأحرمه من مخلوق واحد يقف إلى جانبه حتى يعتمد على نفسه؟
أصبح لوالدي خمسة أولاد من زوجته الثالثة ولم أكن أعرف شيئاً عن أموره لأنه لم يكن يسأل عنا وكانت مسؤوليته الوحيدة نحونا هي إرسال المال وبعض الاحتياجات التي نطلبها منه.
بشكل مفاجئ جاءنا خبر وفاة الوالد، ولا ندري هل مات عن مرض أو غير ذلك، انتهت حياته على هذه الأرض وليس أمامه سوى الحساب العسير الذي سيلقاه في الآخرة بسبب تخليه عنا، سامحه الله، لقد غرته الدنيا وسلبت عقله فانجرف بتيارها بلا لحظة تفكير.
كنا نعتقد بأنه قد ترك أموالاً كثيرة بحسب ما كان معروفاً عن غناه، ولكنا فوجئنا بأنه مديون ولم يعد يملك سوى هذه الفيلا التي نسكن فيها أنا وأخي، وكما هو متوقع بيعت أملاكه لتسديد الديون، وتم بيع الفيلا لتقسيمها على الورثة.
لم يكن نصيبنا أنا وأخواتي وأخي منها سوى أقل من نصف الثمن، فتنازلت أخواتي عن حصصهن لنا فاشترينا بيتاً صغيراً يؤوينا أنا وأخي، وقد كنت مصرة على شراء البيت العربي القديم الذي ولدنا فيه وعشنا فيه أيام طفولتنا.
هكذا عدنا إلى الصفر الذي بدأنا منه بعد أن دارت بنا الأيام دورتها العجيبة، ولا أدري ما ستخبئه لنا في المستقبل البعيد أو القريب، فالله وحده العالم بخفايا الأمور.
عثمان محمد يعقوب شاويش- مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه
رد: قصة دورة الأيام ...(29) واقعية ...منقولة
استاذ شاويش
صباح الخير
فعلا قصة حزينة ومؤثرة جدا وهنيئا لهذه البنت بطلة القصة على تماسكها وتفانيها وتضحيتها ورجاحة عقلها.. ومثل هذه التجارب التعيسة كثيرة
ومنتشرة في معظم المجتمعات العربية حيث الجهل المطبق والظلم المدقع وقلّ
ان تجد مثل هذه التجارب الماساوية في المجتمعات الغربية.. واكاد اجزم ان في
كل قرية وكل مدينه وكل شارع وكل حي تجربة مماثلة لتجربة هذه البنت التي
راحت ضحية الاب المتسلط الجاهل حيث رما بها القدر والحظ العاثر في عباب
مجتمع ذكوري ليس فيه للمراه صوت يذكر ولا راي يعتد به...
الف تحية وارجو الا يصيبك الياس والكسل والا ينال منك التعب والارهاق في سبيل البحث عن الاستاذ المبدع الذي افتقدناه كثيرا هذه الايام
عوض السيد واخراجه من ((الزاوية)) التي تمترس فيها مع الثوار في ليبيا وهناك لاتوجد غابات كلها عمائر وفلل... تحياتي
صباح الخير
فعلا قصة حزينة ومؤثرة جدا وهنيئا لهذه البنت بطلة القصة على تماسكها وتفانيها وتضحيتها ورجاحة عقلها.. ومثل هذه التجارب التعيسة كثيرة
ومنتشرة في معظم المجتمعات العربية حيث الجهل المطبق والظلم المدقع وقلّ
ان تجد مثل هذه التجارب الماساوية في المجتمعات الغربية.. واكاد اجزم ان في
كل قرية وكل مدينه وكل شارع وكل حي تجربة مماثلة لتجربة هذه البنت التي
راحت ضحية الاب المتسلط الجاهل حيث رما بها القدر والحظ العاثر في عباب
مجتمع ذكوري ليس فيه للمراه صوت يذكر ولا راي يعتد به...
الف تحية وارجو الا يصيبك الياس والكسل والا ينال منك التعب والارهاق في سبيل البحث عن الاستاذ المبدع الذي افتقدناه كثيرا هذه الايام
عوض السيد واخراجه من ((الزاوية)) التي تمترس فيها مع الثوار في ليبيا وهناك لاتوجد غابات كلها عمائر وفلل... تحياتي
محمود منصور محمد علي- مشرف المنتدى العام و مصحح لغوي
رد: قصة دورة الأيام ...(29) واقعية ...منقولة
ماشاء الله أخي محمود إنت خطير وكتاب ...مداخلاتك رائعة دائماً كروعتك ...وارجو من الأخ الغالي جداً عوض السيد / أن يظهر ...خلاص كفاك ....وشكراً أخي الإنسان محمود .... محبتي
عثمان محمد يعقوب شاويش- مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى