جنوب السودان و سيناريوهات الانفصال
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
جنوب السودان و سيناريوهات الانفصال
الجزيرة نت -----رويترز
بقي يومان من عمر السودان كدولة واحدة حيث يعلن الجنوب
استقلاله يوم السبت المقبل في ولادة يصفها البعض بالقيصرية لأن هناك
العديد من القضايا العالقة التي من شأنها أن تعكر حياة الوليد الجديد.
فمع اقتراب فجر السبت المقبل الموافق 9
يوليو/تموز 2011، تنقسم أكبر دول أفريقيا مساحة إلى شمال وجنوب مع بقاء
العديد من النقاط الخلافية المعلقة رغم المحادثات والمؤتمرات الدولية التي
حاولت وعلى مدى سنوات مضت حلها بالتراضي.
ولعل من أبرز العوامل
الرئيسية التي تقلل من فرص حدوث اختراق إيجابي في اللحظة الأخيرة، افتقار
الجانبين إلى الثقة المتبادلة بعد الحرب الطويلة وحوادث العنف الأخيرة في
منطقتي أبيي وجنوب كردفان.
لذلك يرى مراقبون متابعون
للشأن السوداني بشكل مباشر أن المحادثات بين الشمال والجنوب مضنية للغاية
حيث بات معروفا أن مسؤولي الطرفين يختلفون بشأن كل كلمة، حتى إن الاتفاقات
المحدودة التي أعلن عنها -مثل منح الجنوب وقتا لطرح عملة نقدية جديدة- لم
يوقعها رئيسا الشمال والجنوب إلى الآن.
ولادة مشوهة
وانطلاقا من طبيعة
الخلافات المعقدة، يرجح المراقبون أن ينفصل الجنوب يوم السبت بولادة مشوهة
وناقصة تحمل في طياتها العديد من المخاطر المستقبلية التي قد تصل في
مضامينها يوما ما إلى حد الاشتباك المسلح.
من الاشتباكات الأخيرة التي وقعت بين الشمال والجنوب في أبيي (الفرنسية) |
صحيح أن الجنوب سيمتلك
كامل النفط المستخرج من أراضيه لكنه وبموجب الترتيبات الحالية يتعين عليه
أن ينقل النفط الخام عبر أنابيب تمر عبر الشمال ومنها إلى الميناء السوداني
الوحيد على البحر الأحمر، مع العلم أنه وحتى الآن لم يتفق الطرفان على
رسوم مرور النفط الجنوبي عبر أنابيب الشمال أو على إدارة حقول النفط
المشتركة على الحدود.
ويعتبر هذا مثالا لمشكلة
واحدة قد تفضي -إذا لم تتم تسويتها- إلى تعقيد الخلافات المأزومة أصلا بين
الطرفين لاسيما وأن الشمال كان واضحا في تهديده بإغلاق الأنابيب بوجه النفط
الجنوبي.
الحرب الشاملة
ولعل السيناريو الأسوأ الذي قد يواجهه الطرفان هو انهيار كامل للعلاقات والعودة إلى الحرب الأهلية التي أودت بحياة نحو مليوني شخص وأجبرت أربعة ملايين آخرين على النزوح قبل التوصل إلى اتفاق السلام الشامل عام 2005.
بيد أن مثل هذا الأمر، لا
يبدو مرجحا على المدى القصير أو المتوسط باعتبار أن الطرفين يدركان جيدا
أن العودة إلى ميادين القتال لن تفيد بشيء خاصة وأنهما بحاجة إلى تدفق
النفط لتحسين الاقتصاد، فضلا عن أن الشمال والجنوب يعانيان من إزعاجات
الفصائل والتيارات المتمردة.
لكن وفي الوقت ذاته لا
يستبعد المحللون السياسيون نشوب معارك محدودة في المناطق الحدودية وتحديدا
في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق اللتين تضمان تجمعات عرقية تتشابك
فيها الولاءات السياسية وتتفرق إلى أكثر من اتجاه جنوبا وشمالا مما يجعل
المنطقة عرضة لاشتباكات لا يقلل الكثيرون من احتمال انتقالها إلى إقليم دارفور بفعل العدوى.
ومن أبسط الأمثلة التي
يمكن أن تساق لإثبات مصداقية هذه القراءة ما جرى العام الماضي عندما توترت
الأجواء في مدينة ملكال الجنوبية بعد أن أقدم جندي مخمور على تسلق دبابة
بها ذخيرة وأطلق منها قذيفة وكأنه يحاول أن يثبت للجميع صحة المثل القائل
"عظيم النار من مستصغر الشرر".
فكيف يكون الحال وأبيي
تشكل خزانا هائلا من الشرر المتطاير القابل للانتشار والتوسع ولأسباب قد لا
يصدق حتى القادة السياسيون في الطرفين أنها قابلة للحدوث.
فيصل خليل حتيلة- مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
أرث الخلاف بعد 9 يوليو
السودان
بعد التاسع من يوليو/تموز 2011م ليس كما قبله، فبعد هذا التاريخ كلٌّ يغني
على دولته. الجنوب تم تحديد مصيره بانفصاله عن الشمال السوداني وأضحت
الدولة الواحدة بمساحة المليون ميل مربع دولتين تناقض إحداهما الأخرى،
وأصبح الجهر بالفوارق سيد الحديث والموقف.
أما دولة
الشمال فرجعت تتحدث عن الجمهورية الثانية والحكم اللا مركزي، بينما
العلاقات بين الدولتين تحكمها القضايا العالقة والتحديات وليس التمنيات.
فبعد أن تتغير الخارطة الجغرافية والإثنية ليس من مفر من النظر في حل
خلافات الدولتين حتى لا تعصف باستقرارهما، وحتى لا تنطفئ شعلة اتفاقية
السلام التي دفع أبناء السودان جنوبه وشماله دماءهم في سبيل الوصول إليها.
تباينت ردود
فعل مواطني الشمال كما الجنوب عند إعلان نتيجة الاستفتاء على تقرير مصير
جنوب السودان. وتتباين المشاعر الآن لدى جموع المواطنين عند الاعتراف بدولة
الجنوب وإعلانها في احتفال ضخم في التاسع من يوليو، فبين فرح باستقلال
الإقليم وبين حزن من الانفصال تكمن قضايا تعارف عليها في أدبيات الاستفتاء
بالقضايا العالقة.
" بينما تُرفع سارية العلم في سماء مدينة جوبا حاضرة جنوب السودان الدولة رقم 193 في العالم ، فإنه على الأرض ما زالت ملفات القضايا الأكثر جدلاً " |
تُرفع سارية العلم في سماء مدينة جوبا حاضرة جنوب السودان الدولة رقم 193
في العالم، فإنه على الأرض ما زالت ملفات القضايا الأكثر جدلاً منذ توقيع
اتفاقية السلام الشامل في نيفاشا عام 2005م.
من ضمن هذه
الملفات تبرز قضية الجنسية كأحد أهم القضايا العالقة، وأهميتها نابعة من
كونها تمثل الشعور بالانتماء للوطن والعلاقة بين الفرد والدولة التي تضمن
تمتعه بالحقوق العامة.
فاتفاقية
نيفاشا لم تُشر إلى مسألة الجنسية بل تركتها ليتم الاتفاق حولها حسب ما
يقتضيه الدستور والاتفاقيات الدولية الخاصة بهذا الشأن. وهكذا فإن آخر
مسمار تم دقه في نعش حق أبناء الجنوب في المواطنة السودانية هو إنهاء عمل
الجنوبيين في الشمال وفقاً لقرار مجلس الوزراء الذي أشار لإنهاء عمل
الجنوبيين في مستويات الحكم كافة وفي القطاع الخاص باعتبارهم أجانب
اعتباراً من 9 يوليو/تموز 2011م.
ولن يسمح لهم
بالعمل في الشمال إلا بعد الحصول على إذن مسبق من الوزارة وفقاً لقانون
الأجانب لسنة 2011م ولوائحه. والحديث عن حق أبناء الجنوب في المواطنة
السودانية لا يقتصر على تسريحهم من أعمالهم، بل يشمل حوالي مليوني جنوبي
سوداني المولد والجنسية.
حسب قانون
الجنسية السوداني لسنة 1994م والمادة (4) منه، فإنها تعرف السوداني بأنه
يكون سودانياً بالميلاد كل من حصل على جنسيته بالميلاد، ولد في السودان، أو
أن يكون والده قد ولد في السودان، أو كان مقيماً بالسودان عند بدء سريان
القانون، أو كان هو أو أصوله من جهة الأب مقيماً بالسودان منذ 1/1/ 1956م.
مادة
القانون هذه تنطبق على معظم أبناء الجنوب الموجودين في الشمال ولا يجوز
نزعها أو إسقاطها إلا حسب المادة (10) التي أجازت لرئيس الجمهورية إسقاط
الجنسية عن أي سوداني بالميلاد من ذوي الأهلية يكون قد بلغ سن الرشد وذلك
إذا ثبت أن الشخص قدم إقراراً بالتنازل عن جنسيته السودانية أو التحق بخدمة
دولة أجنبية أو استمر في تلك الخدمة مخالفاً بذلك أي حكم صريح في أي قانون
يحرم ذلك الفعل.
إذا كان
القانون براءٌ من الدوافع التي حدت بحكومة الشمال على إجبار الجنوبيين على
المغادرة، فليس هناك سوى الدوافع السياسية أو التعالي العِرقي والعنصرية
التي تنضح بها التصريحات الحكومية غير المسنودة بسند قانوني أو أخلاقي، في
تشبث مستميت بالأصل العربي والسلالات النقية التي ما فتئت تدغدغ أوهام أهل
الحكم في الشمال.
وإذا كانت
المادة "7" من الدستور السوداني تنص على أن تكون المواطنة أساس الحقوق
المتساوية والواجبات لكل السودانيين، وبما أن قانون الجنسية السوداني آنف
الذكر، يسمح بازدواجية الجنسية فهذا يعني حق أبناء الجنوب كما هو حق لغيرهم
من أبناء أقاليم السودان المختلفة في الاحتفاظ بالجنسية السودانية في ذات
الوقت الذي يحملون فيه جنسيات دول أخرى.
وعن
الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا الموضوع فقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم
المتحدة في 4 ديسمبر/كانون الأول 1954م الاتفاقية الخاصة بخفض حالات
انعدام الجنسية، تلزم الدول الأطراف بمنح جنسيتها للشخص الذي يولد في
إقليمها، أو يكون أحد أبويه بتاريخ ولادته متمتعاً بتلك الجنسية. كما تم
بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 ديسمبر/كانون الأول من
العام 2000م، حظر تجريد أي شخص أو أي مجموعة من الأشخاص تجريداً تعسفياً من
جنسية الدولة لأسباب عنصرية أو إثنية أو سياسية, مع ضرورة إعطاء الجنسية
إلى الأشخاص الذين يقيمون فيها بصفة اعتيادية. ومن هنا فإن قانون الجنسية
السوداني يعتبر متسقاً مع المبادئ الدولية.
أما عن ملف
الحدود الذي يبرز كأحد القضايا التي لم يتم حسمها فيما بين الشمال والجنوب،
فإن الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب تعتبر أطول حدود بين السودان
الشمالي وجيرانه، وأكثرها تعقيداً لارتباطها بقضايا التنقل والهجرة والرعي.
لم تبارح
مشكلات ترسيم الحدود بين الدولتين مكانها بعد وما زالت هناك خمس نقاط
حدودية عالقة بين الشمال والجنوب أبرزها منطقة أبيي التي تم الاتفاق على
نشر قوة حفظ سلام دولية فيها.
تعطلت لجنة
ترسيم الحدود وعجز نص اتفاقية السلام الشامل عن بيان ما المقصود بحدود
1956م الملازمة لانفصال الجنوب. كما تجادل الطرفان كثيراً حول بروتوكول
أبيي الذي ينص على الرجوع إلى دينكا نقوك في قبائلها التسع، وذلك في اعتبار
المتجادلين أن الترسيم الحدودي بهذه الطريقة يعتمد على الخارطة الإثنية
التي من المفترض أن يتعالى الطرفان عن الركون إليها.
وفي هذه
النقاط الحدودية أيضاً تتداخل مشاكل الحدود مع مشاكل المواطنة والجنسية
لوجود عدد كبير من السودانيين من أهل هذه المناطق الحدودية بين الشمال
والجنوب ومن النازحين الذين سيصبحون بعد التاسع من يوليو من فئة (البدون)
لا يدرون لأي جهة يتبعون.
" يزداد ملف النفط تعقيداً خاصة وهو المصدر الاقتصادي الوحيد لدولة جنوب السودان التي تعتمد على العائد من الإيرادات النفطية بنسبة 98%، بشكل أكبر من الشمال الذي يعتمد على موارد اقتصادية أخرى " |
فيزداد تعقيداً خاصة وهو المصدر الاقتصادي الوحيد لدولة جنوب السودان التي
تعتمد على العائد من الإيرادات النفطية بنسبة 98%، بشكل أكبر من الشمال
الذي يعتمد على موارد اقتصادية أخرى.
وتمثل نسبة
90% من الحقول النفطية الموجودة في الأراضي الجنوبية عنصر قوة، بينما
يضعفها من الجانب الآخر وجود أنابيب النقل ومحطات التكرير ومصافي النفط في
الشمال. فإذا استغنى الجنوب عن تصدير النفط عبر ميناء بورتسودان الشمالي
وأراد عوضاً عن ذلك تصدير النفط عبر دول شرق أفريقيا فإنه سيحتاج لخط
أنابيب تبلغ تكلفته ما بين ملياري دولار وثلاثة مليارات.
ولعل ما يزيد
المسألة تعقيداً هو وجود الشركات الاستثمارية الأجنبية في مجال النفط، في
قلب المعضلة. ولا بد من الإشارة إلى أن الصين تمثل الجزء الأكبر من هذه
الاستثمارات ثم تليها الهند وماليزيا وبعض شركات الدول الأخرى.
المشكلة
في أن الاستثمارات النفطية بعد إعلان الانفصال ستوزع بين دولتين بعدما
كانت الصين تتعامل مع دولة واحدة، ثم تدخل قيمة سداد ديون السودان للصين من
هذه العائدات النفطية. وفي هذه النقطة أيضاً يُنتظر أن تُحل قضية الديون
ليُرى هل ستأخذ الصين قيمة ديونها من الشمال أم من الجنوب؟
كما تطفو
مشاكل هذا الملف على سطح التصريحات على مستوى الرئاسة الجنوبية والشمالية
بين الحين والآخر، فالرئيس السوداني يقول إن عائدات النفط المقتسمة بين
الشمال والجنوب تحكمها ثلاثة خيارات، إما استمرارية الاقتسام أو دفع رسوم
وضرائب من حكومة الجنوب إلى حكومة الشمال على استخدام أنابيب البترول، أو
فلتبحث دولة الجنوب عن منفذ آخر لتصدير بترولها.
أما رئيس
حكومة الجنوب سلفاكير فقد قال إن دولته لن تأخذ كل عائدات النفط، بل ستترك
شيئاً للشمال ليكون عوناً له في مواجهة تحدياته الاقتصادية.
التاسع من
يوليو أتى ولم يُفك الارتباط بين الشمال والجنوب الذي توجد فحواه بشكل
أساسي طي الملفات الاقتصادية، شريانها هو مياه النيل وعصبها اتفاقيات
ومعاهدات اقتسام المياه التي لم يعرف بعد ما هو موقف دولة جنوب السودان
منها.
لا يُستبعد
حدوث تقسيم داخلي لحصة مياه النيل المخصصة للسودان بموجب اتفاقية 1959م،
أما الأقرب إلى الواقع هو التزام الجنوب ببنود اتفاقية 1959م لتصبح دولة
الجنوب الدولة الحادية عشرة في حوض النيل لحين الوصول إلى اتفاق بين الدول
الثلاث مصر وشمال وجنوب السودان يقضي بإعادة تقسيم الحصص المائية فيما
بينها.
وإن رفضت مصر
فيُرجّح احتمال اقتسام حصة السودان البالغة 18.5 مليار متر مكعب سنوياً بين
الجنوب والشمال. أما أسوأ الاحتمالات فهو في عدم اعتراف دولة الجنوب بتلك
المعاهدات بدعوى أنها وقعت تحت الحكم الاستعماري، مما يمكنه من حرية
الاختيار إما بالانضمام إلى دول المنبع الأفريقية أو إلى دولتي المصب مصر
والسودان، إلا أن العامل المهم في هذه القضية هو عمل حكومة الجنوب على كسب
عنصر الوقت لحين اتخاذ القرار الحاسم.
لم تنته
النقاط الخلافية عند هذا الحد وإنما طلبت حكومة الشمال من بعثة الأمم
المتحدة (يونميس) الانسحاب بحلول التاسع من يوليو، وهذه البعثة هي التي تم
نشرها للإشراف على تطبيق اتفاقية السلام الشامل 2005م، إلا أن الأمم
المتحدة أوصت بالتمديد للبعثة ثلاثة أشهر أخرى، مؤكدة أن قرار رحيل البعثة
بيد مجلس الأمن.
" سيكون الجنوب محروساً بعناية الأمم المتحدة ابتداء من حضور بان كي مون إلى جوبا جنباً إلى جنب مع البشير، في التاسع من يوليو للاعتراف بشرعية الدولة الجديدة " |
أن تشرق شمس التاسع من يوليو أيضاً سيكون قد تم نشر قوة جديدة لحفظ السلام
في الجنوب قوامها سبعة آلاف فرد من بعثة الأمم المتحدة، بعد موافقة مجلس
الأمن الدولي لتكون بذلك رابع قوة منفصلة للأمم المتحدة في السودان
بالإضافة إلى القوى الثلاث في دارفور وأبيي وبعثة (يونميس).
بعد التاسع من
يوليو وقبل أن يذهب الجنوب جنوباً لا بد من النظر إلى خارطة الطريق
الإثيوبية التي تم وضعها أوائل هذا الشهر وفقاً لاتفاقية أديس أبابا
الموقعة بين حكومة الشمال والحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال)
والتي تم فيها الاتفاق على الترتيبات الأمنية والسياسية، ووضع حل نهائي
لمشكلة أبيي وضرورة النظر ملياً في هذا الاتفاق حتى لا يأخذ الجنوب في
إبحاره الجديد جنوباً، ومعه ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
والنظر يعني
وضع حد للتصعيد بين الجانبين والالتزام بحل القضايا حتى يبتعد شبح الخوف من
عودة السودان بشقيه الشمالي والجنوبي إلى مربع الحرب مرة أخرى. وهو
بالضرورة يعني إعادة هيكلة الاقتصاد السوداني وتكامله بين الشمال والجنوب
بتفعيل إيجابي لعنصر النفط الرابط بين الشمال والجنوب بعد الانفصال والمدخل
الأساسي لبناء شراكة بينهما.
وسيكون الجنوب
محروساً بعناية الأمم المتحدة ابتداء من حضور بان كي مون إلى جوبا جنباً
إلى جنب مع البشير، في التاسع من يوليو للاعتراف بشرعية الدولة الجديدة.
فيصل خليل حتيلة- مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
جنوب السودان و سيناريوهات الانفصال
الاخ فيصل ربك يستر ما تخفيه لنا مقبل الايام بالامس في منطقة هجلييج وقعت مناوشات بين الجيش
والحركة في حدود 56 حول بعض الحقول هل تتبع للجنوب ام للشمال للان الامر غير واضح ربنا
ينجينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن تحياتي [b]
والحركة في حدود 56 حول بعض الحقول هل تتبع للجنوب ام للشمال للان الامر غير واضح ربنا
ينجينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن تحياتي [b]
ياسر جامع- نشط مميز
السودان - مخاض التاسع من يوليو
شكرا باشمهندس ياسر على المرور
لنرى ماذا يقول الاديب الاريب و الشاعر الفحل الاستاذ كمال الجزولى
*********************************
ها
هو النيل القديم يسري، الآن، من خلف الأضالع، واهنا/ ها هو النيل القديم
يستجيش بالحياة، تارة، وتارة يفيض بالسراب/ يمط جذعه بالسمك النافق، في
الصباحات، وبالزوارق المعطوبة، والتماسيح الكسالى/ وفي المساءات يلفظ
القطعان، والدخان، والعباب/ فيا أيها الذاهبون في طريق الذهاب/ أيها
الموغلون في الرحيل المر والغياب/ ربما لم تعد في دنان صبركم قطرة/ ربما لم
يعد ثمة ما يغوي في سلالنا بالإياب/ لكننا نقسم بالله العظيم، "نلحس سنة
القلم، نلعق ذرة التراب"/ سوف تبقى فصودكم محفورة، على الدوام، في جباهنا/
وأهازيجكم ندية، أبد الدهر، على شفاهنا/ فذرونا، واعذرونا، واذكرونا/
"أذكرونا مثل ذكرانا لكم" .. مثل ذكرانا لكم يا أيها الأحباب.
(1)
عشية التاسع
من يوليو/تموز 2011م، يوم الإعلان، رسمياً، عن قيام دولة جنوب السودان
المنفصلة، قفزت إلى الذهن، فجأة، ذكرى صديقنا شاعر الدينكا الفذ المرحوم سر
أناي كيلويلجانق، وهمسه لنا، مبتسماً، تحت ظلال العشيات الزرق، بعبارته
شديدة البشرى، معدية التفاؤل، على أيام انتفاضة أبريل 1985م الباسلة التي
قبرت دكتاتورية النميري، يقول: "الآلام التي ظلت تقاسيها أمتنا ليست،
قطعاً، آلام المرض، بل هي، يقيناً، آلام الطلق".
" عمل المجتمع الدولي بقيادة الرئيس السابق مبيكي بلا كلل من أجل تحقيق السلام، لكن الخيارات النهائية تبقى بيد الرئيسين البشير وسلفاكير " |
هو السيد نيكولاس كاي -سفير بريطانيا الحالي إلى الخرطوم- يكتب، بتاريخ
3/7/2011م، معلقاً، في مدونته الخاصة، على اتفاقيات أديس أبابا التي لم يكد
حبرها يجف، مؤخراً، بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، حتى أجهضها رئيس
الجمهورية: "إن (آلام المخاض Labour pains)
تسبق أي ميلاد، بما في ذلك ميلاد أية أمة. والسودان -كأكبر بلد في
أفريقيا- ظل يقاسي، موجة تلو موجة، من المعاناة، لكن المسألة ليست كلها
(ألم). فالسياسيون -القابلات- لم يهجروا عملهم، وفي أديس أبابا عمل القادة
السياسيون والعسكريون من كلا الجانبين بصبر للوصول لاتفاقيات تخفف معاناة
شعوبهم.
إن
من يبدؤون القتال يتعين عليهم إنهاؤه، وعلى القادة السياسيين أن يتحملوا
مسؤولياتهم. لقد عمل المجتمع الدولي، بقيادة الرئيس السابق مبيكي -بلا كلل-
من أجل تحقيق السلام، لكن الخيارات النهائية تبقى بيد الرئيسين البشير
وسلفاكير، فما سيفعلانه خلال الأيام القليلة القادمة، سيقرر ما إن كان
بلداهما سيولدان، يوم التاسع من يوليو، من بين التعانف والدم المسفوك، أم
بروح السلام وحسن الجوار؟".
قد يبدو
التخاطر غريباً، هنا، فلكأن أصداء عبارة سر أناي قد تردَّدت، من وراء
السنين، في مسمعي نيكولاس كاي، وعلى لسانه، لولا أن الأول تدفق بروح الشاعر
الوطني الذي لم يكن يقينه ليتزعزع في (الوحدة) الراسخة، بينما الآخر يحدوه
طيف أمل دبلوماسي مرتبك في إمكانية تعايش الدولتين، سلمياً، برغم
(الانفصال) وشتان بين هذا وذاك.
(2)
ظلت حكومات
الخرطوم الوطنية المتعاقبة أسيرة للتلاوين التي وسمت صورة الذات الإثنية
المستعربة المسلمة، المنتشرة، تاريخياً، وبالأساس، على طول الشريط النيلي
شمالاً، وامتداداته إلى مثلث الوسط الذهبي (الخرطوم ـ كوستي ـ سنار)،
منبثقة، أصلاً، من جذور نوبية استعربت وأسلمت، عبر القرون، ولم يعد
لنوبيتها تلك معنى محدد.
هذه التلاوين
هي التي بلورت أخطر جوانب الوعي الزائف بهوية الذات لدى هذه الجماعة
ونخبها، وهو المتوطن في توهم عروبة العرق الخالص، واللسان الخالص، والثقافة
الخالصة، دون استشعار لنبض العنصر الآخر، الزنجي والنوبي والبجاوي وغيره.
ملامح هذه
الصورة الملفقة انعكست، عام 1956م، على منهج لجنة التحقيق في أحداث توريت
وغيرها عام 1955م، والتي ركزت، كما لاحظ فرانسيس دينق بحق، على ما يفرق،
وعلى المبالغة في تقدير نتائج عمليات الأسلمة والتعريب في الشمال، والفوارق
التي ترتبت عليها بين الشمال والجنوب، حتى أضحت تلك الفوارق مرشداً لعمل
أية حكومة مركزية تجاه الجنوب، إلى حد التيئيس من الوحدة. ويمكن حصرها في
خمسة:
(1) الشمال،
عرقياً، عربي، والجنوب زنجي؛ والشمال، دينياً، مسلم، والجنوب وثني؛
والشمال، لغوياً، يتكلم العربية؛ والجنوب (يرطن) بأكثر من ثمانين لغة.
(2) الجنوبيون يعتبرون الشماليين أعداءهم التقليديين.
(3) الاستعمار
دفع بتطور الجنوبيين، حتى 1947م، على خطوط زنجية، فأعاق أي تقارب بينهم
وبين الشماليين، مستعيناً بأداة القانون والنشاط التعليمي للإرساليات
التبشيرية.
(4) الشمال، لأسباب تاريخية، تطور سريعاً، بينما ظل الجنوبيون على تخلفهم، مما أورثهم شعوراً بأنهم ضحايا خداع الشماليين.
(5) الجنوبيون، لهذه العوامل، يفتقرون للشعور بالمواطنة والوطنية مع الشماليين (لاحظ الإحالة المعيارية المستعلية إثنياً).
" ظلت حكومات الخرطوم الوطنية المتعاقبة أسيرة للتلاوين التي وسمت صورة الذات الإثنية المستعربة المسلمة، المنتشرة، تاريخياً، على طول الشريط النيلي شمالاً، وامتداداته " |
لم ينس التقرير اتهام الشيوعيين، ضمنياً، بالضلوع في أحداث 1955م، مشيراً
لازدياد نشاطهم خلال ديسمبر/كانون الأول 1954م في مركز الزاندي والمورو،
وبين عمال صناعة القطن ونقاباتهم، ولتوزيعهم منشوراتهم، وقتها، بلغة
الزاندي.
باختصار كان
التقرير نعياً لكل مقومات (الوحدة)، ونتاجاً للذهنية النخبوية المستعلية
بمركزوية (الذات) في علاقتها بـ(الآخر)، والتي طفحت آثارها المأساوية بعد
الاستقلال، حيث شكلت أيديولوجية السياسة الوطنية تجاه الجنوب، باستثناء
شواهد قليلة، كبيان 9 يونيو/حزيران 1969م، وجهود وزارة شؤون الجنوب (1969م ـ
1971م)، وما انعكس منها في اتفاقية أديس أبابا 1972م.
(3)
إذاً، وبفضل
ذلك (المرشد)، أصبحت خطة (الأسلمة والتعريب) المتلازمين، ضربة لازب، في
المنظور الإجرائي البحت، والقائمين على رموزيات القوة المادية، والتفوق
العرقي، وإهدار حق التميز الثقافي، هي البديل (الوطني الحر المستقل)
للسياسات الاستعمارية تجاه الجنوب حتى لم تترك له سبيلاً سوى (الانفصال)
بموجب استفتاء يناير 2011م، وقد فاقم من ذلك توهم الجماعة المستعربة
المسلمة السودانية، أو بالأحرى نخبها، أن عليها الوفاء، في تخوم العالمين
العربي والإسلامي، بمهمة (مقدسة) ألقت بها على عاتقها الجماعة العربية
المسلمة الكبرى في مركز القلب من هذين العالمين لتجسير الهوة التي تعيق
انسياب (العروبة) و(الإسلام) نحو عالم الأفارقة الوثنيين، مما ولد لدى غالب
النخب الشمالية، وبالأخص النخبة الإسلاموية التي تسيدت اقتصادياً،
وسياسياً، واجتماعياً، منذ 1989م، ذهنية (رسالية) تجاه الجنوب قائمة على
الإخضاع والاستتباع subordination،
مثلما ولد لدى قطاعات عريضة من النخب الجنوبية ردود فعل شديدة العنف
والحدة تجاه كل ما هو عربي وإسلامي، مما يتمظهر، غالباً، في الميل إلى
تضخيم الانتماء للرموزيات الثقافية والعرقية (الأفريقانية)، وللديانة
المسيحية، وللغة (الإنجليزية)، رغم أنف الحقيقة القائلة بأن 60% من العرب
موجودون، أصلاً، في (أفريقيا)، ورغم أنف (عربي جوبا) الذى لا تعرف
التكوينات القومية الجنوبية نفسها لغة تواصل lingua franca فيما بينها غيره.
هتان النظرتان
المتصادمتان اللتان تمتحان من الوهم، لا الواقع، حبستا كلا (العروبة)
و(الأفريقانية)، على ركاكة المقابلة الاصطلاحية، في أسر مفاهيم عرقية
وثقافية دعمت مناخ العدائيات المستمر بلا طائل، وعرقلت أي مشروع معقول
لوحدة مرموقة.
" لسنا البلد الوحيد الذي قام على تعدد وتنوع, غير أنه ما من بلد مثلنا كابرت فيه جماعة بتفوقها الثقافي والديني واللغوي، طالبة تنازل الآخرين لها عما بأيديهم " |
البلد الوحيد الذي تمايزت فيه الأعراق؛ على أنه ما من بلد مثلنا زعم فيه
البعض انتسابهم إلى عرق (خالص) يستعلون به على بقية الأعراق، فدفعوا
الآخرين، بالمقابل، إلى مجابهة هذا الاستعلاء باستعلاء مساو في المقدار،
ومضاد في الاتجاه.
ولسنا البلد
الوحيد الذي قام على تعدد وتنوع تحتاج مكوناته إلى حوار تاريخي هادئ،
ومثاقفة تلقائية رائقة، غير أنه ما من بلد مثلنا كابرت فيه جماعة بتفوقها
الثقافي والديني واللغوي، طالبة تنازل الآخرين لها عما بأيديهم، وتسليمهم
بامتيازها المطلق، فلم تحصل منهم إلا على الكراهية المختلقة، والدم
المفتعل.
ولسنا البلد
الوحيد الذي أدى استلحاقه القسري، منذ مرحلة ما قبل الرأسمالية، بفلك السوق
العالمي، إلى تفاوت قسمة الثروة، وحظوظ التنمية والتطور، بين مختلف
أقاليمه؛ سوى أنه ما من بلد مثلنا انطمست بصائر نخبه الحاكمة عن رؤية
المخاطر التي يمكن أن تحيق بسلطتها نفسها، في ما لو تحولت جملة هذه المظالم
إلى (غبينة) تاريخية.
(4)
بالنتيجة
اختار الجَّنوبيون (الانفصال). لكن من تمام الغفلة اعتبار نموذج الجنوب
حالة استثنائيَّة غير قابلة للتكرار، وإنما يلزم الإقرار بأن الجنوب، في
الحقيقة، ليس سوى النموذج الوحيد المرشح لأن يحذو حذوه، في نهاية المطاف،
كل تكوين قومي تبلغ روحه الحلقوم؛ ولعل حالة دارفور وأبيي وجنوب كردفان
والنيل الأزرق، دع الشرق وشمال (السدود) الأقصى، هي أول ما يقفز إلى
الأذهان كإرهاص شؤم بهذا المآل.
مع ذلك ليس من
قبيل المعجزات أن يفضي بنا الانتباه لحقائق تساكننا السابق، ودلالات
صراعاتنا نفسها، فضلاً عن حركة التدافع، وطنياً وإقليمياً وعالمياً، إلى
مستقبل تستعيد فيه بلادنا وحدتها، لا على خط الانحدار السابق، بل على
مداميك وطنية جديدة تنعم فوقها بدرجة معقولة من توازن التطور، وتكافؤ
الأعراق، وتعايش الأديان، والثقافات، والتكوينات القومية المختلفة.
ولا شك في
أننا سنكون أكثر قرباً من هذا المستقبل، بقدر ما سيراكم تاريخنا من معطيات
تتيح لكل مفردة في منظومة تنوعنا أن تعي ذاتها في نسق علاقاتها بغيرها، مما
سيجعل من التوازن، والتكافؤ، والتعايش، ليس، فقط، حالة بديلة عن الاستعلاء
والاحتراب اللذين أسلمانا إلى (الانفصال)، بل ضرورة لا غنى عنها لوجودنا
نفسه.
" لأن العامل الاقتصادي غير قمين، وحده، بكفالة حل مشاكل التساكن القومي، فلا مناص من التواضع على بناء دولة مدنية ديمقراطية قائمة على التعدد، ومعيارية المواطنة " |
هذا هو التحدي
الشاخص في أفق تطورنا، والذي يفترض العكوف على تدبر مجابهته، بإحسان تدبر
جملة الجرائر التي أودت بوحدة الوطن. فالمستقبل المأمول ليس محض طور من
أطوار الارتقاء التلقائي، يقع، حتماً، سواء عملنا أو لم نعمل لأجله، وإنما
يحتاج إلى حركة دفع قصدية جادة بثلاث اتجاهات:
(1) الانطلاق
من الإقرار بواقع التنوع إلى تصميم برامج للتنمية المتوازنة بين مكوناته،
وإعطاء الأولوية لإعادة استثمار الموارد القومية، كالبترول، حيثما وجد، في
القطاعين الزراعي والصناعي، وكل مجالات التنمية، بدلاً من الاقتصار على
(قسمة العائد) البائسة، فضلاً عن تخصيص ما يكفي من الموارد لردم فجوة
التهميش التي تعانى منها مناطق شاسعة من الوطن، وذلك بتفعيل (التمييز
الإيجابي positive discrimination)،
أي المعاملة التفضيلية للمناطق التي تشكل منابع الثروات القومية، فيعاد
استثمار قدر معلوم من عائداتها للارتقاء بخدمات الصحة والتعليم وغيرها في
هذه المناطق، سواء مما تخصصه الميزانية العامة، أو ما ترصده ميزانية
التنمية.
(2)
ولأن العامل الاقتصادي غير قمين، وحده، بكفالة حل مشاكل التساكن القومي،
فلا مناص من التواضع على بناء دولة مدنية ديمقراطية قائمة على التعدد،
ومعيارية المواطنة، والعدالة الاجتماعية، والحريات العامة، وحقوق الإنسان
كافة، كما نصت عليها المواثيق الدولية، لتكون حاضنة وطنية لهذه العمليات،
ليس في مستوى الإطار الدستوري والقانوني، فحسب، وإنما بالمراجعة التاريخية
المطلوبة بإلحاح لمحددات الهوية الوطنية في السياسات الثقافية، ومناهج
التربية والتعليم، وبرامج الراديو والتلفزيون، وغيرها من أجهزة الإعلام
ووسائط الاتصال الجماهيرية الأخرى ذات الأثر الحاسم في صياغة بنية الوعي
الاجتماعي العام، بما يشيع مناخاً صالحاً لازدهار كل المجموعات القومية،
بمختلف ثقافاتها، وأديانها، ومعتقداتها، ولغاتها، ويهيئ لانخراطها في
مثاقفة ديمقراطية هادئة في ما بينها، "فليس أمر من صدام الثقافات.. وأدمى"،
على قول شهير للمرحوم جمال محمد أحمد.
إنجاز كهذا
يستحيل إتمامه عبر صفقات منفردة بين نخب في (الهامش) و(المركز)، بل لا بد
من أوسع مشاركة منظمة للجماهير في المستويين، عبر أحزابها، ونقاباتها،
واتحاداتها المهنية والنوعية، ومؤسساتها المدنية الطوعية، وروابطها
الإقليمية والجهوية وغيرها.
(3) وإلى ذلك
لا بد من انخراط الجماعة المستعربة المسلمة في حوار داخلي سلمي وحر بين
مختلف أقسامها، حول فهومها المتعارضة لدينها الواحد، في علاقته بالدولة
والسياسة، الأمر الذي لطالما شكل، منذ فجر الحركة الوطنية، بؤرة نزاعات
خطرة لم يقتصر أثرها السالب على هذه الأقسام، فحسب، بل امتد ليطال علاقات
المستعربين المسلمين، عموماً، بمساكنيهم من أهل الأعراق والأديان والثقافات
الأخرى، بما تهدد، وما زال يتهدد (الوحدة الوطنية).
(5)
" عوامل (التوحيد) الكامنة في تاريخنا الاجتماعي، والتي لا تنكرها العين إلا من رمد، تدفعنا إلى التفاؤل بأن (الوحدة) سوف تشكل خيارنا النهائي " |
هذه المعالجات
ليست محض جداول لإجراءات محددة، بل سيرورة تاريخية باحتمالات لا نهائية.
ولذا من العبث، محاولة توصيفها، تفصيلاً، أو تقييدها بمدى محدد، أو
بترتيبات معينة، أو بحكومة بعينها.
وقد
تتعرض لانتكاسات، حتى بعد التواضع عليها، حد تكرار تجربة (الانفصال) نفسه.
على أن عوامل (التوحيد) الكامنة في تاريخنا الاجتماعي، والتي لا تنكرها
العين إلا من رمد، تدفعنا إلى التفاؤل بأن (الوحدة) سوف تشكل خيارنا
النهائي. وربما زودتنا بالمزيد من التفاؤل عبارة سر أناي الشاعرية الحكيمة:
إن الآلام التي يعانيها وطننا هي، يقيناً، آلام (الطلق)، لا (المرض).
فيصل خليل حتيلة- مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
ضياء الدين البلال
diaabilal@hotmail.com
الملاحظة التي كانت لافتة للنظر في احتفالات انفصال الجنوب بجوبا، غياب الذين صنعوا اتفاق نيفاشا من جانب المؤتمر الوطني.
لا
سيد الخطيب ولا إدريس عبد القادر ولا محمد المختار ولا يحيى حسين، كانوا
ضمن الحضور بجوبا. في أهم حدث تاريخي ترتب على اتفاقهم مع الحركة الشعبية
بسمبا لودج 2005.
وكنت أتوقع
قبل 9 يوليو بيوم أو بعدها بساعات، أن يعقد نائب رئيس الجمهورية الأستاذ
علي عثمان محمد طه مؤتمراً صحفياً بالخرطوم، طالما تعذر السفر لجوبا لأسباب
بروتكولية.
في أحداث أقل أهمية، كانت مؤتمرات طه الصحفية تأتي لتعيد صياغة المواقف وترتب الأولويات وتحدد أجندة القادم.
على الأقل كان من المتوقع أن يطل نائب الرئيس عبر برنامج تلفزيوني أو مقال صحفي ليقدم مرافعة الختام في الدفاع عن نيفاشا.
إذا لم يدافع عن نيفاشا من صنعها، من ترى سيتصدى لهذه المهمة في هذا الوقت الحرج وتحت القصف؟
بان
كي مون كتب مقالا وزع على الصحف العالمية والمحلية، الصادق المهدي فعل ذلك
ولم يكتف به، بل أم المصلين بمسجد جوبا العتيق وألقى خطبة الوداع نيابة عن
الشمال.
نيفاشا الآن لا
يدافع عنها سوى صديقي النبيل عادل الباز منذ مانشيت (تبت يد المستحيل) إلى
اليوم الذي خرج فيه بمانشيت يقول: (وطن يقف على ناصية الأحلام ويغني).
الغريب
جداً بالنسبة لي أن الأستاذ علي عثمان يملك ما يقول، فقد استمعت إليه
مراراً في جلسات مباشرة وهو يعرض بنصاعة تعبيرية مدهشة حججا قوية تنفع
دوماً في تشكيل خط دفاع عن ذلك الاتفاق.
قد تختلف معها في المسارات أو المآلات ولكنك لا تملك سوى أن تحترمها.
استمعت
كثيراً لإدريس عبد القادر كبير مفاوضي الحكومة في لقاءات محدودة العدد في
معية عدد من الزملاء، والرجل يمتلك مقدرة مميزة في عرض وجهات النظر
الحكومية حول نيفاشا وتطبيقاتها ولكنه شديد الحذر من الإعلام وحريص على
تداول الآراء في الغرف المغلقة عديمة النوافذ.
المحاولة
الجادة الوحيدة التي اختارت أن تخرج لمواجهة الهجوم على نيفاشا في الهواء
الطلق قام بها سيد الخطيب عبر برنامج مراجعات الذي يقدمه الصديق العزيز/
الطاهر حسن التوم، وكانت مرافعة جريئة ذات نزوع هجومي على شانئيها.
ولأن
الخطيب رجل مزاجي يفعل مثل تلك الأشياء كالإهام القصيد وهواطل النثر فهو
لم يكررها أو يطورها لتصبح خطا سياسيا وإعلاميا منتظما يملك شجاعة القول
بأن نيفاشا لم تولد من العدم ولم تهبط من السماء، هي من حسابات الأرض
ببواقيها وكسورها وأرقامها الصحيحة. وأنهم استطاعوا الحصول على قدر مغرافهم
وبحجم إنائهم وبرضا ومباركة الجميع.
لا
يجدي السكوت في مثل هذه المواقف، الدفاع أو الاعتراف، لا بد من مرافعة
ختامية لصناع نيفاشا، مرافعة توضح على ماذا بنيت حسابات البيدر وكيف كانت
نتائج الحقل و(صافي الغلة). فليس بالإمكان الاختباء من التاريخ داخل أغلفة
الصمت!
فيصل خليل حتيلة- مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
رد: جنوب السودان و سيناريوهات الانفصال
لا
يجدي السكوت في مثل هذه المواقف، الدفاع أو الاعتراف، لا بد من مرافعة
ختامية لصناع نيفاشا، مرافعة توضح على ماذا بنيت حسابات البيدر وكيف كانت
نتائج الحقل و(صافي الغلة). فليس بالإمكان الاختباء من التاريخ داخل أغلفة
الصمت
اخي فيصل اولا شكرا علي البوست التوثيقي لهذه المرحلة من تاريخ السودان باقلام صحفيينا
والكل صامت
ماذا يقول علي او لجنة المفاوضين ؟هل سيجيبون علي تسأولات بن البلال؟
لا اعتقد
nashi- مشرف المنتدى الرياضى
مواضيع مماثلة
» لا إتفاق حول المناطق المتنازع عليها .....!!.السودان وجنوب السودان يوقعان ثلاث مجموعات اتفاقيات تتعلق بالترتيبات الأمنية واتفاقيات مابعد الانفصال والتعاون بين البلدين
» خريطة السودان بعد الانفصال
» غريشن: الانفصال مصير السودان
» جنوب السودان وييى (منقول)
» مواجهات جنوب السودان تدفع للوحدة
» خريطة السودان بعد الانفصال
» غريشن: الانفصال مصير السودان
» جنوب السودان وييى (منقول)
» مواجهات جنوب السودان تدفع للوحدة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى