رصد الهواجس(تاملات)
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
رصد الهواجس(تاملات)
ساقتني خطاي المرهقات إلى أرض هلام افترش العشب أديمها بمزاج مريح ،ذات العشب المغسول بالطل وقطرات الندى الممعن في الوميض حينما تدلق الشمس أشعتها الباهرة على خديه الأسيلين ..وعلى الأفق الرابض على كتف المسافة ترتسم ابتسامات المستقبل ...زخات المطر تطرق في خفر أبواب المدينة الغارقة في الشح والظمأ تبلل جديب زمانها ،وتعطر ليلها بفوح الحلم الموشي بحرير الخيال ..وعلى مقربة من كثيب رملي ناعس أطلقت عنان ذاتي التي أعياها الألم الذي بلغ سقف اللامحدود ..، ربما طاف الكرى بعيني ...و لا اعرف حقيقة كم ظللت مستغرقا في وسني ....رأيت نفسي كسمندل أسطوريا يحلق في فضاءات النار بجناحين من توق وعشق ...أو ربما كنت هائما في دروب الحياة أتحرق شوقا لأفاق الحرية وكسر القيد .تهيمن علي رغبة الانطلاق نحو الذرى السامقات ..تلح علي بإصرار مفزع ومخيف .......ترأت روحي كانها طائر غادر عشه في امل يرفرف في امتلا ساحر فوق قمم ارتضتها الريح سكنا وموطنا ...بقهرها القاسي وجبروتها العاصف حاصرتني بين اصابع كفها المتفجر لهبا ..وقذفت بي بعيد داخل دهاليز مهجورة واوكار معزولة تهمس بجانبي حكايات تليدة موغلة في القدم وبقايا ذكريات اليمة عبث الزمان بتفاصيلها فغدت كالمستند العتيق الذي هدته دابة الارض فاصبح باهتا مهترئا مصفر الاوراق .....وعلى نهاية الطريق اسندت ظهري على جذع شجرةصمد ت سنينا عجافا شهد ت ميلاد وموت الكثيرين لم تتوارى من مطر ولم تخشى الدياجي ولم تفرد مظلة لاتقاء الحر والقر ولا شمسا ولا زمهرير بل ظلت واقفة صامدة ...هي الشاهد الوحيد على بؤس وقتامة هذا الركن القصي من المكان الذي هجرته الحياة وقد سلبته الايام نضارة مجده !! ارهفت السمع في انصات وحضور فسمعت نحيبا مرا اثار شجني وهزني عنيفا فانهمرت الموع هواطلا ووجيب قلبي يحتضن جرح كبير ..ولمحت في صمته تفاصيل متفردة فاسررت له بلسان الحال وكأن روحي تصارع قدرها وتسلخ مني ،فقلت مال الذي الف بين شتيتين ؟ جريح ويائس غدر بهما الزمن واستافا حنظل الظلم ...فقفزت تلك الذات المترعة بالمواجع كظبي متوحش فر من كناسه بعد ان ظل رهن القيد حينا من الدهر اشباعا لرغبة صياد اراد ان يتباهى به امام اقرانه ...فاوثقت خطام راحلتي ويممت التسفار صوب مفازات الايام بحثا عن واحة حب وامن وامان استريح فيها .ولكن يا اسفي ..ضللت السبيل وتغشتاني الرؤى الظلام فتداخلت الاشياء والافكار والاشخاص فلم اعد استبين من بين الهلام محطات الوصول ..فغدوت ارسل الانين والخواء كمدينة عتيقة اجدبت بعد ان خاصمتها السماء وانقطع المطر ...انها ليلة معتمة هالها غياب البدر ... سحبت خطواتي الكليلة سائرا بلا هدى ودون وجهة ...وقع اقدامي لا يثير انتباه احد !! الشوارع عارية تماما ..الصمت والاستيحاش يهيمنان على الفراغ ...باقدامي المتشققة الدامية التي هدها طول المسير ..ونفسي الطموحة المعتلية صهوات الخيال واللامنتهى ...أتساءل لماذا احني هامتي للريح ؟ ودون انتظار الرد ..تحول حالي الى حال رجل أعمى يتلمس خطواته ويتثبت تحوطا ،ويتبين موطأ قدمه حتى لا يزل ولكيلا يسقط في غياهب جب مهجور فلا يجد فيها سوى نعيق الألم وكواسر الندم ...ولكن السقوط في قاموس شذاذ الأفاق لم يعد عيبا !! هي الازدوجية ربما أوهي عادات سالبة تسللت إلى منافذ الفعل ومنابت الوعي دون استئذان او طلب الغفران .أو هي الفوضى الخلاقة !!.وبينما أنا أرصد هواجسي وكوابيسي وفواجعي ...بغتة تهب نسمة بليلة من تلقاء الشرق تجتذب ذاتي في مغنطيسية ساحرة ،وتحررني من براثن القلق المارد الذي اقض مضجعي وسلب النوم من عيوني ،وانتزع الطمأنينة وجردني من إرادتي وتميزها المتفرد فأذبني في حمض قهره فصرت طوع بنانه ....وفي خضم دهشتي وذهولي عاودت النسمة هبوبها وهزمت جحافل الظلام وهزمت وهني وتراجعي ..فتحورت ذاتي إلى يمامة زرقاء اللون ترفرف في جذل والأمل يتلألأ فيها مشرقا ومبشرا بالفجر القادم ...فوقفت في انبهار أرسل النظرات عبر الشرفة المطلة على مدائن الحلم والخيال ....حاصرتني الحيرة شدني ذاك الضياء المتدفق في ثراء والمشع بكل الق وبهاء .شاقني منظر الحدائق الغناء وشقشقة العصافير المهاجرة وهي تنادم ليل الصد والصبابة من طرف واحد ...القمر يسكب ضياءه الفضي اللامع تمنيت لو املك ناصيته واجعله يصب نوره المتبلج ليستنير لي دروب حياتي التي تسربلها الظلام وجيوش الالالم ...نعم ..أشعة شمس هذا اليوم تبدو بشكل مختلف متميز قوية فاقعة الأشعة تسربت خيوطها النهارية في سويداء الأعماق وتجذرت في القاع في محاولة لرفع عباءة الليل المضني وعتمة الشقاء ........لست ادري ما يدور حولي الضياء الغامر يحفني من كل جانب ينزع غشاوة الوهم ومهالك الضياع ...مخاض وولادة من جديد ..شعرت بخيال شفيف قوي تحسسته ولكن لم يظهر لي ولم اكد اراه عيانا .ها انا اولد مرة اخرى عمرا مليئا بالحضور وربما الحياة شامخا أقف في ارض الواقع الذي أدمى جوارحي وحشد فيها الآهات فتبدلت وريقات العمر إلى شجرة عجوز تعاني الجفاف والذبول ولوثة الضياع ليس أمامي سوى الفجيعة والوجيعة واليأس والبؤس والشقاء مفردات ترزح في حظائر التشاؤم !! ولكن وبعد برهة تبدت تلك النسمة الرائقة والتي احتفيت بها كثيرا وحلقت معها في أكوان من الفرح والسعادة الغامرة لم تكن إلا كابوس حلم من أحلام العمر المتناقص ووريقاته التي طالها غول النسيان في أروقة الزمن المتناقض مصطحبا بقايا فوحه ونهايات الغيم الأيل للأفول ..وفي استسلام ارعن يعتلي صهوات الخيال مرتحلا إلى الأزمان النائية والسحيقة والبعيد ....بكيت من الأعماق دمعا دما وأغمضت روحي في الم يحاصرني الحزن
غريق كمبال- مشرف المنتدى الاقتصادى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى