مع الرجل الثاني في الحزب بولاية الخرطوم.. بعد إبتعاده عن كابينة القيادة
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مع الرجل الثاني في الحزب بولاية الخرطوم.. بعد إبتعاده عن كابينة القيادة
محمد عبد الله شيخ إدريس: الزراعة أفضل لي من العمل داخل المؤتمر الوطني
حاوره: فتح الرحمن شبارقة- تصوير: شالكا
يتهمه البعض بالتمرد والمناكفة وممارسة السياسة على طريقة أركان النقاش في بعض الأحيان، بينما لا يأبه محمد عبد الله شيخ إدريس في واقع الأمر بكل ذلك، ويمضى في التعبير عن آرائه بجرأة وعناد جعله من المغضوب عليهم لدى بعض قادة المؤتمر الوطني، ومن قادة الإصلاح داخل الحزب برأى آخرين.. و قلما تجد شاباً يصلح كحالة لدراسة واقع شباب الإسلاميين مثله، فهو من الذين حملوا السلاح وقاتل في معارك ضارية بالجنوب، ثم تسنم مواقع قيادية متقدمة من قبيل رئاسته للإتحاد العام للطلاب السودانيين ونائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون التنظيمية والسياسية بولاية الخرطوم، قبل أن يعتذر عن تسنم موقع تنفيذي بالولاية ويستقيل من الحزب مفضلاً الزراعة على العمل في المؤتمر الوطني، والسكن في منزل متواضع ومعرض للإزالة في أى وقت بمنطقة (القيعة) العشوائية ،على منازل الحكومة الفسيحة وبهرجة السلطة .فماذا قال في هذا الحوار:
* دعنا نبتدر بتساؤل ستحدد إجابتك عليه مايلى من أسئلة بعده وهو هل أنت طلقت المؤتمر الوطني أم طلقت السياسة بصورة نهائية؟
- أنا لم أُطلق السياسة، ولم أُطلق المؤتمر الوطني.
* ولكنك قلت لى في وقت سابق إنك طلقت السياسة إلى حين فيما أذكر؟
- نعم أنا في إتصال سابق معك قلت لك طلقت السياسة إلى حين، فأنا واحد وعشرون سنة أعتبر نفسي (شغال سياسة) في القطاعات الطلابية منذ العام 1989م وحتى الآن. ولذلك هناك كثير من الملفات المتراكمة أهم شىء فيها ملف التأهيل العلمي الذي يتطلبه الشخص، وقد كانت العشرين سنة الفائتة مليئة تماماً ولم يكن بها جانب أو فراغ إن كان للملفات الخاصة في الأسرة أوالملفات الخاصة بالتأهيل الأكاديمي، ولذلك أعتزمت بعد مشاورات كثيرة جداً وإستخارات أن أتفرغ لمدة عامين على الأقل لإكمال التأهيل العلمي خاصة في مجال الدكتوراة وبعض الكورسات التأهيلية الأخرى. وفي ذلك الإطار قدمت الكثير من المخاطبات والمكاتبات للمسؤول عني مباشرة رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم الأخ الوالي، وإلى الأخ نائب الرئيس وحينها ظهر التكليف الأخير بالمشاركة بالجهاز التنفيذي في ولاية الخرطوم ولذلك كان الإعتذار عادياً حتى أتفرغ لتلك الملفات التي ذكرتها. وأنا مازلت عضواً في المؤتمر الوطني ولم أُطلقه في إنتمائى أو في إتباع منهجه التنظيمي خاصة وأن آخر شىء عملته فيه كان مسؤولية الإتصال التنظيمي بولاية الخرطوم ،وقبل خروجي الأخير كان هناك إتفاق رسمي بيني وقيادة الحزب أن أُنهى عملي التنظيمي وأتفرغ تماماً في 21 نوفمبر الماضي بإعتبار أن ذلك التاريخ يمثل نهاية لفترة تنظيمية إنتهت بالمؤتمر العام وقد كان .
* ألا توجد حيثيات أخرى، فالبعض عزا إبتعادك عن المؤتمر الوطني والعمل التنفيذي لغضبك وتململك من أشياء محددة هنا وهناك؟
- أنا أؤكد لك أن السبب الرئيسي والأول والأوحد هو الإنتقال مباشرة إلى معالجة ملفات خاصة تليني أنا شخصياً .وأعتقد في النهاية تهم الحزب الذي أنتمي له ومن المفروض أن أؤهل نفسي أكثر خاصة وأني إداري في واحدة من مؤسسات التعليم العالي، وعضو في هيئة التدريس. وقضية التململ والغضب هى ليست شيئاً طارئاً فقد كنت أُعبر بكل وضوح أمام كل شخص بداية من رئيس المؤتمر الوطني رئيس الجمهورية، وإذا ذكرت كل لقاءاتي أو إجتماعاتي على مستوى المكتب القيادي كنت أتحدث بصورة واضحة جداً عن قضايا كثيرة مثارة في الساحة بصورة لا يتفق معى فيها الكثيرون في المكتب . ولكن هذه قناعاتي التي ظللت أؤمن بها طوال العشرين سنة الفائتة .وهى ربما التي وضعتني بصورة أساسية في خانة ما يسمون بالمتمردين أو المتفلتين أو بالآراء الشاذة داخل الحزب. وأنا عندما كنت في مواقع تنظيمية كثيرة وتقاطعت فيها مواقفي المبدئية مع بعض مصالح الحزب آثرت الإبتعاد.
* يؤخذ على محمد عبد الله شيخ إدريس أنه من القيادات الشبابية المناكفة والمتمردة نوعاً ما داخل المؤتمر الوطني؟
- أعتقد إن مثل هذه الأوصاف موجودة في الساحة السياسية وقد تكون موجودة بصورة أخص على مستوى الحزب والحركة الإسلامية، وأنا لا أعتقد إن ما نقوم به من دور في الحزب هو دور المناكفة أو التمرد. وفي إعتقادي الخاص إن لكل شخص أسلوبه، ولكل شيخ طريقته كما يقولون. ومن الأشياء التي تربينا عليها أن نقول للمخطىء أنك أخطأت ،ولذلك كثرت هذه الأشياء في كثير جداً من المنابر، وشخصياً لم أحاول أن أغير هذه الطريقة التي تعجبني وأنا أقول للأعور أنه أعور، ولكن أقول هذا داخل المؤسسات وأمام أعلى شخص في المؤتمر الوطني الأخ رئيس المؤتمر رئيس الجمهورية ولم يحدث أن قلنا هذا في منابر عامة.
* هنالك إتهام موجه لك بممارسة السياسة على طريقة أركان النقاش؟
- هذا ليس صحيحا، وأعتقد إن واحدة من أخطاء السياسة السودانية بصورة عامة وفي المؤتمر الوطني بصورة خاصة أنه دائما يتم تغليف النصيحة وقضية الإصلاح بصورة خجولة ويشذ عن ذلك من يتحدث بصورة مباشرة .وأنا أعتقد ليست لدي مشكلة مع شخص محدد في الحزب أو مع مجموعة من المجموعات ولست طالبا لأى موقع ولذلك هذه المناكفة وهذا التمرد ليس لأجل تخطية شخص غير مخطيء أو لإبراز شخصية وظهور في الإعلام أو غيره.
* أنت تعترف بأنك مناكف إذن؟
- أنا لم أنكر هذا، وأعتقد أن المناكفة هى اسم من أسماء النصيحة، ليست المناكفة من أجل المناكفة فنحن نناكف ونتمرد من أجل إصلاح بعض الإعوجاج الذي نراه في الحزب.
* قلت إنك طلقت السياسة إلى حين بسبب الدراسة، ولكن في الواقع أنت تعمل مزارعاً في منطقتكم هذه الأيام؟
- أنا عملياً ومنذ أكثر من عشرين سنة مزارع ابن مزارع وابن مزارعة لذلك لم أنقطع عن بيئتي يوماً ما ،ولم أعتمد على مرتب حكومة، وأنا أصنف نفسي مزارعا من الدرجة الأولى على الأقل على المستوى الريفي وليس المزارعين الكبار الموجودين على مستوى الدولة ،ولذلك هذه واحدة من الأشياء التي تأخذ جزءاً من إهتمامي أن أطوّر قدراتي في المال الزراعي الذي ورثته عن أهلى ولم تساعدني فيه الدولة أو أتقدم فيه بسلفية من البنك الزراعي أو النهضة الزراعية أو غيرها.
* كأنك تقول إن السياسة أحسن منها الزراعة؟
- أنا لا أقول السياسة، وإنما أقول العمل في المؤتمر الوطني أحسن منه الزراعة، فكما يقولون شعبياً (الشقاوة أحسن من الهم) وأنا الآن عملت داخل مؤسسات المؤتمر الوطني أكثر من عشرين سنة ،ولكن لا يمكن الآن أن تحمل شهادة خبرة من المؤتمر الوطني لترقى بها في مؤسسة خدمة مدنية، لذلك أنا الآن ذهبت من الهم للشقاوة، والشقاوة يمكن في نهاية اليوم بعد نهار عامر مع الطورية والمحراث أن تأتي وتسترخي وتأخذ راحة كاملة بعد يوم من التعب، ولذلك أنا أقول لك الزراعة أفضل من العمل داخل المؤتمر الوطني بأزماته الكثيرة وطوارئه وسقفه الزمني غير المحدد.
* بعض الخبثاء يقولون إن محمد عبد الله شيخ إدريس ظهرت عليه أعراض الإسلاميين التنفيذيين مبكراُ من زوجتين وخلافه؟
- أنا أعتقد أن هذه القضية غير مرتبطة بالعمل السياسي. وأنا أفّلس شخص في المؤتمر الوطني وفي العمل السياسي، والآن لا أسكن في المنشية أو العمارات وإنما في بيت عشوائي إشتريته بألف وخمسمائة جنيه ومعرض للإزالة في أية لحظة من اللحظات ،وهو في أطراف أم درمان وفي منطقة بعد الصالحة قد لا تكون سمعت بها اسمها (القيعة). وثانياً القضايا الإجتماعية غير مرتبطة بالإمكانات،وهناك مليارديرات وقيادات سياسية تسكن في وسط الخرطوم ولديها من الإمكانات والمباني ما يكفيها ومتزوجين من إمرأة واحدة.. أعتقد أن هذا الأمر الرؤية الشخصية فيه عقدية أكثر من غيره، وزواجى من إمرأتين لعله مرتبط بالعامل الوراثي، فأنا من بيت معدد (والدي معدد، وجدى معدد، وجدى الثاني معدد، وجدتي معددة وتزوجت من أكثر من رجل).
* أستاذ محمد أنت جاهرت بآراء واضحة جداً في أداء الحزب . برأيك فيم أخفق المؤتمر الوطني تحديداً؟
- لا أريد أن أجّمل الإخفاقات، لكن أعتقد إن الإخفاق الكبير هو أن المؤتمر الوطني إلى الآن هو حزب ضعيف المؤسسات الداخلية، وهذه أكبر مشكلة تواجه الأحزاب الأخرى. فالمؤتمر الوطني حتى الآن لديه مؤسسات موجودة على الورق وظاهرة للرأى العام مثل الشورى والمؤتمر العام والقطاعات .ولكن هذه المؤسسات داخل الحزب - وأقولها بكل صراحة- لا تلعب دورها الحقيقي الذي ينبغي أن تلعبه، وهذه واحدة من الإخفاقات التي تنتج عنها جملة من الإخفاقات الأخرى قد يضيق المجال لذكرها. لكن أنا أعتقد أن حزبا بلا مؤسسات يساوي لا حزبا.
*المفارقة في حديثك أن مسألة المؤسسية التي تتحدث عن غيابها ظلت على الدوام من الأشياء التي يتباهى قادة الوطني بوجودها ويتحدثون عن بنائهم لحزب مؤسسات؟
- هذه قضية نسبية، وأنا ذكرت لك بأنه ربما تكون هذه المؤسسات حتى على مستوى الورق غير موجودة في بعض الأحزاب الأخرى، وأنا أرى للأسف أن كثيرا من قيادات المؤتمر الوطني يقارنون أداء الوطني بالأحزاب الأخرى حتى يلجموا الكثير من الناس بالقول أنه أحسن السيئين، ولكن أنا أعتقد أن حزباً يقود دولة ولديه تجربة قاربت في المدى القريب على الأقل الربع قرن، ولا توجد فيه مؤسسات قوية تديره ولا صلاحيات واسعة لشورى الحزب أو لجان قوية للمحاسبة والضبط التنظيمي، صحيح أن هذه الأشياء والمؤسسات موجودة ولكن المشكلة الأساسية في مؤسسات المؤتمر الوطني هو عدم الفاعلية وعدم القدرة أو القابلية على التغيير.
* كيف نظرت أستاذ محمد للمذكرة التصحيحية الأخيرة؟
- يجب أن نعلم أن هذه المذكرة لم تكن المذكرة الأولى، ولن تكون الأخيرة وهذه ربما تكون المذكرة الرابعة أو الخامسة أو السادسة في تاريخ الحركة الإسلامية أو الذراع السياسي لها المؤتمر الوطني، ومع تحفظي على الصورة التي خرجت بها المذكرة التصحيحة إلا أنها تناولت قضايا حقيقية .وهذه القضايا أذكر أن (80%) منها أُثيرت سواء أكان من قبل أشخاص آخرين أو منى أنا شخصياً. أنا جاهرت بها قبل أكثر من عام ونصف العام ولعله لدينا تجربة قاسية في ولاية الخرطوم لإزالة هذا التشوهات وهذا المرض، مرض أن يبقى الأنسان لأكثر من عشر وعشرين سنة في موقع واحد ومرض أن يدير قيادي واحد من عضوية المؤتمر الوطني أكثر من مؤسسة تنظيمية وأكثر من مجلس إدارة وغيره، وبالتالي فإن ما طرح في المذكرة كان موجوداً ولكن أكرر أن المشكلة مازالت داخل المؤتمر الوطني هو القدرة على التغيير والقابلية لذلك.. هل هناك قابلية أن نغيّر الشخص الذي ظل أكثر من (23) سنة وزيرا أم لا؟ وهل لا يوجد أحسن من هذا الشخص لتولى المناصب؟..
* هذه الأسئلة نوجهها لك أنت شخصياً هل ترى قابلية للتغيير داخل المؤتمر الوطني؟
- أنا أعتقد في الفترة الأخيرة كانت توجد قابلية نسبية ولكن ليست المطلوبة، وما أراه الآن من بروز للمذكرات ربما يقوي هذه القابلية. ومن إيجابيات مثل هذه المذكرات أنها تنبه لقضايا الإصلاحات التي هى أصلاً موجودة في النظام الأساسي للحزب وفي توصيات المؤتمرات ولكن أجهزة الحزب لا تقوم بتفعيلها إلا من خلال ما يمكن أن نسميه بـ (لسعات الإصلاحيين) التي تنبه قيادة الحزب.
* من الملاحظ أن كل قيادات المؤتمر الوطني ينخرطون بكلياتهم في العمل التنفيذي، فمن يفكر ويخطط للمؤتمر الوطني الآن؟
- هذه أكبر مشكلة، وقد ظللنا نتحدث في هذا الأمر بصورة كبيرة جداً. وللأسف أغلب قيادات أجهزة المؤتمر الوطني يديرون الشأن السياسي والحزبي والتنفيذي، ولذلك نحن الآن عندما نتحدث عن إخفاقات في الجهاز التنفيذي وعن مشاكل في بعض المؤسسات الإقتصادية وغيرها نجد أن كل تلك المؤسسات سواء أكانت حزبية أو تنفيذية إفتقدت المُخطط وهذه واحدة من القضايا. وأفتكر إذا رجعنا لعشرة أو أثنى عشر عاماً للوراء فسنجد أن أكبر أزمات الحركة الإسلامية بعد الإنشقاق إنها إفتقدت من يُفكر. أنا لا أتحدث هنا مباشرة عن الدكتور الترابي ولكن أتحدث عن العقل الجمعي فلا يوجد الآن عقل جمعي يفكر للحركة الإسلامية.
* هل تعنى أنهم يمارسون السياسة على طريقة (رزق اليوم باليوم)؟
- هذا هو الموجود الآن في الساحة.
* مم تخاف على المؤتمر الوطني؟
- أخاف على المؤتمر الوطني من المؤتمر الوطني وهذه هى القضية الأساسية، وأعتقد الآن عندما يتحدث الناس عن ربيع عربي ومظاهرات قادمة للسودان هذه أشياء لا خوف منها أبداً، والشعب السوداني أعتقد شعب فطن جداً. ولكن أنا أخاف على المؤتمر الوطني أن يكون هناك ربيع عربي داخل المؤتمر الوطني إن لم تكن هنالك إستجابة لهذه المذكرات والأصوات التي ترتفع بالإصلاح داخل المؤتمر الوطني، ومن الأخطاء الكبيرة التي ترتكبها بعض قيادات المؤتمر الوطني في وصم أصحاب النوايا الحسنة المنادين بالإصلاح، وصمهم، بأنهم متفلتون ومتمردون وغير ذلك من الأشياء التي ربما تتطور وتكبر وتصبح قابلة للإنفجار.
* هنا يبرز سؤال مرة أخرى عن مدى قابلية المؤتمر الوطني للإصلاح لتفادى مثل هذا الربيع؟
- كل تحورات المؤتمر الوطني منذ الخمسينيات من جبهة الميثاق الإسلامي إلى الحركة الإسلامية والجبهة الإسلامية إلى المؤتمر الوطني أعتقد أن كل تلك التحورات كانت للإصلاح ولكنها كانت في ظروف غير الموجودة الآن. والآن نعتقد أن إتكاء المؤتمر الوطني على السلطة والجهاز التنفيذي والدولة ربما يسهم في بطء الإصلاح والتحرك من الداخل. والمؤتمر الوطني إذا كان يتكىء على قضية السلطة والجهاز التنفيذي فهو يتكىء على (حيطة مايلة) فإصلاح المؤتمر الوطني يجب أن يكون بمعزل عن سلطة الدولة وقوتها وسلطانها.
* برأيك هل يملك المؤتمر الوطني مقومات العيش والبقاء في حال فقده للسلطة؟
- هذا هو الوضع الطبيعي، الوضع الطبيعي أن يبتعد المؤتمر الوطني عن السلطة لأنها ليست ثابتة ،والثابت هو المبدأ والعقيدة والمنهج الذي يقوم به الحزب. ولذلك أنا شخصياً كنت أًصر بشدة في تعديلات كثيرة أدخلناها على النظام الأساسي تقضي بفصل الجهاز التنفيذي عن الجهاز الحزبي .بمعنى أن الشخص المسؤول عن العمل التنفيذي في الحزب لا يكون مسؤولا في واحدة من أجهزة الدولة.
* هنالك إتهام بأن المؤتمر الوطني يتغذى من مال الدولة؟
- إذا قال لك أي شخص عن أي حزب حاكم في أية مرحلة من المراحل السابقة إنه لا يستفيد من موارد الدولة يكون غير دقيق في كلامه. فالفساد كما ليس مالياً فحسب، فيمكن للحزب أن يستفيد من علاقته بأى مسؤول أو وزير في تسيير أعماله من غير المال، ونحن في هذا لنا رأى واضح وهو يجب أن لا يكون المسؤول الذي يدفع به الحزب إلى العمل التنفيذي مرتبطا بالحزب إلا في إطار العضوية العامة ،بمعنى أن لا يكون مسؤولاً عن أمانة من أماناته أو أجهزة من أجهزته، وأعتقد حسب مسؤولياتي التنظيمية التي كنت أديرها أن المؤتمر الوطني خاصة في نموذج ولاية الخرطوم يعتمد على عضويته بنسبة غالباً جداً إن لم تكن كاملة.
* لكن البعض نقل عنك في بعض الأحاديث الخاصة أنك طالبت أكثر من مرة بضرورة فطم الحزب من مال الدولةً؟
- هذا الحديث ذكرته بصورة واضحة جداً على مستوى المركز العام، وقلت بصورة واضحة جداً هل يأتي يوم إذا ذهبت هذه الحكومة والجهاز التنفيذي من حزب المؤتمر الوطني بأى شكل من الأشكال لأى حزب آخر، فهل يمكن للمؤتمر الوطني أن يكون بمثل هذه الوضعية؟ وهنا اللبيب بالإشارة يفهم. فيجب على المؤتمر الوطني أن يتقي هذه الشبهات، والقضية الثانية يجب أن يعيش المؤتمر الوطني على موارده الذاتية سواء أكانت معه الحكومة أو لم تكن معه، ولا أشك مطلقاً أن هنالك رأيا جديا من رئيس المؤتمر الوطني ونوابه وعلى مستوى ولاية الخرطوم أن يعظموا قضية الإشتراكات الذاتية، وإذا صدقت النوايا فعضوية المؤتمر الوطني في أى ظرف من الظروف يمكن أن تدير الحزب بمواردها الذاتية بصورة أفضل مما هى عليه الآن.
* أى مستقبل ينتظر المؤتمر الوطني برأيك؟
- واحدة من مشاكل المؤتمر الوطني المرتبطة بمستقبله أنه يوجد به إنفصام كبير جداً بين الجيل الذي ربما أكون جزءاً منه ، وبين الجيل الذي يدير المؤتمر الوطني الآن، وإذا نظرت إلى هذا الجيل الذي يدير المؤتمر الوطني والدولة الآن تجده بنسبة لا تقل عن الـ (80%)، هم جيل ما قبل الثمانينيات وتخرجوا في الجامعات منذ السبعينيات، ولكن الجيل ما بعد الثمانينات وحتى 2012م - أى نحو ثلاثة عقود من الزمن- فإن حظه من عمل الحركة الإسلامية لم يكن سوى أن وجد سلاحاً فحمله فجاهد ودافع عن مشروع الحركة الإسلامية فمنهم من قضى نحبه ومن ينتظر، ومن ينتظر الآن ينتظر في بيته وليس في مكاتب المؤتمر الوطني إلا القليل. ولذلك فإن هذه الهوة وهذا التباعد أحدث ما يمكن تسميته بهذا التململ.
* وما علاقة ما ذكرت بالمستقبل الذي ينتظر المؤتمر الوطني؟
- هناك حالة من الإنفصام ولابد أن تقوم قيادات الحركة الإسلامية والحزب بعلاج هذا الإنفصام، فالمؤتمر الوطني قد تراجع للأسف عن قضية إشراك الشباب. ونحن الآن نتحدث عن مجرد التغيير، ونريد التغيير - كما ذكرت في حديث سابق- حتى وإن كان هذا التغيير بمثل أعمار الذين يقودون الآن. ولا يمكن أن يبقى شخص في وزارة لأكثر من (23) سنة، وأنا دائماً أقول إن أكبر شخص في هذا العالم خدم الصهيونية والحركة اليهودية العالمية ودمر المسلمين وقتل منهم أكثر من مليونى مسلم هو الرئيس الأمريكي جورج بوش ،وكان يمكن أن تكون جائزته أن يستمر كحاكم للولايات المتحدة ولكن (السيستم) الموجود هناك منعه وهو الآن يرعى ويتلاعب مع كلبه في بيته. ولذلك أنا أرى المستقبل في إستمرارية الفكرة التي قامت عليها الحركة، وإستمرار الحزب يكمن في التداول السلمي لهذه العملية بصورة مباشرة بين أجيال الإسلاميين المتلاحقة. وأعتقد يجب أن تتواضع قيادات الحركة الإسلامية وتنظر لهذه المذكرات والإنتقادات بروح إيجابية وليس بروح التهميش والإقصاء.
* آخيراً سيد محمد.. ألا تعتقد أن ما قلته في هذا الحوار من إفادات ساخنة ستغضب منك البعض داخل الحزب والحركة الإسلامية بشكل أو آخر؟
- أنا ربما ظللت لفترات طويلة مغضوباً علىّ ولا أخشى أن يزداد هذا الغضب. وكل ما قلته لك، سبق وأن قلته في الأُطر الحزبية وأرجو- إن كان حديثى هذا صحيحاً وصواباًً- أن يجد أذاناً
الفاتح حسن ابوساره- مشرف تاريخ ابوجبيهه
رد: مع الرجل الثاني في الحزب بولاية الخرطوم.. بعد إبتعاده عن كابينة القيادة
أ بلادي هكذا ؟
كلاّ… فراعيها مريع . ومراعيها نجيع .
و لها سور و حول السور سور
حوله سورٌ منيع !
و كلاب الصيد فيها تعقر الهمس
و تستجوب أحلام الرضيع !
و قطيع الناس يرجو لو غدا يوماً خرافا
إنما… لا يستطيع !
شكرا ابوسارة
فيصل خليل حتيلة- مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
رد: مع الرجل الثاني في الحزب بولاية الخرطوم.. بعد إبتعاده عن كابينة القيادة
لا فض الله فوهك ابا أحمد ومشكور على هذا الالق والجمال ونسأل الله ان يحفظ بلادنا من كل سوء
الفاتح حسن ابوساره- مشرف تاريخ ابوجبيهه
رد: مع الرجل الثاني في الحزب بولاية الخرطوم.. بعد إبتعاده عن كابينة القيادة
حمد عبد الله شيخ إدريس: الزراعة أفضل لي من العمل داخل المؤتمر الوطني
حاوره: فتح الرحمن شبارقة- تصوير: شالكا
يتهمه
البعض بالتمرد والمناكفة وممارسة السياسة على طريقة أركان النقاش في بعض
الأحيان، بينما لا يأبه محمد عبد الله شيخ إدريس في واقع الأمر بكل ذلك،
ويمضى في التعبير عن آرائه بجرأة وعناد جعله من المغضوب عليهم لدى بعض قادة
المؤتمر الوطني، ومن قادة الإصلاح داخل الحزب برأى آخرين.. و قلما تجد
شاباً يصلح كحالة لدراسة واقع شباب الإسلاميين مثله، فهو من الذين حملوا
السلاح وقاتل في معارك ضارية بالجنوب، ثم تسنم مواقع قيادية متقدمة من قبيل
رئاسته للإتحاد العام للطلاب السودانيين ونائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون
التنظيمية والسياسية بولاية الخرطوم، قبل أن يعتذر عن تسنم موقع تنفيذي
بالولاية ويستقيل من الحزب مفضلاً الزراعة على العمل في المؤتمر الوطني،
والسكن في منزل متواضع ومعرض للإزالة في أى وقت بمنطقة (القيعة) العشوائية
،على منازل الحكومة الفسيحة وبهرجة السلطة .فماذا قال في هذا الحوار:
* دعنا نبتدر بتساؤل ستحدد إجابتك عليه مايلى من أسئلة بعده وهو هل أنت طلقت المؤتمر الوطني أم طلقت السياسة بصورة نهائية؟
- أنا لم أُطلق السياسة، ولم أُطلق المؤتمر الوطني.
* ولكنك قلت لى في وقت سابق إنك طلقت السياسة إلى حين فيما أذكر؟
- نعم
أنا في إتصال سابق معك قلت لك طلقت السياسة إلى حين، فأنا واحد وعشرون سنة
أعتبر نفسي (شغال سياسة) في القطاعات الطلابية منذ العام 1989م وحتى الآن.
ولذلك هناك كثير من الملفات المتراكمة أهم شىء فيها ملف التأهيل العلمي
الذي يتطلبه الشخص، وقد كانت العشرين سنة الفائتة مليئة تماماً ولم يكن بها
جانب أو فراغ إن كان للملفات الخاصة في الأسرة أوالملفات الخاصة بالتأهيل
الأكاديمي، ولذلك أعتزمت بعد مشاورات كثيرة جداً وإستخارات أن أتفرغ لمدة
عامين على الأقل لإكمال التأهيل العلمي خاصة في مجال الدكتوراة وبعض
الكورسات التأهيلية الأخرى. وفي ذلك الإطار قدمت الكثير من المخاطبات
والمكاتبات للمسؤول عني مباشرة رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم الأخ
الوالي، وإلى الأخ نائب الرئيس وحينها ظهر التكليف الأخير بالمشاركة
بالجهاز التنفيذي في ولاية الخرطوم ولذلك كان الإعتذار عادياً حتى أتفرغ
لتلك الملفات التي ذكرتها. وأنا مازلت عضواً في المؤتمر الوطني ولم أُطلقه
في إنتمائى أو في إتباع منهجه التنظيمي خاصة وأن آخر شىء عملته فيه كان
مسؤولية الإتصال التنظيمي بولاية الخرطوم ،وقبل خروجي الأخير كان هناك
إتفاق رسمي بيني وقيادة الحزب أن أُنهى عملي التنظيمي وأتفرغ تماماً في 21
نوفمبر الماضي بإعتبار أن ذلك التاريخ يمثل نهاية لفترة تنظيمية إنتهت
بالمؤتمر العام وقد كان .
* ألا توجد حيثيات أخرى، فالبعض عزا إبتعادك عن المؤتمر الوطني والعمل التنفيذي لغضبك وتململك من أشياء محددة هنا وهناك؟
- أنا
أؤكد لك أن السبب الرئيسي والأول والأوحد هو الإنتقال مباشرة إلى معالجة
ملفات خاصة تليني أنا شخصياً .وأعتقد في النهاية تهم الحزب الذي أنتمي له
ومن المفروض أن أؤهل نفسي أكثر خاصة وأني إداري في واحدة من مؤسسات التعليم
العالي، وعضو في هيئة التدريس. وقضية التململ والغضب هى ليست شيئاً طارئاً
فقد كنت أُعبر بكل وضوح أمام كل شخص بداية من رئيس المؤتمر الوطني رئيس
الجمهورية، وإذا ذكرت كل لقاءاتي أو إجتماعاتي على مستوى المكتب القيادي
كنت أتحدث بصورة واضحة جداً عن قضايا كثيرة مثارة في الساحة بصورة لا يتفق
معى فيها الكثيرون في المكتب . ولكن هذه قناعاتي التي ظللت أؤمن بها طوال
العشرين سنة الفائتة .وهى ربما التي وضعتني بصورة أساسية في خانة ما يسمون
بالمتمردين أو المتفلتين أو بالآراء الشاذة داخل الحزب. وأنا عندما كنت في
مواقع تنظيمية كثيرة وتقاطعت فيها مواقفي المبدئية مع بعض مصالح الحزب آثرت
الإبتعاد.
* يؤخذ على محمد عبد الله شيخ إدريس أنه من القيادات الشبابية المناكفة والمتمردة نوعاً ما داخل المؤتمر الوطني؟
- أعتقد
إن مثل هذه الأوصاف موجودة في الساحة السياسية وقد تكون موجودة بصورة أخص
على مستوى الحزب والحركة الإسلامية، وأنا لا أعتقد إن ما نقوم به من دور في
الحزب هو دور المناكفة أو التمرد. وفي إعتقادي الخاص إن لكل شخص أسلوبه،
ولكل شيخ طريقته كما يقولون. ومن الأشياء التي تربينا عليها أن نقول
للمخطىء أنك أخطأت ،ولذلك كثرت هذه الأشياء في كثير جداً من المنابر،
وشخصياً لم أحاول أن أغير هذه الطريقة التي تعجبني وأنا أقول للأعور أنه
أعور، ولكن أقول هذا داخل المؤسسات وأمام أعلى شخص في المؤتمر الوطني الأخ
رئيس المؤتمر رئيس الجمهورية ولم يحدث أن قلنا هذا في منابر عامة.
* هنالك إتهام موجه لك بممارسة السياسة على طريقة أركان النقاش؟
- هذا
ليس صحيحا، وأعتقد إن واحدة من أخطاء السياسة السودانية بصورة عامة وفي
المؤتمر الوطني بصورة خاصة أنه دائما يتم تغليف النصيحة وقضية الإصلاح
بصورة خجولة ويشذ عن ذلك من يتحدث بصورة مباشرة .وأنا أعتقد ليست لدي مشكلة
مع شخص محدد في الحزب أو مع مجموعة من المجموعات ولست طالبا لأى موقع
ولذلك هذه المناكفة وهذا التمرد ليس لأجل تخطية شخص غير مخطيء أو لإبراز
شخصية وظهور في الإعلام أو غيره.
* أنت تعترف بأنك مناكف إذن؟
- أنا
لم أنكر هذا، وأعتقد أن المناكفة هى اسم من أسماء النصيحة، ليست المناكفة
من أجل المناكفة فنحن نناكف ونتمرد من أجل إصلاح بعض الإعوجاج الذي نراه في
الحزب.
* قلت إنك طلقت السياسة إلى حين بسبب الدراسة، ولكن في الواقع أنت تعمل مزارعاً في منطقتكم هذه الأيام؟
- أنا
عملياً ومنذ أكثر من عشرين سنة مزارع ابن مزارع وابن مزارعة لذلك لم أنقطع
عن بيئتي يوماً ما ،ولم أعتمد على مرتب حكومة، وأنا أصنف نفسي مزارعا من
الدرجة الأولى على الأقل على المستوى الريفي وليس المزارعين الكبار
الموجودين على مستوى الدولة ،ولذلك هذه واحدة من الأشياء التي تأخذ جزءاً
من إهتمامي أن أطوّر قدراتي في المال الزراعي الذي ورثته عن أهلى ولم
تساعدني فيه الدولة أو أتقدم فيه بسلفية من البنك الزراعي أو النهضة
الزراعية أو غيرها.
* كأنك تقول إن السياسة أحسن منها الزراعة؟
- أنا
لا أقول السياسة، وإنما أقول العمل في المؤتمر الوطني أحسن منه الزراعة،
فكما يقولون شعبياً (الشقاوة أحسن من الهم) وأنا الآن عملت داخل مؤسسات
المؤتمر الوطني أكثر من عشرين سنة ،ولكن لا يمكن الآن أن تحمل شهادة خبرة
من المؤتمر الوطني لترقى بها في مؤسسة خدمة مدنية، لذلك أنا الآن ذهبت من
الهم للشقاوة، والشقاوة يمكن في نهاية اليوم بعد نهار عامر مع الطورية
والمحراث أن تأتي وتسترخي وتأخذ راحة كاملة بعد يوم من التعب، ولذلك أنا
أقول لك الزراعة أفضل من العمل داخل المؤتمر الوطني بأزماته الكثيرة
وطوارئه وسقفه الزمني غير المحدد.
* بعض الخبثاء يقولون إن محمد عبد الله شيخ إدريس ظهرت عليه أعراض الإسلاميين التنفيذيين مبكراُ من زوجتين وخلافه؟
- أنا
أعتقد أن هذه القضية غير مرتبطة بالعمل السياسي. وأنا أفّلس شخص في
المؤتمر الوطني وفي العمل السياسي، والآن لا أسكن في المنشية أو العمارات
وإنما في بيت عشوائي إشتريته بألف وخمسمائة جنيه ومعرض للإزالة في أية لحظة
من اللحظات ،وهو في أطراف أم درمان وفي منطقة بعد الصالحة قد لا تكون سمعت
بها اسمها (القيعة). وثانياً القضايا الإجتماعية غير مرتبطة
بالإمكانات،وهناك مليارديرات وقيادات سياسية تسكن في وسط الخرطوم ولديها من
الإمكانات والمباني ما يكفيها ومتزوجين من إمرأة واحدة.. أعتقد أن هذا
الأمر الرؤية الشخصية فيه عقدية أكثر من غيره، وزواجى من إمرأتين لعله
مرتبط بالعامل الوراثي، فأنا من بيت معدد (والدي معدد، وجدى معدد، وجدى
الثاني معدد، وجدتي معددة وتزوجت من أكثر من رجل).
* أستاذ محمد أنت جاهرت بآراء واضحة جداً في أداء الحزب . برأيك فيم أخفق المؤتمر الوطني تحديداً؟
- لا
أريد أن أجّمل الإخفاقات، لكن أعتقد إن الإخفاق الكبير هو أن المؤتمر
الوطني إلى الآن هو حزب ضعيف المؤسسات الداخلية، وهذه أكبر مشكلة تواجه
الأحزاب الأخرى. فالمؤتمر الوطني حتى الآن لديه مؤسسات موجودة على الورق
وظاهرة للرأى العام مثل الشورى والمؤتمر العام والقطاعات .ولكن هذه
المؤسسات داخل الحزب - وأقولها بكل صراحة- لا تلعب دورها الحقيقي الذي
ينبغي أن تلعبه، وهذه واحدة من الإخفاقات التي تنتج عنها جملة من الإخفاقات
الأخرى قد يضيق المجال لذكرها. لكن أنا أعتقد أن حزبا بلا مؤسسات يساوي لا
حزبا.
*المفارقة
في حديثك أن مسألة المؤسسية التي تتحدث عن غيابها ظلت على الدوام من
الأشياء التي يتباهى قادة الوطني بوجودها ويتحدثون عن بنائهم لحزب مؤسسات؟
- هذه
قضية نسبية، وأنا ذكرت لك بأنه ربما تكون هذه المؤسسات حتى على مستوى
الورق غير موجودة في بعض الأحزاب الأخرى، وأنا أرى للأسف أن كثيرا من
قيادات المؤتمر الوطني يقارنون أداء الوطني بالأحزاب الأخرى حتى يلجموا
الكثير من الناس بالقول أنه أحسن السيئين، ولكن أنا أعتقد أن حزباً يقود
دولة ولديه تجربة قاربت في المدى القريب على الأقل الربع قرن، ولا توجد فيه
مؤسسات قوية تديره ولا صلاحيات واسعة لشورى الحزب أو لجان قوية للمحاسبة
والضبط التنظيمي، صحيح أن هذه الأشياء والمؤسسات موجودة ولكن المشكلة
الأساسية في مؤسسات المؤتمر الوطني هو عدم الفاعلية وعدم القدرة أو
القابلية على التغيير.
* كيف نظرت أستاذ محمد للمذكرة التصحيحية الأخيرة؟
- يجب
أن نعلم أن هذه المذكرة لم تكن المذكرة الأولى، ولن تكون الأخيرة وهذه
ربما تكون المذكرة الرابعة أو الخامسة أو السادسة في تاريخ الحركة
الإسلامية أو الذراع السياسي لها المؤتمر الوطني، ومع تحفظي على الصورة
التي خرجت بها المذكرة التصحيحة إلا أنها تناولت قضايا حقيقية .وهذه
القضايا أذكر أن (80%) منها أُثيرت سواء أكان من قبل أشخاص آخرين أو منى
أنا شخصياً. أنا جاهرت بها قبل أكثر من عام ونصف العام ولعله لدينا تجربة
قاسية في ولاية الخرطوم لإزالة هذا التشوهات وهذا المرض، مرض أن يبقى
الأنسان لأكثر من عشر وعشرين سنة في موقع واحد ومرض أن يدير قيادي واحد من
عضوية المؤتمر الوطني أكثر من مؤسسة تنظيمية وأكثر من مجلس إدارة وغيره،
وبالتالي فإن ما طرح في المذكرة كان موجوداً ولكن أكرر أن المشكلة مازالت
داخل المؤتمر الوطني هو القدرة على التغيير والقابلية لذلك.. هل هناك
قابلية أن نغيّر الشخص الذي ظل أكثر من (23) سنة وزيرا أم لا؟ وهل لا يوجد
أحسن من هذا الشخص لتولى المناصب؟..
* هذه الأسئلة نوجهها لك أنت شخصياً هل ترى قابلية للتغيير داخل المؤتمر الوطني؟
- أنا
أعتقد في الفترة الأخيرة كانت توجد قابلية نسبية ولكن ليست المطلوبة، وما
أراه الآن من بروز للمذكرات ربما يقوي هذه القابلية. ومن إيجابيات مثل هذه
المذكرات أنها تنبه لقضايا الإصلاحات التي هى أصلاً موجودة في النظام
الأساسي للحزب وفي توصيات المؤتمرات ولكن أجهزة الحزب لا تقوم بتفعيلها إلا
من خلال ما يمكن أن نسميه بـ (لسعات الإصلاحيين) التي تنبه قيادة الحزب.
* من الملاحظ أن كل قيادات المؤتمر الوطني ينخرطون بكلياتهم في العمل التنفيذي، فمن يفكر ويخطط للمؤتمر الوطني الآن؟
- هذه
أكبر مشكلة، وقد ظللنا نتحدث في هذا الأمر بصورة كبيرة جداً. وللأسف أغلب
قيادات أجهزة المؤتمر الوطني يديرون الشأن السياسي والحزبي والتنفيذي،
ولذلك نحن الآن عندما نتحدث عن إخفاقات في الجهاز التنفيذي وعن مشاكل في
بعض المؤسسات الإقتصادية وغيرها نجد أن كل تلك المؤسسات سواء أكانت حزبية
أو تنفيذية إفتقدت المُخطط وهذه واحدة من القضايا. وأفتكر إذا رجعنا لعشرة
أو أثنى عشر عاماً للوراء فسنجد أن أكبر أزمات الحركة الإسلامية بعد
الإنشقاق إنها إفتقدت من يُفكر. أنا لا أتحدث هنا مباشرة عن الدكتور
الترابي ولكن أتحدث عن العقل الجمعي فلا يوجد الآن عقل جمعي يفكر للحركة
الإسلامية.
* هل تعنى أنهم يمارسون السياسة على طريقة (رزق اليوم باليوم)؟
- هذا هو الموجود الآن في الساحة.
* مم تخاف على المؤتمر الوطني؟
- أخاف
على المؤتمر الوطني من المؤتمر الوطني وهذه هى القضية الأساسية، وأعتقد
الآن عندما يتحدث الناس عن ربيع عربي ومظاهرات قادمة للسودان هذه أشياء لا
خوف منها أبداً، والشعب السوداني أعتقد شعب فطن جداً. ولكن أنا أخاف على
المؤتمر الوطني أن يكون هناك ربيع عربي داخل المؤتمر الوطني إن لم تكن
هنالك إستجابة لهذه المذكرات والأصوات التي ترتفع بالإصلاح داخل المؤتمر
الوطني، ومن الأخطاء الكبيرة التي ترتكبها بعض قيادات المؤتمر الوطني في
وصم أصحاب النوايا الحسنة المنادين بالإصلاح، وصمهم، بأنهم متفلتون
ومتمردون وغير ذلك من الأشياء التي ربما تتطور وتكبر وتصبح قابلة للإنفجار.
* هنا يبرز سؤال مرة أخرى عن مدى قابلية المؤتمر الوطني للإصلاح لتفادى مثل هذا الربيع؟
- كل
تحورات المؤتمر الوطني منذ الخمسينيات من جبهة الميثاق الإسلامي إلى
الحركة الإسلامية والجبهة الإسلامية إلى المؤتمر الوطني أعتقد أن كل تلك
التحورات كانت للإصلاح ولكنها كانت في ظروف غير الموجودة الآن. والآن نعتقد
أن إتكاء المؤتمر الوطني على السلطة والجهاز التنفيذي والدولة ربما يسهم
في بطء الإصلاح والتحرك من الداخل. والمؤتمر الوطني إذا كان يتكىء على قضية
السلطة والجهاز التنفيذي فهو يتكىء على (حيطة مايلة) فإصلاح المؤتمر
الوطني يجب أن يكون بمعزل عن سلطة الدولة وقوتها وسلطانها.
* برأيك هل يملك المؤتمر الوطني مقومات العيش والبقاء في حال فقده للسلطة؟
- هذا
هو الوضع الطبيعي، الوضع الطبيعي أن يبتعد المؤتمر الوطني عن السلطة لأنها
ليست ثابتة ،والثابت هو المبدأ والعقيدة والمنهج الذي يقوم به الحزب.
ولذلك أنا شخصياً كنت أًصر بشدة في تعديلات كثيرة أدخلناها على النظام
الأساسي تقضي بفصل الجهاز التنفيذي عن الجهاز الحزبي .بمعنى أن الشخص
المسؤول عن العمل التنفيذي في الحزب لا يكون مسؤولا في واحدة من أجهزة
الدولة.
* هنالك إتهام بأن المؤتمر الوطني يتغذى من مال الدولة؟
- إذا
قال لك أي شخص عن أي حزب حاكم في أية مرحلة من المراحل السابقة إنه لا
يستفيد من موارد الدولة يكون غير دقيق في كلامه. فالفساد كما ليس مالياً
فحسب، فيمكن للحزب أن يستفيد من علاقته بأى مسؤول أو وزير في تسيير أعماله
من غير المال، ونحن في هذا لنا رأى واضح وهو يجب أن لا يكون المسؤول الذي
يدفع به الحزب إلى العمل التنفيذي مرتبطا بالحزب إلا في إطار العضوية
العامة ،بمعنى أن لا يكون مسؤولاً عن أمانة من أماناته أو أجهزة من أجهزته،
وأعتقد حسب مسؤولياتي التنظيمية التي كنت أديرها أن المؤتمر الوطني خاصة
في نموذج ولاية الخرطوم يعتمد على عضويته بنسبة غالباً جداً إن لم تكن
كاملة.
* لكن البعض نقل عنك في بعض الأحاديث الخاصة أنك طالبت أكثر من مرة بضرورة فطم الحزب من مال الدولةً؟
- هذا
الحديث ذكرته بصورة واضحة جداً على مستوى المركز العام، وقلت بصورة واضحة
جداً هل يأتي يوم إذا ذهبت هذه الحكومة والجهاز التنفيذي من حزب المؤتمر
الوطني بأى شكل من الأشكال لأى حزب آخر، فهل يمكن للمؤتمر الوطني أن يكون
بمثل هذه الوضعية؟ وهنا اللبيب بالإشارة يفهم. فيجب على المؤتمر الوطني أن
يتقي هذه الشبهات، والقضية الثانية يجب أن يعيش المؤتمر الوطني على موارده
الذاتية سواء أكانت معه الحكومة أو لم تكن معه، ولا أشك مطلقاً أن هنالك
رأيا جديا من رئيس المؤتمر الوطني ونوابه وعلى مستوى ولاية الخرطوم أن
يعظموا قضية الإشتراكات الذاتية، وإذا صدقت النوايا فعضوية المؤتمر الوطني
في أى ظرف من الظروف يمكن أن تدير الحزب بمواردها الذاتية بصورة أفضل مما
هى عليه الآن.
* أى مستقبل ينتظر المؤتمر الوطني برأيك؟
- واحدة
من مشاكل المؤتمر الوطني المرتبطة بمستقبله أنه يوجد به إنفصام كبير جداً
بين الجيل الذي ربما أكون جزءاً منه ، وبين الجيل الذي يدير المؤتمر الوطني
الآن، وإذا نظرت إلى هذا الجيل الذي يدير المؤتمر الوطني والدولة الآن
تجده بنسبة لا تقل عن الـ (80%)، هم جيل ما قبل الثمانينيات وتخرجوا في
الجامعات منذ السبعينيات، ولكن الجيل ما بعد الثمانينات وحتى 2012م - أى
نحو ثلاثة عقود من الزمن- فإن حظه من عمل الحركة الإسلامية لم يكن سوى أن
وجد سلاحاً فحمله فجاهد ودافع عن مشروع الحركة الإسلامية فمنهم من قضى نحبه
ومن ينتظر، ومن ينتظر الآن ينتظر في بيته وليس في مكاتب المؤتمر الوطني
إلا القليل. ولذلك فإن هذه الهوة وهذا التباعد أحدث ما يمكن تسميته بهذا
التململ.
* وما علاقة ما ذكرت بالمستقبل الذي ينتظر المؤتمر الوطني؟
- هناك
حالة من الإنفصام ولابد أن تقوم قيادات الحركة الإسلامية والحزب بعلاج هذا
الإنفصام، فالمؤتمر الوطني قد تراجع للأسف عن قضية إشراك الشباب. ونحن
الآن نتحدث عن مجرد التغيير، ونريد التغيير - كما ذكرت في حديث سابق- حتى
وإن كان هذا التغيير بمثل أعمار الذين يقودون الآن. ولا يمكن أن يبقى شخص
في وزارة لأكثر من (23) سنة، وأنا دائماً أقول إن أكبر شخص في هذا العالم
خدم الصهيونية والحركة اليهودية العالمية ودمر المسلمين وقتل منهم أكثر من
مليونى مسلم هو الرئيس الأمريكي جورج بوش ،وكان يمكن أن تكون جائزته أن
يستمر كحاكم للولايات المتحدة ولكن (السيستم) الموجود هناك منعه وهو الآن
يرعى ويتلاعب مع كلبه في بيته. ولذلك أنا أرى المستقبل في إستمرارية الفكرة
التي قامت عليها الحركة، وإستمرار الحزب يكمن في التداول السلمي لهذه
العملية بصورة مباشرة بين أجيال الإسلاميين المتلاحقة. وأعتقد يجب أن
تتواضع قيادات الحركة الإسلامية وتنظر لهذه المذكرات والإنتقادات بروح
إيجابية وليس بروح التهميش والإقصاء.
* آخيراً سيد محمد.. ألا تعتقد أن ما قلته في هذا الحوار من إفادات ساخنة ستغضب منك البعض داخل الحزب والحركة الإسلامية بشكل أو آخر؟
-
أنا
ربما ظللت لفترات طويلة مغضوباً علىّ ولا أخشى أن يزداد هذا الغضب. وكل ما
قلته لك، سبق وأن قلته في الأُطر الحزبية وأرجو- إن كان حديثى هذا صحيحاً
وصواباًً- أن يجد أذاناً
آسف يا اخي الفاتح قمت ببعض عمليات Make up للموضوع بغرض الوضوح وكده
وكما تعلم يا أخي كثير من الإسلاميين الحقيقيين توصلوا لقناعة تامة عن فشل الحركة الاسلامية فى قيادة الوطن؛ وماجاءوا به في بادئ الأمر بمايسمي بالحركة الإسلامية ماهي إلا وسيلة للبقاء عن طريق خداع االمواطنين البسطاء ونجحت خطتهم في خداع الناس بالدين في بداية حكمهم لكن بمرور الزمن ظهرت حقيقتهم وتوصل الجميع لقناعة ان ما يحدث فى السودان هو تشويه لصورة الاسلام وليس تطبيق للاسلام ويكفى ان ما وصل اليه نسبة فساد اهل الحزب الحاكم لم يحدث فى تاريخ السودان ولا تاريخ اى دولة اخرى اسلامية او غير اسلامية .. كما ان الفساد الاجتماعى والخلل الذى ضرب المجتمع السودانى دلالة اخرى عميقة على فشل هذا المشروع وكذب مدعيه كما ان الانهيار صادف كل المناحى فى السودانى حتى صار اقتصاد الوطن فى ادنى مستوى لا يمكن ان يصل اليها دولة في العالم كما ان الحروبات وحركات التمرد ذادت عن ذى قبل وليس هناك ركن فى السودان يخلو من الاعتراك والحروب والكارثة الاعظم ان السودان يسير فى اتجاه الانقسام الى دويلات ويكفى خروج الجنوب عن خارطة الوطن كما طفحت العنصرية والعرقية والكراهية ... ليس هناك شئ نجح فيه الحزب الحاكم طوال العقدين من الزمان ولا يمكن اعتبار مشاريع ليست ذات جدوى مثل الطرق والجسور عملا كافيا يغطى كل هذه المصائب التى حلت بالسودان ....
حاوره: فتح الرحمن شبارقة- تصوير: شالكا
يتهمه
البعض بالتمرد والمناكفة وممارسة السياسة على طريقة أركان النقاش في بعض
الأحيان، بينما لا يأبه محمد عبد الله شيخ إدريس في واقع الأمر بكل ذلك،
ويمضى في التعبير عن آرائه بجرأة وعناد جعله من المغضوب عليهم لدى بعض قادة
المؤتمر الوطني، ومن قادة الإصلاح داخل الحزب برأى آخرين.. و قلما تجد
شاباً يصلح كحالة لدراسة واقع شباب الإسلاميين مثله، فهو من الذين حملوا
السلاح وقاتل في معارك ضارية بالجنوب، ثم تسنم مواقع قيادية متقدمة من قبيل
رئاسته للإتحاد العام للطلاب السودانيين ونائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون
التنظيمية والسياسية بولاية الخرطوم، قبل أن يعتذر عن تسنم موقع تنفيذي
بالولاية ويستقيل من الحزب مفضلاً الزراعة على العمل في المؤتمر الوطني،
والسكن في منزل متواضع ومعرض للإزالة في أى وقت بمنطقة (القيعة) العشوائية
،على منازل الحكومة الفسيحة وبهرجة السلطة .فماذا قال في هذا الحوار:
* دعنا نبتدر بتساؤل ستحدد إجابتك عليه مايلى من أسئلة بعده وهو هل أنت طلقت المؤتمر الوطني أم طلقت السياسة بصورة نهائية؟
- أنا لم أُطلق السياسة، ولم أُطلق المؤتمر الوطني.
* ولكنك قلت لى في وقت سابق إنك طلقت السياسة إلى حين فيما أذكر؟
- نعم
أنا في إتصال سابق معك قلت لك طلقت السياسة إلى حين، فأنا واحد وعشرون سنة
أعتبر نفسي (شغال سياسة) في القطاعات الطلابية منذ العام 1989م وحتى الآن.
ولذلك هناك كثير من الملفات المتراكمة أهم شىء فيها ملف التأهيل العلمي
الذي يتطلبه الشخص، وقد كانت العشرين سنة الفائتة مليئة تماماً ولم يكن بها
جانب أو فراغ إن كان للملفات الخاصة في الأسرة أوالملفات الخاصة بالتأهيل
الأكاديمي، ولذلك أعتزمت بعد مشاورات كثيرة جداً وإستخارات أن أتفرغ لمدة
عامين على الأقل لإكمال التأهيل العلمي خاصة في مجال الدكتوراة وبعض
الكورسات التأهيلية الأخرى. وفي ذلك الإطار قدمت الكثير من المخاطبات
والمكاتبات للمسؤول عني مباشرة رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم الأخ
الوالي، وإلى الأخ نائب الرئيس وحينها ظهر التكليف الأخير بالمشاركة
بالجهاز التنفيذي في ولاية الخرطوم ولذلك كان الإعتذار عادياً حتى أتفرغ
لتلك الملفات التي ذكرتها. وأنا مازلت عضواً في المؤتمر الوطني ولم أُطلقه
في إنتمائى أو في إتباع منهجه التنظيمي خاصة وأن آخر شىء عملته فيه كان
مسؤولية الإتصال التنظيمي بولاية الخرطوم ،وقبل خروجي الأخير كان هناك
إتفاق رسمي بيني وقيادة الحزب أن أُنهى عملي التنظيمي وأتفرغ تماماً في 21
نوفمبر الماضي بإعتبار أن ذلك التاريخ يمثل نهاية لفترة تنظيمية إنتهت
بالمؤتمر العام وقد كان .
* ألا توجد حيثيات أخرى، فالبعض عزا إبتعادك عن المؤتمر الوطني والعمل التنفيذي لغضبك وتململك من أشياء محددة هنا وهناك؟
- أنا
أؤكد لك أن السبب الرئيسي والأول والأوحد هو الإنتقال مباشرة إلى معالجة
ملفات خاصة تليني أنا شخصياً .وأعتقد في النهاية تهم الحزب الذي أنتمي له
ومن المفروض أن أؤهل نفسي أكثر خاصة وأني إداري في واحدة من مؤسسات التعليم
العالي، وعضو في هيئة التدريس. وقضية التململ والغضب هى ليست شيئاً طارئاً
فقد كنت أُعبر بكل وضوح أمام كل شخص بداية من رئيس المؤتمر الوطني رئيس
الجمهورية، وإذا ذكرت كل لقاءاتي أو إجتماعاتي على مستوى المكتب القيادي
كنت أتحدث بصورة واضحة جداً عن قضايا كثيرة مثارة في الساحة بصورة لا يتفق
معى فيها الكثيرون في المكتب . ولكن هذه قناعاتي التي ظللت أؤمن بها طوال
العشرين سنة الفائتة .وهى ربما التي وضعتني بصورة أساسية في خانة ما يسمون
بالمتمردين أو المتفلتين أو بالآراء الشاذة داخل الحزب. وأنا عندما كنت في
مواقع تنظيمية كثيرة وتقاطعت فيها مواقفي المبدئية مع بعض مصالح الحزب آثرت
الإبتعاد.
* يؤخذ على محمد عبد الله شيخ إدريس أنه من القيادات الشبابية المناكفة والمتمردة نوعاً ما داخل المؤتمر الوطني؟
- أعتقد
إن مثل هذه الأوصاف موجودة في الساحة السياسية وقد تكون موجودة بصورة أخص
على مستوى الحزب والحركة الإسلامية، وأنا لا أعتقد إن ما نقوم به من دور في
الحزب هو دور المناكفة أو التمرد. وفي إعتقادي الخاص إن لكل شخص أسلوبه،
ولكل شيخ طريقته كما يقولون. ومن الأشياء التي تربينا عليها أن نقول
للمخطىء أنك أخطأت ،ولذلك كثرت هذه الأشياء في كثير جداً من المنابر،
وشخصياً لم أحاول أن أغير هذه الطريقة التي تعجبني وأنا أقول للأعور أنه
أعور، ولكن أقول هذا داخل المؤسسات وأمام أعلى شخص في المؤتمر الوطني الأخ
رئيس المؤتمر رئيس الجمهورية ولم يحدث أن قلنا هذا في منابر عامة.
* هنالك إتهام موجه لك بممارسة السياسة على طريقة أركان النقاش؟
- هذا
ليس صحيحا، وأعتقد إن واحدة من أخطاء السياسة السودانية بصورة عامة وفي
المؤتمر الوطني بصورة خاصة أنه دائما يتم تغليف النصيحة وقضية الإصلاح
بصورة خجولة ويشذ عن ذلك من يتحدث بصورة مباشرة .وأنا أعتقد ليست لدي مشكلة
مع شخص محدد في الحزب أو مع مجموعة من المجموعات ولست طالبا لأى موقع
ولذلك هذه المناكفة وهذا التمرد ليس لأجل تخطية شخص غير مخطيء أو لإبراز
شخصية وظهور في الإعلام أو غيره.
* أنت تعترف بأنك مناكف إذن؟
- أنا
لم أنكر هذا، وأعتقد أن المناكفة هى اسم من أسماء النصيحة، ليست المناكفة
من أجل المناكفة فنحن نناكف ونتمرد من أجل إصلاح بعض الإعوجاج الذي نراه في
الحزب.
* قلت إنك طلقت السياسة إلى حين بسبب الدراسة، ولكن في الواقع أنت تعمل مزارعاً في منطقتكم هذه الأيام؟
- أنا
عملياً ومنذ أكثر من عشرين سنة مزارع ابن مزارع وابن مزارعة لذلك لم أنقطع
عن بيئتي يوماً ما ،ولم أعتمد على مرتب حكومة، وأنا أصنف نفسي مزارعا من
الدرجة الأولى على الأقل على المستوى الريفي وليس المزارعين الكبار
الموجودين على مستوى الدولة ،ولذلك هذه واحدة من الأشياء التي تأخذ جزءاً
من إهتمامي أن أطوّر قدراتي في المال الزراعي الذي ورثته عن أهلى ولم
تساعدني فيه الدولة أو أتقدم فيه بسلفية من البنك الزراعي أو النهضة
الزراعية أو غيرها.
* كأنك تقول إن السياسة أحسن منها الزراعة؟
- أنا
لا أقول السياسة، وإنما أقول العمل في المؤتمر الوطني أحسن منه الزراعة،
فكما يقولون شعبياً (الشقاوة أحسن من الهم) وأنا الآن عملت داخل مؤسسات
المؤتمر الوطني أكثر من عشرين سنة ،ولكن لا يمكن الآن أن تحمل شهادة خبرة
من المؤتمر الوطني لترقى بها في مؤسسة خدمة مدنية، لذلك أنا الآن ذهبت من
الهم للشقاوة، والشقاوة يمكن في نهاية اليوم بعد نهار عامر مع الطورية
والمحراث أن تأتي وتسترخي وتأخذ راحة كاملة بعد يوم من التعب، ولذلك أنا
أقول لك الزراعة أفضل من العمل داخل المؤتمر الوطني بأزماته الكثيرة
وطوارئه وسقفه الزمني غير المحدد.
* بعض الخبثاء يقولون إن محمد عبد الله شيخ إدريس ظهرت عليه أعراض الإسلاميين التنفيذيين مبكراُ من زوجتين وخلافه؟
- أنا
أعتقد أن هذه القضية غير مرتبطة بالعمل السياسي. وأنا أفّلس شخص في
المؤتمر الوطني وفي العمل السياسي، والآن لا أسكن في المنشية أو العمارات
وإنما في بيت عشوائي إشتريته بألف وخمسمائة جنيه ومعرض للإزالة في أية لحظة
من اللحظات ،وهو في أطراف أم درمان وفي منطقة بعد الصالحة قد لا تكون سمعت
بها اسمها (القيعة). وثانياً القضايا الإجتماعية غير مرتبطة
بالإمكانات،وهناك مليارديرات وقيادات سياسية تسكن في وسط الخرطوم ولديها من
الإمكانات والمباني ما يكفيها ومتزوجين من إمرأة واحدة.. أعتقد أن هذا
الأمر الرؤية الشخصية فيه عقدية أكثر من غيره، وزواجى من إمرأتين لعله
مرتبط بالعامل الوراثي، فأنا من بيت معدد (والدي معدد، وجدى معدد، وجدى
الثاني معدد، وجدتي معددة وتزوجت من أكثر من رجل).
* أستاذ محمد أنت جاهرت بآراء واضحة جداً في أداء الحزب . برأيك فيم أخفق المؤتمر الوطني تحديداً؟
- لا
أريد أن أجّمل الإخفاقات، لكن أعتقد إن الإخفاق الكبير هو أن المؤتمر
الوطني إلى الآن هو حزب ضعيف المؤسسات الداخلية، وهذه أكبر مشكلة تواجه
الأحزاب الأخرى. فالمؤتمر الوطني حتى الآن لديه مؤسسات موجودة على الورق
وظاهرة للرأى العام مثل الشورى والمؤتمر العام والقطاعات .ولكن هذه
المؤسسات داخل الحزب - وأقولها بكل صراحة- لا تلعب دورها الحقيقي الذي
ينبغي أن تلعبه، وهذه واحدة من الإخفاقات التي تنتج عنها جملة من الإخفاقات
الأخرى قد يضيق المجال لذكرها. لكن أنا أعتقد أن حزبا بلا مؤسسات يساوي لا
حزبا.
*المفارقة
في حديثك أن مسألة المؤسسية التي تتحدث عن غيابها ظلت على الدوام من
الأشياء التي يتباهى قادة الوطني بوجودها ويتحدثون عن بنائهم لحزب مؤسسات؟
- هذه
قضية نسبية، وأنا ذكرت لك بأنه ربما تكون هذه المؤسسات حتى على مستوى
الورق غير موجودة في بعض الأحزاب الأخرى، وأنا أرى للأسف أن كثيرا من
قيادات المؤتمر الوطني يقارنون أداء الوطني بالأحزاب الأخرى حتى يلجموا
الكثير من الناس بالقول أنه أحسن السيئين، ولكن أنا أعتقد أن حزباً يقود
دولة ولديه تجربة قاربت في المدى القريب على الأقل الربع قرن، ولا توجد فيه
مؤسسات قوية تديره ولا صلاحيات واسعة لشورى الحزب أو لجان قوية للمحاسبة
والضبط التنظيمي، صحيح أن هذه الأشياء والمؤسسات موجودة ولكن المشكلة
الأساسية في مؤسسات المؤتمر الوطني هو عدم الفاعلية وعدم القدرة أو
القابلية على التغيير.
* كيف نظرت أستاذ محمد للمذكرة التصحيحية الأخيرة؟
- يجب
أن نعلم أن هذه المذكرة لم تكن المذكرة الأولى، ولن تكون الأخيرة وهذه
ربما تكون المذكرة الرابعة أو الخامسة أو السادسة في تاريخ الحركة
الإسلامية أو الذراع السياسي لها المؤتمر الوطني، ومع تحفظي على الصورة
التي خرجت بها المذكرة التصحيحة إلا أنها تناولت قضايا حقيقية .وهذه
القضايا أذكر أن (80%) منها أُثيرت سواء أكان من قبل أشخاص آخرين أو منى
أنا شخصياً. أنا جاهرت بها قبل أكثر من عام ونصف العام ولعله لدينا تجربة
قاسية في ولاية الخرطوم لإزالة هذا التشوهات وهذا المرض، مرض أن يبقى
الأنسان لأكثر من عشر وعشرين سنة في موقع واحد ومرض أن يدير قيادي واحد من
عضوية المؤتمر الوطني أكثر من مؤسسة تنظيمية وأكثر من مجلس إدارة وغيره،
وبالتالي فإن ما طرح في المذكرة كان موجوداً ولكن أكرر أن المشكلة مازالت
داخل المؤتمر الوطني هو القدرة على التغيير والقابلية لذلك.. هل هناك
قابلية أن نغيّر الشخص الذي ظل أكثر من (23) سنة وزيرا أم لا؟ وهل لا يوجد
أحسن من هذا الشخص لتولى المناصب؟..
* هذه الأسئلة نوجهها لك أنت شخصياً هل ترى قابلية للتغيير داخل المؤتمر الوطني؟
- أنا
أعتقد في الفترة الأخيرة كانت توجد قابلية نسبية ولكن ليست المطلوبة، وما
أراه الآن من بروز للمذكرات ربما يقوي هذه القابلية. ومن إيجابيات مثل هذه
المذكرات أنها تنبه لقضايا الإصلاحات التي هى أصلاً موجودة في النظام
الأساسي للحزب وفي توصيات المؤتمرات ولكن أجهزة الحزب لا تقوم بتفعيلها إلا
من خلال ما يمكن أن نسميه بـ (لسعات الإصلاحيين) التي تنبه قيادة الحزب.
* من الملاحظ أن كل قيادات المؤتمر الوطني ينخرطون بكلياتهم في العمل التنفيذي، فمن يفكر ويخطط للمؤتمر الوطني الآن؟
- هذه
أكبر مشكلة، وقد ظللنا نتحدث في هذا الأمر بصورة كبيرة جداً. وللأسف أغلب
قيادات أجهزة المؤتمر الوطني يديرون الشأن السياسي والحزبي والتنفيذي،
ولذلك نحن الآن عندما نتحدث عن إخفاقات في الجهاز التنفيذي وعن مشاكل في
بعض المؤسسات الإقتصادية وغيرها نجد أن كل تلك المؤسسات سواء أكانت حزبية
أو تنفيذية إفتقدت المُخطط وهذه واحدة من القضايا. وأفتكر إذا رجعنا لعشرة
أو أثنى عشر عاماً للوراء فسنجد أن أكبر أزمات الحركة الإسلامية بعد
الإنشقاق إنها إفتقدت من يُفكر. أنا لا أتحدث هنا مباشرة عن الدكتور
الترابي ولكن أتحدث عن العقل الجمعي فلا يوجد الآن عقل جمعي يفكر للحركة
الإسلامية.
* هل تعنى أنهم يمارسون السياسة على طريقة (رزق اليوم باليوم)؟
- هذا هو الموجود الآن في الساحة.
* مم تخاف على المؤتمر الوطني؟
- أخاف
على المؤتمر الوطني من المؤتمر الوطني وهذه هى القضية الأساسية، وأعتقد
الآن عندما يتحدث الناس عن ربيع عربي ومظاهرات قادمة للسودان هذه أشياء لا
خوف منها أبداً، والشعب السوداني أعتقد شعب فطن جداً. ولكن أنا أخاف على
المؤتمر الوطني أن يكون هناك ربيع عربي داخل المؤتمر الوطني إن لم تكن
هنالك إستجابة لهذه المذكرات والأصوات التي ترتفع بالإصلاح داخل المؤتمر
الوطني، ومن الأخطاء الكبيرة التي ترتكبها بعض قيادات المؤتمر الوطني في
وصم أصحاب النوايا الحسنة المنادين بالإصلاح، وصمهم، بأنهم متفلتون
ومتمردون وغير ذلك من الأشياء التي ربما تتطور وتكبر وتصبح قابلة للإنفجار.
* هنا يبرز سؤال مرة أخرى عن مدى قابلية المؤتمر الوطني للإصلاح لتفادى مثل هذا الربيع؟
- كل
تحورات المؤتمر الوطني منذ الخمسينيات من جبهة الميثاق الإسلامي إلى
الحركة الإسلامية والجبهة الإسلامية إلى المؤتمر الوطني أعتقد أن كل تلك
التحورات كانت للإصلاح ولكنها كانت في ظروف غير الموجودة الآن. والآن نعتقد
أن إتكاء المؤتمر الوطني على السلطة والجهاز التنفيذي والدولة ربما يسهم
في بطء الإصلاح والتحرك من الداخل. والمؤتمر الوطني إذا كان يتكىء على قضية
السلطة والجهاز التنفيذي فهو يتكىء على (حيطة مايلة) فإصلاح المؤتمر
الوطني يجب أن يكون بمعزل عن سلطة الدولة وقوتها وسلطانها.
* برأيك هل يملك المؤتمر الوطني مقومات العيش والبقاء في حال فقده للسلطة؟
- هذا
هو الوضع الطبيعي، الوضع الطبيعي أن يبتعد المؤتمر الوطني عن السلطة لأنها
ليست ثابتة ،والثابت هو المبدأ والعقيدة والمنهج الذي يقوم به الحزب.
ولذلك أنا شخصياً كنت أًصر بشدة في تعديلات كثيرة أدخلناها على النظام
الأساسي تقضي بفصل الجهاز التنفيذي عن الجهاز الحزبي .بمعنى أن الشخص
المسؤول عن العمل التنفيذي في الحزب لا يكون مسؤولا في واحدة من أجهزة
الدولة.
* هنالك إتهام بأن المؤتمر الوطني يتغذى من مال الدولة؟
- إذا
قال لك أي شخص عن أي حزب حاكم في أية مرحلة من المراحل السابقة إنه لا
يستفيد من موارد الدولة يكون غير دقيق في كلامه. فالفساد كما ليس مالياً
فحسب، فيمكن للحزب أن يستفيد من علاقته بأى مسؤول أو وزير في تسيير أعماله
من غير المال، ونحن في هذا لنا رأى واضح وهو يجب أن لا يكون المسؤول الذي
يدفع به الحزب إلى العمل التنفيذي مرتبطا بالحزب إلا في إطار العضوية
العامة ،بمعنى أن لا يكون مسؤولاً عن أمانة من أماناته أو أجهزة من أجهزته،
وأعتقد حسب مسؤولياتي التنظيمية التي كنت أديرها أن المؤتمر الوطني خاصة
في نموذج ولاية الخرطوم يعتمد على عضويته بنسبة غالباً جداً إن لم تكن
كاملة.
* لكن البعض نقل عنك في بعض الأحاديث الخاصة أنك طالبت أكثر من مرة بضرورة فطم الحزب من مال الدولةً؟
- هذا
الحديث ذكرته بصورة واضحة جداً على مستوى المركز العام، وقلت بصورة واضحة
جداً هل يأتي يوم إذا ذهبت هذه الحكومة والجهاز التنفيذي من حزب المؤتمر
الوطني بأى شكل من الأشكال لأى حزب آخر، فهل يمكن للمؤتمر الوطني أن يكون
بمثل هذه الوضعية؟ وهنا اللبيب بالإشارة يفهم. فيجب على المؤتمر الوطني أن
يتقي هذه الشبهات، والقضية الثانية يجب أن يعيش المؤتمر الوطني على موارده
الذاتية سواء أكانت معه الحكومة أو لم تكن معه، ولا أشك مطلقاً أن هنالك
رأيا جديا من رئيس المؤتمر الوطني ونوابه وعلى مستوى ولاية الخرطوم أن
يعظموا قضية الإشتراكات الذاتية، وإذا صدقت النوايا فعضوية المؤتمر الوطني
في أى ظرف من الظروف يمكن أن تدير الحزب بمواردها الذاتية بصورة أفضل مما
هى عليه الآن.
* أى مستقبل ينتظر المؤتمر الوطني برأيك؟
- واحدة
من مشاكل المؤتمر الوطني المرتبطة بمستقبله أنه يوجد به إنفصام كبير جداً
بين الجيل الذي ربما أكون جزءاً منه ، وبين الجيل الذي يدير المؤتمر الوطني
الآن، وإذا نظرت إلى هذا الجيل الذي يدير المؤتمر الوطني والدولة الآن
تجده بنسبة لا تقل عن الـ (80%)، هم جيل ما قبل الثمانينيات وتخرجوا في
الجامعات منذ السبعينيات، ولكن الجيل ما بعد الثمانينات وحتى 2012م - أى
نحو ثلاثة عقود من الزمن- فإن حظه من عمل الحركة الإسلامية لم يكن سوى أن
وجد سلاحاً فحمله فجاهد ودافع عن مشروع الحركة الإسلامية فمنهم من قضى نحبه
ومن ينتظر، ومن ينتظر الآن ينتظر في بيته وليس في مكاتب المؤتمر الوطني
إلا القليل. ولذلك فإن هذه الهوة وهذا التباعد أحدث ما يمكن تسميته بهذا
التململ.
* وما علاقة ما ذكرت بالمستقبل الذي ينتظر المؤتمر الوطني؟
- هناك
حالة من الإنفصام ولابد أن تقوم قيادات الحركة الإسلامية والحزب بعلاج هذا
الإنفصام، فالمؤتمر الوطني قد تراجع للأسف عن قضية إشراك الشباب. ونحن
الآن نتحدث عن مجرد التغيير، ونريد التغيير - كما ذكرت في حديث سابق- حتى
وإن كان هذا التغيير بمثل أعمار الذين يقودون الآن. ولا يمكن أن يبقى شخص
في وزارة لأكثر من (23) سنة، وأنا دائماً أقول إن أكبر شخص في هذا العالم
خدم الصهيونية والحركة اليهودية العالمية ودمر المسلمين وقتل منهم أكثر من
مليونى مسلم هو الرئيس الأمريكي جورج بوش ،وكان يمكن أن تكون جائزته أن
يستمر كحاكم للولايات المتحدة ولكن (السيستم) الموجود هناك منعه وهو الآن
يرعى ويتلاعب مع كلبه في بيته. ولذلك أنا أرى المستقبل في إستمرارية الفكرة
التي قامت عليها الحركة، وإستمرار الحزب يكمن في التداول السلمي لهذه
العملية بصورة مباشرة بين أجيال الإسلاميين المتلاحقة. وأعتقد يجب أن
تتواضع قيادات الحركة الإسلامية وتنظر لهذه المذكرات والإنتقادات بروح
إيجابية وليس بروح التهميش والإقصاء.
* آخيراً سيد محمد.. ألا تعتقد أن ما قلته في هذا الحوار من إفادات ساخنة ستغضب منك البعض داخل الحزب والحركة الإسلامية بشكل أو آخر؟
-
أنا
ربما ظللت لفترات طويلة مغضوباً علىّ ولا أخشى أن يزداد هذا الغضب. وكل ما
قلته لك، سبق وأن قلته في الأُطر الحزبية وأرجو- إن كان حديثى هذا صحيحاً
وصواباًً- أن يجد أذاناً
آسف يا اخي الفاتح قمت ببعض عمليات Make up للموضوع بغرض الوضوح وكده
وكما تعلم يا أخي كثير من الإسلاميين الحقيقيين توصلوا لقناعة تامة عن فشل الحركة الاسلامية فى قيادة الوطن؛ وماجاءوا به في بادئ الأمر بمايسمي بالحركة الإسلامية ماهي إلا وسيلة للبقاء عن طريق خداع االمواطنين البسطاء ونجحت خطتهم في خداع الناس بالدين في بداية حكمهم لكن بمرور الزمن ظهرت حقيقتهم وتوصل الجميع لقناعة ان ما يحدث فى السودان هو تشويه لصورة الاسلام وليس تطبيق للاسلام ويكفى ان ما وصل اليه نسبة فساد اهل الحزب الحاكم لم يحدث فى تاريخ السودان ولا تاريخ اى دولة اخرى اسلامية او غير اسلامية .. كما ان الفساد الاجتماعى والخلل الذى ضرب المجتمع السودانى دلالة اخرى عميقة على فشل هذا المشروع وكذب مدعيه كما ان الانهيار صادف كل المناحى فى السودانى حتى صار اقتصاد الوطن فى ادنى مستوى لا يمكن ان يصل اليها دولة في العالم كما ان الحروبات وحركات التمرد ذادت عن ذى قبل وليس هناك ركن فى السودان يخلو من الاعتراك والحروب والكارثة الاعظم ان السودان يسير فى اتجاه الانقسام الى دويلات ويكفى خروج الجنوب عن خارطة الوطن كما طفحت العنصرية والعرقية والكراهية ... ليس هناك شئ نجح فيه الحزب الحاكم طوال العقدين من الزمان ولا يمكن اعتبار مشاريع ليست ذات جدوى مثل الطرق والجسور عملا كافيا يغطى كل هذه المصائب التى حلت بالسودان ....
محمد قادم نوية- مشرف منتدى الصوتيات
رد: مع الرجل الثاني في الحزب بولاية الخرطوم.. بعد إبتعاده عن كابينة القيادة
..................................................محمد نوية كتب:حمد عبد الله شيخ إدريس: الزراعة أفضل لي من العمل داخل المؤتمر الوطني
حاوره: فتح الرحمن شبارقة- تصوير: شالكا
*
من الأسئلة التي وجهت اليــه:-
من الملاحظ أن كل قيادات المؤتمر الوطني ينخرطون بكلياتهم في العمل التنفيذي، فمن يفكر ويخطط للمؤتمر الوطني الآن؟
- هذه أكبر مشكلة، وقد ظللنا نتحدث في هذا الأمر بصورة كبيرة جداً. وللأسف أغلب قيادات أجهزة المؤتمر الوطني يديرون الشأن السياسي والحزبي والتنفيذي،
ولذلك نحن الآن عندما نتحدث عن إخفاقات في الجهاز التنفيذي وعن مشاكل في بعض المؤسسات الإقتصادية وغيرها نجد أن كل تلك المؤسسات سواء أكانت حزبية أو تنفيذية إفتقدت المُخطط وهذه واحدة من القضايا. . .
.
....
نعم لقد أصاب الحقيقة ... الهيمنة الحزبية على المؤسسات ابتداءً من وزارة المالية الخارجية ..... الى وزارة السياحة من وزير المؤسسة ... الى الخفير .... و((إلاّ من رحم ربي )) وتمت تزكيته بقوة وهم قلّة تحصى بالأصــابع ...
"لقد ضيقتــم وآســــــــــعاً" ....
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
مواضيع مماثلة
» الريادة في أساليب القيادة
» عاجل.. والي الخرطوم يشكل حكومته الجديدة.. مامون حميدة وآمل البيلي يحافظان علي منصبيهما..ونمر يغادر معتمدية الخرطوم
» دراسة تحذر السائقين المصابين بالإنفلونزا من القيادة
» ***وفاة زعيم الحزب الشيوعي السودانى ***
» بيــان هـام من الحزب الإتحـــادي الديمقراطي...
» عاجل.. والي الخرطوم يشكل حكومته الجديدة.. مامون حميدة وآمل البيلي يحافظان علي منصبيهما..ونمر يغادر معتمدية الخرطوم
» دراسة تحذر السائقين المصابين بالإنفلونزا من القيادة
» ***وفاة زعيم الحزب الشيوعي السودانى ***
» بيــان هـام من الحزب الإتحـــادي الديمقراطي...
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى