الهند ...بلد العجائب...1

الهند تعتبر شبة قارة وتتمتع بانها ذات ارث حضاري قديم وثقافة غنية كونها النسيج العرقي والاثني واللغات المتعددة والاديان المتباينة واستطاعت الهند منذ استقلالها قبل 62 عاماً أن تكون في مصاف الدول المتطورة اقتصاديا وسياسياً وأن تضع لنفسها موقعا هاماً بين الدول الكبرى في العالم ،
تحتل الهند مساحة 3.28 مليون ميل مربع موزعة على 28 ولاية ونستعرض منها أهمها ( ماهراشترا ، أوريسا ، أوتربراديش، أرنوشال براديش، جوا، لاكشاديب، بونشاري، وست بنغال ، كوجرات ،وماداهيا براديش ، البنجاب ، بهار ، وكيرلا، وأندرا براديش).
أهم العواصم( دلهي العاصمة السياسية، بومبي العاصمة الاقتصادية بولاية مهراشترا، تريفاندروم عاصمة كيرلا، مدراس عاصمة تاميل نادو، جيبور عاصمة راجستان، بنقلور عاصمة كرناتكا)
وهنالك لغات عديدة رسمية في الدولة نستعرض منها ( الهندية ، الاوردية، المهراتي، الكاناد،المليالم،تاميل،تلقو) وكل اللغات الرسمية مطبوعة على العملة المحلية بوحداتها المختلفة ومزينة ببعض المعالم السياحية وتعتليها صورة زعيم الاستقلال المهاتما غاندي الذي حارب الاستعمار حتى تم اخراج الانجليز ولكن نجد أن الاستعمار أفاد الهند بتركه لبنية تحتية قامت على أكتافها تلك النهضة الاقتصادية ومازال المعمار الانجليزي واضح المعالم خصوصاً في مؤسسات الدولة القديمة.
تعتبر الهند نموذج للدول التي تمارس ديمقراطية حقيقة الى حد ما اذا ماقورنت بجميع الدول على مستوى العالم ، من منطلق Unity in Diversity (الوحدة في التنوع) ونظام الحكم لامركزي والحكومة مكونة من عدة احزاب سياية مصنفة كأحزاب قومية أو أحزاب اقليمية ونجد أن الحزب اذا كان معترف به في أربع ولايات على الاقل يعد حزباً قومياً وليس اقليمياً والاحزاب الكبيرة التي تكون الحكومة في العادة هي الكونغرس ، باهراتيا جاناتا، جاناتا دال،
الحزب الشيوعي الهندي،والحزب الشيوعي الماركسي.
وحزب الكونغرس وهو الحزب الذي تسيطر عليه عائلة أنديرا غاندي هو الحزب الأكثر شعبية في الهند وغالباً مايكون على رأس الوزارة في الهند إلا في ما ندر وذلك عندما يكون في خلاف مع حلفائه ، وخلاصة القول نجد أن الممارسة الديمقراطية بمستوى عالي فهناك من يفهم في السياسة وهناك من ذوي الولاء الاعمى كما هو موجود عندنا في السودان.
والهند من دول عدم الانحياز فهي صديقة لكل الدول من منطلق المنفعة ومن أهم المشاكل التي تؤرقها مشكلة اقليم جامو وكشمير حيث الخلاف القائم بينها وبين باكستان فيما يتعلق بالسيادة على هذا الاقليم الذي لم يصل الطرفان فيه الى حل حتى يومنا هذا.
ونجد أن في السابق وربما لازال في بعض الاقاليم النائية هناك النظام القبلي كالمعروف لدينا في السودان فنجد هناك نظام شيوخ القبائل باعتباره حكومة مصغرة ويسمى بنظام البانجايت System . Panchyat الذي يفصل في الخصومات البسيطة.
تعتبر الهند أرض الاديان والمعتقدات المتعددة حيث يوجد بها حرية الاديان المنصوص عليها في الدستور والاديان تنحصر في (الاسلام ، البوذية،المسيحية،الهندوسية،السنجية، البانية وهي ديانة قديمة، اليهودية، الزرادشتية).
ويندر أن يكون هنالك خلافات دينية الا البسيطة ويكون الهدف وراءها سياسي أكثر من أنه عقدي، فتجد احترام منقطع النظير للأديان والدولة تحافظ على هذا التوازن ونجد أن هنالك الاحتفالات العديدة والمناسبات الدينية المختلفة لكل فئة مدونة على التقويم الهندي ويمنح لها اجازة حسب عدد الايام المحددة للمناسبة لكل أصحاب معتقد أو ثقافة ونورد بعض الاحتفالات لجميع الاديان وهي كالتالي:
العيدين رمضان وعيد الفداء وعاشوراء وكربلاء ومحرم وبعض المناسبات الاسلامية الاخرى.
عيد الكرسماس بالنسبة للمسيحين
أما أعياد الهندوس والبوذيين والديانات الاخرى فهي متعددة :بودابرونيما، بودا ، دي والي (وهو اكبر اعياد الهندوس)، فروبارب، فيفاكاندا ،سري سري رفينكار، والأونم وهو عيد الحصاد في ولاية كيرلا.
وهناك أشكال متعددة للعبادة في جميع الاديان ، ونجد أن دور العبادة تبنى من قبل الدولة وتخصص لها الاراضي وتدعمها المنظمات الدينية فهناك المسجد في المنطقة والمعبد والكنيسة، والمسلمين عادة يلبسون زي مختلف عن بقية أهل البلد والنساء يرتدين الساري وكذلك العباءة وهناك منهن من لايكشفن وجوههن والاخريات يلبسن حسب التقاليد دون التقيد بالزي الاسلامي. نواصل

من أجمل الايام أيام الشهر المبارك فيشعرك المسلمون بشقيهم السنة والشيعة بتعظيمهم للشهر فتضرب السرادق وتزين بالالوان والانوار والزينة وتعرض وجبات خاصة في الشهر الكريم ومن أجمل التقاليد الاسلامية أن الجميع يفطر في المسجد لأنهم لايصلون في المنازل وتجد الكل يشارك بما يستطيع ففي هذا الشهر الكل يأخذ معه مالذ وطاب الى المسجد وعادة ماتكون السمبوسة الساخنة المصنعة من الخضار أو الجبن والبجية والفواكة ويتولى أمر تنظيمها بعض المتطوعين وتوزيع الناس لمجموعات وبعد الفراغ من الافطار الخفيف الذي يعتبر فقط تمهيداً لوجبه ثقيلة يتم تناولها بعد الصلاة كل في منزله وكذلك السحور في المطاعم المؤقتة خلال الشهر الكريم لها لونية خاصة وتبقى المحال مفتوحة الى الساعات الاولى من الفجر
أما الاعياد فعيد الفطر يعتبر شبيه بتقاليدنا في تبادل الزيارات وتقديم الحلويات الخاصة بالعيد ، ولكن عيد الاضحى قد يكون هنالك اختلاف بسيط في نوع الفداء ليس بالخراف ولكن هناك تيوس من نوع خاص وباحجام كبيرة تربى لهذه المناسبة.
وفي أيام عاشوراء يكون هنالك مسيرة على ظهور الجمال والجياد ويلبسون ثياب يتشبهون فيها بالعرب ويوزعون العصائر والحلويات على الطرقات ويكبرون ويهللون، أما الشيعة ففي يوم كربلاء احتفالهم يأخذ شكلية غريبة فهذا الاحتفال دموي ومؤلم فتراهم يرددون ياعلي ويضربون على صدورهم بقوة رجالا ونساء صغارا وشباباً ويربطون شارات بلون اسود على جباههم ويضربون جباههم حتى تسيل منها الدماء.
وعن احتفالات الاديان الاخرى ففي أعيادهم هناك عيد الألوان والقمبتي ، والداندية تعتبر من الرقصات الشهيرة حيث يرقص كل اثنين(شاب وفتاة) بعدد 4 عصي 2 لكل منهم ويترنمون باهازيج تنبعث من مكبرات الصوت الضخمة وهذه أصعب الايام التي كنا نمر بها ، ويستخدمون الالعاب النارية ، وفي عيد الالوان تدلق الالوان اذا كانت بدرة أو ممزوجة بالماء على كل المارة ولاتستطيع أن تعترض على ذلك والكل مخمور والحانات تعج بالسكاري ولكن هناك تشديد للأمن في هذه الايام.

ايضاً من الملاحظ بالنسبة للمسلمين توجد الزوايا أي المزارات التي يعتقد فيها المسلمون مثلما عندنا في السودان ضريح شيخ فلان وشيخ علان وتسمى هذه الدرقة ، وعند المرور من جانبها تجد الكل في خشوع حتى بعض اصحاب الاديان الاخرى يعتقدون في أنه سينالهم جانب من الخير والبركات، وتجرى فيها الطقوس وتقرب فيها الهدايا للقائمين على أمر الدرقة وتجد شئ أشبه بالضريح مغطى بالاقمشة الملونة التي يغلب عليها اللون الاخضر وتجد الاعلام في شكل الأهلة.

الآلهة متعددة الاشكال والاحجام والاسماء في الهندوسية وكذلك البوذية وكلها أصنام تصنع من الاخشاب والجبس يعني كما ورد عن وصف الالهة في الجاهلية فمازالت هناك جاهلية وظلمة في الهند ، وهناك اشكال اخرى للآلهة منها القرود وبعض الاجزاء الحساسة من الانسان (دون مبالغة)، وهناك من يعبد البقر ويتمسحون بها، ونجد في المعابد الكهنة ذوي اللحى الطويلة والاجساد العارية الا من قطعة قماش تغطي العورة وتتدلى التعاويز على الاعناق وهي في شكل المسابح العادية التي نستخدمها للتسبيح باحجام مختلفة وأعداد كبيرة ويرسمون بالالوان على معظم أجسادهم ويحملون حراب أو عصي في راسها شكل الاله. وهولاء يسمون بالكورتسي بالانجليزية المعربة ، ويقومون على خدمة الاله ويأخذون القرابين من المتعبدين وتجدهم يعزفون على الالات التقليدية ويرددون الترانيم في اوقات الصلوات داخل المعابد المنتشرة في كل مكان ، ونجد أن المعابد درجات لايسمح بالدخول اليها من قبل جميع الطبقات فهناك معابد لكل طبقة ، ومن أنواع القرابين أن يقدم العلف للبقرة التي عادة ماتكون واقفة بجوار المعبد والتي تقف لها حركة المرور ، مع المفارقة أنه مسموح للمسلمين والمسيحيين بذبح البقر وهناك نوعين من الأبقار البقر البلدي العادي والاخر جاموس كان حيوانا متوحشاً تم توليفة وهو أسود اللون وكبير الحجم ويسمى البفلو(Buffalo) وهذا ليس له أي تقديس وانما للبنه ولحمه .
وبالرغم من هذا الكم من الجهل نجد أن بالهند أكبر مراكز الدعوة الاسلامية في العالم وفيه تعقد الندوات والمؤتمرات الاسلامية السنوية ومن أشهرها حضرة نظام الدين في نيودلهي ومؤتمر بوبال السنوي الذي يؤمه عدد ضخم من المسلمين من جميع أنحاء العالم والدعاة الهنود يمتازون بالحنكة والخطابة وغالبا مايتحدثون الانجليزية بطلاقة واللغات المحلية الاخرى ليخاطبوا كل حسب اللغة او اللهجة التي يتحدثها ،ومعظم الدعاة من اهل العلم ، ونجد حلقات التحفيظ للصغار والكبار.
هناك مناسبة دينية اسلامية مصحوبة بالمولد النبوي الشريف وفيها يعد برنامج شعري غنائي يسمى "الكوالي" وهو يشبه المديح عندنا ، يتبارى فيه الشعراء بالأشعار مصحوبا بالآلات الموسيقية.
أما عن مناسبات الزواج فالعادات الاسلامية شبيهه ببعضها في معظم أنحاء الدنيا ففي الهند المسلمين السنة بالتحديد نجد أنهم يتبعون السنة في ذلك فعقد القرآن مطابق للسنة ، بالنسبة للهندوس كما هو معلوم تدفع المهر فيه العروسة وليس العريس ، ونجد في الهندوسية أن أهل العروسة يعرضون ابنتهم للعريس مقابل مبلغ يتفق عليه وهو ما يسمى "الداوري"(dowry) وهذا أمر يصعب على أهل العروسة الغير مقتدرين وقد يكون المبلغ مقسط والعريس قيمته(مهره) حسب مستواه، وباقي الطقوس لعقد القران تكون بالمعبد وطواف حول النار وربط ثوب العريس بالعروسة وأهازيج وترانيم وقراءات من قبل الكهنة.
أما المسيحيين فانهم أرستقراطيون وأكثر تحرراً ويتمتعون بالتميز عن الأديان الاخرى واحتفالاتهم تكون عادة في الكنائس ويكون الإستعراض فاره من حيث الملبس والمأكل وحتى الرقص والموسيقى على النمط الاوربي وقد حضرت بعضاً من زيجاتهم في الكنائس وفي الزواج ويقدمون الخمور كسائر العصائر.
وعند المسلمين هناك بعض الطقوس والعادات الجميلة وهو أن أهل العريس يأتون وهم يحملون العريس على اكتافهم ويكون في استقبالهم اهل العروس يقفلون الابواب بأجسادهم ويبدأ نوع من الصراع بين أهل العروس والعريس فأهل العروسة يحاولون منع أهل العريس من الدخول وأهل العريس يصارعونهم للدخول بالقوة وان لم ينجح أهل العريس في ردهم يجب عليهم دفع مبلغ من المال ، ومن العادات الجميلة نظام الكشف(الختة) تكون موضوعة داخل ظرف كل حسب استطاعته. الوليمة بالنسبة للزواج تتكون من وجبة من البرياني الساخن أو "الدالقا" وهي العدس باللحم والارز ، وعادة مايأتي العريس في كامل حُلته وهو يمتطي صهوة جواده ومن خلفة طفل من الاسرة والعريس مزين بالحناء المرسومة زي نظام العروسة عندنا.
فالزواج يعتبر رابط مقدس في جميع الاديان دون فرق ولكن تعدد الزوجات يحرم الا في الاسلام فقط ، ففي الهندوسية اذا توفي الزوج عن الزوجة فهذا يوم لعنتها فهي لا تتزوج من بعده وتعامل معاملة سيئة من قبل افراد الاسرة تقوم على خدمتهم ولاتأكل معهم في المائدة الواحدة وتنام على الارض ونهايتها الى بيوت البغاء هروباً من جحيم العزوبية. أما اذا بلغت البنت مبلغ النساء ولم تتزوج فانه يعد لعنة عند الهندوس.

لك التحية اشرف واشكرك علي مقالك الجميل عن الهند وقد ذكرتني بنظام الدين فهو مقر جماعة التبليغ بمدينة دلهي القديمة وقد تشرفت بزيارة ذلك المكان الجميل ومعي الاخ معتصم ابوكشوة وكنا في زيارة الي نيودلهي ومكثنا عدة ايام وتقطعت بنا السبل وفلسنا ولم نستطيع دفع ايجار الفندق فذهبنا الي نظام الدين حيث السكن والاعاشة مجانا يعني تسكن وتاكل وتشرب وتسمع كلام طيب محاضرات دينية او كما يسمونه بيان بعد كل صلاة وكانت ايام جميلة