مرثية الوطن عالم عباس محمد نور

عالم عباس محمد نور
مرثية للوطن
(إلى مُتْرَفي قريتنا

وإلى سادتنا وكبرائنا الذين اطعناهم فـ …

)… ربنا آتِهم … .

( لو كنت من مازنٍ لم تستبح إبلي بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا)

تناثرَ الثريدُ من قِصاعِ الأكَلَةْ

و ليس ثَمّ في الخِوانِ إلاَّ السَفَلّةْ

والوالغونَ في الدماءِ، القَتَلَةْ

فَمَنْ لجوعانا، و مرضانا

و مَنْ لموتانا، و للصِّغار الطَّفَلَةْ؟

يا ربِّ، كم تشابَكَتْ على نسيجِها

خيوطُ هذيِ الأسئلَةْ!!

* * *

الليلُ أعيُنٌ مُكَحَّلَةْ

تزاحَمَتْ على رموشها

سُجوفُها المُنْسدِلةْ

وخيمةُ السَمَا

كثيرةُ الثقوبِ

بالنجومِ المجفلةْ

و ذا لجامُ الرّيحِ مُرْسَلٌ

و ظلّت الغيومُ في إسارها،

أحْصِنةً مشَكَّلةْ

والبرقُ سوطٌ

يجلدُ السكونَ بالصواعقِ المجَلْجِلةْ

وجاعلاً من ظهرِهِ العُريانَ

مِزَقاً مُهلْهلَةْ

وللرعودِ هرولَةْ

والأرضُ قد اغرورَقَتْ

مِن هولِ يوم الزلزلةْ!

* * *خيولنا تنهقُ

بعد أنْ طلّقها الصهيل

والأُسْدُ في آجامها تخورُ

فالزئيرُ

لِنُخْبةِ السنانيرِ، وللحميرْ

أكتافُنا.

نحْنُ لنا المواءُ

والعواءُ

و الزفيرْ.

* * *

في غَيَابَةِ الجُبِّ،

وفي المستنقعِ العَطِنْ

هوى وطنْ

وأنتَ، نحن،

كلُّنا قابيلُ،

مَنْ أفصح بالقولِ ومن رطَنْ

و كلُّنا "نيرون" ضاحكين

فوق كومة الرمادِ

من بقايا جُثّة الوطنْ.

* * *

نهارُكَ مِن حُمّى، و ليلُكَ مِن شَجَنْ فَلِمْ تشتري الأحزانَ يا أيها الوطنْ

و ليلٍ كموجِ البحرِ أرْخَى سـدولَهٌ عليك بألوانِ التّباريحِ والمِحنْ

تمرُّ بك الأحداثُ من كـلِّ جانـبٍ كأنك جلمودٌ من الصخر أو وَثَنْ

أ مِتَّ فَلَمْ تحفلْ بمن ضجَّ أو سكنْ؟ أ صبرٌ؟ فهذا الصبر أيَّانَ يُمْتَحنْ؟

* * *

يمِيعُ وطنْ

كقطعة الثلجِ، وقد شواها

لهَبُ الظهيرَةْ

و نحنُ حوله،

على رؤوسنا الطيرُ

وفي العيون حيرةٌ

مُطْفأةٌ، ودمعةٌ كسيرةْ

نُساقُ كالشِّيَاهِ للمذبحة الكبيرةْ

عُمْياً مُكبّلين،

في غيبوبة الأسى،

وفي حبائلِ الشجنْ.

نجولُ بين الحبلِ و الجلاّدِ

منفيين في البلادِ

هَدَّنا الوهَنْ،

وفي الجوانحِ الإحَنْ.

نُسائلُ الدِّمنْ،

هل التي تعَمَّمَتْ أرجلنا؟

أم الرؤوس انتعلتْ أحذيةً؟

هل القميصُ ما نلبسُ أم كفنْ؟

و أيُّنا الفَطِنْ؟

هذا المُقَهْقِهُ الغارق،

في ضحكته،

أم السادر في الأوهامِ والوسنْ؟

وطنْ،

وطَنْ،

كان لنا وطنْ!

* * *

فيا صاحِـبَيْ مَنْفَايَ هلاَّ رأيتمـا بعيرَ بلادي لا خُطامٌ ولا رسنْ؟

قفا نبكِ، لو أنَّ البكاءَ على الدِّمنْ سينقذُ موتانا و يُبْقي لنا الوطـنْ

(ولو أنَّ قومي أنطقتْني رماحهم) نطقْتُ فأفحمْتٌ الذي قال أو رطَـنْ

فلو أنَّ قومي أنْـ … .
ولو أنَّ قومي أنـ

فيا صاحِـبَيْ مَنْفَايَ هلاَّ رأيتمـا بعيرَ بلادي لا خُطامٌ ولا رسنْ؟
قفا نبكِ، لو أنَّ البكاءَ على الدِّمنْ سينقذُ موتانا و يُبْقي لنا الوطـنْ
(ولو أنَّ قومي أنطقتْني رماحهم) نطقْتُ فأفحمْتٌ الذي قال أو رطَـنْ
فلو أنَّ قومي أنْـ … .
ولو أنَّ قومي أنـ

قطع !!!!!!!!!!!!!
مدخل منقول ...
عالم عباس شاعر قصيدته الوطن ......جماع مردس
يذكرني الشاعر السوداني الكبير عالم عباس محمد النور، دوما الشاعر السويسري فيليب جاكوتية وتحديدا ديوانه (الأرض هي وطننا) والذي قال عنه احد النقاد الفرنسيين (ليس جاكوتيه شاعر التمزقات المأسوية، ولا التحولات ولا الإنقطاعات، ولا المعضلات المجردة من كل مخرج. وانما تتمثل موهبته في القبض ، عند المستوي الأكثر تواضعا، والأكثر انفتاحا للوعي ، عند تجليات الغريزة التي تمكن الأشياء من الإنزلاق بعذوبة في الهواء صوب الأعالي )

لدي قراءة اشعار عالم عباس تجد في شعره فلسفة (تتبطن) العمل من الداخل، ، صيغ ومعان مفهومية، وهذا كله يمر عبر العلاقة مع الأشياء ، وفي شعره نحيي حضور الشئ المحسوس – الحضور المحسوس للشئ الحسي، شعر كالحلم توقظك كلماته المغسولة بالضوء ، كالنهار الذي تنتظر قدومه ، مليئة بالأمل كالساعة التي لم نعشها ، فيوض من المعاني الشفافة المترعة بأنواع من الأحساسيس والدلالات المتناغمة.

مواقف عالم عباس كانت وستبقي قوة وطنية وثقافية وروحية ومعرفية وجمالية ، لهذا هم ضميرنا المفوض ، والناطق عن اشواقنا وحاضرنا وماضينا ومستقبلنا، لأنهم التقطوا الوجدان الجمعي للأمة في كل ظروفها ، عندما تسمو او تنكسر

عالم و الشاعر محمد المكي ابراهيم (شاعر أمتي) شربا من نفس الكأس الوطني ....
اواه يا حلمي يطيش وها انا

متوجه نأيا يطول تعزيا

نسكا سأرقص

اشرب الخمر الزؤام

اسب تاريخي هناك تشفيا

اواه ها خوف النكوص يشل اقدامي

ويرجعني اليك مصليا

متنكبا رمحا اطاعن صخرة

لا انتمي ابدا اليك

ولا اطيق تخليا

سأظل اصرخ ها هنا

حتي يموت توهج الحمي

وينطفئ الشباب

**....**
وهذا ما يقودنا لأن نتساءل لمن يكتب الشاعر .. للخاصة ام للعامة .. هذه الأسئلة ظلت تحتل مكانا خصبا في عقول الأدباء والنقاد ومناقشاتهم ومساجلاتهم في الماضي منذ العهد العباسي ومثال لذلك ما اثير عن شعر ابي تمام من جدل نقدي من خلال كتابي (الموازنة بين شعر ابي تمام والبحتري ) للأمدي ( واخبار ابي تمام للصولي) وكان ذلك في العصر العباسي الذي تشكلت فيه مدرستان شعريتان تقليدية وحداثية ، وازاء هاتين المدرستين او المذهبين الشعريين شكل اتجاهان احدهما ينتصر للغموض الذي يلازم الشعر ويعده شيئا داخلا في طبيعة الشعر ، والأخر ينتقده منتصرا للوضوح ، ولعل ابا اسحق ابراهيم بن هلال الصابي هو اوضح المنتصرين للغموض موقفا ، فقد عد الغموض سمة ( الشعر الفاخرة ) وذلك بقوله ( افخر الشعر ما غمض فلم يعطك غرضه الا بعد مماطلة منه) كذلك عبدالقادر الجرجاني الذي ينتصر للغموض .
******************************************************************************
تعليقي :-
أسفى على من حاول فهم شعر الفحل عالم عباس خارج إطار الوطنية القويمة الفطرية, التي تتبصر في كل الإتجاهات ,,, أولئك الذين منحهم الله مهارة فك الخط فتوهموا أنّهم امتلكوا ناصية البيان والفهم ,وأحاطوا بعلوم الفكروالقلم, المغرورون المتشدقون ,, بعداً لهم عن الحصافة والشروح وفنون التحليل وضروب التأويل ,,, إنهم المتربصون

شكري لك استاذ خدورة أم بشق ,,, للسباحة في عالَم عــالِم عبّاس

شكراً الفاتح على المرورين الجميلين ... عالم وما أدراك ما عالم حين تجالسه يغمرك تواضعه وبسمته لا تفارقه برغم مرارة الزمن وأحداثه التي ظلت تأخذنا دراكاً ونحن نتفرج من هولها ونتحرج من ذكرها ... تخيل الخرطوم تستضيف منتديين من منتدى النيلين وعالم مغيب بفعل فاعل.. وأدعياء الشعر في السودان امتلأت بهم سوح المنتديين ومنهم من لا يجيد الفصحى لا كلاماً ولم يكتبها شعراً ...وصدق الجواهري حين قال في رائعته " دجلة الخير "

شُلَّتْ يدٌ وخاست ريشة غفلَتْ عن البلابل في رسم السّعادينِ

نعم استاذ فضل ,,,,,ولي شهادة أخرى لما حدث ......
في منتدي الإمام عبدالرحمن المهدي الثقافي ...( تحت شعار واحد وعشرون عاما والإنتفاضة تحترف الغناء ، قراءة في كراسة النضال الشعري ، عالم عباس نموذجا )
معظم الأوراق التي قدمت كانت غير محايدة حيث انصرفت و تحدثت عن شخصه وقدمت له اتهاماً (تركوا الشعر وانصرفوا لموقف الشاعر السياسي بعيداً عن الإهتمام بالنص ومضامينه) حكموا على الكلمة الشعرية التي تضمنها شعرة الرصين بمحض رغباتهم ,,,,و حاشا أن يكون عالم عباس ممن يتاجرون بها ,,,جيل عالم عباس وعلي عبدالقيوم ، والدوش ،وشعراء مدرسة مصطفي سيد احمد ( مثل حميد والقدال وازهري وشمو وعاطف ) هم امتداد طبيعي لشعراء النضال السوداني منذ ود سعد شاعر المهدية والبنا الكبير ، مرورا بشعراء النضال ابان الإستعمار صالح عبدالقادر ،ومحمد احمد محجوب ، وصلاح احمد ابراهيم ، وجيلي عبدالرحمن وكثيرين غيرهم .وكذلك شعراء مدرسة الغابة والصحراء النور عثمان ابكر ، محمد عبدالحي ، مصطفي سند ومحمد المكي ابراهيم ,,اسهموا بالمفردة الشعرية وصنعوا الفكرة بأقلامهم لم نسمع بأنّ أحداً ولغ في إناءهم الشعري أوصنفهم لشخصهم ,,,,, إنه إنحدار خطير ,,,,
وهذا وكما قال الكثيرون غيري يقودنا لموضوع الرغبة ، البالغة الأهمية في الشعر ، اهمية جعلت الفكر التحليلي النفسي وسواه يتساءل ان كان الشاعر يصنع الرغبة ام الرغبة تصنع الشاعر ؟؟

مرثية الوطن عالم عباس محمد نور

مرثية الوطن عالم عباس محمد نور

رد: مرثية الوطن عالم عباس محمد نور

رد: مرثية الوطن عالم عباس محمد نور

رد: مرثية الوطن عالم عباس محمد نور