الله ... الله... يا عبدالله
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الله ... الله... يا عبدالله
[rtl]لم أتمالك دموعي في ليلة الوفاء لعالم الدنيا العلامة البروفيسير عبدالله الطيب المجذوب خاصة عند تكريم زوجته الاستاذة جريزالدا بوسام من الطبقة الأولى ولقد ساهرت حتى قرابة الساعة الواحدة صباحاً أرعى ذلك الحفل الفريد الذي تكلمت فيه جموع الدكاترة والبروفسيرات ممن كان المرحوم استاذهم وصوت الموسيقى التصويرية المهيب مردداً ..الله ...الله .. ياعبدالله... على شفاه كورال طلبة معهد الموسيقى والمسرح ففاضت عيناي بالدموع... وقدمت الفرقة الموسيقية قصيدة للأديب عبدالله ولحنها الدكتور الماحي سليمان بحق كانت ليلة عظيمة حيث تليت قصائد عديدة للراحل المقيم . وأقدم لكم قصة جميلة على لسان أحد طلابه
[/rtl]
"الريد قِسَم يا عينيّ!"
عشرة أعوام مرت منذ رحل أستاذي وأستاذ الآلاف من السودانيين البروفسور عبدالله الطيب، رحمه الله، عالم اللغة العربية المتفرد، والمثقف الموسوعي، ومفُسر القرآن الكريم للملايين من بسطاء السودان ومتعلميه. كلما تذكرته، وتلفتُّ حولي أتعجب من الجهل المتفشي في بلاد السودان، تذكرتُ الفكي زين العابدين، شيخ الخلوة (المدرسة القرآنية) في غرب مدينة الأبيض في خمسينيات القرن الماضي، يسوق حيرانه صباح كل يوم جمعة، يطوف بهم أحياء الأبيض، ويقف أمام بيوت بعينها، ويجعلهم يُنشدون :
العار أن تموت بلادنا جهلا وفيها سادة العلماء!
رحل عبد الله الطيب، ومن قبله الفكي زين العابدين وغيرهم، وتركونا نغوص كل يوم في رمال الجهل المتحركة التي تبتلع كل شئ جميل ومُتقن وخيّر.
قبل أن اعرفه، ظننته خير مثال لسكان الأبراج العاجية. يعيش وسط شعراء الجاهلية وصدر الإسلام، يحفظ أسماءهم العصيّة على الحفظ، واشعارهم الأكثر استعصاءا على الحفظ والنطق والفهم. يعرف قبائلهم، وبطونهم، وأنسابهم، ومضاربهم، وبيئتهم بتضاريسها وجبالها،وصحاريها،وواحاتها، ويعرف أسماء جمالهم، وخيولهم، وكلابهم، وسيوفهم، ورماحهم؛ ويعرف أسماء أمهاتهم، ومحبوباتهم، وبناتهم، وابنائهم، وابناء عمومتهم وخؤولتهم - وجيرانهم. كنت أظنه، من فرط انتمائه ومعرفته لتلك العهود في جزيرة العرب، لا يعيش بيننا، يأكل طعامنا، ويمشي في اسواقنا، ويهتز لما نهتز له، ويطرب لما نطرب له.
وحين قرأت كتبه (الأحاجي السودانية)، و(من نافذة القطار) و(بين النير والنور) وغيرها، اصابتني الدهشة حين وجدته يعرف "الشئ السوداني" خير معرفة، بتراثه وتاريخه الاجتماعي، ولهجاته، وفنونه، و"جنونه"، والعابه الشعبية. يعرف الأمثال الشعبية، والقصص الشعبي، والشعر الشعبي، والغناء الحديثوالشعبي، وخاصة ما يُسمى بأغاني البنات التي لا يُعرف لها شاعر. يعرف نباتات السودان وحشائشه، وأشجاره، وفواكهه الصحراوية التي تشبه بيئته الجافة، وحيواناته المستأنسة والوحشية. يعرف المهن والحرف والطب الشعبي والوصفات ااطبية التقليدية، واسماء الأمراض المحلية.
اكتشفت، (في كثير من الدهشة) سودانية عبد الله الطيب حين فاجأني بمعرفته لجانب لم أكن أتصور أنه عليم به. في مقابلة صحفية (لعلها إذاعية)، لم يستطع المذيع في نهاية المقابلة مغالبة فضوله بعد أن تحدث البروفسور مليّا عن الشعر الجاهلي، والأدب العربي، وتجاربه في جامعة الخرطوم وجامعة زاريا النايجيرية، فسأله في خِفّة: لماذا تزوجت أوروبية (خواجية بالسوداني)؟ لم تطرف للبروفسور عين، ولم يتلجْلجْ حين قال عفو الخاطر: "الريد قِسَمْ يا عينيّ!"
يا ألطاف الله! أيعرف ساكن البرج العاجي، العالم النحرير،استاذ اللغة العربية وآدابها، عضو مجمع اللغة العربية (بل هو المجمع بأكمله)، وحافظ أشعار العرب وآدابهم وتاريخهم، ومُفسر القرآن الكريم، وعالم كتب الفقه والتراث الإسلامي، وضيف الدروس الحسنية الرمضانية الدائم في حياة الملك الحسن وفي عهد ابنه محمد السادس، مثل هذه الأغنية الشعبية، ويستشهد بها؟ أدهشني ايضا حسه الفكاهي المرهف، وادراكه لطرافة المفارقة بين صورته النمطية وحقيقته السودانية البسيطة. حكى لي احد الأصدقاء أنه حضر أحد آخر محاضرات عبد الله الطيب في دار اتحاد الكُتّاب السودانيين وكانت عن الشعر الجاهلي. وبعد أن أجاب البروفسور على استفسارات وتعليقات جمهوره المُحب للشعر، قديمه ومُحدثه، ونزل عن المنصة، فاجأه مُشاكس بسؤال مُباغت: "ما رأي البروفسور في مشكلة جنوب السودان؟"
عاد البروفسور إلى المنصة، وجلس في تؤدة. التمعت عيناه الذكيتان، وابتسم ابتسامته التي تملأ وجهه، والدنيا، وقال ردا على السؤال: "خازوق!"
والحق يقال، "الخازوق" ما تركنا عليه عبد الله الطيب من جامعات منزوعة الدسم والبركة، وانحطاط للغة العربية في عهد قلب القاف غيناً والذال زيناً، وفي عهد ملأ الفم بالكلام المحفوظ، المكرر،الرنّان الذي يصُكّ آذان السامعين ولا يقول شيئاً.
رحم الله عبد الله الطيب، وتولّانا في غيابه برحمته.
[/rtl]
"الريد قِسَم يا عينيّ!"
عشرة أعوام مرت منذ رحل أستاذي وأستاذ الآلاف من السودانيين البروفسور عبدالله الطيب، رحمه الله، عالم اللغة العربية المتفرد، والمثقف الموسوعي، ومفُسر القرآن الكريم للملايين من بسطاء السودان ومتعلميه. كلما تذكرته، وتلفتُّ حولي أتعجب من الجهل المتفشي في بلاد السودان، تذكرتُ الفكي زين العابدين، شيخ الخلوة (المدرسة القرآنية) في غرب مدينة الأبيض في خمسينيات القرن الماضي، يسوق حيرانه صباح كل يوم جمعة، يطوف بهم أحياء الأبيض، ويقف أمام بيوت بعينها، ويجعلهم يُنشدون :
العار أن تموت بلادنا جهلا وفيها سادة العلماء!
رحل عبد الله الطيب، ومن قبله الفكي زين العابدين وغيرهم، وتركونا نغوص كل يوم في رمال الجهل المتحركة التي تبتلع كل شئ جميل ومُتقن وخيّر.
قبل أن اعرفه، ظننته خير مثال لسكان الأبراج العاجية. يعيش وسط شعراء الجاهلية وصدر الإسلام، يحفظ أسماءهم العصيّة على الحفظ، واشعارهم الأكثر استعصاءا على الحفظ والنطق والفهم. يعرف قبائلهم، وبطونهم، وأنسابهم، ومضاربهم، وبيئتهم بتضاريسها وجبالها،وصحاريها،وواحاتها، ويعرف أسماء جمالهم، وخيولهم، وكلابهم، وسيوفهم، ورماحهم؛ ويعرف أسماء أمهاتهم، ومحبوباتهم، وبناتهم، وابنائهم، وابناء عمومتهم وخؤولتهم - وجيرانهم. كنت أظنه، من فرط انتمائه ومعرفته لتلك العهود في جزيرة العرب، لا يعيش بيننا، يأكل طعامنا، ويمشي في اسواقنا، ويهتز لما نهتز له، ويطرب لما نطرب له.
وحين قرأت كتبه (الأحاجي السودانية)، و(من نافذة القطار) و(بين النير والنور) وغيرها، اصابتني الدهشة حين وجدته يعرف "الشئ السوداني" خير معرفة، بتراثه وتاريخه الاجتماعي، ولهجاته، وفنونه، و"جنونه"، والعابه الشعبية. يعرف الأمثال الشعبية، والقصص الشعبي، والشعر الشعبي، والغناء الحديثوالشعبي، وخاصة ما يُسمى بأغاني البنات التي لا يُعرف لها شاعر. يعرف نباتات السودان وحشائشه، وأشجاره، وفواكهه الصحراوية التي تشبه بيئته الجافة، وحيواناته المستأنسة والوحشية. يعرف المهن والحرف والطب الشعبي والوصفات ااطبية التقليدية، واسماء الأمراض المحلية.
اكتشفت، (في كثير من الدهشة) سودانية عبد الله الطيب حين فاجأني بمعرفته لجانب لم أكن أتصور أنه عليم به. في مقابلة صحفية (لعلها إذاعية)، لم يستطع المذيع في نهاية المقابلة مغالبة فضوله بعد أن تحدث البروفسور مليّا عن الشعر الجاهلي، والأدب العربي، وتجاربه في جامعة الخرطوم وجامعة زاريا النايجيرية، فسأله في خِفّة: لماذا تزوجت أوروبية (خواجية بالسوداني)؟ لم تطرف للبروفسور عين، ولم يتلجْلجْ حين قال عفو الخاطر: "الريد قِسَمْ يا عينيّ!"
يا ألطاف الله! أيعرف ساكن البرج العاجي، العالم النحرير،استاذ اللغة العربية وآدابها، عضو مجمع اللغة العربية (بل هو المجمع بأكمله)، وحافظ أشعار العرب وآدابهم وتاريخهم، ومُفسر القرآن الكريم، وعالم كتب الفقه والتراث الإسلامي، وضيف الدروس الحسنية الرمضانية الدائم في حياة الملك الحسن وفي عهد ابنه محمد السادس، مثل هذه الأغنية الشعبية، ويستشهد بها؟ أدهشني ايضا حسه الفكاهي المرهف، وادراكه لطرافة المفارقة بين صورته النمطية وحقيقته السودانية البسيطة. حكى لي احد الأصدقاء أنه حضر أحد آخر محاضرات عبد الله الطيب في دار اتحاد الكُتّاب السودانيين وكانت عن الشعر الجاهلي. وبعد أن أجاب البروفسور على استفسارات وتعليقات جمهوره المُحب للشعر، قديمه ومُحدثه، ونزل عن المنصة، فاجأه مُشاكس بسؤال مُباغت: "ما رأي البروفسور في مشكلة جنوب السودان؟"
عاد البروفسور إلى المنصة، وجلس في تؤدة. التمعت عيناه الذكيتان، وابتسم ابتسامته التي تملأ وجهه، والدنيا، وقال ردا على السؤال: "خازوق!"
والحق يقال، "الخازوق" ما تركنا عليه عبد الله الطيب من جامعات منزوعة الدسم والبركة، وانحطاط للغة العربية في عهد قلب القاف غيناً والذال زيناً، وفي عهد ملأ الفم بالكلام المحفوظ، المكرر،الرنّان الذي يصُكّ آذان السامعين ولا يقول شيئاً.
رحم الله عبد الله الطيب، وتولّانا في غيابه برحمته.
عدل سابقا من قبل خدورة أم بشق في 27th يونيو 2013, 17:23 عدل 1 مرات
خدورة أم بشق- مشرف منتدى الشعر
رد: الله ... الله... يا عبدالله
تسلم يا استاذنا ... شيخ الطلاب ,, لهذه اللوحة التي أبدع فيها الفضل وفاء لأهل الفضل ...........
ودوماً أقول ليت للأجيـــال التي تلت جيلكم نصف ماكسبتم .... شاهدي لجملة ليت السابقة .....ونحن في الجامعة كان زميلنا ( بدر الدين ونلقبه بدر الدامر) دوماً في الرحلات يقرأ من قصيدة العلامة السيوطي المتضمنة لذكر الخلفاء الراشدين ثم الأمويين ثم العباسيين ومدة وفياتهم وهي في غاية الضبط والجمال ..... حتى سميناها الفرمالة ,, كان يقرأها بنفس طريقة االراحل .... وكذلك كان حديث البروفسير/ مدثر عبدالرحيم ( قريب البروف) في الإحتفال بالذكرى العاشره يــأخذ نفس السمت بحيث أثبت بأن وجود عبدالله الطيب , ومذ كان يلقب بــ عبدالله التلميذ , في التميراب والقرى المجاورة التي يزوارها والتي فيها أخواته وآله وذويه كان نفحة من علم وبركة ........... ومن قصيدة العلامة السيوطي ...
ألحمد لله حمدا لا نفاد له _________ وإنما الحمد حقا رأس من شكرا
ثم الصلاة على الهادي النبي ومن____سادت بنسبته الأشراف والأمرا
إن الأمين رسول الله مبعثه________لأربعين مضت فيما رووا عمرا
وكان هجرته منها لطيبة من________ بعد الثلاثة أعواما تلي عشرا
ومات في عام إحدى بعد عشرتها _ فيا مصيبة أهل الأرض حين سرى
وقام من بعده الصديق مجتهدا ________ وفي ثلاثة عشر بعده قبرا
وهو الذي جمع القرآن في صحف وأول الناس سمي المصحف الزبرا
وقام من بعده الفاروق ثمت في______عشرين بعد ثلاث غيبوا عمرا
وهو الذي اتخذ الديوان وافترض االـعطاء قبل وبيت المـال والدررا
وهو المسمى أمير المؤمنين ولم ___ يدعى به قبله شخص من الأمرا
وقام عثمان حتى جاء مقتله _____. بعد الثلاثين في خمس وقد حصرا
وبعد قام علي ثم مقتله ___________ لأربعين فمن أوداه قد خسرا
سرني كذلك يا استاذي احتفاء المغاربة بالقامة , في إحدى قاعات جامعة سيدي محمد عبدالله بـ "فاس" والتي كان يعمل بها , قناة النيل الأزرق نقلت هذا الإحتفاء " قبل اسبوعين من الذكرى العاشرة" تحدثوا عنه بلطف وأدب , ذاكرين محاسنه وحسن سيرته ,أما الدارسين بالجامعه فرأوه وعاشوه من خلال مقررهم كتاب المرشد الى فهم أشعار العرب وصناعتها ومن زوايا متعدده , صنفوه كأحسن كتب الأدب التي لايستغني عنها طالب علم ,ثم صعد المنبر دكتور مغربي كان جار العلامة الراحل , زاد المكان ألقاً حيث جمع لطائف تعامل السودانيين وأريحيتهم في شخص البروف وزوجته حينما ودعاه مغادرين , أهديا أسرته معظم مقتنيات المنزل من أثاث ولوازم غرفة الجلوس وبعض أواني المطبخ ودولاب مكتبة ,......وســــــلحفاة ,, لازالت تعيش معهم , وأردف قائلاً : لقد تقدمت بها السنون فهي لا تتحرك إلاّ قليلا ويقيني أنه قد راعها ما راعنا بعد رحيله , فأتيناها بسلحفاة ترافقها لتأنس وحدتها وتبدد وحشتها ................
ثم الصلاة على الهادي النبي ومن____سادت بنسبته الأشراف والأمرا
إن الأمين رسول الله مبعثه________لأربعين مضت فيما رووا عمرا
وكان هجرته منها لطيبة من________ بعد الثلاثة أعواما تلي عشرا
ومات في عام إحدى بعد عشرتها _ فيا مصيبة أهل الأرض حين سرى
وقام من بعده الصديق مجتهدا ________ وفي ثلاثة عشر بعده قبرا
وهو الذي جمع القرآن في صحف وأول الناس سمي المصحف الزبرا
وقام من بعده الفاروق ثمت في______عشرين بعد ثلاث غيبوا عمرا
وهو الذي اتخذ الديوان وافترض االـعطاء قبل وبيت المـال والدررا
وهو المسمى أمير المؤمنين ولم ___ يدعى به قبله شخص من الأمرا
وقام عثمان حتى جاء مقتله _____. بعد الثلاثين في خمس وقد حصرا
وبعد قام علي ثم مقتله ___________ لأربعين فمن أوداه قد خسرا
سرني كذلك يا استاذي احتفاء المغاربة بالقامة , في إحدى قاعات جامعة سيدي محمد عبدالله بـ "فاس" والتي كان يعمل بها , قناة النيل الأزرق نقلت هذا الإحتفاء " قبل اسبوعين من الذكرى العاشرة" تحدثوا عنه بلطف وأدب , ذاكرين محاسنه وحسن سيرته ,أما الدارسين بالجامعه فرأوه وعاشوه من خلال مقررهم كتاب المرشد الى فهم أشعار العرب وصناعتها ومن زوايا متعدده , صنفوه كأحسن كتب الأدب التي لايستغني عنها طالب علم ,ثم صعد المنبر دكتور مغربي كان جار العلامة الراحل , زاد المكان ألقاً حيث جمع لطائف تعامل السودانيين وأريحيتهم في شخص البروف وزوجته حينما ودعاه مغادرين , أهديا أسرته معظم مقتنيات المنزل من أثاث ولوازم غرفة الجلوس وبعض أواني المطبخ ودولاب مكتبة ,......وســــــلحفاة ,, لازالت تعيش معهم , وأردف قائلاً : لقد تقدمت بها السنون فهي لا تتحرك إلاّ قليلا ويقيني أنه قد راعها ما راعنا بعد رحيله , فأتيناها بسلحفاة ترافقها لتأنس وحدتها وتبدد وحشتها ................
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
رد: الله ... الله... يا عبدالله
شكرا استاذنا الجليل الفضل و ياخى كتر خيرك كتير فالدكتور عبدالله الطيب قامة تستحق فتح الف بوست
لكم هذه المرثية التى كتبها دكتور الحبر يوسف نورالدائم
[rtl]أسفي عليك بدمعنا ممهــــور يامن أضاء لعلمه الديجـور[/rtl]
[rtl]إما رآني من يظن بي النهـــى ولها لفقدك إنني معــذور[/rtl]
[rtl]طار الحجى مذ طرت أسال عنكم من قد لقيت وخاطري مكسور [/rtl]
[rtl]ها ذاك عبد الله مالي حيلــــة والحزن يعصف أيها النحرير[/rtl]
[rtl]ما كان سيفك مغمدا في جفــره سيف سنين الشفرتين جهـير[/rtl]
[rtl]حتى رأيتك للفراش ملازمـــا والعهد أنك لا يراك ســرير[/rtl]
[rtl]وأطبة الإفرنــج حولك ســهم يرتد طرف عن سناك حسـير[/rtl]
[rtl]عجز الاطبة عن تتبع دائـــه كل تقطـع وهو عنك بهـير[/rtl]
[rtl]هذى الوفيـة حولـها من أهلهـا زمر تجمهر حولها جمهـور[/rtl]
[rtl]ولقد دعتنــي للتلاوة إنهـــا مثل تفرد في الوفــاء كبير[/rtl]
[rtl]كان الوفى لها فأوفـــت ذمـة في حقبة فيها الوفاء عسـير[/rtl]
[rtl]لله درى إذ أروح متمتـمـــا ( يارب سلم ) والقضا مسطور[/rtl]
[rtl]ذهب الذى قد كان واحد دهـره علما تواصل والعلوم ســفير[/rtl]
[rtl]علم حواه الصدر منك فلم نكـن الا بنور من ضـياك نســير [/rtl]
[rtl]علم تفجــر من جنان صـادق جم الفضــائل ما لهن نظـير[/rtl]
[rtl]الصــبر منك سجية محمـودة يامن بصــبرك أبرد المحرور[/rtl]
[rtl]سارت بذكرك في الأنام نجـائب غر الوجـوه وغرد العصــفور[/rtl]
[rtl]آتاك ربك نعمـــة ممــدودة فأخضر عودك وانبرى مزمـور[/rtl]
[rtl]هذى الفضائل قد نشرت عبيـرها عطرا تفوح فيضه المســحور [/rtl]
[rtl]علم وحلم واســتقامة منهــج في البحث طال البحث والتنقـير[/rtl]
[rtl]نقبت تطلب في العلــوم مآثرا ثمرات كسـبك يانع ونضــير[/rtl]
[rtl]ثمرات كســبك كوكـب متألق زهر تفتق كســبكم مشـكور[/rtl]
[rtl]في كل منحى ماهـر متوثــب لولاك ما كشف الظلام بصير[/rtl]
[rtl]لولاك ماعـرف الطريق قبيـل لولاك ماعرف الطريق دبـير[/rtl]
[rtl]علمتنا ورعيتـــنا متعهــدا فضل لعمر أبيك منك غـزير [/rtl]
[rtl]ولئن رثيــتك فالرثاء عزيـز ولئن مدحتك نالنى التقصـير[/rtl]
[rtl]كيف الرثاء وقلبى المفطــور كيف الرثاء ولبى المشـطور [/rtl]
[rtl]كيف الوداع وفى الفؤاد شـظية إن الوداع لمثلكم محظــور [/rtl]
[rtl]كيف الوداع وطيف شخصك ماثل ملأ الجوانح والجنى مكـرور[/rtl]
[rtl]أحببت فيك تواضــعا ذا رفعة نعم الشـفيق ومجلس معمور[/rtl]
[rtl]آنستني والود منك مســاعف فمن المؤانس إنني محسـور[/rtl]
[rtl]ألفيت منك معلـما ذا مــرة وجه أغـر ومنطق مبــرور [/rtl]
[rtl]قد كنت لي كهـفا اليـه مآبتى إن شاط زرعي فالبيان مطـير[/rtl]
[rtl]ولقد مدحتك في حياتك مخلصا حاء تفور وبحرها مســجور[/rtl]
[rtl]راء تدفــق بالبيــان كأنها قبس لعبد الله مــنك منيـر[/rtl]
[rtl]رأى سـديد والمعارف جمـة والشعر منك فرزدق وجـرير[/rtl]
[rtl]النثر منك شريعة وضــاءة لإبن العمـيد زمخشـر وأثير [/rtl]
[rtl]نلت العلوم أصولها وفصولها ويلذ منك الشــرح والتفسير[/rtl]
[rtl]جهل الفصاحة من يظنك مغربا أحيا الفصاحة سامر وسـمير[/rtl]
[rtl]إن الفصاحة لا تبارح أهلهـا لله درك إننــي مســحور [/rtl]
[rtl]يا أيها المنطــيق انى وامق إما نطقت تكشـف المسـتور [/rtl]
[rtl]إما نطقت لويت عنقا سـاطعا والقوم صـمت كلهم مأسـور[/rtl]
[rtl]منى السلام عليك أبين ناطـق يامن بكتك صـحائف وسطور [/rtl]
[rtl]خلفت بعدك لوعــة ملتاعة لم ينج منها جـازع وصـبور [/rtl]
[rtl]خلفت بعدك دمعة مهــراقة يامن بكاك النظم والمنثــور[/rtl]
[rtl]سـقيا لقبرك لايزال تدفقــا بسحائب الرحمات منك همور[/rtl]
[rtl]ثم الصلاة على النبي محمـد مالاح برق أو ترنم صــور [/rtl]
فيصل خليل حتيلة- مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
رد: الله ... الله... يا عبدالله
شكراً لكم جميعا على المرور الجميل وبخاصة قصيدة العلامة مولانا الحبر يوسف أحد تلاميذ الراحل الضخام من حفظة الجميل لفقيد الأمة الغالي ...
أجمل ما قرأت عن طيب الذكر البروفيسور عبدالله الطيب بعد وفاته
نشرت في سودانيزأونلاين
و جــــاء يوم شــــكره :
بقلم كمال الجزولي
يقيناً إن مسبحة بأكملها من الدهور سوف تكرُّ قبل أن تتكرَّر ، وقد لا تتكرَّر ، فى بلادنا قامة علميَّة وإبداعيَّة سامقة فى موسوعيَّة وفرادة عبد الله الطيب الذى روِّعت البلاد بفقده مؤخراً، بعد غربة لم تشأ إرادة الله وحكمته أن تردها طوال الفترة الماضية ، ولا رادَّ لإرادته، ولا معقب على مشيئته ، ولا حول ولا قوة إلا به.
ملأ العزيز الراحل الدنيا وشغل الناس لأكثر من نصف قرن جادت خلاله عبقريته بأسفاره ونتاجاته الأدبية الذائعة فى مطاوى ثقافة المستعربين السودانيين: "المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها" الذى بهر طه حسين فى زمانه فقال فيه قولاً مجيداً ، بالاضافة إلى "التماسة عزاء بين الشعراء" ، و"شرح بائيَّة علقمة ـ طحا بك قلب" ، و"سقط الزند الجديد" ، و"بين النير والنور" ، و"من نافذة القطار" ، و"القصيدة المادحة" ، و"حقيبة الذكريات"، و"بانات رامة"، و"أصداء النيل" ، و"أغانى الأصيل" ، و"زواج السمر" ، و"الأحاجى السودانية" ، و"ذكرى صديقين" الذى أعتز بنسخة منه أهداها لى عام 1987م ممهورة بتوقيعه المهيب ، والكثير ، إلى ذلك ، من الدراسات والمقالات المنشورة داخل وخارج السودان.
كذلك عكف ، رحمه الله ، على تفسير القرآن الكريم إذاعياً ، بعاميَّة قومه التى أولاها عنايته وارتقى بشأنها ، على ولع مشهود له بالفصحى وعلومها. وانتهج فى ذلك نهجاً مُيَسَّراً نأى به عن التنطع والشطط والغلوِّ فى التأويل. وأكمل فى عام 1969م هذا العمل الجليل الذى كان قد ابتدأه عام 1960م. ثم طبع ونشر "تفسير جزء عمَّ" عام 1970م ، و"تفسير جزء تبارك" عام 1989م ، وما يزال تفسير قد سمع" ينتظر النشر مذ فرغ من إعداده قبل مرضه الأخير. مع ذلك فقد كان الفقيد يرفض بحزم أن يلقب بالشيخ" ، ويصرُّ على تأكيد مقاربته لهذا المجال من موقع "الأفندى" ، فحسب! ولعل تلك الفرادة غير المسبوقة أو الملحوقة تستحق وحدها تأملاً خاصاً فى باب السيرة الملتبسة لانتلجينسيا المستعربين المسلمين فى السودان!
وإلى جانب ذلك كله قدَّم الفقيد آلاف المحاضرات التى تتشابك فيها معارف اللغة ، والأدب ، والتاريخ ، والدين ، والأجناس ، والفلسفة ، والمنطق ، والاجتماع وغيرها ، ليس فقط لطلابه فى الجامعة ، بل ولملايين الناس الذين ظل يتوسَّل إليهم حيثما كانوا ، داخل وخارج الوطن ، بجهازى الراديو والتلفزيون ، وظلوا يترقبون مواقيت إطلالاته البهيَّات على أحرِّ من الجمر ، فقد حباه الله جاذبية تشدُّ إليه سامعيه وقارئيه ، اتفقوا أم اختلفوا معه! وهى ذات الجاذبية التى لطالما جعلت أفئدة من أصدقائه الكثيرين تهوى إليه فى مستوى العلاقات الانسانية العادية. وقد قدر لى أن ألمس شيئاً من ذلك بوجه خاص ، ذات زمان مضى ، من خلال تواصله الانسانى الحميم مع بعض أولئك الأصدقاء ببيت المرحوم عصمت زلفو. ولكم أدهشنى ، مرَّة ، أثناء مباراة شطرنج ساخنة بينه وبين الأستاذ محمد ابراهيم خليل ، وسط صمت الجميع وهم يتابعونها باهتمام وشغف ، عندما انطلق ينشد ، فجأة ، بين نقلة وأخرى ، أغنية "يا سمسم القضارف" ، بصوت غاية فى العذوبة ، وبكلمات لم أكن قد سمعتها من قبل ، لا عند الفلاتية ولا عند أبو داود! ولمَّا أبديت دهشتى تلك لعلى المك ، أجابنى مبتسماً: "أووه .. إن لديه الكثير من هذا"!
كانت علائق الفقيد "بالمحدثين" من شباب الشعراء والأدباء آية فى الادهاش ، تماماً كعلاقته بقضية الحداثة" ذاتها. فعلى حين كان يرحب ، لسبب ما ، بأن يشاع عنه التزمُّت فى استهجان الحداثة الشعرية: "باطل حَنْبَريت" ، فإن الثابت التاريخىَّ ، للغرابة ، ضربه هو نفسه بسهم وافر فى التأسيس لها بقصيدته الباكرة "الكأس التى تحطمت" ، عام 1946م ، والتى سبقت قصيدة "الكوليرا" لنازك الملائكة ، و"هل كان حباً" لبدر شاكر السيَّاب ، وكلتاهما كتبتا عام 1947م ، ومع ذلك ما ينفكُّ النقد العربى يؤرخ لبدايات القصيدة الحديثة بهتين ، غير عابئ بتلك ، أو ، ربما ، غير عالم بها! أما فى مستوى علائقه بشعراء الحداثة بمختلف أجيالهم ، فإننى أشهد أنهم كانوا يسعون إليه ، فيمنحهم من وقته الثمين بسخاء ، يوادُّهم ، ويُسمِعهم ، ويَسمَع منهم. وكان أوَّل عهدى بالتجرؤ على الاقتراب منه حين حملت إليه بمكتبه بالجامعة ، متهيِّباً ومتردداً ، بعض شعر كنت اصطنعته ، وأنا ، بعد ، متأدب شاب ، أواخر ستينات القرن الماضى ، فهدَّأ روعى ، وأسكن بلبالى ، وقال لى قولاً حانياً طيباً لا زلت أحفظ منه أن علىَّ ألا أخاف من اللغة ، وأن أجعلها تتبعنى ولا أتبعها، فذاك ، على حدِّ تعبيره ، نهج شعراء العربية العظام.
واستطراداً فقد أسدى لى الفيتورى ، بعد عشرين عاماً ، ذات النصيحة ، وبذات العبارة تقريباً ، وزاد بأن ذكرنى باستعلاء أبى الطيب على نقاده فى بلاط سيف الدولة عندما أنشد: "إن كان بعض الناس سيفاً لدولة / ففى الناس بوقات لها وطبول" ، فحاولوا القبض عليه متلبساً بالخطأ المشهود فى جمع "بوق" على "بوقات" وليس على "أبواق" ، ولكنه أجابهم بصلف: "وإذن فسيروا من يومكم هذا فى الناس وقولوا إنها تجمع على بوقات لأن أبا الطيب جمعها هكذا"! وكنت سمعت عبد الله الطيب يمدح العميد يوسف بدرى ، يوم الاحتفال بتسعينيته ، قائلاً عنه: "إنه رجل إنسلاطى" ، وبحثت عنها فى "لسان العرب" فلم أجدها ، وإن كنت فهمتها وأيقنت أنها مما كان يسكه العالم الفقيد أحياناً بلا وجل! بل أدهشنى أن وجدت نسباً قوياً يربط بينها وبين كلمة أخرى كنت سمعتها من العميد الراحل يوسف قبل عشر سنوات من ذلك ، وهو يحاول أن ينقل لى ، أثناء اجتماع لمؤسسى جامعة أم درمان الأهلية فى بيت المرحوم محمد سيد احمد سوار الدهب ، إطمئنانه إلى أن المشروع سوف ينجح ، وذلك عندما همست له ، وكان مجلسى إلى جواره ، بانزاعجى من المصاعب الجمَّة التى تحتوش المشروع ، قال: "يا كمال يا ولدى أم درمان دى ربنا سخر ليها ناس مسلطين" ، وأومأ برأسه إلى الحضور الكريم. ففهمت أنه إنما كان يستدعى خبرة "المدرسة الأهلية" و"معهد القرش" وغيرهما ، إستبشاراً بتقاليد العمل الطوعى فى المدينة ، وبأولئك الذين "جعلوا الخدمة فى الحىِّ نخوة وابتدارا" ، على قول المجذوب ، وهو ذات المعنى الذى قصد إليه عبد الله الطيب فى الاحتفال بتسعينية يوسف بدرى نفسه ، وكانت الجامعة الأهلية قد نهضت ، أوان ذاك ، كما الطود الأشم ، فتأمَّل!
وقد خلص عبد الله الطيب فى "مرشده" إلى أن من وجوه الخطأ الاعتقاد بأن الخليل بن أحمد الفراهيدى قد اخترع علم العروض ليتبعه الشعراء ، لأن العكس هو الصحيح ، حيث أنه هو الذى تقصَّى ما أنجزه الشعراء فقننه. ولكم أطرب عبد الله الطيب شعرٌ على نسق التفعيلة ووحدة القصيدة ، وليس وحدة البيت المقفل فى العمود الشعرى ، ولكم نصح بما يستقيم به وزن هنا أو تشرق به قافية هناك ، دون أن يعترض ، من حيث المبدأ ، على نسق التفعيلة ذاته ، برغم تلك الدمغة المرعبة المهيبة: "باطل حنبريت"! وانظر ، إن شئت ، كيف تلازم عنده ، تلازماً مُركباً ، هجومه النقدىُّ الشهير على ت. س. إليوت ، وتحذيره المغلظ من مغبة الفتنة به ، مع ترحيبه الحار بتنظير هذا الحداثى العتيد لمسئولية الشاعر عن "حراسة لغة القبيلة"! بل لا تمش بعيداً ، وانظر أيضاً ، إن أردت ، كيف كان يبتهج بمغامرات المجذوب الشعرية ـ "شحاذ فى الخرطوم" ، مثلاً ـ والتى طالت حتى ما صار يعرف الآن بقصيدة النثر ، أو تأمَّل فى محبته لصلاح احمد ابراهيم ، وهو الذى كسر عمود الشعر "طق" ، على قوله بنفسه!! وأما فى مستوى القول الأدبى النثرى فأحيلك إلى "التماسة عزاء" و"من نافذة القطار" ، مثلاً ، لتلمس بنفسك نماذج من الاعلاء الحداثى معنى ومبنى ، ثم لك أن تتأمل أيضاً علاقة المودة الابداعية التى ربطت بينه وبين تلميذه على المك حالة كونه قاصاً مستغرقاً فى تجارب الحداثة ، بل وأن تتأمَّل هذه المحبة التى أحاطه بها تلاميذه الكثر ، وجُلهم من الحداثيين ، إلى حدِّ أن بعضهم هجر مقاعد الدراسة فى كليات الطب والعلوم وانتقل إلى كلية الآداب .. كيلا تفوته محاضرات عبد الله الطيب التى كان يضفى عليها من حضوره الآسر طابع الأنس اللطيف ، بالغاً ما بلغت موضوعاتها من الوعورة والعمق!
كثير مثل هذا مما يشى بتركيب فى النظر والفكر والتذوُّق أحسب أنه ما يزال بانتظار الباحث الصبور والناقد الصَّيْرَفِى ، يسبر غوره ويفض طلسمه ، فليس عبد الله الطيب ممن يؤمَن جانبُ التبسيط فى مقاربة أبعاده وافرة التعدد والألوان والثراء!! وقد احتفى ، عليه رحمة الله ، أيَّما احتفاء ، باتحاد الكتاب الذى كنا أنشأناه أواسط الثمانينات. ولعل الكثيرين ما زالوا يذكرون ، ضمن أجمل ذكرياتهم ، تلك السهرة الرمضانية من برنامج "أمسيات الامتاع والمؤانسة" ، والتى قضوها فى حضرته بدار الاتحاد ، وقد تربع على عنقريب" فى وسط الحديقة يحدثهم ، حتى وقت السحور ، عن السباحة ، والزوارق ، والتعليم ، ووليم بليك ، وأحمد الطيب ، وشكسبير ، والكلية القديمة ، والخرطوم زمان ، ومسرح بخت الرضا ، وجماليات اللغة القرآنية ، وإشراقات السيرة النبوية ، والعيد فى دامر المجاذيب ، وصعلكة الشنفرى وسحيم عبد بنى الحسحاس ، مثلما يذكرون ، ولا بد ، كيف انخرطوا فى ضحك مجلجل حين أجاب على مشاغبتى له حول السر وراء معرفته المذهلة بدقائق ألعاب الكوتشينة ، مما كشفت عنه صفحات كاملة من "التماسة عزاء" ، قائلاً: "ذاك سفهٌ تعلمناه من أولاد الخرطوم التى جئناها ونحن ، بعد ، قرويون أقحاح"!!
من جانبنا اعتبرناه رئيساً شرفياً نضع الزيارة لمنزله على رأس برنامج ضيوفنا من الكتاب الأجانب. وحين زرناه ، ذات مرة ، على المك وبشرى الفاضل وشخصى برفقة سيرغى بروزدين ، رئيس الهيئة الادارية لاتحاد الكتاب السوفيت ، وقتها ، والذى كان يشاركه الاهتمام بالأحاجى الشعبية ، بالاضافة إلى إيغور يرماكوف مترجم "عرس الزين" إلى الروسيَّة ، أثار ، على نحو خاص ، مسألة حقوق المؤلف ، وشكا مُرَّ الشكوى من أنه ، لما ذهب للعمل بنيجيريا ، فوجئ بطبعات من مؤلفاته تباع هناك ، ولما يكن قد أذن بها ، أو حتى سمع عنها من قبل. وقد أفضت بنا مشاورات تلك الأمسية إلى خطوط عامة لمشروع حماية مشتركة للحقوق نقوم بتطويره لاحقاً مع عدد من الاتحادات الشقيقة فى آسيا وأفريقيا بخاصة. غير أن "المنيَّة" سرعان ما عاجلت الاتحاد ، ثم أخذت بروزدين ، ثم ها هى قد أخذت فقيدنا العزيز ، بينما لا تزال مؤلفاته نهباً لقرصنة الورَّاقين فى نيجيريا وربما فى غيرها .. الله وحده يعلم!
اللهم هذا عبد الله جاء إلى رحابك ، فارحمه ، واغفر له ، واحسن إليه ، بقدر ما أحسن لتديُّن قومه ، وللعلم والثقافة والأدب واللغة ، وحاشا أن نزكيه عليك ، وأجب ، يا رب، دعوات الآلاف من بسطاء شعبه وتلاميذه الذين أمطروا جثمانه وقبره بالدمع الهتون لحظة الوداع الأخير ، ودعوات الملايين داخل وخارج السودان ممَّن لم يتمكنوا من المشاركة فى التشييع ، وادخله ، اللهم ، فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
أجمل ما قرأت عن طيب الذكر البروفيسور عبدالله الطيب بعد وفاته
نشرت في سودانيزأونلاين
و جــــاء يوم شــــكره :
بقلم كمال الجزولي
يقيناً إن مسبحة بأكملها من الدهور سوف تكرُّ قبل أن تتكرَّر ، وقد لا تتكرَّر ، فى بلادنا قامة علميَّة وإبداعيَّة سامقة فى موسوعيَّة وفرادة عبد الله الطيب الذى روِّعت البلاد بفقده مؤخراً، بعد غربة لم تشأ إرادة الله وحكمته أن تردها طوال الفترة الماضية ، ولا رادَّ لإرادته، ولا معقب على مشيئته ، ولا حول ولا قوة إلا به.
ملأ العزيز الراحل الدنيا وشغل الناس لأكثر من نصف قرن جادت خلاله عبقريته بأسفاره ونتاجاته الأدبية الذائعة فى مطاوى ثقافة المستعربين السودانيين: "المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها" الذى بهر طه حسين فى زمانه فقال فيه قولاً مجيداً ، بالاضافة إلى "التماسة عزاء بين الشعراء" ، و"شرح بائيَّة علقمة ـ طحا بك قلب" ، و"سقط الزند الجديد" ، و"بين النير والنور" ، و"من نافذة القطار" ، و"القصيدة المادحة" ، و"حقيبة الذكريات"، و"بانات رامة"، و"أصداء النيل" ، و"أغانى الأصيل" ، و"زواج السمر" ، و"الأحاجى السودانية" ، و"ذكرى صديقين" الذى أعتز بنسخة منه أهداها لى عام 1987م ممهورة بتوقيعه المهيب ، والكثير ، إلى ذلك ، من الدراسات والمقالات المنشورة داخل وخارج السودان.
كذلك عكف ، رحمه الله ، على تفسير القرآن الكريم إذاعياً ، بعاميَّة قومه التى أولاها عنايته وارتقى بشأنها ، على ولع مشهود له بالفصحى وعلومها. وانتهج فى ذلك نهجاً مُيَسَّراً نأى به عن التنطع والشطط والغلوِّ فى التأويل. وأكمل فى عام 1969م هذا العمل الجليل الذى كان قد ابتدأه عام 1960م. ثم طبع ونشر "تفسير جزء عمَّ" عام 1970م ، و"تفسير جزء تبارك" عام 1989م ، وما يزال تفسير قد سمع" ينتظر النشر مذ فرغ من إعداده قبل مرضه الأخير. مع ذلك فقد كان الفقيد يرفض بحزم أن يلقب بالشيخ" ، ويصرُّ على تأكيد مقاربته لهذا المجال من موقع "الأفندى" ، فحسب! ولعل تلك الفرادة غير المسبوقة أو الملحوقة تستحق وحدها تأملاً خاصاً فى باب السيرة الملتبسة لانتلجينسيا المستعربين المسلمين فى السودان!
وإلى جانب ذلك كله قدَّم الفقيد آلاف المحاضرات التى تتشابك فيها معارف اللغة ، والأدب ، والتاريخ ، والدين ، والأجناس ، والفلسفة ، والمنطق ، والاجتماع وغيرها ، ليس فقط لطلابه فى الجامعة ، بل ولملايين الناس الذين ظل يتوسَّل إليهم حيثما كانوا ، داخل وخارج الوطن ، بجهازى الراديو والتلفزيون ، وظلوا يترقبون مواقيت إطلالاته البهيَّات على أحرِّ من الجمر ، فقد حباه الله جاذبية تشدُّ إليه سامعيه وقارئيه ، اتفقوا أم اختلفوا معه! وهى ذات الجاذبية التى لطالما جعلت أفئدة من أصدقائه الكثيرين تهوى إليه فى مستوى العلاقات الانسانية العادية. وقد قدر لى أن ألمس شيئاً من ذلك بوجه خاص ، ذات زمان مضى ، من خلال تواصله الانسانى الحميم مع بعض أولئك الأصدقاء ببيت المرحوم عصمت زلفو. ولكم أدهشنى ، مرَّة ، أثناء مباراة شطرنج ساخنة بينه وبين الأستاذ محمد ابراهيم خليل ، وسط صمت الجميع وهم يتابعونها باهتمام وشغف ، عندما انطلق ينشد ، فجأة ، بين نقلة وأخرى ، أغنية "يا سمسم القضارف" ، بصوت غاية فى العذوبة ، وبكلمات لم أكن قد سمعتها من قبل ، لا عند الفلاتية ولا عند أبو داود! ولمَّا أبديت دهشتى تلك لعلى المك ، أجابنى مبتسماً: "أووه .. إن لديه الكثير من هذا"!
كانت علائق الفقيد "بالمحدثين" من شباب الشعراء والأدباء آية فى الادهاش ، تماماً كعلاقته بقضية الحداثة" ذاتها. فعلى حين كان يرحب ، لسبب ما ، بأن يشاع عنه التزمُّت فى استهجان الحداثة الشعرية: "باطل حَنْبَريت" ، فإن الثابت التاريخىَّ ، للغرابة ، ضربه هو نفسه بسهم وافر فى التأسيس لها بقصيدته الباكرة "الكأس التى تحطمت" ، عام 1946م ، والتى سبقت قصيدة "الكوليرا" لنازك الملائكة ، و"هل كان حباً" لبدر شاكر السيَّاب ، وكلتاهما كتبتا عام 1947م ، ومع ذلك ما ينفكُّ النقد العربى يؤرخ لبدايات القصيدة الحديثة بهتين ، غير عابئ بتلك ، أو ، ربما ، غير عالم بها! أما فى مستوى علائقه بشعراء الحداثة بمختلف أجيالهم ، فإننى أشهد أنهم كانوا يسعون إليه ، فيمنحهم من وقته الثمين بسخاء ، يوادُّهم ، ويُسمِعهم ، ويَسمَع منهم. وكان أوَّل عهدى بالتجرؤ على الاقتراب منه حين حملت إليه بمكتبه بالجامعة ، متهيِّباً ومتردداً ، بعض شعر كنت اصطنعته ، وأنا ، بعد ، متأدب شاب ، أواخر ستينات القرن الماضى ، فهدَّأ روعى ، وأسكن بلبالى ، وقال لى قولاً حانياً طيباً لا زلت أحفظ منه أن علىَّ ألا أخاف من اللغة ، وأن أجعلها تتبعنى ولا أتبعها، فذاك ، على حدِّ تعبيره ، نهج شعراء العربية العظام.
واستطراداً فقد أسدى لى الفيتورى ، بعد عشرين عاماً ، ذات النصيحة ، وبذات العبارة تقريباً ، وزاد بأن ذكرنى باستعلاء أبى الطيب على نقاده فى بلاط سيف الدولة عندما أنشد: "إن كان بعض الناس سيفاً لدولة / ففى الناس بوقات لها وطبول" ، فحاولوا القبض عليه متلبساً بالخطأ المشهود فى جمع "بوق" على "بوقات" وليس على "أبواق" ، ولكنه أجابهم بصلف: "وإذن فسيروا من يومكم هذا فى الناس وقولوا إنها تجمع على بوقات لأن أبا الطيب جمعها هكذا"! وكنت سمعت عبد الله الطيب يمدح العميد يوسف بدرى ، يوم الاحتفال بتسعينيته ، قائلاً عنه: "إنه رجل إنسلاطى" ، وبحثت عنها فى "لسان العرب" فلم أجدها ، وإن كنت فهمتها وأيقنت أنها مما كان يسكه العالم الفقيد أحياناً بلا وجل! بل أدهشنى أن وجدت نسباً قوياً يربط بينها وبين كلمة أخرى كنت سمعتها من العميد الراحل يوسف قبل عشر سنوات من ذلك ، وهو يحاول أن ينقل لى ، أثناء اجتماع لمؤسسى جامعة أم درمان الأهلية فى بيت المرحوم محمد سيد احمد سوار الدهب ، إطمئنانه إلى أن المشروع سوف ينجح ، وذلك عندما همست له ، وكان مجلسى إلى جواره ، بانزاعجى من المصاعب الجمَّة التى تحتوش المشروع ، قال: "يا كمال يا ولدى أم درمان دى ربنا سخر ليها ناس مسلطين" ، وأومأ برأسه إلى الحضور الكريم. ففهمت أنه إنما كان يستدعى خبرة "المدرسة الأهلية" و"معهد القرش" وغيرهما ، إستبشاراً بتقاليد العمل الطوعى فى المدينة ، وبأولئك الذين "جعلوا الخدمة فى الحىِّ نخوة وابتدارا" ، على قول المجذوب ، وهو ذات المعنى الذى قصد إليه عبد الله الطيب فى الاحتفال بتسعينية يوسف بدرى نفسه ، وكانت الجامعة الأهلية قد نهضت ، أوان ذاك ، كما الطود الأشم ، فتأمَّل!
وقد خلص عبد الله الطيب فى "مرشده" إلى أن من وجوه الخطأ الاعتقاد بأن الخليل بن أحمد الفراهيدى قد اخترع علم العروض ليتبعه الشعراء ، لأن العكس هو الصحيح ، حيث أنه هو الذى تقصَّى ما أنجزه الشعراء فقننه. ولكم أطرب عبد الله الطيب شعرٌ على نسق التفعيلة ووحدة القصيدة ، وليس وحدة البيت المقفل فى العمود الشعرى ، ولكم نصح بما يستقيم به وزن هنا أو تشرق به قافية هناك ، دون أن يعترض ، من حيث المبدأ ، على نسق التفعيلة ذاته ، برغم تلك الدمغة المرعبة المهيبة: "باطل حنبريت"! وانظر ، إن شئت ، كيف تلازم عنده ، تلازماً مُركباً ، هجومه النقدىُّ الشهير على ت. س. إليوت ، وتحذيره المغلظ من مغبة الفتنة به ، مع ترحيبه الحار بتنظير هذا الحداثى العتيد لمسئولية الشاعر عن "حراسة لغة القبيلة"! بل لا تمش بعيداً ، وانظر أيضاً ، إن أردت ، كيف كان يبتهج بمغامرات المجذوب الشعرية ـ "شحاذ فى الخرطوم" ، مثلاً ـ والتى طالت حتى ما صار يعرف الآن بقصيدة النثر ، أو تأمَّل فى محبته لصلاح احمد ابراهيم ، وهو الذى كسر عمود الشعر "طق" ، على قوله بنفسه!! وأما فى مستوى القول الأدبى النثرى فأحيلك إلى "التماسة عزاء" و"من نافذة القطار" ، مثلاً ، لتلمس بنفسك نماذج من الاعلاء الحداثى معنى ومبنى ، ثم لك أن تتأمل أيضاً علاقة المودة الابداعية التى ربطت بينه وبين تلميذه على المك حالة كونه قاصاً مستغرقاً فى تجارب الحداثة ، بل وأن تتأمَّل هذه المحبة التى أحاطه بها تلاميذه الكثر ، وجُلهم من الحداثيين ، إلى حدِّ أن بعضهم هجر مقاعد الدراسة فى كليات الطب والعلوم وانتقل إلى كلية الآداب .. كيلا تفوته محاضرات عبد الله الطيب التى كان يضفى عليها من حضوره الآسر طابع الأنس اللطيف ، بالغاً ما بلغت موضوعاتها من الوعورة والعمق!
كثير مثل هذا مما يشى بتركيب فى النظر والفكر والتذوُّق أحسب أنه ما يزال بانتظار الباحث الصبور والناقد الصَّيْرَفِى ، يسبر غوره ويفض طلسمه ، فليس عبد الله الطيب ممن يؤمَن جانبُ التبسيط فى مقاربة أبعاده وافرة التعدد والألوان والثراء!! وقد احتفى ، عليه رحمة الله ، أيَّما احتفاء ، باتحاد الكتاب الذى كنا أنشأناه أواسط الثمانينات. ولعل الكثيرين ما زالوا يذكرون ، ضمن أجمل ذكرياتهم ، تلك السهرة الرمضانية من برنامج "أمسيات الامتاع والمؤانسة" ، والتى قضوها فى حضرته بدار الاتحاد ، وقد تربع على عنقريب" فى وسط الحديقة يحدثهم ، حتى وقت السحور ، عن السباحة ، والزوارق ، والتعليم ، ووليم بليك ، وأحمد الطيب ، وشكسبير ، والكلية القديمة ، والخرطوم زمان ، ومسرح بخت الرضا ، وجماليات اللغة القرآنية ، وإشراقات السيرة النبوية ، والعيد فى دامر المجاذيب ، وصعلكة الشنفرى وسحيم عبد بنى الحسحاس ، مثلما يذكرون ، ولا بد ، كيف انخرطوا فى ضحك مجلجل حين أجاب على مشاغبتى له حول السر وراء معرفته المذهلة بدقائق ألعاب الكوتشينة ، مما كشفت عنه صفحات كاملة من "التماسة عزاء" ، قائلاً: "ذاك سفهٌ تعلمناه من أولاد الخرطوم التى جئناها ونحن ، بعد ، قرويون أقحاح"!!
من جانبنا اعتبرناه رئيساً شرفياً نضع الزيارة لمنزله على رأس برنامج ضيوفنا من الكتاب الأجانب. وحين زرناه ، ذات مرة ، على المك وبشرى الفاضل وشخصى برفقة سيرغى بروزدين ، رئيس الهيئة الادارية لاتحاد الكتاب السوفيت ، وقتها ، والذى كان يشاركه الاهتمام بالأحاجى الشعبية ، بالاضافة إلى إيغور يرماكوف مترجم "عرس الزين" إلى الروسيَّة ، أثار ، على نحو خاص ، مسألة حقوق المؤلف ، وشكا مُرَّ الشكوى من أنه ، لما ذهب للعمل بنيجيريا ، فوجئ بطبعات من مؤلفاته تباع هناك ، ولما يكن قد أذن بها ، أو حتى سمع عنها من قبل. وقد أفضت بنا مشاورات تلك الأمسية إلى خطوط عامة لمشروع حماية مشتركة للحقوق نقوم بتطويره لاحقاً مع عدد من الاتحادات الشقيقة فى آسيا وأفريقيا بخاصة. غير أن "المنيَّة" سرعان ما عاجلت الاتحاد ، ثم أخذت بروزدين ، ثم ها هى قد أخذت فقيدنا العزيز ، بينما لا تزال مؤلفاته نهباً لقرصنة الورَّاقين فى نيجيريا وربما فى غيرها .. الله وحده يعلم!
اللهم هذا عبد الله جاء إلى رحابك ، فارحمه ، واغفر له ، واحسن إليه ، بقدر ما أحسن لتديُّن قومه ، وللعلم والثقافة والأدب واللغة ، وحاشا أن نزكيه عليك ، وأجب ، يا رب، دعوات الآلاف من بسطاء شعبه وتلاميذه الذين أمطروا جثمانه وقبره بالدمع الهتون لحظة الوداع الأخير ، ودعوات الملايين داخل وخارج السودان ممَّن لم يتمكنوا من المشاركة فى التشييع ، وادخله ، اللهم ، فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
خدورة أم بشق- مشرف منتدى الشعر
رد: الله ... الله... يا عبدالله
نعم الراحل العلامة عبدالله الطيب عندما أكمل مؤلفه الأول ( المرشد إلى فهم أشعار العرب) يقول أحد مجالسيه : إن الدكتور طه حسين تلقاه بإعجاب وتقدير شديدين . وقال : إنه من أهم المؤلفات في القرن العشرين.
كما أن كتابه (مع أبي الطيب) مثّل أحد إسهامات البروفيسور المرموقة ، فقد كان في حينه رؤية نقدية جديدة في شعر وشخصية الشاعر الذي (ملأ الدنيا وشغل الناس) أبي الطيب المتنبيء ، ويشتمل الكتاب على مقدمة وخمسة فصول، ويقوم على أسلوب مبتكر في النقد يميزه ما بين أسلوب القدامى المحدثين ، ويستخدم إلى حد كبير الطريقة السيكولوجية.
وقد أورد الراحل المقيم في سِفره القيم , قاعدة تصلح للتعامل النقدي العام مع الشعر حيث قال : ( والصفاء الموسيقي والتجويد والأحكام كل ذلك لا يرتفع بالشعر كما ترتفع به الحيوية) ، ويشرح ما يقصده بالحيوية قائلا : ( ومرادنا بالحيوية عنصر الشعر المنبيء فيه عن صدق التجربة وعمق الانفعال معا).
وقد أشتمل السِفر المذكور على مقارنات شعرية ، مثل مقارنته بين أشعار أبي الطيب وأبي تمام ، وقد شفع الكاتب سفره بالحواشي حتى لا يترك مجالا للإبهام.
كما عرف الراحل " رحمه الله بالجنة " بقراءاته المتعمقة في الثقافة الغربية وبنقده الرصين والأصيل وترجماته للقصائد الجياد من الشعر الإنجليزي ، وله عدة بحوث في النقد أشهرها بحثه في سرقات " ت. س. اليوت " ذلكم الشاعر الذي مثل علامة فارقة بين الشعر القديم والحديث ، فضلا عن أنه ترك أثرا لا تخطئه العين في اتجاهات وصور وأخيلة وبنية القصيدة العربية الحديثة.
كما أن كتابه (مع أبي الطيب) مثّل أحد إسهامات البروفيسور المرموقة ، فقد كان في حينه رؤية نقدية جديدة في شعر وشخصية الشاعر الذي (ملأ الدنيا وشغل الناس) أبي الطيب المتنبيء ، ويشتمل الكتاب على مقدمة وخمسة فصول، ويقوم على أسلوب مبتكر في النقد يميزه ما بين أسلوب القدامى المحدثين ، ويستخدم إلى حد كبير الطريقة السيكولوجية.
وقد أورد الراحل المقيم في سِفره القيم , قاعدة تصلح للتعامل النقدي العام مع الشعر حيث قال : ( والصفاء الموسيقي والتجويد والأحكام كل ذلك لا يرتفع بالشعر كما ترتفع به الحيوية) ، ويشرح ما يقصده بالحيوية قائلا : ( ومرادنا بالحيوية عنصر الشعر المنبيء فيه عن صدق التجربة وعمق الانفعال معا).
وقد أشتمل السِفر المذكور على مقارنات شعرية ، مثل مقارنته بين أشعار أبي الطيب وأبي تمام ، وقد شفع الكاتب سفره بالحواشي حتى لا يترك مجالا للإبهام.
كما عرف الراحل " رحمه الله بالجنة " بقراءاته المتعمقة في الثقافة الغربية وبنقده الرصين والأصيل وترجماته للقصائد الجياد من الشعر الإنجليزي ، وله عدة بحوث في النقد أشهرها بحثه في سرقات " ت. س. اليوت " ذلكم الشاعر الذي مثل علامة فارقة بين الشعر القديم والحديث ، فضلا عن أنه ترك أثرا لا تخطئه العين في اتجاهات وصور وأخيلة وبنية القصيدة العربية الحديثة.
علنا نوفق ( رواد المنتدى ) في تدارس هذا العمق الثــقافي للراحل من خلال هذا البوست ...........
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
رد: الله ... الله... يا عبدالله
العزيز الفاتح هذا ما قاله طه حسين في عبدالله الطيب ولها بعد ذلك قصة تروى سأتأكد لك منها:
يقول الدكتور طه حسين:
" هذا كتاب ممتع إلى أبعد غايات الإمتاع، لا أعرف أن مثله أتيح لنا في هذا العصر الحديث.
ولست أقول هذا متكثّراً أو غالياً، أو مؤثراً إرضاء صاحبه، وإنما أقوله عن ثقة وعن بيّنة، ويكفي أني لم أكن أعرف الأستاذ المؤلف قبل أن يزورني ذات يوم، ويتحدث إليّ عن كتابه هذا، ويترك لي أياماً لأظهر على بعض ما فيه، ثم لم أكد أقرأ منه فصولاً، حتى رأيت الرضى عنه، والإعجاب به، يفرضان عليّ فرضاً، وحتى رأيتني ألح على الأستاذ المؤلف أن ينشر كتابه، وأن يكون نشره في مصر، وآخذ نفسي بتيسير العسير من أمر هذا النشر. وأشهد لقد كان الأستاذ المؤلف متحفظاً متحرجاً، يتردد في نشر كتابه، حتى أقنعته بذلك بعد إلحاح مني شديد. وقد يسّر الله هذا النشر، بفضل ما لقيت من حسن الاستعداد، وكريم الاستجابة، من شركة الطبع والنشر لأسرة الحلبي، فشكر الله لهذه الشركة حسن استعدادها، وكريم استجابتها، وما بذلت من جهدٍ قيم، لتطرف قراء العربية بهذا الكتاب الفذّ، الذي كان الشعر العربي في أشد الحاجة إليه.
وإني لأسعد الناس حين أقدم إلى القراء صاحب هذا الكتاب، الأستاذ عبد الله الطيب وهو شاب من أهل السودان، يعلّم الآن في جامعة الخرطوم، بعد أن أتم دراسته في الجامعات الإنجليزية، وأتقن الأدب العربي، علماً به، وتصرفاً فيه، كأحسن ما يكون الإتقان، وألّف هذا الكتاب باكورة رائعة لآثار كثيرة قيّمة ممتعة إن شاء الله.
أنا سعيد حين أقدم إلى قراء العربية هذا الأديب البارع، لمكانه من التجديد الخصب في الدراسات الأدبية أولاً، ولأنه من إخواننا أهل الجنوب ثانياً.
وأنا سعيد بتقديم كتابه هذا إلى القراء، لأني أقدم إليهم طرفة أدبية نادرة حقاً، لن ينقضي الإعجاب بها، والرضى عنها، لمجرد الفراغ من قراءتها، ولكنها ستترك في نفوس الذين سيقرؤونها آثاراً باقية، وستدفع كثيراً منهم إلى الدرس والاستقصاء، والمراجعة والمخاصمة، وخير الآثار الأدبية عندي، وعند كثير من الناس، ما أثار القلق، وأغرى بالاستزادة من العلم، ودفع إلى المناقشة وحسن الاختبار.
وأخصّ ما يعجبني في هذا الكتاب، انه لاءم بين المنهج الدقيق للدراسة العلمية الأدبية، وبين الحرية الحرة التي يصطنعها الشعراء والكتّاب، حين ينشئون شعراً أو نثراً، فهذا الكتاب مزاج من العلم والأدب جميعاً، وهو دقيق مستقص حين يأخذ في العلم، كأحسن ما تكون الدقة والاستقصاء، وحر مسترسل حين يأخذ في الأدب، كأحسن ما تكون الحرية والاسترسال. وهو من أجل ذلك يرضي الباحث الذي يلتزم في البحث مناهج العلماء، ويرضي الأديب الذي يرسل نفسه على سجيتها، ويخلي بينها وبين ما تحب من المتاع الفني، لا تتقيد في ذلك لا بحسن الذوق، وصفاء الطبع، وجودة الاختيار.
وقد عرض الكاتب للشعر، فأتقن درس قوافيه وأوزانه، لا إتقان المقلّد، الذي يلتزم ما ورث عن القدماء، بل إتقان المجدد، الذي يحسن التصرف في هذا التراث، الذي لا يضيّع منه شيئاً، ولكنه لا يفنى فيه فناء، ثم أرسل نفسه على طبيعتها بعد ذلك، فحاول أن يستقصي ما يكون من صلة بين أنواع القوافي وألوان الوزن، وبين فنون الشعر التي تخضع للقوافي والأوزان، فأصاب الإصابة كلها في كثيرٍ من المواضع، وأثار ما يدعو إلى الخصام والمجادلة في مواضع أخرى، فهو لا يدع بحراً من بحور الشعر العربي، إلا حاول أن يبين لك الفنون التي تليق بهذا البحر، أو التي يلائمها هذا البحر، وضرب لذلك الأمثال في استقصاء بارع لهذا البحر، منذ كان العصر الجاهلي، إلى أن كان العصر الذي نعيش فيه، وهو يعرض عليه من أجل ذلك ألواناً مختلفة مؤتلفة من الشعر، في العصور الأدبية المتباينة، ألواناً في البحر إلى أقيمت عليه، وفي الموضوعات التي قيلت فيها، ولكنها تختلف بعد ذلك باختلاف قائليها وتباين أمزجتهم، وتفاوت طبائعهم، وتقلبهم آخر الأمر بين التفوق والقصور، وما يكون بينهما من المنازل المتوسطة، والمؤلف يصنع هذا بالقياس إلى بحور العروض كلها، فكتابه مزدوج الإمتاع، فيه هذا الإمتاع العلمي، الذي يأتي من اطراد البحث على منهجٍ واحدٍ دقيق، وفيه هذا الإمتاع الأدبي، الذي يأتي من تنّوع البحور والفنون الشعرية التي قيلت فيها، وتفاوت ما يعرض عليك من الشعر في مكانها من الجودة والرداءة.
والمؤلف لا يكتفي بهذا، ولكنه يدخل بينك وبين ما تقرأ من الشعر، دخول الأديب الناقد، الذي يحكّم ذوقه الخاص، فيرضيك غالباً، ويغيظك أحياناً، ويثير في نفسك الشك أحياناً أخرى. وهو كذلك يملك عليك أمرك كله، منذ تأخذ في قراءة الكتاب، إلى أن تفرغ من هذه القراءة، فأنت متنبه لما تقرأ تنبهاً لا يعرض له الفتور، في أي لحظة من لحظات القراءة، وحسبك بهذا تفوقاً وإتقاناً.
وليس الكتاب قصيراً يقرأ في ساعات ولكنه طويل يحتاج إلى أيام كثيرة، وحسبك أن صفحاته تقارب تمام المائة الخامسة، وليس الكتاب هيناً يقرأ في أيسر الجهد، ويستعان به على قطع الوقت، ولكنه شديد الأسر، متين اللفظ، رصين الأسلوب، خصب الموضوع، قيّم المعاني، يحتاج إلى أن تنفق فيه خير ما تملك من جهدٍ ووقت وعناية، لتبلغ الغاية من الاستمتاع به. هو طرفةٌ بأدق معاني هذه الكلمة، وأوسعها وأعمقها، ولكنها طرفةٌ لا تقدّم إلى الفارغين، ولا إلى الذين يؤثرون الراحة واليسر، ولا إلى الذين يأخذون الأدب على أنه من لهو الحديث، وإنما تقدم إلى الذين يقدرون الحياة قدرها، ولا يحبون أن يضيعوا الوقت والجهد، ولا يحاولون أن يتخففوا من الحياة، ويأخذون الأدب على أنه جد، حلوٌ مر، يمتع العقل، ويرضي القلب، ويصفي الذوق.
هؤلاء هم الذين سيقرؤون هذا الكتاب، فيشاركونني في الرضى عنه، والإعجاب به، والثقة بأن له ما بعده، ويشاركونني كذلك في ترشيح هذا الكتاب لجائزة الدولة، التي تقدمها الحكومة المصرية لخير ما يصدره الأدباء من كتب، إن جاز لك ولي أن ندل لجنة هذه الجائزة على ما ينبغي أن تدرس من الكتب، لمنح هذه الجائزة.
أما بعد فإني أهنئ نفسي وأهنئ قرّاء العربية بهذا الكتاب الرائع، وأهنئ أهل مصر والسودان بهذا الأديب الفذّ، الذي ننتظر منه الكثير. "
يقول الدكتور طه حسين:
" هذا كتاب ممتع إلى أبعد غايات الإمتاع، لا أعرف أن مثله أتيح لنا في هذا العصر الحديث.
ولست أقول هذا متكثّراً أو غالياً، أو مؤثراً إرضاء صاحبه، وإنما أقوله عن ثقة وعن بيّنة، ويكفي أني لم أكن أعرف الأستاذ المؤلف قبل أن يزورني ذات يوم، ويتحدث إليّ عن كتابه هذا، ويترك لي أياماً لأظهر على بعض ما فيه، ثم لم أكد أقرأ منه فصولاً، حتى رأيت الرضى عنه، والإعجاب به، يفرضان عليّ فرضاً، وحتى رأيتني ألح على الأستاذ المؤلف أن ينشر كتابه، وأن يكون نشره في مصر، وآخذ نفسي بتيسير العسير من أمر هذا النشر. وأشهد لقد كان الأستاذ المؤلف متحفظاً متحرجاً، يتردد في نشر كتابه، حتى أقنعته بذلك بعد إلحاح مني شديد. وقد يسّر الله هذا النشر، بفضل ما لقيت من حسن الاستعداد، وكريم الاستجابة، من شركة الطبع والنشر لأسرة الحلبي، فشكر الله لهذه الشركة حسن استعدادها، وكريم استجابتها، وما بذلت من جهدٍ قيم، لتطرف قراء العربية بهذا الكتاب الفذّ، الذي كان الشعر العربي في أشد الحاجة إليه.
وإني لأسعد الناس حين أقدم إلى القراء صاحب هذا الكتاب، الأستاذ عبد الله الطيب وهو شاب من أهل السودان، يعلّم الآن في جامعة الخرطوم، بعد أن أتم دراسته في الجامعات الإنجليزية، وأتقن الأدب العربي، علماً به، وتصرفاً فيه، كأحسن ما يكون الإتقان، وألّف هذا الكتاب باكورة رائعة لآثار كثيرة قيّمة ممتعة إن شاء الله.
أنا سعيد حين أقدم إلى قراء العربية هذا الأديب البارع، لمكانه من التجديد الخصب في الدراسات الأدبية أولاً، ولأنه من إخواننا أهل الجنوب ثانياً.
وأنا سعيد بتقديم كتابه هذا إلى القراء، لأني أقدم إليهم طرفة أدبية نادرة حقاً، لن ينقضي الإعجاب بها، والرضى عنها، لمجرد الفراغ من قراءتها، ولكنها ستترك في نفوس الذين سيقرؤونها آثاراً باقية، وستدفع كثيراً منهم إلى الدرس والاستقصاء، والمراجعة والمخاصمة، وخير الآثار الأدبية عندي، وعند كثير من الناس، ما أثار القلق، وأغرى بالاستزادة من العلم، ودفع إلى المناقشة وحسن الاختبار.
وأخصّ ما يعجبني في هذا الكتاب، انه لاءم بين المنهج الدقيق للدراسة العلمية الأدبية، وبين الحرية الحرة التي يصطنعها الشعراء والكتّاب، حين ينشئون شعراً أو نثراً، فهذا الكتاب مزاج من العلم والأدب جميعاً، وهو دقيق مستقص حين يأخذ في العلم، كأحسن ما تكون الدقة والاستقصاء، وحر مسترسل حين يأخذ في الأدب، كأحسن ما تكون الحرية والاسترسال. وهو من أجل ذلك يرضي الباحث الذي يلتزم في البحث مناهج العلماء، ويرضي الأديب الذي يرسل نفسه على سجيتها، ويخلي بينها وبين ما تحب من المتاع الفني، لا تتقيد في ذلك لا بحسن الذوق، وصفاء الطبع، وجودة الاختيار.
وقد عرض الكاتب للشعر، فأتقن درس قوافيه وأوزانه، لا إتقان المقلّد، الذي يلتزم ما ورث عن القدماء، بل إتقان المجدد، الذي يحسن التصرف في هذا التراث، الذي لا يضيّع منه شيئاً، ولكنه لا يفنى فيه فناء، ثم أرسل نفسه على طبيعتها بعد ذلك، فحاول أن يستقصي ما يكون من صلة بين أنواع القوافي وألوان الوزن، وبين فنون الشعر التي تخضع للقوافي والأوزان، فأصاب الإصابة كلها في كثيرٍ من المواضع، وأثار ما يدعو إلى الخصام والمجادلة في مواضع أخرى، فهو لا يدع بحراً من بحور الشعر العربي، إلا حاول أن يبين لك الفنون التي تليق بهذا البحر، أو التي يلائمها هذا البحر، وضرب لذلك الأمثال في استقصاء بارع لهذا البحر، منذ كان العصر الجاهلي، إلى أن كان العصر الذي نعيش فيه، وهو يعرض عليه من أجل ذلك ألواناً مختلفة مؤتلفة من الشعر، في العصور الأدبية المتباينة، ألواناً في البحر إلى أقيمت عليه، وفي الموضوعات التي قيلت فيها، ولكنها تختلف بعد ذلك باختلاف قائليها وتباين أمزجتهم، وتفاوت طبائعهم، وتقلبهم آخر الأمر بين التفوق والقصور، وما يكون بينهما من المنازل المتوسطة، والمؤلف يصنع هذا بالقياس إلى بحور العروض كلها، فكتابه مزدوج الإمتاع، فيه هذا الإمتاع العلمي، الذي يأتي من اطراد البحث على منهجٍ واحدٍ دقيق، وفيه هذا الإمتاع الأدبي، الذي يأتي من تنّوع البحور والفنون الشعرية التي قيلت فيها، وتفاوت ما يعرض عليك من الشعر في مكانها من الجودة والرداءة.
والمؤلف لا يكتفي بهذا، ولكنه يدخل بينك وبين ما تقرأ من الشعر، دخول الأديب الناقد، الذي يحكّم ذوقه الخاص، فيرضيك غالباً، ويغيظك أحياناً، ويثير في نفسك الشك أحياناً أخرى. وهو كذلك يملك عليك أمرك كله، منذ تأخذ في قراءة الكتاب، إلى أن تفرغ من هذه القراءة، فأنت متنبه لما تقرأ تنبهاً لا يعرض له الفتور، في أي لحظة من لحظات القراءة، وحسبك بهذا تفوقاً وإتقاناً.
وليس الكتاب قصيراً يقرأ في ساعات ولكنه طويل يحتاج إلى أيام كثيرة، وحسبك أن صفحاته تقارب تمام المائة الخامسة، وليس الكتاب هيناً يقرأ في أيسر الجهد، ويستعان به على قطع الوقت، ولكنه شديد الأسر، متين اللفظ، رصين الأسلوب، خصب الموضوع، قيّم المعاني، يحتاج إلى أن تنفق فيه خير ما تملك من جهدٍ ووقت وعناية، لتبلغ الغاية من الاستمتاع به. هو طرفةٌ بأدق معاني هذه الكلمة، وأوسعها وأعمقها، ولكنها طرفةٌ لا تقدّم إلى الفارغين، ولا إلى الذين يؤثرون الراحة واليسر، ولا إلى الذين يأخذون الأدب على أنه من لهو الحديث، وإنما تقدم إلى الذين يقدرون الحياة قدرها، ولا يحبون أن يضيعوا الوقت والجهد، ولا يحاولون أن يتخففوا من الحياة، ويأخذون الأدب على أنه جد، حلوٌ مر، يمتع العقل، ويرضي القلب، ويصفي الذوق.
هؤلاء هم الذين سيقرؤون هذا الكتاب، فيشاركونني في الرضى عنه، والإعجاب به، والثقة بأن له ما بعده، ويشاركونني كذلك في ترشيح هذا الكتاب لجائزة الدولة، التي تقدمها الحكومة المصرية لخير ما يصدره الأدباء من كتب، إن جاز لك ولي أن ندل لجنة هذه الجائزة على ما ينبغي أن تدرس من الكتب، لمنح هذه الجائزة.
أما بعد فإني أهنئ نفسي وأهنئ قرّاء العربية بهذا الكتاب الرائع، وأهنئ أهل مصر والسودان بهذا الأديب الفذّ، الذي ننتظر منه الكثير. "
خدورة أم بشق- مشرف منتدى الشعر
رد: الله ... الله... يا عبدالله
بارك الله فيك استاذنا العزيز فضل ....اثناء تصفحي وجدت نثراً وشعراً للبروف عبدالله الطيب يذكر فضل الدكتور طه حسين عليه في طباعة الجزء الأول من كتابه (المرشد) وذلك في بداية الجزء الثاني حيث قال...
لما قرأت تلك المقدمة البارعة الرائعة ، الصادقة النبيلة ، التي حلى بها علامة العرب ، وعميد الأدب ، الدكتور طه حسين ، صدرَ كتابي الأول ، لم أملك نفسي أن نظمت هذه الأبيات ، وبعثت بها إليه ، حفظه الله وتولاه :
عصتني الطيعات مـن القوافـي فما أدري وحقك مـا أقـولُ
وأعياني البيانُ ، وكيف يجـزى جميلك أيهـا الشيـخ الجليـلُ
عرفتك في الصبا ، وغربت دهراً وحبك في الجوانح مـا يحـولُ
عرفتك في صحائف مشرقـاتٍ كأن سوادها الطرف الكحيـلُ
بلوتك أريحيَّ القلـب شهمـاً له الغايات والسبـق الأصيـلُ
يخلد في كتاب العـرب فـرداً كما خلـدَ المبـردُ والخليـلُ
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
رد: الله ... الله... يا عبدالله
عرفتك في صحائف مشرقـاتٍ كأن سوادها الطرف الكحيـلُ
شيء يأسر يا الفاتح
شيء يأسر يا الفاتح
خدورة أم بشق- مشرف منتدى الشعر
رد: الله ... الله... يا عبدالله
تسلم استاذي ..... بصرة السياب و الشــــــط ونخيل أبي الخصيب و الشنانشيل صور وأخيلة بين حروف قصيدته ( هذا الطقس ........ وتلك الرائحة ) تدغدغ روحي وتأخذني تحلق بي تلقـــاء الحباك في ذاك الزمن الجميــــــــــــــــــــــــل ...
في هذا اليوم ِ الصيفيِّ
أفتشُ عن لحظة ِ نسيان ٍ
قبل ثلاثينَ رميتُ الوردة َ فوق العتبة
قبل ثلاثينَ رميتُ الوردة َ فوق العتبة
وتخاصمنا
قبل ثلاثينَ عرفتُ قطارَ البصرة ِ
مثل الماء الصاعد ِ من ساقية الحقل ِ إلى جبل ٍ
في هذا اليوم الصيفيِّ
وهذا الطقس ِ
ورائحة الشارع ِ
والأشجار ضحىً
هل أقتلُ هذي الذاكرة َ الملعونة َ
هل أقتلها ؟
دمُها يتوهجُ مثل الحناء ِ على باب الغرفة ِ
قلتُ أغادر أبعدَ فالريحُ تغير وجهتها
والأرض ووجه الدنيا يتغيرُ أيضا ً.....
وأنا في الشرفة ِ
هذا الطقسُ
ورائحة ُ الشارع ِ
والمرأة ُ ذات المرأة ِ مسرعة ٌ
والأشجارُ ضحى
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
رد: الله ... الله... يا عبدالله
من أروع ما كتب السياب مع غريب على الخليج وأنشودة المطر وبالمناسبة البيت الذي اخترته أنا من قصيدة الفطحل عبدالله الطيب مشابه لبيت شعر للشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري في قصيدة اسمها ((أرح ركابك)) وسبق لي أن أنزلتها في المنتدى الشعري
أرح ركابك من أينٍ ومن عثرِ ** كفاكَ جِيلان محمولاً على خطرِ
كفاكَ موحشَ دربٍ رُحتَ تقطعُهُ** كأن مبيضَّهُ ليلٌ بلا سحرِ
أرح ركابك من أينٍ ومن عثرِ ** كفاكَ جِيلان محمولاً على خطرِ
كفاكَ موحشَ دربٍ رُحتَ تقطعُهُ** كأن مبيضَّهُ ليلٌ بلا سحرِ
خدورة أم بشق- مشرف منتدى الشعر
رد: الله ... الله... يا عبدالله
نعم استاذي ...أرح ركابك تحكي قصة الغربة كعادة شعراء الرافدين الذين تغربوا فعلاً ...
هي باسمك في بوست في المنتدى الشعري ..... والبيت البليغ ....
والـعمرُ كـالليل نـحييه مـغالطة * يُشكى من الطول أو يشكي من القِصَرِ
يعني العمر رايح " سلفكه "
****...****
أما (هذا الطقس وتلك الرائحة ) منسوبة الى الدكتور عبدالله الطيب تجسد شعرالمقاربة بينه والشاعر أحمد مطر
***...***
أنا متحير يا اســتاذ فضل في قصيدة عنوانـــها ....(( أضعف الإيمـــان قافيـــة ))
تارة أجدها منسوبة للدكتور الراحل عبدالله الطيب ونسبت كذلك الى الشاعر الكبير ...عبدالقادر عبدالله الكتيابي
مطلعها ...بانتْ سـعـادُ و بنــَّا عن ملامحِــنا
بالله رسينا على بر .... حول لمن نسبت القصيدة يا استاذ فضل ...... ؟؟
يعني العمر رايح " سلفكه "
****...****
أما (هذا الطقس وتلك الرائحة ) منسوبة الى الدكتور عبدالله الطيب تجسد شعرالمقاربة بينه والشاعر أحمد مطر
***...***
أنا متحير يا اســتاذ فضل في قصيدة عنوانـــها ....(( أضعف الإيمـــان قافيـــة ))
تارة أجدها منسوبة للدكتور الراحل عبدالله الطيب ونسبت كذلك الى الشاعر الكبير ...عبدالقادر عبدالله الكتيابي
مطلعها ...بانتْ سـعـادُ و بنــَّا عن ملامحِــنا
بالله رسينا على بر .... حول لمن نسبت القصيدة يا استاذ فضل ...... ؟؟
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
رد: الله ... الله... يا عبدالله
على ما أظن القصيدة من أخريات قصائد المرحوم عبدالله الطيب والله أعلم ... ولا أدري لماذا الكتيابي لايثبتها لقائلها إن كان هو أو غيره
خدورة أم بشق- مشرف منتدى الشعر
رد: الله ... الله... يا عبدالله
الغربة في شعر العلامة حاضرة لا تخطئها عين فقد تذكر جبال أركويت التي في شرق السودان حين رأى الجبال بمنطقة جوس في نيجيريا فقال:
عَرِّجْ على جَوْسَ واذْكُرْ عندها الوطنــا أذْكَـرنـني أركـويـتاً وَهْي نـــائيةٌ
عَرِّجْ على جَوْسَ واذْكُرْ عندها الوطنــا أذْكَـرنـني أركـويـتاً وَهْي نـــائيةٌ
إنَّ الجبالَ بِجَوْسٍ هِـجْنَ لي شجنا.....والنـيلَ ياليت أن النيلَ منك دنا
****
وذكر االسواقي وشجر النخل والسَّيال مظاهر ألفها في دياره وعلى الضفاف بطول النيل
ويا حبذا تلك السواقي وقد غدتْ
ونخلٌ إذا ما البدرُ أشرقَ خلفـه
وشـوكُ السَّيَالِ يلمع النَّورُ فوقََه
بألحانِ عبرى ثرَّةِ العــينِ مثكـالِ
أطـلَّ عى الرائينَ كالعُنُقِ الحالي
طرائقَ مثلَ الـذرِّ يلمعُ في الآلِ
وذكر االسواقي وشجر النخل والسَّيال مظاهر ألفها في دياره وعلى الضفاف بطول النيل
ويا حبذا تلك السواقي وقد غدتْ
ونخلٌ إذا ما البدرُ أشرقَ خلفـه
وشـوكُ السَّيَالِ يلمع النَّورُ فوقََه
بألحانِ عبرى ثرَّةِ العــينِ مثكـالِ
أطـلَّ عى الرائينَ كالعُنُقِ الحالي
طرائقَ مثلَ الـذرِّ يلمعُ في الآلِ
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
لقطة نادرة جدا أخذت للبروفسير عبد الله الطيب - رحمه الله - علامة اللغة العربية وهو في فناء كلية الآداب والعلوم الإنسانية في مدينة فاس المغربية أوائل الثمانينات وقد التف حوله محبيه ومريديه من الطلاب المغاربة في مشهد حميمي نادر جدا
مع زوجته ايـــــــــــــــــام الشباب
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
مواضيع مماثلة
» عمنا عمر عبدالله كنانة فى زمة الله
» في ذمة الله عمنا عبدالله حماد
» خط الإستواء - عبدالله الشيخ- (تداعيات يحي فضل الله)
» نداء ... لإخوتي : فيصل عبدالله سعد ... وعوض الله الصافي نواي ....
» صانع الفيلم القبيح رهن التحقيق
» في ذمة الله عمنا عبدالله حماد
» خط الإستواء - عبدالله الشيخ- (تداعيات يحي فضل الله)
» نداء ... لإخوتي : فيصل عبدالله سعد ... وعوض الله الصافي نواي ....
» صانع الفيلم القبيح رهن التحقيق
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى