الطشاش لشاعر الروائع أزهري محمد علي

الطشَاشْ

غيّب إحساس الرضى
ومسَّح الروح بالغباشْ
وانا ما نَعيتْ
طيِب مَعْشَرِكْ
ولا أقِمْتَ عليكْ عَزَا
إشتهيتْ أفْرِد ضفيرِتكْ للمطرْ
واحْقِن وريدِكْ بالدُعاشْ
واكتفيتْ
أفْضلَ أريدِكْ إندهاشْ
أو ألوذ بي نفسى عَنِّكْ
يا مُدْهِشه
أنا وين أفوت مِنِّك أمشْ؟
بشْفَق
عليكْ
من حُسنِ ظنِّك
بالملايكه المارقه من باب الشمس
يا جابده من تحتى الأرِضْ
وقابضه فى نّفْسى العَرش
يا نابضه من عطش الجسد للروحْ
مجلوبه إنتِ ومُستبَاحه
كل المواعيد الزنيمه
كانت مُباحه
ومُطلْقَه
كل البراحات الحميمه
موصوده دونكْ ومُغْلّقه
مسجونه فيكْ
إنتظارات السحاب
والإحتمالات المريحه ومُقلِقَه
محلوبه منْ دمِّك
عصارة العفّه
فيكْ
لا فُضَّ فِيكْ
ياصومعةْ إملاقي والعِشق المحالْ
دقّتْ مسامير الفجيعه
على العُضام الحيَّه واللَحم الحلالْ
بِتَمْرُقي من وجع المحجَّه
وتِنْدَسِّي بين جرحي الغُضّال
وما انْبلَّه حلقِكْ بالإجابات السؤال
فعلامَ جَدْوَاهُ..السؤال
علامَ جدواه السؤال
وفارسِكْ مُدجَّج بالدعاوي الخايبه
والوعد الحَنوطْ
ردّدتي في سرّك جلالات الهزيمه
وتليتْ على سرّى التشهُّد
والقنوتْ
مطموسه فيك كل الصحايح
بالفضايحْ
الْواقفه شاهد والبيوت
ومتعارضَه ما بين الضحك والعَبْرَه
شوكة حوتْ
فعلام جدواه السؤال
يا باحثه عن كل السواقط
من نهاراتنا المهمّه
ونابتة من خيبة أملنا
مع الليالى المدلهِمهَّ
يا مُتْعَبَه
ومحقونَه بي خَدَر الأمانى
المستجمِّه
أنا ما دَلقْتكْ للشوارع البارده
ولا البيوتَ المُتْرَفه
لو راودِكْ عن نفسِك الماجْن الدّعِى
وهدّ عزمك بالوعود الزايفه
ما تنسي إنّك كنت واقفه
على المسامير الصَقَرْ
مجليه بي عَرق الشِفَا
لا شاكيه من ذل العوز
لا باكيه من وجع الحفا
وانا ما دَلْقتِكْ للشوارع البارده
ولا البيوت المترفه،
يا واقفه مشروخه وأبيّه
يا نْحمِّلكْ شَرَفْ القبيله
ونَغرِّمِكْ سيف القضيه
أو نبعثك حُرّه ونبيّه
لو قُدّ ثوبك مِنْ قفا
وانا ما دَلقْتِك..ما دَلقْتِكْ

جرحتَ ليه خاطر الحبيبه؟
المَشّطَتْ عَصَب التضاريسْ
وهَدّتْ على كل الخرايط.. والفراغاتْ
مدهونه
بِى لونا أرصفةَ المحطّات
واقده من رِيقَا الفوانيس
جرحْتَ ليه خاطر الحبيبه
دي السكَّه أبعد من حدود الإحتمالْ
والجرخ أعمق من بكا الليل والنويح
ويوم استفزَّتْ قُدرتَكْ
قِيمة المسافات
عرفتَ إنَّك قَليلْ حِيله وفَصيحْ
ستفَّت عُمرك فى حقايب الرجعه
للسفر القديم
مَرَقَتْ
تشهِّل غربتكْ
وبى توبا تَسْتُر عورة الزمن اللئيمْ
وتكْسِي فى الشِّدر اللّحا
ماهى دي الحبيبه الطوَّلتْ ضُلْ الضحى
وقَعدتْ تفلِّي السِكّه من وجع الضِّرِيَسه
وعضّة الجوع الزَنيم
ماهي دي الحبيبه
الشَّحْتَفتْ روحي
ومعطَّنه فى ينابيع الألقْ
الشاربه من فجر الشروق
وماخده من لون الشَفَقْ
ماهى دى الحبيبه
الداخله من بين مسامات العَرَقْ
رَقْرَاقْ
وطالعه زي قمر الدُجي
وسايقانى فى كل الدروب: سَاسَاقْ
راميانى حد القَريْفَه
وقالْيانى زى قهوةْ بِجا

ماهى دى الحبيبه
يومي المشيتْ مجبور
على السكَّه المُريبه
أدَّتني إحساسا الرَّطِبْ
وشَهَرتْ ضحكتا العَذْبَه وْ مَشَتَ
كانت رؤاها بتحْتشِد
زى نار
بتسجنْ روحا
فى عود الثِّقاب
وتعلن مهرجانات الحريقْ
لو كشّت الواطه ولقيتا
ما كنتَ ضلّيتْ الطريقْ
ودفقتَ مويتى على الرِهابْ
مشيتْ ورا الشدر اليمامه
دى الرتّبتْ خدّر الحنينْ
فى الروح وعبَّت
دُوار النشوه...
فى جَسَد الندامه
وانا كنتَ مفتونْ
بي تداعي اليابسه
فى عرس التسَابْ
مَشدُود على حبل الصعود أٍفل
مَشَلْهتْ بالأيادى الفوق..
مَشَلْهتْ والبدن مُنحلْ
لفحتَ من الأرِض طِرقه
مرقتَ على البحر شاشوق
لقيتْ توب البَحَرْ خِرْقَه
لقيت درب الرجوع أطول.

هَيَا يازوله
المخَارِجْ وين؟
لا غُلَّتْ يَداكْ عن حَلْ
غِلبتَ فى الحيل البِلمِّك
من حِبال الصوت
وينَدهِلْك:تعالى
:تعالى
مَا وردَّتْ مُرْحَاكة البيوتْ الناشفه
سَاسَاقِكْ عَبَثْ
شِنْ قُدْرِتَكْ تنسلِّي
من قلب الضُلمَّه الحالكه خنْجَر
مِنْ قَبَس
ومن وين أجيبلِكْ قُدْرَه
تستلهم رؤاك
وانا جَايِّ من وحشة سنيني
المُرّهْ
بى آخر نَفَسْ
من...
وين..
أجيبلك قُدرهْ بَسْ؟
مِنْ وين؟
وانا هَدَّ إحساسي السَفَرْ
أنا بندهِكْ: لو مَرّه
ضَفّه اتبرّجتْ
حلَّت ضفايِراَ للبَحَر
بَنْدَهِكْ:لو لَّبش الموج فى الطَّمِى
والشاطي
فى ذروة المَدْ
انكسرْ
وانا بَعْزِمكْ علي مويهَ..
عذبَه
وضُل وريف: لو هَمْ سَقَطْ
من طاقه..
فى حلم الحبيبه..
وإنتحر
جرحتَ ليه خاطر الحبيبة؟

بحبك بحر.. الشاعر أزهري محمد علي


مَعاي
و غِـشـيـتِك أسلِّـم عَـلـيـك
أتكِّـل قُـصَـادِك
هُمـوم الـحَـرَاز
أطـمِّن طـيوف الـخريف الـوشيِك
أبـشِّـر دواخـلِـك بـوعَد الـرَزاز
مودِّر مَلامحِك
غبِيتِك
لِـقيتِك
بـتـلـفُظ شوارعِـك بـيـوتِـك
تـصادر خُـطاي َ وتـكَاجِر مَـشيِك
تَـغَـالِـط حَواسِـك مَـلامـحِك
وتـحَـرد عـيونِك مـقَاطع وَشِـيك
سَألتِك: خَـبَـارِك
مَسُوكَر لسانك
وصَمتِك يشفِّـق
خَبَـارِك!بِـتَـغرُب شُـمـوسِك
زمـانَ الـشَـمـوس الـبِـتَشرِق
تـضيع الـملاحه الـتَّعطِّن وجـيهِك
ومِّنـك تَدَفِّـق
خـبـارك غريبة
أَقلِّـب دواخِـلـك
أكـوس الـحبيبه الـلى عـنِّك بِتفرِق
بتَفرِق حبيبتى البِتَلبس فصول الخُصوبه
بِتضـحَـك أغـانـي
وتدفِّـق عُـذوبـه
وبِتَـنـزِل
مَـطَر
عِـشِـقـتِك لأنِّـك حـبـيـبتى
وبـحبِّك بَـحـر
عِشِقتِك
لأنّك خواتـم الـحـقـيقه
وطـريـق الـوصول
لأنّك بداية الـخـلـيقه
واساس القبول
أَحيِّـي الغيوم
البِتَـفـطُـم ذُبـوِلـك
تَـرضعِّ سُـهولِك ، مـواسم الـهُطول
واحـيِّـي الـمداين الـبِتَفتَح حـدودا
وتـمـنح عـيونِك جَـواز الـدُخول
يزيـد خيـرِك
ولا طابـت بَـلاَك عِـيـشَه
مـقـسَّـمة إنتِ فى غـيـرِك
مـقـسَّـمة فيـكِ ما فـيـشه
ومـخـيَِـم لـيـلـك الـعَـسـعَس
لا بَرقَـن بُـروق صَـحـوِك
لا صُـبـحِـك رضِى اتـنـفَّس
يَـحـندِك فى الـعَـطش غـيمِك
تـمـطِّري إنت فى الـخاطر
وتُـنـفِّضي من دواخـلي الـعَس
بديـت اِتـسـامـى للآخِـر
رمـيـت توب الـبِـيات الـرَّث
قِوِيـت إتـيَـقَّـنت روحـي
وسـقَـطَ مـنـىِّ الـكـلام الـغَـث
أنا الـدّاخـرِك بـصيره وشـوف
يـا بُقـعَـة ضو
فى عَـتـمة قـلـبى الـمحفوف
ومُـسـربَـل بـالـشِـتا والـلـيـل
والخـوف
فارغه ومـلـيـان بِيـك
وضـيـقَـه عـلـيـكِ الـبِـشـره
أنا غـيّـبتِك بـيـنى وكُـنـتِك
زمَّـلـتِك فى الـخـاطر بُـشرى
مـزَّقـت سـتـار الـجِـلد الـهَـش
وطَـلَـعتىِ مِن الـجـسد الـقشره
تازقتَ
لـقـيتِك فـيـنى الـنَـفس الـكامله
تِـتوقِّي اليابـسـه
والـنـهرِ فى إيدِك صَـلصَال
يـتـسـارق ضـوِّك خافـت
مـتـهـافِت نحـوك أجـري
مُـهـرول راكض
سـابَـقـت خُطـايَ وحَـدَقـتِك
غـيـمـه..وضُـل ..وبُـحـيـره..
ضـارفـتِـك بـيـنى وضـاريـتِك
من الحـزن الـقـابـض
نَفَسِي وروحي
واقِف عَارِض
سـتَّـفـتَ عُـيُـونِـك بـالـمطَرَه
وقَـرّحـتك ضـد الـزمن الـراَكض
وحَدَقتِك حبـيـبـتـى
الـبـتَـشبه فُـصـول الـخُـصوبه
تَـضَـحك أغـاني وتـدفّق عُـذوبه.
وبـتَنزل مَـطَـر
عِـشِـقـتِك لأنـك حـبـيـبتى
وبـحبِّك بَـحَـر

سلامات
إلى إنبثاق نفسي على – داخلى
إلى مصطفى سيداحمد
صديق الغفلة والإنتباه

ازهرى محمد على
-------------------
مدخل أول :
لمتين متيمم شطر النيل
متوقى اليابسة .. ووارد
متوكى الغنية .. عصا موسى
بتهش فى غيم الإلفة .. الشارد
مهدودة القُدرة وفترانة
حردان الضل البارد
بتوجل لى يوسف فى البير
يطلع من بطن البير المارد
مدخل ثاني :
فات الكان بدينا إحساس بالإلفة
وكان راوينا
فات الباكى جراحنا وناسى جروحو
ولا فى ورانا مدينة .. مدينة
فات الصاحى
ونحن نغط فى النومة السابعة
طالق حسو ولا حاسينا
حتحت فينا غناهو الطاعم
وفات قنعان من خيراً فينا

سلامات يازول يا رائع
سلامات .. عوافى
سلامات يا خلاصة الخير الفى الناس
وترياق الزمن المتعافى
سلامات يا زول يا رائع
سلامات عوافى
محاصر فيك بسأل عن سكة تطلع منك
أو سكة تودي عليك
بسأل عن مخرج منك ... وليك
زى نهر بينبع ... وما لاقى مصب
بتمدد عشقك فى أقصى ضواحى الروح
لى أقصى نواحى القلب
يتكثف بسعة إطلاق الربّ
وانا كنت بفلى القلب بسيرتك
سميتك حلاب الغيم
من ضرع الجدب
وطنيتك مارست الفعل .. السرى
وحفظت فحولة النيل ... أيام الخصب
ولمحتك وانت بتمشى وترقص فى حمامك
على حُمة إيقاع الحرب
وتكلكل جلد الكلمة الحافة
لحبيبة بتفتح مجرى الغنا فى الدم
وتفلس باب القلب
فيا بنوت الشارع الطاعم قومن كب
قومن لى الما قصر فى غناكن .. ضمة
ولا إتلوم بى وراكن تب
ولو تبقى السكة الجاية ضهب
وسلامات يا زول يا رائع
البارح عفورتك ركت فى البال
رقصت
وادت عصفور الريد شبال
وطارت من قولة كر
ما الزول النهر العصفورة
بحرض فى كلاب الحر
لا بسنى وداخل فى اللحم الحى
راصد كل البسأل عن حالى
حرش ضلى على
ونتف زغب الخاطرة ... التخطر على بالى
ومنع العصفورة تحوم
إستجوب كل الناس التجى فى النوم
ماتقول !!
يازول يارائع ومهموم
يا مضيع ضى عينيى .. وراك
واقف حاحاى لى النوم
يا مستف رئة الدنيا شهيق
ومشحتف روح الخرطوم
كيف حال يا ابوى
كي حال يا خال
وتعال !
إتفضل على باحة بيتنا .. الطيب
ما عون الأطفال
ضمد جراحاتك .. تعال
من ضلاماتك .. تعال
أدينا هينين من صبر
السكة أبعد من مشيك
والجرح أعمق من حدود الإحتمال
السابلة والأطفال هناك
قدامك المشوار .. طويل
والريح .. وراك
كل البيوت
إتشرفت .. لى طلعتك
والونسه ماكملت .. معاك
القرقراب .. والقهقهة
مين سمى ترحالك .. غياب !
والغيبة بتزيدك بها
لويرتق الحزن المصاب
كان بعدك الموت إنتهى
يا أقصى حالات الحضور المشتهى
يا منتهى
تعال فرحنا بى دهشت غناك الحى
وحى من جرحك الدامى
وفتر حيلك
وحى من ضلك الرامى
وحمل شيلك
تموت متل الشدر واقف
تموت واقف على حيلك
فيا حليلك
يا حليلك بنستناك
على صهوة جياد الريح
بنستناك
فى الزمن اللديح القيح
بنستناك
على باب الحلم فى غناك
بنستناك
رحيلك شلهت الدنيا
ورتب العالم البى هناك
بنستناك
وانا تانى وراك .. شن لاحق؟
دهستنى فى بعدك حدود الخوف
الداخلة على بالساحق
أدينى القدرة التمنحنى
بحجمك سعة الشوف
لو أقدر أطل من شاهق
لو أقدر ألوح لى عيونك
تلمحنى
وانا ضعفى أمامك فاضحنى
سامحنى
ما قدرتا أطولك سامحنى
شفتك من وجع طالع
من برزخ ملتقى النيلين
كنت هناك وحيدك
وكل الناس اتنين اتنين
براك واقف حد السيف
براك الما وقف بين ... بين
تغازل حلمك الفارع
فتح بابين على الملكوت
تسلم على حضرة جلال الموت
وتفتح فى الارض نفاج
إذا امتلأ الفراغ ... بالصوت
فيا باطن الاديم أفتح
براحات الحنين ... مشرع
وأنده لى مدن شاخت
أنده لأطلال القري .. الراحت
بيوت فى بيوت
تمرق من شبر مسرح
مدن فاضلة
وعالم بى إتساع الحلم
بقامة يشتهى التابوت
فما لفظ البحر يونس
ولا إنسدت شهية الحوت
ويا زول يا رائع
تمشى بالحسرة وتموت سلامات
يا زول يا رائع

القصيدة عند أزهري معنى وقضية وليست فن لأجل الفن. لست أقول محجوب شريف ثاني فمفرداته مختلفة تماماً عن محجوب وإن اشتركا في الثنائية التي تتوحد لترسم لوحة واحدة بجناحين هما الحب والوطن وهي نزعة صوفية تكثر عند عمر الطيب الدوش والتجاني يوسف بشيرومنبع هذه النزعة هو مذهب وحدة الوجود وفي بعض الأحايين قد يجنح الأديب أوالشاعر لهذه النزعة دون أن يعلم أي كأنها فطرية. هذه النزعة لم يخلُ منها حتى الأدب الانجليزي فمثلا الشاعر الرومانسي وليم وردزورث مرً بعاصفة اثناء تجواله في غابة فقال : الريح تعصف والأشجار تتمايل والأمطار تتساقط والرعد يزأر ... فجأة كل الأشياء تسكن على شكل واحد وتغدو على توافق واحد كالبراعم في شجرة واحدة ..كوجه واحد لمخلوقات كثيرة... الكثرة تصبح واحداً الواحد هو الله...واسمح لي أن أعوزتني الترجمة الأدبية لها ولذا سأوردها لك بالنص الإنجليزي:
قال :The wind is blowing, the trees are flapping, the rain is falling, the thunder is roaring ... Suddenly all the moving peices fit into one design, one harmony..like blossoms on one tree... a face of many creatures, the many became one..one is God.
وهي أكثر وضوحاً عند المرحوم الصديق عمر الطيب الدوش في قصيدة " الحزن القديم" التي تغنى بها الأسطورة الأستاذ محمحد عثمان وردي.
وشكراً...فضل