مقصورة محمد مهدي الجواهري
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مقصورة محمد مهدي الجواهري
حاولت أن أرسلها كلها ولكن القصيدة طويلة لم أتمكن من إنزالها
المقصورة ...
محمد مهدي الجواهري
برغمِ الإِباءِ ورغمِ العُلى ورغمِ أُنوفِ كِرامِ المَلا
ورغم القلوبِ التي تستفيضُ عُطفاً تَحوطُكَ حَوْطَ الحِمى
وإذ أنتَ ترعاكَ عينُ الزمانِ ويَهْفُو لجِرْسِكَ سَمْعُ الدُّنى
وتلتفُّ حولَكَ شتَّى النُّفوسِ تَجيشُ بشتَّى ضروبِ الأسى
وتُعرِبُ عنها بما لا تُبين كأنَّك من كلِّ نفسٍ حشا
فأنتَ مع الصبحِ شَدْوُ الرعاةِ وحلمُ العذارى إذا الليلُ جا
وأنت إذا الخطبُ ألقى الْجِران وحطَّ بكلكلهِ فارتمى
ألحْتَ بشِعرِكَ للبائسين ، بداجي الخُطوبِ ، بَريقَ المُنى
تروحُ على مثلِ شَوك القَتادِ وتغدو على مثل جَمْرِ الغضا
وتطوي الضُّلوعَ على نافذٍ من الصَّبرِ يُدمي كحزِّ المُدى
دريئةَ كلِّ جذيم اليدينِ رمى عن يَدَيْ غيرهِ إذ رَمى
رمى عن يدَيْ حاقدٍ نافسٍ عليك احتشادَ العلى والندى
وحلِساً لدارِكَ والمُقْرفون يجولونَ كلَّ مجالٍ بدا
على حينَ راحَ هجينُ الطباعِ تَنطَّفُ أطرافُه بالخَنا
أدَرَّ عليه ثُدِيَّ الخُمولِ وهزَّتْهُ في المهدِ كفُّ الغَبا
يجرُّ ذيولَ الخنا والغِنى وتهفو عليه ظِلالُ المُنى
وحولَكَ مثلُ فِراخِ الحَمامِ لولا الشعورُ – وزُغْبِ القَطا
تدورُ عيونُهمُ والذَّكاءُ يَلمَعُ فيها كحدِّ الظُبا
إلى كلِّ شَوْهاءَ مرذولةٍ وأشوَهَ مستأثِرٍ بالغِنى
وتَرْجِعُ والعتبُ في مُوقِها تَساءلُ : أيُّكما المُبتلى ؟
بـ " علقمةَ الفحلِ " أُزجي اليمينَ أنَّي ألَذُّ بمُرِّ الجنى
وبـ " الشَّنْفَرى " أنَّ عينَّي لا تَلَذّانِ في النومِ طعمَ الكرى
وبـ " المتنبئِ " أنَّ البَلاءَ ، إذا جدَّ ، يَعلم " أني الفتى "
ألا مِن كريمٍ يَسُرُّ الكرامَ بجيفةِ جلْفٍ زَنيمٍ عَتا
فيا طالما كانَ حدُّ البَغِيِّ يُخفِّفُ مِن فحشِ أهل البِغا
ويا طالما ثُنِيَ السادِرونَ بما اقتِيدَ من سادرٍ ما ارعوى
على أنَّه مِن شِفاءِ الصُدورِ لو أنَّ حُرّاً كريماً شفى
تأصَّلَ هذي العروقَ الخِباثَ فقد ضاقَ بالجِذْمِ منها الثرى
فما هي أوّلُ مجذومةٍ مخافةَ عدوى بها تُنتفى
ولا هي أوّلُ " أغلوطةٍ " محا شاطبٌ رسمَها فامَّحى
وما بالنفوسِ اللواتي ملكنَ بأطماحهنَّ عَنانَ السّما
عناءٌ إلى مَن يُقيتُ البُطونَ ولكنْ إلى من يُميطُ الأذى
إلى من يكُفُّ صغارَ النفوسِ ، صغارَ الحلومِ ، صغارَ الهوى
يَكُفُّهمُ أنْ يكون الكريم به عن هوانهمُ : يُشتفى
أُنّبِيكَ عن أطيبِ الأخبثينَ فقُلْ أنتَ بالأخبثِ المُزدرى
زِقاقٌ من الرّيحِ منفوخةٌ وإنْ ثَقَّلَ الزهوُ منها الخطى
وأشباحُ ناسٍ ، وإنْ أُوهِمُوا بأنّهمُ .. " قادةٌ " في الورى
ألمْ ترَ أنِّيَ حربُ الطغاةِ سلمٌ لكلِّ ضعيفٍ الذَّما
وأني تركتُ دهينَ السِّبالِ كثيرَ الصيالِ ، شديدَ القوى
من الخوفِ كالعَيْرِ قبلَ الكواءِ يَحبقُ مما اصطلى واكتوى ؟!
بماذا يخوِّفني الأرْذَلُونَ وممَّ تخافُ صِلالُ الفلا؟!
أيُسْلبُ عنها نعيمُ الهجيرِ ونفحُ الرمالِ ، وبذْخُ العرا!!
بلى ! إنّ عنديَ خوفَ الشُّجاعِ وطيشَ الحليمِ وموتَ الرَّدى
إذا شئتُ أنضجتُ الشِّواء جلوداً تعَّصْت فما تُشتوى
وأبقيتُ من مِيسَمي في الجِباهِ وشْماً كَوشْمِ بناتِ الهوى
فوارقُ لا يَمَّحي عارُها ولا يَلتَبسْنَ بوصفٍ " سوى !"
بحيثُ يقالُ إذا ما مشى الصّليُّ بها : إنّ وغداً بدا
وحيثُ يُعيَّرُ أبناؤهُ بأنّ لهُمْ والداً مثلَ ذا
أقولُ لنفسيْ – إذاضمَّها وأترابَها محفِلٌ يُزدهى
تسامَيْ فانكِ خيرُ النفوسِ إذا قيسَ كلٌّ على ما انطوى
وأحسنُ ما فيكِ أنّ " الضميرَ " يَصيحُ من القلبِ أنِّي هُنا
وأنتِ إذا زيفُ المعجبينَ تلألأ للعينِ ثُمَّ انجلى
ولم تستطعْ هممُ المدَّعين صبراً على جمرةٍ المدَّعى
خلَصْتِ كما خَلصَ ابنُ " القُيون " تَرعرَع في النار ثمَّ استوى
تسامَيْ فإنّ جناحيكِ لا يَقَرّانِ إلا على مُرتقى
كذلكَ كلُّ ذواتِ الطِماحِ والهمِّ ، مخلوقةٌ للذُّرى
شهِدتُ بأنكِ مذخورةٌ لأبعدَ ما في المدى من مدى
وأنكِ سوفَ تدوِّي العصورُ بما تتركينَ بها من صدى
بآيةِ أنَّ يدَ المُغرياتِ تهابُكِ إلاَّ كَلمسِ النَّدى
وأنكِ إنْ يَلتمعْ مطمعٌ يُخاف على الرُّوحِ منه العمى
يموتُ " النبوغُ " بأحضانه ويُنعى به " الأمل " المرتجى
وتمشي الجموعُ على ضوئهِ لتبكي على عبقريٍّ قضى
وكادتْ تَلُفُّكِ في طيّها حواشيه .. ردَّكِ عزمٌ قَضى
لشرِّ النِهاياتِ هذا " المطافُ " وكلُّ مَطافٍ إلى مُنتهى
متى ترَعوي أُمةٌ بالعِراقِ تُساقُ إلى حتفِها بالعصا
تُذَرَّى على الضَّيْمِ ذَرْوَ الهشيمِ ويَعرقُها الذُّلُّ عَرْقَ اللِّحا
وتنزو بها شهوةُ المشتهينَ كما دُحرجتْ كرةٌ تُرتمى
يَجدُّ بَغيضٌ بها عهدَهُ إذا قيلَ عهدُ بَغيضٍ مضى
وتسمَنُ منها عِجافٌ مَشتْ إلى الأجنبيِّ تَجُرُّ الخُصي
تُراودُها عِزّضها كالقُرومِ هِجانٌ عليها غريبٌ نَزا
عجبتُ وقد أسلمتْ نفسَها لعَرْكِ الخُطوبِ وعَصْرِ الشَّقا
وقَرَّ على الذُّلِّ خَيشومُها كما خطمَ الصعب جَذبُ البُرى
وأغْفَتْ فلم أَدْرِ عن حَيرةٍ بها : كيف إيقاظُها أو متى
ولم أدرِ مِن طيبِ إغفائها على الذُّلِّ ، أيَّ خيالٍ تَرى
أهِمّاً تغشَّاهُ بَعْدَ العنا كرىً ،أمْ صبياً بريئاً غفا؟
متى تستفيقُ وفحمُ الدُّجى عليها مشتْ فيه نارُ الضُّحى
وقد نَفَض الكهفُ عن أهله غُبارَ السنينَ ووَعْثَ البِلى ؟
تعيشُ على الأرضِ أُمِّ الكفاحِِ وتربُطُ أحلاَمها بالسَّما
وتَصْبَغُ بالوَرْد آمالَها كما طرَّزَ الحائكونَ الرِّدا
وأصنامِ بَغْيٍ يصُبّونها ويَدْعُونها مَثلاً يُقتدى
يُثيرونَ من حولِها ضَجَّةً بها عن مَخازيهمُ يُلتهى
كما حَجَبَتْ بالغُبارِ العيون خِفافٌ مُهرّأةٌ تُحتذى
فهذا سيمضي وهذا مضى وهذا سيأتي وهذا أتى
وهذا " زعيمٌ " ، لأنّ السفيرَ يرنو إليه بعينِ الرّضا
وفي ذاكَ عن سُخطِ أهل البلادِ على حُكمهِ أو رضاهم غِنى
وهذا بعِمتَّهِ ، ساخراً ، من " الجنِّ " يَرفعها للعلى
تجيءُ المطامعُ منقادةً إليه إذا شاءَ أو لم يَشا
وليتك تحَسِبُ أزياءهم فتجمعَ منها زهورَ الرُّبى
فتلكَ اللفائفُ كالأُقحُوانِ بها العِلمُ ينفحُ طيبَ الشذا!
تَطُقُّ المسابحُ من حولِها لتُعلِنَ أنَّ مَلاكاً أتى
وتلكَ الشراشيفُ كالياسمينِ تاهَ " العِقالُ " بها وازدهى !
تدلَّتْ عناقيدُ مثلُ الكرومِ على كتفَيْ " يابسٍ " كالصُوى
يَوَدُّ من " التِّيهِ !" لو أنَّه يَشُدُّ بها " جَرَساً ! " إنْ مشى
لِيَعلِمَ سامعُه أنَّه " ينوبُ !" عن البلدِ المُبتلى
إذا رَفعَ اليدَ للحاكمينَ بدَتْ " نَعَمٌ " وهي في زيِّ " لا! "
وبينهما محدَثٌ ناشيءٌ إذا خطَّ تَعرِفُه أو حَكى
تعوِّذُه أُمُّه إنْ مشى إلى " البرلمانِ " بأمِّ القرى
ومُستسلمين يَرونَ الكفاحَ قَوراء مدحوَّةً تُمتطى
فَتغرُزُ في رَخوةٍ سَمْحَةٍ وتنفِرُ عن ذي مِسَنٍّ قَسا
يَرَوْنَ السياسةَ أنْ لا يمسَّ هذا ، وأنْ يُتَّقى شرُّ ذا
وهذا وذا في صميمِ البلادِ سُلٌّ ، وفي العينِ منها قذى
مساكين يقتحمونَ الكفاحَ وقد راعهمْ بابُه مِن كُوى
وما هو إلاَّ احتمالُ الخُطوبِ وإلاّ الأذى والعَرا والطَّوى
فهمْ يعرفونَ مزايا الخُلودِ ولا يُنكرونَ مزايا الفَنا
وهمْ يعشَقونَ هُتافَ الجموعِ ويَخْشونَ ما بعدَه من عَنا
فليتَ لنا بهمُ ناقةً تُطيق الحفا والوجا والوحى
وتجترُّ بالجوعِ ما عندَها وتَطوي على الخِمْسِ حَرَّ الظما
ومُحتقِبٍ شرَّ ما يُجتوى مشى ناصباً رأسهُ كاللِّوا
مشى ومشتْ خلفَهُ عُصبةٌ تقيسُ خُطاهُ إذا ما مشى
يُحبُّ " السلامةَ " مشفوعةً بدَعوى " الجْبانِ " بحُبِّ الوَغى
ويجمعُ بينَ ظِلالِ القصورِ وعَصْرِ الخمورِ ورشْفِ اللَّمى
وعيشِ " المَهازيلِ " في ناعمٍ من العيشِ مِن مثلهِ يُستحى
وبينَ " الزعامةِ ! " لا تُصطَفَى بغيرِ السجونِ ولا تُشترى
ولم أدرِ كيفَ يكونُ الزعيمُ إذا لم يكنْ لاصقاً بالثرى
ومنتحلينَ سِماتِ الأديبِ يظنّونها جُبَباً تُرتدى
كما جاوبتْ " بومةٌ ! " بومةً تَقارَضُ ما بينها بالثَّنا
ويرعَوْن في هذَرٍ يابسٍ من القولِ ، رعيَ الجمالِ الكلا
يرَوْنَ " وُرَيقاتِهم " بُلغةً من العيشِ لا غايةً تُبتغى
فَهُمْ والضميرِ الذي يصنعونَ لمنْ يعتلي ، صهوةٌ تعتلى
ولاهِينَ عن جِدِّهم بالفراغِ زوايا المقاهي لهم مُنتدى
تصايَح باللغوِ ما بينها صِياحَ اللقالق تنفي الحصى
وشدُّوا خُيوطاً بأعناقِهمْ تَصارَخُ ألوانُها بالدِّما
ألا يخجلونَ إذا قايسوا حياتَهمُ بحياةِ الأُلى
المقصورة ...
محمد مهدي الجواهري
برغمِ الإِباءِ ورغمِ العُلى ورغمِ أُنوفِ كِرامِ المَلا
ورغم القلوبِ التي تستفيضُ عُطفاً تَحوطُكَ حَوْطَ الحِمى
وإذ أنتَ ترعاكَ عينُ الزمانِ ويَهْفُو لجِرْسِكَ سَمْعُ الدُّنى
وتلتفُّ حولَكَ شتَّى النُّفوسِ تَجيشُ بشتَّى ضروبِ الأسى
وتُعرِبُ عنها بما لا تُبين كأنَّك من كلِّ نفسٍ حشا
فأنتَ مع الصبحِ شَدْوُ الرعاةِ وحلمُ العذارى إذا الليلُ جا
وأنت إذا الخطبُ ألقى الْجِران وحطَّ بكلكلهِ فارتمى
ألحْتَ بشِعرِكَ للبائسين ، بداجي الخُطوبِ ، بَريقَ المُنى
تروحُ على مثلِ شَوك القَتادِ وتغدو على مثل جَمْرِ الغضا
وتطوي الضُّلوعَ على نافذٍ من الصَّبرِ يُدمي كحزِّ المُدى
دريئةَ كلِّ جذيم اليدينِ رمى عن يَدَيْ غيرهِ إذ رَمى
رمى عن يدَيْ حاقدٍ نافسٍ عليك احتشادَ العلى والندى
وحلِساً لدارِكَ والمُقْرفون يجولونَ كلَّ مجالٍ بدا
على حينَ راحَ هجينُ الطباعِ تَنطَّفُ أطرافُه بالخَنا
أدَرَّ عليه ثُدِيَّ الخُمولِ وهزَّتْهُ في المهدِ كفُّ الغَبا
يجرُّ ذيولَ الخنا والغِنى وتهفو عليه ظِلالُ المُنى
وحولَكَ مثلُ فِراخِ الحَمامِ لولا الشعورُ – وزُغْبِ القَطا
تدورُ عيونُهمُ والذَّكاءُ يَلمَعُ فيها كحدِّ الظُبا
إلى كلِّ شَوْهاءَ مرذولةٍ وأشوَهَ مستأثِرٍ بالغِنى
وتَرْجِعُ والعتبُ في مُوقِها تَساءلُ : أيُّكما المُبتلى ؟
بـ " علقمةَ الفحلِ " أُزجي اليمينَ أنَّي ألَذُّ بمُرِّ الجنى
وبـ " الشَّنْفَرى " أنَّ عينَّي لا تَلَذّانِ في النومِ طعمَ الكرى
وبـ " المتنبئِ " أنَّ البَلاءَ ، إذا جدَّ ، يَعلم " أني الفتى "
ألا مِن كريمٍ يَسُرُّ الكرامَ بجيفةِ جلْفٍ زَنيمٍ عَتا
فيا طالما كانَ حدُّ البَغِيِّ يُخفِّفُ مِن فحشِ أهل البِغا
ويا طالما ثُنِيَ السادِرونَ بما اقتِيدَ من سادرٍ ما ارعوى
على أنَّه مِن شِفاءِ الصُدورِ لو أنَّ حُرّاً كريماً شفى
تأصَّلَ هذي العروقَ الخِباثَ فقد ضاقَ بالجِذْمِ منها الثرى
فما هي أوّلُ مجذومةٍ مخافةَ عدوى بها تُنتفى
ولا هي أوّلُ " أغلوطةٍ " محا شاطبٌ رسمَها فامَّحى
وما بالنفوسِ اللواتي ملكنَ بأطماحهنَّ عَنانَ السّما
عناءٌ إلى مَن يُقيتُ البُطونَ ولكنْ إلى من يُميطُ الأذى
إلى من يكُفُّ صغارَ النفوسِ ، صغارَ الحلومِ ، صغارَ الهوى
يَكُفُّهمُ أنْ يكون الكريم به عن هوانهمُ : يُشتفى
أُنّبِيكَ عن أطيبِ الأخبثينَ فقُلْ أنتَ بالأخبثِ المُزدرى
زِقاقٌ من الرّيحِ منفوخةٌ وإنْ ثَقَّلَ الزهوُ منها الخطى
وأشباحُ ناسٍ ، وإنْ أُوهِمُوا بأنّهمُ .. " قادةٌ " في الورى
ألمْ ترَ أنِّيَ حربُ الطغاةِ سلمٌ لكلِّ ضعيفٍ الذَّما
وأني تركتُ دهينَ السِّبالِ كثيرَ الصيالِ ، شديدَ القوى
من الخوفِ كالعَيْرِ قبلَ الكواءِ يَحبقُ مما اصطلى واكتوى ؟!
بماذا يخوِّفني الأرْذَلُونَ وممَّ تخافُ صِلالُ الفلا؟!
أيُسْلبُ عنها نعيمُ الهجيرِ ونفحُ الرمالِ ، وبذْخُ العرا!!
بلى ! إنّ عنديَ خوفَ الشُّجاعِ وطيشَ الحليمِ وموتَ الرَّدى
إذا شئتُ أنضجتُ الشِّواء جلوداً تعَّصْت فما تُشتوى
وأبقيتُ من مِيسَمي في الجِباهِ وشْماً كَوشْمِ بناتِ الهوى
فوارقُ لا يَمَّحي عارُها ولا يَلتَبسْنَ بوصفٍ " سوى !"
بحيثُ يقالُ إذا ما مشى الصّليُّ بها : إنّ وغداً بدا
وحيثُ يُعيَّرُ أبناؤهُ بأنّ لهُمْ والداً مثلَ ذا
أقولُ لنفسيْ – إذاضمَّها وأترابَها محفِلٌ يُزدهى
تسامَيْ فانكِ خيرُ النفوسِ إذا قيسَ كلٌّ على ما انطوى
وأحسنُ ما فيكِ أنّ " الضميرَ " يَصيحُ من القلبِ أنِّي هُنا
وأنتِ إذا زيفُ المعجبينَ تلألأ للعينِ ثُمَّ انجلى
ولم تستطعْ هممُ المدَّعين صبراً على جمرةٍ المدَّعى
خلَصْتِ كما خَلصَ ابنُ " القُيون " تَرعرَع في النار ثمَّ استوى
تسامَيْ فإنّ جناحيكِ لا يَقَرّانِ إلا على مُرتقى
كذلكَ كلُّ ذواتِ الطِماحِ والهمِّ ، مخلوقةٌ للذُّرى
شهِدتُ بأنكِ مذخورةٌ لأبعدَ ما في المدى من مدى
وأنكِ سوفَ تدوِّي العصورُ بما تتركينَ بها من صدى
بآيةِ أنَّ يدَ المُغرياتِ تهابُكِ إلاَّ كَلمسِ النَّدى
وأنكِ إنْ يَلتمعْ مطمعٌ يُخاف على الرُّوحِ منه العمى
يموتُ " النبوغُ " بأحضانه ويُنعى به " الأمل " المرتجى
وتمشي الجموعُ على ضوئهِ لتبكي على عبقريٍّ قضى
وكادتْ تَلُفُّكِ في طيّها حواشيه .. ردَّكِ عزمٌ قَضى
لشرِّ النِهاياتِ هذا " المطافُ " وكلُّ مَطافٍ إلى مُنتهى
متى ترَعوي أُمةٌ بالعِراقِ تُساقُ إلى حتفِها بالعصا
تُذَرَّى على الضَّيْمِ ذَرْوَ الهشيمِ ويَعرقُها الذُّلُّ عَرْقَ اللِّحا
وتنزو بها شهوةُ المشتهينَ كما دُحرجتْ كرةٌ تُرتمى
يَجدُّ بَغيضٌ بها عهدَهُ إذا قيلَ عهدُ بَغيضٍ مضى
وتسمَنُ منها عِجافٌ مَشتْ إلى الأجنبيِّ تَجُرُّ الخُصي
تُراودُها عِزّضها كالقُرومِ هِجانٌ عليها غريبٌ نَزا
عجبتُ وقد أسلمتْ نفسَها لعَرْكِ الخُطوبِ وعَصْرِ الشَّقا
وقَرَّ على الذُّلِّ خَيشومُها كما خطمَ الصعب جَذبُ البُرى
وأغْفَتْ فلم أَدْرِ عن حَيرةٍ بها : كيف إيقاظُها أو متى
ولم أدرِ مِن طيبِ إغفائها على الذُّلِّ ، أيَّ خيالٍ تَرى
أهِمّاً تغشَّاهُ بَعْدَ العنا كرىً ،أمْ صبياً بريئاً غفا؟
متى تستفيقُ وفحمُ الدُّجى عليها مشتْ فيه نارُ الضُّحى
وقد نَفَض الكهفُ عن أهله غُبارَ السنينَ ووَعْثَ البِلى ؟
تعيشُ على الأرضِ أُمِّ الكفاحِِ وتربُطُ أحلاَمها بالسَّما
وتَصْبَغُ بالوَرْد آمالَها كما طرَّزَ الحائكونَ الرِّدا
وأصنامِ بَغْيٍ يصُبّونها ويَدْعُونها مَثلاً يُقتدى
يُثيرونَ من حولِها ضَجَّةً بها عن مَخازيهمُ يُلتهى
كما حَجَبَتْ بالغُبارِ العيون خِفافٌ مُهرّأةٌ تُحتذى
فهذا سيمضي وهذا مضى وهذا سيأتي وهذا أتى
وهذا " زعيمٌ " ، لأنّ السفيرَ يرنو إليه بعينِ الرّضا
وفي ذاكَ عن سُخطِ أهل البلادِ على حُكمهِ أو رضاهم غِنى
وهذا بعِمتَّهِ ، ساخراً ، من " الجنِّ " يَرفعها للعلى
تجيءُ المطامعُ منقادةً إليه إذا شاءَ أو لم يَشا
وليتك تحَسِبُ أزياءهم فتجمعَ منها زهورَ الرُّبى
فتلكَ اللفائفُ كالأُقحُوانِ بها العِلمُ ينفحُ طيبَ الشذا!
تَطُقُّ المسابحُ من حولِها لتُعلِنَ أنَّ مَلاكاً أتى
وتلكَ الشراشيفُ كالياسمينِ تاهَ " العِقالُ " بها وازدهى !
تدلَّتْ عناقيدُ مثلُ الكرومِ على كتفَيْ " يابسٍ " كالصُوى
يَوَدُّ من " التِّيهِ !" لو أنَّه يَشُدُّ بها " جَرَساً ! " إنْ مشى
لِيَعلِمَ سامعُه أنَّه " ينوبُ !" عن البلدِ المُبتلى
إذا رَفعَ اليدَ للحاكمينَ بدَتْ " نَعَمٌ " وهي في زيِّ " لا! "
وبينهما محدَثٌ ناشيءٌ إذا خطَّ تَعرِفُه أو حَكى
تعوِّذُه أُمُّه إنْ مشى إلى " البرلمانِ " بأمِّ القرى
ومُستسلمين يَرونَ الكفاحَ قَوراء مدحوَّةً تُمتطى
فَتغرُزُ في رَخوةٍ سَمْحَةٍ وتنفِرُ عن ذي مِسَنٍّ قَسا
يَرَوْنَ السياسةَ أنْ لا يمسَّ هذا ، وأنْ يُتَّقى شرُّ ذا
وهذا وذا في صميمِ البلادِ سُلٌّ ، وفي العينِ منها قذى
مساكين يقتحمونَ الكفاحَ وقد راعهمْ بابُه مِن كُوى
وما هو إلاَّ احتمالُ الخُطوبِ وإلاّ الأذى والعَرا والطَّوى
فهمْ يعرفونَ مزايا الخُلودِ ولا يُنكرونَ مزايا الفَنا
وهمْ يعشَقونَ هُتافَ الجموعِ ويَخْشونَ ما بعدَه من عَنا
فليتَ لنا بهمُ ناقةً تُطيق الحفا والوجا والوحى
وتجترُّ بالجوعِ ما عندَها وتَطوي على الخِمْسِ حَرَّ الظما
ومُحتقِبٍ شرَّ ما يُجتوى مشى ناصباً رأسهُ كاللِّوا
مشى ومشتْ خلفَهُ عُصبةٌ تقيسُ خُطاهُ إذا ما مشى
يُحبُّ " السلامةَ " مشفوعةً بدَعوى " الجْبانِ " بحُبِّ الوَغى
ويجمعُ بينَ ظِلالِ القصورِ وعَصْرِ الخمورِ ورشْفِ اللَّمى
وعيشِ " المَهازيلِ " في ناعمٍ من العيشِ مِن مثلهِ يُستحى
وبينَ " الزعامةِ ! " لا تُصطَفَى بغيرِ السجونِ ولا تُشترى
ولم أدرِ كيفَ يكونُ الزعيمُ إذا لم يكنْ لاصقاً بالثرى
ومنتحلينَ سِماتِ الأديبِ يظنّونها جُبَباً تُرتدى
كما جاوبتْ " بومةٌ ! " بومةً تَقارَضُ ما بينها بالثَّنا
ويرعَوْن في هذَرٍ يابسٍ من القولِ ، رعيَ الجمالِ الكلا
يرَوْنَ " وُرَيقاتِهم " بُلغةً من العيشِ لا غايةً تُبتغى
فَهُمْ والضميرِ الذي يصنعونَ لمنْ يعتلي ، صهوةٌ تعتلى
ولاهِينَ عن جِدِّهم بالفراغِ زوايا المقاهي لهم مُنتدى
تصايَح باللغوِ ما بينها صِياحَ اللقالق تنفي الحصى
وشدُّوا خُيوطاً بأعناقِهمْ تَصارَخُ ألوانُها بالدِّما
ألا يخجلونَ إذا قايسوا حياتَهمُ بحياةِ الأُلى
الفضل الحاج البشير- مشرف منتدى الشعر
رد: مقصورة محمد مهدي الجواهري
إذا رَفعَ اليدَ للحاكمينَ بدَتْ " نَعَمٌ " وهي في زيِّ " لا! "
وبينهما محدَثٌ ناشيءٌ إذا خطَّ تَعرِفُه أو حَكى
تعوِّذُه أُمُّه إنْ مشى إلى " البرلمانِ " بأمِّ القرى
ومُستسلمين يَرونَ الكفاحَ قَوراء مدحوَّةً تُمتطى
وبينهما محدَثٌ ناشيءٌ إذا خطَّ تَعرِفُه أو حَكى
تعوِّذُه أُمُّه إنْ مشى إلى " البرلمانِ " بأمِّ القرى
ومُستسلمين يَرونَ الكفاحَ قَوراء مدحوَّةً تُمتطى
nashi- مشرف المنتدى الرياضى
مواضيع مماثلة
» قفص العظام للشاعر محمد مهدي الجواهري
» دجلة الخير ........ محمد مهدي الجواهري
» رائعة دجلة الخير للرائع محمد مهدي الجواهري (1)
» ناجيت قبرك ... لمحمد مهدي الجواهري
» تتمة دجلة الخير لمحمد مهدي الجواهري
» دجلة الخير ........ محمد مهدي الجواهري
» رائعة دجلة الخير للرائع محمد مهدي الجواهري (1)
» ناجيت قبرك ... لمحمد مهدي الجواهري
» تتمة دجلة الخير لمحمد مهدي الجواهري
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى