أطفال المغتربين وأزمة فقد الهويه الوطنيه

ظل جالساً بالقرب من أبيه صامتاً ، تعلو محياه علامات مختلفة ومختلطة ، علامات تجبرك على أن تنتبه لها ، علامات أقرب ما توصف بالحيرة ، وفي أثناء تسامر الآخرين وفي لحظة صمت نطق لسانه فجأة (( بابا نحن ما ماشين السودان ، السودان ما حلو ، قالوا الكهرباء بتقطع وفيه الباعوضه بتقرص )) . سكت الجميع برهه ثم أردفوا ذلك بمزيج من الضحكات الساخرة ، أتبعها الوالد بـ قوم نوم يا ولد بكره ورانا سفر .

لم تطل فترة التسامر والقفشات الساخرة ليبدأ الجميع بالتوديع والمغادرة وتبليغ السلام وطلب الدعوات من الأهل ، والدعاء بالوصول لأرض الوطن بالسلامة والعافية ، وكالعادة ترك البعض مجموعة من الأدوية والأموال والوصايا علها تكسبهم بعض الرضى وتخفف من إحساسهم بالغربة .

مثل تلك العادات نتوارثها تباعاً ، وبحكم التعود لم تكن تلك العادة ما لفت نظري ، فلم أتوقف كثيراً عندها ، ما لفت نظري أكثر ....!!!

تلك العبارة وذلك الصغير الذي اُوقن تماماً أنه لم ينم تلك الليلة ، إلا عندما أعياه التعب وطال به السهر ، كما اُوقن كذلك بانه لم يطل به المقام مستيقظاً فرحاً وسعيداً بفضل أشواقه الجارفة للسودان الذي على ما أذكر لم يزره من قبل ....!!! إنما كان ذلك حيرة وخوف من مجهول ، مجهول لم يرى منه أويسمع عنه إلا من الآخرين والتلفاز .

ويا سيدي العزيز وهنا (( المغترب أوالمهاجر السوداني )) تلك عبارة " قد" تسمعها من أطفالك في غفلة منك بتوجيههم وإكسابهم للمعلومات الصحيحة وقبل ذلك كله " الوطنية " ، وأرجو من الله أن تكون ممن يحدبون على وطنهم وممن لن يتجرعوا مرارة سماع تلك العبارة أو ما يشابهها من عبارات ، وذلك لإنتباههم لذلك الخطر .

قد تبادر بالقول ، لست مذنباً فتلك " ضريبة الغربة " وأنا أُجبرت على التغرُب لتحسين أوضاعي الإقتصادية ولأن أوضاعي في أرض الوطن لم ولن تتحسن ، ولن تلقى باللوم على نفسك ، ولن تستعصي عليك الاعذار ، فنحن البشر بطبعنا نجد العذر لأنفسنا دوماً .

ولست هنا بصدد ذكر أسباب الغربة ومسبباتها ، لكني بصدد التنويه عن التقليل من آثارها بقدر الإمكان ، وهذا ما سوف تُلام عليه وتستشعر آثاره عليك وعلى أسرتك بمرور الوقت في حال أغلقت أعينك وصممت أذنيك عنه ولم تأخذك الغيرة على أسرتك وبلدك ، ولم تنتبه لإنجرافك المنحدر رأسياً للأسفل بعيداً عن قمة بلدك ووطنك .

أجل أنت " الملام " ما لم توجه أبناءك خير توجيه وتدلهم على الطريق الصحيح ، وتدخل في عقولهم حب الوطن والغيرة عليه مهما كانت الظروف ، ذلك أن الكثيرين يحكمون على الوطن فقط " بمن يحكم أو من يتعامل بسوء أوبالظواهر السالبة او بكثرة قطوعات الكهرباء وكثرة الباعوضه والقراص " وهذا ما ينافي المفهوم الصحيح ، فالوطن أكبر وأسمى من ذلك بكثير وأجمل .

وإياك أن تتحجج أو تتعذر بتلك الحجج الواهيه على شاكلة ظروف عملي ووقتي لا تسمح لي بمجالسة أسرتي بما يكفي ........ وهكذا أمور ، هذا لن يبرئك من المسئولية يا سيدي العزيز .



ودمتم

بالجد انت مربي يا عوض السيد
يا ريت لو كل النا يعون ما تعني
وان للوطن حرمتة وهو المكان الذي لا يجب رميه حتى بالورود
رغم قساوته علموا اولادكم حبه
دمت يا ابن عمي

وانا خوفي على ولد ابوي

أشكركم جزيل الشكر ابن عمى ومحمد نويه على المرور الراقى.
يا طارق أكثر ما يهمنا فى الغربه هو غرس القيم الوطنيه فى اولادنا لأننا طال الزمن ام قصر نحن راجعين اذا امد الله فى الاجال.
يا ول نويه ابراهيم وأخوانو مواكبين ومنضبتين فى قضاء اجازاتهم بالسودان لذلك سوف لن يفلتو باذن الله