سوداني لم يشاهد قط صندوق اقتراع طيلة حياته !!!
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
سوداني لم يشاهد قط صندوق اقتراع طيلة حياته !!!
سوداني لم يشاهد قط صندوق اقتراع طيلة حياته
طلحة جبريل
talha@talhamusa.com
لنطرق الموضوع مباشرة. حتى تتوفر شروط التنافس النزيه في اي انتخابات يفترض أن اي مرشح يستطيع الوصول الى أكبر عدد من الناخبين. في حالة الانتخابات الرئاسية التي يفترض أن تجري في بلادنا في ابريل المقبل ، لن يتحقق هذا الجانب الا بتوفر المساواة بين المرشحين في أمرين:
*توفرامكانيات مالية .
*اتاحة فرص متكافئة على صعيد وسائل الاعلام الحكومية.
في بلد مثل بلدنا ، لايمكن فيه جمع أموال أو تبرعات لتمويل الحملة الانتخابية من ناخبين أغلبيتهم الساحقة تبحث عن قوت يومها، يبدو الحل واضحاً، كما يحدث في بعض الدول التي تتشابها أوضاعها السياسية والاقتصادية مع أوضاعنا، اي ان ترصد الدولة اعتمادات مالية توزع على المرشحين الرئاسيين بالتساوي ، طالما انه لا يمكن اعتماد أي معيار آخر ، لان لا أحد يعرف الآن وليس بمقدوره أن يقول ما هي شعبية كل مرشح. ولان أموال الدولة، هي "نظرياً" أموال الشعب، إذاً تمويل الحملات الانتخابية من المال العام هو الوضع السليم، حتى نضمن فرصاً متساوية أمام الجميع، وحتى ينطلق السباق الرئاسي بطريقة طبيعية. إزاء ذلك فإن تجنيد إمكانيات الدولة لصالح مرشح ما، يضر ضرراً بليغاً بالنزاهة المتوخاة. إنه "ليس سباقاً يخوضه حصان واحد" كما يقول المثل الانجليزي، بل هو سباق سيخوضه عشرة مرشحون.
المرشحون المتنافسون يأملون الوصول الى جميع الناخبين لاقناعهم ببرامجهم الانتخابية، وهم يحتاجون قطعاً لامكانيات مالية ضخمة في بلد مترامي الأطراف، و يحتاجون الى وسائل دعاية، ومصاريف لتنظيم التجمعات الانتخابية ، وملصقات انتخابية، وموظفون يعملون معهم في حملة قيل إنها ستستمر 56 يوماً ، إذاً من أين يمكن ان تتوفر لهم هذه الامكانيات؟.
ومسألة اخرى شديدة الارتباط بهذا الأمر، وهي حرية تنظيم التجمعات، حيث تحد القوانين السارية حالياً من حق أي مرشح في عقد اللقاء الذي يريد في الزمان والمكان الذي يرغب فيه ، طالما انه ملزم بالحصول على موافقة " أمنية" مسبقة على عقد اي لقاء ، وهذا ليس وضعاً شاذاً بل لا يستقيم على الاطلاق ، لان وجود هذا الشرط سيتيح حتماً لمرشح واحد ان يتنقل وبامكانيات وأبهة الدولة الى اي مكان وان ينظم أي تجمع متى اراد وباية طريقة يختار.
نأتي بعد ذلك الى موضوع " الحصص الإعلامية" . قرأت في هذا الصدد الحوار الذي أجرته هذه الصحيفة مع محمد حاتم سليمان "مدير الهيئة العامة للتلفزيون القومي" والذي حاول فيه تبديد الشكوك التي اثارها أحد مرشحي الرئاسة حول حيادية الهيئة مما دفع به الى مقاطعة التسجيل التلفزيوني الاول المخصص له.
واقول بكل موضوعية ، ومن موقعي الصحافي والاعلامي، إن ما قاله محمد حاتم ، لم يكن مقنعاًعلى الاطلاق، بل رسخ لدي الاقتناع إن موضوع الحصص الزمنية، مسألة مضللة. وعلى الرغم من أن المسؤول الاعلامي أراد أن يؤكد " حياده ونزاهته" وهو ما يفترض انه سينسحب على المؤسسة التي يديرها ، فإن ما قاله لايستقيم عقلاً حتى مع وضعه الوظيفي ، إذ هو في بداية الأمر ونهايته، موظف حكومي عينته الحكومة الحالية ولم ينتخبه مجلس أمناء كما هو الشأن في المؤسسات الاعلامية المحايدة، وبالتالي من الطبيعي ان يمتثل لتعليمات الجهة التي اختارته، ولايمكن له بل لا يجوز له اصلاً أن يكون " محايداً ونزيهاً" إذ المطلوب منه التقيد والامتثال للتعليمات. وهو قال لتدعيم وجهة نظره كلاماً لم أفهمه ، وهنا أنقل عنه حرفياً " التلفزيون مؤسسة قومية تقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية من أقصاها الى اقصاها".إن ما نشاهده في "تلفزيون السودان" هذه الايام ، التي يفترض أنها ايام " حملة انتخابية" لسوء حظ المسؤول الحكومي يفيد عكس ذلك.
ثم يقول محممد حاتم سليمان إن كل مرشح سينال أربع فرص ويعاد بثها ثلاث مرات ليصل الى نتيجة مؤداها ان اي مرشح سيطل على الناخبين 12 مرة. وإذا ادركنا ان كل مرشح سيتحدث في كل مرة 20 دقيقة فقط ، فإن كل مرشح سيتحدث الى ملايين الناخبين 80 دقيقة طوال 56 يوماً، في حين لا ينفي المسؤول نفسه ان " التنفيذيين" اي شخصيات النظام، ستتم تغطية أنشطتهم " التنفيذية" ، وهذا كلام فضفاض ، إعادة قراءاته تؤكد ذلك.
يقول محمد حاتم سليان ايضاً إنهم سيطبقون التعليمات التي اعدتها " الآلية الفنية" التابعة لمفوضية الانتخابات، وحتى نفهم كيف ستطبق تعليمات هذا اللجنة المتفرعة من المفوضية، لنتأمل تركيبة هذه الآلية، إذ هو يقول إنها تضم " ممثلين للمفوضية والأجهزة القومية الاعلامية القومية للاذاعة والتلفزيون ، ووكالة السودان للانباء، ومجلس الصحافة والمطبوعات، وخبراء اعلاميين وممثلي الاحزاب ".
سنلاحظ بوضوح أن التركيبة تضم مؤسسات حكومية ، إضافة الى ممثلي الاحزاب السياسية، مع وجود " خبراء اعلاميين" وبما انني وبكل موضوعية لا أعرف من هم هؤلاء " الخبراء" سأفترض حياديتهم.
إذن بعبارة اخرى أجهزة الاعلام القومية ستطبق تعليمات الآلية الفنية، التي لها بداخلها وجود وازن وكبير، اي انها في نهاية المطاف ستطبق ما تريد تطبيقه من تعليمات.
إن حديث محمد حاتم سليمان كان واضحاً ، ليس لجهة دحض الانتقادات بل لتأكيدها.
الوضع الطبيعي وتأسيساً على تجارب أخرى كان يفترض فعلاً ان تتشكل لجنة إعلامية محايدة تابعة لمفوضية الانتخابات، ليست فقط لتقسيم الحصص الزمنية ولكن لمراقبة أداء المؤسسات الاعلامية القومية أيضاً خلال الحملة الانتخابية، ولا أعتقد أن الوقت قد تأخر كثيراً لتصحيح الاعوجاج الحالي، واقترح في هذا الصدد التالي:
*تتشكل اللجنة المحايدة من اعلاميين وتصم ممثلين للأجهزة الاعلامية اضافة الى ممثلي الاحزاب السياسية، وهي التي تحدد طرق استعمال الاذاعة والتلفزيون وبالتساوي بين جميع المرشحين.
يجب ان تشتمل الحصص الزمنية على التالي :
اولاً مداخلات مرشحي الرئاسة أنفسهم لتقديم برنامجهم الانتخابي
ثانياً تغطية متساوية وكثيفة لتجمعاتهم الانتخابية.
ثالثاً طاولات نقاش اذاعية وتلفزيونية في ندوات يشارك فيها ممثلوهم، مع حضور جمهور .
رابعاً، مناظرات تلفزيونية واذاعية بين المرشحين لا تقل عن عشر مناظرات في كل جهاز ، ليتعرف الناخبون على مقدرات وأفكار هؤلاء الذي يرغبون في ان يتولوا أرفع منصب في الدولة.
ويمكن أن ينسحب ذلك على الانتخابات التشريعية والولائية.
أما ما يحدث الآن ، ليس عادلاً أو منصفاً ، إذ لا يمكن اقتطاع 80 دقيقة لكل مرشح ، ثم بعد ذلك نغرق الاذاعة والتلفزيون بدعاية مباشرة اوغير مباشرة لمن بيدهم مقاليد السلطة.
اختم بمسألة قد تبدو شخصية لكنها قطعاً ليست كذلك.
سئلت خلال برنامج إذاعي مع أحدى الاذاعات الاوربية، وفي آخر اللقاء سؤالاً لم يمكن في الحسبان قال المذيع " لمن ستمنح صوتك في انتخابات الرئاسة طالما انه يحق للسودانيين في الخارج التصويت في هذه الانتخابات".
كان جوابي حرفياً كالتالي " كنت اتمنى أن اقول لك من هو مرشحي المفضل كما يحدث في الديمقراطيات العريقة، حيث لا يخفي أحد نوايا تصويته، لكن أقول بكل أسف لن أجد يوم الانتخابات مركز تصويت وصندوق اقتراع اضع فيها اسم المرشح الذي اعتقد أنه الأجدر".
ولم أزد على ما قلت، ولا أعرف إذا كان المذيع قد فهم جوابي.
لكنني هنا ساشرح ذلك الجواب.
كنت أقيم في واشنطن حتى الصيف الماضي، وكان يفترض ان أسجل أسمي ضمن كشوفات الناخبين في السفارة السودانية في العاصمة الاميركية، لكن حتى غادرت لم يكن قد فتح باب التسجيل في السفارة، وهو ما حدث لاحقاً. جئت الى المغرب العربي وبما ان مكان اقامتي الدائم هو الرباط ، فقد انتظرت فتح باب التسجيل في السفارة السودانية في العاصمة المغربية ، لكن ذلك لم يحدث. وعلمت لاحقاً ان السودانيين في المغرب ، لن تتاح لهم فرصة التصويت ، لان مفوضية الانتخابات لم تهتم بهم أصلاً ، وربما ارتأت إنه لا يوجد ما يبرر مشاركتهم في الاقتراع ، اي لن يكون هناك صندوق اقتراع في الرباط ، وبالتالي علينا نحن هذه القلة أن نقبل باختيار باقي الناخبين الآخرين داخل وخارج الوطن.
هكذا اذاً لن يكتب لي شخصياً التصويت على الاطلاق .
خرجت من السودان ولم تكن هناك اصلاً انتخابات نشارك فيها، وبعد سقوط نظام نميري لم يكن متاحاً الاقتراع في الانتخابات التي جرت في عهد الديمقراطية الثالثة، إذ كان التصويت بالداخل فقط، وبعد احتمال عودة " صناديق الاقتراع" عقب ليل بهيم دام 20 سنة ، وجدت نفسي في منطقة لم تتذكرها " مفوضية الانتخابات" على الرغم من أنني " سوداني" وليس شيئاً عدا ذلك.
لكن هل تكفي الحسرة فقط؟
بدا لي أن ذلك لا يجوز ، لذلك قررت التقدم بطعن أمام القضاء السوداني، أطالب فيه بحقي في المشاركة الانتخابات. قد تبدو خطوة رمزية. لكنها بالنسبة لي مسألة مصيرية. من قال إن العمر سيمتد حتى تعرف بلادنا انتخابات أخرى، وفغي ظني أن الوقت لا يرحم الامور التي لا تتم في إبانها .
.....................................
اضاءة: اخطأت في المقال السابق في اسم المخرج الذي اعد شريطاً وثائقياً عن الطيب صالح ، الى ان جاء من لفت انتباهي لذلك الخطأ، إذ مخرج الفيلم هو الشاعر واستاذ الدراما بعدد من الجامعات السودانية والمخرج الاذاعي والتلفزيوني والمسرحي قاسم ابو زيد .
"الأحداث"
طلحة جبريل
talha@talhamusa.com
لنطرق الموضوع مباشرة. حتى تتوفر شروط التنافس النزيه في اي انتخابات يفترض أن اي مرشح يستطيع الوصول الى أكبر عدد من الناخبين. في حالة الانتخابات الرئاسية التي يفترض أن تجري في بلادنا في ابريل المقبل ، لن يتحقق هذا الجانب الا بتوفر المساواة بين المرشحين في أمرين:
*توفرامكانيات مالية .
*اتاحة فرص متكافئة على صعيد وسائل الاعلام الحكومية.
في بلد مثل بلدنا ، لايمكن فيه جمع أموال أو تبرعات لتمويل الحملة الانتخابية من ناخبين أغلبيتهم الساحقة تبحث عن قوت يومها، يبدو الحل واضحاً، كما يحدث في بعض الدول التي تتشابها أوضاعها السياسية والاقتصادية مع أوضاعنا، اي ان ترصد الدولة اعتمادات مالية توزع على المرشحين الرئاسيين بالتساوي ، طالما انه لا يمكن اعتماد أي معيار آخر ، لان لا أحد يعرف الآن وليس بمقدوره أن يقول ما هي شعبية كل مرشح. ولان أموال الدولة، هي "نظرياً" أموال الشعب، إذاً تمويل الحملات الانتخابية من المال العام هو الوضع السليم، حتى نضمن فرصاً متساوية أمام الجميع، وحتى ينطلق السباق الرئاسي بطريقة طبيعية. إزاء ذلك فإن تجنيد إمكانيات الدولة لصالح مرشح ما، يضر ضرراً بليغاً بالنزاهة المتوخاة. إنه "ليس سباقاً يخوضه حصان واحد" كما يقول المثل الانجليزي، بل هو سباق سيخوضه عشرة مرشحون.
المرشحون المتنافسون يأملون الوصول الى جميع الناخبين لاقناعهم ببرامجهم الانتخابية، وهم يحتاجون قطعاً لامكانيات مالية ضخمة في بلد مترامي الأطراف، و يحتاجون الى وسائل دعاية، ومصاريف لتنظيم التجمعات الانتخابية ، وملصقات انتخابية، وموظفون يعملون معهم في حملة قيل إنها ستستمر 56 يوماً ، إذاً من أين يمكن ان تتوفر لهم هذه الامكانيات؟.
ومسألة اخرى شديدة الارتباط بهذا الأمر، وهي حرية تنظيم التجمعات، حيث تحد القوانين السارية حالياً من حق أي مرشح في عقد اللقاء الذي يريد في الزمان والمكان الذي يرغب فيه ، طالما انه ملزم بالحصول على موافقة " أمنية" مسبقة على عقد اي لقاء ، وهذا ليس وضعاً شاذاً بل لا يستقيم على الاطلاق ، لان وجود هذا الشرط سيتيح حتماً لمرشح واحد ان يتنقل وبامكانيات وأبهة الدولة الى اي مكان وان ينظم أي تجمع متى اراد وباية طريقة يختار.
نأتي بعد ذلك الى موضوع " الحصص الإعلامية" . قرأت في هذا الصدد الحوار الذي أجرته هذه الصحيفة مع محمد حاتم سليمان "مدير الهيئة العامة للتلفزيون القومي" والذي حاول فيه تبديد الشكوك التي اثارها أحد مرشحي الرئاسة حول حيادية الهيئة مما دفع به الى مقاطعة التسجيل التلفزيوني الاول المخصص له.
واقول بكل موضوعية ، ومن موقعي الصحافي والاعلامي، إن ما قاله محمد حاتم ، لم يكن مقنعاًعلى الاطلاق، بل رسخ لدي الاقتناع إن موضوع الحصص الزمنية، مسألة مضللة. وعلى الرغم من أن المسؤول الاعلامي أراد أن يؤكد " حياده ونزاهته" وهو ما يفترض انه سينسحب على المؤسسة التي يديرها ، فإن ما قاله لايستقيم عقلاً حتى مع وضعه الوظيفي ، إذ هو في بداية الأمر ونهايته، موظف حكومي عينته الحكومة الحالية ولم ينتخبه مجلس أمناء كما هو الشأن في المؤسسات الاعلامية المحايدة، وبالتالي من الطبيعي ان يمتثل لتعليمات الجهة التي اختارته، ولايمكن له بل لا يجوز له اصلاً أن يكون " محايداً ونزيهاً" إذ المطلوب منه التقيد والامتثال للتعليمات. وهو قال لتدعيم وجهة نظره كلاماً لم أفهمه ، وهنا أنقل عنه حرفياً " التلفزيون مؤسسة قومية تقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية من أقصاها الى اقصاها".إن ما نشاهده في "تلفزيون السودان" هذه الايام ، التي يفترض أنها ايام " حملة انتخابية" لسوء حظ المسؤول الحكومي يفيد عكس ذلك.
ثم يقول محممد حاتم سليمان إن كل مرشح سينال أربع فرص ويعاد بثها ثلاث مرات ليصل الى نتيجة مؤداها ان اي مرشح سيطل على الناخبين 12 مرة. وإذا ادركنا ان كل مرشح سيتحدث في كل مرة 20 دقيقة فقط ، فإن كل مرشح سيتحدث الى ملايين الناخبين 80 دقيقة طوال 56 يوماً، في حين لا ينفي المسؤول نفسه ان " التنفيذيين" اي شخصيات النظام، ستتم تغطية أنشطتهم " التنفيذية" ، وهذا كلام فضفاض ، إعادة قراءاته تؤكد ذلك.
يقول محمد حاتم سليان ايضاً إنهم سيطبقون التعليمات التي اعدتها " الآلية الفنية" التابعة لمفوضية الانتخابات، وحتى نفهم كيف ستطبق تعليمات هذا اللجنة المتفرعة من المفوضية، لنتأمل تركيبة هذه الآلية، إذ هو يقول إنها تضم " ممثلين للمفوضية والأجهزة القومية الاعلامية القومية للاذاعة والتلفزيون ، ووكالة السودان للانباء، ومجلس الصحافة والمطبوعات، وخبراء اعلاميين وممثلي الاحزاب ".
سنلاحظ بوضوح أن التركيبة تضم مؤسسات حكومية ، إضافة الى ممثلي الاحزاب السياسية، مع وجود " خبراء اعلاميين" وبما انني وبكل موضوعية لا أعرف من هم هؤلاء " الخبراء" سأفترض حياديتهم.
إذن بعبارة اخرى أجهزة الاعلام القومية ستطبق تعليمات الآلية الفنية، التي لها بداخلها وجود وازن وكبير، اي انها في نهاية المطاف ستطبق ما تريد تطبيقه من تعليمات.
إن حديث محمد حاتم سليمان كان واضحاً ، ليس لجهة دحض الانتقادات بل لتأكيدها.
الوضع الطبيعي وتأسيساً على تجارب أخرى كان يفترض فعلاً ان تتشكل لجنة إعلامية محايدة تابعة لمفوضية الانتخابات، ليست فقط لتقسيم الحصص الزمنية ولكن لمراقبة أداء المؤسسات الاعلامية القومية أيضاً خلال الحملة الانتخابية، ولا أعتقد أن الوقت قد تأخر كثيراً لتصحيح الاعوجاج الحالي، واقترح في هذا الصدد التالي:
*تتشكل اللجنة المحايدة من اعلاميين وتصم ممثلين للأجهزة الاعلامية اضافة الى ممثلي الاحزاب السياسية، وهي التي تحدد طرق استعمال الاذاعة والتلفزيون وبالتساوي بين جميع المرشحين.
يجب ان تشتمل الحصص الزمنية على التالي :
اولاً مداخلات مرشحي الرئاسة أنفسهم لتقديم برنامجهم الانتخابي
ثانياً تغطية متساوية وكثيفة لتجمعاتهم الانتخابية.
ثالثاً طاولات نقاش اذاعية وتلفزيونية في ندوات يشارك فيها ممثلوهم، مع حضور جمهور .
رابعاً، مناظرات تلفزيونية واذاعية بين المرشحين لا تقل عن عشر مناظرات في كل جهاز ، ليتعرف الناخبون على مقدرات وأفكار هؤلاء الذي يرغبون في ان يتولوا أرفع منصب في الدولة.
ويمكن أن ينسحب ذلك على الانتخابات التشريعية والولائية.
أما ما يحدث الآن ، ليس عادلاً أو منصفاً ، إذ لا يمكن اقتطاع 80 دقيقة لكل مرشح ، ثم بعد ذلك نغرق الاذاعة والتلفزيون بدعاية مباشرة اوغير مباشرة لمن بيدهم مقاليد السلطة.
اختم بمسألة قد تبدو شخصية لكنها قطعاً ليست كذلك.
سئلت خلال برنامج إذاعي مع أحدى الاذاعات الاوربية، وفي آخر اللقاء سؤالاً لم يمكن في الحسبان قال المذيع " لمن ستمنح صوتك في انتخابات الرئاسة طالما انه يحق للسودانيين في الخارج التصويت في هذه الانتخابات".
كان جوابي حرفياً كالتالي " كنت اتمنى أن اقول لك من هو مرشحي المفضل كما يحدث في الديمقراطيات العريقة، حيث لا يخفي أحد نوايا تصويته، لكن أقول بكل أسف لن أجد يوم الانتخابات مركز تصويت وصندوق اقتراع اضع فيها اسم المرشح الذي اعتقد أنه الأجدر".
ولم أزد على ما قلت، ولا أعرف إذا كان المذيع قد فهم جوابي.
لكنني هنا ساشرح ذلك الجواب.
كنت أقيم في واشنطن حتى الصيف الماضي، وكان يفترض ان أسجل أسمي ضمن كشوفات الناخبين في السفارة السودانية في العاصمة الاميركية، لكن حتى غادرت لم يكن قد فتح باب التسجيل في السفارة، وهو ما حدث لاحقاً. جئت الى المغرب العربي وبما ان مكان اقامتي الدائم هو الرباط ، فقد انتظرت فتح باب التسجيل في السفارة السودانية في العاصمة المغربية ، لكن ذلك لم يحدث. وعلمت لاحقاً ان السودانيين في المغرب ، لن تتاح لهم فرصة التصويت ، لان مفوضية الانتخابات لم تهتم بهم أصلاً ، وربما ارتأت إنه لا يوجد ما يبرر مشاركتهم في الاقتراع ، اي لن يكون هناك صندوق اقتراع في الرباط ، وبالتالي علينا نحن هذه القلة أن نقبل باختيار باقي الناخبين الآخرين داخل وخارج الوطن.
هكذا اذاً لن يكتب لي شخصياً التصويت على الاطلاق .
خرجت من السودان ولم تكن هناك اصلاً انتخابات نشارك فيها، وبعد سقوط نظام نميري لم يكن متاحاً الاقتراع في الانتخابات التي جرت في عهد الديمقراطية الثالثة، إذ كان التصويت بالداخل فقط، وبعد احتمال عودة " صناديق الاقتراع" عقب ليل بهيم دام 20 سنة ، وجدت نفسي في منطقة لم تتذكرها " مفوضية الانتخابات" على الرغم من أنني " سوداني" وليس شيئاً عدا ذلك.
لكن هل تكفي الحسرة فقط؟
بدا لي أن ذلك لا يجوز ، لذلك قررت التقدم بطعن أمام القضاء السوداني، أطالب فيه بحقي في المشاركة الانتخابات. قد تبدو خطوة رمزية. لكنها بالنسبة لي مسألة مصيرية. من قال إن العمر سيمتد حتى تعرف بلادنا انتخابات أخرى، وفغي ظني أن الوقت لا يرحم الامور التي لا تتم في إبانها .
.....................................
اضاءة: اخطأت في المقال السابق في اسم المخرج الذي اعد شريطاً وثائقياً عن الطيب صالح ، الى ان جاء من لفت انتباهي لذلك الخطأ، إذ مخرج الفيلم هو الشاعر واستاذ الدراما بعدد من الجامعات السودانية والمخرج الاذاعي والتلفزيوني والمسرحي قاسم ابو زيد .
"الأحداث"
nashi- مشرف المنتدى الرياضى
رد: سوداني لم يشاهد قط صندوق اقتراع طيلة حياته !!!
يا أختي مشكورة لكن :" اللي في أيـــدو القلم ما بكتب روحو شقي" ...
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
مواضيع مماثلة
» أمانة" طبيب أسنان سوداني تحوِّل حياته لمسلسل من الظلم والإيقاف
» (((( ++ حوادث وجرائم محلية وعالمية ++ ) ))
» القصيدة النورية
» عيشي حياتك وخليه يعيش حياته
» شرح ادوات صندوق الكتابة
» (((( ++ حوادث وجرائم محلية وعالمية ++ ) ))
» القصيدة النورية
» عيشي حياتك وخليه يعيش حياته
» شرح ادوات صندوق الكتابة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى