جرير و الفرزدق (العواء و الزئير والرثاء)
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
جرير و الفرزدق (العواء و الزئير والرثاء)
مشاهد كثيرة للفرزدق وجرير وتطاولهما على بعضهما شعراً مقفى ونثرا بأسلوب ساخر جميــل ,,, مماجعل هذه المدرسة متفرده بمحتواهــا ,, ينهل منها كل شــاعر وأديب .. سأدون بعض المشاهد وقد أجملت بعض ماكتبه النقاد حولهما ,, كإشارة فقط وتذكير بهذه المدرسة....
المشهد الأول :-
برع الفرزدق براعة فائقة في الفخر، ذلك لأن شرف آبائه وأجداده قد مهد له سبيل القول بالفخر، وتطاول على جرير وتحداه أن يأتيه بمثل آبائه وقومه:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم **** إذا جمعتنا ياجرير المجامع
فيا عجبًا حتى كليب تسبني**** كأن أباها نهشل أو مجاشع
كانت غاية الفرزدق في هجره الاستعلاء على جرير، فكان فخره في الغالب ممتزجًا بهجاء جرير ورهطه..
وفي فخره بقومه يصفهم بالمكارم التي كان العرب يفاخرون بها، ككثرة العدد وحماية الجار والبأس في القتال، وشرف المنزلة، وقري الضيف، ونباهة الذكر، ورجاحة العقل. ثم يعدد آباءه ويذكر مآثر كل منهم.. حتى أن الفرزدق يستغل بعض الحوادث التي هجاه بها خصمه جرير، فيجيد الاعتذار لها ويحولها على فخر، فهو حين عجز عن قتل الأسير الرومي الذي دفع إليه قال:
ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم **** إذا أثقل الأعناق حمل المغارم
وهذه أبيات يفخر الفرزدق فيها بنفسه وبقومه، فيقول:
إن الذي سمك السماء بنى لنا **** بيتًا دعائمه أعز وأطول
أحلامنا تزن الجبال رزانة **** وتخالنا جنًا إذا ما نجهل
وهب القصائد لي النوابغ إذ مضوا**** وأبو يزيد، وذو القروح، وجرول
المشهد الثاني :-
الفرزدق يهجو جريراً وجواب جرير عليه ...
لمّا هجا الفرزدق قيساً فيما يخصّ قتيبة بن مسلم الباهليّ، قال:
أتاني وأهلي بالمدينة وقعةٌ ... لآل تميم أقعدت كلّ قائم
كأن رؤوس النّاس إذا سمعوا بها ... مشدّخةٌ هاماتها بالأمائم
وما بين من لم يعط سمعاً وطاعةً ... وبين تميم غير حرّ الحلاقم
أتغضب عن أذنا قتيبة حزّنا ... جهاراً ولم تغضب لقتل ابن خازم
وما منهما غلا نقلنا دماغه ... إلى الشّام فوق الشّاحجات الرّواسم
تذبذب في المخلاة تحت بطونها ... محذّفة الأذناب جلح المقادم
وما أنت من قيس فتنبح دونها ... ولا من تميم في الرؤوس الأعاظم
تخوّفنا أيام قيسٍ ولم تدع ... لعيلان أنفا مستقيم الخياشم
لقد شهدت قيسٌ فما كان نصرها ... قتيبة إلاّ عضّها بالأباهم
وقال جرير يجيبه:
أباهل ما أحببت قتل ابن مسلم ... ولا أن تروعوا قومكم بالمظالم
ثم قال يخوّف الفرزدق:
تحضّض يا ابن القين قيساً ليجعلوا ... لقومك يوماً مثل يوم الأراقم
كأنك لم تشهد لقيطاً وحاجباً ... وعمرو بن عمروٍ إذ دعوا ياآل دارم
ولم تشهد الجونين والشّعث ذا الصّفا ... وشدّات قيس يوم دير الجماجم
فيوم الصّفا كنتم عبيداً لعامر ... وبالحنو أصبحتم عبيد اللّهازم
إذا عدّت الأيام أخزين دراماً ... وتخزيك يا ابن القين أيام دارم
وكان من قوم الفرزدق امرؤ يدعى معبد بن زرارة (كلاهما كانا من بني دارم) حيث أنّ قيساً أسرته يوم رحرحان، فساروا به إلى الحجاز فأتى لقيطٌ في بعض الأشهر الحرم ليفيه، فطلبوا منه ألف بعير فقال لقيط: إنّ أبانا أمرنا أن لانزيد على المائتين، فتطمع فينا ذؤبان العرب، فقال معبد: يا أخي، افدني بمالي فإني ميتٌ. فأبى لقيطٌ، وأبى معبد أن يأكل أو يشرب، فكانوا يشحون فاه، ويصبّون فيه الطعام والشراب لئلا يهلك فيذهب فداؤه، فلم يزل كذلك حتى مات، فقال جرير يعيّر الفرزدق وقومه بذلك:
تركتم بوادي رحرحان نساءكم ... ويم الصّفا لاقيتم الشعب أوعرا
سمعتم بني مجدٍ دعوا يا آل عامر ... فكنتم نعاماً عند ذاك منقّرا
وأسلمت القلحاء في الغل معبداً ... ولاقى لقيط حتفه فتقطّرا
وقال في ذلك أيضاً:
وليلة وادي رحرحان رفعتم ... فراراً ولم تلووا رفيق النعائم
تركتم أبا القعقاع في الغل معبداً ... وأي أخ لم تسلموا للأداهم
المشهد الثالث والأخير :-
جرير يرثي الفرزدق
لَعَمرِي لَقَدْ أشْجَي تَمِيماً وَهَـدَّهَا * * * عَلَى نَكَبَاتِ الدَّهْرِ مَوْتُ الفَـرَزْدَقِ
عَشِـيَّةَ رَاحُـوا لِلفِـرَاقِ بِنَعْشِـهِ * * * إلَى جَدَثٍ فِي هُوَّةِ الأَرْضِ مَعْمَـقِ
لَقَدْ غَادَرُوا فِي اللَّحْدِ مَنْ كَانَ يَنْتَمِي * * * إِلَى كُلِّ نَجْـمٍ فِي السَّمَاءِ مُحَـلَّقِ
ثَوَى حَامِلُ الأثْقَالِ عَنْ كُلِّ مُغْـرَمٍ * * * وَدَامِغُ شَيْطَانِ الغَشُـوْمِ السَّمَـلَّقِ
عِمَـادُ تَمِـيْمٍ كُـلُّهَا وَلِسَانُـهَا * * * وَنَاطِقُهَا البَذَّاخُ فِي كُـلِّ مَنْطِـقِ
فَمَنْ لِذَوِي الأَرْحَامِ بَعْدَ ابْنِ غَالِبٍ * * * لِجَارِ وَعَانٍ فِي السَّلاَسِـلِ مُـوَّثِقِ
وَمَنْ لِيَتِـيْمٍ بِعْدَ مَـوْتِ ابْنِ غَالِبِ * * * وَاُمّ عِـيَـالٍ سَـاغِبِيـنَ وَدَرْدَقِ
وَمَنْ يُطْلِقُ الأَسْرَىَ وَمَنْ يَحْقِنُ الدِّمَا * * * يَدَاهُ وَيَشْفِي صَدْرَ حَـرَّانَ مُحْـنَقِ
وَكَـمْ مِنْ دَمٍ غَالٍ تَحَـمَّلَ ثِقْـلَهُ * * * وَكَانَ حَمُوْلاً فِي وَفَـاءٍ وَمَصْـدَقِ
وَكَمْ حِصْنِ جَبَّارِ هُمَـامٍ وَسُوقَـةٍ * * * إِذَا مَـا أَتَـى أَبْـوَابَهُ لَمْ تُغَـلَّقِ
تَفَـتَّحُ أَبْـوَابُ المُـلُوكِ لِوَجْـهِهِ * * * بِغَيـرِ حِجَـابٍ دُونَـهُ أَوْ تَمَـلُّقِ
لِتَـبْكِ عَلَيْهِ الإنْسُ وَالجِـنُّ إِذْ ثَوَى * * * فَتَى مُضّرٍ فِي كُلِّ غَرْبٍ وَمَشْـرِقِ
فَتَىً عَاشَ يَبْنِي المَجْدَ تِسْعِينَ حِجَّـهً * * * وَكَانَ إلَى الخَيْرَاتِ وَالمَجْدِ يَرْتَقِـي
فَمَـا مَاتَ حَتَّى لَمْ يُخَـلِّفْ وَرَاءَهُ * * * بِحَـيَّةِ وَادٍ صَـوْلَةً غَيْـرَ مُصْـعَقِ .
المشهد الأول :-
برع الفرزدق براعة فائقة في الفخر، ذلك لأن شرف آبائه وأجداده قد مهد له سبيل القول بالفخر، وتطاول على جرير وتحداه أن يأتيه بمثل آبائه وقومه:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم **** إذا جمعتنا ياجرير المجامع
فيا عجبًا حتى كليب تسبني**** كأن أباها نهشل أو مجاشع
كانت غاية الفرزدق في هجره الاستعلاء على جرير، فكان فخره في الغالب ممتزجًا بهجاء جرير ورهطه..
وفي فخره بقومه يصفهم بالمكارم التي كان العرب يفاخرون بها، ككثرة العدد وحماية الجار والبأس في القتال، وشرف المنزلة، وقري الضيف، ونباهة الذكر، ورجاحة العقل. ثم يعدد آباءه ويذكر مآثر كل منهم.. حتى أن الفرزدق يستغل بعض الحوادث التي هجاه بها خصمه جرير، فيجيد الاعتذار لها ويحولها على فخر، فهو حين عجز عن قتل الأسير الرومي الذي دفع إليه قال:
ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم **** إذا أثقل الأعناق حمل المغارم
وهذه أبيات يفخر الفرزدق فيها بنفسه وبقومه، فيقول:
إن الذي سمك السماء بنى لنا **** بيتًا دعائمه أعز وأطول
أحلامنا تزن الجبال رزانة **** وتخالنا جنًا إذا ما نجهل
وهب القصائد لي النوابغ إذ مضوا**** وأبو يزيد، وذو القروح، وجرول
المشهد الثاني :-
الفرزدق يهجو جريراً وجواب جرير عليه ...
لمّا هجا الفرزدق قيساً فيما يخصّ قتيبة بن مسلم الباهليّ، قال:
أتاني وأهلي بالمدينة وقعةٌ ... لآل تميم أقعدت كلّ قائم
كأن رؤوس النّاس إذا سمعوا بها ... مشدّخةٌ هاماتها بالأمائم
وما بين من لم يعط سمعاً وطاعةً ... وبين تميم غير حرّ الحلاقم
أتغضب عن أذنا قتيبة حزّنا ... جهاراً ولم تغضب لقتل ابن خازم
وما منهما غلا نقلنا دماغه ... إلى الشّام فوق الشّاحجات الرّواسم
تذبذب في المخلاة تحت بطونها ... محذّفة الأذناب جلح المقادم
وما أنت من قيس فتنبح دونها ... ولا من تميم في الرؤوس الأعاظم
تخوّفنا أيام قيسٍ ولم تدع ... لعيلان أنفا مستقيم الخياشم
لقد شهدت قيسٌ فما كان نصرها ... قتيبة إلاّ عضّها بالأباهم
وقال جرير يجيبه:
أباهل ما أحببت قتل ابن مسلم ... ولا أن تروعوا قومكم بالمظالم
ثم قال يخوّف الفرزدق:
تحضّض يا ابن القين قيساً ليجعلوا ... لقومك يوماً مثل يوم الأراقم
كأنك لم تشهد لقيطاً وحاجباً ... وعمرو بن عمروٍ إذ دعوا ياآل دارم
ولم تشهد الجونين والشّعث ذا الصّفا ... وشدّات قيس يوم دير الجماجم
فيوم الصّفا كنتم عبيداً لعامر ... وبالحنو أصبحتم عبيد اللّهازم
إذا عدّت الأيام أخزين دراماً ... وتخزيك يا ابن القين أيام دارم
وكان من قوم الفرزدق امرؤ يدعى معبد بن زرارة (كلاهما كانا من بني دارم) حيث أنّ قيساً أسرته يوم رحرحان، فساروا به إلى الحجاز فأتى لقيطٌ في بعض الأشهر الحرم ليفيه، فطلبوا منه ألف بعير فقال لقيط: إنّ أبانا أمرنا أن لانزيد على المائتين، فتطمع فينا ذؤبان العرب، فقال معبد: يا أخي، افدني بمالي فإني ميتٌ. فأبى لقيطٌ، وأبى معبد أن يأكل أو يشرب، فكانوا يشحون فاه، ويصبّون فيه الطعام والشراب لئلا يهلك فيذهب فداؤه، فلم يزل كذلك حتى مات، فقال جرير يعيّر الفرزدق وقومه بذلك:
تركتم بوادي رحرحان نساءكم ... ويم الصّفا لاقيتم الشعب أوعرا
سمعتم بني مجدٍ دعوا يا آل عامر ... فكنتم نعاماً عند ذاك منقّرا
وأسلمت القلحاء في الغل معبداً ... ولاقى لقيط حتفه فتقطّرا
وقال في ذلك أيضاً:
وليلة وادي رحرحان رفعتم ... فراراً ولم تلووا رفيق النعائم
تركتم أبا القعقاع في الغل معبداً ... وأي أخ لم تسلموا للأداهم
المشهد الثالث والأخير :-
جرير يرثي الفرزدق
لَعَمرِي لَقَدْ أشْجَي تَمِيماً وَهَـدَّهَا * * * عَلَى نَكَبَاتِ الدَّهْرِ مَوْتُ الفَـرَزْدَقِ
عَشِـيَّةَ رَاحُـوا لِلفِـرَاقِ بِنَعْشِـهِ * * * إلَى جَدَثٍ فِي هُوَّةِ الأَرْضِ مَعْمَـقِ
لَقَدْ غَادَرُوا فِي اللَّحْدِ مَنْ كَانَ يَنْتَمِي * * * إِلَى كُلِّ نَجْـمٍ فِي السَّمَاءِ مُحَـلَّقِ
ثَوَى حَامِلُ الأثْقَالِ عَنْ كُلِّ مُغْـرَمٍ * * * وَدَامِغُ شَيْطَانِ الغَشُـوْمِ السَّمَـلَّقِ
عِمَـادُ تَمِـيْمٍ كُـلُّهَا وَلِسَانُـهَا * * * وَنَاطِقُهَا البَذَّاخُ فِي كُـلِّ مَنْطِـقِ
فَمَنْ لِذَوِي الأَرْحَامِ بَعْدَ ابْنِ غَالِبٍ * * * لِجَارِ وَعَانٍ فِي السَّلاَسِـلِ مُـوَّثِقِ
وَمَنْ لِيَتِـيْمٍ بِعْدَ مَـوْتِ ابْنِ غَالِبِ * * * وَاُمّ عِـيَـالٍ سَـاغِبِيـنَ وَدَرْدَقِ
وَمَنْ يُطْلِقُ الأَسْرَىَ وَمَنْ يَحْقِنُ الدِّمَا * * * يَدَاهُ وَيَشْفِي صَدْرَ حَـرَّانَ مُحْـنَقِ
وَكَـمْ مِنْ دَمٍ غَالٍ تَحَـمَّلَ ثِقْـلَهُ * * * وَكَانَ حَمُوْلاً فِي وَفَـاءٍ وَمَصْـدَقِ
وَكَمْ حِصْنِ جَبَّارِ هُمَـامٍ وَسُوقَـةٍ * * * إِذَا مَـا أَتَـى أَبْـوَابَهُ لَمْ تُغَـلَّقِ
تَفَـتَّحُ أَبْـوَابُ المُـلُوكِ لِوَجْـهِهِ * * * بِغَيـرِ حِجَـابٍ دُونَـهُ أَوْ تَمَـلُّقِ
لِتَـبْكِ عَلَيْهِ الإنْسُ وَالجِـنُّ إِذْ ثَوَى * * * فَتَى مُضّرٍ فِي كُلِّ غَرْبٍ وَمَشْـرِقِ
فَتَىً عَاشَ يَبْنِي المَجْدَ تِسْعِينَ حِجَّـهً * * * وَكَانَ إلَى الخَيْرَاتِ وَالمَجْدِ يَرْتَقِـي
فَمَـا مَاتَ حَتَّى لَمْ يُخَـلِّفْ وَرَاءَهُ * * * بِحَـيَّةِ وَادٍ صَـوْلَةً غَيْـرَ مُصْـعَقِ .
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
رثاء جرير لزوجته.....
المناسبة في رثاء زوجته خالدة التي تكنى بأم حزرة ..
لكنه رحمه الله رجع على الفرزدق وهجاه وذكر حدراء بنت زيق بن بسطام بن قيس التي تزوجها الفرزدق ثم قالوا له انها ماتت حين خافوا ان يهجوهم جرير ..
وذكر من أيام ومأثر بني يربوع عشيرته أسرهم لبني المنذر وقتلهم لبني رهيمه وكلهم ملوك …
أترككم مع القصيدة واتمنى ان تحوز على رضاكم
لولا الحياء لهاجني استعبار ، … ولزرت قبرك ، والحبيب يزار
ولقد نظرت ، وما تمتع نظرةٍ … في اللحد ، حيث تمكن المحفار ؟
فجزاك ربك في عشيرك نظرةً … وسقى صداك مجلجلٌ مدرار
ولهت قلبي إذ علتني كبرةٌ ، … وذوو التمائم من بنيك صغار
أرعى النجوم وقد مضت غوريةً … عصب النجوم كأنهن صوار
نعم القرين وكنت علق مضنةٍ … وارى ، بنعف بلية ، الأحجار
عمرت مكرمة المساك وفارقت … ما مسها صلفٌ ولا إقتار
فسقى صدى جدثٍ ببرقة ضاحكٍ … هزمٌ أجش ، وديمةٌ مدرار
هزمٌ أجش إذا استحار ببلدةٍ … فكأنما بجوائها الأنهار
متراكبٌ زجلٌ يضيء وميضه … كالبلق تحت بطونها الأمهار
كانت مكرمة العشير ولم يكن … يخشى غوائل أم حزرة جار
ولقد أراك كسيت أجمل منظرٍ … ومع الجمال سكينةٌ ووقار
والريح طيبةٌ إذا استقبلتها … والعرض لا دنسٌ ولا خوار
وإذا سريت رأيت نارك نورت … وجهاً أغر يزينه الإسفار
صلى الملائكة الذين تخيروا … والصالحون عليك والأبرار
وعليك من صلوات ربك كلما … نصب الحجيج ملبدين وغاروا
يا نظرةً لك يوم هاجت عبرةً … من أم حزرةً ، بالنميرة دار
تحيي الروامس ربعها ، فتجده … بعد البلى ، وتميته الأمطار
وكأن منزلةً لها بجلاجلٍ … وحي الزبور ، تجده الأحبار
لا تكثرن إذا جعلت تلومني … لا يذهبن بحلمك الإكثار
كان الخليط هم الخليط فأصبحوا … متبدلين ، وبالديار ديار
لا يلبث القرناء أن يتفرقوا … ليلٌ يكر عليهم ونهار
أفأم حزرة ، يا فرزدق ، عبتم ؟ … غضب المليك عليكم القهار
كانت إذا هجر الحليل فراشها … خزن الحديث وعفت الأسرار
ليست كأمك إذ يعص بقرطها … قينٌ وليس على القرون خمار
سنثير قينكم ولا يوفى بها … قينٌ بقارعة المقر مثار
وجد الكتيف ذخيرةً في قبره … والكلبتان جمعن والميشار
يبكي صداه ، إذا تهزم مرجلٌ … أو إن تثلم برمةٌ أعشار
رجف المقر وصاح في شرقيه … قينٌ عليه دواخنٌ وشرار
قتلت أباك بنو فقيمٍ عنوةً ، … إذ جر ، ليس على أبيك إزار
عقروا رواحله ، فليس بقتله … قتلٌ ، وليس بعقرهن عقار
حدراء أنكرت القيون وريحهم ، … والحر يمنع ضيمه الإنكار
لما رأت صدأ الحديد بجلده ، … فاللون أورق ، والبنان قصار
قال الفرزدق : رقعي أكيارنا ، … قالت : وكيف ترقع الأكيار ؟
رقع متاعك ، إن جدي خالدٌ … والقين جدك ، لم تلدك نزار
وسمعتها اتصلت بذهلٍ إنهم … ظلموا بصهرهم القيون وجاروا
دعت المصور دعوةً مسموعةً ، … ومع الدعاء تضرعٌ وحذار
عاذت بربك أن يكون قرينها … قيناً أحم لفسوه إعصار
أوصت بلائمةٍ لزيقٍ و ابنه ، … إن الكريم تشينه الأصهار
إن الفضيحة لو بليت بقينهم ، … و مع الفضيحة غربةٌ و ضرار
هلا الزبير منعت يوم تشمست … حربٌ تضرم نارها ، مذكار
و دعا الزبير فما تحركت الحبى … لو سمتهم جحف الخزير لثاروا
غروا بعقدهم الزبير ، كأنهم … أثوار محرثةٍ ، لهن خوار
و الصمتين أجرتم فغدرتم … و ابن الأصم بحبل بيبة جار
أخزاك رهط ابن الأشد فأصبحت … أكباد قومك ما لهن مرار
باتت تكلت ما علمت و لم تكن … عونٌ تكلفه و لا أبكار
سبوا الحمار فسوف أهجو نسوةً … للكير وسط بيوتهن أوار
إن الفرزدق لن يزاول لؤمه … حتى يزول عن الطريق صرار
فيم المراء ؟ وقد سبقت مجاشعاً … سبقاً تقطع دونه الأبصار
قضت الغطارف من قريشٍ فاعترف … يا بن القيون عليك والأنصار
هل في مئين وفي مئين سبقتها … مد الأعنة ، غايةٌ وحضار
كذب الفرزدق إن عود مجاشعٍ … قصفٌ ، وإن صليبهم خوار
وإذا بطنت فأنت يا بن مجاشعٍ … عند الهوان جنادفٌ نثار
سعدٌ أبوا لك أن تفي بجوارهم … أو أن يفي لك بالجوار جوار
قد طال قرعك قبل ذاك صفاتنا … حتى صممت وفلل المنقار
يا بن القيون وطالما جربتني ، … والنزع حيث أمرت الأوتار
ما في معاودتي الفرزدق فاعلموا … لمجاشعٍ ظفرٌ ، ولا استبشار
إن القصائد قد جدعن مجاشعاً … بالسم يلحم نسجها وينار
ولقوا عواصي قد عييت بنقضها … ولقد نقضت فما بك استمرار
قد كان قومك يحسبونك شاعراً … حتى غرقت ، وضمك التيار
نزع الفرزدق ما يسر مجاشعاً … منه مراهنةً ، ولا مشوار
قصرت يداك عن السماء فلم يكن … في الأرض للشجر الخبيث قرار
أثنت نوار على الفرزدق خزيةً … صدقت وما كذبت عليك نوار
إن الفرزدق لا يزال مقنعاً ، … وإليه بالعمل الخبيث يشار
لا يخفين عليك أن مجاشعاً … لو ينفخون من الخؤور لطاروا
قد يؤسرون فما يفك أسيرهم … ويقتلون فتسلم الأوتار
ويفايشونك والعظام ضعيفةٌ … والمخ ممتخر الهنانة رار
نظروا إليك وقد تقلب هامهم … نظر الضباع أصابهن دوار
قرن الفرزدق والبعيث وأمه … وأبو الفرزدق ، قبح الإستار
أضحى يرمز حاجبيه كأنه … ذيخٌ له بقصيمتين وجار
ليست لقومي بالكتيف تجارةٌ ، … لكن قومي بالطعان تجار
يحمي فوارسي الذين لخيلهم … بالثغر ، قد علم العدو ، مغار
تدمى شكائمها ، وخيل مجاشعٍ … لم يند من عرقٍ لهن عذار
إنا وقينكم يرقع كيره … سرنا لنغتصب الملوك ، وساروا
عضت سلاسلنا على ابني منذرٍ … حتى أقر بحكمنا الجبار
وابني هجيمة قد تركنا عنوةً … لابني هجيمة في الرماح خوار
ورئيس مملكةٍ وطئن جبينه ، … يغشى حواجبه دمٌ وغبار
نحمي مخاطرةً على أحسابنا ، … كرم الحماة ، وعزت الأخطار
وإذا النساء خرجن غير تبرزٍ … غرنا ، وعند خروجهن نغار
ومجاشعٌ فضحوا فوارس مالكٍ … فربا الخزير ، وضيع الأدبار
أغمام لو شهد الوقيط فوارسي … ما قيد يعتل عثجلٌ وضرار
يا بن القيون وكيف تطلب مجدنا … وعليك من سمة القيون نجار
***********
لكنه رحمه الله رجع على الفرزدق وهجاه وذكر حدراء بنت زيق بن بسطام بن قيس التي تزوجها الفرزدق ثم قالوا له انها ماتت حين خافوا ان يهجوهم جرير ..
وذكر من أيام ومأثر بني يربوع عشيرته أسرهم لبني المنذر وقتلهم لبني رهيمه وكلهم ملوك …
أترككم مع القصيدة واتمنى ان تحوز على رضاكم
لولا الحياء لهاجني استعبار ، … ولزرت قبرك ، والحبيب يزار
ولقد نظرت ، وما تمتع نظرةٍ … في اللحد ، حيث تمكن المحفار ؟
فجزاك ربك في عشيرك نظرةً … وسقى صداك مجلجلٌ مدرار
ولهت قلبي إذ علتني كبرةٌ ، … وذوو التمائم من بنيك صغار
أرعى النجوم وقد مضت غوريةً … عصب النجوم كأنهن صوار
نعم القرين وكنت علق مضنةٍ … وارى ، بنعف بلية ، الأحجار
عمرت مكرمة المساك وفارقت … ما مسها صلفٌ ولا إقتار
فسقى صدى جدثٍ ببرقة ضاحكٍ … هزمٌ أجش ، وديمةٌ مدرار
هزمٌ أجش إذا استحار ببلدةٍ … فكأنما بجوائها الأنهار
متراكبٌ زجلٌ يضيء وميضه … كالبلق تحت بطونها الأمهار
كانت مكرمة العشير ولم يكن … يخشى غوائل أم حزرة جار
ولقد أراك كسيت أجمل منظرٍ … ومع الجمال سكينةٌ ووقار
والريح طيبةٌ إذا استقبلتها … والعرض لا دنسٌ ولا خوار
وإذا سريت رأيت نارك نورت … وجهاً أغر يزينه الإسفار
صلى الملائكة الذين تخيروا … والصالحون عليك والأبرار
وعليك من صلوات ربك كلما … نصب الحجيج ملبدين وغاروا
يا نظرةً لك يوم هاجت عبرةً … من أم حزرةً ، بالنميرة دار
تحيي الروامس ربعها ، فتجده … بعد البلى ، وتميته الأمطار
وكأن منزلةً لها بجلاجلٍ … وحي الزبور ، تجده الأحبار
لا تكثرن إذا جعلت تلومني … لا يذهبن بحلمك الإكثار
كان الخليط هم الخليط فأصبحوا … متبدلين ، وبالديار ديار
لا يلبث القرناء أن يتفرقوا … ليلٌ يكر عليهم ونهار
أفأم حزرة ، يا فرزدق ، عبتم ؟ … غضب المليك عليكم القهار
كانت إذا هجر الحليل فراشها … خزن الحديث وعفت الأسرار
ليست كأمك إذ يعص بقرطها … قينٌ وليس على القرون خمار
سنثير قينكم ولا يوفى بها … قينٌ بقارعة المقر مثار
وجد الكتيف ذخيرةً في قبره … والكلبتان جمعن والميشار
يبكي صداه ، إذا تهزم مرجلٌ … أو إن تثلم برمةٌ أعشار
رجف المقر وصاح في شرقيه … قينٌ عليه دواخنٌ وشرار
قتلت أباك بنو فقيمٍ عنوةً ، … إذ جر ، ليس على أبيك إزار
عقروا رواحله ، فليس بقتله … قتلٌ ، وليس بعقرهن عقار
حدراء أنكرت القيون وريحهم ، … والحر يمنع ضيمه الإنكار
لما رأت صدأ الحديد بجلده ، … فاللون أورق ، والبنان قصار
قال الفرزدق : رقعي أكيارنا ، … قالت : وكيف ترقع الأكيار ؟
رقع متاعك ، إن جدي خالدٌ … والقين جدك ، لم تلدك نزار
وسمعتها اتصلت بذهلٍ إنهم … ظلموا بصهرهم القيون وجاروا
دعت المصور دعوةً مسموعةً ، … ومع الدعاء تضرعٌ وحذار
عاذت بربك أن يكون قرينها … قيناً أحم لفسوه إعصار
أوصت بلائمةٍ لزيقٍ و ابنه ، … إن الكريم تشينه الأصهار
إن الفضيحة لو بليت بقينهم ، … و مع الفضيحة غربةٌ و ضرار
هلا الزبير منعت يوم تشمست … حربٌ تضرم نارها ، مذكار
و دعا الزبير فما تحركت الحبى … لو سمتهم جحف الخزير لثاروا
غروا بعقدهم الزبير ، كأنهم … أثوار محرثةٍ ، لهن خوار
و الصمتين أجرتم فغدرتم … و ابن الأصم بحبل بيبة جار
أخزاك رهط ابن الأشد فأصبحت … أكباد قومك ما لهن مرار
باتت تكلت ما علمت و لم تكن … عونٌ تكلفه و لا أبكار
سبوا الحمار فسوف أهجو نسوةً … للكير وسط بيوتهن أوار
إن الفرزدق لن يزاول لؤمه … حتى يزول عن الطريق صرار
فيم المراء ؟ وقد سبقت مجاشعاً … سبقاً تقطع دونه الأبصار
قضت الغطارف من قريشٍ فاعترف … يا بن القيون عليك والأنصار
هل في مئين وفي مئين سبقتها … مد الأعنة ، غايةٌ وحضار
كذب الفرزدق إن عود مجاشعٍ … قصفٌ ، وإن صليبهم خوار
وإذا بطنت فأنت يا بن مجاشعٍ … عند الهوان جنادفٌ نثار
سعدٌ أبوا لك أن تفي بجوارهم … أو أن يفي لك بالجوار جوار
قد طال قرعك قبل ذاك صفاتنا … حتى صممت وفلل المنقار
يا بن القيون وطالما جربتني ، … والنزع حيث أمرت الأوتار
ما في معاودتي الفرزدق فاعلموا … لمجاشعٍ ظفرٌ ، ولا استبشار
إن القصائد قد جدعن مجاشعاً … بالسم يلحم نسجها وينار
ولقوا عواصي قد عييت بنقضها … ولقد نقضت فما بك استمرار
قد كان قومك يحسبونك شاعراً … حتى غرقت ، وضمك التيار
نزع الفرزدق ما يسر مجاشعاً … منه مراهنةً ، ولا مشوار
قصرت يداك عن السماء فلم يكن … في الأرض للشجر الخبيث قرار
أثنت نوار على الفرزدق خزيةً … صدقت وما كذبت عليك نوار
إن الفرزدق لا يزال مقنعاً ، … وإليه بالعمل الخبيث يشار
لا يخفين عليك أن مجاشعاً … لو ينفخون من الخؤور لطاروا
قد يؤسرون فما يفك أسيرهم … ويقتلون فتسلم الأوتار
ويفايشونك والعظام ضعيفةٌ … والمخ ممتخر الهنانة رار
نظروا إليك وقد تقلب هامهم … نظر الضباع أصابهن دوار
قرن الفرزدق والبعيث وأمه … وأبو الفرزدق ، قبح الإستار
أضحى يرمز حاجبيه كأنه … ذيخٌ له بقصيمتين وجار
ليست لقومي بالكتيف تجارةٌ ، … لكن قومي بالطعان تجار
يحمي فوارسي الذين لخيلهم … بالثغر ، قد علم العدو ، مغار
تدمى شكائمها ، وخيل مجاشعٍ … لم يند من عرقٍ لهن عذار
إنا وقينكم يرقع كيره … سرنا لنغتصب الملوك ، وساروا
عضت سلاسلنا على ابني منذرٍ … حتى أقر بحكمنا الجبار
وابني هجيمة قد تركنا عنوةً … لابني هجيمة في الرماح خوار
ورئيس مملكةٍ وطئن جبينه ، … يغشى حواجبه دمٌ وغبار
نحمي مخاطرةً على أحسابنا ، … كرم الحماة ، وعزت الأخطار
وإذا النساء خرجن غير تبرزٍ … غرنا ، وعند خروجهن نغار
ومجاشعٌ فضحوا فوارس مالكٍ … فربا الخزير ، وضيع الأدبار
أغمام لو شهد الوقيط فوارسي … ما قيد يعتل عثجلٌ وضرار
يا بن القيون وكيف تطلب مجدنا … وعليك من سمة القيون نجار
***********
الفاتح محمد التوم- مشرف المنتدى السياسى
جرير
شكرا سيد الفاتح على المرور على نواحي جرير والفرزدق والأخطل والبعيث .. تستهويني أخبارهم وكنت دائما منحازا لجرير
لرقة شعره وغزلة وكنت دائم الترنم برائعتة بان الخليط ولو طوعت ما بانا ... كان أقل شرفا من الفرزدق ولكنه أكمل النقص بلسانه ويقال دخل عليه شخص - أقصد على جرير - وكان هناك رجل وسخ الثياب يرضع من شاة حتى لا يسمع صوت الحليب فيسألهم الجيران عن حليب أو غيره
فسأل الزائر جرير عن من يكون هذا ؟؟ فقال هذا أبي وبه قارعت مائة من الشعراء فقرعتهم .. وأرجوا أن أنقل مساهمة عن حياة جرير وشعره ,ارجوا أن تقبلها ولنا أجر النقل فقط ...
جرير
من شعراء العصر الأموي
نسبه :
جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي ، أبو حزرة ، من تميم . -
- أشعر أهل عصره، ولد ومات في اليمامة، وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم فلم يثبت أمامه غير الفــرزدق والأخطــل .
- كان عفيفا وهو من أغزل الناس شعرا .
حياته :
هو جرير بن عطية، ينتهي نسبة إلى قبيلة “تميم”
كان من أسرة عادية متواضعة.. وقف في الحرب الهجائية وحده أمام ثمانين شاعرًا، فحقق عليهم النصر الكبير …
كان عفيفًا في غزله ، متعففًا في حياته ، معتدلا بعلاقاته وصداقاته .
كما كان أبيًا محافظًا على كرامته، لاينام على ضيم، هجاء من الطراز الأول، يتتبع في هجائه مساوىء خصمه، وإذا لم يجد شيئًا يشفي غلته، اخترع قصصًا شائنة وألصقها بخصمه، ثم عيره بها .
واتصل بالخلفاء الأمويين، ومدحهم ونال جوائزهم سلك في شعره الهجاء والمديح والوصف والغزل
عاش حوالي ثمانين سنة.
اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ وفاة جرير، على أنه في الأغلب توفي سنة 733م/144ه وذلك بعد وفاة الفرزدق بنحو أربعين يومًا، وبعد وفاة الأخطل بنحو ثلاث وعشرين سنة.
شعره :
المديح عند جرير:
أكثر جرير من المديح ، وكانت نشأته الفقيرة، وطموح نفسه، وموهبته المواتية، وحاجة خلفاء بني أمية إلى شعراء يدعون لهم، ويؤيدون مذهبهم، كان كل ذلك مما دفعه إلى الإكثار من المدح والبراعة فيه. وكان أكثر مدائحه في خلفاء بني أمية وأبنائهم وولاتهم، وكان يفد عليهم من البادية كل سنة لينال جوائزهم وعطاياهم.
وكان مديحه لهم يشيد بمجدهم التليد ويروي مآثرهم ومكارمهم، ويطيل في الحديث عن شجاعتهم، ويعرض بأعدائهم الثائرين عليهم، وبذلك كان يظهر اتجاهه السياسي في ثنايا مدحه لهم، وكان إذا مدح، استقصى صفات الممدوح وأطال فيها، وضرب على الوتر الذي يستثيره ولم يخلط مدائحه وبلغت غايتها من التأثير في النفس.
وفي الحق أنه ما كان لجرير من غاية غير التكسب وجمع المال ..
فهو إذا مدح الحجاج أو الأمويين بالغ في وصفهم بصفات الشرف وعلو المنزلة والسطوة وقوة البطش، ويلح إلحاحا شديدا في وصفهم بالجود والسخاء ليهز أريحيتهم، وقد يسرف في الاستجداء وما يعانيه من الفاقة
وتكثر في أماديحه لهم الألفاظ الإسلامية والاقتباسات القرآنية .
جرير مفاخرًا هاجيًا :
كان لجرير مقدرة عجيبة على الهجاء، فزاد في هجائه عن غيره طريقة اللذع والإيلام.. فيتتبع حياة مهجويه وتاريخ قبيلتهم، ويعدد نقائصهم مختلفا، مكررا، محقرا، إلا أنه لم يستطع أن يجعل الفخر بآبائه موازيا لفخر الفرزدق.
وقال في الهجاء :
فغض الطرف إنك من نمير = فلا كعبا بلغت ولا كلابا
فما هبت الفرزدق فد علمتم = وما حق ابن بروع أن يهابا
أعد الله للشعراء مني = صواعق يخضعون لها الرقابا
إذا غضبت عليك بنو تميم = حسبت الناس كلهم غضابا
وهناك التقى جرير بالفرزدق وأصبح بينهما منذ ذلك اليوم صولات وجولات في الهجاء والتي استمرت سنوات عديدة، لم تنتهي إلا بوفاة الفرزدق، والذي نعاه جرير قائلاً:
لعمري لقد أشجى تميما وهدها = على نكبات الدهر موت الفرزدق
عشية راحوا للفراق بنعشه = إلى جدث في هوة الأرض معمق
لقد غادروا في اللحد من كان ينتمي = إلى كل نجم في السماء محلق
ثم يقول :
عماد تميم كلها ولسانها = وناطقها البذاخ في كل منطق .
شيء من غزل جرير:
لم يكن غزل جرير فنا مستقلا في شعره، فقد مزج فيه أسلوب الغزل الجاهلي بأسلوب الغزل العذري. فهو يصف المرأة ويتغزل بها، ثم يتنقل من ذلك إلى التعبير عن دواخل نفسه، فيصور لنا لوعته وألمه وحرمانه، كما يحاول رصد لجات نفسه فيقول :
يا أم عمرو جزاك الله مغفرة = ردي على فؤادي كالذي كانا
هلا تحرجت مما تفعلين بنا = يا أطيب الناس يوم الدجن أردانا
قالت ألم بنا إن كنت منطلقا = ولا أخالك بعد اليوم تلقانا
ما كنت أول مشتاق أخا طرب = هاجت له غدوات البين أحزانا
ثم يقول أشهر أبياته في الغزل :
إن العيون التي في طرفها حور = قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا لب حتى لا حراك به = وهن أضعف خلق الله أركان
أسلوب جرير :
أول ما يطالعنا في أسلوب جرير، سهولة ألفاظه ورقتها وبعدها عن الغرابة، وهي ظاهرة نلاحظها في جميع شعره، وبها يختلف عن منافسيه الفرزدق والأخطل اللذين كانت ألفاظهما أميل إلى الغرابة والتوعر والخشونة. وقد أوتي جرير موهبة شعرية ثرة، وحسا موسيقيا، ظهر أثرهما في هذه الموسيقى العذبة التي تشيع في شعره كله. وكان له من طبعه الفياض خير معين للإتيان بالتراكيب السهلة التي لا تعقيد فيها ولا التواء .. فكأنك تقرأ نثرا لا شعرا .
ومن هنا نفهم ما أراده القدماء بقولهم الشهير : (جرير يغرف من بحر والفرزدق ينحت من صخر) وهذا القول يشير إلى ظاهرة أحرى في الشاعرين، وهي أن جريرا كان أكثر اعتمادا على الطبع من الفرزدق، وأن الفرزدق كان يلقى عناء شديدًا في صنع شعره .
وإن اعتماد جرير على الطبع وانسياقه مع فطرته الشعرية من الأمور التي أدت أيضا إلى سهولة شعره وسلاسة أسلوبه ورقة ألفاظه ، إذ كان لشعره موسيقى تطرب لها النفس، ويهتز لها حس العربي الذي يعجب بجمال الصيغة والشكل، ويؤخذ بأناقة التعبير وحلاوة الجرس أكثر مما يؤخذ بعمق الفكرة والغوص على المعاني.
ولهذا أبدع جرير في أبواب الشعر التي تلائمها الرقة والعذوبة، كالنسيب والرثاء .
على أن انسياق جرير مع الطبع وقلة عنايته بتهذيب شعره وإعادة النظر فيه، كل ذلك جعل من الابتكار والإبداع في المعاني قليلا، لا يوازي حظ الفرزدق من ذلك، حتى أنك لتنظر في بعض أبياته فلا تجد فيها غير صور لفظية جميلة جذابة، لا يكمن وراءها معنى مبتكر ولا فكرة طريفة .
خصائص أشعار جرير:
يمكننا من دراستنا لشعر جرير من خلال نصوصه الشعرية أن نتبين ملامح فنه وخصائصه فيما يلي
- كان جرير يجول في شعره في ساحات واسعة الأرجاء ، متعددة الجوانب ، فقد طرق أكثر الأغراض الشعرية المعروفة وأجاد فيها، وأعانته على ذلك طبيعته الخاصة المواتية .
- كانت معاني الشاعر جرير في شعره فطرية، ليس فيها غور ولا تعمق فلسفي. ولكنها قريبة الحضور بالبال، ومع هذا القرب، كان يعرضها في ثوب أنيق من اللفظ، تبدو به جذابة، شديدة التأثير.
- إن الصور والأخيلة جاءت متصلة بالبادية التي ارتبطت بها حياته أشد الارتباط، ولكنه مع هذا قد تأثر تأثرا واضحا بالروح الإسلامي والثقافة الإسلامية، ولذلك يمثل شعره الحياة البدوية تمثيلا صادقا .
- كانت تشيع في شعره، ولاسيما في الهجاء،روح التهكم والسخرية التي قربته إلى قلوب العامة من الناس، وهيات له الظفر بخصمه .
- لجرير بعد ذلك قدرته على انتقاء اللفظ الجزل، ومتانة النسج، وحلاوة العبارة، والجرس الموسيقي المؤثر… وخاصة في غزله حيث العاطفة الصادقة التي تتألم وتتنفس في تعبير رقيق لين .
الشخصية الشعرية :
الشاعر جرير من النفوس ذات المزاج العصبي وذات الطبع الناعم الرقيق، ولئن جعلت رقة الطبع شعره دون شعر الفرزدق فخامة ، لقد جعلته يتفوق في المواقف العاطفية كالرثاء .
فالعاطفة هي منبع كل شيء في شعر جرير، وهي عنده تطغى على العقل والخيال، ولهذا ضعف تفكيره كما ضعف خياله ووصفه، فجرى على توثب إحساسه .
أخيرا :
قيل إن بيوت الشعر أربعة: فخر ومديح وهجاء ونسيب وفي الأربعة فاق جرير:
قوله في الفخر :
إذا غضبت عليك بنو تميم = حسبت الناس كلهم غضابا
وفي المديح :
ألستم خير من ركب المطايا = وأندى العالمين بطون راح
وفي الهجاء :
فغض الطرف إنك من نمير = فلا كعبا بلغت ولا كلابا
وفي النسيب :
إن العيون التي في طرفها حور = قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
لرقة شعره وغزلة وكنت دائم الترنم برائعتة بان الخليط ولو طوعت ما بانا ... كان أقل شرفا من الفرزدق ولكنه أكمل النقص بلسانه ويقال دخل عليه شخص - أقصد على جرير - وكان هناك رجل وسخ الثياب يرضع من شاة حتى لا يسمع صوت الحليب فيسألهم الجيران عن حليب أو غيره
فسأل الزائر جرير عن من يكون هذا ؟؟ فقال هذا أبي وبه قارعت مائة من الشعراء فقرعتهم .. وأرجوا أن أنقل مساهمة عن حياة جرير وشعره ,ارجوا أن تقبلها ولنا أجر النقل فقط ...
جرير
من شعراء العصر الأموي
نسبه :
جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي ، أبو حزرة ، من تميم . -
- أشعر أهل عصره، ولد ومات في اليمامة، وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم فلم يثبت أمامه غير الفــرزدق والأخطــل .
- كان عفيفا وهو من أغزل الناس شعرا .
حياته :
هو جرير بن عطية، ينتهي نسبة إلى قبيلة “تميم”
كان من أسرة عادية متواضعة.. وقف في الحرب الهجائية وحده أمام ثمانين شاعرًا، فحقق عليهم النصر الكبير …
كان عفيفًا في غزله ، متعففًا في حياته ، معتدلا بعلاقاته وصداقاته .
كما كان أبيًا محافظًا على كرامته، لاينام على ضيم، هجاء من الطراز الأول، يتتبع في هجائه مساوىء خصمه، وإذا لم يجد شيئًا يشفي غلته، اخترع قصصًا شائنة وألصقها بخصمه، ثم عيره بها .
واتصل بالخلفاء الأمويين، ومدحهم ونال جوائزهم سلك في شعره الهجاء والمديح والوصف والغزل
عاش حوالي ثمانين سنة.
اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ وفاة جرير، على أنه في الأغلب توفي سنة 733م/144ه وذلك بعد وفاة الفرزدق بنحو أربعين يومًا، وبعد وفاة الأخطل بنحو ثلاث وعشرين سنة.
شعره :
المديح عند جرير:
أكثر جرير من المديح ، وكانت نشأته الفقيرة، وطموح نفسه، وموهبته المواتية، وحاجة خلفاء بني أمية إلى شعراء يدعون لهم، ويؤيدون مذهبهم، كان كل ذلك مما دفعه إلى الإكثار من المدح والبراعة فيه. وكان أكثر مدائحه في خلفاء بني أمية وأبنائهم وولاتهم، وكان يفد عليهم من البادية كل سنة لينال جوائزهم وعطاياهم.
وكان مديحه لهم يشيد بمجدهم التليد ويروي مآثرهم ومكارمهم، ويطيل في الحديث عن شجاعتهم، ويعرض بأعدائهم الثائرين عليهم، وبذلك كان يظهر اتجاهه السياسي في ثنايا مدحه لهم، وكان إذا مدح، استقصى صفات الممدوح وأطال فيها، وضرب على الوتر الذي يستثيره ولم يخلط مدائحه وبلغت غايتها من التأثير في النفس.
وفي الحق أنه ما كان لجرير من غاية غير التكسب وجمع المال ..
فهو إذا مدح الحجاج أو الأمويين بالغ في وصفهم بصفات الشرف وعلو المنزلة والسطوة وقوة البطش، ويلح إلحاحا شديدا في وصفهم بالجود والسخاء ليهز أريحيتهم، وقد يسرف في الاستجداء وما يعانيه من الفاقة
وتكثر في أماديحه لهم الألفاظ الإسلامية والاقتباسات القرآنية .
جرير مفاخرًا هاجيًا :
كان لجرير مقدرة عجيبة على الهجاء، فزاد في هجائه عن غيره طريقة اللذع والإيلام.. فيتتبع حياة مهجويه وتاريخ قبيلتهم، ويعدد نقائصهم مختلفا، مكررا، محقرا، إلا أنه لم يستطع أن يجعل الفخر بآبائه موازيا لفخر الفرزدق.
وقال في الهجاء :
فغض الطرف إنك من نمير = فلا كعبا بلغت ولا كلابا
فما هبت الفرزدق فد علمتم = وما حق ابن بروع أن يهابا
أعد الله للشعراء مني = صواعق يخضعون لها الرقابا
إذا غضبت عليك بنو تميم = حسبت الناس كلهم غضابا
وهناك التقى جرير بالفرزدق وأصبح بينهما منذ ذلك اليوم صولات وجولات في الهجاء والتي استمرت سنوات عديدة، لم تنتهي إلا بوفاة الفرزدق، والذي نعاه جرير قائلاً:
لعمري لقد أشجى تميما وهدها = على نكبات الدهر موت الفرزدق
عشية راحوا للفراق بنعشه = إلى جدث في هوة الأرض معمق
لقد غادروا في اللحد من كان ينتمي = إلى كل نجم في السماء محلق
ثم يقول :
عماد تميم كلها ولسانها = وناطقها البذاخ في كل منطق .
شيء من غزل جرير:
لم يكن غزل جرير فنا مستقلا في شعره، فقد مزج فيه أسلوب الغزل الجاهلي بأسلوب الغزل العذري. فهو يصف المرأة ويتغزل بها، ثم يتنقل من ذلك إلى التعبير عن دواخل نفسه، فيصور لنا لوعته وألمه وحرمانه، كما يحاول رصد لجات نفسه فيقول :
يا أم عمرو جزاك الله مغفرة = ردي على فؤادي كالذي كانا
هلا تحرجت مما تفعلين بنا = يا أطيب الناس يوم الدجن أردانا
قالت ألم بنا إن كنت منطلقا = ولا أخالك بعد اليوم تلقانا
ما كنت أول مشتاق أخا طرب = هاجت له غدوات البين أحزانا
ثم يقول أشهر أبياته في الغزل :
إن العيون التي في طرفها حور = قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا لب حتى لا حراك به = وهن أضعف خلق الله أركان
أسلوب جرير :
أول ما يطالعنا في أسلوب جرير، سهولة ألفاظه ورقتها وبعدها عن الغرابة، وهي ظاهرة نلاحظها في جميع شعره، وبها يختلف عن منافسيه الفرزدق والأخطل اللذين كانت ألفاظهما أميل إلى الغرابة والتوعر والخشونة. وقد أوتي جرير موهبة شعرية ثرة، وحسا موسيقيا، ظهر أثرهما في هذه الموسيقى العذبة التي تشيع في شعره كله. وكان له من طبعه الفياض خير معين للإتيان بالتراكيب السهلة التي لا تعقيد فيها ولا التواء .. فكأنك تقرأ نثرا لا شعرا .
ومن هنا نفهم ما أراده القدماء بقولهم الشهير : (جرير يغرف من بحر والفرزدق ينحت من صخر) وهذا القول يشير إلى ظاهرة أحرى في الشاعرين، وهي أن جريرا كان أكثر اعتمادا على الطبع من الفرزدق، وأن الفرزدق كان يلقى عناء شديدًا في صنع شعره .
وإن اعتماد جرير على الطبع وانسياقه مع فطرته الشعرية من الأمور التي أدت أيضا إلى سهولة شعره وسلاسة أسلوبه ورقة ألفاظه ، إذ كان لشعره موسيقى تطرب لها النفس، ويهتز لها حس العربي الذي يعجب بجمال الصيغة والشكل، ويؤخذ بأناقة التعبير وحلاوة الجرس أكثر مما يؤخذ بعمق الفكرة والغوص على المعاني.
ولهذا أبدع جرير في أبواب الشعر التي تلائمها الرقة والعذوبة، كالنسيب والرثاء .
على أن انسياق جرير مع الطبع وقلة عنايته بتهذيب شعره وإعادة النظر فيه، كل ذلك جعل من الابتكار والإبداع في المعاني قليلا، لا يوازي حظ الفرزدق من ذلك، حتى أنك لتنظر في بعض أبياته فلا تجد فيها غير صور لفظية جميلة جذابة، لا يكمن وراءها معنى مبتكر ولا فكرة طريفة .
خصائص أشعار جرير:
يمكننا من دراستنا لشعر جرير من خلال نصوصه الشعرية أن نتبين ملامح فنه وخصائصه فيما يلي
- كان جرير يجول في شعره في ساحات واسعة الأرجاء ، متعددة الجوانب ، فقد طرق أكثر الأغراض الشعرية المعروفة وأجاد فيها، وأعانته على ذلك طبيعته الخاصة المواتية .
- كانت معاني الشاعر جرير في شعره فطرية، ليس فيها غور ولا تعمق فلسفي. ولكنها قريبة الحضور بالبال، ومع هذا القرب، كان يعرضها في ثوب أنيق من اللفظ، تبدو به جذابة، شديدة التأثير.
- إن الصور والأخيلة جاءت متصلة بالبادية التي ارتبطت بها حياته أشد الارتباط، ولكنه مع هذا قد تأثر تأثرا واضحا بالروح الإسلامي والثقافة الإسلامية، ولذلك يمثل شعره الحياة البدوية تمثيلا صادقا .
- كانت تشيع في شعره، ولاسيما في الهجاء،روح التهكم والسخرية التي قربته إلى قلوب العامة من الناس، وهيات له الظفر بخصمه .
- لجرير بعد ذلك قدرته على انتقاء اللفظ الجزل، ومتانة النسج، وحلاوة العبارة، والجرس الموسيقي المؤثر… وخاصة في غزله حيث العاطفة الصادقة التي تتألم وتتنفس في تعبير رقيق لين .
الشخصية الشعرية :
الشاعر جرير من النفوس ذات المزاج العصبي وذات الطبع الناعم الرقيق، ولئن جعلت رقة الطبع شعره دون شعر الفرزدق فخامة ، لقد جعلته يتفوق في المواقف العاطفية كالرثاء .
فالعاطفة هي منبع كل شيء في شعر جرير، وهي عنده تطغى على العقل والخيال، ولهذا ضعف تفكيره كما ضعف خياله ووصفه، فجرى على توثب إحساسه .
أخيرا :
قيل إن بيوت الشعر أربعة: فخر ومديح وهجاء ونسيب وفي الأربعة فاق جرير:
قوله في الفخر :
إذا غضبت عليك بنو تميم = حسبت الناس كلهم غضابا
وفي المديح :
ألستم خير من ركب المطايا = وأندى العالمين بطون راح
وفي الهجاء :
فغض الطرف إنك من نمير = فلا كعبا بلغت ولا كلابا
وفي النسيب :
إن العيون التي في طرفها حور = قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
أزهرى الحاج البشير- مشرف عام
مواضيع مماثلة
» قصيدة الفرزدق .... رداً على سؤال هشام بن عبدالملك
» مطارحه شعريه
» رحبو معى بعبد الحليم إسحاق جرير والصادق عبدالله
» مكتبة "جرير" السعودية تثير غضب السودانيين
» مطارحه شعريه
» رحبو معى بعبد الحليم إسحاق جرير والصادق عبدالله
» مكتبة "جرير" السعودية تثير غضب السودانيين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى