خريف بلدنا الحنونة

السنة دي الخريف تقيل هذه كلها عبارات تقال من اهلنا الكبار عندما تبداء بشارات الخريف اعلانها
تسقط " القراقير " من أيدي الصغار وتدور علي الأرض المبلولة.
في الجباريك الصغيرة كانت نسمات الخريف تجادل قناديل " عيش الريف " ولا تفتا تعلن رقصتها مع الرياح ، حين كان الأطفال يتفادون البرك الصغيرة بعرباتهم علي مختلف التصميمات ، تلك العربات المصنوعة من السلوك – عربات السلوك – حين كانوا يفعلون تلك الفرحة مقلدين أصوات العربات ، دخلت السوق الكبير أفواج من النساء المترنمات ورجال بعممهم اتو من الصعيد (الصعادة) يوم الخميس او الاتنين طاردين (البقر اوالغنم) التيي تباع في سوق الزريبة، حينها يرتفع اصوات الباعة والتجار وبعد الضهريضرب البوغ وتكشكش الأقدام التي طوقت بالحجول اعلان الصراع في الدارة (ميدان المجلس)وياتي المشاهدون من كل انحا المنقطة ، هكذا ، تتدفق النغمات الموسيقية بتركيب ممتع ويبدا غناء البنات بتشجيع الصراعة، ومن اغني الصراع مازالت في زاكرتي (ريبة يوم قام لي عيبة وقف شنيبة قام بصارع وليدة0واخري تقول حنان بلوبلو بقي دعاية المك جري وحيدة كفاية)طبعا هنا لانقصد حنان الفنانة المقصود حنان الصراعي ربنا يرحمو0واخري وحينها يبدا السبارة 0(حكم الساحة)0 بتوسيع الدارة (وسعوالدارة يا جماعة) أن صخب تلك الأقدام علي الأرض وحمحمة السبارة وغناء المترنمات من النساء ، كل تلك الأصوات قد تأتيك هكذا- دفعه واحدة حتي تصل الدارة.
منجبال رشاد ينحدر خور البطحةمتجها جنوبا – يمكن أن تلاحظ فعل الماء علي الاشجار ، تشكيلات غريبة علي الاشجار تؤكد قيمة الزمن وقوة الماء وتحمل الصخور، تنحدر المياه من هذه الجبال، تلامس الصخور المبعثرة علي الأرض حين يسمع أهالي الكور وطيبة وجبرونا وابوجبيهة هدير المياه يعرفون أن خور " البطحة" قد أعلن حضوره ، قد يأتي مبكرا وقد يتأخر لذا دائما ما تتمايز به فصول الخريف إن السحابات التي تبكي علي تلك الجبال قد تتمانع أحيانا وقد تهرب ، خور " البطحة" ينتزع الأرض التي يمر فيها فيقسم الجزء الغربي من ابوجبيهة ويتعذر تماما أن تصل من الكور او جبرونا الا من له معرفة بالعوم(السباحة) منسربا عبر سهول ووديان ، يلتقي بخيران أخرى في مسيرته عادة ما تعجز العربة التي تنقل المواطنين عن أداء مهمتها في السوق بسبب ذلك الخور و تراهم يتوجهون في جميع الاتجاهات ، منهم من يحمل حزاءه في يده ومنهم من أحتاط لهذا الأمر فاقتني " شدة " أو جزمه من البلاستيك أو " كبك " أو " باتا " او تموت تخلي " حيث يبدا رحلته متجها جنوبا نحو بحر كاكا (النيل الابيض ، قبل ذلك يداعب حافة الأرض التي يمر عليهاوسط تلك االسهول التي تتعانق فيها الأشجار ، تستطيع أن تسمع هديره وأنت ف موقف اللواري والبصات التي تتجه نحو الحُباك
العائدون في الليالي المقمرة من حيث كانوا لا يملكون سوي مواجهة الطين والمياه المتدفقة ، ليل يمنحه القمر متعة التحكم في الظلال ، قمر يظهر ويختفي بين السحاب .
يميز المسترخون ف منازلهم من الأصوات التي تسري عبر هذا الليل المميز بالمطر والقمر يميزون صوت " بكري " ذلك الشفيف الملقب بـ " أوهو " وهو يترنم بأغنية " هوج الرياح " للجابري :-
" الليل ، الليل
الليل ، الليل ..يهود بي "
عادة حين يقترب " أوهو " من تلك الربوة العالية عند مدخل " الحباك " يتخلى عن تلك الأغنية ليضم شفتيه ويصفر ذلك النغم الذي يستعذبه جدا ، صفارة " الكابوي " وكأنه حين يعبر هذه المدينة أحي أدوار " جون واين " أو " فرانكونيرو " " أوهو " يأتي دائما من السينما ، لا يفارقها أبدا ، كان الخريف يعتدي علي مزاجه ويحرض شجنه وحنينه إلي عوالم أخرى – هناك – بعيدا ، حيث أنها ليست هنا ، يضحك علي طريقة أبطال الأفلام ، يحزن ويبكي متمثلا تلك الصراعات التراجيدية النقية ، يمشي كما يمشون داخل ذلك الحائط الأبيض المستطيل ، يحلم بمدن وشوارع وبنساء جميلات ، بخيول مجنحة في الفراغ ، كم تمني ان يمتلك حصانا ، يصيح في أولئك الذين يضايقونه بهذرهم الصافي النية ، يصيح ولا ينسي أن يقطب جبينه علي طريقة " تشارلس برونسون " :- يملك حصيلة من مفردات اللغة الإنجليزية ما يمكنه من التعبير بها ، يرتدي قبعة من السعف يميلها قليلا إلي الأمام بحيث تغطي جزءا من الوجه فيبدو غامضا .

تحياتي

سرد جميل ورائع اخى محمد
ولقد نقلتنا بالفعل الى حيث هناك الكل منصهر فى بوتقه واحده ,لافوارق ولاقيود, الصراع والناس تتساوق الاتنين والخميس ,واجمل حاجه عندما يكون معك ما تريد بيعه ليس عليك سوى وضع فرع نيم اخضر عليه فيعلم الجميع انه للبيع. والخريف وخيراته اللهم اعدنا الى هناك سالمين غانمين