قصـــة واقعية (26) منقووولة ........
صفحة 1 من اصل 1
قصـــة واقعية (26) منقووولة ........
قدرة الله
كان مطلقاً عندما تقدم لخطبتي، وقيل لي أن الطلاق حدث بسبب خلافات وعدم توافق. شاب متوسط الجمال، جامعي، يعمل في شركة خاصة كبرى، وضعه المادي ممتاز، فلماذا أتردد؟ ألم يكن حلمي الارتباط برجل يبعدني عن دائرة الضيق المادي الموجودة في منزل الأهل؟ كنت أردد دائماً: ليس مهماً أن يكون جميلاً، المهم هو حالته المادية التي ستحقق لي أحلامي.
في فترة الخطوبة تحدثت معه بالهاتف، وسمعت كل ما هو جميل ومشجع لأقبل على الزواج وأنا مرتاحة البال ومطمئنة. وبعد الزواج شملني برعايته واهتمامه، وكان سخياً معي في ماله وفي عواطفه حتى اعتقدت أنني محظوظة لأنني حصلت على كل ما تحلم به الفتاة.
بعد ستة أشهر من الزواج حدث الحمل فازداد اهتمامه بي وصار يأخذني إلى مواعيد الطبيب بنفسه. كنت أعتقد أن اهتمامه شيء طبيعي، ويكمل سلسلة الخصال الجيدة التي يتمتع بها، لكن حدث شيء غير متوقع قلب الأمور كلها رأساً على عقب.
الوجه الآخر
بعد ثلاثة أشهر من الحمل أجرينا كشفا لمعرفة جنس الجنين فجاءت النتيجة أنها أنثى، فجن جنون زوجي وانقلب إلى وحش حقيقي بلا مشاعر ولا خوف من الله ولا إنسانية ولا أي شيء من الصفات التي عرفتها به خلال فترة خطوبتنا وزواجنا، صار يلح عليّ لإجراء عملية إجهاض لأنه لا يريد أن يكون وليده الأول أنثى، وأنا غير مصدقة، هل هذا يعقل؟ إنها جريمة لا يرضاها الله ولا الضمير الإنساني. فكيف أطاوعه وأعرض نفسي للخطر؟ كيف أتسبب في قتل أول أطفالي؟ بم سأواجه ربي؟
صراع يفوق طاقتي على التحمل وأنا في مقتبل العمر، وفي أول فترات الزواج، كنت حائرة، هل أخبر أهلي؟ أم أستعين بأهله؟ ولكنه هددني بالطلاق إن أخبرت أحدا من الأهل بهذا الأمر، فماذا أفعل؟ فكرت في أمر زواجه الأول، فلربما قد فشل لنفس السبب، وتمنيت أن أسأل طليقته عن سبب الطلاق. حصلت على هاتفها من إحدى قريباتي وعرفت أنها عاشت نفس المأساة وأجبرها على الإجهاض وطلبت الطلاق فطلقها. ولما أخبرتها أنني أمر بنفس المعاناة التي مرت هي بها قبلي، نصحتني بأن أسمع كلامه وأخضع لعملية الإجهاض عسى أن يرزقني الله بطفل ذكر في المرة القادمة، وبالطبع فإن الله سيعاقبه وحده لأنه هو المسئول عن قتل الجنين ولست أنا.
استمعت لنصيحتها وأخبرت زوجي بأنني موافقة فعاد إلى هدوئه وكأن شيئا لم يكن، ثم رتب سفرنا إلى إحدى الدول وهناك أجريت لي عملية الإجهاض بشكل سريع.
لم تؤثر العملية عليّ من الناحية الصحية لكنني شعرت بكره دفين لزوجي، شعرت بأنه منافق يصلي ويصوم ولكنه يعصي ربه ولا يرضى بقضائه وقدره، فهل يجتمع الإيمان الحقيقي مع الأعمال الشنيعة مثل قتل النفس؟ فقط لأنها أنثى!! وهل يختلف هذا التفكير عن وأد البنات الذي كان شائعاً في الجاهلية وقد حرّمه الإسلام؟ كم هي صدئة هذه العقول. بصراحة لم أعد أحمل بداخلي إلا كرهاً حقيقياً لزوجي.
بعد هذه الحادثة تحولت إلى مخلوقة شرسة حادة الطباع، ما إن يتحدث معي زوجي حتى أستفزه وأستثيره بشتى الطرق فيغضب ويضربني فأضربه ولا أرتاح حتى يدميني وأدميه وكأنني بهذه الأفعال أنتقم لصغيرتي التي قتلناها بلا ذنب.
الغريب أنه كان يتحمل كل تلك التصرفات دون أن يفكر بتطليقي، ففكرت بأنه ربما يكون مريضا نفسياً أو معقدا فازداد خوفي منه. وعلى الرغم من كل ما حدث فإنني لم أفكر بإخبار الأهل، ولم أفكر بالطلاق، لأنني أعلم جيداً أن الطلاق عندنا مرفوض تقريباً، وعلى المرأة أن تتحمل وتصبر مهما كانت الظروف. وخوفاً من تكرار المأساة صرت أتعاطى حبوب منع الحمل دون علمه، وصرت أفكر بطريقة تضمن لي ولادة مولود ذكر، فيرضى زوجي ويعود لحالته الطبيعية.
ذهبت إلى طبيبتي وقصصت عليها حكايتي فتساءلت: هل يوجد في زمننا هذا إنسان يفكر بعقلية الجاهلية الأولى؟ أكّدت لها الأمر وطلبت منها مساعدتي في أن أحمل بطفل ذكر. بعد تفكير طويل أخبرتني بأنها ستساعدني شرط أن أبقى على تواصل معها خلال فترة الحمل لأنها ستجرب معي علاجاً جديداً. وافقت على المجازفة، فأعطتني بعض الحبوب، وطلبت منّي مراجعتها بعد حدوث الحمل مباشرة.
شعرت بالاطمئنان النفسي، وتغير تعاملي مع زوجي، وعدت إلى طبيعتي الأولى وكأن شيئاً لم يحدث، مما جعله يشعر بالقلق من أن أكون قد أخفيت شيئاً عنه أو أنني أخطط لشيء ما ضده، ولكنه سرعان ما نسي كل شيء وعاد لاهتمامه بي ورعايتي كما في أول زواجنا.
تجربة أخرى
حدث الحمل بعد أشهر قليلة فذهبت إلى الطبيبة فأعطتني المزيد من الحبوب وطمأنتني إلى أن الأمور تسير على أحسن حال. انقضت ثلاثة أشهر على الحمل فطلب منّي زوجي إجراء الفحص لمعرفة جنس الجنين، ثم أصر على مرافقتي بنفسه خوفاً من أن أكذب عليه.
بعد أن أجرت الطبيبة الفحص أخبرتنا بأن الجنين ذكر، فطار زوجي من شدة الفرح وكأنه حقق إنجازاً عظيماً في الحياة. مرت أشهر الحمل على أحسن وجه ولم يخطر ببالي أو بال زوجي أن نعيد الفحص للتأكد مرة أخرى.
كانت المفاجأة الكبرى عندما حان موعد الولادة وكانت أنثى، فجن جنون زوجي، ولم يستطع أن يفعل شيئاً معي لأنه تأكد بنفسه من الطبيبة. أما أنا فقد ذهبت إليها لأعرف الحقيقة فأخبرتني بأنها لم تتدخل لتغيير إرادة الله وإنما ساعدتني فقط لإبعاد المسؤولية عنّي، وأن الحبوب التي كانت تعطيها لي مقويات تساعد على تثبيت الحمل.
لم يستطع زوجي أن يفعل شيئاً لا لي ولا لطفلته. كل ما استطاع أن يفعله هو الإعراض عنّي وعنها لسنة كاملة، يدخل ويخرج إلى البيت، يأكل وينام دون أن يتحدث معي أو يلاعب طفلته أو ينظر إليها.
كانت طفلتنا رائعة الجمال، ولها حركات تجذب أي مخلوق يراها. وما إن خطت خطواتها الأولى حتى ذهبت إلى والدها تداعبه وتناديه بابا، فرق لها قلبه وحملها بين ذراعيه وصار يقبلها ويبكي نادماً على موقفه منها، ثم تصالح معي وأقر بأنه كان مخطئاً في موقفه، ولكنه تمنى أن ألد له طفلاً ذكراً في أسرع وقت. الغريب هو أنه أحب الصغيرة بشكل يفوق التصور، وكانت هي تقوم بحركات الدلع الطفولي فيجن جنونه فيحتضنها بحنو حتى تدمع عيناه.
حملت مرة أخرى ولم أرض بإجراء فحص لمعرفة جنس الجنين فولدت مولوداً ذكراً فطار زوجي من الفرح ولكنه بقي متعلقاً بابنتنا متحججاً بأن الولد لا زال صغيراً وهو لا يجيد التعامل معه. و حملت مرة أخرى ووضعت ولداً ثانياً، فلم تكن فرحة زوجي كبيرة كما كانت في المرة السابقة وبقي على علاقة وطيدة مع ابنتنا، يدللها ويتحدث معها ولا يكترث كثيراً لولدينا. يأخذها إلى الروضة بنفسه، وعندما يكون خارج المنزل يتصل ليتحدث معها لفترة طويلة، وعندما يعود من عمله يكون مشتاقاً لها فيحتضنها ويلاعبها ويستمع إلى أحاديثها الجميلة الممتعة.
الكابوس الحقيقي
في إحدى الليالي استيقظ زوجي من نومه فزعاً وقد أرعبه كابوس مخيف، وظل يرتجف لفترة ثم ركض ليطمئن على الأولاد ثم عاد وهو يحمل ابنتنا يحمد ربه أن ليس بها مكروه.
قلت في نفسي: يبدو أن الرجل يشعر بوخز الضمير وربما هو خائف أن يحرمه الله من صغيرته عقاباً له على ما فعل، وعندما قلّبت الفكرة شعرت بالخوف أنا أيضاً وتمنيت أن لا يحدث أي مكروه لهذه الصغيرة. بعد مدة بسيطة حدث ذلك الحادث الفظيع الذي قلب حياتنا رأساً على عقب. ذهب زوجي كعادته إلى الروضة ليعيد ابنتنا بعد انتهاء الدوام، وأنزلها من السيارة وانشغل بالرد على مكالمة هاتفية فلم يتأكد من دخولها إلى المنزل، ولم يكن يتوقع أبداً أنها كانت تقف خلف السيارة فرجع إلى الوراء فداستها العجلات فماتت في الحال.
لكم أن تتصوروا ما هو شعوره وهو يتسبب في موتها، حملها وصار يركض كالمجنون في الشارع وهو يصرخ ويبكي.. تجمع عليه الناس يريدون مساعدته لكنه كان يرفض حتى جاءت الشرطة فأخذوه إلى المستشفى وهو يرفض أن يسلمهم جثتها. كان مشهده يمزق القلب وكنت منهارة تماماً لكن عندما رأيته على هذا الحال تماسكت وسحبت الطفلة من بين يديه. احتضنتها وقبلتها وأودعتها بين يدي خالقها لتكون شفيعتي يوم القيامة.
أجريت لزوجي بعض التحقيقات في مركز الشرطة لإثبات عدم التعمد في القتل، وعندما عاد إلى المنزل بقي أياماً في حالة غريبة، لا يأكل ولا ينام وتنتابه موجات من البكاء والعويل. يتخيلها تناديه فيركض إلى غرفتها ويغلق الباب عليه لفترات طويلة.
حاولت مساعدته لتخطي هذه الأزمة ولكنه كان يرفض الاستجابة، فطلبت مساعدة إخوته فأخذوه إلى الطبيب النفسي فأعطاه أدوية مهدئة جعلته في حالة خمول ونوم طويل. بعد أشهر من الحادث استيقظ فزعاً من نومه ثم أسرع فتوضأ وصلى ثم قرأ القرآن لفترة طويلة ثم عاد لنومه. في اليوم التالي استيقظ مبكراً وقد عادت الابتسامة إلى وجهه وطلب أن نتناول الفطور سوياً.
استغربت لهذه التغيرات، وسألته عن حاله فقال: شاهدت طفلتنا في النوم وقد كانت متعبة جداً، قبلتني وطلبت منّي أن أكف عن تعذيبها، فاستغربت لقولها، فأوضحت لي أن ما أفعله بنفسي يؤذيها، والأفضل لي ولها أن أرضى بقضاء الله وأن أصبر لأن لقاءنا سيكون في الجنة إن شاء الله. فهدأت نفسي وقررت أن أعود لرشدي وأتقرب إلى ربي عسى أن يجمعني بها في الجنة.
بعد ذلك اليوم تغير زوجي وعاد لطبيعته التي عرفته بها في أول زواجنا، إنساناً ودوداً طيباً حسن المعشر.
كان مطلقاً عندما تقدم لخطبتي، وقيل لي أن الطلاق حدث بسبب خلافات وعدم توافق. شاب متوسط الجمال، جامعي، يعمل في شركة خاصة كبرى، وضعه المادي ممتاز، فلماذا أتردد؟ ألم يكن حلمي الارتباط برجل يبعدني عن دائرة الضيق المادي الموجودة في منزل الأهل؟ كنت أردد دائماً: ليس مهماً أن يكون جميلاً، المهم هو حالته المادية التي ستحقق لي أحلامي.
في فترة الخطوبة تحدثت معه بالهاتف، وسمعت كل ما هو جميل ومشجع لأقبل على الزواج وأنا مرتاحة البال ومطمئنة. وبعد الزواج شملني برعايته واهتمامه، وكان سخياً معي في ماله وفي عواطفه حتى اعتقدت أنني محظوظة لأنني حصلت على كل ما تحلم به الفتاة.
بعد ستة أشهر من الزواج حدث الحمل فازداد اهتمامه بي وصار يأخذني إلى مواعيد الطبيب بنفسه. كنت أعتقد أن اهتمامه شيء طبيعي، ويكمل سلسلة الخصال الجيدة التي يتمتع بها، لكن حدث شيء غير متوقع قلب الأمور كلها رأساً على عقب.
الوجه الآخر
بعد ثلاثة أشهر من الحمل أجرينا كشفا لمعرفة جنس الجنين فجاءت النتيجة أنها أنثى، فجن جنون زوجي وانقلب إلى وحش حقيقي بلا مشاعر ولا خوف من الله ولا إنسانية ولا أي شيء من الصفات التي عرفتها به خلال فترة خطوبتنا وزواجنا، صار يلح عليّ لإجراء عملية إجهاض لأنه لا يريد أن يكون وليده الأول أنثى، وأنا غير مصدقة، هل هذا يعقل؟ إنها جريمة لا يرضاها الله ولا الضمير الإنساني. فكيف أطاوعه وأعرض نفسي للخطر؟ كيف أتسبب في قتل أول أطفالي؟ بم سأواجه ربي؟
صراع يفوق طاقتي على التحمل وأنا في مقتبل العمر، وفي أول فترات الزواج، كنت حائرة، هل أخبر أهلي؟ أم أستعين بأهله؟ ولكنه هددني بالطلاق إن أخبرت أحدا من الأهل بهذا الأمر، فماذا أفعل؟ فكرت في أمر زواجه الأول، فلربما قد فشل لنفس السبب، وتمنيت أن أسأل طليقته عن سبب الطلاق. حصلت على هاتفها من إحدى قريباتي وعرفت أنها عاشت نفس المأساة وأجبرها على الإجهاض وطلبت الطلاق فطلقها. ولما أخبرتها أنني أمر بنفس المعاناة التي مرت هي بها قبلي، نصحتني بأن أسمع كلامه وأخضع لعملية الإجهاض عسى أن يرزقني الله بطفل ذكر في المرة القادمة، وبالطبع فإن الله سيعاقبه وحده لأنه هو المسئول عن قتل الجنين ولست أنا.
استمعت لنصيحتها وأخبرت زوجي بأنني موافقة فعاد إلى هدوئه وكأن شيئا لم يكن، ثم رتب سفرنا إلى إحدى الدول وهناك أجريت لي عملية الإجهاض بشكل سريع.
لم تؤثر العملية عليّ من الناحية الصحية لكنني شعرت بكره دفين لزوجي، شعرت بأنه منافق يصلي ويصوم ولكنه يعصي ربه ولا يرضى بقضائه وقدره، فهل يجتمع الإيمان الحقيقي مع الأعمال الشنيعة مثل قتل النفس؟ فقط لأنها أنثى!! وهل يختلف هذا التفكير عن وأد البنات الذي كان شائعاً في الجاهلية وقد حرّمه الإسلام؟ كم هي صدئة هذه العقول. بصراحة لم أعد أحمل بداخلي إلا كرهاً حقيقياً لزوجي.
بعد هذه الحادثة تحولت إلى مخلوقة شرسة حادة الطباع، ما إن يتحدث معي زوجي حتى أستفزه وأستثيره بشتى الطرق فيغضب ويضربني فأضربه ولا أرتاح حتى يدميني وأدميه وكأنني بهذه الأفعال أنتقم لصغيرتي التي قتلناها بلا ذنب.
الغريب أنه كان يتحمل كل تلك التصرفات دون أن يفكر بتطليقي، ففكرت بأنه ربما يكون مريضا نفسياً أو معقدا فازداد خوفي منه. وعلى الرغم من كل ما حدث فإنني لم أفكر بإخبار الأهل، ولم أفكر بالطلاق، لأنني أعلم جيداً أن الطلاق عندنا مرفوض تقريباً، وعلى المرأة أن تتحمل وتصبر مهما كانت الظروف. وخوفاً من تكرار المأساة صرت أتعاطى حبوب منع الحمل دون علمه، وصرت أفكر بطريقة تضمن لي ولادة مولود ذكر، فيرضى زوجي ويعود لحالته الطبيعية.
ذهبت إلى طبيبتي وقصصت عليها حكايتي فتساءلت: هل يوجد في زمننا هذا إنسان يفكر بعقلية الجاهلية الأولى؟ أكّدت لها الأمر وطلبت منها مساعدتي في أن أحمل بطفل ذكر. بعد تفكير طويل أخبرتني بأنها ستساعدني شرط أن أبقى على تواصل معها خلال فترة الحمل لأنها ستجرب معي علاجاً جديداً. وافقت على المجازفة، فأعطتني بعض الحبوب، وطلبت منّي مراجعتها بعد حدوث الحمل مباشرة.
شعرت بالاطمئنان النفسي، وتغير تعاملي مع زوجي، وعدت إلى طبيعتي الأولى وكأن شيئاً لم يحدث، مما جعله يشعر بالقلق من أن أكون قد أخفيت شيئاً عنه أو أنني أخطط لشيء ما ضده، ولكنه سرعان ما نسي كل شيء وعاد لاهتمامه بي ورعايتي كما في أول زواجنا.
تجربة أخرى
حدث الحمل بعد أشهر قليلة فذهبت إلى الطبيبة فأعطتني المزيد من الحبوب وطمأنتني إلى أن الأمور تسير على أحسن حال. انقضت ثلاثة أشهر على الحمل فطلب منّي زوجي إجراء الفحص لمعرفة جنس الجنين، ثم أصر على مرافقتي بنفسه خوفاً من أن أكذب عليه.
بعد أن أجرت الطبيبة الفحص أخبرتنا بأن الجنين ذكر، فطار زوجي من شدة الفرح وكأنه حقق إنجازاً عظيماً في الحياة. مرت أشهر الحمل على أحسن وجه ولم يخطر ببالي أو بال زوجي أن نعيد الفحص للتأكد مرة أخرى.
كانت المفاجأة الكبرى عندما حان موعد الولادة وكانت أنثى، فجن جنون زوجي، ولم يستطع أن يفعل شيئاً معي لأنه تأكد بنفسه من الطبيبة. أما أنا فقد ذهبت إليها لأعرف الحقيقة فأخبرتني بأنها لم تتدخل لتغيير إرادة الله وإنما ساعدتني فقط لإبعاد المسؤولية عنّي، وأن الحبوب التي كانت تعطيها لي مقويات تساعد على تثبيت الحمل.
لم يستطع زوجي أن يفعل شيئاً لا لي ولا لطفلته. كل ما استطاع أن يفعله هو الإعراض عنّي وعنها لسنة كاملة، يدخل ويخرج إلى البيت، يأكل وينام دون أن يتحدث معي أو يلاعب طفلته أو ينظر إليها.
كانت طفلتنا رائعة الجمال، ولها حركات تجذب أي مخلوق يراها. وما إن خطت خطواتها الأولى حتى ذهبت إلى والدها تداعبه وتناديه بابا، فرق لها قلبه وحملها بين ذراعيه وصار يقبلها ويبكي نادماً على موقفه منها، ثم تصالح معي وأقر بأنه كان مخطئاً في موقفه، ولكنه تمنى أن ألد له طفلاً ذكراً في أسرع وقت. الغريب هو أنه أحب الصغيرة بشكل يفوق التصور، وكانت هي تقوم بحركات الدلع الطفولي فيجن جنونه فيحتضنها بحنو حتى تدمع عيناه.
حملت مرة أخرى ولم أرض بإجراء فحص لمعرفة جنس الجنين فولدت مولوداً ذكراً فطار زوجي من الفرح ولكنه بقي متعلقاً بابنتنا متحججاً بأن الولد لا زال صغيراً وهو لا يجيد التعامل معه. و حملت مرة أخرى ووضعت ولداً ثانياً، فلم تكن فرحة زوجي كبيرة كما كانت في المرة السابقة وبقي على علاقة وطيدة مع ابنتنا، يدللها ويتحدث معها ولا يكترث كثيراً لولدينا. يأخذها إلى الروضة بنفسه، وعندما يكون خارج المنزل يتصل ليتحدث معها لفترة طويلة، وعندما يعود من عمله يكون مشتاقاً لها فيحتضنها ويلاعبها ويستمع إلى أحاديثها الجميلة الممتعة.
الكابوس الحقيقي
في إحدى الليالي استيقظ زوجي من نومه فزعاً وقد أرعبه كابوس مخيف، وظل يرتجف لفترة ثم ركض ليطمئن على الأولاد ثم عاد وهو يحمل ابنتنا يحمد ربه أن ليس بها مكروه.
قلت في نفسي: يبدو أن الرجل يشعر بوخز الضمير وربما هو خائف أن يحرمه الله من صغيرته عقاباً له على ما فعل، وعندما قلّبت الفكرة شعرت بالخوف أنا أيضاً وتمنيت أن لا يحدث أي مكروه لهذه الصغيرة. بعد مدة بسيطة حدث ذلك الحادث الفظيع الذي قلب حياتنا رأساً على عقب. ذهب زوجي كعادته إلى الروضة ليعيد ابنتنا بعد انتهاء الدوام، وأنزلها من السيارة وانشغل بالرد على مكالمة هاتفية فلم يتأكد من دخولها إلى المنزل، ولم يكن يتوقع أبداً أنها كانت تقف خلف السيارة فرجع إلى الوراء فداستها العجلات فماتت في الحال.
لكم أن تتصوروا ما هو شعوره وهو يتسبب في موتها، حملها وصار يركض كالمجنون في الشارع وهو يصرخ ويبكي.. تجمع عليه الناس يريدون مساعدته لكنه كان يرفض حتى جاءت الشرطة فأخذوه إلى المستشفى وهو يرفض أن يسلمهم جثتها. كان مشهده يمزق القلب وكنت منهارة تماماً لكن عندما رأيته على هذا الحال تماسكت وسحبت الطفلة من بين يديه. احتضنتها وقبلتها وأودعتها بين يدي خالقها لتكون شفيعتي يوم القيامة.
أجريت لزوجي بعض التحقيقات في مركز الشرطة لإثبات عدم التعمد في القتل، وعندما عاد إلى المنزل بقي أياماً في حالة غريبة، لا يأكل ولا ينام وتنتابه موجات من البكاء والعويل. يتخيلها تناديه فيركض إلى غرفتها ويغلق الباب عليه لفترات طويلة.
حاولت مساعدته لتخطي هذه الأزمة ولكنه كان يرفض الاستجابة، فطلبت مساعدة إخوته فأخذوه إلى الطبيب النفسي فأعطاه أدوية مهدئة جعلته في حالة خمول ونوم طويل. بعد أشهر من الحادث استيقظ فزعاً من نومه ثم أسرع فتوضأ وصلى ثم قرأ القرآن لفترة طويلة ثم عاد لنومه. في اليوم التالي استيقظ مبكراً وقد عادت الابتسامة إلى وجهه وطلب أن نتناول الفطور سوياً.
استغربت لهذه التغيرات، وسألته عن حاله فقال: شاهدت طفلتنا في النوم وقد كانت متعبة جداً، قبلتني وطلبت منّي أن أكف عن تعذيبها، فاستغربت لقولها، فأوضحت لي أن ما أفعله بنفسي يؤذيها، والأفضل لي ولها أن أرضى بقضاء الله وأن أصبر لأن لقاءنا سيكون في الجنة إن شاء الله. فهدأت نفسي وقررت أن أعود لرشدي وأتقرب إلى ربي عسى أن يجمعني بها في الجنة.
بعد ذلك اليوم تغير زوجي وعاد لطبيعته التي عرفته بها في أول زواجنا، إنساناً ودوداً طيباً حسن المعشر.
عثمان محمد يعقوب شاويش- مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه
مواضيع مماثلة
» قصـــة واقعية (27) منقووولة ........
» صور من الكعبة المشرفة .... منقووولة
» راحة السكرة وجات الفكرة .... صناعة منقووولة
» قصـــة واقعيـــــة ..... رقم (8)
» قصـــة (2) أعجبت بها ........
» صور من الكعبة المشرفة .... منقووولة
» راحة السكرة وجات الفكرة .... صناعة منقووولة
» قصـــة واقعيـــــة ..... رقم (8)
» قصـــة (2) أعجبت بها ........
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى