قصـــة واقعية (27) منقووولة ........
صفحة 1 من اصل 1
قصـــة واقعية (27) منقووولة ........
:: القلب الكبير
::
مواهبي وميزاتي كانت متعددة؛ جمال وذكاء وشخصية جذابة مما جعل مني فتاة محظوظة يحسدها الجميع، وكنت محبوبة من معلماتي وزميلاتي في المدرسة ومن المتفوقات طوال سنين الدراسة حتى وصلت إلى السنة الأخيرة في الثانوية، عندها تغيرت مسيرة حياتي.
بدأت رياح التغيير تطل بوجهها عندما وجدت اهتماماً من صديق أخي. شاهدته صدفة بينما كنت خارجة من بيتنا وهو ينتظر أخي بسيارته، ولم أستطع نسيان ملامحه منذ تلك اللحظة. وتطور الأمر ووجدته ينتظر خروجي من المدرسة يومياً فيرمقني بنظراته حتى أركب السيارة. أسعدني هذا الاهتمام كثيراً، فطلبت من سائقنا أن يقف بعيداً لتطول المسافة التي أمشي خلالها، فأسمح لنفسي بمزيد من الوقت لمشاهدة نظراته الشغوفة.
كان شاباً غاية في الوسامة والجمال، وقد أثار انتباه الفتيات فصرن يتعمدن لفت انتباهه، ولكنه لم يكن يكترث لأي منهن وكان همه الوحيد إيصال رقم هاتفه إليّ، وقد تمكن من ذلك بجرأة عندما نزل من سيارته ومشى باتجاهي معترضاً طريقي ثم سلمني الورقة بيدي وابتعد. كدت أموت خوفاً، لكنني أمسكت بالورقة وكأنها شهادة دخولي إلى عالم الفرح والسعادة.
بعد كثير من التردد اتصلت به، فجاءتني عبر الخط كلمات صادقة دافئة جعلتني أعيش عالماً خيالياً مسحوراً لا يشبهه شيء في الدنيا.
لم تمر سوى أيام قليلة حتى عرفت بأنه تقدم لخطبتي من أبي وأن أبي رفضه بحجة أنه حريص على إكمالي تعليمي، لكن الحقيقة هي أن الشاب من عائلة فقيرة ولم يكمل دراسته الجامعية، ويعمل موظفاً بسيطاً بشهادة الثانوية.
مشيئة القدر
في نفس الفترة شاءت الظروف أن يتقدم لي شاب آخر من عائلة غنية، فوافق والدي على الفور رغم أنه لا يملك شهادة جامعية، ورغم رفضي تم الزواج بلا أي اكتراث لرأيي، وتناسوا مرضي وهزالي وكل ملامح الحزن والجزع التي أطفأت جمالي، ولم يعلموا بأنهم قتلوا سعادتي إلى الأبد.
انتقلت إلى بيت الزوجية، قصر فخم وخدم وحشم وسيارات فاخرة، لكنني صرت إنسانة أخرى، كئيبة وتعيسة، وفقدت قدرتي على الإحساس بالفرح خصوصاً بعد أن اكتشفت بأن زوجي مدمن للخمر لا يستطيع العيش بدونها. وسرعان ما ملّني وانصرف عني للهوه وحياته السابقة. وعندما سألته عن سبب ارتباطه بي، أخبرني بأنه استجاب لإلحاح والدته لرؤية ذريته.
على الرغم من شكواي المستمرة من سوء أخلاق زوجي، إلا إن والدي ووالدتي كانا سعيدين بهذا الزواج، بل ويتهمانني بأنني السبب في نفور زوجي من بيته لأنني لا أعرف كيف أكسبه!. أمر عجيب، كيف أتمكن وأنا في الثامنة عشرة من عمري من تقويم اعوجاج رجل في الثامنة والعشرين؟.
كان شعوري بالوحدة يزداد يوماً بعد يوم خاصة أن زوجي يغيب عن البيت طوال الوقت، فهو يأتي آخر الليل ويخرج مسرعاً بمجرد نهوضه، لذلك قررت أن أعود لمقاعد الدراسة، وقد استخدمت كل ما أملك من طاقة لأحصل على موافقة زوجي.
حصلت على الثانوية ودخلت الجامعة، ومضت الأيام وأنا مشغولة بدراستي وزوجي مشغول باللهو والعبث وكأننا غريبان في مكان واحد. لكن، وبعد أن تأخر حملي وبإلحاح من والدة زوجي، صار يقضي بعض الليالي معي، وبدلاً من أن يلاطفني صار يستفزني بشربه للخمر أمامي وإرغامي على مشاركته، وعندما أرفض يضربني، فكنت أضربه بدوري فأجده سعيداً بما أفعل، فصرت أزداد في ضربه لأخرج كمية الغضب التي تكدست بداخلي نحوه، وهو يشعر بالسعادة ولا يعترض.
أمل جديد
حملت بعد ثلاث سنوات من زواجي، ففكرت بأن الطفل سيحدث تغييراً في حياتي الزوجية البائسة، ويتغير زوجي بعد أن يصبح أباً ويكون هذا الصغير شعاع الأمل لحياتي الباهتة.
جاء الصغير وكرست وقتي للاهتمام به، فتعثرت دراستي ولم أستطع التوفيق بينهما فاقترحت علي أم زوجي إحضار مربية متخصصة فوافقت، فاختارت لي فتاة جميلة من دولة أوروبية اكتشفت أن زوجي يغازلها فطردتها، وأحضرت امرأة عجوزا من دولة عربية كانت جيدة في البداية ولكنها مع الأيام صارت شديدة الخمول تحب النوم لساعات طوال، وقد حدثت الكارثة عندما استغرقت المرأة في النوم وهي جالسة على الأريكة تضع طفلي في حضنها، فسقط طفلي على الأرض وفقد قدرته على التنفس، وشاء الله أن أدخل إلى المنزل في تلك اللحظة فوجدتها تحاول إسعاف الصغير الذي كان يبدو مزرقاً، فتلقفته من يديها وأسرعت به إلى المستشفى وكان في حالة خطرة.
اتصلت بزوجي وأخبرته بما حدث لولدنا فما كان منه إلا أن وجه الاتهام إلي ولم يكترث لمشاعري المنهارة في تلك اللحظة ولم يكلف نفسه مشقة الحضور، فاتصلت بوالدي فأسرع بالمجيء وبقي معي في حالة الخوف والترقب حتى أخبرنا الطبيب بأن الطفل قد مات.
لم تحملني قدماي وسقطت مغشياً علي ولم أدر عن شيء حتى وجدت نفسي في إحدى غرف المستشفى وأهلي كلهم يحيطون بي، فنظرت إلى أمي وأبي وقلت لهما: لماذا فعلتما بي كل ذلك، ألست ابنتكما، لماذا فرضتما علي حياة كلها تعاسة، مع رجل لا يخاف ربه؟.
تحدثت وأخرجت كل ما في قلبي ولم أسكت حتى رأيت دموع الندم تهمي من عيون والدي. قضيت عشرة أيام في المستشفى دون أن يسأل عني زوجي، بعدها أخرجني والدي من المستشفى وأخذني إلى بيتي، صعدت إلى غرفتي لأفاجأ بأنها مغلقة بالمفتاح، عندما ألححت في الطرق على الباب عرفت بأن زوجي في الغرفة وهو لا يريد أن يفتح لي، فاتصلت بوالدي ليعود ويرى بنفسه ماذا يحدث، وبالفعل عاد والدي ففتح زوجي باب الغرفة فدخلت ووجدت امرأة غريبة، وقد استخدمت سريري وثيابي وأدوات زينتي.
مفاجأة أخرى وصدمة جديدة جعلتني أفقد أعصابي، فاتجهت لزوجي أضربه بيدي وأنا أصرخ، فأخذ يضربني هو الآخر، فتدخل والدي وسحبني ثم دفعه بقوة وقال له: أيها النذل ألا يكفي ما فعلت بها، طلقها، فطلقني فتخلصت بذلك من زواج كريه لم يحقق لي سوى الأمراض النفسية والعقد والتعاسة.
أمل وخوف
مضت السنون وأنا مطلقة، وقد أكملت دراستي الجامعية وتوظفت كإدارية في أحد المراكز الصحية، كنت راضية بحياتي حتى وصلت إلى سن الثامنة والعشرين. كنت محط أنظار الكثيرين ولكنني كنت أرفض فكرة الزواج لأنني خائفة منها بسبب تجربتي الفاشلة.
في أحد الأيام شاهدت وجهاً أعرفه، ملامح لم تغب عن بالي يوماً، على الرغم من السنوات العشر التي كانت تفصل بيني وبين آخر مرة رأيته فيها، إنه هو، نعم هو، وقفت في مكاني وكأن ماساً كهربائياً قد صدمني، كان بصحبة والدته، يدفع كرسيها المتحرك، وقد أحضرها للعلاج، لم استطع تحريك قدمي وبقيت متسمرة، أراد أن يمر فوجد صعوبة بسبب قطعي للطريق، فرفع بصره نحوي فبهت، نعم لقد تذكرني، تسمر هو أيضاً ولم يدر ماذا يفعل، عندها شعرت بالحرج ففررت من أمامه واختبأت وراء مكتبي.
منذ ذلك اليوم وهو يتردد على العيادة، يمر بشكل سريع ولكنه لا يجرؤ على محادثتي، فقط يكتفي بالنظر إلي من بعيد ثم يخرج، فيشتد توتري وتزداد ضربات قلبي وأتحول إلى كتلة ترتجف.
بعد أسبوع وجدته يتحدث مع أحد زملاء العمل ثم فوجئت به وهو يواجهني وجهاً لوجه.على الرغم من كل ما شعرت به من حالات غريبة وعجيبة، إلا أنني أخذت رقم هاتفه وتحدثت معه، أخبرني بأنه عرف بأمر طلاقي من زميلي في العمل، فقرر أن يجرب حظه معي مرة أخرى، سألته إن كان متزوجاً فأخبرني بأنه متزوج ولديه طفل واحد وأنه غير سعيد وغير منسجم في حياته الزوجية، للأسف ذهبت سعادتي وبهتت فرحتي، فلا يمكن أن أرضى بنصف سعادة، ولا أقبل أن أحرم الرجل من زوجته وابنه لأنني أدرك مدى تعلقه بي.
فاعتذرت له عن قبولي للزواج وعن استمرار الحوار بيننا على الرغم من كل توسلاته وإلحاحه، أغلقت ذلك الباب وقلت له: يبدو أنه لا يوجد نصيب بيننا.
عدت لحياتي الرتيبة ولروتينها الممل، إلى أن حدث ما لم أكن أتوقعه، فقد جاءت زوجته بنفسها تخطبني لزوجها وهي تمتدحه أمام أهلي وتتوسل إلي لأرضى بأن أكون شريكتها، بقيت ساكتة لا أدري ما أقول.
سألني والدي: لماذا ترفضينه يا ابنتي؟ فقلت له: لأنه متزوج. فقال لي: زوجته تريدك شريكة لها وهي راضية، فلا تضيعي فرصة السعادة مرة أخرى، فهي لن تتكرر.
تزوجته وعشنا أسرة واحدة ننعم بالحب والاهتمام مع زوج له قلب كبير يتسع للعالم بأسره.
عثمان محمد يعقوب شاويش- مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه
رد: قصـــة واقعية (27) منقووولة ........
أبو عفان شكراً لك على هذه القصة الرائعة ...وتفضل بقبول محبتي
عثمان محمد يعقوب شاويش- مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه
مواضيع مماثلة
» قصـــة واقعية (26) منقووولة ........
» صور من الكعبة المشرفة .... منقووولة
» راحة السكرة وجات الفكرة .... صناعة منقووولة
» قصـــة (2) أعجبت بها ........
» قصـــة واقعيـــــة ..... رقم (8)
» صور من الكعبة المشرفة .... منقووولة
» راحة السكرة وجات الفكرة .... صناعة منقووولة
» قصـــة (2) أعجبت بها ........
» قصـــة واقعيـــــة ..... رقم (8)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى