قصة شبح الفقر ...(28) واقعية ...ومنقولة ...
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قصة شبح الفقر ...(28) واقعية ...ومنقولة ...
شبح الفقـــــــــر
المشاكل لا تنتهي في حياتي، والسبب هو الفقر، فنحن عائلة فقيرة بكل معنى الكلمة. توفي والدي ونحن صغار وبقينا نعيش حالة اليتم والحاجة مع أمنا التي حاولت جاهدة أن تلملم فقرنا وحاجتنا بعيداً عن أعين الناس خوفاً علينا من الشعور بالذل والمهانة.
نحن أربعة، ولدان وبنتان، أنا الأكبر بينهم. لم يكن أمامي مستقبل دراسي كبير، فبمجرد أن أنهيت الإعدادية تركت الدراسة وعملت في الجيش، وقتها اعتقدت بأنني سأكون المنقذ لهذه العائلة وأنني سأجعلهم يعيشون بأفضل مما هم عليه، ولكن في الحقيقة لم استطع سوى الإنفاق على متطلباتي واحتياجاتي وعجزت عن تقديم الدعم القوي الذي انتظروه مني.
أول شيء فكرت فيه هو شراء سيارة فاخرة تظهرني بمظهر الأغنياء، وكانت هذه السيارة هي المسيطرة الأولى والأخيرة على الراتب بكل ما تتطلبه من مصاريف وأقساط. ثم جاءت قصة الموبايل وتغييره المستمر وفواتيره التي لا تنتهي، ثم لحقتها مصاريف التنزهات الشبابية في المقاهي والمطاعم فما يلبث الشهر أن ينتصف حتى تخلو المحفظة من المال.
أختي توظفت :
أختي التي تليني أنهت الثانوية ووجدت لنفسها وظيفة بسيطة في وزارة الصحة. وحاولت جاهدة أن تقوم بدور ايجابي لتغيير مستوى العائلة، فلم يفلح راتبها البسيط إلا بإضافة بعض الشكليات على مظهر البيت والأثاث، وكأنها كانت تهيئه ليكون لائقاً بخطبتها، ولم يطل مكوثها بيننا، فقد تزوجت بعد سنة واحدة من توظيفها وابتعدت ولو جزئياً عن دائرة بيتنا.
أما الأخت الثانية فتزوجت هي الأخرى ولما تزل طالبة على مقاعد الدراسة الثانوية، فشعرت وقتها بأن حمل الوالدة قد خف قليلاً حيث لم يبق سوى أخي الصغير الذي صارت تهتم به اهتماماً مادياً ومعنوياً فلم يشعر بنفس معاناتنا السابقة.
التفكير بالزواج:
بدأت المشكلة الحقيقية عندما فكرت في الزواج، أو بالأحرى بعد أن استجبت لإلحاح الوالدة عليه، خصوصاً وأنني بلغت الخامسة والعشرين من عمري، وتحسن راتبي قليلاً، وصار بإمكاني تحمل مسؤولية إنشاء أسرة كما تقول والدتي.
كانت المشكلة في اختيار العروس. لا أدري بالضبط هل هي مشكلتي أنا أم أنها مشكلة أمي؟ لم أحدد بالضبط من المسؤول عن الأمر كله. إذ أننا فكرنا بأن تكون العروس من عائلة مقتدرة، ربما هو الشعور بالنقص أو أنه الخوف من الفقر، لا أدري ما هو.
اختارت الوالدة البنت وذهبت لخطبتها، أخبرتني بصراحة بأنها ليست جميلة ولكن عائلتها غنية فرضيت بهذا الاختيار لأنني لم أفكر بالجمال بقدر تفكيري بالمال.
كما توقعنا فقد طلب أهل الفتاة مهراً كبيراً وشبكة غالية، وقد أبدت والدتي استعدادها لتلبية تلك المتطلبات وهي معتقدة بأن التضحية ببعض المال ضرورية في البداية كي تسير الأمور ثم بعد أن يتم عقد القران نكون نحن المتحكمين بزمام الأمور فنحولها كلها لصالحنا.
أخذت سلفة بنكية كبيرة أثقلت كاهلي، فدفعت المهر واشتريت الشبكة وتم عقد القران متجاهلين طلبهم بإقامة حفلة المهر في قاعة.
الصدمة :
بعدها صرت أزورهم في المنزل وألتقي بخطيبتي بوجود أهلها طبعاً. بصراحة لم تعجبني الفتاة إطلاقاً، كنت كلما أراها أسأل نفسي هذا السؤال: كيف سأعيش حياتي كلها مع هذه المخلوقة؟ ولكني كنت أبسط الفكرة بأن الحب يأتي بعد الزواج وأنني ربما سأجد في شخصيتها ما يساعدني على تقبلها كزوجة.
لم تحدث الأمور كما توقعت أمي، فبعد أن أخبرت الفتاة بأننا سنسكن سوياً في بيت العائلة الذي يتكون من غرفتي نوم، واحدة لنا وواحدة لها هي وأخي الأصغر، رفضت الفتاة الفكرة فبدأت الخلافات تدب بين أمي وبين أهل الفتاة حتى انتهت التمثيلية وطلبوا الانفصال بعد أن ردوا المهر والشبكة وجميع الهدايا التي قدمناها لهم.
لم تتأثر والدتي بكل ما حدث وقالت لي: ولا يهمك سأجد لك عروساً أفضل منها بألف مرة.
بصراحة، شعرت بالسعادة لهذه النهاية فأنا لم أكن مقتنعاً بتلك الفتاة ولم أتقبلها نفسياً طوال فترة الخطبة.
بدأت والدتي سلسلة البحث والتنقيب، وقد واجهت صعوبة هذه المرة لأنني أصبحت مطلقاً، فالكل يتساءل عن سبب الفشل وعندما يعرفون التفاصيل يعتذرون منها بكلمات مناسبة.
بعد مدة جاءتني أمي لتخبرني بأنها وجدت لي كنزاً حقيقياً، وما هو ذلك الكنز؟ إنها أرملة غنية ليس لديها أولاد، وهي تكبرني بأكثر من ثلاثين عاماً ولكنها ما زالت تحتفظ ببعض الجمال، كما تقول أمي: هذه المرأة ستريحك، امرأة كبيرة ومجربة، ستغرقك بالمال لأنك شاب صغير وجميل، ستدللك دلالاً يفوق الوصف، وستعوضك عن الفقر والحرمان الذي عشته في حياتك.
شهر العسل
بعد كل هذا التشجيع وافقت على الزواج وسافرنا في رحلة شهر العسل على حساب العروس طبعاً.
كانت المرأة لطيفة وطيبة وكريمة معي، عاملتني بمنتهى الرعاية والاهتمام كأنني ولدها، وكان كل شيء طيباً لولا التعليقات التي كنت أتعرض لها، خصوصاً وأن رحلتنا كانت لبلد عربي عرف أهله بإطلاق التعليقات والقفشات الساخرة التي تثير الضحك، وهم لا يسكتون ولا يمررون شيئاً إلا استلموه بالسخرية والتندر، فصرت استمع لتلك التعليقات فيملؤني الغيظ الشديد.
- جايب جدتك معاك ليه؟
- خلي بالك على الحاجة.
- حتورثها بعد كم يوم؟
عقدتني تلك التعليقات والمواقف السخيفة نفسياً، وصرت أنظر بوضوح إلى وجه زوجتي فأجدها تبدو كعجوز حقيقية على الرغم من المساحيق التي تضعها، قلت في نفسي ربما هذا بتأثير الأصباغ الكثيرة الموجودة على وجهها، فطلبت منها عدم وضع المساحيق فاستجابت برحابة صدر وبدون مناقشة، ولكن لا فائدة فالوضع قد ساء بدلاً من أن يتحسن.
بعد عودتنا من شهر العسل سكنا سوياً في ''فيلتها''، وقد أغدقت عليّ المال ففكرت بترك عملي وفتح مشروع. شجعتني زوجتي وزودتني بالمال وركزت على مشروع واحد اعتقدت بأنه سيحقق لي الأرباح التي أرجوها، وكان همي الوحيد أن أحقق لنفسي دخلاً جيداً يغنيني عن الحاجة لهذه المرأة فأطلقها وأتخلص منها، ولكن ما حدث هو أن المشروع ظل يمشي بشكل غير ثابت وأصبح يحقق لي دخلاً متوسطاً قريباً من راتبي الذي كنت أحصل عليه من الوظيفة.
ساءت حالتي النفسية بشكل كبير وصرت عصبياً طوال الوقت، فانعكس ذلك على طريقتي في التعامل مع زوجتي؛ صرت أعاملها معاملة سيئة جداً حتى كرهتني وطلبت مني الطلاق فطلقتها وأنا غير نادم بعد أشهر قليلة من ذلك الزواج.
البحث عن الزوجة الثالثة .
بعد لوم وعتاب وفترة كافية من الزمن عادت أمي للبحث والتقصي عن زوجة جديدة لي، وقد قررت أن تختارها من الطبقة الفقيرة شرط أن تكون صغيرة وجميلة ولا تكلفني مصاريف كثيرة لا أحتملها، فباء بحثها بالفشل فقررنا أن نسافر سوياً لأي بلد عربي ونختارها من هناك، وبالفعل لم يطل بنا المقام حتى وجدنا ضالتنا وتزوجت بأقل ما يمكن من التكاليف وعدت ومعي الزوجة الشابة الجميلة ''ست البيت'' التي تكيفت مع حياتنا بسرعة، ولم تطالبنا ببيت منفصل أو أي طلبات مادية لا نقدر عليها.
ارتاحت أمي وأصبحت سعيدة للغاية وكذلك زوجتي بدت مرتاحة وراضية، وبقيت المشكلة الوحيدة هي أنا لأنني لم أشعر بالرضا والسعادة وبقيت أتذمر طوال الوقت، أبحث عن أي حجة فأخرج كمية من الغضب المشحونة بداخلي ضد الفقر الذي جعلته متمثلاً بزوجتي، أليست هي صورة حقيقية لهذا الفقر؟ هذا اللعين الذي تحكم بحياتي الزوجية وقلبها على هذا الشكل الغريب.
ثلاثة زيجات فاشلة والسبب هو الفقر. الأولى اخترتها هرباً منه وكذلك الثانية أما الثالثة فهي تذكرني به ليل نهار حتى كرهتها وكرهت وجودها في حياتي، ولم تمض سنة على زواجنا حتى طلقتها هي الأخرى بحجة عدم الإنجاب.
بعد هذا الطلاق انقلبت أمي ضدي وصارت تسمعني كلاماً قاسياً لم أسمعه منها من قبل. عندما ازدادت حدة التوتر بيننا تركت لها المنزل خصوصاً وأنه لم يعد لي مكاناً فيه بعد أن تزوج أخي وملأه بالأطفال.
الرحيل من المنزل :
استأجرت شقة صغيرة وصرت أعيش وحيداً كالمنبوذ. فكرت أن استعيد زوجتي الأخيرة فاتصلت بأهلها فأخبروني بأنها قد تزوجت. مرت السنون وشاب شعري وأنا أعيش آلام الوحدة والعذاب، ولم يخفف عني سوى عودتي لبيتنا بعد أن بنى أخي لنفسه بيتاً في نصف مساحة الأرض وأبقى لنا أنا وأمي البناء الأصلي القديم، فصرت اعتني بوالدتي وأرعاها في سنينها الأخيرة، ولا أدري ماذا سأفعل إن تركتني لوحدي ورحلت.
المشاكل لا تنتهي في حياتي، والسبب هو الفقر، فنحن عائلة فقيرة بكل معنى الكلمة. توفي والدي ونحن صغار وبقينا نعيش حالة اليتم والحاجة مع أمنا التي حاولت جاهدة أن تلملم فقرنا وحاجتنا بعيداً عن أعين الناس خوفاً علينا من الشعور بالذل والمهانة.
نحن أربعة، ولدان وبنتان، أنا الأكبر بينهم. لم يكن أمامي مستقبل دراسي كبير، فبمجرد أن أنهيت الإعدادية تركت الدراسة وعملت في الجيش، وقتها اعتقدت بأنني سأكون المنقذ لهذه العائلة وأنني سأجعلهم يعيشون بأفضل مما هم عليه، ولكن في الحقيقة لم استطع سوى الإنفاق على متطلباتي واحتياجاتي وعجزت عن تقديم الدعم القوي الذي انتظروه مني.
أول شيء فكرت فيه هو شراء سيارة فاخرة تظهرني بمظهر الأغنياء، وكانت هذه السيارة هي المسيطرة الأولى والأخيرة على الراتب بكل ما تتطلبه من مصاريف وأقساط. ثم جاءت قصة الموبايل وتغييره المستمر وفواتيره التي لا تنتهي، ثم لحقتها مصاريف التنزهات الشبابية في المقاهي والمطاعم فما يلبث الشهر أن ينتصف حتى تخلو المحفظة من المال.
أختي توظفت :
أختي التي تليني أنهت الثانوية ووجدت لنفسها وظيفة بسيطة في وزارة الصحة. وحاولت جاهدة أن تقوم بدور ايجابي لتغيير مستوى العائلة، فلم يفلح راتبها البسيط إلا بإضافة بعض الشكليات على مظهر البيت والأثاث، وكأنها كانت تهيئه ليكون لائقاً بخطبتها، ولم يطل مكوثها بيننا، فقد تزوجت بعد سنة واحدة من توظيفها وابتعدت ولو جزئياً عن دائرة بيتنا.
أما الأخت الثانية فتزوجت هي الأخرى ولما تزل طالبة على مقاعد الدراسة الثانوية، فشعرت وقتها بأن حمل الوالدة قد خف قليلاً حيث لم يبق سوى أخي الصغير الذي صارت تهتم به اهتماماً مادياً ومعنوياً فلم يشعر بنفس معاناتنا السابقة.
التفكير بالزواج:
بدأت المشكلة الحقيقية عندما فكرت في الزواج، أو بالأحرى بعد أن استجبت لإلحاح الوالدة عليه، خصوصاً وأنني بلغت الخامسة والعشرين من عمري، وتحسن راتبي قليلاً، وصار بإمكاني تحمل مسؤولية إنشاء أسرة كما تقول والدتي.
كانت المشكلة في اختيار العروس. لا أدري بالضبط هل هي مشكلتي أنا أم أنها مشكلة أمي؟ لم أحدد بالضبط من المسؤول عن الأمر كله. إذ أننا فكرنا بأن تكون العروس من عائلة مقتدرة، ربما هو الشعور بالنقص أو أنه الخوف من الفقر، لا أدري ما هو.
اختارت الوالدة البنت وذهبت لخطبتها، أخبرتني بصراحة بأنها ليست جميلة ولكن عائلتها غنية فرضيت بهذا الاختيار لأنني لم أفكر بالجمال بقدر تفكيري بالمال.
كما توقعنا فقد طلب أهل الفتاة مهراً كبيراً وشبكة غالية، وقد أبدت والدتي استعدادها لتلبية تلك المتطلبات وهي معتقدة بأن التضحية ببعض المال ضرورية في البداية كي تسير الأمور ثم بعد أن يتم عقد القران نكون نحن المتحكمين بزمام الأمور فنحولها كلها لصالحنا.
أخذت سلفة بنكية كبيرة أثقلت كاهلي، فدفعت المهر واشتريت الشبكة وتم عقد القران متجاهلين طلبهم بإقامة حفلة المهر في قاعة.
الصدمة :
بعدها صرت أزورهم في المنزل وألتقي بخطيبتي بوجود أهلها طبعاً. بصراحة لم تعجبني الفتاة إطلاقاً، كنت كلما أراها أسأل نفسي هذا السؤال: كيف سأعيش حياتي كلها مع هذه المخلوقة؟ ولكني كنت أبسط الفكرة بأن الحب يأتي بعد الزواج وأنني ربما سأجد في شخصيتها ما يساعدني على تقبلها كزوجة.
لم تحدث الأمور كما توقعت أمي، فبعد أن أخبرت الفتاة بأننا سنسكن سوياً في بيت العائلة الذي يتكون من غرفتي نوم، واحدة لنا وواحدة لها هي وأخي الأصغر، رفضت الفتاة الفكرة فبدأت الخلافات تدب بين أمي وبين أهل الفتاة حتى انتهت التمثيلية وطلبوا الانفصال بعد أن ردوا المهر والشبكة وجميع الهدايا التي قدمناها لهم.
لم تتأثر والدتي بكل ما حدث وقالت لي: ولا يهمك سأجد لك عروساً أفضل منها بألف مرة.
بصراحة، شعرت بالسعادة لهذه النهاية فأنا لم أكن مقتنعاً بتلك الفتاة ولم أتقبلها نفسياً طوال فترة الخطبة.
بدأت والدتي سلسلة البحث والتنقيب، وقد واجهت صعوبة هذه المرة لأنني أصبحت مطلقاً، فالكل يتساءل عن سبب الفشل وعندما يعرفون التفاصيل يعتذرون منها بكلمات مناسبة.
بعد مدة جاءتني أمي لتخبرني بأنها وجدت لي كنزاً حقيقياً، وما هو ذلك الكنز؟ إنها أرملة غنية ليس لديها أولاد، وهي تكبرني بأكثر من ثلاثين عاماً ولكنها ما زالت تحتفظ ببعض الجمال، كما تقول أمي: هذه المرأة ستريحك، امرأة كبيرة ومجربة، ستغرقك بالمال لأنك شاب صغير وجميل، ستدللك دلالاً يفوق الوصف، وستعوضك عن الفقر والحرمان الذي عشته في حياتك.
شهر العسل
بعد كل هذا التشجيع وافقت على الزواج وسافرنا في رحلة شهر العسل على حساب العروس طبعاً.
كانت المرأة لطيفة وطيبة وكريمة معي، عاملتني بمنتهى الرعاية والاهتمام كأنني ولدها، وكان كل شيء طيباً لولا التعليقات التي كنت أتعرض لها، خصوصاً وأن رحلتنا كانت لبلد عربي عرف أهله بإطلاق التعليقات والقفشات الساخرة التي تثير الضحك، وهم لا يسكتون ولا يمررون شيئاً إلا استلموه بالسخرية والتندر، فصرت استمع لتلك التعليقات فيملؤني الغيظ الشديد.
- جايب جدتك معاك ليه؟
- خلي بالك على الحاجة.
- حتورثها بعد كم يوم؟
عقدتني تلك التعليقات والمواقف السخيفة نفسياً، وصرت أنظر بوضوح إلى وجه زوجتي فأجدها تبدو كعجوز حقيقية على الرغم من المساحيق التي تضعها، قلت في نفسي ربما هذا بتأثير الأصباغ الكثيرة الموجودة على وجهها، فطلبت منها عدم وضع المساحيق فاستجابت برحابة صدر وبدون مناقشة، ولكن لا فائدة فالوضع قد ساء بدلاً من أن يتحسن.
بعد عودتنا من شهر العسل سكنا سوياً في ''فيلتها''، وقد أغدقت عليّ المال ففكرت بترك عملي وفتح مشروع. شجعتني زوجتي وزودتني بالمال وركزت على مشروع واحد اعتقدت بأنه سيحقق لي الأرباح التي أرجوها، وكان همي الوحيد أن أحقق لنفسي دخلاً جيداً يغنيني عن الحاجة لهذه المرأة فأطلقها وأتخلص منها، ولكن ما حدث هو أن المشروع ظل يمشي بشكل غير ثابت وأصبح يحقق لي دخلاً متوسطاً قريباً من راتبي الذي كنت أحصل عليه من الوظيفة.
ساءت حالتي النفسية بشكل كبير وصرت عصبياً طوال الوقت، فانعكس ذلك على طريقتي في التعامل مع زوجتي؛ صرت أعاملها معاملة سيئة جداً حتى كرهتني وطلبت مني الطلاق فطلقتها وأنا غير نادم بعد أشهر قليلة من ذلك الزواج.
البحث عن الزوجة الثالثة .
بعد لوم وعتاب وفترة كافية من الزمن عادت أمي للبحث والتقصي عن زوجة جديدة لي، وقد قررت أن تختارها من الطبقة الفقيرة شرط أن تكون صغيرة وجميلة ولا تكلفني مصاريف كثيرة لا أحتملها، فباء بحثها بالفشل فقررنا أن نسافر سوياً لأي بلد عربي ونختارها من هناك، وبالفعل لم يطل بنا المقام حتى وجدنا ضالتنا وتزوجت بأقل ما يمكن من التكاليف وعدت ومعي الزوجة الشابة الجميلة ''ست البيت'' التي تكيفت مع حياتنا بسرعة، ولم تطالبنا ببيت منفصل أو أي طلبات مادية لا نقدر عليها.
ارتاحت أمي وأصبحت سعيدة للغاية وكذلك زوجتي بدت مرتاحة وراضية، وبقيت المشكلة الوحيدة هي أنا لأنني لم أشعر بالرضا والسعادة وبقيت أتذمر طوال الوقت، أبحث عن أي حجة فأخرج كمية من الغضب المشحونة بداخلي ضد الفقر الذي جعلته متمثلاً بزوجتي، أليست هي صورة حقيقية لهذا الفقر؟ هذا اللعين الذي تحكم بحياتي الزوجية وقلبها على هذا الشكل الغريب.
ثلاثة زيجات فاشلة والسبب هو الفقر. الأولى اخترتها هرباً منه وكذلك الثانية أما الثالثة فهي تذكرني به ليل نهار حتى كرهتها وكرهت وجودها في حياتي، ولم تمض سنة على زواجنا حتى طلقتها هي الأخرى بحجة عدم الإنجاب.
بعد هذا الطلاق انقلبت أمي ضدي وصارت تسمعني كلاماً قاسياً لم أسمعه منها من قبل. عندما ازدادت حدة التوتر بيننا تركت لها المنزل خصوصاً وأنه لم يعد لي مكاناً فيه بعد أن تزوج أخي وملأه بالأطفال.
الرحيل من المنزل :
استأجرت شقة صغيرة وصرت أعيش وحيداً كالمنبوذ. فكرت أن استعيد زوجتي الأخيرة فاتصلت بأهلها فأخبروني بأنها قد تزوجت. مرت السنون وشاب شعري وأنا أعيش آلام الوحدة والعذاب، ولم يخفف عني سوى عودتي لبيتنا بعد أن بنى أخي لنفسه بيتاً في نصف مساحة الأرض وأبقى لنا أنا وأمي البناء الأصلي القديم، فصرت اعتني بوالدتي وأرعاها في سنينها الأخيرة، ولا أدري ماذا سأفعل إن تركتني لوحدي ورحلت.
عثمان محمد يعقوب شاويش- مشرف منتدى شخصيات من ابى جبيهه
رد: قصة شبح الفقر ...(28) واقعية ...ومنقولة ...
عمو عصمان صباح الخير
قصص من الواقع
تسلم
ارجو حزف زيل المقال يا عزيزى
فيصل خليل حتيلة- مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
مواضيع مماثلة
» ولله كلنا حزن ...........
» قصة واقعية ...أعجبتني ...(4) ..
» قصـــــــــــــة واقعيـــــــــــة ....رقم (9)
» هل الفقر هو سبب ... هذه البهدلة وعدم الترتيب والنظام .... أم البيئة لها أثر ....
» قصـــة واقعية (27) منقووولة ........
» قصة واقعية ...أعجبتني ...(4) ..
» قصـــــــــــــة واقعيـــــــــــة ....رقم (9)
» هل الفقر هو سبب ... هذه البهدلة وعدم الترتيب والنظام .... أم البيئة لها أثر ....
» قصـــة واقعية (27) منقووولة ........
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى