جليبيب.....أو مدخل حكايات سودانية!!!!
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
جليبيب.....أو مدخل حكايات سودانية!!!!
إليكم
الطاهر ساتي
tahersati@hotmail.com
جليبيب...أو مدخل حكايات سودانية ..!!
** للصحابي الجليل جليبيب سيرة قصيرة في كتب التاريخ الإسلامي..أحبها جدا، ولاتفارق تلك السيرة خاطري.. تسترجعها الذاكرة بين الحين والآخر، لتستمع بها النفس..زحام المدائن، شوارع الحواري، أزقة الأحياء، أسواق العامة، مجالس البسطاء وغيرها هي الأمكنة التي تعيد ترسيخ تلك السيرة في ذاكرتي..دخلت إلى مكتب أستاذي حسن فكي علي، معلم التربية الإسلامية بمدرسة المرين الثانوية، ذات ظهيرة مقترحا : ( عندنا حصة فنون، وأستاذ عوض عيان و ما جا الليلة، ما في طريقة تجي تملا لينا الحصة دي يا أستاذ؟)..( جدا، يلا على بركة الله)، قالها هكذا، ثم نهض وخرج من مكتبه قاصدا (فصل علي)، فتبعته إلى هناك..كل تفاصيل اللحظة في ذاكرتي، بما فيها الهدوء الذي عم الفصل حين سألنا أستاذ حسن : (فيكم زول بيعرف جليبيب؟)، وقف زميلنا ياسر قائلا ( أيوه يا أستاذ، جليبيب ده من الصحابة رضوان الله عليهم )، ثم جلس ..!!
** في إحدى المعارك، قدم جيش المصطفى صلى الله عليه وسلم الكثير من الشهداء والجرحى ..إنتهت المعركة، وصار الصحابة يتفقدون بعضهم..بعد إنتهاء علمية حصر الشهداء والجرحى، سألهم الحبيب المصطفى عليه السلام : ( هل تفقدون من أحد؟)، فقالوا ( نعم نفقد فلان وفلان وفلان و..)، وشرعوا يعددون أسماء الأعيان والاثرياء وذوي القربى والنفوذ في المجتمع.. وحين إنتهوا، قال لهم الحبيب صلى الله عليه وسلم بحزن (و لكنني أفقد جليبيبا ).. فاحتار الصحابة وأندهشوا وتساءلوا فيما بينهم ( من جليبيب هذا الذي أحزن فقده رسول الله ؟)..ثم هبوا بالبحث عنه في ميدان المعركة وسط الجرحى والشهداء ..وجدوه شهيدا وسط سبعة من قتلى المشركين، قتلهم جميعا ثم إستشهد متأثرا بالجراح ونزيف الدم الطيب..عاتبوا أنفسهم، وقال الفاروق عمر رضي الله عنه قولته الشهيرة : ( كم من جليبيب مات في سبيل الله وما ضره ألا يعرفه عمر)..وقف الحبيب المصطفى عليه السلام فوق جسده المثخن بوقع الرماح والسيوف، وقال دامعا : ( قتلتهم ثم قتلوك يا جليبيب، أنت مني وأنا منك، أنت مني وأنا منك )، فأدمعت مقل الرجال..ثم جلس صلى الله عليه وسلم بجانب الجسد الطاهر، وحمله ووضعه على ساعديه الشريفتين، وأمر صحابته بأن يحفروا له قبرا، فحفروا .. وطوال ساعات الحفر لم يكن لجليبيب فراشا غير ساعد رسول الله..يا لهذا الشرف العظيم ..!!
** ذاك جليبيب.. كان مغمورا بحيث لم يفقده الصحابة، ولكنه أرغمهم على أن يعاتبوا أنفسهم..كان فقييرا ومحروما من ملذات الدنيا.. ويسأله الحبيب المصطفى عليه السلام ذات يوم : ( ألا تتزوج يا جليبيب؟)، فيرد بحزن : ( ومن يزوجني يا رسول الله ؟)، أي من يرضى بأن يزوجني إبنته؟.. فيطمئنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أنا أزوجك يا رسول الله)، ويسأل حزينا ( إذا تجدني كاسدا يا رسول الله)، فيطمئنه المصطفى عليه السلام ( غير أنك عند الله لست بكاسد)، فيطمئن قلبه..ثم ينتهز الحبيب المصطفى عليه السلام الفرص حتى يزوج جليبيا.. إلا أن جاءه رجلٌ من الأنصار قد توفي زوج ابنته، ليعرضها عليه ليتزوجها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ( نعم، ولكن لا أتزوجها أنا)، فيسأله الأنصاري ( لمن يارسول الله؟)، فيقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( أزوجها جليبيبا)، فيبهت الأنصاري ويتساءل بدهشة ( لجليبيب يا رسول الله ؟)، ثم يتذكر مقام النبي صلى الله ويستطرد قائلا ( يا رسول الله إنتظر حتى أستأمر أمها ) .. ويمضي إلى أمها ويقول لها ( أن النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إليك ابنتك)، فقالت بفرح : ( نعم ونعمين برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يرد النبي صلى الله عليه وسلم؟)، فقال لها : ( إنه ليس يريدها لنفسه)، فسألت ( لمن ؟)، فأجابها ( يريدها لجلبيب)، فصاحت ( لجليبيب؟، لا ، لا أزوج جليبيب، وقد منعناها فلان وفلان ).. فيغتنم الأب هذا الرفض، ويتأهب لتبيلغ النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الفتاة من خدرها : ( من خطبني إليكما؟)، فيرد الأب : (خطبك رسول الله صلى الله عليه وسلم لجليبيب )، فتقول : ( أ تردان على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟..ادفعاني إلى رسول الله، فإنه لن يضيعني)..وتمت الزيجة، ويباركها المصطفى صلى الله عليه بدعاء ( أللهم صب عليهما الخير صبا، ولا تجعل عيشهما كدا كدا ).. !!
** هكذا كانت حياة جليبيب..بسيطة وعفيفة، بيد أنها ذات مواقف عظيمة، ما ضرها ألا يعرفها كبار القوم آنذاك، إذ يكفيه شرفا بأنه كان حبيب حبيب الله صلى الله عليه وسلم ..سردها أستاذنا حسن فكي علي يومئذ، وفاضت عيون زملائي بالدموع، فأستهوتني، ولاتزال..كل أغبش أغبر، سمح المحيا وعفيف النفس، أرى فيه جليبيب..وكل مخلص متجرد، لوطنه والناس والحياة، أرى فيه جليبيب..وما أعظم التاريخ حين يزيح الستار عن فضائل غمار الناس وبسطاء المجتمع..فليكن - ياصديقي القارئ- جليبيب هذا مدخلا لسرد حكايات سودانية تستمد تفاصيلها من واقع حياة الناس في بلدي،إعتبارا من الغد وأيام العيد التالية..نعم، هذه الأرض حبلى بالحكايات التي تجسد قيم التضحية والكفاح والطهر والنقاء والبذل ب(تجرد ونكران ذات)، وما ضر سادتها أوسيداتها ألا يعرفهم أو يعرفهن أحد..تكفي أن مواقفهم ومحطات حياتهم هي أروع ما في هذا الوطن الجميل..!!
...........
نقلا عن السوداني
الطاهر ساتي
tahersati@hotmail.com
جليبيب...أو مدخل حكايات سودانية ..!!
** للصحابي الجليل جليبيب سيرة قصيرة في كتب التاريخ الإسلامي..أحبها جدا، ولاتفارق تلك السيرة خاطري.. تسترجعها الذاكرة بين الحين والآخر، لتستمع بها النفس..زحام المدائن، شوارع الحواري، أزقة الأحياء، أسواق العامة، مجالس البسطاء وغيرها هي الأمكنة التي تعيد ترسيخ تلك السيرة في ذاكرتي..دخلت إلى مكتب أستاذي حسن فكي علي، معلم التربية الإسلامية بمدرسة المرين الثانوية، ذات ظهيرة مقترحا : ( عندنا حصة فنون، وأستاذ عوض عيان و ما جا الليلة، ما في طريقة تجي تملا لينا الحصة دي يا أستاذ؟)..( جدا، يلا على بركة الله)، قالها هكذا، ثم نهض وخرج من مكتبه قاصدا (فصل علي)، فتبعته إلى هناك..كل تفاصيل اللحظة في ذاكرتي، بما فيها الهدوء الذي عم الفصل حين سألنا أستاذ حسن : (فيكم زول بيعرف جليبيب؟)، وقف زميلنا ياسر قائلا ( أيوه يا أستاذ، جليبيب ده من الصحابة رضوان الله عليهم )، ثم جلس ..!!
** في إحدى المعارك، قدم جيش المصطفى صلى الله عليه وسلم الكثير من الشهداء والجرحى ..إنتهت المعركة، وصار الصحابة يتفقدون بعضهم..بعد إنتهاء علمية حصر الشهداء والجرحى، سألهم الحبيب المصطفى عليه السلام : ( هل تفقدون من أحد؟)، فقالوا ( نعم نفقد فلان وفلان وفلان و..)، وشرعوا يعددون أسماء الأعيان والاثرياء وذوي القربى والنفوذ في المجتمع.. وحين إنتهوا، قال لهم الحبيب صلى الله عليه وسلم بحزن (و لكنني أفقد جليبيبا ).. فاحتار الصحابة وأندهشوا وتساءلوا فيما بينهم ( من جليبيب هذا الذي أحزن فقده رسول الله ؟)..ثم هبوا بالبحث عنه في ميدان المعركة وسط الجرحى والشهداء ..وجدوه شهيدا وسط سبعة من قتلى المشركين، قتلهم جميعا ثم إستشهد متأثرا بالجراح ونزيف الدم الطيب..عاتبوا أنفسهم، وقال الفاروق عمر رضي الله عنه قولته الشهيرة : ( كم من جليبيب مات في سبيل الله وما ضره ألا يعرفه عمر)..وقف الحبيب المصطفى عليه السلام فوق جسده المثخن بوقع الرماح والسيوف، وقال دامعا : ( قتلتهم ثم قتلوك يا جليبيب، أنت مني وأنا منك، أنت مني وأنا منك )، فأدمعت مقل الرجال..ثم جلس صلى الله عليه وسلم بجانب الجسد الطاهر، وحمله ووضعه على ساعديه الشريفتين، وأمر صحابته بأن يحفروا له قبرا، فحفروا .. وطوال ساعات الحفر لم يكن لجليبيب فراشا غير ساعد رسول الله..يا لهذا الشرف العظيم ..!!
** ذاك جليبيب.. كان مغمورا بحيث لم يفقده الصحابة، ولكنه أرغمهم على أن يعاتبوا أنفسهم..كان فقييرا ومحروما من ملذات الدنيا.. ويسأله الحبيب المصطفى عليه السلام ذات يوم : ( ألا تتزوج يا جليبيب؟)، فيرد بحزن : ( ومن يزوجني يا رسول الله ؟)، أي من يرضى بأن يزوجني إبنته؟.. فيطمئنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أنا أزوجك يا رسول الله)، ويسأل حزينا ( إذا تجدني كاسدا يا رسول الله)، فيطمئنه المصطفى عليه السلام ( غير أنك عند الله لست بكاسد)، فيطمئن قلبه..ثم ينتهز الحبيب المصطفى عليه السلام الفرص حتى يزوج جليبيا.. إلا أن جاءه رجلٌ من الأنصار قد توفي زوج ابنته، ليعرضها عليه ليتزوجها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ( نعم، ولكن لا أتزوجها أنا)، فيسأله الأنصاري ( لمن يارسول الله؟)، فيقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( أزوجها جليبيبا)، فيبهت الأنصاري ويتساءل بدهشة ( لجليبيب يا رسول الله ؟)، ثم يتذكر مقام النبي صلى الله ويستطرد قائلا ( يا رسول الله إنتظر حتى أستأمر أمها ) .. ويمضي إلى أمها ويقول لها ( أن النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إليك ابنتك)، فقالت بفرح : ( نعم ونعمين برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يرد النبي صلى الله عليه وسلم؟)، فقال لها : ( إنه ليس يريدها لنفسه)، فسألت ( لمن ؟)، فأجابها ( يريدها لجلبيب)، فصاحت ( لجليبيب؟، لا ، لا أزوج جليبيب، وقد منعناها فلان وفلان ).. فيغتنم الأب هذا الرفض، ويتأهب لتبيلغ النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الفتاة من خدرها : ( من خطبني إليكما؟)، فيرد الأب : (خطبك رسول الله صلى الله عليه وسلم لجليبيب )، فتقول : ( أ تردان على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟..ادفعاني إلى رسول الله، فإنه لن يضيعني)..وتمت الزيجة، ويباركها المصطفى صلى الله عليه بدعاء ( أللهم صب عليهما الخير صبا، ولا تجعل عيشهما كدا كدا ).. !!
** هكذا كانت حياة جليبيب..بسيطة وعفيفة، بيد أنها ذات مواقف عظيمة، ما ضرها ألا يعرفها كبار القوم آنذاك، إذ يكفيه شرفا بأنه كان حبيب حبيب الله صلى الله عليه وسلم ..سردها أستاذنا حسن فكي علي يومئذ، وفاضت عيون زملائي بالدموع، فأستهوتني، ولاتزال..كل أغبش أغبر، سمح المحيا وعفيف النفس، أرى فيه جليبيب..وكل مخلص متجرد، لوطنه والناس والحياة، أرى فيه جليبيب..وما أعظم التاريخ حين يزيح الستار عن فضائل غمار الناس وبسطاء المجتمع..فليكن - ياصديقي القارئ- جليبيب هذا مدخلا لسرد حكايات سودانية تستمد تفاصيلها من واقع حياة الناس في بلدي،إعتبارا من الغد وأيام العيد التالية..نعم، هذه الأرض حبلى بالحكايات التي تجسد قيم التضحية والكفاح والطهر والنقاء والبذل ب(تجرد ونكران ذات)، وما ضر سادتها أوسيداتها ألا يعرفهم أو يعرفهن أحد..تكفي أن مواقفهم ومحطات حياتهم هي أروع ما في هذا الوطن الجميل..!!
...........
نقلا عن السوداني
nashi- مشرف المنتدى الرياضى
رد: جليبيب.....أو مدخل حكايات سودانية!!!!
ما اجملها من سيرة اختى د.احسان قصة جميلة تحمل فى طياتها انبل معانى
الزهد والتضحية ونكران الذات وهم اصحاب رسول الله عليه افضل
الصلاة واتم التسليم تربو على يديه الشريفتين لله درهم
وعلينا التاسى بسيرتهم الناصعة العطرة .
وشكرا جزيلا
الزهد والتضحية ونكران الذات وهم اصحاب رسول الله عليه افضل
الصلاة واتم التسليم تربو على يديه الشريفتين لله درهم
وعلينا التاسى بسيرتهم الناصعة العطرة .
وشكرا جزيلا
Ahmed kuku Ahmed- نشط مميز
رد: جليبيب.....أو مدخل حكايات سودانية!!!!
Ahmed kuku Ahmed كتب:ما اجملها من سيرة اختى د.احسان قصة جميلة تحمل فى طياتها انبل معانى
الزهد والتضحية ونكران الذات وهم اصحاب رسول الله عليه افضل
الصلاة واتم التسليم تربو على يديه الشريفتين لله درهم
وعلينا التاسى بسيرتهم الناصعة العطرة .
وشكرا جزيلا
ولك الشكر اخي احمد كوكو
nashi- مشرف المنتدى الرياضى
رد: جليبيب.....أو مدخل حكايات سودانية!!!!
إليكم
الطاهر ساتي
tahersati@hotmail.com
ولكن أنوار عقولهم تضئ دروب الحياة ...!!
** التيجاني تخرج إعلاميا في جامعة السودان .. منال التي كانت تعشق الفلسفة درستها بجامعة النيلين وتخرجت فيها.. إنتصار أحبت أصول الدين ، فالتحقت بجامعة أم درمان وتخرجت فيها..وكذلك أمل تأثرت بذات عشق إنتصار، ودرسته وتخرجت في أمدرمان الإسلامية ذاتها بأصول الدين أيضا..ناصر، كان كما التجاني يهوى الإعلام، فعقد العزم بأن يدرسه، ودرسه وتخرج في جامعة الخرطوم بما يهوى..أما أنس، فقد كان يهوى الموسيقى منذ صباه، فصقل موهبته تلك بالتخصص الأكاديمي، وتخرج موسيقيا..ولكن محمد أحب الآداب ليكون لبعض الجيل معلما، وإجتهد ليحقق حلمه هذا، ونجح بفضل الله، حيث إلتحق بجامعة جوبا، وتخرج فيها..أما سبنأ، لقد تأثرت بمحمد، وعشقت الآداب ايضا، ودرسته بجامعة النيلين..!!
** هؤلاء هم أنجال عم إبراهيم ..التجاني، منال، إنتصار، أمل، ناصر، أنس، محمد وسبنأ.. وعم إبراهيم هذا كان يعمل سائقا بمصنع سكر الجنيد، وتقاعد للمعاش قبل نصف عقد من الزمان.. وجاء بالأنجال النجباء ووالدتهم ورفيقة دربه الخالة آمنة الي الخرطوم ليكون قريبا من الجامعات التي إلتحقوا بها، حتى يوفر لهم عن قرب وسائل الرعاية التي تساعدهم على التحصيل والتفوق فى مناخ أسري..وطاب بهم المقام بحى الصحافة شرق ..ورغم تقدم السن، لم يرهن عم إبراهيم جهده وطاقته برهان التقاعد الحكومي ومعاشه الذي بالكاد يسد رمق أسبوع ونيف..بل ظل يكد ويجتهد فى درب الكسب الحلال، في سوح الأعمال الحرة، لوفر لهؤلاء النجباء تكاليف علومهم وغيرها من وسائل العيش الشريف..عرفت عم إبراهيم - و أسرته الكريمة- قبل عشرين عاما بحى عمال مصنع الجنيد ، حيث كان زميلا لأبي في مهنة القيادة، وصديقا وفيا له..هناك تقاسمنا الملح والملاح وحسن الجوار وأواصر الإخاء حينا من الزمن، ثم تفرقت بنا دروب الحياة ..!!
** ولكن لم تبعدنا عنهم غير جغرافية المكان، حيث لهم ولكريم خصالهم كان ولايزال في قلوبنا أسمى مقام.. يسعدنا أن أنجال عم إبراهيم قهروا المستحيل وتساموا بعلومهم.. عظماء أبناء أب عظيم وإمرأة عظيمة..كيف؟، أو هكذا تسأل يا صديق. .ولك أن تعلم بأن هؤلاء النجباء، خرجوا إلي الحياة بغير نعمة البصر..نعم، لقد أكرمهم العلي القدير بنعمة البصيرة، عوضا عن نعمة البصر..فاتخذوا تلك البصيرة سلاحا فى حياتهم، وقهروا بها داء العمى الكلي بصبر الرجال، وإرادة الأتقياء، وعزم المؤمنين..كنت كما الكثيرين أحزن على حالهم وأشفق عليهم عندما كنت صبيا..ولكن شاء القدر الجميل بان يكون عم إبراهيم مصدر فخري، ورمزا للصمود أمام أعاصير الحياة.. إذ هو أيضا - كما أفعل اليوم - يتباهى بالأبناء والبنات الذين قهروا داء العمى الكلي، وتسلقوا سلالم العلم وتصيدوا وسائل المعرفة والوعي بعزيمة لم تلن، وقوة لم توهن..وإرادة لم تتكئ يوما على جدار المستحيل..!!
** هكذا الحياة أيها الأفاضل..يبتسم لنا وجهها المشرق حين نحدق في صبر الصابرين، ونتلمس إرادة الأقوياء، ونمر بالبواسل - كما هؤلاء - وهم يتجاوزون صعاب الرحلة ووعثاء الطريق بعزم وشكيمة..هكذا يتجلى لك رونق الحياة في حياتهم، وهم يحيلون ظلاما أراده قدر الله لعيونهم إلي أنوار تضئ عقولهم بالعلم والوعي..شكرا لعم إبراهيم وشكرا لخالة آمنة.. شكرا لكما وأنتما تعلمان مجتمعكما الصغير بأن الصبروالعزم والكد اسمى قيم الحياة، وما خاب من تحلى بتلك القيم النبيلة وجعلها نهجا في مسار حياته..وشكرا لإخواني وأخواتي، وهم يحيلون ألم (فقد الأبصار) إلى أمل (كسب البصائر)، ويرسخون فى حياة الناس والبلد كل تلك العزيمة التي أثمرت خيرا لهم ولمجتمعهم..صدقا وحقا ( إن الله مع الصابرين ) ..!!
.......................
نقلا عن السوداني
الطاهر ساتي
tahersati@hotmail.com
ولكن أنوار عقولهم تضئ دروب الحياة ...!!
** التيجاني تخرج إعلاميا في جامعة السودان .. منال التي كانت تعشق الفلسفة درستها بجامعة النيلين وتخرجت فيها.. إنتصار أحبت أصول الدين ، فالتحقت بجامعة أم درمان وتخرجت فيها..وكذلك أمل تأثرت بذات عشق إنتصار، ودرسته وتخرجت في أمدرمان الإسلامية ذاتها بأصول الدين أيضا..ناصر، كان كما التجاني يهوى الإعلام، فعقد العزم بأن يدرسه، ودرسه وتخرج في جامعة الخرطوم بما يهوى..أما أنس، فقد كان يهوى الموسيقى منذ صباه، فصقل موهبته تلك بالتخصص الأكاديمي، وتخرج موسيقيا..ولكن محمد أحب الآداب ليكون لبعض الجيل معلما، وإجتهد ليحقق حلمه هذا، ونجح بفضل الله، حيث إلتحق بجامعة جوبا، وتخرج فيها..أما سبنأ، لقد تأثرت بمحمد، وعشقت الآداب ايضا، ودرسته بجامعة النيلين..!!
** هؤلاء هم أنجال عم إبراهيم ..التجاني، منال، إنتصار، أمل، ناصر، أنس، محمد وسبنأ.. وعم إبراهيم هذا كان يعمل سائقا بمصنع سكر الجنيد، وتقاعد للمعاش قبل نصف عقد من الزمان.. وجاء بالأنجال النجباء ووالدتهم ورفيقة دربه الخالة آمنة الي الخرطوم ليكون قريبا من الجامعات التي إلتحقوا بها، حتى يوفر لهم عن قرب وسائل الرعاية التي تساعدهم على التحصيل والتفوق فى مناخ أسري..وطاب بهم المقام بحى الصحافة شرق ..ورغم تقدم السن، لم يرهن عم إبراهيم جهده وطاقته برهان التقاعد الحكومي ومعاشه الذي بالكاد يسد رمق أسبوع ونيف..بل ظل يكد ويجتهد فى درب الكسب الحلال، في سوح الأعمال الحرة، لوفر لهؤلاء النجباء تكاليف علومهم وغيرها من وسائل العيش الشريف..عرفت عم إبراهيم - و أسرته الكريمة- قبل عشرين عاما بحى عمال مصنع الجنيد ، حيث كان زميلا لأبي في مهنة القيادة، وصديقا وفيا له..هناك تقاسمنا الملح والملاح وحسن الجوار وأواصر الإخاء حينا من الزمن، ثم تفرقت بنا دروب الحياة ..!!
** ولكن لم تبعدنا عنهم غير جغرافية المكان، حيث لهم ولكريم خصالهم كان ولايزال في قلوبنا أسمى مقام.. يسعدنا أن أنجال عم إبراهيم قهروا المستحيل وتساموا بعلومهم.. عظماء أبناء أب عظيم وإمرأة عظيمة..كيف؟، أو هكذا تسأل يا صديق. .ولك أن تعلم بأن هؤلاء النجباء، خرجوا إلي الحياة بغير نعمة البصر..نعم، لقد أكرمهم العلي القدير بنعمة البصيرة، عوضا عن نعمة البصر..فاتخذوا تلك البصيرة سلاحا فى حياتهم، وقهروا بها داء العمى الكلي بصبر الرجال، وإرادة الأتقياء، وعزم المؤمنين..كنت كما الكثيرين أحزن على حالهم وأشفق عليهم عندما كنت صبيا..ولكن شاء القدر الجميل بان يكون عم إبراهيم مصدر فخري، ورمزا للصمود أمام أعاصير الحياة.. إذ هو أيضا - كما أفعل اليوم - يتباهى بالأبناء والبنات الذين قهروا داء العمى الكلي، وتسلقوا سلالم العلم وتصيدوا وسائل المعرفة والوعي بعزيمة لم تلن، وقوة لم توهن..وإرادة لم تتكئ يوما على جدار المستحيل..!!
** هكذا الحياة أيها الأفاضل..يبتسم لنا وجهها المشرق حين نحدق في صبر الصابرين، ونتلمس إرادة الأقوياء، ونمر بالبواسل - كما هؤلاء - وهم يتجاوزون صعاب الرحلة ووعثاء الطريق بعزم وشكيمة..هكذا يتجلى لك رونق الحياة في حياتهم، وهم يحيلون ظلاما أراده قدر الله لعيونهم إلي أنوار تضئ عقولهم بالعلم والوعي..شكرا لعم إبراهيم وشكرا لخالة آمنة.. شكرا لكما وأنتما تعلمان مجتمعكما الصغير بأن الصبروالعزم والكد اسمى قيم الحياة، وما خاب من تحلى بتلك القيم النبيلة وجعلها نهجا في مسار حياته..وشكرا لإخواني وأخواتي، وهم يحيلون ألم (فقد الأبصار) إلى أمل (كسب البصائر)، ويرسخون فى حياة الناس والبلد كل تلك العزيمة التي أثمرت خيرا لهم ولمجتمعهم..صدقا وحقا ( إن الله مع الصابرين ) ..!!
.......................
نقلا عن السوداني
nashi- مشرف المنتدى الرياضى
رد: جليبيب.....أو مدخل حكايات سودانية!!!!
إليكم
الطاهر ساتي
tahersati@hotmail.com
إمرأة من ذهب و رجل نافذ ...(1)
** أماني، تخرجت في جامعة السودان ثم إلتحقت بإحدى وظائف وكالة السودان للأنباء .. ثم أرادت تأهيل ذاتها، وإلتحقت بمعهد تدريب وتأهيل في مجال الطباعة .. لم تكن تعلم بأن القدر سوف يجمعها هناك بعباس الموظف النشط بوزارة الأشغال والنقابي النافذ بنقابة عمال هذه الوزارة..تدربا معا، وفي قاعة التدريب وفناء المعهد بدأت قصة حبهما التي إنتهت بالزواج سريعا، نصف عام تقريبا ما بين التعارف والزواج..حياتهما الزوجية كانت رائعة بحي الثورة الأمدرماني، فالزوج من النافذين بتلك الوزارة ونقابتها، وكذلك الزوجة ذات وظيفة محترمة بتلك المؤسسة الإعلامية..أنجبا شمس الدين ويسرا وإنتصار، وإكتملت الفرحة في بيتهما بالمال والبنين..وعندما كان أهل المدائن والارياف يصطفون في صفوف الرغيف والبنزين ومحطات المركبات العامة، لم يكن هناك مايؤرق خاطر أماني غير بناء مستقبل أنجالهم بالعلم النافع والأخلاق الحميدة..!!
** ذات صباح، منتصف العام 94، وكان النهج الحاكم قد إستل سيف الصالح العام على رقاب الناس لتمكين البدريين، ذهبت أماني إلى مؤسستها الإعلامية لآداء واجبها، فوجدت على سطح مكتبها خطاب الإستغناء عن خدماتها وفصلها للصالح العام..حزنت وعادت إلى بيتها، لتشغل وظيفة (ربة منزل)، وتفرغت لخدمة زوجها وأنجالهما..نعم تدهور الحال الإقتصادي قليلا بالمنزل، بيد أن راتب زوجها - الموظف النشط والنقابي النافذ - كان يفي بند الضروريات.. ولكن، حتى ذاك الراتب لم يدم طويلا، حيث أصدر ذات النهج الحاكم قرارا آخر بإلغاء وزارة الأشغال، وإلغاء وظائفها وتشريد شاغلييها، بمن فيهم عباس..ه كذا، أحدهما بسيف الصالح العام والأخر بسيف إلغاء الوظائف، صارا كما شمس الدين ويسرى وإنتصار بلا عمل .. مايدهش أن الوضع الإقتصادي الذي تدهور نسبيا بالمنزل بعد فصل أماني، تحسن كثيرا بعد فصل عباس.. كيف ؟..هذا ما أدهش أماني أيضا..لم يحزن عباس على قرار إلغاء وزارته ووظيفته ونقابته، ولم يحزن على فقد الراتب .. بل كان يجتهد على ألا يحزن أماني أيضا، وفي سبيل ذلك كشف عن ثروة هائلة كانت مخبوءة عن أماني طوال سنوات زواجهما..عمارة بحي العودة بامدرمان، ثم أخرى بالصافية بحري وثالثة بأبي روف، وقطع أراضي درجة ذات مواقع مميزة ببري والحتانة والعودة أيضا، وكذلك ثلاث سيارات، إحداها موديل ذات العام، ثم أرصدة في المصارف..تفاجأت أماني بهذه الثروة الضخمة التي كشفها زوجها بعد فصلهما.. ولكنها لم تسعد بها ..!!
** سألته عن مصدرها، وخاصة هو الذي كان موظفا براتب تعلم أمانى قدره، وهو الذي لم يرث أبا ثريا ولا أما غنية ولم يعمل يوما بالتجارة أو بأي عمل حر .. من أين لعباس كل هذه الثروة ؟.. لاحقته بالأسئلة، ولكن ظل عباس يضن عليها بالإجابات أسبوعا تلو الآخر، ويتلكأ عن الإجابة ويتجاهل ذاك السؤال .. حين عجزت عن معرفة مصدر هذه الثروة، لجأت أماني إلى أسلوب آخر، بحيث أبدت تصالحها مع هذا الوضع الجديد.. بل صارت تتعمد التباهي - قولا وفعلا - لجاراتها أمام زوجها بأنهما من الأثرياء، وإستحسن عباس هذا التباهي وشرع في كشف المزيد من الأرصدة والعقار لكسب المزيد من حب أماني وحنانها..ذات مساء والأطفال نيام، وهي تغمره بفيض من الحب والحنان، طلبت أماني من عباس بأن يشركها في كل تفاصيل هذه الثروة، ويملكها كل المعلومات المدعومة بالأوراق والعناوين، فقط لتكون على علم بها، وليس لإدارتها ولا ليتقاسمها..كشف لها عباس كل شئ : العمارات ومقارها وقيمتها وأوراقها، قطع الأراضي ومواقعها وقيمتها وأوراقها، السيارات وموديلاتها وقيمتها وأوراقها، بل حتى حساباته المصرفية وما فيها من أرقام مالية..إستمعت أماني إلى السرد التفصيلي الذي إمتد حتى ساعات الفجر الأولى، وإستمتعت به، وعباس أيضا إستمتع بحسن إستماعها ومتعة إستمتاعها..كانت ليلة رومانسية دافئة، حيث إمتزج فيها عبق مشاعرهما بعظمة ثروتهما..عباس نام سعيدا، ولكن أمانى لم تنم في تلك الليلة..!!
** بعد شروق الشمس بساعة، إستأذنت أماني زوجها لتخرج إلى سوق أمدرمان، فأذن لها .. ولكنها تجاوزت ذاك السوق، بل تجاوزت أمدرمان كلها، وجاءت إلى الخرطوم، وكان دوام العمل بمكاتب الدولة والقطاع الخاص في ساعاته الأولى..ذهبت إلى مكاتب إدارة الثراء الحرام والمشبوه، ودخلت إلى مكتب مدير تلك الإدارة ثم خرجت سريعا بعد أن سلمت المدير(مظروفا)، وعادت إلى بيتها محملة ببعض الخضر والفاكهة..قبل أن تغرب شمس ذاك اليوم، سمعت طرقا على باب المنزل، فنبهت عباس بأن هناك طارق يطرق الباب..خرج عباس من غرفة نومهما ليفتح الباب للطارق، ولكن بعد أن فتح الباب للطارق لم يعد إلى داخل المنزل مرة أخرى.. فالطارق لم يكن إلا شرطيا مكلفا من قبل إدارة الثراء الحرام بإلغاء القبض على عباس بتهمة التزوير والإختلاس..نعم، محتوى المظروف الذي سلمته أماني لإدارة الثراء الحرام لم يترك شاردة ولا واردة من كل الأدلة التي تدين زوجها، ولذلك إعترف عباس للنيابة سريعا، بل أرشدهم إلى آخرين كانوا يثرون معه بوسائل التزوير والإختلاس ذاتها..اعترف بأنه مذنب..فحاكموه بالسجن والمصادرة..صادروا كل ما يملك، بما فيه البيت الذي كان يأوى أماني وأطفالها، لانه إمتلكه بغير وجه حق..ويومئذ، أي الحكم عليه بالسجن والمصادرة، طلق زوجته أماني..ولم تنته هذه الحكاية الواقعية بالحكم والطلاق، بل مرحلة ما بعد الحكم والطلاق هي (مربط فرس الحكاية).. فليكن الغد موعد سردها بإذن العلي القدير ..!!
...............
نقلا عن السوداني
الطاهر ساتي
tahersati@hotmail.com
إمرأة من ذهب و رجل نافذ ...(1)
** أماني، تخرجت في جامعة السودان ثم إلتحقت بإحدى وظائف وكالة السودان للأنباء .. ثم أرادت تأهيل ذاتها، وإلتحقت بمعهد تدريب وتأهيل في مجال الطباعة .. لم تكن تعلم بأن القدر سوف يجمعها هناك بعباس الموظف النشط بوزارة الأشغال والنقابي النافذ بنقابة عمال هذه الوزارة..تدربا معا، وفي قاعة التدريب وفناء المعهد بدأت قصة حبهما التي إنتهت بالزواج سريعا، نصف عام تقريبا ما بين التعارف والزواج..حياتهما الزوجية كانت رائعة بحي الثورة الأمدرماني، فالزوج من النافذين بتلك الوزارة ونقابتها، وكذلك الزوجة ذات وظيفة محترمة بتلك المؤسسة الإعلامية..أنجبا شمس الدين ويسرا وإنتصار، وإكتملت الفرحة في بيتهما بالمال والبنين..وعندما كان أهل المدائن والارياف يصطفون في صفوف الرغيف والبنزين ومحطات المركبات العامة، لم يكن هناك مايؤرق خاطر أماني غير بناء مستقبل أنجالهم بالعلم النافع والأخلاق الحميدة..!!
** ذات صباح، منتصف العام 94، وكان النهج الحاكم قد إستل سيف الصالح العام على رقاب الناس لتمكين البدريين، ذهبت أماني إلى مؤسستها الإعلامية لآداء واجبها، فوجدت على سطح مكتبها خطاب الإستغناء عن خدماتها وفصلها للصالح العام..حزنت وعادت إلى بيتها، لتشغل وظيفة (ربة منزل)، وتفرغت لخدمة زوجها وأنجالهما..نعم تدهور الحال الإقتصادي قليلا بالمنزل، بيد أن راتب زوجها - الموظف النشط والنقابي النافذ - كان يفي بند الضروريات.. ولكن، حتى ذاك الراتب لم يدم طويلا، حيث أصدر ذات النهج الحاكم قرارا آخر بإلغاء وزارة الأشغال، وإلغاء وظائفها وتشريد شاغلييها، بمن فيهم عباس..ه كذا، أحدهما بسيف الصالح العام والأخر بسيف إلغاء الوظائف، صارا كما شمس الدين ويسرى وإنتصار بلا عمل .. مايدهش أن الوضع الإقتصادي الذي تدهور نسبيا بالمنزل بعد فصل أماني، تحسن كثيرا بعد فصل عباس.. كيف ؟..هذا ما أدهش أماني أيضا..لم يحزن عباس على قرار إلغاء وزارته ووظيفته ونقابته، ولم يحزن على فقد الراتب .. بل كان يجتهد على ألا يحزن أماني أيضا، وفي سبيل ذلك كشف عن ثروة هائلة كانت مخبوءة عن أماني طوال سنوات زواجهما..عمارة بحي العودة بامدرمان، ثم أخرى بالصافية بحري وثالثة بأبي روف، وقطع أراضي درجة ذات مواقع مميزة ببري والحتانة والعودة أيضا، وكذلك ثلاث سيارات، إحداها موديل ذات العام، ثم أرصدة في المصارف..تفاجأت أماني بهذه الثروة الضخمة التي كشفها زوجها بعد فصلهما.. ولكنها لم تسعد بها ..!!
** سألته عن مصدرها، وخاصة هو الذي كان موظفا براتب تعلم أمانى قدره، وهو الذي لم يرث أبا ثريا ولا أما غنية ولم يعمل يوما بالتجارة أو بأي عمل حر .. من أين لعباس كل هذه الثروة ؟.. لاحقته بالأسئلة، ولكن ظل عباس يضن عليها بالإجابات أسبوعا تلو الآخر، ويتلكأ عن الإجابة ويتجاهل ذاك السؤال .. حين عجزت عن معرفة مصدر هذه الثروة، لجأت أماني إلى أسلوب آخر، بحيث أبدت تصالحها مع هذا الوضع الجديد.. بل صارت تتعمد التباهي - قولا وفعلا - لجاراتها أمام زوجها بأنهما من الأثرياء، وإستحسن عباس هذا التباهي وشرع في كشف المزيد من الأرصدة والعقار لكسب المزيد من حب أماني وحنانها..ذات مساء والأطفال نيام، وهي تغمره بفيض من الحب والحنان، طلبت أماني من عباس بأن يشركها في كل تفاصيل هذه الثروة، ويملكها كل المعلومات المدعومة بالأوراق والعناوين، فقط لتكون على علم بها، وليس لإدارتها ولا ليتقاسمها..كشف لها عباس كل شئ : العمارات ومقارها وقيمتها وأوراقها، قطع الأراضي ومواقعها وقيمتها وأوراقها، السيارات وموديلاتها وقيمتها وأوراقها، بل حتى حساباته المصرفية وما فيها من أرقام مالية..إستمعت أماني إلى السرد التفصيلي الذي إمتد حتى ساعات الفجر الأولى، وإستمتعت به، وعباس أيضا إستمتع بحسن إستماعها ومتعة إستمتاعها..كانت ليلة رومانسية دافئة، حيث إمتزج فيها عبق مشاعرهما بعظمة ثروتهما..عباس نام سعيدا، ولكن أمانى لم تنم في تلك الليلة..!!
** بعد شروق الشمس بساعة، إستأذنت أماني زوجها لتخرج إلى سوق أمدرمان، فأذن لها .. ولكنها تجاوزت ذاك السوق، بل تجاوزت أمدرمان كلها، وجاءت إلى الخرطوم، وكان دوام العمل بمكاتب الدولة والقطاع الخاص في ساعاته الأولى..ذهبت إلى مكاتب إدارة الثراء الحرام والمشبوه، ودخلت إلى مكتب مدير تلك الإدارة ثم خرجت سريعا بعد أن سلمت المدير(مظروفا)، وعادت إلى بيتها محملة ببعض الخضر والفاكهة..قبل أن تغرب شمس ذاك اليوم، سمعت طرقا على باب المنزل، فنبهت عباس بأن هناك طارق يطرق الباب..خرج عباس من غرفة نومهما ليفتح الباب للطارق، ولكن بعد أن فتح الباب للطارق لم يعد إلى داخل المنزل مرة أخرى.. فالطارق لم يكن إلا شرطيا مكلفا من قبل إدارة الثراء الحرام بإلغاء القبض على عباس بتهمة التزوير والإختلاس..نعم، محتوى المظروف الذي سلمته أماني لإدارة الثراء الحرام لم يترك شاردة ولا واردة من كل الأدلة التي تدين زوجها، ولذلك إعترف عباس للنيابة سريعا، بل أرشدهم إلى آخرين كانوا يثرون معه بوسائل التزوير والإختلاس ذاتها..اعترف بأنه مذنب..فحاكموه بالسجن والمصادرة..صادروا كل ما يملك، بما فيه البيت الذي كان يأوى أماني وأطفالها، لانه إمتلكه بغير وجه حق..ويومئذ، أي الحكم عليه بالسجن والمصادرة، طلق زوجته أماني..ولم تنته هذه الحكاية الواقعية بالحكم والطلاق، بل مرحلة ما بعد الحكم والطلاق هي (مربط فرس الحكاية).. فليكن الغد موعد سردها بإذن العلي القدير ..!!
...............
نقلا عن السوداني
nashi- مشرف المنتدى الرياضى
رد: جليبيب.....أو مدخل حكايات سودانية!!!!
إليكم
الطاهر ساتي
tahersati@hotmail.com
إمرأة من ذهب ورجل نافذ ...(2)
** قلت البارحة إعترف عباس بالجريمة التي إرتكبها في حق الناس والبلد، ودفع الثمن سجنا ومصادرة لثروته االضخمة التي جناها بغير حق، ويوم النطق بالحكم طلق زوجته أماني التي بلغت عنه وقدمت أدلة التزوير والإختلاس لإدارة الثراء الحرام..هكذا أعادت أماني المال العام لخزينة الدولة، وفقدت - طوعا وإختيارا- زوجها ومنزلها ورغد الحياة.. فعلت كل ذلك لتعيش بالحلال ولتربي شمس الدين ويسرا وإنتصار بالحلال أيضا..ولكن كيف ومن أين تعيش، وهي المحالة إلى الصالح العام قبل عام من موقفها النبيل هذا؟..توكلت على الله، وإصطحبت أطفالها وغادرت أم درمان إلى سنار حيث أهلها، ولم تجد الترحاب هناك..عاتبوها على ذاك الموقف، إذ كيف لإمرأة أن تركل ثروة جاءتها تجرجر أذيالها ؟، وكيف لإمرأة أن تغدر بزوجها وتشي به وتبلغ عنه وتتسبب في مصادرة ثروته؟..أوهكذا كان موقف أهلها صادما لموقفها الذي يميز ما بين الحلال والحرام..لم تحتمل موقفهم السئ ولم يحتملوا موقفها النبيل، فحملت أطفالها وغادرت إلى بورتسودان بعد أن حدثتها صديقاتها عن توفر فرص عمل بإحدى هيئات الدولة هناك ..!!
** في خاطرها تفاصيل ليلتها الأولى ببورتسودان..وصلتها بعد منتصف الليل، ولم تجد من يجب عليهم إستقبالها، وهي التي لا تعرف غيرهم في تلك المدينة، وهي الحسناء التي جمالها قد يغري الذئاب البشرية لفعل ما تحت ظلام الليل، ولذلك سألت الناس عن أقرب مركز شرطة، فأرشدوها.. بأحد مكاتبه، فرشوا لها ولأطفالها الأرض، فنامت متوجسة وحزينة، ونام الزغب الصغار بعمق مرده رهق الرحلة..هكذا، أماني وأطفالها بأحد مراكز شرطة بورتسودان بحثا عن الأمان، وعباس - الذي كان زوجا قبل أسابيع - بإحدى حراسات شرطة الخرطوم عقابا لجريمتي التزوير والإختلاس، أوهكذا صار مركز الشرطة قاسما مشتركا بينهما في تلك الليلة..غادرت أماني مركزها صباحا بعد أن شكرت أفراده على كريم خصالهم، وبحثت عن تلك الصديقة ووجدتها تقطن بمنطقة أم القرى..!!
** وتلك منطقة كانت - ولاتزال- من المناطق المنسية، حيث لاماء ولاكهرباء، وبيوتا سعتها بالكاد تسع المرء، بشرط أن يدخلها بغير أحلامه وأفكاره..زاحمت أماني وأطفالها أهل البيت أسبوعا ونيف، تقدمت خلالها بطلبها وشهاداتها إلى تلك الهيئة لتشغل إحدى وظائفها الشاغرة..ورغم أن الوظائف كانت شاغرة، رفضوا طلبها، إذ كيف لمدير هيئة أن يغامر بتعيين إمرأة تم فصلها من وكالة السودان للأنباء للصالح العام ؟..بالتأكيد هي شيوعية أو منتمية لأي حزب آخر يعارض المشروع الحضاري، ولذلك ( معليش ما عندنا ليكي وظيفة)،هكذا صدوها..وهي التي أعادت المليارات من المال العام إلى الخزينة العامة قبل أسابيع من الصد..ومع ذلك لم تيأس، صرفت النظر عن تلك الهيئة وقصدت أخريات، وكلها حكومية، ولم تجد غير الصد.. وبعد أن تأكدت بأن المحال الى الصالح العام يبدوا كما المصاب بالطاعون في أذهان مؤسسات الدولة، توكلت على الله و دخلت إلى العوالم المسماة بالمهن الهامشية بحثا عن الكسب الحلال الذي يقي أطفالها شر الحرام .. !!
** ويا لحياتها في عوالم تلك المهن..إستأجرت منزلا، وباعت الشاي والقهوة للمارة والسيارة، وكانوا يشربون منها وهم لايعلمون بأنها أعادت المليارات من مال الشعب إلى خزينة الدولة، وكانوا يتسامرون معها وهم لايعلمون بأن المرأة ذات الأخلاق الفاضلة هذه نالت بكالريوس المحاسبة قبل ثور مستودع الخزف المسمى - إعلاميا وسياسيا - بثورة التعليم العالي، و لايعلمون بأنها كانت ترأس قسما بأكبر مؤسسات الدولة الإعلامية في عهد حكومة ابريل الديمقراطية..عقد ونصف ونيف من الكد النبيل والكسب الحلال، لم تحدث أماني زبائنها وجيرانها بأم القرى عن حياتها السابقة، بل كانت حريصة فقط بأن تريهم تفوق أنجالها في مدارسهم..وبعد سنوات من الصبر الجميل،أسعدها تفوق شمس الدين وإلتحاقه بكلية قانون أعرق الجامعات السودانية، وأسعدها تفوق يسرا وإلتحاقها بكلية إقتصاد ذات الجامعة، وأسعدها تفوق إنتصار وإلتحاقتها بذات المؤسسة الشرطية التي وفرت لهم الحماية والرعاية في ليلتهم الأولى في تلك المدينة..سألت شمس الدين : (إختيارك للقانون وإختيار إنتصار للشرطة، رغبة أم صدفة ؟)، فأجاب ( دي رغبة أمي، أمي بتكره الظلم والفساد كراهية شديدة)..ولاتزال أماني تزين مجتمع الثغر الحبيب كما الذهب حين يتلألا في جيد الحسان، لم تعد تبيع الشاي والقهوة، ولم تتكئ على جدار راتب إبنتها إنتصار، لقد إستوعبتها إحدى المدارس الخاصة قبل عام في وظيفة ( معلمة تربية إسلامية) ..أحبها كما أمي، لأني أرى في صبرها بلدي و في نزاهتها أهل بلدي ..!!
.......................
نقلا عن السوداني
الطاهر ساتي
tahersati@hotmail.com
إمرأة من ذهب ورجل نافذ ...(2)
** قلت البارحة إعترف عباس بالجريمة التي إرتكبها في حق الناس والبلد، ودفع الثمن سجنا ومصادرة لثروته االضخمة التي جناها بغير حق، ويوم النطق بالحكم طلق زوجته أماني التي بلغت عنه وقدمت أدلة التزوير والإختلاس لإدارة الثراء الحرام..هكذا أعادت أماني المال العام لخزينة الدولة، وفقدت - طوعا وإختيارا- زوجها ومنزلها ورغد الحياة.. فعلت كل ذلك لتعيش بالحلال ولتربي شمس الدين ويسرا وإنتصار بالحلال أيضا..ولكن كيف ومن أين تعيش، وهي المحالة إلى الصالح العام قبل عام من موقفها النبيل هذا؟..توكلت على الله، وإصطحبت أطفالها وغادرت أم درمان إلى سنار حيث أهلها، ولم تجد الترحاب هناك..عاتبوها على ذاك الموقف، إذ كيف لإمرأة أن تركل ثروة جاءتها تجرجر أذيالها ؟، وكيف لإمرأة أن تغدر بزوجها وتشي به وتبلغ عنه وتتسبب في مصادرة ثروته؟..أوهكذا كان موقف أهلها صادما لموقفها الذي يميز ما بين الحلال والحرام..لم تحتمل موقفهم السئ ولم يحتملوا موقفها النبيل، فحملت أطفالها وغادرت إلى بورتسودان بعد أن حدثتها صديقاتها عن توفر فرص عمل بإحدى هيئات الدولة هناك ..!!
** في خاطرها تفاصيل ليلتها الأولى ببورتسودان..وصلتها بعد منتصف الليل، ولم تجد من يجب عليهم إستقبالها، وهي التي لا تعرف غيرهم في تلك المدينة، وهي الحسناء التي جمالها قد يغري الذئاب البشرية لفعل ما تحت ظلام الليل، ولذلك سألت الناس عن أقرب مركز شرطة، فأرشدوها.. بأحد مكاتبه، فرشوا لها ولأطفالها الأرض، فنامت متوجسة وحزينة، ونام الزغب الصغار بعمق مرده رهق الرحلة..هكذا، أماني وأطفالها بأحد مراكز شرطة بورتسودان بحثا عن الأمان، وعباس - الذي كان زوجا قبل أسابيع - بإحدى حراسات شرطة الخرطوم عقابا لجريمتي التزوير والإختلاس، أوهكذا صار مركز الشرطة قاسما مشتركا بينهما في تلك الليلة..غادرت أماني مركزها صباحا بعد أن شكرت أفراده على كريم خصالهم، وبحثت عن تلك الصديقة ووجدتها تقطن بمنطقة أم القرى..!!
** وتلك منطقة كانت - ولاتزال- من المناطق المنسية، حيث لاماء ولاكهرباء، وبيوتا سعتها بالكاد تسع المرء، بشرط أن يدخلها بغير أحلامه وأفكاره..زاحمت أماني وأطفالها أهل البيت أسبوعا ونيف، تقدمت خلالها بطلبها وشهاداتها إلى تلك الهيئة لتشغل إحدى وظائفها الشاغرة..ورغم أن الوظائف كانت شاغرة، رفضوا طلبها، إذ كيف لمدير هيئة أن يغامر بتعيين إمرأة تم فصلها من وكالة السودان للأنباء للصالح العام ؟..بالتأكيد هي شيوعية أو منتمية لأي حزب آخر يعارض المشروع الحضاري، ولذلك ( معليش ما عندنا ليكي وظيفة)،هكذا صدوها..وهي التي أعادت المليارات من المال العام إلى الخزينة العامة قبل أسابيع من الصد..ومع ذلك لم تيأس، صرفت النظر عن تلك الهيئة وقصدت أخريات، وكلها حكومية، ولم تجد غير الصد.. وبعد أن تأكدت بأن المحال الى الصالح العام يبدوا كما المصاب بالطاعون في أذهان مؤسسات الدولة، توكلت على الله و دخلت إلى العوالم المسماة بالمهن الهامشية بحثا عن الكسب الحلال الذي يقي أطفالها شر الحرام .. !!
** ويا لحياتها في عوالم تلك المهن..إستأجرت منزلا، وباعت الشاي والقهوة للمارة والسيارة، وكانوا يشربون منها وهم لايعلمون بأنها أعادت المليارات من مال الشعب إلى خزينة الدولة، وكانوا يتسامرون معها وهم لايعلمون بأن المرأة ذات الأخلاق الفاضلة هذه نالت بكالريوس المحاسبة قبل ثور مستودع الخزف المسمى - إعلاميا وسياسيا - بثورة التعليم العالي، و لايعلمون بأنها كانت ترأس قسما بأكبر مؤسسات الدولة الإعلامية في عهد حكومة ابريل الديمقراطية..عقد ونصف ونيف من الكد النبيل والكسب الحلال، لم تحدث أماني زبائنها وجيرانها بأم القرى عن حياتها السابقة، بل كانت حريصة فقط بأن تريهم تفوق أنجالها في مدارسهم..وبعد سنوات من الصبر الجميل،أسعدها تفوق شمس الدين وإلتحاقه بكلية قانون أعرق الجامعات السودانية، وأسعدها تفوق يسرا وإلتحاقها بكلية إقتصاد ذات الجامعة، وأسعدها تفوق إنتصار وإلتحاقتها بذات المؤسسة الشرطية التي وفرت لهم الحماية والرعاية في ليلتهم الأولى في تلك المدينة..سألت شمس الدين : (إختيارك للقانون وإختيار إنتصار للشرطة، رغبة أم صدفة ؟)، فأجاب ( دي رغبة أمي، أمي بتكره الظلم والفساد كراهية شديدة)..ولاتزال أماني تزين مجتمع الثغر الحبيب كما الذهب حين يتلألا في جيد الحسان، لم تعد تبيع الشاي والقهوة، ولم تتكئ على جدار راتب إبنتها إنتصار، لقد إستوعبتها إحدى المدارس الخاصة قبل عام في وظيفة ( معلمة تربية إسلامية) ..أحبها كما أمي، لأني أرى في صبرها بلدي و في نزاهتها أهل بلدي ..!!
.......................
نقلا عن السوداني
nashi- مشرف المنتدى الرياضى
رد: جليبيب.....أو مدخل حكايات سودانية!!!!
شكرا احسان والله قمه فى الدورس والعبر بالجد لمن يعتبر
اعرف جزء بسيط عن الصحابى جلبيب ولكن بعدما قرأت البوست عرفت ما لا اعرفه فهى عظات لنا فيا سبحان الله فارجو المواصله وانا لكى شاكره
ناهد عبيد- مبدع مميز
مواضيع مماثلة
» حكايات من البادية
» نكت سودانية
» مدخل الكور
» حكايات عن البعاتى
» التخلف الإجتماعي _ مدخل الي سيكلوجية الإنسان المقهور
» نكت سودانية
» مدخل الكور
» حكايات عن البعاتى
» التخلف الإجتماعي _ مدخل الي سيكلوجية الإنسان المقهور
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى