عبدالله مسار -----وسناء حمد
صفحة 1 من اصل 1
عبدالله مسار -----وسناء حمد
05-05-2012 01:20 AM
سيف الدولة حمدناالله
من الخطأ النظر لموقف السيد/ عبدالله مسار بتقديم إستقالته إحتجاجاً على قرار رئيس الجمهورية القاضي بإعادة عوض جادين الى عمله ووقف إجراءات التحقيق معه بإعتباره (بطولة)، ولا بد أن مسار الآن يلعن اليوم الذي قام فيه بتقديم إستقالته، فالثمن الذي دفعه للحصول على مقعد في السلطة لا يشير بأنه من الصنف الذي يمكنه أن يدوس عليه في سبيل الإنتصار على شخص جادين، أو حتى في سبيل (سونا) ذاتها، فالذي يختار لنفسه أن يكون لساناً لحكومة مثل الإنقاذ، لا يمكن أن تؤثر فيه قضية فساد بمثل هذا الحجم الوضيع، فقد وقف مسار في عمره المديد مع النظام ومن مواقعه المختلفة على كل أشكال الفساد وهي تجري تحت رجليه، فمسار لم يترك مقعداً في سلطة الإنقاذ دون أن يجلس عليه، بما في ذلك موقعه كمستشار لرئيس الجمهورية وعضويتة في البرلمان، وهي مواقع كانت تتيح له الوقوف في وجه الفساد الحقيقي.
ومسار - بطبعه - يعشق دنيا الأسرار وجمع المعلومات والوثائق (كشف ذلك في أكثر من مرة في لقاء بالتلفزيون) ، وما يعلمه مسار عن فساد الإنقاذ، لا يقف عند حدود ما يعرفه العوام من القضايا التي تثيرها الصحف كل يوم، مثل صفقات أخوان الرئيس، والتقاوي الفاسدة ومؤسسة الإقطان، و..و.. الخ، فهو يعلم الأسرار الحقيقية للفساد الذي عصف بالوطن وقضى على أحلام الشعب، فهو يعلم أين تبخرت أموال البترول التي دخلت خزينة الإنقاذ منذ بداية تصديره، وهي أموال بلغت مئات المليارات من الدولارات، لم تنفق الإنقاذ منها شيئاً على شعبها، سوى بعض الكباري والطرق المهترئة، والتي أقامت مثلها - بل أفضل منها - في ذات الفترة دول أخرى تشبه السودان في فقره وهي لا تصدٌر برميل بترول واحد، مثل جيبوتي وإثيوبيا وكينيا، فمن الغباء تصوير إستقالته كنوع من البطولة أو المناصرة للحق والوقوف في وجه الباطل.
إن آخر ما ننتظره من مسار – بعد خروجه - أن يرجع ليحكي إلينا عن غياب القانون ويشكي لنا الظلم الذي أصابه والذي دفع به للخروج من السلطة، فقد خرج قبله كثيرون لا يزالون يجأرون بالشكوى، بعد أن كانوا جزءاً من النظام، بل كانوا هم النظام، فقد خرج قبله علي الحاج بعد أن فعل بنا ما فعل وهو اليوم يشتم الإنقاذ من مقر إقامته في ألمانيا ويشكو فسادها وضيقها بالرأي الآخر، كما يشتكي الينا الشيخ الترابي من عسف الإنقاذ التي ترسله بين كل فترة وأخرى إلى سجن كوبر، وهو الذي فُتحت في عهده بيوت الأشباح التي إذا خرج منها المرء سالماً في أطرافه ودبره يحمد الله ما تبقى من عمره، وكذلك يفعل قرينه وشبيهه إبراهيم السنوسي الذي بلغت به الجرأة في التطاول على المال العام، أنه كان (أول) من رصف الشارع الذي يقود إلى داره وهو يقع على طريق جانبي بمدينة الرياض.
فالشعب يرى، إن كانت للإنقاذ حسنة واحدة فهي أنها ترمي بأبنائها في مقلب الزبالة، سواء الذين خرجوا من صلبها أو من صعدوا قطارها بدعوى (الإصلاح من الداخل)، فقد قذفت بالطيب سيخة وهو من أخلص أبنائها وتركته يمشي اليوم في الطرقات بقريته في شمال أمدرمان وهو يكلم نفسه بصوت عال، كما فعلت ذلك بالمحامي عبد الباسط سبدرات ومبارك الفاضل وبدرية سليمان ومحمد علي المرضي ...الخ، وسوف يأتي اليوم الذي تفعل الشيئ نفسه مع عبدالرحمن الصادق المهدي والتيجاني السيسي وعثمان عمر الشريف وجلال الدقير ...الخ، ولن يجد أحد منهم الصدر الذي يرتمي اليه ليشكو حاله، ولن يكون في خروجهم من السلطة (بطولة) مهما كان وراءها من أسباب.
الطرف الثاني في القضية هو السيدة/ سناء حمد، ويخطئ من يعتقد أن ظهور الوزيرة الشابة في الساحة السياسية بكل المساحة التي شغلتها قد كان مفاجئاً، أو كما وصفها أحد المعلقين حين قال: " هذه الوزيرة قايمة بنمرة أربعة"، والواقع أن الوزيرة قد ولدت وهي تحمل مارد الحظ في يدها، ومن يطٌلع على (الدلال) الذي حظيت به الوزيرة الشابة خلال مسيرتها الدراسية والعملية مع التنظيم الإسلامي يدرك أن تنحيتها من الوزارة ليست سوى (طبطبة) على كتف مسار، تماماً كما يطيٌب حكم المبارة خاطر الفريق المهزوم بنصف دستة من الأهداف فيحتسب له ضربة جزاء (وهمية) ليضمن خروجه سالماً من الملعب.
فالسيدة سناء لها تاريخ يحكي عن نفسه في شأن مشوار عملها مع الإنقاذ، فبعد شهر واحد من تاريخ تخرجها في الجامعة (1995)، عملت كمديرة للشئون المالية والادارية لشركة سيدكو العالمية، وهي من أكبر الشركات الحكومية التي تبخرت أموالها مع ماء البحر، وقد كان يديرها المدعو عثمان محمد حسن، وهو زوج كريمة القطب الإخواني الطيب النص، ثم تحصلت على (باقة) من البعثات الدراسية الحكومية في كل من بريطانيا (كورس لغة إنجليزية)، وسويسرا ( دورة عن آليات تعزيز حقوق الانسان)، ثم مصر (زمالة الدراسات الاستراتيجية)، ثم عادت من سياحتها الدراسية لتتنقل في عدد من المناصب الحكومية، حيث عملت كمديرة مركز المعلومات بوزارة الاعلام، ثم مديرة التخطيط بالاتحاد العالمي الاسلامي، ثم رئيسة لتحرير صحيفة المسيرة التابعة للتنظيم الإسلامي، ثم مديرة لإحدى إدارات تلفزيون السودان، ومنها عملت كمديرة لمركز المرأة لحقوق الانسان بوزارة الرعاية الاجتماعية، وإحتفظت خلال كل هذه الفترات بعملها كعضوة في مجلس إدارة قاعة الصداقة.
مشكلة الوزيرة سناء، أنها أصيبت بمتلازمة تضخيم الذات، فرغم العدد الكبير للأشخاص الذين سبقوها في منصبها بوزارة الإعلام، الاٌ أن واحداً منهم لم يحظ مثلها بالضجيج الذي أحدثته في الساحة السياسية، ولم يتيسر لأي منهم مثل هذه الكثافة في الظهور على شاشات التلفزيون السودانية والعالمية والصحافة، وهي تتحدث في كل وقت عن كل شيئ، تحكي في الشئون العسكرية، والإقتصاد، والعلاقات الدولية ... الخ، وأصبحت تتعدى على عمل زملائها من الوزراء والولاة، ومن ذلك ما شاهدته لها في التلفزيون أثناء زيارتها لولاية جنوب كردفان عقب معركة تلودي، فقد كانت تلقي بالتوجيهات والنصائح – ربما العسكرية – على الوالي هارون وعدد من القادة العسكريين، وقد شاهدها جميع الناس وهي ترتدي ثوب (أبوقجيجة مشجٌر) وعلى كتفها بندقية رشاش، ويقف الى جانبها (نافع) الصغير الذي قال عنه والده أنه شارك في العمليات، ولا يدري أحد في أي جبهة من المعارك عثرت عليه الوزيرة ليلتقط معها الصورة التذكارية وهو في مثل تلك النظافة في البدن والهندام، حتى بات المرء يدهش للكيفية التي تمكنها من إيجاد كل الوقت لكل ذلك مع مسئوليتها رعاية زوجها وأولادها، (الوزيرة سناء متزوجة من المهندس هيثم بابكر أحد منتجي برنامج "في ساحات الفداء")، ولذلك كان من الطبيعي أن يؤدي تضخيم الذات ليجعلها تتحدى وزيرها مسار بهذه الجرأة.
لا ينبغي أن يصرفنا صراع (مسار – سناء) عن الجانب الأهم في القضية، وهو قيام رئيس الجمهورية بإلغاء عمل لجنة التحقيق الذي يجري بشأن ما نسب لمدير وكالة (سونا) للأنباء عوض جادين في خصوص المخالفات المالية التي حدثت أثناء فترة عمله، والواقع أن التحقيق قد إستند على تقرير فريق المراجعة الداخلية، وهو جهة مستقلة لا تتبع للوزير ولا للوكالة، وقد أحسن الوزير مسار صنعاً بتشكيله للجنة تحقيق للوقوف على حقيقة المخالفات التي أشار لها التقرير، وليس هناك في القانون ما يمنح الرئيس سلطة وقف التحقيق، وهو قرار يكشف عن جهل الذين قاموا بصياغة القرار وأشاروا فيه لعدد من المواد في الدستور والقانون التي يستند اليها القرار، وهذا تضليل وتزييف للحقائق وللقانون، والصحيح أن الرئيس يملك سلطة العفو وإسقاط العقوبة (عدا الحدود والقصاص)، ولكن بعد الإدانة وصدور العقوبة لا قبلها.
أما سلطة وقف الإجراءات الجنائية أثناء سير التحقيقات أو المحاكمة، فهي سلطة تقديرية يملكها النائب العام (وحده) بموجب القانون، والهدف منها هو تمكين النائب العام من الموازنة بين المصلحة العليا للدولة التي تتطلب (وقف) التحقيقات أوالمحاكمات وبين حق (المجتمع) في الإقتصاص من الجاني، والمثال التقليدي لممارسة هذه السلطة، هي ما يقوم به النائب العام من وقف للتحقيقات التي تجري بشأن الجرائم التي تقع أثناء النزاعات والحروب القبلية، بغرض إفساح المجال لعمل التسويات والمعالجات الأهلية (الجودية) عن طريق اللجان التي تنشئها الدولة، والتي تنتهي بدفع الديات والتعويضات للأطراف بعيداً عن المحاكم، بما يضمن تهدئة النفوس وإحلال السلام بين القبائل، فهي سلطة إستثنائية تمارس وفق معايير وضوابط موضوعية لا إنتقائية.
ولكن، من المؤسف، أن هذه السلطة، دائما ما يساء إستخدامها بالمخالفة للأهداف التي وضعت من أجلها، فكثيراً ما تستخدم بهدف الحيلولة دون محاكمة شخص أو أشخاص معينين لأسباب سياسية، ومن أشهر ما جرى في ذلك كان بيد (إسلامية) خالصة، حين قام الدكتور حسن الترابي بإستخدم هذه السلطة أثناء فترة توليه منصب النائب العام عقب إنتفاضة أبريل 1985، فقام بسحب ملف محاكمة الدكتور شريف التهامي وآخرين في قضية البترول، بعد أن كانت المحكمة قد وجهت اليهم عدد من التهم الجنائية، وقبل صدور قرارها النهائي.
إن الخاسر الوحيد في صراع (مسار – سناء) هو الشعب السوداني، الذي يرى درجة الإمتهان الذي يمارسه النظام لسيادة القانون وتمريغه بالتراب، ومع ذلك فقد جعل الشعب من الصراع بين الوزير ونائبته مادة للتسلية والترويح عن النفس (نشرت المواقع خبر نفاد صحيفة الإنتباهة من الأسواق لما تقوم به من تغطية لتفاصيل الصراع بين مسار وسناء)، فيما لم تتناول الأقلام – بما يكفي – مناقشة التجاوزات القانونية التي إرتكبها الرئيس، وكأن المال العام الذي يجري بشأنه التحقيق جزءاً من ممتلكاته الشخصية.
إن الشعب السوداني لن يخسر شيئاً من خروج مسار وسناء من وزارة الإعلام، بل لا يخسر شيئاً من خروج كل الوزراء والمستشارين من مناصبهم، ولن يكسب شيئاً من إدانة جادين أو براءته، فهو يقف متفرجاً على مسرح العبث بشيئ من الغبطة وكثير من الإستسلام، فالفاصل الذي جرى بين (مسار وسناء) لا يختلف كثيراً عن الهزل الي يقدمه مسلسل (تامر وشوقية)، فجميعها تثير الضحك والسخرية، ولكن بالنسبة لنا، فقد مضى الوقت الذي نجد فيه مساحة لمجرد الإبتسامة.
سيف الدولة حمدناالله
سيف الدولة حمدناالله
من الخطأ النظر لموقف السيد/ عبدالله مسار بتقديم إستقالته إحتجاجاً على قرار رئيس الجمهورية القاضي بإعادة عوض جادين الى عمله ووقف إجراءات التحقيق معه بإعتباره (بطولة)، ولا بد أن مسار الآن يلعن اليوم الذي قام فيه بتقديم إستقالته، فالثمن الذي دفعه للحصول على مقعد في السلطة لا يشير بأنه من الصنف الذي يمكنه أن يدوس عليه في سبيل الإنتصار على شخص جادين، أو حتى في سبيل (سونا) ذاتها، فالذي يختار لنفسه أن يكون لساناً لحكومة مثل الإنقاذ، لا يمكن أن تؤثر فيه قضية فساد بمثل هذا الحجم الوضيع، فقد وقف مسار في عمره المديد مع النظام ومن مواقعه المختلفة على كل أشكال الفساد وهي تجري تحت رجليه، فمسار لم يترك مقعداً في سلطة الإنقاذ دون أن يجلس عليه، بما في ذلك موقعه كمستشار لرئيس الجمهورية وعضويتة في البرلمان، وهي مواقع كانت تتيح له الوقوف في وجه الفساد الحقيقي.
ومسار - بطبعه - يعشق دنيا الأسرار وجمع المعلومات والوثائق (كشف ذلك في أكثر من مرة في لقاء بالتلفزيون) ، وما يعلمه مسار عن فساد الإنقاذ، لا يقف عند حدود ما يعرفه العوام من القضايا التي تثيرها الصحف كل يوم، مثل صفقات أخوان الرئيس، والتقاوي الفاسدة ومؤسسة الإقطان، و..و.. الخ، فهو يعلم الأسرار الحقيقية للفساد الذي عصف بالوطن وقضى على أحلام الشعب، فهو يعلم أين تبخرت أموال البترول التي دخلت خزينة الإنقاذ منذ بداية تصديره، وهي أموال بلغت مئات المليارات من الدولارات، لم تنفق الإنقاذ منها شيئاً على شعبها، سوى بعض الكباري والطرق المهترئة، والتي أقامت مثلها - بل أفضل منها - في ذات الفترة دول أخرى تشبه السودان في فقره وهي لا تصدٌر برميل بترول واحد، مثل جيبوتي وإثيوبيا وكينيا، فمن الغباء تصوير إستقالته كنوع من البطولة أو المناصرة للحق والوقوف في وجه الباطل.
إن آخر ما ننتظره من مسار – بعد خروجه - أن يرجع ليحكي إلينا عن غياب القانون ويشكي لنا الظلم الذي أصابه والذي دفع به للخروج من السلطة، فقد خرج قبله كثيرون لا يزالون يجأرون بالشكوى، بعد أن كانوا جزءاً من النظام، بل كانوا هم النظام، فقد خرج قبله علي الحاج بعد أن فعل بنا ما فعل وهو اليوم يشتم الإنقاذ من مقر إقامته في ألمانيا ويشكو فسادها وضيقها بالرأي الآخر، كما يشتكي الينا الشيخ الترابي من عسف الإنقاذ التي ترسله بين كل فترة وأخرى إلى سجن كوبر، وهو الذي فُتحت في عهده بيوت الأشباح التي إذا خرج منها المرء سالماً في أطرافه ودبره يحمد الله ما تبقى من عمره، وكذلك يفعل قرينه وشبيهه إبراهيم السنوسي الذي بلغت به الجرأة في التطاول على المال العام، أنه كان (أول) من رصف الشارع الذي يقود إلى داره وهو يقع على طريق جانبي بمدينة الرياض.
فالشعب يرى، إن كانت للإنقاذ حسنة واحدة فهي أنها ترمي بأبنائها في مقلب الزبالة، سواء الذين خرجوا من صلبها أو من صعدوا قطارها بدعوى (الإصلاح من الداخل)، فقد قذفت بالطيب سيخة وهو من أخلص أبنائها وتركته يمشي اليوم في الطرقات بقريته في شمال أمدرمان وهو يكلم نفسه بصوت عال، كما فعلت ذلك بالمحامي عبد الباسط سبدرات ومبارك الفاضل وبدرية سليمان ومحمد علي المرضي ...الخ، وسوف يأتي اليوم الذي تفعل الشيئ نفسه مع عبدالرحمن الصادق المهدي والتيجاني السيسي وعثمان عمر الشريف وجلال الدقير ...الخ، ولن يجد أحد منهم الصدر الذي يرتمي اليه ليشكو حاله، ولن يكون في خروجهم من السلطة (بطولة) مهما كان وراءها من أسباب.
الطرف الثاني في القضية هو السيدة/ سناء حمد، ويخطئ من يعتقد أن ظهور الوزيرة الشابة في الساحة السياسية بكل المساحة التي شغلتها قد كان مفاجئاً، أو كما وصفها أحد المعلقين حين قال: " هذه الوزيرة قايمة بنمرة أربعة"، والواقع أن الوزيرة قد ولدت وهي تحمل مارد الحظ في يدها، ومن يطٌلع على (الدلال) الذي حظيت به الوزيرة الشابة خلال مسيرتها الدراسية والعملية مع التنظيم الإسلامي يدرك أن تنحيتها من الوزارة ليست سوى (طبطبة) على كتف مسار، تماماً كما يطيٌب حكم المبارة خاطر الفريق المهزوم بنصف دستة من الأهداف فيحتسب له ضربة جزاء (وهمية) ليضمن خروجه سالماً من الملعب.
فالسيدة سناء لها تاريخ يحكي عن نفسه في شأن مشوار عملها مع الإنقاذ، فبعد شهر واحد من تاريخ تخرجها في الجامعة (1995)، عملت كمديرة للشئون المالية والادارية لشركة سيدكو العالمية، وهي من أكبر الشركات الحكومية التي تبخرت أموالها مع ماء البحر، وقد كان يديرها المدعو عثمان محمد حسن، وهو زوج كريمة القطب الإخواني الطيب النص، ثم تحصلت على (باقة) من البعثات الدراسية الحكومية في كل من بريطانيا (كورس لغة إنجليزية)، وسويسرا ( دورة عن آليات تعزيز حقوق الانسان)، ثم مصر (زمالة الدراسات الاستراتيجية)، ثم عادت من سياحتها الدراسية لتتنقل في عدد من المناصب الحكومية، حيث عملت كمديرة مركز المعلومات بوزارة الاعلام، ثم مديرة التخطيط بالاتحاد العالمي الاسلامي، ثم رئيسة لتحرير صحيفة المسيرة التابعة للتنظيم الإسلامي، ثم مديرة لإحدى إدارات تلفزيون السودان، ومنها عملت كمديرة لمركز المرأة لحقوق الانسان بوزارة الرعاية الاجتماعية، وإحتفظت خلال كل هذه الفترات بعملها كعضوة في مجلس إدارة قاعة الصداقة.
مشكلة الوزيرة سناء، أنها أصيبت بمتلازمة تضخيم الذات، فرغم العدد الكبير للأشخاص الذين سبقوها في منصبها بوزارة الإعلام، الاٌ أن واحداً منهم لم يحظ مثلها بالضجيج الذي أحدثته في الساحة السياسية، ولم يتيسر لأي منهم مثل هذه الكثافة في الظهور على شاشات التلفزيون السودانية والعالمية والصحافة، وهي تتحدث في كل وقت عن كل شيئ، تحكي في الشئون العسكرية، والإقتصاد، والعلاقات الدولية ... الخ، وأصبحت تتعدى على عمل زملائها من الوزراء والولاة، ومن ذلك ما شاهدته لها في التلفزيون أثناء زيارتها لولاية جنوب كردفان عقب معركة تلودي، فقد كانت تلقي بالتوجيهات والنصائح – ربما العسكرية – على الوالي هارون وعدد من القادة العسكريين، وقد شاهدها جميع الناس وهي ترتدي ثوب (أبوقجيجة مشجٌر) وعلى كتفها بندقية رشاش، ويقف الى جانبها (نافع) الصغير الذي قال عنه والده أنه شارك في العمليات، ولا يدري أحد في أي جبهة من المعارك عثرت عليه الوزيرة ليلتقط معها الصورة التذكارية وهو في مثل تلك النظافة في البدن والهندام، حتى بات المرء يدهش للكيفية التي تمكنها من إيجاد كل الوقت لكل ذلك مع مسئوليتها رعاية زوجها وأولادها، (الوزيرة سناء متزوجة من المهندس هيثم بابكر أحد منتجي برنامج "في ساحات الفداء")، ولذلك كان من الطبيعي أن يؤدي تضخيم الذات ليجعلها تتحدى وزيرها مسار بهذه الجرأة.
لا ينبغي أن يصرفنا صراع (مسار – سناء) عن الجانب الأهم في القضية، وهو قيام رئيس الجمهورية بإلغاء عمل لجنة التحقيق الذي يجري بشأن ما نسب لمدير وكالة (سونا) للأنباء عوض جادين في خصوص المخالفات المالية التي حدثت أثناء فترة عمله، والواقع أن التحقيق قد إستند على تقرير فريق المراجعة الداخلية، وهو جهة مستقلة لا تتبع للوزير ولا للوكالة، وقد أحسن الوزير مسار صنعاً بتشكيله للجنة تحقيق للوقوف على حقيقة المخالفات التي أشار لها التقرير، وليس هناك في القانون ما يمنح الرئيس سلطة وقف التحقيق، وهو قرار يكشف عن جهل الذين قاموا بصياغة القرار وأشاروا فيه لعدد من المواد في الدستور والقانون التي يستند اليها القرار، وهذا تضليل وتزييف للحقائق وللقانون، والصحيح أن الرئيس يملك سلطة العفو وإسقاط العقوبة (عدا الحدود والقصاص)، ولكن بعد الإدانة وصدور العقوبة لا قبلها.
أما سلطة وقف الإجراءات الجنائية أثناء سير التحقيقات أو المحاكمة، فهي سلطة تقديرية يملكها النائب العام (وحده) بموجب القانون، والهدف منها هو تمكين النائب العام من الموازنة بين المصلحة العليا للدولة التي تتطلب (وقف) التحقيقات أوالمحاكمات وبين حق (المجتمع) في الإقتصاص من الجاني، والمثال التقليدي لممارسة هذه السلطة، هي ما يقوم به النائب العام من وقف للتحقيقات التي تجري بشأن الجرائم التي تقع أثناء النزاعات والحروب القبلية، بغرض إفساح المجال لعمل التسويات والمعالجات الأهلية (الجودية) عن طريق اللجان التي تنشئها الدولة، والتي تنتهي بدفع الديات والتعويضات للأطراف بعيداً عن المحاكم، بما يضمن تهدئة النفوس وإحلال السلام بين القبائل، فهي سلطة إستثنائية تمارس وفق معايير وضوابط موضوعية لا إنتقائية.
ولكن، من المؤسف، أن هذه السلطة، دائما ما يساء إستخدامها بالمخالفة للأهداف التي وضعت من أجلها، فكثيراً ما تستخدم بهدف الحيلولة دون محاكمة شخص أو أشخاص معينين لأسباب سياسية، ومن أشهر ما جرى في ذلك كان بيد (إسلامية) خالصة، حين قام الدكتور حسن الترابي بإستخدم هذه السلطة أثناء فترة توليه منصب النائب العام عقب إنتفاضة أبريل 1985، فقام بسحب ملف محاكمة الدكتور شريف التهامي وآخرين في قضية البترول، بعد أن كانت المحكمة قد وجهت اليهم عدد من التهم الجنائية، وقبل صدور قرارها النهائي.
إن الخاسر الوحيد في صراع (مسار – سناء) هو الشعب السوداني، الذي يرى درجة الإمتهان الذي يمارسه النظام لسيادة القانون وتمريغه بالتراب، ومع ذلك فقد جعل الشعب من الصراع بين الوزير ونائبته مادة للتسلية والترويح عن النفس (نشرت المواقع خبر نفاد صحيفة الإنتباهة من الأسواق لما تقوم به من تغطية لتفاصيل الصراع بين مسار وسناء)، فيما لم تتناول الأقلام – بما يكفي – مناقشة التجاوزات القانونية التي إرتكبها الرئيس، وكأن المال العام الذي يجري بشأنه التحقيق جزءاً من ممتلكاته الشخصية.
إن الشعب السوداني لن يخسر شيئاً من خروج مسار وسناء من وزارة الإعلام، بل لا يخسر شيئاً من خروج كل الوزراء والمستشارين من مناصبهم، ولن يكسب شيئاً من إدانة جادين أو براءته، فهو يقف متفرجاً على مسرح العبث بشيئ من الغبطة وكثير من الإستسلام، فالفاصل الذي جرى بين (مسار وسناء) لا يختلف كثيراً عن الهزل الي يقدمه مسلسل (تامر وشوقية)، فجميعها تثير الضحك والسخرية، ولكن بالنسبة لنا، فقد مضى الوقت الذي نجد فيه مساحة لمجرد الإبتسامة.
سيف الدولة حمدناالله
الحازمي- نشط مميز
مواضيع مماثلة
» و اصاب عبدالله مسار
» عبدالله مسار و سناء حمد .. خلاف حاد
» البشير يقبول استقالة وزير الاعلام عبدالله مسار
» اين أنت يا ابو عبدالله.
» استقال مسار وابعدت سناء
» عبدالله مسار و سناء حمد .. خلاف حاد
» البشير يقبول استقالة وزير الاعلام عبدالله مسار
» اين أنت يا ابو عبدالله.
» استقال مسار وابعدت سناء
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى