أوراق سرية من وقائع ما بعد حرب البسوس (كما كشفها حفيد المُهَلْهِلُ بن ربيعة)
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أوراق سرية من وقائع ما بعد حرب البسوس (كما كشفها حفيد المُهَلْهِلُ بن ربيعة)
الزمان : الأحد 22 ديسمبر 2013 مساءً (ليلة الاثنين)
المكان: دار الكتاب السودانيين الخرطوم العمارات شارع 29
المناسبة: تدشين كتاب ( أوراق سرية من وقائع ما بعد حرب البسوس (كما كشفها حفيد المُهَلْهِلُ بن ربيعة))
للشاعر عالم عباس محمد نور.
كان مساءً شتائياً جميلاً حيث عرج عليّ الحبيب فيصل خليل حتيلة في معية العزيز عاصم الحزين.. ثم توجهنا ثلاثتنا إلى دار الكتاب لحضور المناسبة التي دعاني لها
الصديق الحبيب ؟ عالم عباس شخصياً ... ولست بصدد نقد أو تحليل الكتاب فلست من أولئك ولكن درج معظم فنانو وكتاب وشعراء السودان في الآونة الأخيرة على
تدشين أعمالهم في ليالٍ تكون فرصاً لمحبي الأدب والفن والشعر ليلتقوا بهم شخصياً ولاقتناء نسخة ممهورة بإمضاء منتج العمل الفني وتكون بداية مبشرة لصاحب العمل
في عرض بضاعته للسوق... تكلم خطباء وأدباء وشعراء ... عن عالم ..الإنسان الفنان .. الصدوق .. الممتلك لناصية اللغة (دون أن يخل ولو بمفردة لغوية واحدة)
طيلة عمره الشعري كما قالها الاستاذ : كمال الجزولي... قدم عالم أروع لوحة تحكي مأساة أهله في دارفور الحبيبة التي نهلنا من علمها وتشربنا من طيبة أهلها !!!!
الكتاب: به ثمان قصائد ثالثتها وهي فريدة العقد الثماني أوراق سرية من وقائع ما بعد حرب البسوس (كما كشفها حفيد المُهَلْهِلُ بن ربيعة) وهي التي استحقت أن يسمَّى بها الكتاب
.. قصيدة لئن كان كتبت بالحبر فقد أتت معاني مفرداتها ممهورة بالدم .. كما كتب ذلك كليب قبل أن يبدأ في البحث في ثأر أخيه كليب.... ولكن عالم تسامى فوق الجراح فقال:
نغفر...نعم ... نسامح .... نعم .. ولكن لن ننسى!!!!!
آمل من كل محب أدب أن يقتني هذا الكتاب ... فلقد قرأته مرات ومرات وما زلت...
أهددي لكم القصيدة ... ومعها قصيدة الحارث بن عباد جد بجير ( الذي قتله الزير سالم ) وقصيدة الزير الذي رد فيها على الحارث بن عُبَاد:
أوراق سرية من وقائع ما بعد حرب البسوس (كما كشفها حفيد المُهَلْهِلُ بن ربيعة)
شعر: عالم عباس محمد نور
فلمّا وقفتُ أجادِلَهُمْ بالزَّبورِ التي بينهم، حذّروني، وهاجوا وماجوا، ومن بعد ما خَلَصُوا في الحديثِ نَجِيّاً، ركبوا رأسهم، ثم عاجوا فقالوا: "لنا دينُنا"!!
قلتُ: "لي دين"ِ
قالوا: "صبَأْتَ"، وقالوا:" خَسِئْتَ"، وقالوا وقالوا.
فقلت لهم: " قد كَذَبْتُمْ على الله"! قالوا: " ومن أنْتَ حتى تُحدّثُنا عنهُ؟"
عندئذٍ، شلَّني الرعبُ حين هوى فوق رأسي السؤالْ !
فلمّا أفَقْتُ، إذا هُمْ يقولون: "إنّا اخترَعْناهُ، هذا الذي هِمْتَ في حبِّه عاكِفاً، وإنّا صنعْناهُ من حُلْيِنا وهوانا، وأنّا ابْتَدعْناهُ، فَهْوَ لنا دونكم" !
قُلْتُ : "مهلاً، إذَنْ قد كَفَرْتُم"!ْ
فقالوا: " فنحْنُ الذين نُكَفِّرُ لا أنْتَ، نحنُ لدينا الكتابُ وأمُّ الكتاب
نُصوصُ القداسةِ صُغْنا عباراتها سُوَراً، وضربنا عليها الحجاب !
واحْتَكَمْنا لآياتِها كي نسُودَ عليكم، فنجْعَلُكم تحت أقدامنا، ثُمَّ نحنُ احْتَكَرْنا تفاصيلَها، فَنُفَسِّرَ كيف نشاء. فإنْ ما تناقَضَ الآنَ بعضُ الذي لا نُريدْ،
وما قدْ أردْنا،
نسَخْنَا، وصًغْنا الذي نشْتَهِي من جديد !
وأنَّا لَنُنْقِصُ في مّتْنِهِ ما نشاءُ، وأنّا نُزيد"!
"ثُمَّ منْ أنْتَ حتّى تُنازعَنا أمرنا، وما أنتَ منّا، ولا من قريشٍ، ولا مِن تَميم،
ولاَ في القريتينِ عظيم"!
وهَبُّوا غِضاباً إلى السيفِ، قالوا: "وما أنْتَ، ما أنْتَ؟ "
إنّما أنتَ ذَيْلٌ لنا، كلْبُنا قابِعٌ بالوصيد"!
قلتُ: "افْتَريْتُم على الله"!
قالوا: " افْتَريْنا، فماذا إذن! ألهذا أتيتَ تجادلُنا كيْ تسودَ وأنتَ الحقودُ الحسود؟
نحن نسلُ ثمود، ونحنُ أحبّاءُ هذا الإلهِ وأبناؤهُ نحن، قبل اليهود"!
غير أني طفِقْتُ أجادلُهم بالتي هيَ أحْسَنُ حتى أساءوا،
فقلْتُ "اجْعلوا ما لقيْصَر يمْضي لقيصر،
وما كان للهِ، لله، عَلَّ الذي بيننا اثْنانِ: دُنْيا ودينْ،
فَيَتّضِحُ الفَرْقُ، كي يَسْهُلَ الرّتْقُ، في ثوبِ هذا النِّزاع العقيم"!
فما قُلْتُ ذلك حتى انْبَرَوا، آخذينَ خناقي،
فشدّوا وَثاقي، وكانوا يقولون:
!" نحنُ الذين تنادَوا، ومَنْ "قيصرُوا" اللهَ نحنُ، ونحنُ نُؤلِّه قيصرَ كيف نشاءُ وأكثر
فما كان لله يمضي لقيصر!
حَكَمْنا.
وإنّا ، على ما نشاءُ تصير الأمور"!
فقُلْتُ: " ولكنكم تزعمون بأنّا سواءً، ولا فضْلَ إلاَّ بتقوى"؟
فقالوا: " صدقْتَ، فأنتم سواءٌ، ونحن سواءٌ، وشتّانَ بين السوائين"!
قُلْتُ: " فقد كان يجْمَعُنا الدينُ".
قالوا: " لقد كان، فالآنَ فرَّقنا الدينُ"!
قلتُ: " فهذا أوان الفراقِ إذنْ؟
فليكُنْ!
فماذا فعلتم بهذا الوطن؟
وهذا البِناءُ، وضعنا مداميكَه، والأساس معاً.
وما زال في الوُسْعِ تشييده شامِخاً،
كما قد بدأنا، ولكن معاً!
صحيحٌ،على كتفنا كان عبءُ البناءِ الكبير.
والدماءُ التي تتَدَفَّقُ في ساحة الحربِ، كانت دمانا،
ولا بأسَ أن كانَ أغلبنا في الضَّحايا،
وقود المعارك، والجند، والهالكين!
ويوم حملْتُم لواءَ القيادة، ما نازع النّفْسَ شكٌّ يمسُّ جدارتَكم حولها،
يوم ذاك، إذا كان حقاً يقال !
وقد كان ما بيننا الدينُ، والشرْعُ،
صدقُ المقالِ،وحُسْنُ الفِعالِ، ونُبْلُ الخِصال.
والعدلُ كان هو الفيصلُ الحقُّ، والحَكَمُ القسطُ، يوم النِّزال !
فما بالكم هؤلاء نكَصْتُمْ،
وآثَرْتُم الظلمَ، والحَيْفَ، جُرْتم؟
ما عقَدْتُمْ، نَقَضْتُمْ
ما رَتَقْتُم، فَتَقْتُمْ !
وها ما بنيْتُم هدمْتُمْ، وما زِلْتُمُ تفعلون !!:
بَني أُمَّ،
هذه الأرضُ، كتفاً بكتفٍ،
وكفّاً بكَفٍّ، شقَقْنا ثَراها، لنصنَعَ هذا الوطنْ.
سقَيْنا عُروقَ الرِّمالِ العَرَقْ،
سكبْنا الدموعَ، ليالي الأرَقْ !
صَبَغْنا النّجوعَ النَّجيعَ،
وسالت دمانا على كلِّ شقٍ، نشُقُّ الطُّرقْ،
فَكُنّا بنيها بِحقّْ!
فها أيْنَعَتْ،
وحان القِطافْ،
فما بالكم تفْترون علينا، وعن حقنا تمنعونا،
ونُمنَعَ حتى الكفاف؟
ونعطَشُ و النيلُ جارٍ لديكم،
وأنتم ترونا ظِماءً نموتُ، بقُرْب الضِّفاف!
ففيمَ نخافُ، وكيف نخافُ، وممَّ نخافْ؟
هو الظلمُ نخشى، وحَيْفَ القريبِ،
ونعجب كيف يرقُّ الغريبُ ويقسو الحبيب؟
سهِرنا عليكم زماناً،
وما ضَرَّنا لو تناموا ونصحو!
وقفنا الهجيرَ، نُظَللُّكم كي تسوسوا،
وذقْنا المراراتِ، كي تنعُموا بالعَسَلْ.
رعيناكمُ في المُقَلْ.
فكيف بني أُمَّ هُنَّا عليكم فأقصيتمونا،
وآذيتمونا،
فما بالكم تكْفرونَ العشير؟
وبالأمس كُنّا لكم إخوةً، قبل هذي الفِتَنْ!
وكنتم زعمْتُم أبانا أباكم،
ومن ثديِ أمٍّ رضعْنا،
نذرنا نموتُ وفاءً لهذا التُرابْ!
لماذا عبثتُم بأحلامنا
فغَدَتْ في السراب؟
لِمَ الآنَ صِرْتُم علينا؟
وصار لكم انتماءٌ جديدٌ،وعِرْقٌ، وسِنْخٌ،
سِوى ما عهِدْنا؟
أَلسْنا أتينا، كما النيل أزرقُ،
جئتُمْ، كما النيل أبيضُ،
ثُمّ التقيْنا على مَقْرَنٍ بَيِّنٍ،
وامتزاجٍ أصيل؟
ألسْنا مضيْنا معاً، نَهَراً واحداً،
واكتَسَبْنا معاً لوننا النيلَ،
هذا الجميلُ الذي لا شبيهَ لهُ غيرُهُ،
ذاتُه فيهِ،
نيلٌ ولا يُشْبهَ النيلَ،
ماءٌ وليس بماءْ!
فكيف تريدونه يَتَحَدَّرُ عكسَ المَصَبِّ،
وأنْ يتَفرَّقَ أزرقَ، أبيضَ،
كيف تريدون للدم أنْ يتنكرَ من حمرتهْ،
فيصبح ماءً، مجرّد ماء!
ويستبدل الطينُ من سُمرتهْ،
فيغدو هباءً،
وأن يتعَرَّى،
ويستَشْعرَ العارَ في سُمرَتهْ؟
أتسمحُ كيف بهذا الهُراء!
وأيُّ الغرورُ اعتراكَ،
فصِرْتَ كما الثورُ في هيجتهْ،
صرتَ تُحطِّمُ تلك العلائقَ،
تُشعِلُ فينا الحرائقَ، تفتننا،
وتفرّق بين الخليل وبين الخليل.
آ الآن تطلب مني أدافعُ عنكَ،
أصُدُّ الغُزاةَ وأفنى لتبقى!
وها أنت كالسوس تنْخرُ في سامقات الشجر؟
ودأبكَ الدهْرَ تمضي،
تقَتِّلُ فينا، وتذبحُ منا،
وتسحلُ، تنهبُ، تسبي وتهتِكُ عِرْضَ أخيك!
آ الآن صرْتُ ابنَ شدّاد،
والأمسَ كنتَ تعيّرني باسم أمي،
فتصرخُ يا ابن زبيبةْ)!
آ الآن يا عَبْسُ، صرتم تنادوا عليَّ،
وقد كنتُ أُطْرَدُ، تُلْقى عليّ َفتاتَ الموائدْ!
أما زلتُمُ آلُ عبْسٍ تظنون أن العصا
والقيودَ تُطوِّعني لأُواجِهَ أعداءكم،
فَأَكِرَّ عليهم، كما تشتهون؟
بَنِي أُمَّ، لا.
واجهوا من دعوتم،
بأقوالكم، وبأفعالكم، وأكاذيبكم،
فهذا حصاد الذي تزرعون!
وإني ليعجبني أن تذوقوا من السم ما تطبخون،
وأن تصطلوا بالجحيم التي توقدون!
فإنْ كان لابد أن اتْبَعَكْ!
فسأمضي معك!
وأرقُبُ كيف تسير إلى مصرعكْ،
وأشْمَتُ فيك، إذا حاصروك، وساقوك قسْراً،
إلى حيثُ يُقْضَى عليك،
ومن خاض تلك الخطايا معك،
إلى مضجعك!
وأرصد كيف التكبُّرُ والعنجهيّة والغطرسةْ،
وكل الضّغائنِ والحقدِ، تلك التي وسمَتْ عهدكم،
والهوان الذي سُمْتُمونا،
ومُرَّ المآسي ونار الكوارث،
ثُمّ نرى، كيف تُسْقَوْنَ منها، جزاءً وفاقا،
وكأساً بكأسٍ،
وقسطاً بقسطٍ،
وعدلاً بعدل!
كُنَّا لكم شجراً في الهجير،
فكنتم فؤوساً!
وكُنّا لكم حضن أمٍّ رءومٍ،
فلمّا ملكتُم قطعتُمْ رؤوسا،
رعيناكُمُ صبْيَةً،
ثُمَّ لما شَبَبْتُم عن الطوقِ،
كبَّلْتمونا!
وكُنّا نجوع لنطعِمَكم،
فلمّا بشمْتُم، بصَقْتُم علينا.
قُضِيَ الأمرُ،
لاتَ مناص، فليس بِوُسْعِ أَحَدْ،
أنْ يُعيدَ الحليبَ إلى الضرْعِ،
بعد الخروج!
ولا أنْ يُعيدَ الجنينَ إلى رَحِمِ الأمِّ،
ليس بوُسْع أحد،
أن يُعيد الرصاص إلى فوَّهات البنادق،
ما من أحد،
يعيدُ السهامَ التي انطلَقَتْ،
بعد نبْضِ القسيِّ،
وإن أخطِأِتْ قَصْدَها، أو أَصابَتْ!
وهل مِنْ أحدْ،
يستعيد الحياة لمن قد قتلْتُم،
وأحرقْتُمُ ودفنتُمْ؟
انتهى للأبد،
فليس بوُسع أحدْ،
بعد جُرْحِ الكلام،
أن يعيدَ لنا الابتسام.
كذبتُم، وخُنتم، وما زلتُمُ تكذبون!
جرحتُمْ،
وأوغَلْتُمُ في الجراح، فليس بوسْع أحد،
أن يُعلِّمَنا كيف ننْسى!
غفرنا، وقد نغفر الآن،
أمّا لننْسى، فهذا محالٌ،
!!- فيا للأسى- ليس ننسى
وَجَبَ الآن أن نتوقّفَ حتى تَرَوا،
أيَّ جُرْمٍ جرمْتُم،
وما تُجْرِمون!
وكيف اسْتَلَلْتُمْ سكاكينَكم، في برودٍ مخيفٍ،
تحُزّوُنَ أوصال هذا الوطنْ !ْ
تفنَّنْتُمُ في البشاعة والموبقات،
وصِرْتُم تُديرون فَنَّ الفظائعِ، بالحَمْدِ والبَسْمَلَةْ!
تأكلون الحرام،
تُحِلُّون مال اليتيم، وتغتصبون،
كما تسفكون الدماء، وما فوق ذلك،
بالحمد والبسملة!
وبالهمْهَماتِ، وبالتمْتَماتِ،
وبالسَّبْحَلاتِ، وبالحَوْقَلةْ!
أيُّ شعْبٍ تظنُّونه غارِقاً في البَلّهْ!
أيُّ ربٍّ تخونون،
مَنْ تخدعون؟
وأيَّ إلَهٍ تظنُّونَه غافِلا!.
قُضِيَ الأمْرُ،
حلَّ عِقابُ الإله الصمد!
فليس بوُسْع أحدْ،
أن يعلِّمَنا كيف ننسى!
أثرُ الفأس، في الرأس،
والدم ما زال طَلاًّ،
وما زِلْتُ مثلَ المُهَلْهِلِ، مثلَ أبي، صارخاً:
(لا صُلح حتى تردوا كليباً)!!
وينهضُ شيخٌ يثورُ على الحلْمِ، يُلقي زَكانَتَهُ جانِباً، ثُمَّ يمضي إلى السيف، بالرغم عنه، ويهذي:
( كل شيءٍ مصيره للزوال،/قد تجنّبْتُ وائلاً كي يفيقوا/، لا صلحَ حتى نملأُ البيد من رؤوس الرجال،/ أبى وائلٌ عليَّ اعتزالي/، ليس قولي يراد، لكن فعالي/شاب رأسي وأنكرتني العوالي/، طال ليلي على الليالي الطوال/، لم أكن من جناتها، علم الله وإني بحرِّها اليوم صال)!
قصيدة الحارث بن عباد بعد قتل حفيده بجير
كُـلُّ شَـيءٍ مَصـيـرُهُ لِلـزَّوالِ
غَيـرَ رَبِّـي وَصالِـحِ الأَعمـالِ
وَتَـرَى النَّـاسَ يَنظُـرونَ جَميعـاً
لَيسَ فيهِم لِـذاكَ بَعـضُ احتِيـالِ
قُـل لأُمِّ الأَغَـرِّ تَبكِـي بُجَيـراً
حيـلَ بَيـنَ الرِّجـالِ وَالأَمـوالِ
وَلَعَمـري لأَبكِـيَـنَّ بُجَـيـراً
مَا أَتَى المَـاءُ مِـن رُؤوسِ الجِبـالِ
لَهفَ نَفسي عَلـى بُجَيـرٍ إِذا مَـا
جالَتِ الخَيلُ يَومَ حَـربٍ عُضـالِ
وَتَسَاقَـى الكُمـاةُ سُمّـاً نَفيعـاً
وَبَدَا البِيضُ مِـن قِبـابِ الحِجـالِ
وَسَعَت كُلُّ حُـرَّةِ الوَجـهِ تَدعُـو
يَـا لِبَكـرٍ غَـرَّاءَ كَالتِّـمـثـالِ
يَا بُجَيرَ الخَيـراتِ لاصلـحَ حَتَّـى
نَملأَ البِيـدَ مِـن رُؤوسِ الرِّجـالِ
وَتَقَـرَّ العُيـونُ بَـعـدَ بُكَـاهَـا
حِينَ تَسقِي الدِّمَا صُـدُورَ العَوالِـي
أَصبَحَت وائِلٌ تَعِـجُّ مِـنَ الحَـربِ
عَـجـيـجَ الجِمـالِ بِالأَثـقَـالِ
لَم أَكُـن مِـن جُناتِهـا عَلِـمَ اللهُ
وَإِنِّـي لِحَـرِّهـا اليَـومَ صـالِ
قَد تَجَنَّبـتُ وائِـلاً كَـي يُفيقـوا
فَأَبَـت تَغلِـبٌ عَلَـيَّ اعتِـزالِـي
وَأَشـابـوا ذُؤابَـتِـي ببُجَـيـرٍ
قَتَـلـوهُ ظُلمـاً بِغَيـرِ قِـتـالِ
قَتَـلـوهُ بِشِسـعِ نَعـلٍ كُلَيـبٍ
إِنَّ قَتلَ الكَريـمِ بِالشِّسـعِ غـالِ
يَا بَنِي تَغلِبَ خُـذوا الحِـذرَ إِنَّـا
قَد شَرِبنَـا بِكَـأسِ مَـوتٍ زُلالِ
يَـا بَنِـي تَغلِـبٍ قَتَلتُـم قَتِيـلاً
مَا سَمِعنـا بِمِثلِـهِ فِـي الخَوالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لَقِحَت حَربُ وَائِـلٍ عَـن حِيـالِ
قَـرِّباهَـا في مُقَربَاتٍ عِجَالِ
عَابِسَاتٍ يَثبنَ وثبَ السَّعالي
لم أكُن مِن جُنَاتِها عَلِمَ اللَّهُ
وإنِّي بِحرِّهَا اليَومَ صَالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لَيسَ قَولِـي يـرادُ لَكِـن فعالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
جَـدَّ نَـوحُ النِّسـاءِ بِالإِعـوالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
شَابَ رَأسِي وَأَنكَرَتنِـي القَوالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لِلـسُّـرَى وَالـغُـدُوِّ وَالآصَـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
طَالَ لَيلِـي عَلَى اللَّيالِـي الطِّـوالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لاِعتِـنـاقِ الأَبطَـالِ بِالأَبطَـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
وَاعـدِلا عَـن مَقالَـةِ الجُـهَّـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لَيسَ قَلبِـي عَـنِ القِتَـالِ بِسَـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
كُلَّما هَبَّ ريـحُ ذَيـلِ الشَّمـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لِبَـجَـيـرٍ مُفَـكِّـكِ الأَغـلالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لِكَـريـمٍ مُـتَـوَّجٍ بِالجَـمـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لا نَبيـعُ الرِّجـالَ بَيـعَ النِّعـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لِبُجَيـرٍ فـداهُ عَمِّـي وَخَـالِـي
قَـرِّباهَـا لِحَـيِّ تَغلِـبَ شوسـاً
لاِعتِنـاقِ الكُمَـاةِ يَـومَ القِتَـالِ
قَـرِّباهَـا وَقَرِّبـا لأمَتِـي دِرعـاً
دِلاصـاً تَـرُدُّ حَـدَّ الـنِّـبـالِ
قَـرِّباهَـا بِمُـرهَفـاتٍ حِـدادٍ
لِقِـراعِ الأَبطَـالِ يَـومَ النِّـزالِ
رُبَّ جَيشٍ لَقيتُـهُ يَمطُـرُ المَـوتَ
عَلـى هَيكَـلٍ خَفيـفِ الجِـلالِ
سَائِلـوا كِنـدَةَ الكِـرامَ وَبَكـراً
وَاسأَلوا مَذحِجـاً وَحَـيِّ هِـلالِ
إِذَا أَتَـونـا بِعَسكَـرٍ ذِي زُهـاءٍ
مُكفَهِـرِّ الأَذَى شَديـدِ المَصَـالِ
فَـقَـرَينـاهُ حِيـنَ رَامَ قِـرَانـا
كُلَّ مَاضِي الذُّبابِ عَضبِ الصِّقَـالِ
فرد عليه الزير في قصيده الذي تشابه مع قصيد الحارث، وخاصة بيت يعد من أفصح الأبيات التي قالها العرب، ألا وهو: لم أكن من جناتها علم اللــ**ه وإن لحرها اليوم صال
هَل عَرَفتَ الغَـداةَ مِـن أَطـلالِ
رَهـنِ ريـحٍ وَديْمَـةٍ مِهطـالِ
يَستَبيـنُ الحَليـمُ فِيهـا رُسومـاً
دارِسـاتٍ كَصَنعَـةِ العُـمَّـالِ
قَد رَآها وَأَهلُـها أَهـلُ صِـدقٍ
لا يُـريـدونَ نِـيَّـةَ الإِرتِحـالِ
يا لَقَـومـي لِلَـوعَـةِ البَلبـالِ
وَلِقَـتـلِ الكُمـاةِ وَالأَبـطـالِ
وَلِعَيـنٍ تَبـادَرَ الـدَّمـعُ مِنهَـا
لِكُلَيـبٍ إِذ فاقَهـا بِانْهِـمـالِ
لِكُلَيـبٍ إِذ الـرِّيـاحُ عَلَـيـهِ
ناسِفـاتُ التُّـرابِ بِـالأَذيـالِ
إِنَّنِـي زائِـرٌ جُمـوعـاً لِبَكـرٍ
بَيهَهُـم حـارِثٌ يُريـدُ نِضالِـي
قَد شَفَيتُ الغَليـلَ مِن آلِ بَكـرٍ
آلِ شَيبـانَ بَيـنَ عَـمٍّ وَخـالِ
كَيفَ صَبري وَقَد قَتَلتُـم كُلَيبـاً
وَشَقيتُـم بِقَتلِـهِ فِـي الخَوالِـي
فَلَعَمـرِي لأَقـتُـلَـن بِكُلَيـبٍ
كُلَّ قَيلٍ يُسمَـى مِـنَ الأَقيـالِ
وَلَعَمري لَقَد وَطِئتُ بَنِـي بَكـرٍ
بِمـا قَـد جَنَـوهُ وَطءَ النِّعـالِ
لَـم أَدَع غَيـرَ أَكلُـبٍ وَنِسـاءٍ
وَإِمـاءٍ حَـواطِـبٍ وَعِـيـالِ
فَاشرَبـوا مـا وَرَدتُّـمُ الآنَ مِنَّـا
وَاصدِروا خاسِرينَ عَن شَرِّ حَـالِ
زَعَمَ القَـومُ أَنَّنـا جـارُ سـوءٍ
كَذَبَ القَومُ عِندَنـا فِـي المَقـالِ
لَم يَرَ النَّـاسُ مِثلَنـا يَـومَ سِرنـا
نَسلُبُ المُـلكَ بِالرِّمـاحِ الطِّـوالِ
يَومَ سِرنـا إِلَـى قَبائِـلَ عَـوفٍ
بِجُمـوعٍ زُهـاؤوهـا كَالجِبـالِ
بَينَهُم مـالِكٌ وَعَمـرٌو وَعَـوفٌ
وَعُقَيـلٌ وَصالِـحُ بـنُ هِـلالِ
لَم يَقُم سَيـفُ حـارِثٍ بِقِتـالٍ
أَسلَـمَ الوالِـداتِ فِـي الأَثقـالِ
صَـدَقَ الجَـارُ إِنَّنـا قَـد قَتَلنـا
بِقِبـالِ النِّعـالِ رَهـطَ الرِّجـالِ
لا تَمَـلَّ القِتـالَ يَا ابـنَ عَبـادٍ
صَبِّرِ النَّفـسَ إِنَّنِـي غَيـرُ سَـالِ
يا خَليلَـيَّ قَـرِّبـا اليَـومَ مِنِّـي
كُـلَّ وَردٍ وَأَدهَــمٍ صَـهَّـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
لِكُلَيـب الَّـذِي أَشَـابَ قَذالِـي
قـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
وَاسأَلانِـي وَلا تُطيـلا سُؤَالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
سَوفَ تَبدو لَنـا ذَواتُ الحِجـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
إِنَّ قَـولِـي مُطـابِـقٌ لِفِعالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
لِكُلَيـبٍ فَـداهُ عَمِّـي وَخالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
لاِعتِنـاقِ الكُمَـاةِ وَالأَبـطـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
سَوفَ أُصلِـي نِيـرانَ آلِ بِـلالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
إِن تَلاقَـت رِجالُهُـم وَرِجالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
طَالَ لَيلِـي وَأَقصَـرَت عُذَّالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
يَا لَبَكرٍ وَأَيـنَ مِنكُـم وِصَالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
لِنـضَـالٍ إِذَا أَرَادُوا نِضَـالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
لِقَتيـلٍ سَفَتـهُ ريـحُ الشَّمـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
مَـعَ رُمـحٍ مُثَـقَّـفٍ عَسَّـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
قَـرِّبـاهُ وَقَـرِّبـا سِربَـالِـي
ثُمَّ قُـولاَ لِكُـلِّ كَهـلٍ وَنـاشٍ
مِن بَنِي بَكـرٍ جَـرِّدُوا لِلقِتـالِ
قَـد مَلَكناكُـمُ فَكونـوا عَبيـداً
مَا لَكُم عَن مِلاكِنا مِـن مَجَـالِ
وَخُذوا حِذرَكُم وَشُدّوا وَجِـدُّوا
وَاصبِـرُوا لِلنِّـزالِ بَعـدَ النِّـزالِ
فَلَقَد أَصبَحَـت جَمائِـعُ بَكـرٍ
مثلَ عَادٍ إِذ مُزِّقَت فِـي الرِّمَـالِ
يَا كُلَيبـاً أَجِـب لِـدعـوَةِ دَاعٍ
موجَـعِ القَلـبِ دائِـمِ البَلبَـالِ
فَلَقَد كُنتَ غَيـرَ نِكـسٍ لَـدَى
البَـأسِ وَلا واهِـنٍ وَلا مِكسَـالِ
قَد ذَبَحنَا الأَطفالَ مِـن آلِ بَكـرٍ
وَقَهَـرنَـا كُماتَهُـم بِالنِّضـالِ
وَكَرَّرنَـا عَلَيهِـمِ وَانثَنَـيـنـا
بِسُيـوفٍ تَقُـدُّ فِـي الأَوصَـالِ
أَسلَموا كُلَّ ذَاتِ بَعـلٍ وَأُخـرَى
ذَاتَ خِدرٍ غَـرَّاءَ مِثـلَ الهِـلالِ
يَا لَبَكـرٍ فَأَوعِـدوا مَـا أَرَدتُّـم
وَاستَطَعتُم فَمَـا لِـذَا مِـن زَوَالِ
فلما حان يوم خزازا أي يوم العزاء يوم الحرب، ركب الحارث على ظهر الناقة وحمل معه الصافح الردينيي الطويل واتجها للحرب، بعد أن أنهك الزير ورجاله طيلة اليوم يلهيهم رجال بني بكر حتى يحكموا المكيدة التي أعدها له ولرجاله، وكانت تلك آخر معركة خاضها الزير فخسر فيها إذ أسقطه الحارث الرجل الشيخ الحكيم القوي، الذي لقوته وحكمته لقب بالجن
من على ظهر المشهر الجون الوقاح الذي أهذاه له قائد الشعراء امرء القيس بن حجر -قائـد الشعراء وحمال لوء جهنم كما قال عنه سيد الورى صلوات ربي عليه-
فكانت خاتمة الزير السيح في البيداء حتى تاه وأسبي على يدي قائد المعركة فشرع في تعذيبه وضربه بالهراوة ومنعه من الشرب حتى يرديه كالهيم الواردات، وانتقم منه الزير في قصيدة مشهورة مطلعها طفلة ما بنت المجلل طبعا غازل زوجته إبنت المجلل الثغلبي وجعله يشك في صدق زوجته وشعوره بالخيانة تجاها، وفرّ الزير من الأسر قاصدا إبن أخيه الهجرس بن كليب عله يعيد قائمة الحرب فأبى الهجرس إعادة الحرب ليحقن دماء قومه،فرحل مهلهل ثغلب وبرفقته عبدان مضمران فقتلوه في الفلاة فكان ذاك حتفه بعد أن قال بتين آخيرين له
ألآ من مبلغ الحيين أن زيرا أضحى في الفلاة مجندلا
المكان: دار الكتاب السودانيين الخرطوم العمارات شارع 29
المناسبة: تدشين كتاب ( أوراق سرية من وقائع ما بعد حرب البسوس (كما كشفها حفيد المُهَلْهِلُ بن ربيعة))
للشاعر عالم عباس محمد نور.
كان مساءً شتائياً جميلاً حيث عرج عليّ الحبيب فيصل خليل حتيلة في معية العزيز عاصم الحزين.. ثم توجهنا ثلاثتنا إلى دار الكتاب لحضور المناسبة التي دعاني لها
الصديق الحبيب ؟ عالم عباس شخصياً ... ولست بصدد نقد أو تحليل الكتاب فلست من أولئك ولكن درج معظم فنانو وكتاب وشعراء السودان في الآونة الأخيرة على
تدشين أعمالهم في ليالٍ تكون فرصاً لمحبي الأدب والفن والشعر ليلتقوا بهم شخصياً ولاقتناء نسخة ممهورة بإمضاء منتج العمل الفني وتكون بداية مبشرة لصاحب العمل
في عرض بضاعته للسوق... تكلم خطباء وأدباء وشعراء ... عن عالم ..الإنسان الفنان .. الصدوق .. الممتلك لناصية اللغة (دون أن يخل ولو بمفردة لغوية واحدة)
طيلة عمره الشعري كما قالها الاستاذ : كمال الجزولي... قدم عالم أروع لوحة تحكي مأساة أهله في دارفور الحبيبة التي نهلنا من علمها وتشربنا من طيبة أهلها !!!!
الكتاب: به ثمان قصائد ثالثتها وهي فريدة العقد الثماني أوراق سرية من وقائع ما بعد حرب البسوس (كما كشفها حفيد المُهَلْهِلُ بن ربيعة) وهي التي استحقت أن يسمَّى بها الكتاب
.. قصيدة لئن كان كتبت بالحبر فقد أتت معاني مفرداتها ممهورة بالدم .. كما كتب ذلك كليب قبل أن يبدأ في البحث في ثأر أخيه كليب.... ولكن عالم تسامى فوق الجراح فقال:
نغفر...نعم ... نسامح .... نعم .. ولكن لن ننسى!!!!!
آمل من كل محب أدب أن يقتني هذا الكتاب ... فلقد قرأته مرات ومرات وما زلت...
أهددي لكم القصيدة ... ومعها قصيدة الحارث بن عباد جد بجير ( الذي قتله الزير سالم ) وقصيدة الزير الذي رد فيها على الحارث بن عُبَاد:
أوراق سرية من وقائع ما بعد حرب البسوس (كما كشفها حفيد المُهَلْهِلُ بن ربيعة)
شعر: عالم عباس محمد نور
فلمّا وقفتُ أجادِلَهُمْ بالزَّبورِ التي بينهم، حذّروني، وهاجوا وماجوا، ومن بعد ما خَلَصُوا في الحديثِ نَجِيّاً، ركبوا رأسهم، ثم عاجوا فقالوا: "لنا دينُنا"!!
قلتُ: "لي دين"ِ
قالوا: "صبَأْتَ"، وقالوا:" خَسِئْتَ"، وقالوا وقالوا.
فقلت لهم: " قد كَذَبْتُمْ على الله"! قالوا: " ومن أنْتَ حتى تُحدّثُنا عنهُ؟"
عندئذٍ، شلَّني الرعبُ حين هوى فوق رأسي السؤالْ !
فلمّا أفَقْتُ، إذا هُمْ يقولون: "إنّا اخترَعْناهُ، هذا الذي هِمْتَ في حبِّه عاكِفاً، وإنّا صنعْناهُ من حُلْيِنا وهوانا، وأنّا ابْتَدعْناهُ، فَهْوَ لنا دونكم" !
قُلْتُ : "مهلاً، إذَنْ قد كَفَرْتُم"!ْ
فقالوا: " فنحْنُ الذين نُكَفِّرُ لا أنْتَ، نحنُ لدينا الكتابُ وأمُّ الكتاب
نُصوصُ القداسةِ صُغْنا عباراتها سُوَراً، وضربنا عليها الحجاب !
واحْتَكَمْنا لآياتِها كي نسُودَ عليكم، فنجْعَلُكم تحت أقدامنا، ثُمَّ نحنُ احْتَكَرْنا تفاصيلَها، فَنُفَسِّرَ كيف نشاء. فإنْ ما تناقَضَ الآنَ بعضُ الذي لا نُريدْ،
وما قدْ أردْنا،
نسَخْنَا، وصًغْنا الذي نشْتَهِي من جديد !
وأنَّا لَنُنْقِصُ في مّتْنِهِ ما نشاءُ، وأنّا نُزيد"!
"ثُمَّ منْ أنْتَ حتّى تُنازعَنا أمرنا، وما أنتَ منّا، ولا من قريشٍ، ولا مِن تَميم،
ولاَ في القريتينِ عظيم"!
وهَبُّوا غِضاباً إلى السيفِ، قالوا: "وما أنْتَ، ما أنْتَ؟ "
إنّما أنتَ ذَيْلٌ لنا، كلْبُنا قابِعٌ بالوصيد"!
قلتُ: "افْتَريْتُم على الله"!
قالوا: " افْتَريْنا، فماذا إذن! ألهذا أتيتَ تجادلُنا كيْ تسودَ وأنتَ الحقودُ الحسود؟
نحن نسلُ ثمود، ونحنُ أحبّاءُ هذا الإلهِ وأبناؤهُ نحن، قبل اليهود"!
غير أني طفِقْتُ أجادلُهم بالتي هيَ أحْسَنُ حتى أساءوا،
فقلْتُ "اجْعلوا ما لقيْصَر يمْضي لقيصر،
وما كان للهِ، لله، عَلَّ الذي بيننا اثْنانِ: دُنْيا ودينْ،
فَيَتّضِحُ الفَرْقُ، كي يَسْهُلَ الرّتْقُ، في ثوبِ هذا النِّزاع العقيم"!
فما قُلْتُ ذلك حتى انْبَرَوا، آخذينَ خناقي،
فشدّوا وَثاقي، وكانوا يقولون:
!" نحنُ الذين تنادَوا، ومَنْ "قيصرُوا" اللهَ نحنُ، ونحنُ نُؤلِّه قيصرَ كيف نشاءُ وأكثر
فما كان لله يمضي لقيصر!
حَكَمْنا.
وإنّا ، على ما نشاءُ تصير الأمور"!
فقُلْتُ: " ولكنكم تزعمون بأنّا سواءً، ولا فضْلَ إلاَّ بتقوى"؟
فقالوا: " صدقْتَ، فأنتم سواءٌ، ونحن سواءٌ، وشتّانَ بين السوائين"!
قُلْتُ: " فقد كان يجْمَعُنا الدينُ".
قالوا: " لقد كان، فالآنَ فرَّقنا الدينُ"!
قلتُ: " فهذا أوان الفراقِ إذنْ؟
فليكُنْ!
فماذا فعلتم بهذا الوطن؟
وهذا البِناءُ، وضعنا مداميكَه، والأساس معاً.
وما زال في الوُسْعِ تشييده شامِخاً،
كما قد بدأنا، ولكن معاً!
صحيحٌ،على كتفنا كان عبءُ البناءِ الكبير.
والدماءُ التي تتَدَفَّقُ في ساحة الحربِ، كانت دمانا،
ولا بأسَ أن كانَ أغلبنا في الضَّحايا،
وقود المعارك، والجند، والهالكين!
ويوم حملْتُم لواءَ القيادة، ما نازع النّفْسَ شكٌّ يمسُّ جدارتَكم حولها،
يوم ذاك، إذا كان حقاً يقال !
وقد كان ما بيننا الدينُ، والشرْعُ،
صدقُ المقالِ،وحُسْنُ الفِعالِ، ونُبْلُ الخِصال.
والعدلُ كان هو الفيصلُ الحقُّ، والحَكَمُ القسطُ، يوم النِّزال !
فما بالكم هؤلاء نكَصْتُمْ،
وآثَرْتُم الظلمَ، والحَيْفَ، جُرْتم؟
ما عقَدْتُمْ، نَقَضْتُمْ
ما رَتَقْتُم، فَتَقْتُمْ !
وها ما بنيْتُم هدمْتُمْ، وما زِلْتُمُ تفعلون !!:
بَني أُمَّ،
هذه الأرضُ، كتفاً بكتفٍ،
وكفّاً بكَفٍّ، شقَقْنا ثَراها، لنصنَعَ هذا الوطنْ.
سقَيْنا عُروقَ الرِّمالِ العَرَقْ،
سكبْنا الدموعَ، ليالي الأرَقْ !
صَبَغْنا النّجوعَ النَّجيعَ،
وسالت دمانا على كلِّ شقٍ، نشُقُّ الطُّرقْ،
فَكُنّا بنيها بِحقّْ!
فها أيْنَعَتْ،
وحان القِطافْ،
فما بالكم تفْترون علينا، وعن حقنا تمنعونا،
ونُمنَعَ حتى الكفاف؟
ونعطَشُ و النيلُ جارٍ لديكم،
وأنتم ترونا ظِماءً نموتُ، بقُرْب الضِّفاف!
ففيمَ نخافُ، وكيف نخافُ، وممَّ نخافْ؟
هو الظلمُ نخشى، وحَيْفَ القريبِ،
ونعجب كيف يرقُّ الغريبُ ويقسو الحبيب؟
سهِرنا عليكم زماناً،
وما ضَرَّنا لو تناموا ونصحو!
وقفنا الهجيرَ، نُظَللُّكم كي تسوسوا،
وذقْنا المراراتِ، كي تنعُموا بالعَسَلْ.
رعيناكمُ في المُقَلْ.
فكيف بني أُمَّ هُنَّا عليكم فأقصيتمونا،
وآذيتمونا،
فما بالكم تكْفرونَ العشير؟
وبالأمس كُنّا لكم إخوةً، قبل هذي الفِتَنْ!
وكنتم زعمْتُم أبانا أباكم،
ومن ثديِ أمٍّ رضعْنا،
نذرنا نموتُ وفاءً لهذا التُرابْ!
لماذا عبثتُم بأحلامنا
فغَدَتْ في السراب؟
لِمَ الآنَ صِرْتُم علينا؟
وصار لكم انتماءٌ جديدٌ،وعِرْقٌ، وسِنْخٌ،
سِوى ما عهِدْنا؟
أَلسْنا أتينا، كما النيل أزرقُ،
جئتُمْ، كما النيل أبيضُ،
ثُمّ التقيْنا على مَقْرَنٍ بَيِّنٍ،
وامتزاجٍ أصيل؟
ألسْنا مضيْنا معاً، نَهَراً واحداً،
واكتَسَبْنا معاً لوننا النيلَ،
هذا الجميلُ الذي لا شبيهَ لهُ غيرُهُ،
ذاتُه فيهِ،
نيلٌ ولا يُشْبهَ النيلَ،
ماءٌ وليس بماءْ!
فكيف تريدونه يَتَحَدَّرُ عكسَ المَصَبِّ،
وأنْ يتَفرَّقَ أزرقَ، أبيضَ،
كيف تريدون للدم أنْ يتنكرَ من حمرتهْ،
فيصبح ماءً، مجرّد ماء!
ويستبدل الطينُ من سُمرتهْ،
فيغدو هباءً،
وأن يتعَرَّى،
ويستَشْعرَ العارَ في سُمرَتهْ؟
أتسمحُ كيف بهذا الهُراء!
وأيُّ الغرورُ اعتراكَ،
فصِرْتَ كما الثورُ في هيجتهْ،
صرتَ تُحطِّمُ تلك العلائقَ،
تُشعِلُ فينا الحرائقَ، تفتننا،
وتفرّق بين الخليل وبين الخليل.
آ الآن تطلب مني أدافعُ عنكَ،
أصُدُّ الغُزاةَ وأفنى لتبقى!
وها أنت كالسوس تنْخرُ في سامقات الشجر؟
ودأبكَ الدهْرَ تمضي،
تقَتِّلُ فينا، وتذبحُ منا،
وتسحلُ، تنهبُ، تسبي وتهتِكُ عِرْضَ أخيك!
آ الآن صرْتُ ابنَ شدّاد،
والأمسَ كنتَ تعيّرني باسم أمي،
فتصرخُ يا ابن زبيبةْ)!
آ الآن يا عَبْسُ، صرتم تنادوا عليَّ،
وقد كنتُ أُطْرَدُ، تُلْقى عليّ َفتاتَ الموائدْ!
أما زلتُمُ آلُ عبْسٍ تظنون أن العصا
والقيودَ تُطوِّعني لأُواجِهَ أعداءكم،
فَأَكِرَّ عليهم، كما تشتهون؟
بَنِي أُمَّ، لا.
واجهوا من دعوتم،
بأقوالكم، وبأفعالكم، وأكاذيبكم،
فهذا حصاد الذي تزرعون!
وإني ليعجبني أن تذوقوا من السم ما تطبخون،
وأن تصطلوا بالجحيم التي توقدون!
فإنْ كان لابد أن اتْبَعَكْ!
فسأمضي معك!
وأرقُبُ كيف تسير إلى مصرعكْ،
وأشْمَتُ فيك، إذا حاصروك، وساقوك قسْراً،
إلى حيثُ يُقْضَى عليك،
ومن خاض تلك الخطايا معك،
إلى مضجعك!
وأرصد كيف التكبُّرُ والعنجهيّة والغطرسةْ،
وكل الضّغائنِ والحقدِ، تلك التي وسمَتْ عهدكم،
والهوان الذي سُمْتُمونا،
ومُرَّ المآسي ونار الكوارث،
ثُمّ نرى، كيف تُسْقَوْنَ منها، جزاءً وفاقا،
وكأساً بكأسٍ،
وقسطاً بقسطٍ،
وعدلاً بعدل!
كُنَّا لكم شجراً في الهجير،
فكنتم فؤوساً!
وكُنّا لكم حضن أمٍّ رءومٍ،
فلمّا ملكتُم قطعتُمْ رؤوسا،
رعيناكُمُ صبْيَةً،
ثُمَّ لما شَبَبْتُم عن الطوقِ،
كبَّلْتمونا!
وكُنّا نجوع لنطعِمَكم،
فلمّا بشمْتُم، بصَقْتُم علينا.
قُضِيَ الأمرُ،
لاتَ مناص، فليس بِوُسْعِ أَحَدْ،
أنْ يُعيدَ الحليبَ إلى الضرْعِ،
بعد الخروج!
ولا أنْ يُعيدَ الجنينَ إلى رَحِمِ الأمِّ،
ليس بوُسْع أحد،
أن يُعيد الرصاص إلى فوَّهات البنادق،
ما من أحد،
يعيدُ السهامَ التي انطلَقَتْ،
بعد نبْضِ القسيِّ،
وإن أخطِأِتْ قَصْدَها، أو أَصابَتْ!
وهل مِنْ أحدْ،
يستعيد الحياة لمن قد قتلْتُم،
وأحرقْتُمُ ودفنتُمْ؟
انتهى للأبد،
فليس بوُسع أحدْ،
بعد جُرْحِ الكلام،
أن يعيدَ لنا الابتسام.
كذبتُم، وخُنتم، وما زلتُمُ تكذبون!
جرحتُمْ،
وأوغَلْتُمُ في الجراح، فليس بوسْع أحد،
أن يُعلِّمَنا كيف ننْسى!
غفرنا، وقد نغفر الآن،
أمّا لننْسى، فهذا محالٌ،
!!- فيا للأسى- ليس ننسى
وَجَبَ الآن أن نتوقّفَ حتى تَرَوا،
أيَّ جُرْمٍ جرمْتُم،
وما تُجْرِمون!
وكيف اسْتَلَلْتُمْ سكاكينَكم، في برودٍ مخيفٍ،
تحُزّوُنَ أوصال هذا الوطنْ !ْ
تفنَّنْتُمُ في البشاعة والموبقات،
وصِرْتُم تُديرون فَنَّ الفظائعِ، بالحَمْدِ والبَسْمَلَةْ!
تأكلون الحرام،
تُحِلُّون مال اليتيم، وتغتصبون،
كما تسفكون الدماء، وما فوق ذلك،
بالحمد والبسملة!
وبالهمْهَماتِ، وبالتمْتَماتِ،
وبالسَّبْحَلاتِ، وبالحَوْقَلةْ!
أيُّ شعْبٍ تظنُّونه غارِقاً في البَلّهْ!
أيُّ ربٍّ تخونون،
مَنْ تخدعون؟
وأيَّ إلَهٍ تظنُّونَه غافِلا!.
قُضِيَ الأمْرُ،
حلَّ عِقابُ الإله الصمد!
فليس بوُسْع أحدْ،
أن يعلِّمَنا كيف ننسى!
أثرُ الفأس، في الرأس،
والدم ما زال طَلاًّ،
وما زِلْتُ مثلَ المُهَلْهِلِ، مثلَ أبي، صارخاً:
(لا صُلح حتى تردوا كليباً)!!
وينهضُ شيخٌ يثورُ على الحلْمِ، يُلقي زَكانَتَهُ جانِباً، ثُمَّ يمضي إلى السيف، بالرغم عنه، ويهذي:
( كل شيءٍ مصيره للزوال،/قد تجنّبْتُ وائلاً كي يفيقوا/، لا صلحَ حتى نملأُ البيد من رؤوس الرجال،/ أبى وائلٌ عليَّ اعتزالي/، ليس قولي يراد، لكن فعالي/شاب رأسي وأنكرتني العوالي/، طال ليلي على الليالي الطوال/، لم أكن من جناتها، علم الله وإني بحرِّها اليوم صال)!
قصيدة الحارث بن عباد بعد قتل حفيده بجير
كُـلُّ شَـيءٍ مَصـيـرُهُ لِلـزَّوالِ
غَيـرَ رَبِّـي وَصالِـحِ الأَعمـالِ
وَتَـرَى النَّـاسَ يَنظُـرونَ جَميعـاً
لَيسَ فيهِم لِـذاكَ بَعـضُ احتِيـالِ
قُـل لأُمِّ الأَغَـرِّ تَبكِـي بُجَيـراً
حيـلَ بَيـنَ الرِّجـالِ وَالأَمـوالِ
وَلَعَمـري لأَبكِـيَـنَّ بُجَـيـراً
مَا أَتَى المَـاءُ مِـن رُؤوسِ الجِبـالِ
لَهفَ نَفسي عَلـى بُجَيـرٍ إِذا مَـا
جالَتِ الخَيلُ يَومَ حَـربٍ عُضـالِ
وَتَسَاقَـى الكُمـاةُ سُمّـاً نَفيعـاً
وَبَدَا البِيضُ مِـن قِبـابِ الحِجـالِ
وَسَعَت كُلُّ حُـرَّةِ الوَجـهِ تَدعُـو
يَـا لِبَكـرٍ غَـرَّاءَ كَالتِّـمـثـالِ
يَا بُجَيرَ الخَيـراتِ لاصلـحَ حَتَّـى
نَملأَ البِيـدَ مِـن رُؤوسِ الرِّجـالِ
وَتَقَـرَّ العُيـونُ بَـعـدَ بُكَـاهَـا
حِينَ تَسقِي الدِّمَا صُـدُورَ العَوالِـي
أَصبَحَت وائِلٌ تَعِـجُّ مِـنَ الحَـربِ
عَـجـيـجَ الجِمـالِ بِالأَثـقَـالِ
لَم أَكُـن مِـن جُناتِهـا عَلِـمَ اللهُ
وَإِنِّـي لِحَـرِّهـا اليَـومَ صـالِ
قَد تَجَنَّبـتُ وائِـلاً كَـي يُفيقـوا
فَأَبَـت تَغلِـبٌ عَلَـيَّ اعتِـزالِـي
وَأَشـابـوا ذُؤابَـتِـي ببُجَـيـرٍ
قَتَـلـوهُ ظُلمـاً بِغَيـرِ قِـتـالِ
قَتَـلـوهُ بِشِسـعِ نَعـلٍ كُلَيـبٍ
إِنَّ قَتلَ الكَريـمِ بِالشِّسـعِ غـالِ
يَا بَنِي تَغلِبَ خُـذوا الحِـذرَ إِنَّـا
قَد شَرِبنَـا بِكَـأسِ مَـوتٍ زُلالِ
يَـا بَنِـي تَغلِـبٍ قَتَلتُـم قَتِيـلاً
مَا سَمِعنـا بِمِثلِـهِ فِـي الخَوالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لَقِحَت حَربُ وَائِـلٍ عَـن حِيـالِ
قَـرِّباهَـا في مُقَربَاتٍ عِجَالِ
عَابِسَاتٍ يَثبنَ وثبَ السَّعالي
لم أكُن مِن جُنَاتِها عَلِمَ اللَّهُ
وإنِّي بِحرِّهَا اليَومَ صَالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لَيسَ قَولِـي يـرادُ لَكِـن فعالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
جَـدَّ نَـوحُ النِّسـاءِ بِالإِعـوالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
شَابَ رَأسِي وَأَنكَرَتنِـي القَوالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لِلـسُّـرَى وَالـغُـدُوِّ وَالآصَـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
طَالَ لَيلِـي عَلَى اللَّيالِـي الطِّـوالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لاِعتِـنـاقِ الأَبطَـالِ بِالأَبطَـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
وَاعـدِلا عَـن مَقالَـةِ الجُـهَّـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لَيسَ قَلبِـي عَـنِ القِتَـالِ بِسَـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
كُلَّما هَبَّ ريـحُ ذَيـلِ الشَّمـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لِبَـجَـيـرٍ مُفَـكِّـكِ الأَغـلالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لِكَـريـمٍ مُـتَـوَّجٍ بِالجَـمـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لا نَبيـعُ الرِّجـالَ بَيـعَ النِّعـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي
لِبُجَيـرٍ فـداهُ عَمِّـي وَخَـالِـي
قَـرِّباهَـا لِحَـيِّ تَغلِـبَ شوسـاً
لاِعتِنـاقِ الكُمَـاةِ يَـومَ القِتَـالِ
قَـرِّباهَـا وَقَرِّبـا لأمَتِـي دِرعـاً
دِلاصـاً تَـرُدُّ حَـدَّ الـنِّـبـالِ
قَـرِّباهَـا بِمُـرهَفـاتٍ حِـدادٍ
لِقِـراعِ الأَبطَـالِ يَـومَ النِّـزالِ
رُبَّ جَيشٍ لَقيتُـهُ يَمطُـرُ المَـوتَ
عَلـى هَيكَـلٍ خَفيـفِ الجِـلالِ
سَائِلـوا كِنـدَةَ الكِـرامَ وَبَكـراً
وَاسأَلوا مَذحِجـاً وَحَـيِّ هِـلالِ
إِذَا أَتَـونـا بِعَسكَـرٍ ذِي زُهـاءٍ
مُكفَهِـرِّ الأَذَى شَديـدِ المَصَـالِ
فَـقَـرَينـاهُ حِيـنَ رَامَ قِـرَانـا
كُلَّ مَاضِي الذُّبابِ عَضبِ الصِّقَـالِ
فرد عليه الزير في قصيده الذي تشابه مع قصيد الحارث، وخاصة بيت يعد من أفصح الأبيات التي قالها العرب، ألا وهو: لم أكن من جناتها علم اللــ**ه وإن لحرها اليوم صال
هَل عَرَفتَ الغَـداةَ مِـن أَطـلالِ
رَهـنِ ريـحٍ وَديْمَـةٍ مِهطـالِ
يَستَبيـنُ الحَليـمُ فِيهـا رُسومـاً
دارِسـاتٍ كَصَنعَـةِ العُـمَّـالِ
قَد رَآها وَأَهلُـها أَهـلُ صِـدقٍ
لا يُـريـدونَ نِـيَّـةَ الإِرتِحـالِ
يا لَقَـومـي لِلَـوعَـةِ البَلبـالِ
وَلِقَـتـلِ الكُمـاةِ وَالأَبـطـالِ
وَلِعَيـنٍ تَبـادَرَ الـدَّمـعُ مِنهَـا
لِكُلَيـبٍ إِذ فاقَهـا بِانْهِـمـالِ
لِكُلَيـبٍ إِذ الـرِّيـاحُ عَلَـيـهِ
ناسِفـاتُ التُّـرابِ بِـالأَذيـالِ
إِنَّنِـي زائِـرٌ جُمـوعـاً لِبَكـرٍ
بَيهَهُـم حـارِثٌ يُريـدُ نِضالِـي
قَد شَفَيتُ الغَليـلَ مِن آلِ بَكـرٍ
آلِ شَيبـانَ بَيـنَ عَـمٍّ وَخـالِ
كَيفَ صَبري وَقَد قَتَلتُـم كُلَيبـاً
وَشَقيتُـم بِقَتلِـهِ فِـي الخَوالِـي
فَلَعَمـرِي لأَقـتُـلَـن بِكُلَيـبٍ
كُلَّ قَيلٍ يُسمَـى مِـنَ الأَقيـالِ
وَلَعَمري لَقَد وَطِئتُ بَنِـي بَكـرٍ
بِمـا قَـد جَنَـوهُ وَطءَ النِّعـالِ
لَـم أَدَع غَيـرَ أَكلُـبٍ وَنِسـاءٍ
وَإِمـاءٍ حَـواطِـبٍ وَعِـيـالِ
فَاشرَبـوا مـا وَرَدتُّـمُ الآنَ مِنَّـا
وَاصدِروا خاسِرينَ عَن شَرِّ حَـالِ
زَعَمَ القَـومُ أَنَّنـا جـارُ سـوءٍ
كَذَبَ القَومُ عِندَنـا فِـي المَقـالِ
لَم يَرَ النَّـاسُ مِثلَنـا يَـومَ سِرنـا
نَسلُبُ المُـلكَ بِالرِّمـاحِ الطِّـوالِ
يَومَ سِرنـا إِلَـى قَبائِـلَ عَـوفٍ
بِجُمـوعٍ زُهـاؤوهـا كَالجِبـالِ
بَينَهُم مـالِكٌ وَعَمـرٌو وَعَـوفٌ
وَعُقَيـلٌ وَصالِـحُ بـنُ هِـلالِ
لَم يَقُم سَيـفُ حـارِثٍ بِقِتـالٍ
أَسلَـمَ الوالِـداتِ فِـي الأَثقـالِ
صَـدَقَ الجَـارُ إِنَّنـا قَـد قَتَلنـا
بِقِبـالِ النِّعـالِ رَهـطَ الرِّجـالِ
لا تَمَـلَّ القِتـالَ يَا ابـنَ عَبـادٍ
صَبِّرِ النَّفـسَ إِنَّنِـي غَيـرُ سَـالِ
يا خَليلَـيَّ قَـرِّبـا اليَـومَ مِنِّـي
كُـلَّ وَردٍ وَأَدهَــمٍ صَـهَّـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
لِكُلَيـب الَّـذِي أَشَـابَ قَذالِـي
قـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
وَاسأَلانِـي وَلا تُطيـلا سُؤَالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
سَوفَ تَبدو لَنـا ذَواتُ الحِجـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
إِنَّ قَـولِـي مُطـابِـقٌ لِفِعالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
لِكُلَيـبٍ فَـداهُ عَمِّـي وَخالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
لاِعتِنـاقِ الكُمَـاةِ وَالأَبـطـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
سَوفَ أُصلِـي نِيـرانَ آلِ بِـلالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
إِن تَلاقَـت رِجالُهُـم وَرِجالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
طَالَ لَيلِـي وَأَقصَـرَت عُذَّالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
يَا لَبَكرٍ وَأَيـنَ مِنكُـم وِصَالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
لِنـضَـالٍ إِذَا أَرَادُوا نِضَـالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
لِقَتيـلٍ سَفَتـهُ ريـحُ الشَّمـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
مَـعَ رُمـحٍ مُثَـقَّـفٍ عَسَّـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي
قَـرِّبـاهُ وَقَـرِّبـا سِربَـالِـي
ثُمَّ قُـولاَ لِكُـلِّ كَهـلٍ وَنـاشٍ
مِن بَنِي بَكـرٍ جَـرِّدُوا لِلقِتـالِ
قَـد مَلَكناكُـمُ فَكونـوا عَبيـداً
مَا لَكُم عَن مِلاكِنا مِـن مَجَـالِ
وَخُذوا حِذرَكُم وَشُدّوا وَجِـدُّوا
وَاصبِـرُوا لِلنِّـزالِ بَعـدَ النِّـزالِ
فَلَقَد أَصبَحَـت جَمائِـعُ بَكـرٍ
مثلَ عَادٍ إِذ مُزِّقَت فِـي الرِّمَـالِ
يَا كُلَيبـاً أَجِـب لِـدعـوَةِ دَاعٍ
موجَـعِ القَلـبِ دائِـمِ البَلبَـالِ
فَلَقَد كُنتَ غَيـرَ نِكـسٍ لَـدَى
البَـأسِ وَلا واهِـنٍ وَلا مِكسَـالِ
قَد ذَبَحنَا الأَطفالَ مِـن آلِ بَكـرٍ
وَقَهَـرنَـا كُماتَهُـم بِالنِّضـالِ
وَكَرَّرنَـا عَلَيهِـمِ وَانثَنَـيـنـا
بِسُيـوفٍ تَقُـدُّ فِـي الأَوصَـالِ
أَسلَموا كُلَّ ذَاتِ بَعـلٍ وَأُخـرَى
ذَاتَ خِدرٍ غَـرَّاءَ مِثـلَ الهِـلالِ
يَا لَبَكـرٍ فَأَوعِـدوا مَـا أَرَدتُّـم
وَاستَطَعتُم فَمَـا لِـذَا مِـن زَوَالِ
فلما حان يوم خزازا أي يوم العزاء يوم الحرب، ركب الحارث على ظهر الناقة وحمل معه الصافح الردينيي الطويل واتجها للحرب، بعد أن أنهك الزير ورجاله طيلة اليوم يلهيهم رجال بني بكر حتى يحكموا المكيدة التي أعدها له ولرجاله، وكانت تلك آخر معركة خاضها الزير فخسر فيها إذ أسقطه الحارث الرجل الشيخ الحكيم القوي، الذي لقوته وحكمته لقب بالجن
من على ظهر المشهر الجون الوقاح الذي أهذاه له قائد الشعراء امرء القيس بن حجر -قائـد الشعراء وحمال لوء جهنم كما قال عنه سيد الورى صلوات ربي عليه-
فكانت خاتمة الزير السيح في البيداء حتى تاه وأسبي على يدي قائد المعركة فشرع في تعذيبه وضربه بالهراوة ومنعه من الشرب حتى يرديه كالهيم الواردات، وانتقم منه الزير في قصيدة مشهورة مطلعها طفلة ما بنت المجلل طبعا غازل زوجته إبنت المجلل الثغلبي وجعله يشك في صدق زوجته وشعوره بالخيانة تجاها، وفرّ الزير من الأسر قاصدا إبن أخيه الهجرس بن كليب عله يعيد قائمة الحرب فأبى الهجرس إعادة الحرب ليحقن دماء قومه،فرحل مهلهل ثغلب وبرفقته عبدان مضمران فقتلوه في الفلاة فكان ذاك حتفه بعد أن قال بتين آخيرين له
ألآ من مبلغ الحيين أن زيرا أضحى في الفلاة مجندلا
خدورة أم بشق- مشرف منتدى الشعر
رد: أوراق سرية من وقائع ما بعد حرب البسوس (كما كشفها حفيد المُهَلْهِلُ بن ربيعة)
فماذا فعلتم بهذا الوطن؟
وهذا البِناءُ، وضعنا مداميكَه، والأساس معاً.
وما زال في الوُسْعِ تشييده شامِخاً،
كما قد بدأنا، ولكن معاً!
صحيحٌ،على كتفنا كان عبءُ البناءِ الكبير.
والدماءُ التي تتَدَفَّقُ في ساحة الحربِ، كانت دمانا،
ولا بأسَ أن كانَ أغلبنا في الضَّحايا،
وقود المعارك، والجند، والهالكين!
ويوم حملْتُم لواءَ القيادة، ما نازع النّفْسَ شكٌّ يمسُّ جدارتَكم حولها،
يوم ذاك، إذا كان حقاً يقال !
وقد كان ما بيننا الدينُ، والشرْعُ،
صدقُ المقالِ،وحُسْنُ الفِعالِ، ونُبْلُ الخِصال.
والعدلُ كان هو الفيصلُ الحقُّ، والحَكَمُ القسطُ، يوم النِّزال !
فما بالكم هؤلاء نكَصْتُمْ،
وآثَرْتُم الظلمَ، والحَيْفَ، جُرْتم؟
ما عقَدْتُمْ، نَقَضْتُمْ
ما رَتَقْتُم، فَتَقْتُمْ !
وها ما بنيْتُم هدمْتُمْ، وما زِلْتُمُ تفعلون !!:
عالم عباس محمد نور تكفيه تلكم الافادات التى تؤكد خلو شعر عالم عباس من اى عيوب لغوية فهو شاعر مترامى الاركان
لك و له التحية استاذنا الفضل و بالفعل كانت ليلة غاية الروعة
فيصل خليل حتيلة- مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
مواضيع مماثلة
» عن القلم وما ينتجه من الم
» اخبار الفن والفنانين
» وقائع تشيب لها رؤوس الولدان ... ؟؟
» قلَّ في شَطِّ نَهْرَوَانَ اغْتِمَاضِي.... وَدَعَانِي هَوَى العُيُونِ الْمِرَاضِ ...ضاديات العرب
» زياده في معلوماتك...بالصور: غرف نوم سرية حيث تنام المضيفات على الرحلات الطويلة
» اخبار الفن والفنانين
» وقائع تشيب لها رؤوس الولدان ... ؟؟
» قلَّ في شَطِّ نَهْرَوَانَ اغْتِمَاضِي.... وَدَعَانِي هَوَى العُيُونِ الْمِرَاضِ ...ضاديات العرب
» زياده في معلوماتك...بالصور: غرف نوم سرية حيث تنام المضيفات على الرحلات الطويلة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى