ابوجبيهه


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ابوجبيهه
ابوجبيهه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجنقو مسامير الأرض.. طلحة جبريل

5 مشترك

اذهب الى الأسفل

الجنقو مسامير الأرض..  طلحة جبريل Empty الجنقو مسامير الأرض.. طلحة جبريل

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 5th سبتمبر 2010, 15:45

الجنقو مسامير الأرض.. قضارف ربك عارف

طلحة جبريل

أقر من السطر الأول، بأني لم أسمع بهذا الكاتب من قبل. كاتب نشر داخل وخارج السودان، لكن لم أقرأ له عملاً واحداً.
تلقيت روايته المنشورة على الانترنيت، ووضعتها جانباً حتى يحين وقتها. هذا يحدث مع الكثير من الكتب بسبب مشاغل الحياة وتفاصيلها التي لا تهدأ. ذات يوم من ايام هذا الشهر الفضيل وجدت نفسي انتظر في عيادة طبيب. زيارة عيادات الأطباء من الزيارات التي نتعمد تأجيلها. طبعت رواية “ الجنقو مسامير الأرض” وقلت لعلها فرصة لتصفح هذا العمل، في انتظار نصائح الطبيب التي نادراً ما أمتثل لها. هذا حالي وابنتي طبيبة، ترى كيف حال الآخرون.
بدأت الصفحة الأولى، لكن لم اتوقف. الى حد أني طلبت تأجيل الموعد، وغادرت العيادة. قرأت الرواية التي كتبت في 184 صفحة ، من صفحات الطابعة دفعة واحدة. لم أتوقف.
نقلتني الرواية الى بيئة لا أعرف عنها شيئاً، والى مشاهد وصور، كتبت بعناية شديد، في بناء روائي متماسك، وبلغة صاعدة وهابطة. تصعد الى قمم باسقة عندما يحاول الكاتب سبر أغوار النفس البشرية، خاصة أن شخوصه من اولئك الذي طحنتهم الحياة وظروفها والزمن وتصاريفه الصعبة. وتهبط لتنقل على لسان شخوصها مفردات عامية كنت أجد صعوبة في بعض الأحيان فهمها. أدركت وقتها أن “لهجتي” هي لهجة منطقة، لا علاقة لها بلهجات مع باقي هذا البلد المترامي الأطراف. بهرتني الصور، وبراعة التصوير التي يعتمدها الكاتب لينقلك الى مناطق شرق السودان، الى مدينة القضارف على وجه التحديد.
ذات مرة ، ذات يوم ، ذات زمن. كنت رافقت والدي سائق القندران الى القضارف. ما زلت أتذكر، ان الحمالين (العتالة) الذين كانوا ينقلون جوالات الذرة، الى سطح القندران والترلة، كانوا يرددون أهازيج لها رنين. كنت أفهم بعض الكلمات وتضيع مني كلمات أخرى. لكن جملة من تلك التي كان يرددها اولئك الرجال الذين صلت أجسادهم شمس السودان الحارقة، كانوا يقولون “ قضارف وربك عارف”، بقيت تلك الجملة عالقة في ذهني لا أعرف حتى يوم الناس هذا، ماذا تعني.
أول ما لفت انتباهي في الرواية اسمها. ترى ماذا تعني كلمة “ الجنقو”. ومن حسن الحظ ان الكاتب وفي بداية الرواية شرح معنى هذا الكلمة التي استهوتني. فهمت ان “ الجنقو” هم عمال زراعيين يأتون من الفاشر ونيالا ، الى مناطق شرق السودان، حيث يعملون في حقول الزراعة المطرية. وتتبدل اسماؤهم مع تبدل الفصول ومواسم الزراعة. هم في صيغة المفرد “ جنقو” أو “جنقوجوراي”.
هؤلاء المطحونون، يأتون من دارفور ، للعمل في حقول الذرة والسمسم، في القضارف أو بلدات أخرى على الحدود السودانية الاثيوبية، على أمل ان يعودوا يوماً الى قراهم ومداشرهم يحملون “مالاً” ، لكنهم يبقون في مناطق النزوح ، يبددون ما يكسبونه في النهارات القائظة، في ليالي المتع الرخيصة. وتستمر حياتهم بهذا الايقاع، ولا يعودن ابداً الى قراهم.
تبدأ الرواية بصورة صادمة. يقول لنا الكاتب إن “ ود أمونة” طفل وجد نفسها داخل السجن، لان حكماً صدر بالسجن ضد امه، واضطر الصبي الصغير الذي كان في التاسعة من عمره أن يمضي عقوبة السجن معها ، لأن لا أحد يمكن أن يتكفل به خارج اسواره. وهو سجن واي سجن. سنعرف ذلك من المشاهد المتداخلة التي نقلها لنا الكاتب، على لسان شخصياته التي هدته مصاعب الحياة، أو على لسان الرواي في بعض الأحيان.
تبدأ الرواية بفقرة يلقيها علينا الكاتب بغتة، يقول “ هذا ما تحصلت عليه من عدة حكاة ورواة، من بينهم حبيبتي ألم قشي (فتاة اثيوبية) والأم (أي أمونة)، مختار علي،الصافية، ود أمونة نفسه، مع بعض التدخل وقليل من التأويل والتحوير والالتفاف والتقويم والإفساد احياناً، لحكاية ود أمونة في السجن.
هكذا تنطلق الرواية.
نحن ومنذ البداية امام مأساة انسانية، طفل في السجن لأن لأ احد يمكن ان يرعاه خارج أسواره. طفل يجد نفسه وسط نساء منحرفات، جاهلات، شريرات احياناً، وبعضهن في السجن لانهن ارتكبن جرائم، بسبب الفقر المدقع، بل قل الإملاق.
يتأقلم الطفل مع هذه البيئة التي تجسد كل التشوهات المجتمعية. عندما يسير في دروب الحياة، يجد نفسه وقد تحول الى شخص غامض. لا هو رجل وسط مجتمع الرجال، ولا هو منحرف مثل المنحرفين. رجل في منزلة بين المنزلتين.
يقول الرواي “بيني وبين نفسي قدرت أن ود أمونة ولد ما نافع، زول يشيل جسمه بالحلاوة، ويكرش رجله زي البنات بالحجر، وما معروف تاني بيعمل شنو” لكن أحدى شخصيات الرواية، امرأة تدعى “ أدي” ومن اسمها يبدو انها اثيوبية، تقول “ ود أمونة دا أرجل زول في الحلة”.
ثمة لقطات يبثها الكاتب في ثنايا الرواية ، تؤكد تمكنه من ناصية الوصف. نقرأ مثلاً” الجو صحو والسماء زرقاء وصافية،كنا نجلس تحت الراكوبة الكبيرة أمام القطية، وهي اجمل الأمكنة للونسة وشرب القهوة، ولا أظن أن أول من أبتكر الراكوبة كان يعني بها شيئاً آخر غير الموانسة”.
او” استيقظنا مبكرين كعادة ناس البلد هنا، ينامون مع الدجاج ويستيقظون معه، ما عدا السكارى والعشاق يسهرون الى ما بعد منتصف الليل ويستيقظون مبكرين”.
ويصف منطقة القضارف قبل ان تتحول الى “ مدينة” فيقول “ كان البلد ما فيها غير المرافعين والقرود والحلوف والجنون، البلد كلها غابة كتر ولالوب ونبك”.
وفي مقطع آخر” الصافية دي فيها أنوثة مجنونة ، أنوثة وحشية، انوثة كلبة معوبلة”. او هذه الجملة “ الكلام عن النساء مثل اكل الموليتة، مر ، حارق ولكنه لذيذ”.
لكن اللغة احياناً، وربما لضرورات السرد والتصوير الدقيق للبيئة تتحول الى كلمات طلسمية، ربما لا يفهمها سوى أهل المنطقة او من خبر لغتها المحكية، مثلا هذه الجملة” شكرتنا الاثنين وتبعناها الى سوق الكجيك ، دفع لها ثمن رطلين من السمك الجاف الكجيك وكوم لكول، الفرندو وربع اللوبة البيضاء ، كراعات الشرموط ، لفتين المصران، وربع الكمبو” .
اعترف أنني لم افهم شيئاً. كل ما أدركته ان الكاتب يتحدث عن “مأكولات” البؤساء اولئك الذين نطلق عليهم في لغة السياسة” البرولتاريا الرثة”
لكن من هو صاحب رواية “ الجنقو..مسامير الأرض”، الرواية التي منعت من التداول، ربما بسبب ما يعتقد البعض انها جرعة زائدة من”الإباحية”.
متى كانت لغة “ الواقعية السحرية” في الأدب محتشمة؟.
سألت سليم عثمان القابع في قطر على أمل أن يعود الى “الوطن الحبيب اللعين” ، إذا كان يعرف شيئاً عن هذا الكاتب، احالني على رابط لاقرأ فيه، ان “ عبدالعزيز بركة ساكن” كاتب الرواية ، ولد بمدينة كسلا شرق السودان، من أصول تنتمي لإقليم دارفور، درس الجامعة بمدينة أسيوط ، يكتب الرواية و القصة القصيرة، ولديه من الأعمال الروائية : رواية “الطواحين” ورواية “رماد الماء “ ورواية “ زوج امرأة الرصاص وابنته الجميلة” ورواية “الجنقو مسامير الأرض” التي حازت على جائزة الطيب صالح للرواية في العام الماضي. مجموعة قصصية بعنوان على” هامش الأرصفة” ومجموعة اخرى بعنوان “امرأة من كمبو كديس” ومعظم هذه الأعمال ممنوعة من التداول.
ثم وجدت كذلك نصاً كتبه الكاتب نفسه يقول فيه” معظم كُتاب العالم الفقير ممتحنون، أما محنة الكاتب السوداني فهي الأعمق والأغور جُرحا، من جانب خلق المادة الفنية، ثم طباعتها ثم نشرها، ثم نقدها... دعنا نبدأ بمحنة التأليف، حيث تلعب اللغة دور الممتحن الأول، فاللغة التي يفكر بها الكاتبُ كما هو معروف هي لغة المخاطبة اليومية ولغة حياته الشخصية والعامة، أي لغة المكان و الزمان، وهذه اللغة في السودان هي العاميات السودانية المشتقة من اللغة العربية ولهجاتها وكثير من اللغات المحلية القبلية، و صلة الأديب السوداني باللغة العربية الفصحى في الغالب هي صلة تعلم مدرسي واحيانا صلة عمل، أقصد لغة مكاتبات وتدوين أو تدريس وصلة قراءة. وعندما يبدع كِتابيا، مطلوب منه أن يستخدم اللغة العربية الفصحى، أي اللغة التى لا يفكر بها، أي مطلوب منه أن يفكر بلغة ويكتب بأخرى، بالتالي يعاني ذلك المخاض التحويلي الهدمي البنائي، الذي يعمل على مستوى الصورة و الفكرة و الأحساس بالشيء. والمحنة الأخري، بعد أن ينجو ذلك الكاتب المسكين من براثن اللغة، ويكتب نصا، عليه أن يراعي شيئا غريباً جدا، وهو الأخلاق المُعْلنة على أنها الأخلاق الرسمية للدولة، وأعني بالمعلنة أنها المعلنة وليست بالضرورة أخلاق الشُعوب السودانية. ليس بالسودان كُتاب مارقين وليسوا مثل كافكا الذي يقول ذات نشوة» الكتابة مكافأة عذبة رائعة، لكن مكافأة على ماذا”؟
« الناشر الذي يقوم في الغالب بنشر أعمالي هو مكتبة الشريف الأكاديمية، لدي اتفاق غريب معه، وهو ان يعطني ثلاثين في المئة من الكتب التي يقوم بطباعتها، على أن أوزعها بطريقتي الخاصة. بالرغم من أنني حتى الآن لم اجن شيئا من الكتب التي اقوم بتوزيعها بنفسي في مدن وقرى السودان الظن العام في ان الكاتب يكتب تجاربه و مغامراته لا غير، وإلا من اين له بكل تلك الحكايات الضالة».
هذا ما كتبه الكاتب عن نفسه. كاتب من دارفور يكتب لنا عن تفاصيل حياة « الجنقو» في « قضارف ربك عارف».
شيء مدهش. هذا هو وطننا، بلد مدهش.
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجنقو مسامير الأرض..  طلحة جبريل Empty رد: الجنقو مسامير الأرض.. طلحة جبريل

مُساهمة من طرف خدورة أم بشق 5th سبتمبر 2010, 16:54

وموضوع ظريف ومدهش يحرض النفس على قراءة مااختطه هذا المغمور من قصص وروايات مع ضيق الوقت وايقاع الحياة المتسارع دوماً.
أين طلحة الآن يا أزهري آخر مرة شاهدته في بيت ناس كمال سابل بالرياض ومعه زوجته المغربية

خدورة أم بشق
مشرف منتدى الشعر
مشرف منتدى الشعر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجنقو مسامير الأرض..  طلحة جبريل Empty رد: الجنقو مسامير الأرض.. طلحة جبريل

مُساهمة من طرف الفاتح محمد التوم 5th سبتمبر 2010, 17:16

عبدالعزيز بركة ساكن الكاتب السوداني الذي وصفته الكاتبه العمانيه ليلى البلوشي بعد قراءة العديد من رواياته قائلة: ((هذا الذي حين تتأمل صورته ، لا يمكن أن تسقط عن ذاكرتك ابتسامته المضيئة وهي متواطئة بطريقة مدهشة مع حكاياته ، فلا تكاد تغوص في عوالمه القصصية حتى تستشعر بالابتسامة ذاتها تضيء عقلك بلذة لا تضاهى على حين غرة .. هو صاحب قصص وروايات عدة ، و روايته "الجنقو - مسامير الأرض" حازت مؤخرا على جائزة الطيب صالح الروائية في دورتها الأخيرة))
-------
كاتب إلتف حوله الكثيرون ,, ظاهره سودانية,,,يشاركه في ذلك جيل من الشباب ,,احترف الكتابة بهذه الطريقة المتفرده ..

الفاتح محمد التوم
مشرف المنتدى السياسى
مشرف المنتدى السياسى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجنقو مسامير الأرض..  طلحة جبريل Empty رد: الجنقو مسامير الأرض.. طلحة جبريل

مُساهمة من طرف nashi 5th سبتمبر 2010, 18:44

« الناشر الذي يقوم في الغالب بنشر أعمالي هو مكتبة الشريف الأكاديمية، لدي اتفاق غريب معه، وهو ان يعطني ثلاثين في المئة من الكتب التي يقوم بطباعتها، على أن أوزعها بطريقتي الخاصة. بالرغم من أنني حتى الآن لم اجن شيئا من الكتب التي اقوم بتوزيعها بنفسي في مدن وقرى السودان الظن العام في ان الكاتب يكتب تجاربه و مغامراته لا غير، وإلا من اين له بكل تلك الحكايات الضالة

ان تكون مبدعاً في بلد كالسودان سيكتب لك ان تعيش فقيرا معدماً متعباً منهكاً
nashi
nashi
مشرف المنتدى الرياضى
مشرف المنتدى الرياضى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجنقو مسامير الأرض..  طلحة جبريل Empty رد: الجنقو مسامير الأرض.. طلحة جبريل

مُساهمة من طرف أزهرى الحاج البشير 6th سبتمبر 2010, 09:37

طلحة الآن هو رئيس التحرير لجريدة الشرق الأوسط ومدير مكتبها بواشنطن ... ويتداخل ويراسل دائما محطة البي بي سي العربية وبعض القنوات الفضائية العربية
أزهرى الحاج البشير
أزهرى الحاج البشير
مشرف عام
مشرف عام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجنقو مسامير الأرض..  طلحة جبريل Empty حوار منقول

مُساهمة من طرف فيصل خليل حتيلة 6th سبتمبر 2010, 10:19




وعدتكم بمجموعة من الحوارات التي سبق أن أجريتها مع العديد من المثقفين السودانيين....وها أنا أفي بالوعد ,هذا هو الجزء الأول من الحوار مع الروائي والقاص عبدالعزيز بركة ساكن ...سبق أن نشر في بدايه العام السابق ....بصحيفة رأي الشعب ....وتحديداً في ملفها الثقافي حيث أعمل ...وسأقوم بنشر الجزء الآخر لاحقاً
الروائي والقاص بركة ساكن أصدر رواية ( الطواحين ) وله مجموعة قصصية بعنوان ( إمرأة من كمبو كديس ) وله رواية قيد الطبع بعنوان ( عرس الطين ) ....وظني أن أكثر من يحدثنا عن هذا الحوار الناقد صلاح النعمان فالكرة في ملعبك أيها الناقدالهمام
محبتي وودي للجميع
موسي حامد

++++++++++++++++++++++

- تري ماهي عتبات الكتابه الاولي عندك ,القراءات الاولي ,المحركات الاولي ثم انت في اكثر من موقع تفخر انك (ودمرا)............

تحدثت كثيرا في حوارات كثيرة عن اعتاب الكتابة الأولي، وذكرت كتبا و استاذين( الأستاذ عبد الباسط ياسين، و الأستاذ سعيد ابو بكر) ذكرت امكنة و شياطين ، ادجار الان بو، التفاحة و الجمجمة، جبران خليل جبران، و أخي حسن عبيد، و حكاية سميتها تحت النهر ، صبيات، اصدقاء، خشم القربه، القضارف و كمبو كديس، لذا سوف أحدثك هنا عن ود المرا.

اذا، طالما اريد الكلام عن ذلك،في مجتمع الفقراء، مثل الذي نشأت فيه،تقوم الأسرة علي كتف الأم، مريم ،زهرة ، ام الخير ، عشة، اخلاص، حجة آمنة، كلتوم، حسينة، فاطمة، كاكا،بت بشير،الزينة، ماريا،خميسة،أشول، هند، ام جمعة، علوية، او جارتنا كرارية.
انهن نساء فقيرات في الغالب غير متعلمات ولكنهن دائما غير جاهلات، يتمتعن بوعي اجتماعي كبير حاد و حاسم،رشيقات سريعات البديهة، لديهن مقدرة لا تحدها حدود في استشعار الخطر المتربص باسرهن الصغيرة الحبيبة ، من علي بعد سحيق،
يطعمن اطفالهن بكل السبل الممكنة و هي شريفة و عفيفة طالما كان الهدف شريفا و عفيفا وهو دائما ان يكبر أطفالهن: يبعن الشاي في الأسواق، يغسلن الملابس، يصنعن عرق البلح من الذرة،يفرشن البطيخ و الطماطم في سوق النوبة و السمك،يغنين في الحفلات ، يرقصن يدقن الدلوكة يعطين الشبال،يقطعن الطوب، يعملن في اكثار البذور، يبعن اصواتهن في الأنتخابات،يحتفين بعيد السمك، يزرعن ، يحصدن، يدرسن ، يدرن، يتمجلسن،يحتطبن،يبعن الكسرة، يعملن السبعة و زمتها لكي يكبر الأطفال الذين تترصدهم الحروب الأهلية و الحكومات الخربة الدكتاتورية و السياسيون الفجرة الكفرة حطب النار، فيزهقون ارواحههم،هن النساء الائي انا ولدهن: الجميلات النقيات الفقيرات الغنيات البسيطات الوفيات الفارهات العظيمات، هن امي و امك و اختي و حبيتك هن بنتي و صديقتك،مديرتك، فراشتك، استاذتي و خالتك.
عندما عدت من مصر بعد دراستي الجامعية، فرحت امي مريم بت ابو جبرين بعودتي ،وبعد حق الله وبق الله، عبثت في قفتها و اخرجت لي مجلة قديمة ، لا غلاف لها ،مبرقعة بزيت الزلابية وشاي اللبن ، يفوح منها عبق البن، لقد كانت القفة هي قفة عمل امي، وضعتها في يدي قائلة: الكتاب دا انا اشتريته ليك من السوق السنة الفاتت ، لأنه قالوا لي انت عندك فيهو حاجة؟
وفعلا وجدت مسرحيتي (اللحظات الأخيرة مع حنظلة) وهي منو دراما من فصل واحد، قد نشرت بها، امي لا تعرف تقرأ أو تكتب، حفظت سور القرآن التي تصلي بها مني، منذ اليوم الأول الذي درسنا المدرس فيه ، في مدينة القضارف سورة الفاتحة، و سألتني : ادوكم في المدرسة شنو يا عبدو الليلة، فلت ىلها سورة( الحمدو)، قالت لي ، حفظتها، قلت ليها ،أيوا ، فطلبت مني قرائتها،فسمعتها لها، وكنت في ذلك الوقت سريع الحفظ، ، ثم طلبت مني تكرارها عدة مرات ، فحفظتها، و منذ ذلك اليوم كانت أمي تحفظ معي السور: سورة سورة، ثم فرائض و سنن الوضوء وتعلمنا الصلاة معا،
الكلام عن اني ود مرا،احبه ، ولكن دعنا ندلف الي ازقة سؤال آخر.
رحم الله مريم بت ابو جبرين أمي، لقد كانت أجمل النساء.


- الاسمائيه المكثفه لاهل الفن والفكر في العديد مما تكتب وبالاخص الطواحين (المهاتما غاندي ,نيتشه ,مياده الحناوي ,عبدالمعطي حجازي ,فان جوخ ,امل دنقل ناجي العلي .............)

الأسماء هي فاكهة الكتابة،و نلاحظ اننا منذ اللحظة الأولي لميلادنا- بل في احيان كثيرة- نحن نواجه بالأسماء قبل ميلادنا، وهي اول ما تهبنا إليه الحياة ، وهي ايضا أحب الأشياء إلينا، و الأسماء غير محايدة و انها نشطة و انها تفعل و تؤثر و توجه، و يكفي ان نقرا مثل هذه الأسماء لنشكل فكرة بسيط عما أود قوله: صدام، هتلر، نميري،جنكز خان، جنجويد،موسليني،بوش،شارون
ثم انظر الي: محمود محمد طه،مهاتما،الشفيع،يوسف كوة، شكيري توتو،فيروز، البلابل
اي المجموعتين يمكن ان نطلق عليه : انها توحي بالشر؟ وهل هم فعلا كذلك؟

يمكن ان يكون كلامي هذا خطأ، و انه لكذلك، وليس علمي و ليس بامكاني الدفاع عنه مطقا، ولكن اريد ان اقول ان الأسماء لا كما تبدو عليه من اعتباطية في اطلاقها ، و لكنها تعيش و تأكل و تفعل بل تتجه بمتافيزيقية لئيمة نحو أصواتها أو معانيها أو اشخاص اشتهروا بها.
في الكتابة قد اعني من الأسم موسيقاه فقط لا غير، و قد اقصد معناه ، و قد اقصد الشخصية التي وراء الأسم و تراثها، (أقرأ بغم الأسماء في كتاب علي هامش الأرصفة)

و مقالتي (علم آدم الأسماء) حيث حاولت في الأخيرة شرح فكرة الأسماء كما اعيها.


- هلا حدثتنا عن الطريقه المبتدعه عندك في العنونه المستقاه من مبتدأ اي فقره او فصل . تري ما الغرض من هذا ان كان هناك غرض
نهضت رواية الطواحين علي أعمدة فنية كثيرة، منها التكرار،دعنا ننظر إلي هذه الفقرة من الطواحين:
بحديقة مايازوكوف.
بحديقة مايازوكوف أشجار العرديب شامخة كنحت آلهة لمثّال سكران،
بحديقة مايازوكوف أشجار الصفصاف عليها البجعات والسنبر.
بحديقة مايازوكوف معمل عرق العرديب وأطيار الكلج كلج والنعامات والحبارات وأيضاً ما يطير من أحلامه الكثيرة في فراغات الدنيا،
بحديقة مايازوكوف الأرانب والسلاحف وأشجار الباباي تتوسط عشب المحريب العطري.
بحديقة ما زوكوف الشمس على هامات العرديب والتبلدي والجبيل المرح الحارس لبئر الموسيقى ونصب مداح المداح
بحديقة مايازوكوف نصب مداح المداح والريح نائمة في ظل أناشيد الرعاة السوريين وأساطير الآشوريين.
بحديقة مايازوكوف الورد الإنجليزي ينتظم الممر الى حجرة نومه والأرض نجيل البنذيما،
بحديقته هو.

- هذا النمط من التكرار ليس عبطيا ، بل يمثل امتدادا لمفتتح الرواية:
ركزّي،
ركّزي، ركزي،
ركزي، ركزي.
في دمي : يسحرني،
والآن،
الآن، الآن،
الآن : طيري، طيري.... طيري،
طيري، طيري،
####

نحو الأسفل،
نحو الأعلى،
نحو الأسفل،
نحو، نحو : أركضي،
حركي أركــ.... والآن : طيري،
طيري،
طـــيري،
كحدأة رشيقة انطلقت في الفضاءات : فوق،
فوق،
فوق الأرض.
ارتفعت فوقه، كان منتصباً بمحرابه يكرر : ركزي.
###

ارتفعت فوق مبنى المحراب،
فوقه قطياته الثلاث.... فوق،
فوق دوماته الباسقات...
فوق.
فوق أزهاره المتوحشة العشوائية....
فوق.
فوق الغابة كلها، فوق النهر، مزرعتنا الخضراء وأشجار عرديبها. فوق الوابور الشفاط النائم على الشط،
حلقت عاليــاً،
###

وقد حافظت الرواية علي هذا الإيقاع الأشتر إذا استعت القول، في كل مراحلها.
رواية الطواحين ، رواية اعتمدت التجريب المطلق و فنية الهدم الهدم، وليس الهدم و البناء، وهذا هو أحد الأسباب الذي جعل بعض ناقدينا لا يفهمون.
وسوف أكرر ما قلته في أماكن كثيرة: الرواية ليست سرد الحكايات، بل هي فن سرد لحكايات.

- هل ماكتب عن مايسمي ب(ادب الحرب ) هو ادب حرب ام ادب معركه؟
للأمانة، أول من تحدث عن الفرق الفرق ما بين نمطي الكتابة فيما أسماهما بأدب (الحرب و أدب المعركة) في شأن ما يكتب هنا ، هو الأستاذ أحمد أبو حازم الجالي،وذلك في معرض حديثه عن مجموعتي القصصية، امرأة من كمبو كديس، فأدب المعركة ينتج في المعركة ويظل في حالة شفاهة نزقة وساخنة ليلهب حماس المتحاربين، ومن ضمن هذا الأدب هو غناء الحكامات، و اناشيد اخري اشتهرت بها ايام حروبات حكومة الإنقاذ الأولي في الجنوب، وهو أدب حماسة، قد يكون له مفعولا قويا اثناء الحرب و لكنه حالما يتلاشي كأن لم يكن.
ومثال لذلك أيضا ما كان يغنيه جدي عبد الكريم ، في خريف عمره وعندما كانت تداعبه أخيلة حروب خاضها وهو صبي:
أبو رقية بقول
بنات دوري أقعدوا عافية
أنا ماشي بتان ما جاي
موت الحربة تركتنا و الجري ما عادتنا.
ويغني أيضا:
قال للبادر كان مشيت
قال للبادر كان مشيت
سلم علي السمري
سلم علي زولي
سلم علي بنات دوري
وعلي الرهد البقوم ستيب
كان كتلنا زين
كان جرينا عيب
الفي البلد معرص الكشيب.

(و طبعا ، يا صديقي موسي الكشيب هو نوع من المريسة في دارفور.)

أما أدب الحرب فهو أدب كتابية وليس شفاهية، و ينتج بأدوات فنية عالية و لا يقصد به الحماسة و التشجيع ، و لكنه قد يؤرخ للحرب، و قد يدينها أو يمجد ها علي حسب فكر الكاتب و فهمه للصراع و موقفه منه، و هذا هو النوع الذي صنفت بعض أعمالي فيه، وهو ادب مشهور في كل العالم و كتبه الكتاب الذين عانت بلادهم من ويلات الحرب، هنالك روايات و اعمال عظيمة مثل : الحرب و السلام ، وداعا السلاح ، كيف سقينا الفولاذ، الجليد الحار، كل شيء هاديء في الميدان الغربي، ذهب مع الريح، لوحة الجيوكندا لبيكاسو، اغنيات بوب مارلي و فكتور هارا وغيرها كثير
فيصل خليل حتيلة
فيصل خليل حتيلة
مشرف إجتماعيات أبوجبيهة
مشرف إجتماعيات أبوجبيهة


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجنقو مسامير الأرض..  طلحة جبريل Empty رد: الجنقو مسامير الأرض.. طلحة جبريل

مُساهمة من طرف الفاتح محمد التوم 6th سبتمبر 2010, 15:56

ياسلام يا فيصل على هذا الإبداع و التدفق..... دمت ذخراًو مفخرة ومنهـــلا.....
أشكرك حادينا المستنير أستاذنا أزهري .... للتعريف بالأستاذ / طلحة " ألم أقل إنكم جيل متفرد,, وقمم شوامخ " ,,, حفظكم الله
دكتورة احســـان ..... المبدعون دوماً تراهم منهكون ,يعيشون الحالة التي يستشعرونها ...يكتبون من أجلها ,,, أجسادهم هزيلة ,,عيونهم دوماً مغرورقة بالدموع ,,, ملامحهم تذوب ألماً وتحرقاً,, تسكنهم الآم وهموم الآخر ,,, لذا هم معيناً متدفقاً يتفاعلون بما حولهم ,, وفي ذات الوقت مرتعاً خصباً للأمراض للهذال ,,في معظم انحاء الدنيا هم كذلك ,,, ولكن في بلادي الهم همّين..والكتاب و الشعراء والمبدعون في بلادي يولدون من رحم عانى جوعاً عطشاً إحتراقاً........

الفاتح محمد التوم
مشرف المنتدى السياسى
مشرف المنتدى السياسى


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى